بين فضائله كالقشة في سكر النبات ، فلا يؤاخذ عليها ، ما دامت محاطة بكل هذه الفضائل .
( 1999 - 2000 ) كما أنّ سكر النبات والقشة يوزنان بميزان واحد كذلك الروح والجسم إذا غلب الخير على الجسم . لهذا لا يكون من جزاف القول ما قال به بعض العارفين من أنّ أجساد الطاهرين صافية نقية كأرواحهم .
( 2002 ) الروح التي لم تبلغ حالة الصفاء والنقاء لا فضل لها على الجسم الماديّ الصرف ، وليس لها من خصائص الروح إلا اسمها ، فهي عديمة الجدوى ، كأنها حجر زائد في لعبة النرد .
( 2005 ) هذا الملح ، وهو صفات الطهر ، والكمال بقي في تركة الرسول . أما وارثوه فهم ورثة الحقيقة المحمدّية ممن بلغوا مرتبة الكمال الإنساني .
( 2006 ) أهل الكمال من الأولياء قد يكونون أمامك ، ولكنك لا تدركهم ولا تشعر بهم ، لأنّ هؤلاء مستترون عن الجهلاء الغارقين في الحس . ولا بد لك أنْ تبلغ مرتبة الوجود الحق ، وهو التنبه والوعي الروحيّ ، وبذلك تستطيع إدراك وجودهم .
( 2010 ) يا من أنت بوجودك الحسي زائل ، مآله إلى الفناء ! هل بعد فنائك تبقى مرتبطاً بهذه الجهات النسبية ؟
( 2014 ) الأشجار كائنات حية خرجت من جوف الثرى ، فهي كنزلاء التراب من البشر ، وسوف يخرجون أيضاً .
وللشاعر بيت في ديوان شمس تبريز يشبّه فيه دفن الموتى بغرس البذور ، في قصيدته التي يبدؤها بقوله :
بروز مرگ چو تابوت من روان باشد * گمان مبر كه مرا دل درين جهان باشد
وفيها يقول :
“ 543 “
وأية حبة طواها الثرى ثم لم تنبت ؟
فلماذا تحمل مثل هذا الشك عن ذات الإنسان ؟
( انظر : محمد كفافي : جلال الدين الرومي ، شاعر الصوفية الأكبر ، ص 61 . جامعة بيروت العربية ، 1963 ) .
( 2015 ) هذه الأشجار كائنات حية خرجت من باطن الأرض ، وهي دليل لمن أُوتي البصيرة على أن اللَّه قادر على أن يخرج الموتى من قبورهم .
( 2016 ) اللسان الأخضر هو الأوراق ، وأما اليد الممدودة فهي الغصون .
( 2020 ) المنكرون الذين يشير إليهم الشاعر هنا هم الماديون الطبيعيون الذين يقولون بقدم العالم . يصف الشهرستاني هؤلاء بقوله :
“ فصنف منهم أنكروا الخالق والبعث والإعادة وقالوا بالطبع المحيي ، والدهر المفني . . “ ( الملل والنحل ، ج 2 ، ص 244 ، القاهرة 1956 ) .
( 2021 - 2022 ) لقد كشف اللَّه لقلوب أحبائه حقيقة وجوده ، وما يرتبط بها من حقائق روحية ، فأخذ هؤلاء يفصحون عن الأسرار التي تلقتها قلوبهم ، ويفضحون هؤلاء المنكرين .
( 2023 ) هذه المعارف التي تكشفت للأنبياء والعارفين سرعان ما انتشر أريجها في الدنيا ، ووجدت سبيلها إلى الناس على الرغم من المنكرين .
( 2026 ) الأبصار الزائغة ليست أبصاراً حقاً ، وأما البصر الحق فهو الذي يرشد صاحبه إلى مكان الأمان . والمقصود بمكان الأمان عند الصوفية الإيمان ، وسلوك سبيل المحبة التي توصل الإنسان إلى أسمى الغايات .
( 2036 ) عالم الروح لا يظهر إلا للخواص ، الذين يؤمنون به ، وأما من ليسوا كذلك فهم أهل الشك والريب الذين بلغ بهم الشك حد إنكار البعث .
( 2044 ) استعملنا كلمة “ رياح “ كترجمة للكلمة الفارسية “ باد “ ولم نستعمل “ ريح “ اقتداء بالقرآن الكريم الذي استعملت فيه كلمة
“ 544 “
“ ريح “ في مواقف الشر ، على حين استعملت كلمة “ رياح “ في مواقف الخير . ومن أمثلة ذلك قوله تعالى :” وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ، ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ “( 51 : 41 - 42 ) ، وقوله :” إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ “( 54 : 19 ) . وكذلك قوله :” وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ “( 7 : 57 ) ، وقوله :” وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ ، وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ “( 30 : 46 ) . ( انظر الثعالبي : فقه اللغة ، ص 572 ، 573 . المكتبة التجارية ، القاهرة ) .
( 2045 ) من كان ذا روح مدرك لما ينهل على البشر من نفحات الغيب كانت هذه النفحات أغلى عنده من روحه .
( 2053 ) العقل الكلي ، هو الذي يسيطر على النفس المجموع ويخضعها لإرادته . وكذلك المرشد ، هو للمريد كالعقل الكلي بالنسبة للنفس .
( 2095 ) عود الخلال هنا رمز للشيء الصغير .
( 2063 - 2070 ) فسر نيكولسون هذه الأبيات تفسيراً نراه بعيداً عن مضمونها . فقد قال إن الشاعر يعتبر الغفلة بركة على هذه الدنيا لأنها تبقيها على حالها ، فتتيح المجال لبلوغ الكمال الروحي ، وتقي أجساد الصوفية من الفناء العاجل تحت وطأة الحب . ولسنا نرى في معاني هذه الأبيات ما يؤيد هذا التفسير ، ولو على وجه التأويل .
( 2063 ) إنّ هذه الأمطار كانت لطفاً خفياً أنزله اللَّه على الجنس الآدمي لتسكين آلامه في هذه الدنيا .
( 2064 ) فلو أن هذه البشر طال عيشهم في ظل هذه الآلام لحل بالأرض كثير من الخراب .
( 2065 ) لولا هذا اللطف الإلهي لحل الخراب في هذه الدنيا ، ولا نطلقت نوازع الحرص من نفوس البشر ، فكان فيها القضاء عليهم .
( 2066 ) إن الغفلة عن العالم الروحي ومبهاهجه هي دعامة هذا العالم ،
“ 545 “
لأن هذه الغفلة تجعل الناس متعلقين به حريصين عليه . كما أن اليقظة الروحية آفة لهذا الدنيا ، لأنها تجعل الناس ينبذونها ، ويتخلوّن عنها .
( 2067 ) اليقظة الروحية هبة تُقبل إلى الانسان من العالم الآخر . فحين تصبح الغلبة لهذه اليقظة ، فلا بقاء لهذا العالم .
( 2068 ) فاليقظة تقضي على الحرص الذي يسيطر على الناس في هذه الدنيا ، كما تذيب الشمس الثلج ، أو كما يغسل الماء الوسخ .
( 2069 ) هذه الألطاف الغيبية التي تصل إلى هذا العالم - من آن إلى آخر - تحدّ من اندلاع لهيب الحرص والحسد في هذه الدنيا .
( 2079 ) نفخ الصور بالنسبة للأولياء هو النداء الذي يوقظ الأرواح من سباتها ، وينبه القلوب من غفلتها .
( 2080 ) إن ما يتكشف لقلوب الأولياء من أسرار إلهية ، هو الذي يجعل قلوب الناس ثملة بحب اللَّه . كما أن إفناءهم الذات في حبّ اللَّه ، هو الذي يرشدنا إلى أن نهتدي لحقيقة وجودنا الروحي ، فنعمل على إدراكه .
( 2081 ) لابن العربي رأي في الولاية قال فيه :
“ واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط العالم ، ولهذا لم تنقطع ، ولها الإنباء العام . وأما نبوّة التشريع والرسالة فمنقطعة . وفي محمد ( ص ) قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده : يعني مشرعاً أو مُشرِّعاً له ، ولا رسول وهو المشرع . . .
فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع فمن حيث هو وليّ وعارف ، ولهذا مقامه من حيث هو عالم أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع . فإذا سمعت أحداً من أهل اللَّه يقول أو ينقل إليك عنه أنه قال : الولاية أعلى من النبوة ، فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه .
أو يقول إن الولي فوق النبيّ والرسول فإنه يعني بذلك في شخص واحد .
وهو أن الرسول عليه السلام - من حيث هو ولي - أتمّ من حيث هو نبيّ رسول ، لا لأن الوليّ التابع له أعلى منه ، فإن التابع لا يدرك المتبوع أبداً
“ 546 “
فيما هو تابع لم فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعاً “ ( فصوص الحكم ، ص 134 ، 135 ) .
وخلاصة قول ابن العربي أن كل نبي ورسول وليّ ، وليس كل وليّ نبياً . وجانب الولاية في النبيّ أو الرسول أعلى وأكمل من جانب النبوة أو الرسالة .
ولعل أول من تكلم في الولاية بصورة مفصلة ، وحدّد لها مفهومات وقواعد وأصولًا ، هو أبو عبد اللَّه الحكيم الترمذي ( من رجال القرن الثالث الهجري ) .
وقد أورد ابن العربي ثبتاً بأصول المسائل التي تناولها الترمذي في بحثه عن الولاية . ( انظر : الرياضة وأدب النفس - مقدمة الناشرين المحققينأ . آربري ،a . y . arberry، علي حسن عبد القادر ، ص 16 وما يليها ) .
( 2087 ) كان الحرير يستخدم في صناعة أوتار الآلات الموسيقية ولهذا توجه المطرب إلى اللَّه طالباً ثمن الحرير .
( 2096 ) معنى قوله : “ وأضحى نبع أيوب له شراباً ومغتسلًا “ ، أنه خلص من الآلام وبرئ منها ، وهو ما حدث لأيوب حين اغتسل في العين فزالت عنه جميع العلل .
[ شرح من بيت 2100 إلى 2250 ]
( 1202 ) كان الأمر يأتيه قائلًا : أما وقد وهبت هذه الهبات ، ودخلت إلى رحاب العالم الروحي ، وبرئت من آلام الجسد ، فزال عنك وخز أشواكها ، فلا تطمع فيما هو أكثر من ذلك ، وارجع إلى عالم الدنيا ، حتى يتاح لك أو ان الانتقال النهائي .
( 2109 ) بل أي حاجة لذكر البشر بأجناسهم ، ما دامت الأحجار والأخشاب وغيرها من الجماد قد سمعت نداء الحق ؟
( 2110 ) العالم متجدد على الدوام بأمر اللَّه . وقد سبق للشاعر أن عبر عن ذلك في مواضع عدة . ومنها قوله : “ ففي كل لحظة - يا رب - قافلة وراءها قافلة ، تسير من العدم إلى الوجود “ . ( البيت 1889 ) .
( 2124 ) لو لم يكن في الدنيا عارفون يعلمون بقلوبهم قدرة اللَّه الخالقة ،
“ 547 “
التي تخلق ما تشاء من العدم ، لما كان هناك مجال لتصديق ذلك .
( 2127 ) العقل قابل للانخذاع بما يثيره الشيطان من شبهات .
( 2128 ) الاستدلال العقلي البحث طريق ضعيف في الوصول إلى الحقيقة ، فهو في هذا السعي كأنه ساق خشبية .
( 2129 ) أما قطب الزمان ، وهو الإنسان الكامل ، فهو وحده صاحب المعرفة اليقينية ، وهو الذي أوتي من العلم الراسخ ما تذهل لرسوخه الجبال .
( 2131 ) “ أرباب البصر “ هم العارفون ، الراسخون في العلم .
( 2132 ) قد يكون أهل الظاهر - من المؤمنين بالعقل وحده - قادرين على أن يبلغوا قدراً من الهداية ، يشبه اهتداء الأعمى بعصاه . لكن جميع هؤلاء في رعاية العارفين الملهمين ، كما أن العميان جميعاً في رعاية المبصرين ، برغم اقتدارهم على درجة محدودة من الاهتداء .
( 2135 ) هذا الأدلة العقلية التي تعتد بها ، إنما هي هبة من اللَّه ميّز بها الإنسان على غيره ، وهو قادر على تبديدها ، لكنه أبقاها للبشرية ، رحمة منه وإشفاقاً .
( 2137 ) ما دامت هذه الأدلة والقياسات العقلية ، قد أصبحت مصدراً للخلاف والنزاع - وقد بلغ الأمر ببعض المتفلسفين أنهم استخدموها لمناقشة وجود اللَّه نفسه - فقد وجب عليك أن تحطمها ، أيها الانسان ، لأن مهمتها الأصلية هي أن تكون وسيلة للهداية كالعصا للأعمى .
( 2138 ) لقد وهبك اللَّه هذه القدرة على التفكير العقلي لتهتدي بها إليه ، وتتقدم نحوه ، فإذا بك تستخدمها في التهجم عليه .
( 2139 ) لا بد للناس من هاد مبصر ، يرشدهم بما يكشف اللَّه له من علمه .
( 2140 ) “ دامن أو گير “ . آثرنا في ترجمتها “ ولتعتصموا بحبل من . . . “ بدلًا من الترجمة الحرفية “ ولتتمسكوا بأهداب من . . . “
“ 548 “
( 1999 - 2000 ) كما أنّ سكر النبات والقشة يوزنان بميزان واحد كذلك الروح والجسم إذا غلب الخير على الجسم . لهذا لا يكون من جزاف القول ما قال به بعض العارفين من أنّ أجساد الطاهرين صافية نقية كأرواحهم .
( 2002 ) الروح التي لم تبلغ حالة الصفاء والنقاء لا فضل لها على الجسم الماديّ الصرف ، وليس لها من خصائص الروح إلا اسمها ، فهي عديمة الجدوى ، كأنها حجر زائد في لعبة النرد .
( 2005 ) هذا الملح ، وهو صفات الطهر ، والكمال بقي في تركة الرسول . أما وارثوه فهم ورثة الحقيقة المحمدّية ممن بلغوا مرتبة الكمال الإنساني .
( 2006 ) أهل الكمال من الأولياء قد يكونون أمامك ، ولكنك لا تدركهم ولا تشعر بهم ، لأنّ هؤلاء مستترون عن الجهلاء الغارقين في الحس . ولا بد لك أنْ تبلغ مرتبة الوجود الحق ، وهو التنبه والوعي الروحيّ ، وبذلك تستطيع إدراك وجودهم .
( 2010 ) يا من أنت بوجودك الحسي زائل ، مآله إلى الفناء ! هل بعد فنائك تبقى مرتبطاً بهذه الجهات النسبية ؟
( 2014 ) الأشجار كائنات حية خرجت من جوف الثرى ، فهي كنزلاء التراب من البشر ، وسوف يخرجون أيضاً .
وللشاعر بيت في ديوان شمس تبريز يشبّه فيه دفن الموتى بغرس البذور ، في قصيدته التي يبدؤها بقوله :
بروز مرگ چو تابوت من روان باشد * گمان مبر كه مرا دل درين جهان باشد
وفيها يقول :
“ 543 “
وأية حبة طواها الثرى ثم لم تنبت ؟
فلماذا تحمل مثل هذا الشك عن ذات الإنسان ؟
( انظر : محمد كفافي : جلال الدين الرومي ، شاعر الصوفية الأكبر ، ص 61 . جامعة بيروت العربية ، 1963 ) .
( 2015 ) هذه الأشجار كائنات حية خرجت من باطن الأرض ، وهي دليل لمن أُوتي البصيرة على أن اللَّه قادر على أن يخرج الموتى من قبورهم .
( 2016 ) اللسان الأخضر هو الأوراق ، وأما اليد الممدودة فهي الغصون .
( 2020 ) المنكرون الذين يشير إليهم الشاعر هنا هم الماديون الطبيعيون الذين يقولون بقدم العالم . يصف الشهرستاني هؤلاء بقوله :
“ فصنف منهم أنكروا الخالق والبعث والإعادة وقالوا بالطبع المحيي ، والدهر المفني . . “ ( الملل والنحل ، ج 2 ، ص 244 ، القاهرة 1956 ) .
( 2021 - 2022 ) لقد كشف اللَّه لقلوب أحبائه حقيقة وجوده ، وما يرتبط بها من حقائق روحية ، فأخذ هؤلاء يفصحون عن الأسرار التي تلقتها قلوبهم ، ويفضحون هؤلاء المنكرين .
( 2023 ) هذه المعارف التي تكشفت للأنبياء والعارفين سرعان ما انتشر أريجها في الدنيا ، ووجدت سبيلها إلى الناس على الرغم من المنكرين .
( 2026 ) الأبصار الزائغة ليست أبصاراً حقاً ، وأما البصر الحق فهو الذي يرشد صاحبه إلى مكان الأمان . والمقصود بمكان الأمان عند الصوفية الإيمان ، وسلوك سبيل المحبة التي توصل الإنسان إلى أسمى الغايات .
( 2036 ) عالم الروح لا يظهر إلا للخواص ، الذين يؤمنون به ، وأما من ليسوا كذلك فهم أهل الشك والريب الذين بلغ بهم الشك حد إنكار البعث .
( 2044 ) استعملنا كلمة “ رياح “ كترجمة للكلمة الفارسية “ باد “ ولم نستعمل “ ريح “ اقتداء بالقرآن الكريم الذي استعملت فيه كلمة
“ 544 “
“ ريح “ في مواقف الشر ، على حين استعملت كلمة “ رياح “ في مواقف الخير . ومن أمثلة ذلك قوله تعالى :” وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ، ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ “( 51 : 41 - 42 ) ، وقوله :” إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ “( 54 : 19 ) . وكذلك قوله :” وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ “( 7 : 57 ) ، وقوله :” وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ ، وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ “( 30 : 46 ) . ( انظر الثعالبي : فقه اللغة ، ص 572 ، 573 . المكتبة التجارية ، القاهرة ) .
( 2045 ) من كان ذا روح مدرك لما ينهل على البشر من نفحات الغيب كانت هذه النفحات أغلى عنده من روحه .
( 2053 ) العقل الكلي ، هو الذي يسيطر على النفس المجموع ويخضعها لإرادته . وكذلك المرشد ، هو للمريد كالعقل الكلي بالنسبة للنفس .
( 2095 ) عود الخلال هنا رمز للشيء الصغير .
( 2063 - 2070 ) فسر نيكولسون هذه الأبيات تفسيراً نراه بعيداً عن مضمونها . فقد قال إن الشاعر يعتبر الغفلة بركة على هذه الدنيا لأنها تبقيها على حالها ، فتتيح المجال لبلوغ الكمال الروحي ، وتقي أجساد الصوفية من الفناء العاجل تحت وطأة الحب . ولسنا نرى في معاني هذه الأبيات ما يؤيد هذا التفسير ، ولو على وجه التأويل .
( 2063 ) إنّ هذه الأمطار كانت لطفاً خفياً أنزله اللَّه على الجنس الآدمي لتسكين آلامه في هذه الدنيا .
( 2064 ) فلو أن هذه البشر طال عيشهم في ظل هذه الآلام لحل بالأرض كثير من الخراب .
( 2065 ) لولا هذا اللطف الإلهي لحل الخراب في هذه الدنيا ، ولا نطلقت نوازع الحرص من نفوس البشر ، فكان فيها القضاء عليهم .
( 2066 ) إن الغفلة عن العالم الروحي ومبهاهجه هي دعامة هذا العالم ،
“ 545 “
لأن هذه الغفلة تجعل الناس متعلقين به حريصين عليه . كما أن اليقظة الروحية آفة لهذا الدنيا ، لأنها تجعل الناس ينبذونها ، ويتخلوّن عنها .
( 2067 ) اليقظة الروحية هبة تُقبل إلى الانسان من العالم الآخر . فحين تصبح الغلبة لهذه اليقظة ، فلا بقاء لهذا العالم .
( 2068 ) فاليقظة تقضي على الحرص الذي يسيطر على الناس في هذه الدنيا ، كما تذيب الشمس الثلج ، أو كما يغسل الماء الوسخ .
( 2069 ) هذه الألطاف الغيبية التي تصل إلى هذا العالم - من آن إلى آخر - تحدّ من اندلاع لهيب الحرص والحسد في هذه الدنيا .
( 2079 ) نفخ الصور بالنسبة للأولياء هو النداء الذي يوقظ الأرواح من سباتها ، وينبه القلوب من غفلتها .
( 2080 ) إن ما يتكشف لقلوب الأولياء من أسرار إلهية ، هو الذي يجعل قلوب الناس ثملة بحب اللَّه . كما أن إفناءهم الذات في حبّ اللَّه ، هو الذي يرشدنا إلى أن نهتدي لحقيقة وجودنا الروحي ، فنعمل على إدراكه .
( 2081 ) لابن العربي رأي في الولاية قال فيه :
“ واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط العالم ، ولهذا لم تنقطع ، ولها الإنباء العام . وأما نبوّة التشريع والرسالة فمنقطعة . وفي محمد ( ص ) قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده : يعني مشرعاً أو مُشرِّعاً له ، ولا رسول وهو المشرع . . .
فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع فمن حيث هو وليّ وعارف ، ولهذا مقامه من حيث هو عالم أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع . فإذا سمعت أحداً من أهل اللَّه يقول أو ينقل إليك عنه أنه قال : الولاية أعلى من النبوة ، فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه .
أو يقول إن الولي فوق النبيّ والرسول فإنه يعني بذلك في شخص واحد .
وهو أن الرسول عليه السلام - من حيث هو ولي - أتمّ من حيث هو نبيّ رسول ، لا لأن الوليّ التابع له أعلى منه ، فإن التابع لا يدرك المتبوع أبداً
“ 546 “
فيما هو تابع لم فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعاً “ ( فصوص الحكم ، ص 134 ، 135 ) .
وخلاصة قول ابن العربي أن كل نبي ورسول وليّ ، وليس كل وليّ نبياً . وجانب الولاية في النبيّ أو الرسول أعلى وأكمل من جانب النبوة أو الرسالة .
ولعل أول من تكلم في الولاية بصورة مفصلة ، وحدّد لها مفهومات وقواعد وأصولًا ، هو أبو عبد اللَّه الحكيم الترمذي ( من رجال القرن الثالث الهجري ) .
وقد أورد ابن العربي ثبتاً بأصول المسائل التي تناولها الترمذي في بحثه عن الولاية . ( انظر : الرياضة وأدب النفس - مقدمة الناشرين المحققينأ . آربري ،a . y . arberry، علي حسن عبد القادر ، ص 16 وما يليها ) .
( 2087 ) كان الحرير يستخدم في صناعة أوتار الآلات الموسيقية ولهذا توجه المطرب إلى اللَّه طالباً ثمن الحرير .
( 2096 ) معنى قوله : “ وأضحى نبع أيوب له شراباً ومغتسلًا “ ، أنه خلص من الآلام وبرئ منها ، وهو ما حدث لأيوب حين اغتسل في العين فزالت عنه جميع العلل .
[ شرح من بيت 2100 إلى 2250 ]
( 1202 ) كان الأمر يأتيه قائلًا : أما وقد وهبت هذه الهبات ، ودخلت إلى رحاب العالم الروحي ، وبرئت من آلام الجسد ، فزال عنك وخز أشواكها ، فلا تطمع فيما هو أكثر من ذلك ، وارجع إلى عالم الدنيا ، حتى يتاح لك أو ان الانتقال النهائي .
( 2109 ) بل أي حاجة لذكر البشر بأجناسهم ، ما دامت الأحجار والأخشاب وغيرها من الجماد قد سمعت نداء الحق ؟
( 2110 ) العالم متجدد على الدوام بأمر اللَّه . وقد سبق للشاعر أن عبر عن ذلك في مواضع عدة . ومنها قوله : “ ففي كل لحظة - يا رب - قافلة وراءها قافلة ، تسير من العدم إلى الوجود “ . ( البيت 1889 ) .
( 2124 ) لو لم يكن في الدنيا عارفون يعلمون بقلوبهم قدرة اللَّه الخالقة ،
“ 547 “
التي تخلق ما تشاء من العدم ، لما كان هناك مجال لتصديق ذلك .
( 2127 ) العقل قابل للانخذاع بما يثيره الشيطان من شبهات .
( 2128 ) الاستدلال العقلي البحث طريق ضعيف في الوصول إلى الحقيقة ، فهو في هذا السعي كأنه ساق خشبية .
( 2129 ) أما قطب الزمان ، وهو الإنسان الكامل ، فهو وحده صاحب المعرفة اليقينية ، وهو الذي أوتي من العلم الراسخ ما تذهل لرسوخه الجبال .
( 2131 ) “ أرباب البصر “ هم العارفون ، الراسخون في العلم .
( 2132 ) قد يكون أهل الظاهر - من المؤمنين بالعقل وحده - قادرين على أن يبلغوا قدراً من الهداية ، يشبه اهتداء الأعمى بعصاه . لكن جميع هؤلاء في رعاية العارفين الملهمين ، كما أن العميان جميعاً في رعاية المبصرين ، برغم اقتدارهم على درجة محدودة من الاهتداء .
( 2135 ) هذا الأدلة العقلية التي تعتد بها ، إنما هي هبة من اللَّه ميّز بها الإنسان على غيره ، وهو قادر على تبديدها ، لكنه أبقاها للبشرية ، رحمة منه وإشفاقاً .
( 2137 ) ما دامت هذه الأدلة والقياسات العقلية ، قد أصبحت مصدراً للخلاف والنزاع - وقد بلغ الأمر ببعض المتفلسفين أنهم استخدموها لمناقشة وجود اللَّه نفسه - فقد وجب عليك أن تحطمها ، أيها الانسان ، لأن مهمتها الأصلية هي أن تكون وسيلة للهداية كالعصا للأعمى .
( 2138 ) لقد وهبك اللَّه هذه القدرة على التفكير العقلي لتهتدي بها إليه ، وتتقدم نحوه ، فإذا بك تستخدمها في التهجم عليه .
( 2139 ) لا بد للناس من هاد مبصر ، يرشدهم بما يكشف اللَّه له من علمه .
( 2140 ) “ دامن أو گير “ . آثرنا في ترجمتها “ ولتعتصموا بحبل من . . . “ بدلًا من الترجمة الحرفية “ ولتتمسكوا بأهداب من . . . “
“ 548 “
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin