..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:39 من طرف Admin

»  كتاب اللطف الخفي في شرح رباعيات الجعفي - الشيخ عبد العزيز الجعفي الشاذلي
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:25 من طرف Admin

» كتاب: نقض كتاب تثليث الوحدانية للإمام أحمد القرطبي
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:23 من طرف Admin

» كتاب: الشيخ سيدي محمد الصوفي كما رأيته و عرفته تأليف تلميذه الأستاذ عتو عياد
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:21 من طرف Admin

» كتاب تجلّيّات السَّادات ، مخطوط نادر جدا للشيخ محمد وفا الشاذلي
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:15 من طرف Admin

» كتاب: النسوة الصوفية و حِكمهن ـ قطفها أحمد بن أشموني
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:13 من طرف Admin

» كتاب: مرآة العرفان و لبه شرح رسالة من عرف نفسه فقد عرف ربه ـ ابن عربي
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:09 من طرف Admin

» كتاب: إتحاف أهل العناية الربانية في اتحاد طرق أهل الله وإن تعددت مظاهرها - للشيخ فتح الله بناني
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:06 من طرف Admin

» كتاب: مجموع الرسائل الرحمانية ـ سيدي محمد بن عبد الرحمن الأزهري
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:04 من طرف Admin

» كتاب: المواقف الإلهية للشيخ قضيب البان و يليه رسالة تحفة الروح و الأنس ورسالة الأذكار الموصلة إلى حضرة الأنوار للبلاسي
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 18:00 من طرف Admin

» كتاب: مجالس شيخ الإسلام سيدي عبد القادر الجيلاني المسماة جلاء الخواطر
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 17:55 من طرف Admin

» كتاب: كيف أحفظ القرآن الكريم ـ للشيخ السيد البلقاسي
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 14:40 من طرف Admin

» كتاب: الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية تفسير القرآن العظيم ـ للإمام سليمان الصرصري
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty12/9/2024, 14:20 من طرف Admin

» كتاب: تربيع المراتب و الأصول .. نتائج أفكار الفحول من أرباب الوصول للشيخ إبراهيم البثنوي
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty11/9/2024, 18:44 من طرف Admin

» كتاب: الوصول إلى معاني وأسرار القول المقبول ـ للشيخ عبد القادر بن طه دحاح البوزيدي
كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty11/9/2024, 18:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68406
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2 Empty كتاب العظمة الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي ـ ج2

    مُساهمة من طرف Admin 15/10/2020, 11:31



    حضرة الاشتراك الباب الأول منها أوله ألف وآخره دال وهو الباب الخامس من سبعة

    هذه ألف الالتجاء لحضرة مشاهدة الخطاب .

    والدّال : دال العلة التي لها خلق البارىء الكون في مقام جمعية العبد وتعظيمه ، ومقام وحدانية الحق تعالى وعظمته .

    قال اللّه تعالى :وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ( 56 ) [ الذاريات : 56 ] .

    أي : ليتذلّلوا إليّ .

    ولا يتحقق العبد بالعبودية التي هي الذلّة إلّا بعد معرفته بنفسه ، أنه مربوب ومقهور مجبور لسيد قادر قاهر يفعل ما يشاء فيعرف ما ينبغي لسيده من أوصاف السيادة والملك ، ويعرف ما ينبغي له من أوصاف العبودية فإذا صحت له هذه المعرفة حينئذ يذل حقيقة حالا وقولا وعقدا لعز سلطان سيده .

    فما أبدع قول الحق سبحانه :وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( 56 )[ الذاريات : 56 ] .

    ولم يقل إلّا ليعرفون فيعبدوني . ولو قال ذلك لكانت المعرفة به من العلوم الكسبية . والمعرفة به سبحانه ضرورية موجودة في فطر الخلق :لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ[ الروم : 30 ] أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى[ الأعراف : 172 ] .

    كل مولود يولد على الفطرة .

    ولما كانت المعرفة به ضرورية قال ليعبدون فنبّه على السبب الذي أوجد لأجله الثقلين وخرج من هذا الخطاب أمم أمثالنا كثيرون من الروحانيات والعالم الأرضي .

    وسبب ذلك أنهم فطروا على المعرفة والعبادة فليس لهم في العبادة كسب ، ولذلك ليس لهم جزاء على أعمالهم .

    إنما هي عبودية محضة ، ليس لهم رائحة مشم من الربوبية مثل ما للثقلين .

    قال في إبليس :أَبى وَاسْتَكْبَرَ[ البقرة : 34 ] .

    وفي فرعون :مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ[ غافر : 35 ] .وما ذكر هذا الوصف عن غير الثقلين أصلا.

    فإذا كنى العبد عن نفسه بنون نفعل ، فليست بنون التعظيم ، وإذا كنى عن الحق تعالى بضمير الإفراد ، فإن ذلك لغلبة سلطان التوحيد في قلب هذا العبد ، وتحققه به حتى سرى في كليته ، فظهر ذلك في نطقه لفظا كما كان عقدا وعلما ومشاهدة وعينا ، وهذه النون نون الجمع .

    فإن العبد وإن كان فردانيّ اللطيفة ، وحدانيّ الحقيقة فإنه غير وحداني ولا فرداني من حيث لطيفته ومركبها وهيكلها وقالبها .

    وما من جزء في الإنسان إلّا والحق تعالى قد طالب الحقيقة الربانية التي فيه . إن تلقى على هذه الأجزاء ما يليق بها من العبادات .

    وهي في الجملة وإن كانت المدبرة فلها تكليف يخصها يناسب ذاتها . فلهذه الجمعية يقول العبد للّه تعالى :

    "لك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، وإياك نعبد » وأمثال هذا الخطاب .

    رواه ابن خزيمة . ""... قال : وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته : اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ربنا ونخاف عذابك الجد أن عذابك لمن عاديت ملحق ثم يكبّر ويهوي ساجدا " .""

    ولقد سألني سائل من علماء الرسوم عن هذه المسألة عينها . كان قد حار فيها .

    فأجبته بأجوبة منها هذا فشفى غليله والحمد للّه .

    ولهذا الباب أسرار لطيفة ومعان دقيقة أضربنا عن إيرادها في هذا المختصر لأسباب ولكن قد تأتي مفرقة في " الفتوحات " .

    فإن هذه « الفتوحات المكية » تضمنت « خمسمائة كتاب وستين كتابا » هذا أحد هذه الكتب ، وهو من فصل المنازل . وهذا الفصل مائة منزل وبضعة عشر منزلا .

    كل منزل كتاب ،

    وهذا الباب على ثلاثة أقطاب :

    قطب يتضمن سبعين ركنا من أركان رفيع الدرجات .

    وقطب يتضمن ركنين من البهاء .

    وقطب يتضمن أربعة أركان من أركان الديمومية .



    فتفيض أركان الرفعة من سبحاتها على صفاء نهر المكالمة الإلهية ، الجاري من نهر التوحيد ، فيضرب لها شعاع في زوايا عالم الأمر فيشرق.

    ولأجل هذا النور لا يمسهم في عبادتهم لأن هذا النور يحملهم فيها فهم المحمولون ألحقنا اللّه بهم .

    ويفيض ركنا البهاء من سبحاتها على صفاء نهر العزّة فينعكس الشعاع عليه .

    فيكون انعكاسه سببا لتحقق الأولياء بمقام العبودية والحرية بخروجهم بهذا النور عن رق الأكوان فهم العبيد الأحرار ، الذين ليس لأحد عليهم سلطان .

    وتفيض أركان الديمومية من سبحاتها على صفاء نهر الكمال فيضرب له شعاع في زوايا الكون المنفصل فيظهر له بذلك النور عين الجمع والوجود فينغمس فيها فيلحق بالكون المتصل ويزول الشرك .

    * إن الكون المنفصل عبارة عن وصف النفس بما ليست عليه .

    * الكون المتصل ما له دعوى البتة تلعب به يد الأقدار حيث شاءت لا حراك له ولا سكون من نفسه .

    قيل له : أنت . فلم يجب .

    قيل له : ما أنت . فلم يجب .

    قيل له : فإيش تريد أن تكون ؟

    أثبتناك فلم تجب ؟ أو نفيناك فلم تجب ؟ !

    فقال فانيا في خطابه عن خطابه بخطاب الأمر للأمر من نفس هذا المختص :

    جوابك في كلامك ، وسؤالك .

    فإنك أثبتني ونفيتني .

    فلو كنت لي مني مثبتا لم تقل أثبتناك .

    ولو كنت لي مني منفيا لم تقل نفيناك .

    فكيف يجيب من لا ثبوت له ولا انتفاء .

    أنت أنت أيها الأمر في أنت وفي أنا .

    فأنا غير أنت أيها الأمر وأنت غير أنا .

    فأنت إذا أنت لأنت ، لا لأنا ، ومن ضرب الواحد في نفسه لم يخرج له سوى نفسه .

    فاسأل ولا تسأل فما يجيبك غيرك فذم وامدح ، وهذا المفتاح فمن شاء فليفتح .

    واللّه الموفق لا ربّ غيره .

    وقد علم كل أناس مشربهم .

    باب آخر منها أوله ألف وآخره نون وهو الباب السادس من سبعة

    اعلم : أن اللّه تعالى لمّا أوجد عالم الهياكل الظلمانية والقوالب الجسمانية أوجدهم في الكون المنفصل ، فظهرت عنهم الدعاوى المهلكة والدعاوى الصادقة ، عن غير الحقيقة التي طولبوا بها .

    فأمّا أصحاب الدعاوى المهلكة ، فادّعوا الربوبية مطلقا فهلكوا ، وكانوا من الخاسرين وهم طائفتان :

    * طائفة ادعت القوة لها كفرعون ، وغيره .

    * وطائفة ادعت أن القوة للّه ، والفعل لها . وهم المعتزلة ومن تابعهم .

    فهؤلاء أصحاب الدعاوى المهلكة .

    وأمّا أصحاب الدعاوى الصادقة :

    فهم أصحاب غفلات مع العقد السليم فللّه معهم لغزان .

    إن أخذهم بعقدهم ابتداء سلموا من غير مشقة ، وإن أخذهم بغفلتهم شقوا ثم شفع فيهم عقدهم فانتقلوا إلى دار السعادة ، ولكن لم يشموا رائحة من الكون المتصل ، الذي هو عين الجمع والوجود .

    وثمّ طائفة من أصحاب الدعاوى الصادقة نظر الحق إليهم بعين العناية فهداهم ليستخلصهم لنفسه ، واصطنعهم في دار الامتزاج قبل الرحلة إلى دار التخليص . فعجّل لهم التخليص هنا .

    ففرّق بين ظلمتهم ونورهم شهودهم الذي أشهدهم .

    فأفنوا ثمّ أفنوا ثمّ أفنوا .... فكانوا في الوجود لسان حقّه

    وأبقوا ثمّ أبقوا ثمّ أبقوا .... فصرّفهم على مقدار وفقه

    وما أفنوا ، ولا أبقوا فكانوا .... لهو المستور في أطوار خلقه

    فناداهم عبيدي من عبادي .... فردّوا من تناديه بحقّه

    مقيم لا يزال يراك فيه .... وتبصره على تحقيق صدقه

    فإن أخرجته منه فأهلا .... وسهلا وليكن إخراج شوقه

    إليّ نزل بتركيب نزيه .... عن التّحليل مقرون بأفقه

    وريّ بعد شرب نال منه .... على قدر ولكن بعد ذوقه

    فلما ألحقهم بالكون المتصل ناداهم فلم يجيبوا فتعطلت الأسماء في حقهم ، وما ظهر لها أثر في لطائفهم .

    فبعد هذا المشهد العلي ، والحال السنيّ ردّهم إلى الكون المنفصل ، فنطقوا بلسان التقوى فيه ، لا بلسان الدعوى ، فكانوا حاكين ما نصّ لهم ، تالين ما أمروا بتلاوته ، لا طالبين ؛ فهم الشهود الأمناء ، وهم الأبرياء الأخفياء لا يعرفهم سواه .

    مجهولة أحوالهم من حيث الشّبه بالصورة ، واختلاف البواعث والمعاني .

    فهم يأكلون ويشربون ، ويركبون ، وينكحون ، ويمزحون ، ويضحكون .

    ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ[ الفرقان : 7 ] .

    انظر ماذا فعلت مشاركة الصور ، وإن اختلفت السور ، فبهذا اللسان نطقوا ، وعن هذه الحقيقة ترجموا ، ولو عثر عليهم رجموا .

    هكذا قال ابن عباس رضي اللّه عنه فسبحان من سترهم بهم عن أعين المنكرين ، وإن كانوا مسلمين صالحين .

    قال بعض العارفين : « لا يبلغ أحد درجة الحقيقة حتى يشهد فيه ألف صدّيق أنه زنديق » .

    معنى هذا الكلام لو نطق بما يقتضيه مقامه وحاله المستور .

    لكن لا ينطق إلّا بأمر المعتاد ، فيخفى بين العباد ، فيحيا طيب العيش ، نزيه المكان ، كثير الإمكان ، فهذه أحوال أرباب هذا الباب مجملة .

    ومدار هذا الباب على ثلاثة أقطاب :

    قطب يتضمن سبعين ركنا من أركان العلم .

    وقطب يتضمن ستة أركان من أركان الوراثة .

    وقطب يتضمن خمسين ركنا من أركان النور .

    فتفيض أركان العلم من سبحاتها على صفاء نهر العبودية ، فيضرب لها شعاع في أركان الولاية . فذلك نور الأولياء فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ[ الزمر : 22 ] ،لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ[ الحديد : 19 ] .

    وتفيض أركان النور من سبحاتها على صفاء نهر الهداية ، فيضرب لها شعاع في محجّة السالكين إلى اللّه ، فحيثما وقع ذلك النور فالطريق الظاهر به طريق السعادة والمجانب له طريق الشقاوة .

    فمن كوشف بهذا النور ، فإنه معصوم ، إن كان نبيّا .

    ومحفوظ ، إن كان وليا .

    والفرق بين العصمة والحفظ :

    أنّ العصمة تعمّ الذات كلها ،

    والحفظ يتعلق بالجوارح مطلقا . ولا يشترط استصحابه في السر ،

    فقد تخطر للولي خواطر لا يقتضيها طريق الحفظ لكن لا يظهر لها حكم على الجوارح ألبتّة .

    فاعلم ، واللّه الموفق .

    حضرة تميّز الثاني باب أوله ألف وصل وآخره نون وهو الباب السابع

    إذا لاح علم الهداية للبصائر طلبته اللطائف بهياكلها ، وذلك لأن العبد إذا أشرقت لعينه أنوار النور ، حصل له التميّز علما لا غير .

    فيرى طريق المقامات العلية والمشاهد القدسية ، عليها الآثار النبوية بالعلامات الربانية ، والآيات الرحمانية ، والدلالات الإلهية .

    ويرى عكس هذا الطريق من جميع الوجوه ، ويرى نفسه عليه ، أو بينهما . فإن خلع عليه رداء التوفيق مشى بالموافقة على الطريقة المثلى المحقوقة بالسّبحات العلى ، القائدة إلى المورد الأحلى بالمقام الأجلى ، حيث الشهود الأسنى ، والمكانة الزلفى ، والمرتبة العظمى ، حيث تنكشف أسرار المودة في القربى ، عند حجاب العزّة الأحمى ، بساحل بحر العمى .

    أل ليت التّراجم مخبرات .... بما يبدو إلى البصر الغريب

    من الأسرار في فلك المعالي .... إذا يسري على الحكم العجيب

    فتبصر ناطقا بلسان غيب .... غريبا في غريب ، في غريب

    وقام له سرّ الاستقامة في كل شيء من حيث أن كل شيء منه بدا ، وإليه يعود .

    فليس ظهور الاستقامة فيما يطلق عليه في الاصطلاح اسم المستقيم.

    فإن الكرة مستقيمة في التدوير . وليس اسم الاستقامة على الخط المستقيم بأولى من غيره .

    لو قيل لكل غصن من أغصان الشجرة على اختلافها ودخول أغصانها بعضها على بعض : لماذا خرجت عن حدّ الاستقامة الذي مشى عليها هذا الغصن الآخر ؟

    لقال : بل سله لما خرج عن حد الاستقامة التي أنا عليها ؟

    فمن رأى وجود الأشياء منه سبحانه ابتداء ونشأ .

    ورأى رجوعها إليه عودا ، ورأى معيّته في الأشياء بين البدء والعود . لم ير معوجا .

    بل كان يرى استقامة محضة لا غير .

    فالعارف إذا سأل الاستقامة .

    إنما يسأل معرفة حكمة الأشياء في وضعها ، ووجوه الحق فيها .أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ[ الشورى : 53 ] .

    فإذا اتضح للعبد طريق السعادة وطريق الشقاوة ، ورأى غاية الطريقين إلى اللّه تعالى . فلا يخلو هذا العبد .

    إمّا أن يلحظ نفسه وما يعطيه طبعه . وإمّا أن لا يلحظ ذلك .

    فإن لم يلحظ ذلك : فلا يقع له التميز من الطريقين من حيث الغاية . فلا يسأل النجاة من النار ، ولا يسأل نعيم الجنان .

    بل ينظر في الطريقين نظر متنزّه قد تسامى عن حكم الأكوان فيه .

    وذلك إذا كان الاسم " اللّه " في غاية الطريقين حينئذ يكون بهذه المثابة .

    فإن لحظ نفسه : في هذا المشهد مع الاسم « اللّه » في الغاية فصّل برؤيته نفسه ما في الاسم « اللّه » من الإجمال فهرب من النار ، وطلب الجنة .

    فإن رأى غاية كل طريق الاسم الخاص به فرأى في طريق السعادة الاسم المنعم ، ورأى في طريق الشقاوة الاسم المبلي ، فرّ من اللّه إلى اللّه .

    فرّ من المبلي المنتقم إلى المنعم ، والاستعاذة به .

    قال : أعوذ بك منك . فإنه هرب منه إليه ، ولا سيما إن شاهد أهل الخبرة والتيه ، الذين تخيلوا في ضلالتهم أنهم على هدى يشتد تعوذه لعظيم سلطان هذا المكر .

    حيث مكر بهم من حيث لا يشعر ونسَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ[الأعراف : 182 ] .

    فإن الضال إذا عرف أنه ضال ، فهو على هدى في ضلالته ، لكن يكون ظالما مستكبرا عالما فيرجى له .

    لأن العالم لا يمكن له أن يلتبس عليه معلومه بعد قيام العلم ، وحضوره معه .

    لكن كما قال تعالى :وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا[ النمل : 14 ] .

    هذا وصف العالم تشم عليه روائح السعادة .

    وقال في الشقي المطلق الجاهل :أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ[ الأعراف : 12 ] .

    فسبب إبايته وتكبره جهله . بخلاف الأول الذي سبب إبايته عن الانقياد بالظاهر تكبره على جنسه .

    فإن العالم لا يتمكن له الإباية بباطنه لحصول العلم عنده .

    فهو منقاد مطيع باطنا . معتاص جموح ظاهرا . وأمره إلى اللّه .

    وقد تكلمنا عليه في كتاب " لا إله إلا اللّه " مستوفى فإن هناك محله ومكانه .

    ثم إن السعيد المجتبى إذا عاين معارج المهتدين الذين يقدموه زمانا ورأى صفاء أنوارهم لما تخلصت عن ظلماتهم .

    وتلك الضياءات اللامعة المستخلصة من ظلمة الكون الثقلى بالضرورة يرى نوره دون أنوارهم في الصفاء والشعشعانية .

    وقد يكون فوق من رأى بالرتبة والفضيلة وهو لا يشعر لما يرى من المفاضلة بين النورين ، وما يعلم أن سبب قصور نوره أنه للعلاقة الماسكة له لبقاء هذه الجثة الظلمانية وشغله بها ، وعدم تخلصه منها .

    فيسأل حينئذ ربه تعالى في العروج به على معارج هذه الأنوار التي تراءت له رغبة في الصفاء المحض الذي لا يشوبه تكدير وتكثر .

    رغبته في ذلك والحاجة وطلبته إلى أن يتخلص كما تخلصوا فيكون صفاؤه عند ذلك على قدر ما اتصف من المعارف الإلهية وتحقق به من الصورة المعلومة .

    فهذه صورة عالم هذا الباب .

    ومداره على ثلاثة أقطاب :

    قطب يتضمن خمسة أركان من أركان الهوية.

    وقطب يتضمن أربعة أركان من أركان الديمومية .

    وقطب يتضمن ركنا من أركان الإنيّة .

    فتفيض أركان الهوية ، وركن الإنية من سبحاتها على صفاء نهر الديمومية .

    فيضرب لها شعاع في زوايا الجنّة والنار ، فيكون شعاع نور الهوية في جهنم فيقع الحجاب :كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ( 15 )[ المطففين : 15 ] .

    فالهو مصحوبهم أبد الآبدين ويكون شعاع نور الإنيّة في الجنان فتكون الرؤية :وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ( 23 )[ القيامة : 22 ، 23 ] .

    فالإنيّة مصحوبهم أبد الآبدين ، ونهر الديمومية يمد الدارين بحقيقته في شعاع كل نور ، ولهذا هؤلاء في السعادة دائمون ، وهؤلاء في الشقاوة دائمون .

    عصمنا اللّه وإيّاكم من غوائل الفتن وصرف عنّا وجوه المحن إنه ذو الآلاء والمنن .


      الوقت/التاريخ الآن هو 22/9/2024, 08:46