..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: خطوتان للحقيقة ـ الأستاذ محمد مرتاض ــ سفيان بلحساين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:27 من طرف Admin

» كتاب: محمد صلى الله عليه وسلم مشكاة الأنوار ـ الشيخ عبدالله صلاح الدين القوصي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:25 من طرف Admin

» كتاب: النسمات القدوسية شرح المقدمات السنوسية الدكتور النعمان الشاوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:23 من طرف Admin

» كتاب: المتمم بأمر المعظم صلى الله عليه وآله وسلم ـ الشيخ ناصر الدين عبداللطيف ناصر الدين الخطيب
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:20 من طرف Admin

» كتاب: الجواهر المكنونة فى العلوم المصونة ـ الشيخ عبدالحفيظ الخنقي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:16 من طرف Admin

» كتاب: الرسالة القدسية في أسرار النقطة الحسية ـ ابن شهاب الهمداني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:09 من طرف Admin

» كتاب: رسالة فى التعلق بجنابه والوقوف على بابه صلى الله عليه وسلم ـ الشيخ رشيد الراشد
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:04 من طرف Admin

» كتاب: مطالع الأنوار شرح رشفات السادات الأبرار ـ الإمام عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد بلفقيه
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 18:54 من طرف Admin

» كتاب: المسألة التيمية فى المنع من شد الرحال للروضة النبوية صنفه دكتور بلال البحر
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 18:43 من طرف Admin

» كتاب: مختارات من رسائل الشيخ سيدي أحمد التجاني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 18:40 من طرف Admin

» كتاب: سلَّم التيسير لليُسرى ـ عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالله بن علي الكاف باعلوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 18:19 من طرف Admin

» كتاب: عمر السيدة عائشة رضى الله عنها يوم العقد والزواج الدكتور صلاح الإدلبي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 16:55 من طرف Admin

» كتاب: علماء سلكو التصوف ولبسو الخرقة ـ إدارة موقع الصوفية
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 16:52 من طرف Admin

» كتاب: روضة المحبين فى الصلاة على سيد الأحبة ـ الحبيب محمد بن عبدالرحمن السقاف
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 16:49 من طرف Admin

» كتاب: مجالس ابن الجوزي في المتشابه من الآيات القرآنية ‫‬ـ الشيخ باسم مكداش
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 16:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68463
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ) ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 29/9/2020, 14:55

    مع الحبيب المصطفى:﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ)
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

    .

    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    262ـ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ ﴾

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا دَارُ الغُرُورِ، وَهِيَ ضُرَّةٌ للآخِرَةِ، فَمَنْ أَحَبَّهَا أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ الآخِرَةَ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى» رواه الإمام أحمد والحاكم عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    الإِنْسَانُ يَتَقَلَّبُ في هَذِهِ الحيَاةِ الدُّنْيَا وَهُوَ مَغْرُورٌ بِهَا، يَرَى فِيهَا المَبَانِيَ الضَّخْمَةَ، وَالسَّيَّارَاتِ الفَارِهَةَ، وَالشَّوَارِعَ الزَّاهِيَةَ، فَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَمِرٌّ، وَلَكِنَّهُ لَو دَقَّقَ فَإِنَّهُ يَجِدُ كُلَّ بِنَاءٍ قَدْ أُقِيمَ على أَنْقَاضِ آخَرَ، كَانَ أَحْسَنَ المَوْجُودِ في وَقْتِهِ، وَلَكِنَّهُ هُدِمَ ثمَّ رُمِيَ بِهِ في القُمَامَةِ، وَيَجِدُ السَّيَّارَاتِ الفَارِهَةَ فَإِذَا بِهَا بَعْدَ حِينٍ في القُمَامَةِ، بَلِ الإِنْسَانُ نَفْسُهُ أَحْسَنُ مَا في الدُّنْيَا مِنَ الخَلَائِقِ صُورَةً بِكَمَالِهِ وَحُسْنِهِ، وَإِذَا بَحَثَ عَنْهُ الإِنْسَانُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِنَّهُ سَيَجِدُ بَقَايَاهُ في القَبْرِ بَعْدَ أَكْلِ الأَرْضِ لِأَجْزَائِهِ، وَانْتِقَاصِهَا لِمَا تَنْتَقِصُ مِنْهُ.

    مِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ حَذَّرَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنَ النَّظَرِ إلى تِلْكَ الدُّنْيَا الفَانِيَةِ، فَضْلَاً عَنِ الاقْتِتَالِ عَلَيْهَا، فَقَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقَاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾. الخِطَابُ في ظَاهِرِهِ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ لَنَا، لِأَنَّ قَلْبَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَقَلْبَهُ الشَّرِيفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَسْمَى وَأَعْلَى وَأَغْلَى مِنْ أَنْ تَدْخُلَهُ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ شَاءَ اللهُ تعالى أَنْ يَجْعَلَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُدْوَةً لَنَا، لِذَا خَاطَبَهُ بِهَذَا الخِطَابِ: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾. وَنَفَّذَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، بَعْدَ تَبْلِيغِ هَذِهِ الآيَةِ للأُمَّةِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى أَمَرَهُ أَنْ يُبَلِّغَهَا: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾.

    لَقَدْ بَلَّغَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الآيَةَ، وَامْتَثَلَ أَمْرَ رَبِّهِ سُلُوكَاً وَعَمَلَاً، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْهَدِ النَّاسِ في الدُّنْيَا، وَسِيرَتُهُ العَطِرَةُ أَكْبَرُ دَلِيلٌ على أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَطَابَقَ فِعْلُهُ مَعَ قَوْلِهِ.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ صُوَرِ زُهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالدُّنْيَا، وَمِنْ صُوَرِ إِعْرَاضِهِ عَنْهَا، وَعَدَمِ التَّطَلُّعِ إِلَيْهَا:

    «مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبَاً»:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَتْ حَيَاةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا أُسْوَةً حَسَنَةً، وَصِرَاطَاً مُسْتَقِيمَاً، وَطَرِيقَاً يَهْدِي إلى الحَقِّ، وَمَعِينَاً صَافِيَاً يُنْهَلُ مِنْهُ العَذْبُ الزُّلَالُ.

    لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ آيَاتٌ مُبَيِّنَةٌ *** كَانَتْ بَدِيهَتُهُ تُنْبِيكَ بِالخَبَرِ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ عَاشَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُجَسِّدَاً تَجْسِيدَاً سُلُوكِيَّاً وَعَمَلِيَّاً قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾.

    روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي حَرَّةِ المَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ».

    قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

    قَالَ: «مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبَاً، تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلَّا شَيْئَاً أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ».

    لَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَاعِلَاً هَمَّهُ الآخِرَةَ، روى الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الخَنْدَقِ تَقُولُ:

    نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا *** عَلَى الجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا

    فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

    «اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ *** فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ»

    مَا تَرَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارَاً وَلَا دِرْهَمَاً:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِمَّا يُؤَكِّدُ أَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُلْتَزِمَاً قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾. وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْفَعْ للدُّنْيَا رَأْسَاً، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا بِعَيْنِ التَّقْدِيرِ، مَا رواه الإمام البخاري عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، إِلَّا بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضَاً جَعَلَهَا لِابْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً.

    خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ حَقَارَةَ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مِنْ أَمْوَالٍ، وَأَنْ نَعْلَمَ أَنَّهَا لَا تُسَاوِي عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَلَو كَانَتْ تُسَاوِي جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرَاً شَرْبَةَ مَاءٍ، فَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتعالى جَعَلَ الآخِرَةَ خَيْرَاً وَأَبْقَى، وَلِذَلِكَ خَاطَبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ وَخِطَابُهُ خِطَابٌ لِأُمَّتِّهِ ـ بِهَذَا الخِطَابِ البَلِيغِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجَاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقَاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾. فَالعَاقِبَةُ للتَّقْوَى، وَمَا في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الأَعْرَاضِ سَيَزُولُ، وَبَقَاءُ الحَالِ مِنَ المُحَالِ، فَأَمْرُهَا إلى زَوَالٍ، فَعَلَى الإِنْسَانِ أَنْ لَا يَأَسَى على مَا فَاتَهُ مِنْ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَأَنْ لَا يَفْرَحَ بِمَا نَالَ مِنْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ امْتِحَانٌ يَمْتَحِنُهُ اللهُ تعالى بِهِ، قَالَ تعالى: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾.

    روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةُ دَنَانِيرَ وَضَعَهَا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ مَرَضِهِ، قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، اذْهَبِي بِالذَّهَبِ إِلَى عَلِيٍّ».

    ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَشَغَلَ عَائِشَةَ مَا بِهِ، حَتَّى قَالَ ذَلِكَ مِرَارَاً، كُلَّ ذَلِكَ يُغْمَى عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ويَشْغَلُ عَائِشَةَ مَا بِهِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَتَصَدَّقَ بِهَا، وَأَمْسَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ فِي جَدِيدِ الْـمَوْتِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ بِمِصْباحٍ لَهَا إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا، فَقَالَتْ: اهْدِي لَنَا فِي مِصْباحِنَا مِنْ عُكَكِ السَّمْنِ (وِعَاءٌ مِنْ جُلُودٍ مُسْتَدِيرٌ يُخْتَصُّ بِالسَّمْنِ) فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمْسَى فِي جَدِيدِ الْـمَوْتِ.

    أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُخْرِجَ مِنْ قُلُوبِنَا حُبَّ الدُّنْيَا التي أَفْسَدَتْ عَلَيْنَا دِينَنَا وَدُنْيَانَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 19:29