..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1) ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 1/10/2020, 12:30

    مع الحبيب المصطفى: «اهتز لموته عرش الرحمن» (1)
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    131ـ « اهتز لموته عرش الرحمن » (1)

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوة الكرام: جَالِسوا من يُذَكِّرُكُمُ اللهَ رُؤيَتُهُ، ويَزيدُ في عِلمِكُم مَنطِقُهُ، ويُذَكِّرُكُم بالآخِرَةِ عَمَلُهُ، كَيفَ لا واللهُ تعالى يَقولُ في كِتابِهِ العَظيمِ: ﴿أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾. ويَقولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين﴾؟

    أيُّها الإخوة الكرام: الإنسانُ مَفطورٌ على حُبِّ التَّقليدِ، انظُروا إلى الطِّفلِ كَيفَ يُقَلِّدُ أبَوَيهِ، ويَتَقَمَّصُ شَخصيَّتَهُما، لأنَّ التَّعَلُّمَ بالرُّؤيَةِ والمُشَاهَدَةِ أبلَغُ وأسهَلُ وأيسَرُ من التَّعَلُّمِ بالسَّماعِ.

    ولقد استَطاعَ أعداءُ هذهِ الأُمَّةِ أن يَغزُونا في عُقْرِ بُيوتِنا، من خِلالِ وَسائِلِ الإعلامِ بِقُدُواتٍ سَيِّئَةٍ، أفسَدَت عَلَينا شَبَابَنا وشَابَّاتِنا، حتَّى أصبَحوا يُقَلِّدونَ أهلَ الفِسقِ والفُجورِ في كُلِّ شَيءٍ، في مَظهَرِهِم، وفي مَلبَسِهِم، وفي حَرَكَاتِهِم وسَكَنَاتِهِم، بل حتَّى في القَضَايا الجِبِلِيَّةِ، بل قد وَصَلَ البَعضُ والعِياذُ بالله تعالى لأنْ يَكونَ عَبْداً لِشَياطِينِ الإنسِ الجِنِّ، واللهُ تعالى يَقولُ: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين * وَأَن اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيم﴾.

    «هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ»:

    أيُّها الإخوة الكرام: مَن أرَادَ قُدوَةً صَالِحَةً لِنَفسِهِ ولِأبنَائِهِ فَليَنظُر إلى هذا الصَّحابِيِّ الجَلِيلِ الذي قَضَى نَحبَهُ بَعدَ أن عَاشَ في الإسلامِ أعواماً قَليلَةً لا تَتَجَاوَزُ سَبعَةَ أعوامٍ قَدَّمَ خِلالَهَا عَمَلَاً عَظِيمَاً حتَّى قالَ عَنهُ سَيِّدَنا رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وهوَ يُدفَنُ: «هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مِنِ الْمَلائِكَةِ، لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً، ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبيرِ عَنِ ابْنِ عُمَر رَضِيَ اللهُ عنهُما.

    وفي رِوايَةٍ، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَهَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَشُدِّدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبيرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ. هذا الصَّحابِيُّ الجَلِيلُ هوَ سَيِّدُنَا سَعدُ بنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    أيُّها الإخوة الكرام: العُمُرُ المُبَارَكُ لَيسَ بِعَدَدِ السَّنَواتِ، فَهُناكَ من يَعيشُ سَبعينَ عاماً أو أكثَرَ، ولكنَّها أعوامُ هَبَاءٍ مَنثورٍ، ما عَرَفَ من حَياتِهِ إلا الطَّعَامَ والشَّرابَ والتِّجَارَةَ والزَّواجَ والإنجابَ، دَخَلَ الدُّنيا فَقيراً، وخَرَجَ منها أفقَرَ مِمَّا دَخَلَ فيها، وخَابَ خَسِرَ، وما تَرَكَ لِنَفسِهِ ذِكْراً صَالِحاً في الحَياةِ الدُّنيا، فَكَانَت أعوامَ ضَياعٍ في ضَياعٍ، ولَئِن سَأَلْتَهُ عن حَياتِهِ التي قَضَاها، لَوَجَدتَهُ مُجيباً: إنَّها أعوامٌ تَافِهَةٌ رَخِيصَةٌ لا تُسَاوي ذَرَّةً وَاحِدَةً، فإذا حَضَرَتْهُ سَكَراتُ المَوتِ قال: ﴿رَبِّ ارْجِعُون * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾.

    أيُّها الإخوة الكرام: العُمُرُ المُبَارَكُ هوَ العُمُرُ الذي فيهِ أثَرٌ طَيِّبٌ من عِباداتٍ وطَاعاتٍ لله عزَّ وجلَّ، والذي فيه عَطَايا مُبَارَكَةٌ للأُسرَةِ أولاً، ثمَّ للمُجتَمَعِ ثانياً، ومن ثمَّ سُرورٌ عِندَ سَكَراتِ المَوتِ، وفَرَحٌ عِندَ لِقاءِ الله سُبحَانَهُ تعالى، وابتِهاجٌ عِندَما يُوضَعُ في قَبْرِهِ، ويُذكَرُ بِخَيرٍ بَعدَ مَوتِهِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: سَيِّدُنا سَعدُ بنُ مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أسلَمَ بعدَ أن قَضَى من عُمُرِهِ وَاحِداً وثَلاثينَ عاماً في الجَاهِلِيَّةِ، وعِندَما استُشهِدَ وكانَ عُمُرُهُ سَبعاً وثَلاثينَ عاماً، سَبعَةُ أعوامٍ فَقَط عَاشَ في الإسلامِ، وعِندَما خَرَجَ من الدُّنيا، اِهتَزَّ لَهُ عَرشُ الرَّحمنِ فَرَحاً بِقُدُومِ رُوحِهِ، وفُتِحَت لَهُ أبوابُ السَّماواتِ السَّبْعِ، وشَهِدَهُ سَبعونَ ألفَاً من المَلائِكَةِ الكِرامِ، لم يَنزِلوا إلى الأرضِ قَبلَ ذلكَ، وصَلَّى عَلَيهِ سَيِّدُ الخَلْقِ وحَبيبُ الحَقِّ سَيِّدُنا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    اصْدُقِ اللهَ فيهِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: لِنَنظُر إلى ما قَدَّم سَيِّدُنَا سَعدٌ رَضِيَ اللهُ عنهُ، يَروي ابنُ إسحاقَ، أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ خَرَجَ بِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ يُرِيدُ بِهِ دَارَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَدَارَ بَنِي ظَفَرٍ، وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ ابْنَ خَالَةِ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ، فَدَخَلَ بِهِ حَائِطاً مِنْ حَوَائِطِ بَنِي ظَفَرٍ.

    فَجَلَسَا فِي الْحَائِطِ، وَاجْتَمَعَ إلَيْهِمَا رِجَالٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ يَوْمَئِذٍ سَيِّدَا قَوْمِهِمَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَكِلَاهُمَا مُشْرِكٌ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ.

    فَلَمَّا سَمِعَا بِهِ قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لِأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ: لَا أَبَا لَك، انْطَلِقْ إلَى هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ أَتَيَا دَارَيْنَا لِيُسَفِّهَا ضُعَفَاءَنَا، فَازْجُرْهُمَا وَانْهَهُمَا عَنْ أَنْ يَأْتِيَا دَارَيْنَا، فَإِنَّهُ لَوْلَا أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنِّي حَيْثُ قَدْ عَلِمْت كَفَيْتُك ذَلِكَ، هُوَ ابْنُ خَالَتِي، وَلَا أَجِدُ عَلَيْهِ مُقَدِّماً.

    قَالَ: فَأَخَذَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ حَرْبَتَهُ، ثُمّ أَقْبَلَ إلَيْهِمَا.

    قال: فَلَمّا رَآهُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ قَالَ لِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ: هَذَا سَيِّدُ قَوْمِهِ قَدْ جَاءَك، فَاصْدُقِ اللهَ فِيهِ.

    قَالَ مُصْعَبٌ: إنْ يَجْلِسْ أُكَلِّمْهُ.

    قَالَ: فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا، مُتَشَتِّماً.

    فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمَا إلَيْنَا تُسَفِّهَانِ ضُعَفَاءَنَا؟ اعْتَزِلَانَا إنْ كَانَتْ لَكُمَا بِأَنْفُسِكُمَا حَاجَةٌ.

    فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ: أَوَتَجْلِسُ فَتَسْمَعَ؟ فَإِنْ رَضِيتَ أَمْراً قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْته كُفَّ عَنْك مَا تَكْرَهُ.

    قَالَ: أَنْصَفْتَ، ثُمّ رَكَزَ حَرْبَتَهُ وَجَلَسَ إلَيْهِمَا.

    فَكَلّمَهُ مُصْعَبٌ بِالْإِسْلَامِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَقَالَا: فِيمَا يُذْكَرُ عَنْهُمَا: والله لَعَرَفْنَا فِي وَجْهِهِ الْإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي إشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ.

    ثُمَّ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الْكَلَامَ وَأَجْمَلَهُ، كَيْفَ تَصْنَعُونَ إذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا فِي هَذَا الدِّينِ؟

    قَالَا لَهُ: تَغْتَسِلُ فَتَطَهَّرُ وَتُطَهِّرُ ثَوْبَيْك، ثُمَّ تَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، ثُمَّ تُصَلّي.

    فَقَامَ فَاغْتَسَلَ، وَطَهَّرَ ثَوْبَيْهِ، وَتَشَهَّدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ، ثُمّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ.

    وقال: إنّ وَرَائِي رَجُلًا إنْ اتّبَعَكُمَا لَمْ يَتَخَلّفْ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِهِ وَسَأُرْسِلُهُ إلَيْكُمَا الْآنَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ .

    أَحْلِفُ بِاَللّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أُسَيْدٌ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الّذِي ذَهَبَ بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ:

    ثُمّ أَخَذَ حَرْبَتَهُ وَانْصَرَفَ إلَى سَعْدٍ وَقَوْمِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي نَادِيهِمْ فَلَمّا نَظَرَ إلَيْهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُقْبِلًا ، قَالَ أَحْلِفُ بِاَللّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أُسَيْدٌ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الّذِي ذَهَبَ بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ.

    فَلَمّا وَقَفَ عَلَى النّادِي قَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا فَعَلْت؟

    قَالَ كَلّمْت الرّجُلَيْنِ فَوَاَلله مَا رَأَيْتُ بِهِمَا بَأْساً، وَقَدْ نَهَيْتُهُمَا.

    فَقَالَا: نَفْعَلُ مَا أَحْبَبْتَ.

    وَقَدْ حُدِّثْتُ أَنّ بَنِي حَارِثَةَ قَدْ خَرَجُوا إلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ لِيَقْتُلُوهُ، وَذَلِكَ أَنّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَنّهُ ابْنُ خَالَتِك، لِيُخْفِرُوكَ.

    قَالَ: فَقَامَ سَعْدٌ مُغْضَباً مُبَادِراً، تَخَوّفاً لِلّذِي ذُكِرَ لَهُ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ فَأَخَذَ الْحَرْبَةَ ثُمَّ قَالَ: وَاَللّهِ مَا أَرَاك أَغْنَيْت شَيْئاً، ثُمّ خَرَجَ إلَيْهِمَا، فَلَمّا رَآهُمَا سَعْدٌ مُطْمَئِنّيْنِ عَرَفَ سَعْدٌ أَنّ أُسَيْداً إنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمَا، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّماً.

    ثُمَّ قَالَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ (أَمَا وَاَللهِ) لَوْلَا مَا بَيْنِي وَبَيْنَك مِنْ الْقَرَابَةِ مَا رُمْت هَذَا مِنّي ، أَتَغْشَانَا فِي دَارَيْنَا بِمَا نَكْرَهُ - وَقَدْ قَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ لِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ أَيْ مُصْعَبُ جَاءَك وَاَللهِ سَيّدُ مَنْ وَرَاءَهُ مِنْ قَوْمِهِ إنْ يَتّبِعْك لَا يَتَخَلّفُ عَنْك مِنْهُمْ اثْنَانِ - .

    قَالَ: فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ أَوَتَقْعُدُ فَتَسْمَعَ، فَإِنْ رَضِيتَ أَمْراً وَرَغِبْت فِيهِ قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْته عَزَلْنَا عَنْك مَا تَكْرَهُ؟

    قَالَ سَعْدٌ أَنْصَفْت .

    ثُمّ رَكَزَ الْحَرْبَةَ وَجَلَسَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ.

    قَالَا: فَعَرَفْنَا وَاَللّهِ فِي وَجْهِهِ الْإِسْلَامَ قَبْل أَنْ يَتَكَلَّمَ لِإِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ.

    ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: كَيْفَ تَصْنَعُونَ إذَا أَنْتُمْ أَسْلَمْتُمْ وَدَخَلْتُمْ فِي هَذَا الدّينِ؟

    قَالَا: تَغْتَسِلُ فَتَطّهّرُ وَتُطَهّرُ ثَوْبَيْك، ثُمّ تَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقّ ثُمّ تُصَلّي رَكْعَتَيْنِ.

    فَفَعَلَ سعَدٌ رَضِيَ اللهُ عنهُ ثُمَّ رَجَعَ إلى قَومِهِ.

    فَإِنَّ كَلَامَ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ عَلَيَّ حَرَامٌ حَتَّى تُؤْمِنُوا بالله وَبِرَسُولِهِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: شَأنُ الرِّجالِ المُحِبِّينَ لأهلِهِم أن يَنقُلُوا الخَيرَ إلَيهِم، وذلكَ من مُنطَلَقِ حَديثِ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فوالله لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» رواه الشيخان عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    انظُروا إلى هذا الشَّابِّ الذي أكرَمَهُ اللهُ تعالى بالإسلامِ، كَيفَ أرادَ نَقْلَ الخَيرِ للغَيرِ، وخاصَّةً أنَّهُ سَيِّدٌ في قَومِهِ.

    بَعدَ أن نَطَقَ بالشَّهَادَتَينِ أخَذَ حَرْبَتَهُ، فأقبَلَ إلى نَادِي قَومِهِ.

    فَلَمّا رَآهُ قَوْمُهُ مُقْبِلاً قَالُوا: نَحْلِفُ بالله لَقَدْ رَجَعَ إلَيْكُمْ سَعْدٌ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الذِي ذَهَبَ بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ.

    فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، كَيْفَ تَعْلَمُونَ أَمْرِي فِيكُمْ؟

    قَالُوا: سَيِّدُنَا، وَأَوْصَلُنَا، وَأَفْضَلُنَا رَأْياً، وَأَيْمَنُنَا نَقِيبَةً.

    قَالَ: فَإِنَّ كَلَامَ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ عَلَيَّ حَرَامٌ حَتَّى تُؤْمِنُوا بالله وَبِرَسُولِهِ.

    قَالَا: فوالله مَا أَمْسَى فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إلا مُسْلِماً وَمُسْلِمَةً، إلا الأصيرم، وهو عَمرو بنُ ثَابِت بنِ وَقشٍ، فإِنَّهُ تَأَخَّرَ إِسلامُهُ إلى يَومِ أُحُدٍ.

    فَأَسلَمَ وقَاتَلَ وقُتِلَ، ولم يَسجُدْ لله سَجدَةً.

    فقال النَبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» رواه الإمام أحمد عن أبي هُريرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: لِنَبحَثَ عن قُدوَةٍ صالِحَةٍ لأنفُسِنَا ولِأبنَائِنَا كَسَيِّدِنَا سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أيُّها الإخوة الكرام، جَالِسوا من يُذَكِّرُكُمُ اللهَ رُؤيَتُهُ، ويَزيدُ في عِلمِكُم مَنطِقُهُ، ويُذَكِّرُكُم بالآخِرَةِ عَمَلُهُ، حتَّى تَكونَ أعمارُكُم مُبَارَكَةً، وحتَّى لا تَندَموا عِندَ سَكَراتِ المَوتِ، حتَّى إذا خَرَجَت أرواحُكُم من أجسادِكُم بَكَت عَلَيكُمُ السَّماءُ والأرضُ، يَقولُ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عنهُ: إنَّ الُمؤمِنَ إذا مَاتَ بَكَى عَلَيهِ مُصَلَّاهُ من الأرضِ، ومَصعَدُ عَمَلِهِ من السَّماءِ، ثمَّ تَلا: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ﴾.

    وفي الخِتامِ، كونوا قُدوَةً صَالِحَةً لِغَيرِكُم، واترُكوا ذِكْراً صَالِحاً بَعدَ مَوتِكُم، حتَّى تَلحَقَكُمُ الرَّحَماتُ والدَّعَواتُ مِمَّن كُنتم سَبَباً في هِدَايَتِهِم، كما كانَ سَيِّدُنا سَعدُ بنُ مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، الذي اهتَزَّ لَهُ العَرشُ عِندَ مَوتِهِ، فهل عَرَفنا لماذا اهتَزَّ لَهُ عَرشُ الرَّحمنِ؟

    اللَّهُمَّ أكرِمْنا بالاتِّباعِ لِسَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 04:38