مع الحبيب المصطفى:﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
264ـ ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عَظَمَةُ هَذَا الدِّينِ وَقُوَّتُهُ إنَّمَا تَظْهَرُ وَتَتَجَسَّدُ في كَوْنِهِ دِينَاً رَبَّانِيَّاً، شَرَّعَهُ الذي خَلَقَ الإِنْسَانَ، شَرَّعَهُ الذي يَعْلَمُ تَرْكِيبَ هَذَا الإِنْسَانِ، هَذِهِ الصِّفَةُ لِدِينِ اللهِ تعالى صِفَةُ كَمَالٍ وَشُمُولٍ وَعَدْلٍ، فَلَا تَعْتَرِيهِ جَوَانِبُ نَقْصٍ، وَلَا تُزَعْزِعُهُ أَو تَلْعَبُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَالرَّغَبَاتُ، لِأَنَّ الذي أَنْزَلَهُ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقْصِ، وَالذي شَرَعَ أَحْكَامَهُ لَا يُرَاعِي جَانِبَاً على حِسَابِ جَانِبٍ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِعِلْمٍ وَبِقُدْرَةٍ.
عَظَمَةُ هَذَا الدِّينِ وَقُوَّتُهُ أَنَّهُ نِظَامٌ كَامِلٌ لَا يَعْتَرِيهِ نَقْصٌ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافَاً كَثِيرَاً﴾. فَهُوَ كَامِلٌ في أَحْكَامِهِ، شَامِلٌ في نُظُمِهِ، فَصِفَةُ الرَّبَّانِيَّةِ فِيهِ وَاضِحَةٌ، لَيْسَ نِظَامَاً بَـشَرِيَّاً، وَلَو كَانَ نِظَامَاً بَشَرِيَّاً لَتَغَلَّبَتْ فِيهِ جَوَانِبُ العَطْفِ وَالرَّغَبَاتِ، لَكِنَّهُ نِظَامٌ رَبَّانِيٌّ وَضَعَهُ الذي يَعْلَمُ أَسْرَارَ هَذِهِ النَّفْسِ وَمَا يُصْلِحُهَا وَمَا يُسْعِدُهَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلِذَا فَهُوَ نِظَامٌ لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ، قَالَ تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾.
سَعَادَةُ البَشَرِيَّةِ في تَطْبِيقِ دِينِ اللهِ تعالى:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سَعَادَةُ البَشَرِيَّةِ في تَطْبِيقِ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَقَدْ جَسَّدَ ذَلِكَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في سِيرَتِهِ العَطِرَةِ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ الالْتِزَامِ بِأَوَامِرِ اللهِ تعالى لَهُ، فَجَاءَتْ سِيرَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَطَابِقَةً تَمَامَاً مَعَ الدِّينِ الذي بَلَّغَهُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
مِنْ هَذَا التَّطَابُقِ بَيْنَ التَّوْجِيهِ الرَّبَّانِيِّ وَسِيرَتِهِ العَطِرَةِ، قَوْلُهُ تعالى لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدِ الْتَزَمَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هَذَا التَّوْجِيهَ الرَّبَّانِيَّ، وَطَبَّقَهُ في حَيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَعِدَتِ الدُّنْيَا بِهِ وَطَابَتِ الحَيَاةُ مَعَهُ، فَحَكَمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ تعالى بِدُونِ تَدَخُّلِ العَوَاطِفِ التي تُفْسِدُ نِظَامَ الكَوْنِ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ جَاءَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى مُجْتَمَعٍ كَانَ يَسْتَصْعِبُ إِقَامَةَ الحَدِّ على العُظَمَاءِ وَالوُجَهَاءِ، فَأَدَّبَهُمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على اتِّبَاعِ الحَقِّ.
روى الإمام البخاري عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا، تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَتُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟».
قَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ.
فَلَمَّا كَانَ العَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَطِيبَاً، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الـشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».
ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتَزَوَّجَتْ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
بِالعَدْلِ سَعِدَتِ البَشَرِيَّةُ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: بِهَذَا العَدْلِ سَعِدَتِ البَشَرِيَّةُ وَطَابَتْ حَيَاتُهَا، حَتَّى اسْتَرَاحَ القَاضِي وَاسْتَرَاحَ النَّاسُ، وَعَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ وَحَدَّهُ فَوَقَفَ عِنْدَهُ.
لَقَدْ مَكَثَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَاضِيَاً لِسَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَامَيْنِ كَامِلَيْنِ، وَمَا قُدِّمَتْ لَهُ قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَا يُرْفَعُ إلى الحُكَّامِ، فَالنَّاسُ مُنْصِفُونَ، وَيَخَافُونَ اللهَ تعالى.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اليَوْمَ سَفَّهَتْ دَعَوَاتُ حُقُوقِ الإِنْسَانِ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ، فَوَصَفَتْ إِقَامَةَ الحُدُودِ بِالسَّفَهِ وَالحِطَّةِ وَالغِلْظَةِ، حَتَّى عُطِّلَتْ حُدُودُ اللهِ تعالى؛ وَبِتَعْطِيلِهَا عَمَّ الفَسَادُ، وَسَادَتِ الفَوْضَى، وَعِنْدَهَا جَاءَ دُعَاةُ حُقُوقِ الإِنْسَانِ الذينَ اسْتَخَفُّوا في أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ لِيُؤَدِّبُوا الأُمَّةَ التي عَمَّ فِيهَا الفَسَادُ وَسَادَتْ فِيهَا الفَوْضَى، فَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَخَرَّبُوا البُيُوتَ، بِاسْمِ الإِنْسَانِيَّةِ وَحُقُوقِ الإِنْسَانِ، وَبِاسْمِ الحُرِّيَّةِ وَالحَقِّ بِمُطَالَبَةِ الحُرِّيَّةِ، تَنَاقُضٌ لَا يَتَصَوَّرُهُ عَقْلٌ، وَمَعَ كُلِّ هَذَا وَبِكُلِّ أَسَفٍ وَفي هَذِهِ الآوِنَةِ هُنَاكَ مَنْ يَطْعَنُ في دِينِ اللهِ تعالى بِسَبَبِ الحُدُودِ التي شُرِعَتْ فِيهِ، وَيَمْدَحُ شَرْقَاً وَغَرْبَاً، يَمْدَحُ هَؤُلَاءِ الذينَ خَرَّبُوا دِيَارَ المُسْلِمِينَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ اتِّبَاعَ الهَوَى مُدَمِّرٌ وَلَيْسَ مُعَمِّرَاً، لِذَا قَيَّدَ اللهُ تعالى الأُمَّةَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْـمُتَّقِينَ﴾.
تَدَبَّرُوا هَذِهِ الآيَةَ جَيِّدَاً: ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْـمُتَّقِينَ﴾. تَعْقِيبٌ رَائِعٌ، قِتَالٌ في غِلْظَةٍ بِلَا هَوَادَةٍ، وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالتَّقْوَى، قِتَالٌ بِدُونِ هَوَادَةٍ مَعَ عَدَمِ تَجَاوُزِ الحَدِّ، مَعَ عَدَمِ الظُّلْمِ، مَعَ مُرَاعَاةِ التَّقْوَى في التَّعَامُلِ.
روى أبو داود عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ صَاحِبُ خَيْبَرَ رَجُلَاً مَارِدَاً (أَيْ: عَاتِيَاً) مُنْكَرَاً، فَأَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَلَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا حُمُرَنَا (جَمْعُ حِمَارٍ) وَتَأْكُلُوا ثَمَرَنَا، وَتَضْرِبُوا نِسَاءَنَا.
فَغَضِبَ ـ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ، ارْكَبْ فَرَسَكَ ثُمَّ نَادِ: أَلَا إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ، وَأَنِ اجْتَمِعُوا لِلصَّلَاةِ».
قَالَ: فَاجْتَمَعُوا، ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ: «أَيَحْسَبُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئَاً عَلَى أَرِيكَتِهِ، قَدْ يَظُنُّ أَنَّ اللهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئَاً إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ، أَلَا وَإِنِّي وَاللهِ قَدْ وَعَظْتُ، وَأَمَرْتُ، وَنَهَيْتُ، عَنْ أَشْيَاءَ إِنَّهَا لَـمِثْلُ الْقُرْآنِ، أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ، وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ، إِذَا أَعْطَوْكُمُ الَّذِي عَلَيْهِمْ».
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَيْنَ نَحْنُ مِنْ تَعَالِيمِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ لَقَدْ غَضِبَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا اعْتُدِيَ على اليَهُودِ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ المُسْتَأْمَنِينَ، فَهَلْ مَا يَجْرِي في بَلَدِنَا يَسُرُّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمْ يَسُوْؤُهُ؟
اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلَاً. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
264ـ ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عَظَمَةُ هَذَا الدِّينِ وَقُوَّتُهُ إنَّمَا تَظْهَرُ وَتَتَجَسَّدُ في كَوْنِهِ دِينَاً رَبَّانِيَّاً، شَرَّعَهُ الذي خَلَقَ الإِنْسَانَ، شَرَّعَهُ الذي يَعْلَمُ تَرْكِيبَ هَذَا الإِنْسَانِ، هَذِهِ الصِّفَةُ لِدِينِ اللهِ تعالى صِفَةُ كَمَالٍ وَشُمُولٍ وَعَدْلٍ، فَلَا تَعْتَرِيهِ جَوَانِبُ نَقْصٍ، وَلَا تُزَعْزِعُهُ أَو تَلْعَبُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَالرَّغَبَاتُ، لِأَنَّ الذي أَنْزَلَهُ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقْصِ، وَالذي شَرَعَ أَحْكَامَهُ لَا يُرَاعِي جَانِبَاً على حِسَابِ جَانِبٍ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِعِلْمٍ وَبِقُدْرَةٍ.
عَظَمَةُ هَذَا الدِّينِ وَقُوَّتُهُ أَنَّهُ نِظَامٌ كَامِلٌ لَا يَعْتَرِيهِ نَقْصٌ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافَاً كَثِيرَاً﴾. فَهُوَ كَامِلٌ في أَحْكَامِهِ، شَامِلٌ في نُظُمِهِ، فَصِفَةُ الرَّبَّانِيَّةِ فِيهِ وَاضِحَةٌ، لَيْسَ نِظَامَاً بَـشَرِيَّاً، وَلَو كَانَ نِظَامَاً بَشَرِيَّاً لَتَغَلَّبَتْ فِيهِ جَوَانِبُ العَطْفِ وَالرَّغَبَاتِ، لَكِنَّهُ نِظَامٌ رَبَّانِيٌّ وَضَعَهُ الذي يَعْلَمُ أَسْرَارَ هَذِهِ النَّفْسِ وَمَا يُصْلِحُهَا وَمَا يُسْعِدُهَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلِذَا فَهُوَ نِظَامٌ لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ، قَالَ تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾.
سَعَادَةُ البَشَرِيَّةِ في تَطْبِيقِ دِينِ اللهِ تعالى:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سَعَادَةُ البَشَرِيَّةِ في تَطْبِيقِ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَقَدْ جَسَّدَ ذَلِكَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في سِيرَتِهِ العَطِرَةِ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ الالْتِزَامِ بِأَوَامِرِ اللهِ تعالى لَهُ، فَجَاءَتْ سِيرَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَطَابِقَةً تَمَامَاً مَعَ الدِّينِ الذي بَلَّغَهُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
مِنْ هَذَا التَّطَابُقِ بَيْنَ التَّوْجِيهِ الرَّبَّانِيِّ وَسِيرَتِهِ العَطِرَةِ، قَوْلُهُ تعالى لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدِ الْتَزَمَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هَذَا التَّوْجِيهَ الرَّبَّانِيَّ، وَطَبَّقَهُ في حَيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَعِدَتِ الدُّنْيَا بِهِ وَطَابَتِ الحَيَاةُ مَعَهُ، فَحَكَمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ تعالى بِدُونِ تَدَخُّلِ العَوَاطِفِ التي تُفْسِدُ نِظَامَ الكَوْنِ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ جَاءَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى مُجْتَمَعٍ كَانَ يَسْتَصْعِبُ إِقَامَةَ الحَدِّ على العُظَمَاءِ وَالوُجَهَاءِ، فَأَدَّبَهُمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على اتِّبَاعِ الحَقِّ.
روى الإمام البخاري عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا، تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَتُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟».
قَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ.
فَلَمَّا كَانَ العَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَطِيبَاً، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الـشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».
ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتَزَوَّجَتْ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
بِالعَدْلِ سَعِدَتِ البَشَرِيَّةُ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: بِهَذَا العَدْلِ سَعِدَتِ البَشَرِيَّةُ وَطَابَتْ حَيَاتُهَا، حَتَّى اسْتَرَاحَ القَاضِي وَاسْتَرَاحَ النَّاسُ، وَعَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ وَحَدَّهُ فَوَقَفَ عِنْدَهُ.
لَقَدْ مَكَثَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَاضِيَاً لِسَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَامَيْنِ كَامِلَيْنِ، وَمَا قُدِّمَتْ لَهُ قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَا يُرْفَعُ إلى الحُكَّامِ، فَالنَّاسُ مُنْصِفُونَ، وَيَخَافُونَ اللهَ تعالى.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اليَوْمَ سَفَّهَتْ دَعَوَاتُ حُقُوقِ الإِنْسَانِ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ، فَوَصَفَتْ إِقَامَةَ الحُدُودِ بِالسَّفَهِ وَالحِطَّةِ وَالغِلْظَةِ، حَتَّى عُطِّلَتْ حُدُودُ اللهِ تعالى؛ وَبِتَعْطِيلِهَا عَمَّ الفَسَادُ، وَسَادَتِ الفَوْضَى، وَعِنْدَهَا جَاءَ دُعَاةُ حُقُوقِ الإِنْسَانِ الذينَ اسْتَخَفُّوا في أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ لِيُؤَدِّبُوا الأُمَّةَ التي عَمَّ فِيهَا الفَسَادُ وَسَادَتْ فِيهَا الفَوْضَى، فَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَخَرَّبُوا البُيُوتَ، بِاسْمِ الإِنْسَانِيَّةِ وَحُقُوقِ الإِنْسَانِ، وَبِاسْمِ الحُرِّيَّةِ وَالحَقِّ بِمُطَالَبَةِ الحُرِّيَّةِ، تَنَاقُضٌ لَا يَتَصَوَّرُهُ عَقْلٌ، وَمَعَ كُلِّ هَذَا وَبِكُلِّ أَسَفٍ وَفي هَذِهِ الآوِنَةِ هُنَاكَ مَنْ يَطْعَنُ في دِينِ اللهِ تعالى بِسَبَبِ الحُدُودِ التي شُرِعَتْ فِيهِ، وَيَمْدَحُ شَرْقَاً وَغَرْبَاً، يَمْدَحُ هَؤُلَاءِ الذينَ خَرَّبُوا دِيَارَ المُسْلِمِينَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ اتِّبَاعَ الهَوَى مُدَمِّرٌ وَلَيْسَ مُعَمِّرَاً، لِذَا قَيَّدَ اللهُ تعالى الأُمَّةَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْـمُتَّقِينَ﴾.
تَدَبَّرُوا هَذِهِ الآيَةَ جَيِّدَاً: ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْـمُتَّقِينَ﴾. تَعْقِيبٌ رَائِعٌ، قِتَالٌ في غِلْظَةٍ بِلَا هَوَادَةٍ، وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالتَّقْوَى، قِتَالٌ بِدُونِ هَوَادَةٍ مَعَ عَدَمِ تَجَاوُزِ الحَدِّ، مَعَ عَدَمِ الظُّلْمِ، مَعَ مُرَاعَاةِ التَّقْوَى في التَّعَامُلِ.
روى أبو داود عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ صَاحِبُ خَيْبَرَ رَجُلَاً مَارِدَاً (أَيْ: عَاتِيَاً) مُنْكَرَاً، فَأَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَلَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا حُمُرَنَا (جَمْعُ حِمَارٍ) وَتَأْكُلُوا ثَمَرَنَا، وَتَضْرِبُوا نِسَاءَنَا.
فَغَضِبَ ـ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ، ارْكَبْ فَرَسَكَ ثُمَّ نَادِ: أَلَا إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ، وَأَنِ اجْتَمِعُوا لِلصَّلَاةِ».
قَالَ: فَاجْتَمَعُوا، ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ: «أَيَحْسَبُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئَاً عَلَى أَرِيكَتِهِ، قَدْ يَظُنُّ أَنَّ اللهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئَاً إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ، أَلَا وَإِنِّي وَاللهِ قَدْ وَعَظْتُ، وَأَمَرْتُ، وَنَهَيْتُ، عَنْ أَشْيَاءَ إِنَّهَا لَـمِثْلُ الْقُرْآنِ، أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ، وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ، إِذَا أَعْطَوْكُمُ الَّذِي عَلَيْهِمْ».
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَيْنَ نَحْنُ مِنْ تَعَالِيمِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ لَقَدْ غَضِبَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا اعْتُدِيَ على اليَهُودِ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ المُسْتَأْمَنِينَ، فَهَلْ مَا يَجْرِي في بَلَدِنَا يَسُرُّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمْ يَسُوْؤُهُ؟
اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلَاً. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin