..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 1/10/2020, 18:57

    مع الحبيب المصطفى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ}
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    28ـ ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: لقد جاءَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للبَشَرِيَّةِ جَمعاءَ لِيَحكُمَ بينَ النَّاسِ جميعاً، لا بينَ المؤمنينَ فقط، ومن شَرطِ الحُكمِ بينَ النَّاسِ القِيامُ بالعَدلِ فيما يَختَصِمونَ فيهِ، فلا يَقولَنَّ قائِلٌ هذا مسلِمٌ وذاكَ كافِرٌ، فإذا كانَ الحَقُّ معَ الكَافِرِ فلا بُدَّ أن يأخُذَهُ، وإن كَانَ الحَقُّ على المُؤمنِ فلا بُدَّ أن يُؤخَذَ منهُ.

    والحُكمُ بالعَدلِ يجعَلُ الذي حُكِمَ لهُ إن كَانَ كَافِراً يَشهَدُ بأنَّ هذا الدِّينَ حَقٌّ، ويُقَرِّعُ نَفسَهُ على أنَّهُ لم يَكُن مُسلِماً مُؤمِناً، كما أنَّهُ يُعَرِّفُ المُسلمَ ساعَةَ يُحكَمُ عليه لِصالِحِ غَيرِ المسلِمِ أنَّ المسألَةَ ليسَت نِسبَةً شَكلِيَّةً إلى الإِسلَامِ، ولكنَّها نِسبَةٌ مَوضوعِيَّةٌ.

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: الدِّينُ الذي أكرَمَنا اللهُ عزَّ وجلَّ بِهِ ما جاءَ لِيُحَابي مُسلِماً على أيِّ إنسانٍ آخَرَ، ما جاءَ لِيُحابي قَرِيباً على بَعيدٍ، أو سَيِّداً على مَسودٍ، ما جاءَ لِيُحابي مَحبوباً على مَبغُوضٍ، ولكن جَاءَ لِيَأخُذَ الجَميعَ بِمَنطِقِ الحَقِّ، ويُطَبِّقَ على الجَميعِ مِنهَجَ الحَقِّ، ولِيَكونَ المُسلِمُ دَائماً في جانِبِ الحَقِّ.

    قِصَّةٌ لا نَظيرَ لها على وجهِ الأرضِ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: قِصَّةٌ ذَكَرَها ربُّنا عزَّ وجلَّ في القُرآنِ العَظيمِ لا نَظيرَ لها على وَجهِ الأرضِ، وما عَرَفَتِ البَشَرِيَّةُ لها شَبِيهاً، هَذهِ القِصَّةُ تَشهَدُ بأنَّ هذا القُرآنَ والدِّينَ هوَ من عِندِ الله تعالى خالِقِ البَشَرِ، لأنَّ البَشَرَ مَهمَا ارتَفَعَ تَصَوُّرُهُم، ومَهمَا صَفَت أَروَاحُهُم، ومهما استقَامَت طَبَائِعُهُم لا يُمكِنُ أن يَرتَفِعوا إلى هذا المستَوى بأنفُسِهِم.

    يقولُ اللهُ تبارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيماً * وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً * وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً﴾.

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: جاءَ في أسبابِ نُزولِ هذهِ الآيَاتِ الكريمَةِ: أنَّ رَجُلاً من الأنصارِ يُقالُ له: طُعمَةُ بنُ أُبَيرِق، من بني ظَفَر بن الحارث، سَرَقَ دِرعاً من جارٍ له يُقالُ له: قَتادَةُ بنُ النُّعمانِ، وكانَت الدِّرعُ في جُرابٍ فيهِ دَقيقٌ، فَجَعَلَ الدَّقيقُ يَنتَثِرُ من خِرْقٍ في الجُرابِ حتَّى انتهى إلى الدَّارِ، ثمَّ خَبَّأها عندَ رَجُلٍ من اليَهودِ يُقالُ له: زَيدٌ بن السَّمينِ.

    فالتُمِسَتِ الدِّرعُ عندَ طُعمَةَ، فَحَلَفَ بالله ما أخَذَها وما لَهُ بها مِن عِلمٍ.

    فقالَ أصحابُ الدِّرعِ: لقد رَأينا أثَرَ الدَّقيقِ حتَّى دَخَلَ دَارَهُ، فلمَّا حَلَفَ تَرَكوهُ واتَّبَعوا أثَرَ الدَّقيقِ إلى مَنزِلِ اليَهودِيِّ فَأَخَذوهُ منهُ.

    فقالَ اليَهودِيُّ: دَفَعَها إليَّ طُعمَةُ بنُ أُبَيرِق، وشَهِدَ له أناسٌ من اليَهودِ على ذلكَ.

    فجاءَ بَنو ظَفَر ـ وهم قومُ طُعمَةَ ـ إلى رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وسَأَلوهُ أن يُجادِلَ عن صَاحِبِهِم، وقالوا له: إنَّكَ إنْ لم تَفعَل افتَضَحَ صَاحِبُنا، فَهَمَّ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أن يُعاقب اليَهُودي. فأنزَلَ اللهُ تبارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيماً﴾.

    الحَقُّ أحَقُّ أن يُتَّبَعَ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: تِسعُ آياتٍ في كِتابِ الله تعالى أنزَلَها ربُّنا عزَّ وجلَّ على قَلبِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَرَّأتِ اليَهُودِيَّ مِنَ السَّرِقَةِ، وفَضَحَت من انتَمى إلى الإسلامِ ظَاهِراً حيثُ كَانَ من المُنافقينَ، وكانَ هذا في وَقتٍ كانَ اليَهودُ فيهِ يُطلِقُونَ كُلَّ سِهامَهُمُ المَسمومَةِ نَحوَ الإسلامِ، ويَنشُرونَ الأكاذيبَ، ويُؤَلِّبونَ المُشركينَ، ويُشَجِّعونَ المُنافقينَ، ويَطعَنُونَ في سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ويُشَكِّكونَ في الوحيِ والرِّسالَةِ.

    في هذا الوقتِ الحَرِجِ الخَطِرِ الشَّدِيدِ الخُطورَةِ، جاءَت هذهِ الآياتُ، لأنَّ الحَقَّ أحَقُّ أن يُتَّبَعَ، دُونَ النَّظَرَ إلى عَقيدَةِ المَظلومِ، ودُونَ النَّظَرِ إلى ظَاهِرِ الظَّالِمِ.

    جاءَت هذهِ الآياتُ لِتُبرِئَ اليَهودِيَّ وتَدينَ من كانَ ظَاهِرُهُ الإسلامُ، واليَهودُ هُمُ اليَهودُ الذينَ قالَ اللهُ تعالى عنهُم: ﴿لَتَجِدَنَّ أشَدَّ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُود﴾. وقالَ فيهِم: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾. وقالَ فيهِم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ الله﴾. وقالَ فيهِم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء﴾.

    المسألَةُ هيَ إقامَةُ العَدلِ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: إنَّ هذهِ القَضِيَّةَ لم تَكُن مُجَرَّدَ تَبرِئَةِ بريءٍ، وإن كانَت تَبرِئَةُ البَرِيءِ أمراً عَظِيماً في المِيزانِ عندَ الله تعالى، إنَّما كَانَت أكبَرَ من ذلكَ، كانَت إقامَةَ المِيزانِ الذي لا يَمِيلُ مَعَ الهَوى، ولا معَ العَصَبِيَّةِ، ولا يَتَأرجَحُ معَ المَوَدَّةِ والشَّنَآنِ أيَّاً كانَتِ المُلابَساتُ والأَحوَالُ.

    كانَتِ المسألَةُ تَطهيراً للمُجتَمَعِ الجَديدِ الذي سَيَكونُ قُدوَةً للبَشَرِيَّةِ جَمعاءَ إلى يومِ القِيامَةِ.

    ولَقَد كَانَ بالإِمكَانِ الإغضَاءُ عن هذا الحَدَثِ، أو عَدَمَ التَّشديدِ فيهِ، أو التَّنديدِ بِهِ، وكَشفِهِ هكذا لِجَميعِ النَّاسِ، حتَّى صارَ قُرآناً يُتلى إلى يومِ القِيامَةِ.

    لقد كانَت هناكَ أسبابٌ لِطَويِ هذا الحَدَثِ، من جملَتِها:

    أولاً: أنَّ المتَّهَمَ يَهودِيٌّ، وهوَ وَاحِدٌ من هَؤلاءِ الذينَ لا يَدَعُونَ سَهماً مَسمُوماً إلا أطلَقُوهُ على الإسلامِ والمُسلِمِينَ، هوَ مِنَ اليَهودِ الذينَ ذَاقَ مِنهُمُ الُمسلِمونَ الأمَرَّينِ، هوَ من اليَهودِ الذينَ لا يَعرِفونَ حَقَّاً ولا عَدلاً ولا نَصَفَةً، ولا يُقِيمُونَ للأخلاقِ أيَّ قِيمَةٍ في تَعامُلِهِم معَ المُسلِمينَ.

    ثانياً: هناكَ سَبِبٌ آخَر لِطَويِ هذا الحَدَثِ، وهوَ أنَّ الأمرَ يَتَعَلَّقُ بالأنصارِ الذينَ آوَوا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ونَصَروهُ، والذينَ قد يُوجِدُ هَذا الحَدَثُ بينَ بعضِهِمُ البعضِ الضَّغائِنَ.

    ثالثاً: هناكَ سَبَبٌ ثالِثٌ لِطَويِ هذا المَوضوعِ، وهوَ عَدَمُ إعطَاءِ اليَهودِ سَهماً جَديداً يُوَجِّهونَهُ للأَنصارِ، وهوَ أنَّ بَعضَهُم يَسرِقُ بَعضَاً، ثمَّ يَتَّهِمونَ اليَهودَ، ومن الطَّبيعِيِّ أن لا يَدَعَ اليَهودُ هذهِ الفُرصَةَ تُفلِتُ من يَدِهِم.

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: الأمرُ كانَ أكبَرَ من هذا كُلِّهِ، كانَ أكبَرَ من كُلِّ هذهِ الاعتِباراتِ الصَّغيرَةِ، الصَّغيرَةُ في حِسابِ الإسلامِ، كانَ أمرَ تَربِيَةِ هذهِ الجَماعَةِ المؤمِنَةِ، لِتَكونَ أهلاً للنُّهوضِ بأَعباءِ الخِلافَةِ في الأرضِ، ولِتَحكُمَ بينَ النَّاسِ بالعَدلِ المجَرَّدِ من المَصالِحِ القَريبَةِ الظَّاهِرَةِ، ولِتَنهَضَ بهذا المِنهَجِ وتَنشُرَهُ.

    ولا أُريدُ أن أتَحَدَّثَ عن العَفَنِ الذي يُسَمِّيهِ الشَّرقُ أو الغَربُ عَدَالةً، وإنِّي على يقينٍ بأنَّهُ ما من عاقِلٍ إلا وهوَ يعرِفُ هذا العَفَنَ الذي تُصَدِّرُهُ الأمَمُ المعاصِرَةُ للمسلِمينَ باسمِ العَدلِ والعَدالَةِ، حتَّى انساقَ أَذنَاب المُسلِمينَ فَصَدَّقوهُم، وبعدَ ذلكَ عَضُّوا أياديهِم من النَّدَمِ وَلاتَ ساعَةِ مَندَمٍ.

    ما يُستَفادُ من هذهِ الآياتِ الكريماتِ:

    أولاً: لقد وَصَفَ اللهُ تعالى هؤلاءِ بالخَوَنَةِ، فقال تعالى: ﴿وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً﴾. ومن خَانَ نفسَهُ خَانَ غَيرَهُ، وخَانَ الأمَّةَ، فكانَت عُقوبَتُهُم أنَّ اللهَ تعالى لا يُحِبُّهُم.

    ثانياً: القَبيحُ في الإنسانِ أنَّهُ يَستَخفِي ممَّن لا يَملِكُ له نَفعاً ولا ضَرَّاً، ويَظُنُّ أنَّهُ يَستَخفي ممَّن هوَ مُطَّلِعٌ على نِيَّاتِهِ، قال تعالى في حَقِّ هَؤلاءِ: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً﴾. فأينَ يَذهَبُ هؤلاءِ بما يُبَيِّتونَ؟

    ثالثاً: من يُجادِلُ عن خَائِنٍ في الحَياةِ الدُّنيا، هَل بِوُسعِهِ أن يُجادِلَ عنهُ في الآخِرَةِ؟ قال تعالى: ﴿هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً﴾. اللَّهُمَّ لا مُجادِلَ عنهُم يومَ القِيامَةِ ولا وَكيلَ، فما يَنفَعُ عنهُمُ الجَدَلُ في الحَياةِ الدُّنيا؟

    رابعاً: ربُّنا عزَّ وجلَّ يُوَضِّحُ لنا كيفَ يُعامِلُ عِبادَهُ، ولَعَلَّ العِبادَ أن يُعامِلوا بَعضَهُم بَعضاً بها، قال تعالى: ﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَّحِيماً﴾.

    فاللهُ تعالى غَفُورٌ رَحيمٌ، يَستَقبِلُ المستَغفِرينَ في كُلِّ حِينٍ، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». بلا قَيدٍ ولا شَرطٍ ولا حِجابٍ ولا بَوَّابٍ.

    خامساً: من عَدلِهِ تبارَكَ وتعالى، أنَّهُ لا يَحمِلُ أحَدٌ تَبِعَةَ أحَدٍ، قال تعالى: ﴿وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾. فليسَ هناكَ خَطِيئةٌ مَورُوثَةٌ في الإسلامِ، كما أنَّهُ ليسَ هُناكَ كفَّارَةٌ غَيرَ الكفَّارَةِ التي تُؤَدِّيها النَّفسُ عن نَفسِها.

    سادساً: رَميُ البَريءِ إِثمٌ بِحَدِّ ذَاتِهِ، فَكيفَ إذا ارتَكَبَ العَبدُ الإِثمَ ثمَّ افتَرى على الغَيرِ بأنَّهُ هوَ الذي ارتَكَبَهُ؟ قال تعالى: ﴿وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾.

    خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: الإسلامُ جاءَ بالعَدالَةِ، وحاسَبَ كُلَّ فردٍ على ما اجتَرَحَ دونَ النَّظرِ إلى عقيدَةٍ أو مِلَّةٍ أو مَنزِلَةٍ، وفي الوَقتِ ذاتِهِ فَتَحَ بابَ التَّوبَةِ والمَغفِرَةِ على مِصراعَيهِ، وحَذَّرَ مُرتَكِبَ الخطيئةِ والإثمِ أن يُبرِئَ نَفسَهُ ثمَّ يَتَّهِمَ الآخَرينَ الأبرِياءَ، وفَضلُ الله تعالى على عبدِهِ عظِيمٌ إذ دَفَعَهُ للتَّحلِّي بِصِفَةِ العَدلِ عندما يَتَعامَلُ مع نفسِهِ ومعَ الآخَرينَ.

    اللَّهُمَّ وَفِّقنا لما يُرضيكَ عنَّا، وَوَفِّقنا لِعَرضِ الإسلامِ العَرضَ الصَّحيحَ الذي جاءَ بِهِ سيِّدُنا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 24/11/2024, 05:21