الرسالة (88): "لا حياة إلا بالله تعالى": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني

الرسالة (88)
"لا حياة إلا بالله تعالى": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني:-
بسم الله الرّحمن الرّحيم. الحمد لله وكفى ـ وله الأمر والبقاء، ((وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى))، وعلى آله وأصحابه وأحبابه ـ أهل الصدق والصفا والوفا ـ إلى يوم اللقاء.
أمّا بعد: فقال تعالى: ((فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً))، إن الله خلق الإنسان من طين، وعناصره شاهدة عليه، ونفخ فيه من روحه، وهو مهيمن عليه؛ فبين الأمر والتراب صار بشراً سوياً، فإذا آمن وأناب إلى الله ـ جلَّ وعلا؛ عاش بإيمان، واستقرار فكر، وأنس فؤاد، وكان بنشوة دائمة البقاء؛ كما قال الله ـ جلَّ في علاه: ((وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ . وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ))، وإذا فُقدت منه هذه الحياة الطيبة، وانتهى منه الوصال، فلا استقرار في الفكر، ولا راحة في الفؤاد، ولا حياة إلا عبثاً بالهم والاضطراب، لأنه سيترك كل شيء، وينسى كل شيء، ويُحاسَب على كل شيء، وهناك الحسرة، وألم العذاب؛ قال تعالى: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ))، فما كان لله فجمال حياته بازدياد، وروحه وبقاؤه في نعيم وسرور وإكرام، وإذا كان غير ذلك؛ سينسى كل شيء بما في يديه من الحياة، وهناك الخزي والغضب والعذاب؛ فأي حياة بدون الله تعالى؛ وهذا أمر مسلَّم في الحياة وبالذوق والبقاء.
ـ وهذا يمر علينا بعد حياة الدنيا إلى عالم البرزخ والانتقال ـ بروحه؛ نعيماً أو ضيق قبر وعذاب، والبعث والنشور بما فيه من صحف الأعمال؛ فهو المصير ولا يقبل الاعتذار، ثم الصراط ومصيره، وعدل ربّنا في الميزان، وهناك الخلود إلى جنّة أو نار ـ بعدل الله ـ جلَّ وعلا، ورحمته وشفاعة أحمد المختار، ومن أذن له الملك الديان ((وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)).
اللَّهم؛ أحيينا بك حياة أهل الحضور والذكر والوداد، وحُسن الخواتم واللقاء، والحمد لله دوماً وأبداً، في الأولى والآخرة، ويوم العرض على الله.
ابنه وخادمه محمّد

٩٩