..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: ينابيع المودة ـ الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:59 من طرف Admin

» كتاب: إيثار الحق على الخلق ـ للإمام عز الدين محمد بن إبراهيم بن الوزير الحسنى
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:56 من طرف Admin

» كتاب: الذين رأوا رسول الله في المنام وكلّموه ـ حبيب الكل
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:51 من طرف Admin

» كتاب: طيب العنبر فى جمال النبي الأنور ـ الدكتور عبدالرحمن الكوثر
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:47 من طرف Admin

» كتاب: روضة الأزهار فى محبة الصحابة للنبي المختار ـ الدكتور عبدالرحمن الكوثر
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: دلائل المحبين فى التوسل بالأنبياء والصالحين ـ الشيخ فتحي سعيد عمر الحُجيري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: ريحانة الارواح في مولد خير الملاح لسيدي الشيخ علي أمين سيالة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: قواعد العقائد فى التوحيد ـ حجة الإسلام الإمام الغزالي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:35 من طرف Admin

» كتاب: سر الاسرار باضافة التوسل ـ الشيخ أحمد الطيب ابن البشير
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:33 من طرف Admin

» كتاب: خطوتان للحقيقة ـ الأستاذ محمد مرتاض ــ سفيان بلحساين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:27 من طرف Admin

» كتاب: محمد صلى الله عليه وسلم مشكاة الأنوار ـ الشيخ عبدالله صلاح الدين القوصي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:25 من طرف Admin

» كتاب: النسمات القدوسية شرح المقدمات السنوسية الدكتور النعمان الشاوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:23 من طرف Admin

» كتاب: المتمم بأمر المعظم صلى الله عليه وآله وسلم ـ الشيخ ناصر الدين عبداللطيف ناصر الدين الخطيب
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:20 من طرف Admin

» كتاب: الجواهر المكنونة فى العلوم المصونة ـ الشيخ عبدالحفيظ الخنقي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:16 من طرف Admin

» كتاب: الرسالة القدسية في أسرار النقطة الحسية ـ ابن شهاب الهمداني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:09 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68472
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 2/10/2020, 09:26

    خير من وطئ الأرض على الإطلاق
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    3ـ خير من وطئ الأرض على الإطلاق

    صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم



    المقدمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهُمَّ اغفِر لنا وللمُؤمنينَ والمؤمناتِ، والمُسلمينَ والمُسلماتِ، وأصلِحهُم، وأصلِح ذاتَ بينِهِم، وألِّف بينَ قلوبِهِم، واجعل في قُلُوبِهِمُ الإيمانَ والحِكمَةَ، وثَبِّتهُم على مِلَّةِ رسولِكَ المُصطفى، وحبيبكَ المُجتبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وأوزعهم أن يَشكُروا نِعمَتَكَ التي أنعمتَ عليهِم، وأن يُوفوا بعهدِكَ الذي عاهَدتَهُم عليهِ، وانصرهُم على عدوِّكَ وعدوِّهِم، إلهَ الحقِّ سُبحانَكَ، لا إلهَ إلا أنتَ، اللهمَّ اغفِر لنا ذُنوبَنا، وأصلِح لنا أعمالنا، إنَّكَ تغفِرُ لمن تشاء، وأنتَ الغفورُ الرَّحيمُ.

    وصَلَّى اللهُ عَلى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تسليماً كثيراً كثيراً كثيراً إلى يومِ الدِّينِ. آمينَ آمينَ آمين يا رب العالمين.

    أما بعد: فَالتَّواضُعُ من سِيماءِ الصَّالِحينَ، ومن أخصِّ خِصالِ المؤمنينَ المُتَّقينَ، ومن كريمِ سجايَا الأنبياءِ والمُرسَلينَ عليهمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ أجمعينَ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم﴾. وقال تعالى: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾.

    وما من عبدٍ نَبَذَ خُلُقَ التَّواضُعِ وتَكَبَّرَ إلَّا عرَّضَ نَفسَهُ لِسَخَطِ اللهِ تعالى، لأنَّهُ في الحَقيقَةِ يكونُ مُتَعَدِّيَاً على مقامِ الأُلوهِيَّةِ، لأنَّ صِفَةَ الكِبرياءِ والعَظَمَةِ هيَ للهِ تعالى وَحدَهُ، ولا يجوزُ للعَبدِ الفقيرِ الذَّليلِ أن يَتَّصِفَ بِهِمَا، فقد وَرَدَ في الحديثِ القُدسِيِّ الذي رواه الإمامُ أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ عز وجل: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا أَدْخَلْتُهُ جَهَنَّمَ».

    إنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أحبُّ الخلقِ إلى اللهِ تعالى:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: سيِّدُنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وليسَ أحدٌ من البَشَرِ إلا دُونَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فهوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أحبُّ الخَلقِ إلى اللهِ تعالى، وأعظَمُهُم جَاهَاً وقَدراً عندَ ربِّ العَالمينَ، وهوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صاحِبُ الوَسيلَةِ، وهيَ أعلى دَرَجَةٍ في الجَنَّةِ، وصَاحِبُ اللواءِ المَعقودِ، والحَوضِ المَورودِ، وما وَطِئَ الأرضَ ولن يَطَأَ عليها إلى يومِ القِيامَةِ أكرمُ وأجلُّ وأرفَعُ منهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: مَعَ عَظِيمِ قَدرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ورِفعةِ شأنِهِ كانَ متواضِعَاً، وعَلَّمَ البَشَرِيَّةَ جَمعاءَ كيفَ يكونُ التَّواضُعُ الحَقِيقِيُّ النَّابِعُ من ذَرَّاتِهِ بدونِ تَكَلُّفٍ، على سبيلِ المِثالِ:

    أولاً: ما كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ متميِّزَاً بين أصحابِهِ الكرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم، وكانَ الأعرابيُّ يَدخُلُ المجلِسَ الذي هوَ فيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ويقولُ: «أَيُّكُم محمَّد»؟

    روى الإمامُ البخاري عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: (بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَبْتُكَ» فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ، فَقَالَ:« سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ» فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ: آللهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ» قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ» قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنْ السَّنَةِ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ» قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ» فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ).

    ثانياً: في غزوةِ الأحزاب، كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَحفِرُ الخَندقَ مع أصحابِهِ الكرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم حتى اغبَرَّ بطنُهُ الشَّريفُ وهو يقولُ:

    وَاللهِ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا *** وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

    فَأَنْــزِلَنْ سـَكِينَةً عَلَيْنَا *** وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

    إِنَّ الْأُلَى قَــدْ بَــغَـوْا *** عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا.

    ثالثاً: كانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يتواضَعُ لأصحابِهِ الكرام، حتى كانَ الواحِدُ منهم يقولُ: أقِدنِي، روى أبو نعيمٍ عن حِبَّانَ بنِ واسعٍ، عن أشياخٍ مِن قَومِهِ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَدَلَ الصُّفُوفَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَفِي يَدِهِ قِدْحٌ يُعَدِّلُ بِهِ الْقَوْمَ، فَمَرَّ بِسَوَادِ بْنِ غَزِيَّةَ، حَلِيفِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَهُوَ مُسْتَنْتِلٌ مِنَ الصَّفِّ، فَطَعَنَهُ رَسُول اللهِ بِالْقِدْحِ فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ:«اسْتَوِ يَا سَوَادُ»، فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ، أَوْجَعْتَنِي، وَقَدْ بَعَثَكَ اللهُ بِالْحَقِّ، فَأَقِدْنِي. فَكَشَفَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَطْنِهِ، وَقَالَ: «اسْتَقْدِ». فَاعْتَنَقَهُ، وَقَبَّلَ بَطْنَهُ، وَقَالَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يَا سَوَادُ»؟ فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ، حَضَرَ مَا تَرَى، وَلَمْ آمَنِ الْقَتْلَ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ آخِرَ الْعَهْدِ بِكَ أَنْ يَمَسَّ جِلْدِي جِلْدَكَ، فَدَعَا لَهُ رَسُول اللهِ بِخَيْرٍ.

    رابعاً: مِشيَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ معَ الأرمَلَةِ والمِسكينِ والأمَةِ، روى الإمام أحمد وأبو داود عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ لَهَا: «يَا أُمَّ فُلَانٍ اجْلِسِي فِي أَيِّ نَوَاحِي السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَجْلِسَ إِلَيْكِ» قَالَ: فَجَلَسَتْ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا.

    خامساً: كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَشربُ مِمَّا يَشرَبُ منهُ النَّاس، ولو خاضَت فيهِ أيديهِم، روى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ َأَتَى السِّقَايَةَ، فَقَالَ: «اسْقُونِي» فَقَالُوا إِنَّ هَذَا يَخُوضُهُ النَّاسُ، وَلَكِنَّا نَأْتِيكَ بِهِ مِنْ الْبَيْتِ، فَقَالَ: «لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، اسْقُونِي مِمَّا يَشْرَبُ مِنْهُ النَّاسُ».

    وروى الطبراني عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ إِلَى الْمَطَاهِرِ، فَيُؤْتَى بِالْمَاءِ، فَيَشْرَبُهُ، يَرْجُو بَرَكَةَ أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ).

    تحذيرهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من التَّكبُّر:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: إذا عَرَفنا هذا هوَ خُلُقُ رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي قالَ لهُ مولانا عزَّ وجل: ﴿وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾ فهل لنا أن نُلقِي السَّمعَ لهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وهوَ يُوَجِّهُنَا إلى هذا الخُلُقِ العَظِيمِ، ويُحَذِّرُنَا من نَقِيضِهِ؟

    أولاً: روى الإمام مسلم عن عِيَاضِ بنِ حِمَارٍ رضي اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ : «إِن اللهَ أَوحَى إِليَّ أَنْ تَواضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلى أَحدٍ، ولا يَبغِيَ أَحَدٌ على أَحَدٍ».

    ثانياً: روى الإمام البخاري عن حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِيَّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ، كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ». معنى عُتُلٍّ: الْجَافِي الْفَظُّ الْغَلِيظُ. ومعنى جَوَّاظٍ: الكَثيرُ اللَّحم المُخْتال في مِشْيَته.

    ثالثاً: روى الإمام البخاري عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». معنى جُمَّتَهُ: مِنْ شَعْر الرَّأْس مَا سَقَطَ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ، ومعنى يَتَجَلْجَلُ: أيْ يَتَحَرَّك وَيَنْزِل مُضْطَرِباً

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لقد تأثَّرَ الصَّحبُ الكِرامُ بتوجيهِ سيِّدِنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وظَهَرَ أَثَرُ هذا التأثيرِ على جوارِحِهِم، فهذا سيِّدُنا عمر رَضِيَ اللهُ عنهُ، كما يقولُ عروة بن الزبير رَضِيَ اللهُ عنهُ: رَأَيْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ وَعَلَى عَاتِقِهِ قِرْبَةُ مَاءٍ، فَقُلْت يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَنْبَغِي لَك هَذَا، فَقَالَ: لَمَّا أَتَانِي الْوُفُودُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ دَخَلَتْ نَفْسِي نَخْوَةٌ فَأَحْبَبْت أَنْ أَكْسِرَهَا.

    وكانَ السَّلفُ الصَّالِحُ يَعجَبُ من المُتَكَبِّرِ، يقولُ سيِّدُنا علي بن الحسن ِرَضِيَ اللهُ عنهُ: عَجِبتُ لِلمُتَكَبِرِ الفَخُورِ الذي كانَ بالأمسِ نُطفَةً ويكونُ غداً جِيفَةً. وَعَجِبتُ كُلَّ العَجَبِ لِمَن شَكَّ فِي اللهِ وَهُوَ يَرَى خَلقَهُ. وَعَجِبتُ كُلَّ العَجَبِ لِمَن أَنكَرَ النَّشأَةَ الآخِرَةَ وَهُوَ يَرَى النَّشأَةَ الأُولَى. وَعَجِبتُ كُلَّ العَجَبِ لِمَن عَمِلَ لِدَارِ الفَنَاءِ وَتَرَكَ دارَ البَقَاءِ.

    وكانَ السَّلفُ يُنكِرُ أشدَّ الإنكارِ على المُستَكبِرِ، فهذا مالك بن دينارٍ رحمَهُ الله تعالى يمرُّ على بعضِ المُتَكبِّرينَ

    وكانَ هَذا المُتَكَبِّرُ يَتَبَختَرُ في مِشيَتِهِ، فقالَ لهُ مالِكٌ: أَمَا عَلمتَ أَنَّها مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ إلَّا بينَ الصَّفينِ؟ فقالَ المُتَكَبِّرُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قالَ مالِكُ: بَلَى، أَوَّلُك نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُك جِيفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَنْتَ تَحْمِلُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ العَذِرَةَ، فَانكَسَرَ، وقالَ: الآنَ عَرَفتَنِي حقَّ المَعرِفَة. ومعنى العَذِرَةَ: الرِّكسُ والمُستَقذَر من البَدَن.

    خاتمة نسألُ الله تعالى حُسنَها:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: السَّعيدُ من اتَّبَعَ سيِّدَ الخَلقِ وحَبيبَ الحَقِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، والشَّقيُّ من حُرِمَ الاتباعَ، يقُولُ سفيانُ بن عيينةَ: مَنْ كَانَتْ مَعْصِيَتُهُ فِي شَهْوَةٍ، فَأَرْجُو لَهُ التَّوْبَةَ، فَإِنَّ آدَمَ عَصَى مُشْتَهِيًا فَغُفِرَ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ مَعْصِيَتُهُ فِي كِبْرٍ، فَأَخْشَى عَلَى صَاحِبِهِ اللَّعْنَ، فَإِنَّ إِبْلِيسَ أَبَى مُسْتَكْبِراً فَلُعِنَ.

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: المُتَكَبّرُ وَضيعٌ وإن رأى نفسَهُ مُرتَفِعاً على الخَلقِ، والمُتَواضِعُ وإن رُؤيَ وضيعاً فهوَ رفيعُ القَدرِ، ورَحِمَ الله تعالى القائل:

    تَواضَعْ تَكُن كالنَّجمِ لاحَ لناظِرٍ *** عَلَى طَــبَقَاتِ المـاءِ و هو رَفِيعُ

    و لا تَــكُ كالدُّخَانِ يعلُو مكانَه *** على طَبَقَاتِ الجَوِّ و هو وَضِيعُ

    وفي الخِتامِ تذكَّروا قولَ اللهِ تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين﴾.

    اللهُمَّ وَفِّقنَا للتَّخَلُّقِ بِأخلاقِ سيِّدِنا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 24/9/2024, 13:29