استغاثته ﷺ للمشركين
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
7ـ استغاثته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم للمشركين
ورفع الحصار عنهم
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فيأيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لم تَعرِفِ البَشريَّةُ على الإِطلاقِ أحداً من الأنبياءِ عليهمُ الصلاةُ والسَّلام، ولا من غَيرِ الأنبياءِ أنَّهُ قاربَ أو دَانى سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في خُلُقِ الرَّحمةِ حتَّى مَعَ الكُفَّارِ والمُشركينَ والمُعانِدينَ، ومعَ الذينَ أَساؤُوا إليهِ ولأَصحَابِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم، وصَدَقَ فيهِ قولُ اللهِ تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين﴾.
رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لكي تَكونَ الصُورةُ واضحةً جليَّةً في عِظَمِ رَحمةِ سيِّدِنا رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حتَّى بِمَن كَفَرَ بهِ وعَانَدَهُ وآذاهُ، لِنَقرَأ مَا قَالَ اللهُ تعالى في حُقِّ سيِّدِنا نوحٍ عليه السَّلام الذي هو رَسُولٌ من أُولي العَزمِ منَ الرُسُلِ، قال تعالى: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّاراً﴾.
لمَّا يَئِسَ من إيمانِهِم دَعَا عليهِم، فقالَ: ربِّ لا تَترُك على وجهِ الأرضِ منهُم أحداً يسكُنُ الدِّيارَ، فإنَّكَ إِنْ أبقيتَ مِنهُم أحداً يُضِلُّوا عبادكَ الذينَ تَخلُقُهُم بعدَهُم، ولا يَلِدُوا إلا كلِّ فَاجرٍ في الأعمالِ، كَثِيرِ كُفرانِ النِّعَمِ، ثمَّ بعدَ ذلكَ دَعَا لأهلِ الإيمانِ فقال: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾. ثمَّ عادَ بالدُّعاءِ على مَن كَفَرَ مِن قومِهِ، فقال: ﴿وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً﴾. يعني: هلاكاً وخُسراناً ودَمَاراً.
واستجابَ اللهُ تعالى دعاءَ سيِّدِنا نوحٍ عليهِ السَّلامُ قال تعالى عنه: ﴿فدَعَا ربَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِر﴾. وجاءَ نصرُ اللهِ تعالى لسيِّدِنا نوحٍ عليهِ السَّلام، قال تعالى: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِر * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِر * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُر﴾.
تَصَوَّرُوا صُورةَ هَلاكِ قَومِهِ أَمامَ عَينَيهِ، قال تعالى: ﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِين * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِين * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِين﴾.
وهُنا سَأَلَ سيِّدنا نوحٌ عليهِ السَّلامُ ربَّهُ عزَّ وجلَّ من أجلِ ولدِهِ، فقال تعالى مُخبِراً عنهُ: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِين * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين﴾.
أيُّهَا الإخوَةُ: النَّسبُ للأنبياءِ هو نَسَبٌ للاتِّباعِ، يقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. وجاء في مسند البزار عن حذيفةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: جئتُ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ والعباسُ جالِسٌ عَن يمينِهِ وفاطمةُ رَضِيَ اللهُ عنهَا عن يَسارِهِ فقالَ: «يا فاطمةُ بِنتَ رسولِ اللهِ اعمَلِي للهِ خَيراً فَإنِي لا أُغنِي عَنكِ مِنَ اللهِ شَيئَاً يومَ القِيامَةِ» قالَ: يَعنِي ذلكَ ثلاثَ مرَّاتِ ثم قال: «يا عباسَ بنَ عبدِ المُطَّلب، يا عمَّ رسولِ اللهِ اِعمَل للهِ خَيراً فَإنِي لا أُغنِي عَنكِ مِنَ اللهِ شَيئَاً يومَ القِيامَةِ» ثلاثَ مرَّاتِ.
سيدنا نوحٌ عليهِ السَّلام دَعَا على قومِهِ الذينَ لم يؤمنوا بهِ بالهلاكِ في الحياةِ الدُّنيا، وهوَ سوفَ يَتَبرَّأُ من الخلقِ جميعاً في أرضِ المَحشَرِ، عندما يأتي إليهِ النَّاسُ ويقولونَ لهُ: «يَا نُوحُ إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ عَبْداً شَكُوراً اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي» متَّفق عليهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
دُعاؤُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لأمَّتِهِ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: أمَّا سيِّدُنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَعَلى العَكسِ من ذلِكَ تماماً، ما دَعَا على قَومِهِ أَبداً، بَل دَعَا لهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في أشدِّ الظُّروفِ وأحلَكِها.
روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّاناً، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً».
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ دَوْساً عَصَتْ ـ وعندَ مسلم: قد كَفَرَت ـ وأَبَتْ فَادْعُ اللهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً وَأْتِ بِهِمْ». فاستجابَ اللهُ تعالى دعاءهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وأَسلَمَت دَوسٌ بِأجمَعِهَا.
إِنْ كُنتَ دَاعياً ربَّكَ عزَّ وجلَّ على مَن أَبغَضْتَ فليَكُن دُعاؤُكَ لهُ لا عَليهِ، ﴿وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً﴾.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: ظَهَرت رحمةُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بأجمَلِ مَظاهِرِهَا وأكمَلِ أحوالِهَا يومَ أُحُدٍ، حيثُ كَسَروا رُباعيَّتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وشَجُّوا وجنَتَهُ الكريمةَ، وأسالُوا دَمَهُ الطَّاهِرَ الزَكيَّ، وأوقعوهُ في الحُفرةِ، وحاولوا قتلَهُ، وقال قائِلُهم: لا نَجوتُ إن نَجَا محمَّد، ومعَ كلِّ هذا لم يَدعُ عليهِم بالهلاكِ، بَلِ اعتَذَرَ إلى اللهِ تعالى عنهُم، ودَعَا لهُم بالمَغفِرَةِ والعفوِ أن يسامِحَهُمُ الله تعالى، لأنَّهُم ما عرفوهُ، ولو عَرَفوهُ لما فَعَلوا ذلكَ.
روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيَّاً مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ».
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: إضافَةً إلى هذا ما تذكرونَهُ يومَ الطَّائِفِ عندما قالَ لِملكِ الجِبالِ: «بلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلابِهِم منْ يعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً» متفقٌ عليه عن عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنهَا .
استغاثة النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للمشركينَ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لتَسمعِ الدُّنيا من هوَ سيدنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِيَسمَعَ مَن كّذَّبَ وافترى على سيدنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وقال: بأنَّ دينَ سيِّدِنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دينُ إرهابٍ ورُعبٍ وخوفٍ وقَسوَةٍ وشِدَّةٍ وغِلظَةٍ وفَظاظَةٍ.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لمَّا طَالَ صُدُودُ قُريشٍ وإعراضُهَا عَن دِينِ اللهِ تَعالى، وعَظُمَ بَلاؤُها ، واشتَدَّ خَطَرُهَا، وزَادَ عُدوَانُها، ومَنَعوا النَّاسَ مِن الدُخولِ في الإِسلامِ، واشتَدَّ تَعذِيبُهُم للمُؤمنينَ المُستَضعفينَ، كلُّ هذا بعدَ أن حاصَروا النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الشُّعبِ ثلاثَ سنواتٍ، وأخرجوهُ من مكَّةَ، دَعَا عليهِم رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
جزاهُ اللهُ تعالى خيرَ ما جزى نبيَّاً عن أُمَّتِهِ وقومِهِ، دعا عليهِم حتى لا يَجِدَ الضُّعفاءُ في أنفُسِهِم حَرَجاً إذا دعُوا اللهَ تعالى على مَن ظَلَمَهُم، دَعَا عليهِم رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لا كَمَا نَدعُو اللهَ عزَّ وجلَّ على مَن ظَلَمَنَا، وأنتُم تعلمونَ كيفَ نَدعُو الله تعالى على مَن ظَلَمَنَا.
نَعَم، سيِّدُنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَا على المُشرِكينَ من قومِهِ بعدَ سنواتٍ منَ الظُّلمِ الذي لا يُطاقُ، ولكن ما هوَ دعاؤهُ؟
جاءَ في الحديثِ الصَّحيحِ الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم عن مَسرُوقٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: أَنَّ قُرَيْشاً لَمَّا اسْتَعْصَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنْ الْجَهْدِ، وَحَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ اللهَ لِمُضَرَ.
وفي روايةٍ أخرى للبخاري «فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَيْ مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللهِ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ». وفي روايةٍ ثانية للإمامِ مسلم قال له: يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ اللهَ لِمُضَرَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا، فَقَالَ: «لِمُضَرَ؟ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ» قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾. قَالَ: فَمُطِرُوا.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لقد دَعَا عليهِم، ولكن دَعَا عليهِم بالقَحطِ والجُوعِ، ولم يدعُ اللهُ عليهِم بالهَلاكِ، إنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يريدُ هِدايَتَهُم وصَلاحَهُم، يُريدُ إسلامَهُم، يريدُ أن يَرجِعُوا إلى اللهِ تعالى.
ولمَّا استَجَابَ اللهُ تعالى دُعاءَهُ، وحبَسَ عنهُم قَطرَ السَّماءِ، جاؤُوا إليهِ سَائِلينَ منهُ الدُّعاءَ للهِ تعالى معَ إصرارِهِم على العِنادِ والكُفرِ ومُحارَبَتِهِ، فَدَخَلت بذلِكَ الشَّفَقَةُ والرَّحمَةُ عليهِ، فَدَعَا اللهَ تعالى لهُم بالغَيثِ.
طلبُ رفعِ الحِصارِ عن المُشرِكينَ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: وفي الخِتامِ لِتَسمَعِ الأُمَّةُ هذا المَوقِفَ من سيِّدِنَا رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. جاءَ في الحديثِ الصَّحيحِ الذي رواهُ الإمام البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ.
فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ».
فَانْطَلَقَ إِلَى نَخلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، يَا مُحَمَّدُ، واللهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، واللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، واللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ.
وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ.
فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ؟ فقَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا واللهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.وانصَرَف إلى بلدِهِ، ومَنَعَ الحَملَ عن مكَّةَ حتَّى جَهِدَت قُريشٌ.
واستغاثَت قُريشٌ بِرسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أن يَطلُبَ من ثُمَامَةَ أن يَرفَعَ الحِصَارَ عَنهُم فقد هَلَكُوا، ونَاشَدُوا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الرَّحمَ، فأرسَلَ إلى ثُمَامَةَ أن يَرفَعَ الحِصَارَ عَنهُم، فَرَفَعَهُ، ومع هذا بَقُوا على ضَلالِهِم وعِنادِهِم حتَّى جاءَ يومُ الفَتحِ.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لا أُريدُ التَّعليقَ على هذا الحَديثِ، إلا أن أقُولَ: هل عَرَفَتِ الأُمَّةُ نبيَها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أم لا؟ هل المُتَقاتِلونَ يرحَمُونَ الأُمَّةَ المُؤمِنَةَ التي أَجهَدَتهَا وأَنهَكَتها هذِهِ الحربُ؟ فَمَا هُم قائِلونَ للهِ تعالى يومَ القِيامَةِ؟
اللهُمَّ رُدَّنَا إليكَ ردَّاً جميلاً، ولا تُحمِّلنَا ما لا طاقَةَ لَنَا بهِ يا أَرحمَ الرَّاحمين، وصَلَّى اللهُ على سيِّدِنَا محمَّد وعلى آلِهِ وصَحبِهِ وسلِّم تسليِماً كثيراً كثيراً كثيراً إلى يومِ الدِّينِ.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
7ـ استغاثته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم للمشركين
ورفع الحصار عنهم
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فيأيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لم تَعرِفِ البَشريَّةُ على الإِطلاقِ أحداً من الأنبياءِ عليهمُ الصلاةُ والسَّلام، ولا من غَيرِ الأنبياءِ أنَّهُ قاربَ أو دَانى سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في خُلُقِ الرَّحمةِ حتَّى مَعَ الكُفَّارِ والمُشركينَ والمُعانِدينَ، ومعَ الذينَ أَساؤُوا إليهِ ولأَصحَابِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم، وصَدَقَ فيهِ قولُ اللهِ تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين﴾.
رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لكي تَكونَ الصُورةُ واضحةً جليَّةً في عِظَمِ رَحمةِ سيِّدِنا رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حتَّى بِمَن كَفَرَ بهِ وعَانَدَهُ وآذاهُ، لِنَقرَأ مَا قَالَ اللهُ تعالى في حُقِّ سيِّدِنا نوحٍ عليه السَّلام الذي هو رَسُولٌ من أُولي العَزمِ منَ الرُسُلِ، قال تعالى: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّاراً﴾.
لمَّا يَئِسَ من إيمانِهِم دَعَا عليهِم، فقالَ: ربِّ لا تَترُك على وجهِ الأرضِ منهُم أحداً يسكُنُ الدِّيارَ، فإنَّكَ إِنْ أبقيتَ مِنهُم أحداً يُضِلُّوا عبادكَ الذينَ تَخلُقُهُم بعدَهُم، ولا يَلِدُوا إلا كلِّ فَاجرٍ في الأعمالِ، كَثِيرِ كُفرانِ النِّعَمِ، ثمَّ بعدَ ذلكَ دَعَا لأهلِ الإيمانِ فقال: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾. ثمَّ عادَ بالدُّعاءِ على مَن كَفَرَ مِن قومِهِ، فقال: ﴿وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً﴾. يعني: هلاكاً وخُسراناً ودَمَاراً.
واستجابَ اللهُ تعالى دعاءَ سيِّدِنا نوحٍ عليهِ السَّلامُ قال تعالى عنه: ﴿فدَعَا ربَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِر﴾. وجاءَ نصرُ اللهِ تعالى لسيِّدِنا نوحٍ عليهِ السَّلام، قال تعالى: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِر * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِر * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُر﴾.
تَصَوَّرُوا صُورةَ هَلاكِ قَومِهِ أَمامَ عَينَيهِ، قال تعالى: ﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِين * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِين * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِين﴾.
وهُنا سَأَلَ سيِّدنا نوحٌ عليهِ السَّلامُ ربَّهُ عزَّ وجلَّ من أجلِ ولدِهِ، فقال تعالى مُخبِراً عنهُ: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِين * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين﴾.
أيُّهَا الإخوَةُ: النَّسبُ للأنبياءِ هو نَسَبٌ للاتِّباعِ، يقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. وجاء في مسند البزار عن حذيفةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: جئتُ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ والعباسُ جالِسٌ عَن يمينِهِ وفاطمةُ رَضِيَ اللهُ عنهَا عن يَسارِهِ فقالَ: «يا فاطمةُ بِنتَ رسولِ اللهِ اعمَلِي للهِ خَيراً فَإنِي لا أُغنِي عَنكِ مِنَ اللهِ شَيئَاً يومَ القِيامَةِ» قالَ: يَعنِي ذلكَ ثلاثَ مرَّاتِ ثم قال: «يا عباسَ بنَ عبدِ المُطَّلب، يا عمَّ رسولِ اللهِ اِعمَل للهِ خَيراً فَإنِي لا أُغنِي عَنكِ مِنَ اللهِ شَيئَاً يومَ القِيامَةِ» ثلاثَ مرَّاتِ.
سيدنا نوحٌ عليهِ السَّلام دَعَا على قومِهِ الذينَ لم يؤمنوا بهِ بالهلاكِ في الحياةِ الدُّنيا، وهوَ سوفَ يَتَبرَّأُ من الخلقِ جميعاً في أرضِ المَحشَرِ، عندما يأتي إليهِ النَّاسُ ويقولونَ لهُ: «يَا نُوحُ إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ عَبْداً شَكُوراً اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي» متَّفق عليهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
دُعاؤُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لأمَّتِهِ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: أمَّا سيِّدُنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَعَلى العَكسِ من ذلِكَ تماماً، ما دَعَا على قَومِهِ أَبداً، بَل دَعَا لهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في أشدِّ الظُّروفِ وأحلَكِها.
روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّاناً، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً».
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ دَوْساً عَصَتْ ـ وعندَ مسلم: قد كَفَرَت ـ وأَبَتْ فَادْعُ اللهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً وَأْتِ بِهِمْ». فاستجابَ اللهُ تعالى دعاءهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وأَسلَمَت دَوسٌ بِأجمَعِهَا.
إِنْ كُنتَ دَاعياً ربَّكَ عزَّ وجلَّ على مَن أَبغَضْتَ فليَكُن دُعاؤُكَ لهُ لا عَليهِ، ﴿وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً﴾.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: ظَهَرت رحمةُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بأجمَلِ مَظاهِرِهَا وأكمَلِ أحوالِهَا يومَ أُحُدٍ، حيثُ كَسَروا رُباعيَّتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وشَجُّوا وجنَتَهُ الكريمةَ، وأسالُوا دَمَهُ الطَّاهِرَ الزَكيَّ، وأوقعوهُ في الحُفرةِ، وحاولوا قتلَهُ، وقال قائِلُهم: لا نَجوتُ إن نَجَا محمَّد، ومعَ كلِّ هذا لم يَدعُ عليهِم بالهلاكِ، بَلِ اعتَذَرَ إلى اللهِ تعالى عنهُم، ودَعَا لهُم بالمَغفِرَةِ والعفوِ أن يسامِحَهُمُ الله تعالى، لأنَّهُم ما عرفوهُ، ولو عَرَفوهُ لما فَعَلوا ذلكَ.
روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيَّاً مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ».
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: إضافَةً إلى هذا ما تذكرونَهُ يومَ الطَّائِفِ عندما قالَ لِملكِ الجِبالِ: «بلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلابِهِم منْ يعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً» متفقٌ عليه عن عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنهَا .
استغاثة النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للمشركينَ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لتَسمعِ الدُّنيا من هوَ سيدنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِيَسمَعَ مَن كّذَّبَ وافترى على سيدنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وقال: بأنَّ دينَ سيِّدِنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دينُ إرهابٍ ورُعبٍ وخوفٍ وقَسوَةٍ وشِدَّةٍ وغِلظَةٍ وفَظاظَةٍ.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لمَّا طَالَ صُدُودُ قُريشٍ وإعراضُهَا عَن دِينِ اللهِ تَعالى، وعَظُمَ بَلاؤُها ، واشتَدَّ خَطَرُهَا، وزَادَ عُدوَانُها، ومَنَعوا النَّاسَ مِن الدُخولِ في الإِسلامِ، واشتَدَّ تَعذِيبُهُم للمُؤمنينَ المُستَضعفينَ، كلُّ هذا بعدَ أن حاصَروا النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الشُّعبِ ثلاثَ سنواتٍ، وأخرجوهُ من مكَّةَ، دَعَا عليهِم رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
جزاهُ اللهُ تعالى خيرَ ما جزى نبيَّاً عن أُمَّتِهِ وقومِهِ، دعا عليهِم حتى لا يَجِدَ الضُّعفاءُ في أنفُسِهِم حَرَجاً إذا دعُوا اللهَ تعالى على مَن ظَلَمَهُم، دَعَا عليهِم رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لا كَمَا نَدعُو اللهَ عزَّ وجلَّ على مَن ظَلَمَنَا، وأنتُم تعلمونَ كيفَ نَدعُو الله تعالى على مَن ظَلَمَنَا.
نَعَم، سيِّدُنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَا على المُشرِكينَ من قومِهِ بعدَ سنواتٍ منَ الظُّلمِ الذي لا يُطاقُ، ولكن ما هوَ دعاؤهُ؟
جاءَ في الحديثِ الصَّحيحِ الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم عن مَسرُوقٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: أَنَّ قُرَيْشاً لَمَّا اسْتَعْصَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنْ الْجَهْدِ، وَحَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ اللهَ لِمُضَرَ.
وفي روايةٍ أخرى للبخاري «فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَيْ مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللهِ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ». وفي روايةٍ ثانية للإمامِ مسلم قال له: يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ اللهَ لِمُضَرَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا، فَقَالَ: «لِمُضَرَ؟ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ» قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾. قَالَ: فَمُطِرُوا.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لقد دَعَا عليهِم، ولكن دَعَا عليهِم بالقَحطِ والجُوعِ، ولم يدعُ اللهُ عليهِم بالهَلاكِ، إنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يريدُ هِدايَتَهُم وصَلاحَهُم، يُريدُ إسلامَهُم، يريدُ أن يَرجِعُوا إلى اللهِ تعالى.
ولمَّا استَجَابَ اللهُ تعالى دُعاءَهُ، وحبَسَ عنهُم قَطرَ السَّماءِ، جاؤُوا إليهِ سَائِلينَ منهُ الدُّعاءَ للهِ تعالى معَ إصرارِهِم على العِنادِ والكُفرِ ومُحارَبَتِهِ، فَدَخَلت بذلِكَ الشَّفَقَةُ والرَّحمَةُ عليهِ، فَدَعَا اللهَ تعالى لهُم بالغَيثِ.
طلبُ رفعِ الحِصارِ عن المُشرِكينَ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: وفي الخِتامِ لِتَسمَعِ الأُمَّةُ هذا المَوقِفَ من سيِّدِنَا رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. جاءَ في الحديثِ الصَّحيحِ الذي رواهُ الإمام البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ.
فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ».
فَانْطَلَقَ إِلَى نَخلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، يَا مُحَمَّدُ، واللهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، واللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، واللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ.
وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ.
فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ؟ فقَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا واللهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.وانصَرَف إلى بلدِهِ، ومَنَعَ الحَملَ عن مكَّةَ حتَّى جَهِدَت قُريشٌ.
واستغاثَت قُريشٌ بِرسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أن يَطلُبَ من ثُمَامَةَ أن يَرفَعَ الحِصَارَ عَنهُم فقد هَلَكُوا، ونَاشَدُوا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الرَّحمَ، فأرسَلَ إلى ثُمَامَةَ أن يَرفَعَ الحِصَارَ عَنهُم، فَرَفَعَهُ، ومع هذا بَقُوا على ضَلالِهِم وعِنادِهِم حتَّى جاءَ يومُ الفَتحِ.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لا أُريدُ التَّعليقَ على هذا الحَديثِ، إلا أن أقُولَ: هل عَرَفَتِ الأُمَّةُ نبيَها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أم لا؟ هل المُتَقاتِلونَ يرحَمُونَ الأُمَّةَ المُؤمِنَةَ التي أَجهَدَتهَا وأَنهَكَتها هذِهِ الحربُ؟ فَمَا هُم قائِلونَ للهِ تعالى يومَ القِيامَةِ؟
اللهُمَّ رُدَّنَا إليكَ ردَّاً جميلاً، ولا تُحمِّلنَا ما لا طاقَةَ لَنَا بهِ يا أَرحمَ الرَّاحمين، وصَلَّى اللهُ على سيِّدِنَا محمَّد وعلى آلِهِ وصَحبِهِ وسلِّم تسليِماً كثيراً كثيراً كثيراً إلى يومِ الدِّينِ.
أمس في 21:08 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الرابعة: قوانين الميراث تفضل الرجال على النساء ـ د.نضير خان
أمس في 21:05 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الثالثة: شهادة المرأة لا تساوي سوى نصف رجل ـ د.نضير خان
أمس في 21:02 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الثانية: المرأة لا تستطيع الطلاق ـ د.نضير خان
أمس في 20:59 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الأولى: الإسلام يوجه الرجال لضرب زوجاتهم ـ د.نضير خان
أمس في 20:54 من طرف Admin
» كتاب: المرأة في المنظور الإسلامي ـ إعداد لجنة من الباحثين
أمس في 20:05 من طرف Admin
» كتاب: (درة العشاق) محمد صلى الله عليه وسلم ـ الشّاعر غازي الجَمـل
9/11/2024, 17:10 من طرف Admin
» كتاب: الحب في الله ـ محمد غازي الجمل
9/11/2024, 17:04 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الأول ـ إعداد: غازي الجمل
9/11/2024, 16:59 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الثاني ـ إعداد: غازي الجمل
9/11/2024, 16:57 من طرف Admin
» كتاب : الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي
7/11/2024, 09:30 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (1) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:12 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (2) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:10 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (3) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:06 من طرف Admin
» كتاب: تحفة المشتاق: أربعون حديثا في التزكية والأخلاق ـ محب الدين علي بن محمود بن تقي المصري
19/10/2024, 11:00 من طرف Admin