مع الحبيب المصطفى: كيف استقبلت المدينة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ؟
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
214ـ كيف استقبلت المدينة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ؟
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد رَبَّى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَصْحَابَهُ الكِرَامَ من المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ على التَّضْحِيَةِ بِكُلِّ شَيْءٍ من أَجْلِ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ، وأَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
لَقَد بَذَلُوا كُلَّ مَحْبُوبٍ من أَجْلِ الوُصُولِ إلى مَا هُوَ أَحَبَّ مِنْهُ، وتَرَكُوا كُلَّ مَحْبُوبٍ لِمَا هوَ أَحَبُّ مِنْهُ، وقَدَّمُوا مَا يُحِبُّهُ اللهُ تعالى على مَا تُحِبُّهُ النُّفُوسُ، ومَا ذَاكَ إلا بِبَرَكَةِ الإِيمَانِ الكَامِلِ الذي غَرَسَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ في نُفُوسِهِم.
أيُّها الإخوة الكرام: المُهَاجِرُونَ أُخْرِجُوا من دِيَارِهِم وأَمْوَالِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ، أَكْرَهَهُم على الخُرُوجِ الأَذَى والاضْطِهَادُ من قَرَابَتِهِم وعَشِيرَتِهِم، لا لِذَنْبٍ إلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ، وقَد أُخْرِجُوا من دِيَارِهِم وأَمْوَالِهِم يَبْتَغُونَ فَضْلَاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانَاً، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلَاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانَاً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.
لَقَد خَرَجُوا بِدِينِهِم مُعْتَمِدِينَ على اللهِ لا مَلْجَأَ لَهُم سِوَاهُ، ولا جَنَابَ لَهُم إلا حِمَاهُ، وَهُم مَعَ أَنَّهُم مُطَارَدُونَ قَلِيلُونَ يَنْصُرُونَ اللهَ ورَسُولَهُ، بِقُلُوبِهِم وأَلْسِنَتِهِم، أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ الذينَ قَالُوا كَلِمَةَ الإِيمَانِ بِأَلْسِنَتِهِم، وصَدَّقُوهَا بِعَمَلِهِم، وكَانُوا صَادِقِينَ مَعَ اللهِ في أَنَّهُم اخْتَارُوهُ، وصَادِقِينَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ في أَنَّهُمُ اتَّبَعُوهُ.
هؤلاءِ هُمُ السَّابِقُونَ من المُهَاجِرِينَ الذينَ بَذَلُوا كُلَّ شَيْءٍ في سَبِيلِ المُحَافَظَةِ على نِعْمَةِ الإِيمَانِ والإِسْلامِ، وضَحَّوْا بِكُلِّ شَيْءٍ في سَبِيلِ نُصْرَةِ دِينِ اللهِ تعالى، لَقَد ضَحَّوْا بالأَوْقَاتِ، والأَنْفُسِ، والأَمْوَالِ، والبُلْدَانِ، وجَمِيعِ الشَّهَوَاتِ والجَاهِ، ولهذا سَمَّاهُمُ اللهُ تعالى بالصَّادِقِينَ، لأَنَّهُمُ أَتْبَعُوا القَوْلَ بالعَمَلِ، وصَدَقُوا فِيمَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ.
ثمَّ يَلِيهِم في الفَضْلِ الأَنْصَارُ الذينَ قَالَ تعالى فِيهِم: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
هؤلاءِ الذينَ تَبَوَّؤُوا المَدِينَةَ دَارَ الهِجْرَةِ قَبْلَ المُهَاجِرِينَ، كَمَا تَبَوَّؤُوا فِيهَا الإِيمَانَ، وكَأَنَّهُ مَنْزِلٌ لَهُم وَدَارٌ.
كَيْفَ اسْتَقْبَلَتِ المَدِينَةُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ؟
أيُّها الإخوة الكرام: وَصَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مَعَ صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ المَدِينَةَ المُنَوَّرَةَ، فَخَرَجَ أَهْلُ المَدِينَةِ، حَتَّى إِنَّ الْعَوَاتِقَ لَفَوْقَ الْبُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَهُ، يَقُلْنَ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ أَيُّهُمْ هُوَ؟
روى الإمام أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: إِنِّي لَأَسْعَى فِي الْغِلْمَانِ يَقُولُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ؛ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئَاً.
ثُمَّ يَقُولُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ؛ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئَاً.
قَالَ: حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ، فَكُنَّا فِي بَعْضِ حِرَارِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ بَعَثْنَا رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِيُؤْذِنَ بِهِمَا الْأَنْصَارَ، فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءَ خَمْسِ مِائَةٍ مِن الْأَنْصَارِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَيْهِمَا.
فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ.
فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِنَّ الْعَوَاتِقَ لَفَوْقَ الْبُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَهُ، يَقُلْنَ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ أَيُّهُمْ هُوَ؟
قَالَ: فَمَا رَأَيْنَا مَنْظَرَاً مُشْبِهَاً بِهِ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا وَيَوْمَ قُبِضَ، فَلَمْ أَرَ يَوْمَيْنِ مُشْبِهَاً بِهِمَا.
وروى الإمام مسلم عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَوْقَ الْبُيُوتِ، وَتَفَرَّقَ الْغِلْمَانُ وَالْخَدَمُ فِي الطُّرُقِ يُنَادُونَ: يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللهِ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللهِ.
وروى الإمام البخاري عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ، فَقَدِمَ بِلَالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ثُمَّ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاءُ يَقُلْنَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا:
أيُّها الإخوة الكرام: كَبَّرَ المُسْلِمُونَ فَرَحَاً بِقُدُومِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ومَا فَرِحُوا بِشَيْءٍ في حَيَاتِهِم كَفَرِحِهِم بِقُدُومِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وكَانَتِ المَدِينَةُ بَاسِمَةَ الثَّغْرِ، تَرْفُلُ في حُلَلِ الفَرَحِ والفَخْرِ، وكَانَتْ بَنَاتُ الأَنْصَارِ يُنْشِدْنَ في سُرُورٍ ونَشْوَةٍ:
طَـلَـعَ الـبَدْرُ علينا *** مَن ثَنـيَّـاتِ الوَدَاعِ
وجبَ الشُّكرُ علينا *** مَــا دعـــا للهِ داعِ
أَيُّهَـا المَبْعُوثُ فِـيـنَا *** جِئْتَ بالأَمْرِ المُطَاعِ
جِئْتَ شَرَّفْتَ المَدِينَةَ *** مَرْحَبَاً يَا خَيْرَ دَاعٍ
روى الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْتَلِفُ إِلَى الشَّامِ وَكَانَ يُعْرَفُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لَا يُعْرَفُ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا هَذَا الْغُلَامُ بَيْنَ يَدَيْكَ؟
قَالَ: هَذَا يَهْدِينِي السَّبِيلَ.
فَلَمَّا دَنَوْا مِن الْمَدِينَةِ نَزَلَا الْحَرَّةَ وَبَعَثَا إِلَى الْأَنْصَارِ، فَجَاؤُوا فَقَالُوا: قُومَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ.
قَالَ: فَشَهِدْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمَاً قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ وَلَا أَضْوَأَ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ، وَشَهِدْتُهُ يَوْمِ مَاتَ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمَاً كَانَ أَقْبَحَ وَلَا أَظْلَمَ مِنْ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
القَبَائِلُ تَعْتَرِضُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لِيَنْزِلَ عِنْدَهَا:
أيُّها الإخوة الكرام: أَقْبَلَ رِجَالٌ من بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَقِمْ عِنْدَنَا في العَدَدِ والعُدَّةِ والمَنَعَةِ.
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «خَلُّوا سَبِيلَهَا، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ».
فَخَلَّوْا سَبِيلَهَا، فَانْطَلَقَتْ.
حَتَّى إذَا أَتَتْ دَارَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، بَرَكَتْ عَلَى بَابِ مَسْجِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وَهُوَ يَوْمئِذٍ مِرْبَدٌ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَهُمَا فِي حِجْرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ، سَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو.
فَلَمَّا بَرَكَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عَلَيْهَا لَمْ يَنْزِلْ وَثَبَتَ، فَسَارَتْ غَيْرَ بِعِيدٍ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا لَا يَثْنِيهَا بِهِ، ثُمَّ الْتَفَتَتْ إلَى خَلْفِهَا، فَرَجَعَتْ إلَى مَبْرَكِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَبَرَكَتْ فِيهِ، ثُمّ تَحَلْحَلَتْ وَزَمَّتْ وَوَضَعَتْ جِرَانَهَا، فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، فَاحْتَمَلَ أَبُو أَيّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ رَحْلَهُ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَمْ تَعْرِفِ البَشَرِيَّةُ كُلُّهَا ولَنْ تَعْرِفَ حَادِثَةً جَمَاعِيَّةً كَحَادِثَةِ اسْتِقْبَالِ الأَنْصَارِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وأَصْحَابِهِ المُهَاجِرِينَ، لَقَد اسْتَقْبَلُوهُم بالحُبِّ الكَرِيمِ، والبَذْلِ السَّخِيِّ، والمُشَارَكَةِ الطَّيِّبَةِ في الأَمْوَالِ، وشَارَكُوهُم في الشُّعُورِ والمَشَاعِرِ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُحْيِيَ سِيرَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِينَا، وخَاصَّةً ونَحْنُ نَعِيشُ هذهِ الأَزْمَةَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
214ـ كيف استقبلت المدينة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ؟
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد رَبَّى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَصْحَابَهُ الكِرَامَ من المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ على التَّضْحِيَةِ بِكُلِّ شَيْءٍ من أَجْلِ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ، وأَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
لَقَد بَذَلُوا كُلَّ مَحْبُوبٍ من أَجْلِ الوُصُولِ إلى مَا هُوَ أَحَبَّ مِنْهُ، وتَرَكُوا كُلَّ مَحْبُوبٍ لِمَا هوَ أَحَبُّ مِنْهُ، وقَدَّمُوا مَا يُحِبُّهُ اللهُ تعالى على مَا تُحِبُّهُ النُّفُوسُ، ومَا ذَاكَ إلا بِبَرَكَةِ الإِيمَانِ الكَامِلِ الذي غَرَسَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ في نُفُوسِهِم.
أيُّها الإخوة الكرام: المُهَاجِرُونَ أُخْرِجُوا من دِيَارِهِم وأَمْوَالِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ، أَكْرَهَهُم على الخُرُوجِ الأَذَى والاضْطِهَادُ من قَرَابَتِهِم وعَشِيرَتِهِم، لا لِذَنْبٍ إلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ، وقَد أُخْرِجُوا من دِيَارِهِم وأَمْوَالِهِم يَبْتَغُونَ فَضْلَاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانَاً، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلَاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانَاً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.
لَقَد خَرَجُوا بِدِينِهِم مُعْتَمِدِينَ على اللهِ لا مَلْجَأَ لَهُم سِوَاهُ، ولا جَنَابَ لَهُم إلا حِمَاهُ، وَهُم مَعَ أَنَّهُم مُطَارَدُونَ قَلِيلُونَ يَنْصُرُونَ اللهَ ورَسُولَهُ، بِقُلُوبِهِم وأَلْسِنَتِهِم، أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ الذينَ قَالُوا كَلِمَةَ الإِيمَانِ بِأَلْسِنَتِهِم، وصَدَّقُوهَا بِعَمَلِهِم، وكَانُوا صَادِقِينَ مَعَ اللهِ في أَنَّهُم اخْتَارُوهُ، وصَادِقِينَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ في أَنَّهُمُ اتَّبَعُوهُ.
هؤلاءِ هُمُ السَّابِقُونَ من المُهَاجِرِينَ الذينَ بَذَلُوا كُلَّ شَيْءٍ في سَبِيلِ المُحَافَظَةِ على نِعْمَةِ الإِيمَانِ والإِسْلامِ، وضَحَّوْا بِكُلِّ شَيْءٍ في سَبِيلِ نُصْرَةِ دِينِ اللهِ تعالى، لَقَد ضَحَّوْا بالأَوْقَاتِ، والأَنْفُسِ، والأَمْوَالِ، والبُلْدَانِ، وجَمِيعِ الشَّهَوَاتِ والجَاهِ، ولهذا سَمَّاهُمُ اللهُ تعالى بالصَّادِقِينَ، لأَنَّهُمُ أَتْبَعُوا القَوْلَ بالعَمَلِ، وصَدَقُوا فِيمَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ.
ثمَّ يَلِيهِم في الفَضْلِ الأَنْصَارُ الذينَ قَالَ تعالى فِيهِم: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
هؤلاءِ الذينَ تَبَوَّؤُوا المَدِينَةَ دَارَ الهِجْرَةِ قَبْلَ المُهَاجِرِينَ، كَمَا تَبَوَّؤُوا فِيهَا الإِيمَانَ، وكَأَنَّهُ مَنْزِلٌ لَهُم وَدَارٌ.
كَيْفَ اسْتَقْبَلَتِ المَدِينَةُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ؟
أيُّها الإخوة الكرام: وَصَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مَعَ صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ المَدِينَةَ المُنَوَّرَةَ، فَخَرَجَ أَهْلُ المَدِينَةِ، حَتَّى إِنَّ الْعَوَاتِقَ لَفَوْقَ الْبُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَهُ، يَقُلْنَ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ أَيُّهُمْ هُوَ؟
روى الإمام أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: إِنِّي لَأَسْعَى فِي الْغِلْمَانِ يَقُولُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ؛ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئَاً.
ثُمَّ يَقُولُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ؛ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئَاً.
قَالَ: حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ، فَكُنَّا فِي بَعْضِ حِرَارِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ بَعَثْنَا رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِيُؤْذِنَ بِهِمَا الْأَنْصَارَ، فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءَ خَمْسِ مِائَةٍ مِن الْأَنْصَارِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَيْهِمَا.
فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ.
فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِنَّ الْعَوَاتِقَ لَفَوْقَ الْبُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَهُ، يَقُلْنَ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ أَيُّهُمْ هُوَ؟
قَالَ: فَمَا رَأَيْنَا مَنْظَرَاً مُشْبِهَاً بِهِ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا وَيَوْمَ قُبِضَ، فَلَمْ أَرَ يَوْمَيْنِ مُشْبِهَاً بِهِمَا.
وروى الإمام مسلم عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَوْقَ الْبُيُوتِ، وَتَفَرَّقَ الْغِلْمَانُ وَالْخَدَمُ فِي الطُّرُقِ يُنَادُونَ: يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللهِ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللهِ.
وروى الإمام البخاري عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ، فَقَدِمَ بِلَالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ثُمَّ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاءُ يَقُلْنَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا:
أيُّها الإخوة الكرام: كَبَّرَ المُسْلِمُونَ فَرَحَاً بِقُدُومِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ومَا فَرِحُوا بِشَيْءٍ في حَيَاتِهِم كَفَرِحِهِم بِقُدُومِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وكَانَتِ المَدِينَةُ بَاسِمَةَ الثَّغْرِ، تَرْفُلُ في حُلَلِ الفَرَحِ والفَخْرِ، وكَانَتْ بَنَاتُ الأَنْصَارِ يُنْشِدْنَ في سُرُورٍ ونَشْوَةٍ:
طَـلَـعَ الـبَدْرُ علينا *** مَن ثَنـيَّـاتِ الوَدَاعِ
وجبَ الشُّكرُ علينا *** مَــا دعـــا للهِ داعِ
أَيُّهَـا المَبْعُوثُ فِـيـنَا *** جِئْتَ بالأَمْرِ المُطَاعِ
جِئْتَ شَرَّفْتَ المَدِينَةَ *** مَرْحَبَاً يَا خَيْرَ دَاعٍ
روى الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْتَلِفُ إِلَى الشَّامِ وَكَانَ يُعْرَفُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لَا يُعْرَفُ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا هَذَا الْغُلَامُ بَيْنَ يَدَيْكَ؟
قَالَ: هَذَا يَهْدِينِي السَّبِيلَ.
فَلَمَّا دَنَوْا مِن الْمَدِينَةِ نَزَلَا الْحَرَّةَ وَبَعَثَا إِلَى الْأَنْصَارِ، فَجَاؤُوا فَقَالُوا: قُومَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ.
قَالَ: فَشَهِدْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمَاً قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ وَلَا أَضْوَأَ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ، وَشَهِدْتُهُ يَوْمِ مَاتَ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمَاً كَانَ أَقْبَحَ وَلَا أَظْلَمَ مِنْ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
القَبَائِلُ تَعْتَرِضُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لِيَنْزِلَ عِنْدَهَا:
أيُّها الإخوة الكرام: أَقْبَلَ رِجَالٌ من بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَقِمْ عِنْدَنَا في العَدَدِ والعُدَّةِ والمَنَعَةِ.
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «خَلُّوا سَبِيلَهَا، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ».
فَخَلَّوْا سَبِيلَهَا، فَانْطَلَقَتْ.
حَتَّى إذَا أَتَتْ دَارَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، بَرَكَتْ عَلَى بَابِ مَسْجِدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وَهُوَ يَوْمئِذٍ مِرْبَدٌ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَهُمَا فِي حِجْرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ، سَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو.
فَلَمَّا بَرَكَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عَلَيْهَا لَمْ يَنْزِلْ وَثَبَتَ، فَسَارَتْ غَيْرَ بِعِيدٍ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا لَا يَثْنِيهَا بِهِ، ثُمَّ الْتَفَتَتْ إلَى خَلْفِهَا، فَرَجَعَتْ إلَى مَبْرَكِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَبَرَكَتْ فِيهِ، ثُمّ تَحَلْحَلَتْ وَزَمَّتْ وَوَضَعَتْ جِرَانَهَا، فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، فَاحْتَمَلَ أَبُو أَيّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ رَحْلَهُ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَمْ تَعْرِفِ البَشَرِيَّةُ كُلُّهَا ولَنْ تَعْرِفَ حَادِثَةً جَمَاعِيَّةً كَحَادِثَةِ اسْتِقْبَالِ الأَنْصَارِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وأَصْحَابِهِ المُهَاجِرِينَ، لَقَد اسْتَقْبَلُوهُم بالحُبِّ الكَرِيمِ، والبَذْلِ السَّخِيِّ، والمُشَارَكَةِ الطَّيِّبَةِ في الأَمْوَالِ، وشَارَكُوهُم في الشُّعُورِ والمَشَاعِرِ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُحْيِيَ سِيرَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِينَا، وخَاصَّةً ونَحْنُ نَعِيشُ هذهِ الأَزْمَةَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin