الرسالة (11)
"الإخبات لله تعالى": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني:-
بسم الله الرّحمن الرّحيم: الحمد لله على دين الإسلام، وعلى نعمة الإيمان، وعلى كرامة الإحسان، والصّلاة والسّلام على عبده وحبيبه وخاتم أنبيائه ورسله، وارضَ اللَّهم عن آل بيت النبي المكرمين، وأصحاب رسول الله الأتقياء الغر الميامين، وتابعيهم وأحبابهم إلى يوم الدين.
أمّا بعدُ: فقال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ))، فإلى أبناء الآخرة، السائرين بعظيم التوجه إلى الله ـ تبارك وتعالى؛ قال ـ جلَّ وعلا: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ)) بقلوبهم، أي: صدقوا واعترفوا، لما أمر الله بالإيمان به من أصول الدين وقواعده. ((وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ)) المشتملة على أعمال القلوب والجوارح وأقوال اللسان؛ ومنها الأركان الخمسة في الإسلام الحنيف ((وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ)) أي: خشعوا وخضعوا له واستكانوا لعظمته وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته وخوفه ورجائه والتضرع إليه؛ والإخبات عند أهل الله؛ درجات ومراتب، أولها: أن تسيطر عزيمة السائر إلى الله تعالى، على شهوته، فلا يميل إلى مطالب النفس، بل تتغلب إرادته على غفلته؛ وثانيها: أن لا ينقض عزيمته سبب؛ كما قال تعالى: ((فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ)) ولا تعرض له وحشة في سعيه نحو ربه ـ عزَّ وجلَّ، ولا تقطع الفتنة عليه طريقه إلى قرب ربه ورضاه، وثالثها: أن تعلو همته وتعلو، حتى يستوي عنده المدح والذم، فلا يفرح بمدح الناس، ولا يحزن لذمهم.
وهم يرون أن النفس بشهواتها وميولها هي العائق الأكبر عن الوصول إلى صدق التحلي بفضيلة الإخبات إلى الله ـ عزَّ وجلَّ، وهي الحجاب الذي يحول دون وصول العبد إلى الله تعالى. فتأمل.
((أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) لأنهم لم يتركوا من الخير مطلباً إلا أدركوه، ولا خيراً إلا سبقوا إليه؛ وهذا هو الدين الكامل ـ من إسلامٍ وإيمانٍ وإحسان، وهكذا السائرون إلى الله تعالى سير أحبابه وأصفيائه بكل الدين الحنيف؛ فيكون حالهم: إسلامي الإتباع، محمدي الأخلاق، رباني الأحوال؛ كما قال تعالى: ((وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ))، وقال ـ جلَّ ثناؤه: ((وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)).
اللَّهمَّ؛ اشغل جوارحنا بطاعتك، وقلوبنا بمعرفتك، وذكرك، وأنسك، واشغلنا طول حياتنا في ليلنا ونهارنا، وألحقنا بالذين تقدموا من الصالحين، وارزقنا ما رزقتهم وكن لنا كما كنت لهم، آمين. والحمد لله ربّ العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
"الإخبات لله تعالى": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني:-
بسم الله الرّحمن الرّحيم: الحمد لله على دين الإسلام، وعلى نعمة الإيمان، وعلى كرامة الإحسان، والصّلاة والسّلام على عبده وحبيبه وخاتم أنبيائه ورسله، وارضَ اللَّهم عن آل بيت النبي المكرمين، وأصحاب رسول الله الأتقياء الغر الميامين، وتابعيهم وأحبابهم إلى يوم الدين.
أمّا بعدُ: فقال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ))، فإلى أبناء الآخرة، السائرين بعظيم التوجه إلى الله ـ تبارك وتعالى؛ قال ـ جلَّ وعلا: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ)) بقلوبهم، أي: صدقوا واعترفوا، لما أمر الله بالإيمان به من أصول الدين وقواعده. ((وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ)) المشتملة على أعمال القلوب والجوارح وأقوال اللسان؛ ومنها الأركان الخمسة في الإسلام الحنيف ((وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ)) أي: خشعوا وخضعوا له واستكانوا لعظمته وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته وخوفه ورجائه والتضرع إليه؛ والإخبات عند أهل الله؛ درجات ومراتب، أولها: أن تسيطر عزيمة السائر إلى الله تعالى، على شهوته، فلا يميل إلى مطالب النفس، بل تتغلب إرادته على غفلته؛ وثانيها: أن لا ينقض عزيمته سبب؛ كما قال تعالى: ((فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ)) ولا تعرض له وحشة في سعيه نحو ربه ـ عزَّ وجلَّ، ولا تقطع الفتنة عليه طريقه إلى قرب ربه ورضاه، وثالثها: أن تعلو همته وتعلو، حتى يستوي عنده المدح والذم، فلا يفرح بمدح الناس، ولا يحزن لذمهم.
وهم يرون أن النفس بشهواتها وميولها هي العائق الأكبر عن الوصول إلى صدق التحلي بفضيلة الإخبات إلى الله ـ عزَّ وجلَّ، وهي الحجاب الذي يحول دون وصول العبد إلى الله تعالى. فتأمل.
((أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) لأنهم لم يتركوا من الخير مطلباً إلا أدركوه، ولا خيراً إلا سبقوا إليه؛ وهذا هو الدين الكامل ـ من إسلامٍ وإيمانٍ وإحسان، وهكذا السائرون إلى الله تعالى سير أحبابه وأصفيائه بكل الدين الحنيف؛ فيكون حالهم: إسلامي الإتباع، محمدي الأخلاق، رباني الأحوال؛ كما قال تعالى: ((وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ))، وقال ـ جلَّ ثناؤه: ((وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)).
اللَّهمَّ؛ اشغل جوارحنا بطاعتك، وقلوبنا بمعرفتك، وذكرك، وأنسك، واشغلنا طول حياتنا في ليلنا ونهارنا، وألحقنا بالذين تقدموا من الصالحين، وارزقنا ما رزقتهم وكن لنا كما كنت لهم، آمين. والحمد لله ربّ العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin