مع الحبيب المصطفى: أصبح وجهك أحب الوجوه إلي
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
250ـ أصبح وجهك أحب الوجوه إلي
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكَنْزٍ عَظِيمٍِ، هُوَ الإِيمَانُ بِاللهِ تعالى وَبِاليَوْمِ الآخِرِ، هَذَا الإِيمَانُ إِذَا لَامَسَتْ حَلَاوَتُهُ شِغَافَ القُلُوبِ، ظَهَرَتْ آثَارُهُ على جَوَارِحِ المُؤْمِنِ في أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِه وَأَحْوَالِهِ، وَاسْتَقَامَ على شَرْعِ اللهِ تعالى.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: مَنْ لَامَسَ الإِيمَانُ شِغَافَ قَلْبِهِ رَأَيْتَهُ قِمَّةً في الأَخْلَاقِ، وَكَانَ سَبَبَاً في نَـشْرِ رِسَالَةِ الإِسْلَامِ أَيْنَمَا حَلَّ، وَأَيْنَمَا نَزَلَ، وَرَأَيْتَهُ مُتَتَبِّعَاً لِسِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لَأَنَّ الخُلُقُ الحَسَنَ كَانَ مُلَازِمَاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في سَائِرِ أَحْوَالِهِ، وَخَاصَّةً في تَعَامُلِهِ مَعَ الآخَرِينَ، حَتَّى جَعَلَهُم يَدْخُلُونَ في دِينِ اللهِ تعالى أَفْوَاجَاً، فَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ دَخَلَ في دِينِ اللهِ تعالى بِسَبَبِ خُلُقِهِ العَظِيمِ ؟
فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد بَلَغَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في أَخْلَاقِهِ السَّامِيَةِ العَالِيَةِ إلى قِمَّةٍ تَتَقَاصَرُ دُونَهَا القِمَمُ، وَصَارَتْ مَكَانَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَفِيعَةً تَغِيبُ مَعَهَا كُلُّ مَكَانَةٍ وَمَنْزِلَةٍ مَهْمَا عَلَتْ وَسَمَتْ.
فَكُلُّ عَظَمَةٍ، وَكُلُّ قَدْرٍ، وَكُلُّ مَكَانَةٍ لِأَيِّ مَخْلُوقٍ كَانَ، هِيَ دُونَ مَقَامِ وَعَظَمَةِ وَمَكَانَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد جُبِلَتِ النُّفُوسُ على الاقْتِدَاءِ وَالتَّأَسِّي بِالعُظَمَاءِ، وَالإِنْسَانُ المُؤْمِنُ، بَلِ الإِنْسَانُ العَاقِلُ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَغَيَرِ المُؤْمِنِينَ، لَنْ يَرَى شَخْصِيَّةً أَعْظَمَ مِنْ شَخْصِيَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِذَا قَالَ تعالى للخَلْقِ جَمِيعَاً: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً﴾. فَالسَّعِيدُ هُوَ الذي يَتَأَسَّى بِهَذِهِ الشَّخْصِيَّةِ العَظِيمَةِ، وَلَنْ يَسْتَطِيعَ التَّأَسِّي بِهَا إلا مَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا إلى عَظَمَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في أَخْلَاقِهِ التي أَثَّرَتْ في أَلَدِّ الأَعْدَاءِ إِلَيْهِ، حَتَّى جَعَلَهُ يَدْخُلُ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَعْشَقُ اللهَ تعالى وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ.
روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْلَاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ؛ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْـمَسْجِدِ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟».
فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْـمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ.
فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟».
قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ.
فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟».
فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ.
فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ.
فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْـمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْـمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ؛ يَا مُحَمَّدُ، وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟
فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ.
فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ؟
قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا وَاللهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وفي رِوَايَةِ الإمام البيهقي قَالَ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ قَدْ خَرَجْتُ مُعْتَمِرَاً وَأَنَا على دِينِ قَوْمِي، فَـبَشِّرْنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ في عُمْرَتِي؛ فَبَشَّرَهُ وَعَلَّمَهُ؛ فَخَرَجَ مُعْتَمِرَاً.
فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ وَسَمِعَتْهُ قُرَيْشٌ يَتَكَلَّمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ مِنَ الإِسْلَامِ، قَالُوا: صَبَأَ ثُمَامَةُ؛ فَأَغْضَبُوهُ.
فَقَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا صَبَوْتُ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ مُحَمَّدَاً وَآمَنْتُ بِهِ، وَايْمُ الذي نَفْسُ ثُمَامَةَ بِيَدِهِ، لا يَأْتِيكُمْ حَبَّةٌ مِنَ اليَمَامَةِ ـ وَكَانَتْ رِيفَ مَكَّةَ ـ مَا بقَيِتُ، حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وَانْصَرَفَ إلى بَلَدِهِ، وَمَنَعَ الحَمْلَ إلى مَكَّةَ، حَتَّى جَهِدَتْ قُرَيْشٌ، فَكَتَبُوا إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ بِأَرْحَامِهِم أَنْ يَكْتُبَ إلى ثُمَامَةَ يُخَلِّي إِلَيْهِمْ حَمْلَ الطَّعَامِ؛ فَفَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا إلى ثَمَرَةِ الإِحْسَانِ، وَثَمَرَةِ العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ النَّاسِ، وَثَمَرَةِ المُعَامَلَةِ الحَسَنَةِ الطَّيِّبَةِ كَيْفَ تَقُودُ القُلُوبَ إلى الإيمَانِ بِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: كَمْ نَحْنُ الآنَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الخُلُقِ الحَسَنِ، وإلى الكَلمَةِ الطَّيِّبَةِ المُؤَثِّرَةِ، التي تَكُونُ مَقْبُولَةً عِنْدَ النَّاسِ، كَمْ نَحْنُ بَحَاجَةٍ إلى الرِّفْقِ وَالإِحْسَانِ إلى النَّاسِ، لِأَنَّ الرِّفْقَ وَالإِحْسَانَ يُحَوِّلَانَ البُغْضَ إلى حُبٍّ في القُلُوبِ، العُنْفُ وَالشِّدَّةُ يَهْدِمَانِ وَلَا يَبْنِيَانِ، يُفْسِدَانِ وَلَا يُصْلِحَانِ، كَمْ وَكَمْ أَسَأْنَا للإِسْلَامِ بِسَبَبِ الشِّدَّةِ وَالعُنْفِ التي تَصْدُرُ عَنَّا؟
لَقَد نَسِينَا أَو تَنَاسَيْنَا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾. وَقَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ» رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا.
وَقَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يَدْخُلِ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: أَزْمَتُنَا التي نَعِيشُهَا هِيَ أَزْمَةُ أَخْلَاقٍ، وَكَمْ خَسِرَ العَالَمُ الإِسْلَامِيُّ بِانْحِطَاطِ أَخْلَاقِ المُسْلِمِينَ فَوْقَ مَا يَخْسَرُهُ المُسْلِمُونَ أَنْفُسُهُمْ.
أَيْنَ التَّأَسِّي بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حُسْنِ الخُلُقِ؟
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا أَحْسَنَ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْزُقُ أَحْسَنَهَا إلا هُوَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
250ـ أصبح وجهك أحب الوجوه إلي
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكَنْزٍ عَظِيمٍِ، هُوَ الإِيمَانُ بِاللهِ تعالى وَبِاليَوْمِ الآخِرِ، هَذَا الإِيمَانُ إِذَا لَامَسَتْ حَلَاوَتُهُ شِغَافَ القُلُوبِ، ظَهَرَتْ آثَارُهُ على جَوَارِحِ المُؤْمِنِ في أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِه وَأَحْوَالِهِ، وَاسْتَقَامَ على شَرْعِ اللهِ تعالى.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: مَنْ لَامَسَ الإِيمَانُ شِغَافَ قَلْبِهِ رَأَيْتَهُ قِمَّةً في الأَخْلَاقِ، وَكَانَ سَبَبَاً في نَـشْرِ رِسَالَةِ الإِسْلَامِ أَيْنَمَا حَلَّ، وَأَيْنَمَا نَزَلَ، وَرَأَيْتَهُ مُتَتَبِّعَاً لِسِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لَأَنَّ الخُلُقُ الحَسَنَ كَانَ مُلَازِمَاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في سَائِرِ أَحْوَالِهِ، وَخَاصَّةً في تَعَامُلِهِ مَعَ الآخَرِينَ، حَتَّى جَعَلَهُم يَدْخُلُونَ في دِينِ اللهِ تعالى أَفْوَاجَاً، فَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ دَخَلَ في دِينِ اللهِ تعالى بِسَبَبِ خُلُقِهِ العَظِيمِ ؟
فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد بَلَغَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في أَخْلَاقِهِ السَّامِيَةِ العَالِيَةِ إلى قِمَّةٍ تَتَقَاصَرُ دُونَهَا القِمَمُ، وَصَارَتْ مَكَانَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَفِيعَةً تَغِيبُ مَعَهَا كُلُّ مَكَانَةٍ وَمَنْزِلَةٍ مَهْمَا عَلَتْ وَسَمَتْ.
فَكُلُّ عَظَمَةٍ، وَكُلُّ قَدْرٍ، وَكُلُّ مَكَانَةٍ لِأَيِّ مَخْلُوقٍ كَانَ، هِيَ دُونَ مَقَامِ وَعَظَمَةِ وَمَكَانَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد جُبِلَتِ النُّفُوسُ على الاقْتِدَاءِ وَالتَّأَسِّي بِالعُظَمَاءِ، وَالإِنْسَانُ المُؤْمِنُ، بَلِ الإِنْسَانُ العَاقِلُ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَغَيَرِ المُؤْمِنِينَ، لَنْ يَرَى شَخْصِيَّةً أَعْظَمَ مِنْ شَخْصِيَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِذَا قَالَ تعالى للخَلْقِ جَمِيعَاً: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً﴾. فَالسَّعِيدُ هُوَ الذي يَتَأَسَّى بِهَذِهِ الشَّخْصِيَّةِ العَظِيمَةِ، وَلَنْ يَسْتَطِيعَ التَّأَسِّي بِهَا إلا مَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا إلى عَظَمَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في أَخْلَاقِهِ التي أَثَّرَتْ في أَلَدِّ الأَعْدَاءِ إِلَيْهِ، حَتَّى جَعَلَهُ يَدْخُلُ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَعْشَقُ اللهَ تعالى وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ.
روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْلَاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ؛ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْـمَسْجِدِ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟».
فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْـمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ.
فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟».
قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ.
فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟».
فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ.
فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ.
فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْـمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْـمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ؛ يَا مُحَمَّدُ، وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟
فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ.
فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ؟
قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا وَاللهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وفي رِوَايَةِ الإمام البيهقي قَالَ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ قَدْ خَرَجْتُ مُعْتَمِرَاً وَأَنَا على دِينِ قَوْمِي، فَـبَشِّرْنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ في عُمْرَتِي؛ فَبَشَّرَهُ وَعَلَّمَهُ؛ فَخَرَجَ مُعْتَمِرَاً.
فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ وَسَمِعَتْهُ قُرَيْشٌ يَتَكَلَّمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ مِنَ الإِسْلَامِ، قَالُوا: صَبَأَ ثُمَامَةُ؛ فَأَغْضَبُوهُ.
فَقَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا صَبَوْتُ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ مُحَمَّدَاً وَآمَنْتُ بِهِ، وَايْمُ الذي نَفْسُ ثُمَامَةَ بِيَدِهِ، لا يَأْتِيكُمْ حَبَّةٌ مِنَ اليَمَامَةِ ـ وَكَانَتْ رِيفَ مَكَّةَ ـ مَا بقَيِتُ، حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وَانْصَرَفَ إلى بَلَدِهِ، وَمَنَعَ الحَمْلَ إلى مَكَّةَ، حَتَّى جَهِدَتْ قُرَيْشٌ، فَكَتَبُوا إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ بِأَرْحَامِهِم أَنْ يَكْتُبَ إلى ثُمَامَةَ يُخَلِّي إِلَيْهِمْ حَمْلَ الطَّعَامِ؛ فَفَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا إلى ثَمَرَةِ الإِحْسَانِ، وَثَمَرَةِ العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ النَّاسِ، وَثَمَرَةِ المُعَامَلَةِ الحَسَنَةِ الطَّيِّبَةِ كَيْفَ تَقُودُ القُلُوبَ إلى الإيمَانِ بِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: كَمْ نَحْنُ الآنَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الخُلُقِ الحَسَنِ، وإلى الكَلمَةِ الطَّيِّبَةِ المُؤَثِّرَةِ، التي تَكُونُ مَقْبُولَةً عِنْدَ النَّاسِ، كَمْ نَحْنُ بَحَاجَةٍ إلى الرِّفْقِ وَالإِحْسَانِ إلى النَّاسِ، لِأَنَّ الرِّفْقَ وَالإِحْسَانَ يُحَوِّلَانَ البُغْضَ إلى حُبٍّ في القُلُوبِ، العُنْفُ وَالشِّدَّةُ يَهْدِمَانِ وَلَا يَبْنِيَانِ، يُفْسِدَانِ وَلَا يُصْلِحَانِ، كَمْ وَكَمْ أَسَأْنَا للإِسْلَامِ بِسَبَبِ الشِّدَّةِ وَالعُنْفِ التي تَصْدُرُ عَنَّا؟
لَقَد نَسِينَا أَو تَنَاسَيْنَا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾. وَقَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ» رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا.
وَقَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يَدْخُلِ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: أَزْمَتُنَا التي نَعِيشُهَا هِيَ أَزْمَةُ أَخْلَاقٍ، وَكَمْ خَسِرَ العَالَمُ الإِسْلَامِيُّ بِانْحِطَاطِ أَخْلَاقِ المُسْلِمِينَ فَوْقَ مَا يَخْسَرُهُ المُسْلِمُونَ أَنْفُسُهُمْ.
أَيْنَ التَّأَسِّي بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حُسْنِ الخُلُقِ؟
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا أَحْسَنَ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْزُقُ أَحْسَنَهَا إلا هُوَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin