مع الحبيب المصطفى: «أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ الله وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟»
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
73ـ صورة من غضب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (7)
«أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ الله وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: التَّقوى لله عزَّ وجلَّ سِرُّ سَعادَةِ العَبدِ في الدُّنيا وفي الآخِرَةِ، وما خابَ التَّقِيُّ يوماً في الدُّنيا فَضلاً عن الآخِرَةِ، وكيفَ يَخيبُ المُتَّقي واللهُ تعالى يَقولُ في كِتابِهِ العَظيمِ: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾. ويَقولُ تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً﴾.
وفي تَقوى الله عزَّ وجلَّ ضَمانٌ للذُّرِّيَّةِ من الضَّياعِ، وأمانٌ لِمُستَقبَلِهِم، قال تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً﴾. هذا في الحَياةِ الدُّنيا.
أمَّا في الآخِرَةِ: ﴿أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّار * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب * سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار﴾.
ومن صِفاتِ المُتَّقينَ ضَبطُ النَّفسِ في ساعَةِ الغَضَبِ، قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾.
الوَفاءُ خُلُقٌ حَميدٌ:
أيُّها الإخوة الكرام: الوَفاءُ خُلُقٌ حَميدٌ، ويَفتَخِرُ به العَبدُ، ويَكونُ به مَضرِبَ مَثَلٍ بَينَ النَّاسِ، وكيفَ لا يَكونُ المؤمنُ صاحِبَ وَفاءٍ، واللهُ تعالى يَقولُ: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ الله إِذَا عَاهَدتُّمْ﴾. ويَقولُ: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾.
المؤمنُ صاحِبُ وَفاءٍ، ولا يَعرِفُ الخِيانَةَ ونُكرانَ الجَميلِ، لأنَّ هذا من وَصْفِ العَبدِ المنافِقِ، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».
أيُّها الإخوة الكرام: العَقدُ له قَداسَتُهُ وحُرمَتُهُ، عِندَما يَكونُ مُوافِقاً للكِتابِ والسُّنَّةِ، ويَجِبُ الوَفاءُ بِشُروطِهِ بِنَصِّ القُرآنِ العَظيمِ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾.
أيُّها الإخوة الكرام: أحَقُّ العُقودِ بالوَفاءِ بالشُّروطِ المُتَّفَقِ عَلَيها هوَ عَقْدُ الزَّواجِ، وهذا ما صَرَّحَ به سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَولِهِ: «أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِن الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» رواه الإمام البخاري عَنْ عُقْبَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وسيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوصي بذلكَ في حَجَّةِ الوَداعِ، حيثُ كانَ يُوَدِّعُ الأمَّةَ ويُوصيها قَبلَ الانتِقالِ إلى الرَّفيقِ الأعلى، فَيَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ ـ أسرى في أيديكُم ـ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئاً غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً، أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقَّاً، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقَّاً، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ».
المرأةُ جاءَت بِكَلِمَةٍ إلى زَوجِها:
أيُّها الإخوة الكرام: المرأةُ بِمَنزِلَةِ الأسيرِ، فهيَ أسيرَةٌ بِيَدِ زَوجِها، كما جاءَ في الحديثِ السَّالِفِ الذِّكرِ «فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ» أي: أسرى في أيديكُم.
جاءَت إلى بَيتِ زَوجِها بِكَلِمَةِ إيجابٍ وقَبولٍ بَينَ زَوجِها وَوَلِيِّها، ورُبَّما خَرَجَت من بَيتِ زَوجِها بِكَلِمَةٍ أيضاً، ولكن مِن زَوجِها، وكم من الأزواجِ ما عَرَفَ قَدْرَ وقِيمَةَ هذا العَقدِ وهذا المِيثاقِ، كم وكم من الأزواجِ لا يَحفَظُ قَولَ الله تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِينا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً﴾.
لا نَتَساهَلْ بهذا العَقدِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لا يَليقُ بالإنسانِ المؤمنِ أن يَتَساهَلَ بهذا العَقدِ، ولا يَجوزُ له أن يَعبَثَ به، ثمَّ يَزعُمَ أنَّهُ جاهِلٌ أو هازِلٌ.
على الإنسانِ المؤمنِ أن يُعَظِّمَ هذا العَقدَ ويُقَدِّسَهُ، وأن لا يَلعَبَ به، وأن يُبعِدَ عن لِسانِهِ كَلِمَةَ الطَّلاقِ، لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقولُ: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ، النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» رواه الحاكم والترمذي وأبو داود وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حديثٍ آخَرَ: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى الله تَعَالَى الطَّلَاقُ» رواه أبو داود وابن ماجه عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. وفي روايةٍ لأبي داود عَنْ مُحَارِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحَلَّ اللهُ شَيْئاً أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِن الطَّلَاقِ».
قَبلَ الطَّلاقِ:
أيُّها الإخوة الكرام: الطَّلاقُ الذي شَرَعَهُ اللهُ تعالى يَلجَأُ إليهِ الزَّوجانِ عِندَ استِحالَةِ العَيشِ سَوِيَّاً، ولكنَّهُ ليسَ أوَّلَ خُطوَةٍ في عِلاجِ المشاكِلِ الزَّوجِيَّةِ.
عِلاجُ المشاكِلِ الزَّوجِيَّةِ بَيَّنَها اللهُ تعالى بِقَولِهِ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيَّاً كَبِيراً * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾.
من صُوَرِ هذهِ المَواعِظِ، ما رواه الإمام أحمد عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَت النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.
فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟»
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟»
قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ.
قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ».
هذا أوَّلُ عِلاجٍ لِنُشوزِ المرأةِ، والعِلاجُ الثَّاني هوَ الهَجرُ في الفِراشِ، والثَّالِثُ هوَ الضَّربُ الخَفيفُ غَيرُ المُبَرِّحِ، ليسَ ضَربَ تَشَفٍّ وحِقدٍ، أو تَصفِيَةِ حِساباتٍ، بل هوَ ضَربٌ يُشعِرُ بِشَيءٍ من القَسوَةِ، والضَّربُ بِشَكلٍ عامٍّ ليسَ من شَأنِ الخِيارِ.
روى الحاكم وأبو داود عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي ذُبَابٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ الله».
فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ذَئِرْنَ النِّسَاءُ ـ أَيْ: اِجْتَرَأْنَ وَنَشَزْنَ وَغَلَبْنَ ـ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ.
فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ، فَأَطَافَ ـ اِجتَمَعَ ونَزَلَ ـ بِآلِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ».
والعِلاجُ الرَّابِعُ هوَ إرسالُ الحَكَمَينِ للإصلاحِ، قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾. وقال تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾.
﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلَّاً مِّن سَعَتِهِ﴾:
أيُّها الإخوة الكرام: إذا لم يُفلِحِ الرَّجُلُ بِعِلاجِ نُشوزِ زَوجَتِهِ بالطُّرُقِ السَّابِقَةِ، وانسَدَّت أمامَهُ أبوابُ الإصلاحِ، ولم يَصبِرْ على نُشوزِها فَعَلَيهِ بَقَولِهِ تعالى: ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلَّاً مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيماً﴾.
كيفَ يَكونُ الطَّلاقُ؟
أيُّها الإخوة الكرام: إذا أرادَ الزَّوجُ أن يُطَلِّقَ، كيفَ يَكونُ طَلاقُهُ؟
الجَوابُ: لقد جَعَلَتِ الشَّريعَةُ الإسلامِيَّةُ الطَّلاقَ على مَراحِلَ ثَلاثٍ، وبَيَّنَت للزَّوجِ نَتيجَةَ الطَّلاقِ الثَّالِثِ، قال تعالى: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَن يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُون * فَإِن طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله وَتِلْكَ حُدُودُ الله يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُون﴾.
ومن السُّنَّةِ أن يُطَلِّقَها في طُهرٍ لا مُعاشَرَةَ فيه، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ».
من يَرضى أن يأتيَ بأمرٍ يُغضِبُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
أيُّها الإخوة الكرام: من يَرضى من الأزواجِ أن يأتيَ بأمرٍ يُغضِبُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وخاصَّةً في طَلاقِ زَوجَتِهِ؟
اِسمَعوا أيُّها الأزواجُ، وعَلِّموا ذلكَ أبناءَكُم قَبلَ الزَّواجِ.
روى النسائيُّ عن مَحْمُودِ بْنَ لَبِيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعاً.
فَقَامَ غَضْبَانَ ثُمَّ قَالَ: «أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ الله وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟».
حَتَّى قَامَ رَجُلٌ وَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَلَا أَقْتُلُهُ.
من طَلَّقَ زَوجَتَهُ ثلاثاً دُفعَةً واحِدَةً ما اتَّقى اللهَ تعالى:
أيُّها الإخوة الكرام: روى أبو داود عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثاً.
قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ رَادُّهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ فَيَرْكَبُ الْحُمُوقَةَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَإِنَّ اللهَ قَالَ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً﴾. وَإِنَّكَ لَمْ تَتَّقِ اللهَ، فَلَمْ أَجِدْ لَكَ مَخْرَجاً، عَصَيْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، وإنَّ اللهَ تَعالى قَال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾. أي: في قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ
وروى الإمام مسلم في صَحيحِهِ أنَّ عَبْد الله ـ يعني: ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما ـ كانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ـ يعني: عن طَلاقِ المَرأةِ في الحَيضِ ـ قَالَ لِأَحَدِهِمْ ـ يعني: لأحَدِ السَّائِلينَ لهُ ـ أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ـ أي: طَلقَةً أو طَلقَتَينِ، فَراجِعها ـ فَإِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا، وَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثاً فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَكَ، وَعَصَيْتَ اللهَ فِيمَا أَمَرَكَ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ ـ يعني: أمَرَكَ أن تُطَلِّقَ في حالَةِ الطُّهرِ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾. أي: في زَمَنِ استِقبالِ عِدَّتِهِنَّ وهوَ حالَةُ الطُّهرِ ـ
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: الوَفاءَ الوَفاءَ لِعُقودِ الزَّواجِ، ومن الوَفاءِ لمن أرادَ الطَّلاقَ في نِهايَةِ المَطافِ أن يُطَلِّقَ طَلاقَ السُّنَّةِ، وأن لا يَوقِعَ الطَّلاقَ ثلاثاً في مَجلِسٍ واحِدٍ، لأنَّ ذلكَ يُغضِبُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ومن يَرضى بذلكَ؟
اللَّهُمَّ إنَّا نَسألُكَ حُسنَ الأخلاقِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
73ـ صورة من غضب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (7)
«أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ الله وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: التَّقوى لله عزَّ وجلَّ سِرُّ سَعادَةِ العَبدِ في الدُّنيا وفي الآخِرَةِ، وما خابَ التَّقِيُّ يوماً في الدُّنيا فَضلاً عن الآخِرَةِ، وكيفَ يَخيبُ المُتَّقي واللهُ تعالى يَقولُ في كِتابِهِ العَظيمِ: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾. ويَقولُ تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً﴾.
وفي تَقوى الله عزَّ وجلَّ ضَمانٌ للذُّرِّيَّةِ من الضَّياعِ، وأمانٌ لِمُستَقبَلِهِم، قال تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً﴾. هذا في الحَياةِ الدُّنيا.
أمَّا في الآخِرَةِ: ﴿أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّار * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَاب * سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار﴾.
ومن صِفاتِ المُتَّقينَ ضَبطُ النَّفسِ في ساعَةِ الغَضَبِ، قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾.
الوَفاءُ خُلُقٌ حَميدٌ:
أيُّها الإخوة الكرام: الوَفاءُ خُلُقٌ حَميدٌ، ويَفتَخِرُ به العَبدُ، ويَكونُ به مَضرِبَ مَثَلٍ بَينَ النَّاسِ، وكيفَ لا يَكونُ المؤمنُ صاحِبَ وَفاءٍ، واللهُ تعالى يَقولُ: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ الله إِذَا عَاهَدتُّمْ﴾. ويَقولُ: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾.
المؤمنُ صاحِبُ وَفاءٍ، ولا يَعرِفُ الخِيانَةَ ونُكرانَ الجَميلِ، لأنَّ هذا من وَصْفِ العَبدِ المنافِقِ، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».
أيُّها الإخوة الكرام: العَقدُ له قَداسَتُهُ وحُرمَتُهُ، عِندَما يَكونُ مُوافِقاً للكِتابِ والسُّنَّةِ، ويَجِبُ الوَفاءُ بِشُروطِهِ بِنَصِّ القُرآنِ العَظيمِ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾.
أيُّها الإخوة الكرام: أحَقُّ العُقودِ بالوَفاءِ بالشُّروطِ المُتَّفَقِ عَلَيها هوَ عَقْدُ الزَّواجِ، وهذا ما صَرَّحَ به سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَولِهِ: «أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِن الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» رواه الإمام البخاري عَنْ عُقْبَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وسيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوصي بذلكَ في حَجَّةِ الوَداعِ، حيثُ كانَ يُوَدِّعُ الأمَّةَ ويُوصيها قَبلَ الانتِقالِ إلى الرَّفيقِ الأعلى، فَيَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ ـ أسرى في أيديكُم ـ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئاً غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً، أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقَّاً، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقَّاً، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ».
المرأةُ جاءَت بِكَلِمَةٍ إلى زَوجِها:
أيُّها الإخوة الكرام: المرأةُ بِمَنزِلَةِ الأسيرِ، فهيَ أسيرَةٌ بِيَدِ زَوجِها، كما جاءَ في الحديثِ السَّالِفِ الذِّكرِ «فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ» أي: أسرى في أيديكُم.
جاءَت إلى بَيتِ زَوجِها بِكَلِمَةِ إيجابٍ وقَبولٍ بَينَ زَوجِها وَوَلِيِّها، ورُبَّما خَرَجَت من بَيتِ زَوجِها بِكَلِمَةٍ أيضاً، ولكن مِن زَوجِها، وكم من الأزواجِ ما عَرَفَ قَدْرَ وقِيمَةَ هذا العَقدِ وهذا المِيثاقِ، كم وكم من الأزواجِ لا يَحفَظُ قَولَ الله تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِينا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً﴾.
لا نَتَساهَلْ بهذا العَقدِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لا يَليقُ بالإنسانِ المؤمنِ أن يَتَساهَلَ بهذا العَقدِ، ولا يَجوزُ له أن يَعبَثَ به، ثمَّ يَزعُمَ أنَّهُ جاهِلٌ أو هازِلٌ.
على الإنسانِ المؤمنِ أن يُعَظِّمَ هذا العَقدَ ويُقَدِّسَهُ، وأن لا يَلعَبَ به، وأن يُبعِدَ عن لِسانِهِ كَلِمَةَ الطَّلاقِ، لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقولُ: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ، النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» رواه الحاكم والترمذي وأبو داود وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حديثٍ آخَرَ: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى الله تَعَالَى الطَّلَاقُ» رواه أبو داود وابن ماجه عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. وفي روايةٍ لأبي داود عَنْ مُحَارِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحَلَّ اللهُ شَيْئاً أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِن الطَّلَاقِ».
قَبلَ الطَّلاقِ:
أيُّها الإخوة الكرام: الطَّلاقُ الذي شَرَعَهُ اللهُ تعالى يَلجَأُ إليهِ الزَّوجانِ عِندَ استِحالَةِ العَيشِ سَوِيَّاً، ولكنَّهُ ليسَ أوَّلَ خُطوَةٍ في عِلاجِ المشاكِلِ الزَّوجِيَّةِ.
عِلاجُ المشاكِلِ الزَّوجِيَّةِ بَيَّنَها اللهُ تعالى بِقَولِهِ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيَّاً كَبِيراً * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾.
من صُوَرِ هذهِ المَواعِظِ، ما رواه الإمام أحمد عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَت النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.
فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟»
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟»
قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ.
قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ».
هذا أوَّلُ عِلاجٍ لِنُشوزِ المرأةِ، والعِلاجُ الثَّاني هوَ الهَجرُ في الفِراشِ، والثَّالِثُ هوَ الضَّربُ الخَفيفُ غَيرُ المُبَرِّحِ، ليسَ ضَربَ تَشَفٍّ وحِقدٍ، أو تَصفِيَةِ حِساباتٍ، بل هوَ ضَربٌ يُشعِرُ بِشَيءٍ من القَسوَةِ، والضَّربُ بِشَكلٍ عامٍّ ليسَ من شَأنِ الخِيارِ.
روى الحاكم وأبو داود عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي ذُبَابٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ الله».
فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ذَئِرْنَ النِّسَاءُ ـ أَيْ: اِجْتَرَأْنَ وَنَشَزْنَ وَغَلَبْنَ ـ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ.
فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ، فَأَطَافَ ـ اِجتَمَعَ ونَزَلَ ـ بِآلِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ».
والعِلاجُ الرَّابِعُ هوَ إرسالُ الحَكَمَينِ للإصلاحِ، قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾. وقال تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾.
﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلَّاً مِّن سَعَتِهِ﴾:
أيُّها الإخوة الكرام: إذا لم يُفلِحِ الرَّجُلُ بِعِلاجِ نُشوزِ زَوجَتِهِ بالطُّرُقِ السَّابِقَةِ، وانسَدَّت أمامَهُ أبوابُ الإصلاحِ، ولم يَصبِرْ على نُشوزِها فَعَلَيهِ بَقَولِهِ تعالى: ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلَّاً مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيماً﴾.
كيفَ يَكونُ الطَّلاقُ؟
أيُّها الإخوة الكرام: إذا أرادَ الزَّوجُ أن يُطَلِّقَ، كيفَ يَكونُ طَلاقُهُ؟
الجَوابُ: لقد جَعَلَتِ الشَّريعَةُ الإسلامِيَّةُ الطَّلاقَ على مَراحِلَ ثَلاثٍ، وبَيَّنَت للزَّوجِ نَتيجَةَ الطَّلاقِ الثَّالِثِ، قال تعالى: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَن يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُون * فَإِن طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله وَتِلْكَ حُدُودُ الله يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُون﴾.
ومن السُّنَّةِ أن يُطَلِّقَها في طُهرٍ لا مُعاشَرَةَ فيه، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ».
من يَرضى أن يأتيَ بأمرٍ يُغضِبُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
أيُّها الإخوة الكرام: من يَرضى من الأزواجِ أن يأتيَ بأمرٍ يُغضِبُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وخاصَّةً في طَلاقِ زَوجَتِهِ؟
اِسمَعوا أيُّها الأزواجُ، وعَلِّموا ذلكَ أبناءَكُم قَبلَ الزَّواجِ.
روى النسائيُّ عن مَحْمُودِ بْنَ لَبِيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعاً.
فَقَامَ غَضْبَانَ ثُمَّ قَالَ: «أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ الله وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟».
حَتَّى قَامَ رَجُلٌ وَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَلَا أَقْتُلُهُ.
من طَلَّقَ زَوجَتَهُ ثلاثاً دُفعَةً واحِدَةً ما اتَّقى اللهَ تعالى:
أيُّها الإخوة الكرام: روى أبو داود عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثاً.
قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ رَادُّهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ فَيَرْكَبُ الْحُمُوقَةَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَإِنَّ اللهَ قَالَ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً﴾. وَإِنَّكَ لَمْ تَتَّقِ اللهَ، فَلَمْ أَجِدْ لَكَ مَخْرَجاً، عَصَيْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، وإنَّ اللهَ تَعالى قَال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾. أي: في قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ
وروى الإمام مسلم في صَحيحِهِ أنَّ عَبْد الله ـ يعني: ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما ـ كانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ـ يعني: عن طَلاقِ المَرأةِ في الحَيضِ ـ قَالَ لِأَحَدِهِمْ ـ يعني: لأحَدِ السَّائِلينَ لهُ ـ أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ـ أي: طَلقَةً أو طَلقَتَينِ، فَراجِعها ـ فَإِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا، وَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثاً فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَكَ، وَعَصَيْتَ اللهَ فِيمَا أَمَرَكَ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ ـ يعني: أمَرَكَ أن تُطَلِّقَ في حالَةِ الطُّهرِ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾. أي: في زَمَنِ استِقبالِ عِدَّتِهِنَّ وهوَ حالَةُ الطُّهرِ ـ
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: الوَفاءَ الوَفاءَ لِعُقودِ الزَّواجِ، ومن الوَفاءِ لمن أرادَ الطَّلاقَ في نِهايَةِ المَطافِ أن يُطَلِّقَ طَلاقَ السُّنَّةِ، وأن لا يَوقِعَ الطَّلاقَ ثلاثاً في مَجلِسٍ واحِدٍ، لأنَّ ذلكَ يُغضِبُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ومن يَرضى بذلكَ؟
اللَّهُمَّ إنَّا نَسألُكَ حُسنَ الأخلاقِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin