كتاب شق الجيب بعلم الغيب بكن ويكون ودرّ الدر الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
كتاب شق الجيب بعلم الغيب بكن ويكون ودرّ الدرر
تأليف الشّيخ الأكبر محيي الدّين محمّد بن علي بن محمّد ابن العربي الحاتمي المتوفى 638 هـ ضبطه وصحّحه وعلّمه عليه الشيخ الدّكتور عاصم إبراهيم الكيّالي الحسيني الشّاذلي الدّرقاوي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه رب العالمين ، الذي وفقني للسباحة في علم اليقين ، وقوّاني على إخراج الدرر من أصداف العبارات ، والاستعارات العجيبة ، والأوضاع الجديدة ، الواردة على قلبي بإلهام ربي ، وهي في الحقيقة درر عوارفه في حق العارفين .
والصلاة على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد
فلما فرغت من كتاب اليقين بالتماس الولد العزيز الأعز محسن الدين ، وقد رغب في حفظه ، ووافقه الولد العزيز ذو النسب الصحيح والحسب الصريح زين العابدين ، زينهما اللّه بإخلاص المخلصين ، فخطر ببالي في أثناء اشتغالي بالصلاة ، بين العشائين ، أن ألتقط منه ما يحتاج إليه طالب معرفة العالم الكبير ، وأسمّيه :
بـ « شق الجيب بعلم الغيب بكن ويكون ودرّ الدرر » .
فاستخرت اللّه تعالى فيه فوجدت شرح الصدر . فعافصتني هذه الخطبة نشرت بعد الفراغ عن صلاة العشاء ،
وقلت :اعلم يا طالب درة المعرفة ، أنّ الشيء الذي يصدق إطلاق القدم عليه لا يخلو من أن يكون مستغنيا بجميع الوجوه عن غيره أو لا .
فإن يكن فهو ذات اللّه الأحد الواحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .
وله القدم على الصفات ثابت من حيث الذات .
وهذا القدم عبارة عن ما لا يسبقه شيء بالسبقات السبع :
الذاتية ،
والمصدرية ،
والعلية ،
والمكانية ،
والزمانية ،
والرّتبيّة ،
والطبيعية .
وإن لم يكن مستغنيا بجميع الوجوه عن غيره فلا يخلو من أن يكون داخلا تحت أمر كن بالإيجاد والإفاضة أو لا .
فإن يكن داخلا فلا يخلو من أن يكون سرمديا أو لا . فإن يكن داخلا فهي الصفات المفتقرات في القيام إلى الذات ، ولها القدم ثابت على قيام الأفعال من حيث المصدري ، وإن يكن فهي الأفعال المفتقرات في صدورها إلى مصادرها ، ولها القدم ثابت على الآثار الظاهرة بسببها من حيث العلى .
والعبارة عن هذين القدمين هي أن لا يكونا داخلين تحت الأمر . فإن لم يكن سرمديا فلا يخلو من أن يكون مسبوقا بزمان إفاقي أو لا ،
فإن لم يكن فهي بالبسائط الحقيقية التي وجدت بالفيض الإيجادي بلا واسطة ، المفتقرة إلى فيض الإيجاد والإبقاء ، والنسبة التي وجدت بالفيض الأمري بواسطة العقل ، المفتقرة إلى فيض الأمر ، ووساطة العقل ،
وهذا القدم عبارة عن ما لا يسبقه الزمان الإفاقي ، وإن كان مسبوقا فهو كالمتولدات المفتقرة إلى مفرداتها بالتركيب ، وإلى فيوض المفردات الإيجادية والأمرية ، وإلى المؤلّفات كلها . وهذا القدم عبارة عن طول الزمان كالعرجون القديم ، والبينونات القديمة .
ثم اعلم أن الآثار الظاهرة بسبب العقل الصادر عن الصفة الدّال عليها اسم الموجد الخلاق ، الثابتة للذات حين تجلّيه ليعرف ممكن الوجود ، وهو عبارة عما يكون متساوي الطرفين في الجواز ،
وهو على قسمين :
- مقوم نفسه . - وغير مقوم نفسه .
فالمقوم نفسه على قسمين :
- مفرد . - وغير مفرد .
فالمفرد المعبر عنه بالجوهر على قسمين :
- إيجادي . - وأمري .
فالإيجادي : الذي هو البسيط الحقيقي لا يخلو من أن يكون قابلا لنقوش الفيوض المتواترة ، الفائضة من حضرة الحق المتعالي أو لا .
فإن يكن فهو اللوح المحفوظ المعبر عنه بالعقل ، الذي هو أثر أول فيض مخصوص بالحكمة وظلها . وقد أشار النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى أوليته في مرتبته بقوله :
« أول ما خلق اللّه العقل ». أورده العجلوني في كشف الخفاء والديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب وأورده غيرهما .
وهو أول شيء عقل به بعقال الإمكان ، بحيث عقل نفسه وموجده ، وأنه مأمور بالاستفاضة في المرتبة اللوحية ، وبالإفاضة في مرتبة الخلافة ، وإن لم يكن قابلا لنقوش الفيوض لا يخلو من أن يكون ملاقيا للّوح أو لا ، فإن يكون فهو المداد المعبر عنه بالنور المحمدي ،
المشار إليه وإلى أوليته بقوله : « أول ما خلق اللّه نوري »
وفي حديث آخر : « فإن المداد نوري »
وهو أثر أول فيض مخصوص بالقدرة وظلها .
وإن لم يكن ملاقيا للّوح فلا يخلو من أن يكون أقرب الأوليات إلى حضرة الحق المتعالي أو لا .
فإن لم يكن فهو الدواة المعبّر عنه بالروح الأحمدية المشار إلى أوليتها في مرتبتها بقوله : « أول ما خلق اللّه روحي » .
وهو أثر أول فيض مخصوص بالإرادة وظلها ، وإن يكن أقرب الأوليات إلى اللّه تعالى فهو القلم المعبر عنه بالخفي عند عارفي أرباب الطريقة من الصوفية المشار إلى أوليته في مرتبته بقوله : « أول ما خلق اللّه القلم » .
ثم النون : وهي الدواة ، وهو أثر أول فيض مخصوص بالعلم وظلّه .
وتيقن بأن العلم ما لم يفض لم تتيقظ الإرادة ، وما لم تتيقظ الإرادة لم تنتبه القدرة ، وما لم تنتبه القدرة لم تتقن الحكمة للقدر المقدر والمراد المعلوم .
فالحكمة متقنة للقدر المقدور .
والقدرة منبعثة بأمر الإرادة المخصصة لما في العلم .
والعلم منتظر لتجلي اللّه الأحد الواحد .
والأمري : لا يخلو من أن يكون قابلا للتأليف أو لا .
فإن لم يكن فهو جوهر النفس المعبر عنه بالعرش الفائض من لوح العقل بأمر الحق ، من حيث تعقّله موجده فصار ظل القلم .
وإن يكن فلا يخلو من أن يكون ذا فعل أو لا .
فإن يكن فهو جوهر الصور ؛ الفائض من لوح العقل بأمر الحق ، من حيث تعقله ؛ أنه مأمور بالإفاضة فصار ظل الدواة .
وإن لم يكن فهو جوهر المادة الفائض من لوح العقل بأمر الحق من حيث تعقله أنه مأمور بالاستفاضة .
فصار ظل المداد غير المفرد المعبر عنه بالجسم . وهو عبارة عما يصدق عليه إطلاق التأليف والتركيب الحاصل من فيض أمر العقل .
وهو على قسمين :
- مؤلف .
- ومركب .
فالمؤلّف : عبارة عما وجد من ائتلاف جوهري الصورة والمادة لا في زمان إفاقي .
والمركّب : عبارة عما وجد من جوهرين فصاعدا في زمان إفاقي مفتقرا إلى الفيوض الفلكية ونيّراتها وما فوقها .
والزمان الآفاقي : عبارة عن بدء حركة الأفلاك وتعداد أوقاتها .
والزمان الأنفسي : عبارة عن مقادير اللّه تعالى .
وقد أشار اللّه تعالى في آية واحدة إلى هذين الزمانين بقوله :فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ[ السجدة : 5 ] .
فاليوم إشارة إلى الزمان الآفاقي الأنفسي .
وألف سنة مما تعدون إشارة إلى الزمان .
والذي غير مقوم نفسه عرض ، وهو لا يخلو من أن يجوز طرآنه على الممكنات كلها أولا .
فإن يجز فهو الضعيف اللاحق بالوجود عند دخوله تحت ذل التكوين وتقيده بقيد الإمكان .
وإن لم يجز فلا يخلو من أن يبقى مع من يقوم به كبقائه أو لا .
فإن يبق فهو كالحيّز للمفردات المعبّر عنها بالجواهر والمكان للأجسام المركبة والمؤلفة ، وما يختص بالمؤلفات كتدوير الأفلاك ، وإن لم يبق فهو كضوء الشمع على الجدار ، وصفرة الخجل ، وحمرة الوجل ، والغضب حالة الجدل ، مما يختص بالمركبات . وهو ما لا يبقى زمانين .
- والحيّز : عبارة عما ظهر مع كل موجود مفرد ، بحيث لا يسع فيه غيره .
- والمكان : عبارة عما ظهر مع الجسم ، بحيث لا يسع فيه غيره كالطبع .
وأقسام العرض عشرة :
الحيّز ، والمكان كما مرّ ذكرهما .
والزمان الآفاقي الحاصل منه الثواني ، والساعات ، والشهور ، والأعوام ، والقرون ، والأحقاب - بعد الفتق ، والكيف ، والكم ، والوضع ، والإضافة ، والملك - وأن يفعل ، وأن ينفعل .
ثم اعلم : أن اللّه تعالى جعل الحيّز دالّا على استوائه إلى السماء .
والزمان : دالا على الأزل والأبد .
والكيف : دالا على اللطف ، والقهر ، والرضا ، والغضب .
والكم : دالا على الأسماء الحسنى .
والإضافة : دالة على الأسماء المضافة كالإله ، والرب .
والوضع : دالا على الهداية والضلالة والنفع والضر .
والملك : دالا على صفة مالكيته وتحقيق قوله :وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما[ المائدة : 18 ] .
والفرق بين الملك ( بضم الميم ) والملك ( بكسرها ) بيّن لأن الملك ( بالضم ) يصدق إطلاقا على جميع الممكنات .
وبالكسر : لا يصدق إلّا على المؤمنين الذين اشترى اللّه منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ؛ فدخلوا بحكم البيع والشراء في دائرة ملكيته ( بكسر الميم ) ، بعد أن كانوا داخلين في ملكه ( بضم الميم ) كسائر الممكنات .
وأكملهم من خصّه اللّه بخصوصية العبودية .
وأن يفعل : دالا على صفة فاعليته ، وتحقيق قوله :فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ[البروج :16] .
وأن ينفعل : دالا على حكمته المتقنة للقدر المقدور المراد من المعلوم ، والقدرة لا تتعلق بشيء خال عن الحكمة . ومن شأن الحكيم أن لا يفعل شيئا عبثا ، وشاكلة الحكمة الصواب .
فاللّه الحكيم خالق العالم على شاكلته .
وجعل المقوم نفسه دالا على ذاته القائم بنفسه . كما جعل غير المقوم نفسه دالا على ما بيّناه من قبل .
وقال لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم :قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ [ الإسراء : 84 ] .
ثم اعلم : أن خاتم التراكيب أخص أنواع الحيوان ، وهو الإنسان .
الذي هو أبعد الأشياء عن حضرة الوحدة في الصورة ، وأقرب الأشياء إليها في المعنى .
وكل فرد من أفراده عالم تام صغير بالجثة كبير بالمعنى ، فيه شيء ليس في العالم الكبير بالجثّة وهو مرآة مدركة ، ذوق مشاهده ، عكس جمال الشاهد المنطبع فيها المعبر عنها باللطيفة الأنانية .
التي هي عبارة عن الحقائق التي قامت بها المفردات الإيجادية والأمرية ، والمؤلفات والمركبات أحدثها الفيض من اللّه تعالى عند تجليه بالصفة الواحدية .
ليعرف المعبر عنه باللطيفة الحقيّة ( بالحاء المعرّاة ، والقاف ) من البدن المجتمع فيها العناصر الأربعة ، من حيث الاعتدال التام ، القابل لفيوض المفردات الإيجادية والأمرية ، التي هي الجواهر والأجسام المؤلفة اللطيفة ونيّراتها إليه ليكون مرآة لوجه اللّه ذي الجلال والإكرام والجمال والكمال .
وبها صار الإنسان أشرف الموجودات المشرّف بسجود الملائكة وخلافة الأرض وعمارتها .
وسخّر له ما في السماوات وما في الأرض جميعا . وهي الأمانة الكبرى المودعة في الحضرة العظمى المستورة عن أعين أهل السماوات العلى والأرضين السّفلى من أخص الخواص من عباده المخلصين وقليل ما هم .
وهم الأعظمون الأجر ، الأقلون العدد فانظر بعد بعين اليقين بكمال متابعة خير النبيين عليهم الصلاة والسلام في وجود العالم . وتيقين بأنه شخص واحد .
الأفلاك : بدنه الغير المحلول . والعناصر الأربعة وطبائعها أخلاطه الأربعة ، والطبائع المختصة بها .
والكواكب الثابتة والسيارة : حواسه الظاهرة والباطنة ، وقواه الخادمة والمخدومة .
والملائكة : قواه الروحانية الصالحة .
والجن المؤمن : قواه الزكية النفسانية .
والشيطان الكافر اللعين : قواه الفاسدة المخصوصة باللطيفة القالبية .
والنفس الكلية : لطيفته النفسية .
والعقل الكلي : لطيفته القلبية .
والمداد النوري : لطيفته الروحية .
والقلم القدسي الخفي عن عين العقل ، التي لم تكن منورة بنور الحق الفائض من روزنة قلب النبي صلى اللّه عليه وسلم لطيفته الخفية ( بالخاء المعجمة ) .
والفيض الفائض بتجلي الأحد الواحد ليعرف لطيفته الحقيّة ( بالحاء المعرّاة ، والقاف ) .
والشهادة ظاهر برقه مما تراه حواسه : العين الظاهرة .
والغيب : باطنه مما تراه حاسة البصيرة الباطنية .
والفصول الأربعة نفوسه الأربع :
الأمّارة الشتوية ،
واللوّامة الربيعية ،
والملهمة الصيفية ،
والمطمئنة الخريفية .
والمواليد : الثلاثة الحروف ، والأباجاد ، والكلمات ،
والإنسان الذي هو خاتم لأبنية التراكيب ، كلامه الكامل الذي يحسن السكوت عليه . فإنه المقصود من الحروف والأباجاد والكلمات ، والشقي والسعيد ، والخبيث والطيب منه ، والجحيم والجنة ، شعور المتكلم بخبثه والتألم به وبطيبه والتنعم به ، والربع المسكون من الأرض المكشوفة التي هي مستقر المواليد ، ومزرعة الآخرة ، ودار الكسب وقابلة الكون والفساد بدنه المحلول المنفعل كل لمحة .
والجبال : عظامه .
والأنهار : عروقه .
والأشجار : أشعاره .
والأقاليم السبعة : أعضاؤه .
وقس البواقي على ما رمزته إلى أصولها ، إن كنت من أهل الاستنباط ، وتيقن بأن المرآة الكاملة الأحقية عن الشروق والغروب ، والدائرة مع الحق في شؤون التجليات كلها أبد الآباد لطيفة أنانية خاتم النبيين وسيد الأولين والآخرين محمد الأمين عليه الصلاة والسلام .
أصالة ، ولمن قبله من النبيين ، ولمن بعده من الأولياء تبعية .
ولقد صدق الصدوق عليه الصلاة والسلام حين يحدث بنعمة ربه من حيث أمره به :
"أنا سيد ولد آدم ولا فخر " رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك والترمذي في جامعه الصحيح
وفي حديث آخر :
« لو كان موسى حيّا لما وسعه إلّا اتباعي » .
وقد اطلعنا من حيث اليقين أن معلم موسى متبع شريعته الزهراء اليوم ، وبها يربي أصحابه .
ثم اعلم : أن وجدان ذوق مشاهدة عكس جمال المرآة الشاهد المنطبع فيها ، والشاهد المتجلي حجب إدراك ذوق عكس جماله ، فحق أن يقول :يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[ المائدة :
54 ] ، ثم بالصبر على المشاق في طلبها ، ثم بالتقوى عن وقع الغبار والأكدار على وجهها والتراكم ، ثم بالإحسان في مراتبها ومراعاتها ، بمحاذاة الوجه دائما من غير انحراف . إلى هذا السرّ أشار ونص القرآن حيث قال لنبيّه عليه الصلاة والسلام :فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ[ هود : 112 ] .
وحقّ له أن يقول : « شيبتني هود وأخواتها » . رواه أحمد وابن أبي شيبة في مصنفه رواه الحاكم في المستدرك وأبو يعلى في مسنده ورواه غيرهم
والإيمان بلا طهارة الظاهر والباطن لا ينفع .
والصبر بلا توكل لا يصح .
والتقوى بلا توبة لا تنجح . والإحسان بلا قسط في الأمور لا يتم .
ولأجل هذا أثبت اللّه ولايته ، ومحبته للمؤمنين ، والصابرين ، والمتقين ، والمحسنين ، والمطهرين ، والمتوكلين ، والتائبين ، والمقسطين ،
بقوله :وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ[ آل عمران : 68 ].وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ[ آل عمران : 146 ].
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[ التوبة : 4 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[ البقرة : 195 ] .وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ[ التوبة : 108 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[ آل عمران : 159 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ[ البقرة : 222 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[ المائدة : 42 ] .
ولا يمكن التمتع بولاية اللّه تعالى ، ومحبته إلّا بعد الاحتراز عما لا يحبه اللّه ،
كما بيّن في كتابه بقوله :
فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ[ آل عمران : 32 ] .إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ[ القصص : 77 ] .وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ[ آل عمران : 140 ] .إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ[ النحل : 23 ] .إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ[ القصص : 76 ] .إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[ الأعراف : 31 ] .إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ[ البقرة : 190 ] .
فالمتمتع بالولاية أو المحبة ينبغي أن يكون بريئا عن الكفر ، والفساد ، والظلم ، والخيانة ، والاستكبار ، والفرح بغير الحق .
المورث للبطر ، وعن الإسراف الذي هو الإفراط ، والاعتداء الذي هو التفريط . متّقيا عن صحبتهم وموالاتهم .
وقد منع اللّه تعالى عنها [ المؤمنين ] بقوله :لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً[ آل عمران : 28 ].
وفي آية أخرى قال :لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ[ الممتحنة : 1 ].
وفي آية أخرى قال :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( 57 ) [ المائدة : 57 ] .
ثم اعلم : أن مشاهدة عكس جمال الشاهد المشهود ، المحب المحبوب ، المنطبع في المرآة المعبر عنها باللطيفة الإنسانية يكون صورته نورية وذوقية خالصة غير مشوبة بالمعنى ، والنور ، والصورة ، ولا يمكن الخلاص عن الغلط الواقع في كل واحد منهما ، بداية ، ووسطا ، ونهاية ؛ إلّا بالتمسك بما في سورة الإخلاص من وجوب وجود اللّه تعالى ووحدانيته ونزاهته عن جميع ما يكون خاصة الممكن إجمالا وتفصيلا .
ثم اعلم : أنه ليس لهذا الذوق نهاية ، لأن تجليات الحق المتعال غير متناهية ، وبكل تجلّ تزيد سعة المرآة وصفاؤها ، وبقدر السعة والصفاء يزداد حسن عكس جمال الشاهد المنطبع فيها ، وبقدر زيادة الحسن تزداد قوة إدراك المرآة وذوق حسن عكس الجمال أبد الآباد .
ثم اعلم : أن اللطيفة القلبية المكنّى عنها بذات الصدور عبارة عن قابلية حاصلة عن اجتماع العناصر في هيئة معتدلة تامّة مستفيضة من الأجرام اللطيفة الفلكية ،
ونيّراتها مستعدة لقبول فيض الكرسي ، المعبّر عنه بالفلك الأطلس الساذج ، عن نقوش الكواكب المعروض عليه ، التي كانت نقوشها محسوسة بالرصد ، مقسومة على السماء الدنيا ، المزينة بزينة الكواكب ، الثابتة .
المنوطة بها صلاح الدنيا وفسادها ، وسعادة أهلها ونحوسهم ، وبذلك سمّي بالسماء الدنيا لدنوّها منّا المشرفة بشرف الاستواء المعدّى بإلى بعد الفتق لتسوية السماوات السبع ، وتدبر كل أمر سماء منها مخصوصة بكوكب سيار من الكواكب السبعة المسماة بالجوار الكنّس وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ[ يس : 40 ] .
المحرك للأفلاك الثمانية بالجبر من المشرق إلى المغرب على خلاف حركتها غالبا بلا واسطة الأفلاك والأنجم ، وفيض العرش المعبر عنه بالنفس الكلية التي هي جوهر غير مفارق ، وغير قابل للتأليف مغلوبا .
وبهذه اللطيفة القابلية القلبية يمتاز الإنسان من الحيوان لأنها تبقى بعد خراب البدن المحلول المشاهد الذي به يشارك الحيوان في قبول الفيوض الفائضة من الأجرام اللطيفة الفلكية ، ونيّراتها .
واللطيفة النفسية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض الكرسي والعرش مستعدة لقبول فيض العرش غالبا واللوح مغلوبا بلا واسطة الكرسي .
واللطيفة القلبية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض العرش واللوح مستعدة لقبول فيض اللوح غالبا والمداد مغلوبا بلا واسطة العرش .
واللطيفة السّرّية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض اللوح والمداد مستعدة لقبول المداد غالبا ، والدواة مغلوبا بلا واسطة اللوح .
واللطيفة الروحية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض المداد والدواة مستعدة لقبول فيض الدواة غالبا والقلم مغلوبا بلا واسطة .
واللطيفة الخفية ، ( بالخاء المعجمة والفاء ) : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض الدواة والقلم مستعدة لقبول فيض القلم غالبا ، وفيض تجلي اللّه بالصفة الواحدية ليعرف مغلوبا بلا واسطة العرش والدواة .
واللطيفة الحقيّة ، ( بالحاء المعرّاة والقاف ) : عبارة عن قابلية حاصلة من العلم وفيض تجلّي اللّه بالصفة الموجدية المغلوب مستعدة لقبول فيض تجليه بالصفة الواحدية غالبا ، والواحدية مغلوبا في البداية .
وفيض تجلي الصفة الأحدية غالبا ، والذاتي مغلوبا في الوسط .
ولقبول الفيوض كلها من حيث الاعتدال التام غير غالب ولا مغلوب . كما أن البدن المحلول الذي هيّأه اللّه تعالى في هيئة معتدلة تامة ، ليكون مشيمة لجنين البدن المكتسب في مضيق بطن معالم الكون والفساد حق خاتم التراكيب الذي هو الإنسان .
والبدن المكتسب : عبارة عن اجتماع الأمريات المتفرقات في العنصريات المستكنة فيها حين اجتماعها في هيئة معتدلة حين جذبها فيض النفس المدبر لها لعلة المجانسة إليه لتكون متشبهة متثبتة .
والباء في غير المنفصل عنه في البرزخ والحشر ، والجنة والجحيم أبد الآباد ، وغلافا للمرآة المعبر عنها باللطيفة الإنسانية ، ولولاه ما أمكن الإشارة إلى أحد أنّه زيد وبكر ، شقي أو سعيد ، وكما أن الامتياز بين زيد وبكر في عالم الشهادة بالبدن المحلول للإنسان الذي هيّأه اللّه في أحسن هيأة معتدلة ، وخلقه في أحسن تقويم ، وفي أحسن صورة ، ففي عالم الغيب بالبدن المكتسب .
فإذا فهمت هذه الأسرار ما هممت في طرق بيانها ، كن موقنا مطمئنا على ما في سورة الإخلاص من الإلهيات وعلى صدق ما أخبر به الأنبياء عليهم السلام من المغيبات وعلى ختم النبوة على النبي الأمّيّ محمد العربي صلى اللّه عليه وسلم لتكون من المخلصين الذين لا يقدر الشيطان على إغوائهم كما أخبر عنه نص التنزيل .فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ( 82 ) إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ( 83 )[ ص : 82 ، 83 ] .
وصلى اللّه على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتاب شق الجيب بعلم الغيب بكن ويكون ودرّ الدرر
تأليف الشّيخ الأكبر محيي الدّين محمّد بن علي بن محمّد ابن العربي الحاتمي المتوفى 638 هـ ضبطه وصحّحه وعلّمه عليه الشيخ الدّكتور عاصم إبراهيم الكيّالي الحسيني الشّاذلي الدّرقاوي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه رب العالمين ، الذي وفقني للسباحة في علم اليقين ، وقوّاني على إخراج الدرر من أصداف العبارات ، والاستعارات العجيبة ، والأوضاع الجديدة ، الواردة على قلبي بإلهام ربي ، وهي في الحقيقة درر عوارفه في حق العارفين .
والصلاة على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد
فلما فرغت من كتاب اليقين بالتماس الولد العزيز الأعز محسن الدين ، وقد رغب في حفظه ، ووافقه الولد العزيز ذو النسب الصحيح والحسب الصريح زين العابدين ، زينهما اللّه بإخلاص المخلصين ، فخطر ببالي في أثناء اشتغالي بالصلاة ، بين العشائين ، أن ألتقط منه ما يحتاج إليه طالب معرفة العالم الكبير ، وأسمّيه :
بـ « شق الجيب بعلم الغيب بكن ويكون ودرّ الدرر » .
فاستخرت اللّه تعالى فيه فوجدت شرح الصدر . فعافصتني هذه الخطبة نشرت بعد الفراغ عن صلاة العشاء ،
وقلت :اعلم يا طالب درة المعرفة ، أنّ الشيء الذي يصدق إطلاق القدم عليه لا يخلو من أن يكون مستغنيا بجميع الوجوه عن غيره أو لا .
فإن يكن فهو ذات اللّه الأحد الواحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .
وله القدم على الصفات ثابت من حيث الذات .
وهذا القدم عبارة عن ما لا يسبقه شيء بالسبقات السبع :
الذاتية ،
والمصدرية ،
والعلية ،
والمكانية ،
والزمانية ،
والرّتبيّة ،
والطبيعية .
وإن لم يكن مستغنيا بجميع الوجوه عن غيره فلا يخلو من أن يكون داخلا تحت أمر كن بالإيجاد والإفاضة أو لا .
فإن يكن داخلا فلا يخلو من أن يكون سرمديا أو لا . فإن يكن داخلا فهي الصفات المفتقرات في القيام إلى الذات ، ولها القدم ثابت على قيام الأفعال من حيث المصدري ، وإن يكن فهي الأفعال المفتقرات في صدورها إلى مصادرها ، ولها القدم ثابت على الآثار الظاهرة بسببها من حيث العلى .
والعبارة عن هذين القدمين هي أن لا يكونا داخلين تحت الأمر . فإن لم يكن سرمديا فلا يخلو من أن يكون مسبوقا بزمان إفاقي أو لا ،
فإن لم يكن فهي بالبسائط الحقيقية التي وجدت بالفيض الإيجادي بلا واسطة ، المفتقرة إلى فيض الإيجاد والإبقاء ، والنسبة التي وجدت بالفيض الأمري بواسطة العقل ، المفتقرة إلى فيض الأمر ، ووساطة العقل ،
وهذا القدم عبارة عن ما لا يسبقه الزمان الإفاقي ، وإن كان مسبوقا فهو كالمتولدات المفتقرة إلى مفرداتها بالتركيب ، وإلى فيوض المفردات الإيجادية والأمرية ، وإلى المؤلّفات كلها . وهذا القدم عبارة عن طول الزمان كالعرجون القديم ، والبينونات القديمة .
ثم اعلم أن الآثار الظاهرة بسبب العقل الصادر عن الصفة الدّال عليها اسم الموجد الخلاق ، الثابتة للذات حين تجلّيه ليعرف ممكن الوجود ، وهو عبارة عما يكون متساوي الطرفين في الجواز ،
وهو على قسمين :
- مقوم نفسه . - وغير مقوم نفسه .
فالمقوم نفسه على قسمين :
- مفرد . - وغير مفرد .
فالمفرد المعبر عنه بالجوهر على قسمين :
- إيجادي . - وأمري .
فالإيجادي : الذي هو البسيط الحقيقي لا يخلو من أن يكون قابلا لنقوش الفيوض المتواترة ، الفائضة من حضرة الحق المتعالي أو لا .
فإن يكن فهو اللوح المحفوظ المعبر عنه بالعقل ، الذي هو أثر أول فيض مخصوص بالحكمة وظلها . وقد أشار النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى أوليته في مرتبته بقوله :
« أول ما خلق اللّه العقل ». أورده العجلوني في كشف الخفاء والديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب وأورده غيرهما .
وهو أول شيء عقل به بعقال الإمكان ، بحيث عقل نفسه وموجده ، وأنه مأمور بالاستفاضة في المرتبة اللوحية ، وبالإفاضة في مرتبة الخلافة ، وإن لم يكن قابلا لنقوش الفيوض لا يخلو من أن يكون ملاقيا للّوح أو لا ، فإن يكون فهو المداد المعبر عنه بالنور المحمدي ،
المشار إليه وإلى أوليته بقوله : « أول ما خلق اللّه نوري »
وفي حديث آخر : « فإن المداد نوري »
وهو أثر أول فيض مخصوص بالقدرة وظلها .
وإن لم يكن ملاقيا للّوح فلا يخلو من أن يكون أقرب الأوليات إلى حضرة الحق المتعالي أو لا .
فإن لم يكن فهو الدواة المعبّر عنه بالروح الأحمدية المشار إلى أوليتها في مرتبتها بقوله : « أول ما خلق اللّه روحي » .
وهو أثر أول فيض مخصوص بالإرادة وظلها ، وإن يكن أقرب الأوليات إلى اللّه تعالى فهو القلم المعبر عنه بالخفي عند عارفي أرباب الطريقة من الصوفية المشار إلى أوليته في مرتبته بقوله : « أول ما خلق اللّه القلم » .
ثم النون : وهي الدواة ، وهو أثر أول فيض مخصوص بالعلم وظلّه .
وتيقن بأن العلم ما لم يفض لم تتيقظ الإرادة ، وما لم تتيقظ الإرادة لم تنتبه القدرة ، وما لم تنتبه القدرة لم تتقن الحكمة للقدر المقدر والمراد المعلوم .
فالحكمة متقنة للقدر المقدور .
والقدرة منبعثة بأمر الإرادة المخصصة لما في العلم .
والعلم منتظر لتجلي اللّه الأحد الواحد .
والأمري : لا يخلو من أن يكون قابلا للتأليف أو لا .
فإن لم يكن فهو جوهر النفس المعبر عنه بالعرش الفائض من لوح العقل بأمر الحق ، من حيث تعقّله موجده فصار ظل القلم .
وإن يكن فلا يخلو من أن يكون ذا فعل أو لا .
فإن يكن فهو جوهر الصور ؛ الفائض من لوح العقل بأمر الحق ، من حيث تعقله ؛ أنه مأمور بالإفاضة فصار ظل الدواة .
وإن لم يكن فهو جوهر المادة الفائض من لوح العقل بأمر الحق من حيث تعقله أنه مأمور بالاستفاضة .
فصار ظل المداد غير المفرد المعبر عنه بالجسم . وهو عبارة عما يصدق عليه إطلاق التأليف والتركيب الحاصل من فيض أمر العقل .
وهو على قسمين :
- مؤلف .
- ومركب .
فالمؤلّف : عبارة عما وجد من ائتلاف جوهري الصورة والمادة لا في زمان إفاقي .
والمركّب : عبارة عما وجد من جوهرين فصاعدا في زمان إفاقي مفتقرا إلى الفيوض الفلكية ونيّراتها وما فوقها .
والزمان الآفاقي : عبارة عن بدء حركة الأفلاك وتعداد أوقاتها .
والزمان الأنفسي : عبارة عن مقادير اللّه تعالى .
وقد أشار اللّه تعالى في آية واحدة إلى هذين الزمانين بقوله :فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ[ السجدة : 5 ] .
فاليوم إشارة إلى الزمان الآفاقي الأنفسي .
وألف سنة مما تعدون إشارة إلى الزمان .
والذي غير مقوم نفسه عرض ، وهو لا يخلو من أن يجوز طرآنه على الممكنات كلها أولا .
فإن يجز فهو الضعيف اللاحق بالوجود عند دخوله تحت ذل التكوين وتقيده بقيد الإمكان .
وإن لم يجز فلا يخلو من أن يبقى مع من يقوم به كبقائه أو لا .
فإن يبق فهو كالحيّز للمفردات المعبّر عنها بالجواهر والمكان للأجسام المركبة والمؤلفة ، وما يختص بالمؤلفات كتدوير الأفلاك ، وإن لم يبق فهو كضوء الشمع على الجدار ، وصفرة الخجل ، وحمرة الوجل ، والغضب حالة الجدل ، مما يختص بالمركبات . وهو ما لا يبقى زمانين .
- والحيّز : عبارة عما ظهر مع كل موجود مفرد ، بحيث لا يسع فيه غيره .
- والمكان : عبارة عما ظهر مع الجسم ، بحيث لا يسع فيه غيره كالطبع .
وأقسام العرض عشرة :
الحيّز ، والمكان كما مرّ ذكرهما .
والزمان الآفاقي الحاصل منه الثواني ، والساعات ، والشهور ، والأعوام ، والقرون ، والأحقاب - بعد الفتق ، والكيف ، والكم ، والوضع ، والإضافة ، والملك - وأن يفعل ، وأن ينفعل .
ثم اعلم : أن اللّه تعالى جعل الحيّز دالّا على استوائه إلى السماء .
والزمان : دالا على الأزل والأبد .
والكيف : دالا على اللطف ، والقهر ، والرضا ، والغضب .
والكم : دالا على الأسماء الحسنى .
والإضافة : دالة على الأسماء المضافة كالإله ، والرب .
والوضع : دالا على الهداية والضلالة والنفع والضر .
والملك : دالا على صفة مالكيته وتحقيق قوله :وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما[ المائدة : 18 ] .
والفرق بين الملك ( بضم الميم ) والملك ( بكسرها ) بيّن لأن الملك ( بالضم ) يصدق إطلاقا على جميع الممكنات .
وبالكسر : لا يصدق إلّا على المؤمنين الذين اشترى اللّه منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ؛ فدخلوا بحكم البيع والشراء في دائرة ملكيته ( بكسر الميم ) ، بعد أن كانوا داخلين في ملكه ( بضم الميم ) كسائر الممكنات .
وأكملهم من خصّه اللّه بخصوصية العبودية .
وأن يفعل : دالا على صفة فاعليته ، وتحقيق قوله :فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ[البروج :16] .
وأن ينفعل : دالا على حكمته المتقنة للقدر المقدور المراد من المعلوم ، والقدرة لا تتعلق بشيء خال عن الحكمة . ومن شأن الحكيم أن لا يفعل شيئا عبثا ، وشاكلة الحكمة الصواب .
فاللّه الحكيم خالق العالم على شاكلته .
وجعل المقوم نفسه دالا على ذاته القائم بنفسه . كما جعل غير المقوم نفسه دالا على ما بيّناه من قبل .
وقال لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم :قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ [ الإسراء : 84 ] .
ثم اعلم : أن خاتم التراكيب أخص أنواع الحيوان ، وهو الإنسان .
الذي هو أبعد الأشياء عن حضرة الوحدة في الصورة ، وأقرب الأشياء إليها في المعنى .
وكل فرد من أفراده عالم تام صغير بالجثة كبير بالمعنى ، فيه شيء ليس في العالم الكبير بالجثّة وهو مرآة مدركة ، ذوق مشاهده ، عكس جمال الشاهد المنطبع فيها المعبر عنها باللطيفة الأنانية .
التي هي عبارة عن الحقائق التي قامت بها المفردات الإيجادية والأمرية ، والمؤلفات والمركبات أحدثها الفيض من اللّه تعالى عند تجليه بالصفة الواحدية .
ليعرف المعبر عنه باللطيفة الحقيّة ( بالحاء المعرّاة ، والقاف ) من البدن المجتمع فيها العناصر الأربعة ، من حيث الاعتدال التام ، القابل لفيوض المفردات الإيجادية والأمرية ، التي هي الجواهر والأجسام المؤلفة اللطيفة ونيّراتها إليه ليكون مرآة لوجه اللّه ذي الجلال والإكرام والجمال والكمال .
وبها صار الإنسان أشرف الموجودات المشرّف بسجود الملائكة وخلافة الأرض وعمارتها .
وسخّر له ما في السماوات وما في الأرض جميعا . وهي الأمانة الكبرى المودعة في الحضرة العظمى المستورة عن أعين أهل السماوات العلى والأرضين السّفلى من أخص الخواص من عباده المخلصين وقليل ما هم .
وهم الأعظمون الأجر ، الأقلون العدد فانظر بعد بعين اليقين بكمال متابعة خير النبيين عليهم الصلاة والسلام في وجود العالم . وتيقين بأنه شخص واحد .
الأفلاك : بدنه الغير المحلول . والعناصر الأربعة وطبائعها أخلاطه الأربعة ، والطبائع المختصة بها .
والكواكب الثابتة والسيارة : حواسه الظاهرة والباطنة ، وقواه الخادمة والمخدومة .
والملائكة : قواه الروحانية الصالحة .
والجن المؤمن : قواه الزكية النفسانية .
والشيطان الكافر اللعين : قواه الفاسدة المخصوصة باللطيفة القالبية .
والنفس الكلية : لطيفته النفسية .
والعقل الكلي : لطيفته القلبية .
والمداد النوري : لطيفته الروحية .
والقلم القدسي الخفي عن عين العقل ، التي لم تكن منورة بنور الحق الفائض من روزنة قلب النبي صلى اللّه عليه وسلم لطيفته الخفية ( بالخاء المعجمة ) .
والفيض الفائض بتجلي الأحد الواحد ليعرف لطيفته الحقيّة ( بالحاء المعرّاة ، والقاف ) .
والشهادة ظاهر برقه مما تراه حواسه : العين الظاهرة .
والغيب : باطنه مما تراه حاسة البصيرة الباطنية .
والفصول الأربعة نفوسه الأربع :
الأمّارة الشتوية ،
واللوّامة الربيعية ،
والملهمة الصيفية ،
والمطمئنة الخريفية .
والمواليد : الثلاثة الحروف ، والأباجاد ، والكلمات ،
والإنسان الذي هو خاتم لأبنية التراكيب ، كلامه الكامل الذي يحسن السكوت عليه . فإنه المقصود من الحروف والأباجاد والكلمات ، والشقي والسعيد ، والخبيث والطيب منه ، والجحيم والجنة ، شعور المتكلم بخبثه والتألم به وبطيبه والتنعم به ، والربع المسكون من الأرض المكشوفة التي هي مستقر المواليد ، ومزرعة الآخرة ، ودار الكسب وقابلة الكون والفساد بدنه المحلول المنفعل كل لمحة .
والجبال : عظامه .
والأنهار : عروقه .
والأشجار : أشعاره .
والأقاليم السبعة : أعضاؤه .
وقس البواقي على ما رمزته إلى أصولها ، إن كنت من أهل الاستنباط ، وتيقن بأن المرآة الكاملة الأحقية عن الشروق والغروب ، والدائرة مع الحق في شؤون التجليات كلها أبد الآباد لطيفة أنانية خاتم النبيين وسيد الأولين والآخرين محمد الأمين عليه الصلاة والسلام .
أصالة ، ولمن قبله من النبيين ، ولمن بعده من الأولياء تبعية .
ولقد صدق الصدوق عليه الصلاة والسلام حين يحدث بنعمة ربه من حيث أمره به :
"أنا سيد ولد آدم ولا فخر " رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك والترمذي في جامعه الصحيح
وفي حديث آخر :
« لو كان موسى حيّا لما وسعه إلّا اتباعي » .
وقد اطلعنا من حيث اليقين أن معلم موسى متبع شريعته الزهراء اليوم ، وبها يربي أصحابه .
ثم اعلم : أن وجدان ذوق مشاهدة عكس جمال المرآة الشاهد المنطبع فيها ، والشاهد المتجلي حجب إدراك ذوق عكس جماله ، فحق أن يقول :يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[ المائدة :
54 ] ، ثم بالصبر على المشاق في طلبها ، ثم بالتقوى عن وقع الغبار والأكدار على وجهها والتراكم ، ثم بالإحسان في مراتبها ومراعاتها ، بمحاذاة الوجه دائما من غير انحراف . إلى هذا السرّ أشار ونص القرآن حيث قال لنبيّه عليه الصلاة والسلام :فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ[ هود : 112 ] .
وحقّ له أن يقول : « شيبتني هود وأخواتها » . رواه أحمد وابن أبي شيبة في مصنفه رواه الحاكم في المستدرك وأبو يعلى في مسنده ورواه غيرهم
والإيمان بلا طهارة الظاهر والباطن لا ينفع .
والصبر بلا توكل لا يصح .
والتقوى بلا توبة لا تنجح . والإحسان بلا قسط في الأمور لا يتم .
ولأجل هذا أثبت اللّه ولايته ، ومحبته للمؤمنين ، والصابرين ، والمتقين ، والمحسنين ، والمطهرين ، والمتوكلين ، والتائبين ، والمقسطين ،
بقوله :وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ[ آل عمران : 68 ].وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ[ آل عمران : 146 ].
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[ التوبة : 4 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[ البقرة : 195 ] .وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ[ التوبة : 108 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[ آل عمران : 159 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ[ البقرة : 222 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[ المائدة : 42 ] .
ولا يمكن التمتع بولاية اللّه تعالى ، ومحبته إلّا بعد الاحتراز عما لا يحبه اللّه ،
كما بيّن في كتابه بقوله :
فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ[ آل عمران : 32 ] .إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ[ القصص : 77 ] .وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ[ آل عمران : 140 ] .إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ[ النحل : 23 ] .إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ[ القصص : 76 ] .إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[ الأعراف : 31 ] .إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ[ البقرة : 190 ] .
فالمتمتع بالولاية أو المحبة ينبغي أن يكون بريئا عن الكفر ، والفساد ، والظلم ، والخيانة ، والاستكبار ، والفرح بغير الحق .
المورث للبطر ، وعن الإسراف الذي هو الإفراط ، والاعتداء الذي هو التفريط . متّقيا عن صحبتهم وموالاتهم .
وقد منع اللّه تعالى عنها [ المؤمنين ] بقوله :لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً[ آل عمران : 28 ].
وفي آية أخرى قال :لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ[ الممتحنة : 1 ].
وفي آية أخرى قال :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( 57 ) [ المائدة : 57 ] .
ثم اعلم : أن مشاهدة عكس جمال الشاهد المشهود ، المحب المحبوب ، المنطبع في المرآة المعبر عنها باللطيفة الإنسانية يكون صورته نورية وذوقية خالصة غير مشوبة بالمعنى ، والنور ، والصورة ، ولا يمكن الخلاص عن الغلط الواقع في كل واحد منهما ، بداية ، ووسطا ، ونهاية ؛ إلّا بالتمسك بما في سورة الإخلاص من وجوب وجود اللّه تعالى ووحدانيته ونزاهته عن جميع ما يكون خاصة الممكن إجمالا وتفصيلا .
ثم اعلم : أنه ليس لهذا الذوق نهاية ، لأن تجليات الحق المتعال غير متناهية ، وبكل تجلّ تزيد سعة المرآة وصفاؤها ، وبقدر السعة والصفاء يزداد حسن عكس جمال الشاهد المنطبع فيها ، وبقدر زيادة الحسن تزداد قوة إدراك المرآة وذوق حسن عكس الجمال أبد الآباد .
ثم اعلم : أن اللطيفة القلبية المكنّى عنها بذات الصدور عبارة عن قابلية حاصلة عن اجتماع العناصر في هيئة معتدلة تامّة مستفيضة من الأجرام اللطيفة الفلكية ،
ونيّراتها مستعدة لقبول فيض الكرسي ، المعبّر عنه بالفلك الأطلس الساذج ، عن نقوش الكواكب المعروض عليه ، التي كانت نقوشها محسوسة بالرصد ، مقسومة على السماء الدنيا ، المزينة بزينة الكواكب ، الثابتة .
المنوطة بها صلاح الدنيا وفسادها ، وسعادة أهلها ونحوسهم ، وبذلك سمّي بالسماء الدنيا لدنوّها منّا المشرفة بشرف الاستواء المعدّى بإلى بعد الفتق لتسوية السماوات السبع ، وتدبر كل أمر سماء منها مخصوصة بكوكب سيار من الكواكب السبعة المسماة بالجوار الكنّس وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ[ يس : 40 ] .
المحرك للأفلاك الثمانية بالجبر من المشرق إلى المغرب على خلاف حركتها غالبا بلا واسطة الأفلاك والأنجم ، وفيض العرش المعبر عنه بالنفس الكلية التي هي جوهر غير مفارق ، وغير قابل للتأليف مغلوبا .
وبهذه اللطيفة القابلية القلبية يمتاز الإنسان من الحيوان لأنها تبقى بعد خراب البدن المحلول المشاهد الذي به يشارك الحيوان في قبول الفيوض الفائضة من الأجرام اللطيفة الفلكية ، ونيّراتها .
واللطيفة النفسية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض الكرسي والعرش مستعدة لقبول فيض العرش غالبا واللوح مغلوبا بلا واسطة الكرسي .
واللطيفة القلبية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض العرش واللوح مستعدة لقبول فيض اللوح غالبا والمداد مغلوبا بلا واسطة العرش .
واللطيفة السّرّية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض اللوح والمداد مستعدة لقبول المداد غالبا ، والدواة مغلوبا بلا واسطة اللوح .
واللطيفة الروحية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض المداد والدواة مستعدة لقبول فيض الدواة غالبا والقلم مغلوبا بلا واسطة .
واللطيفة الخفية ، ( بالخاء المعجمة والفاء ) : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض الدواة والقلم مستعدة لقبول فيض القلم غالبا ، وفيض تجلي اللّه بالصفة الواحدية ليعرف مغلوبا بلا واسطة العرش والدواة .
واللطيفة الحقيّة ، ( بالحاء المعرّاة والقاف ) : عبارة عن قابلية حاصلة من العلم وفيض تجلّي اللّه بالصفة الموجدية المغلوب مستعدة لقبول فيض تجليه بالصفة الواحدية غالبا ، والواحدية مغلوبا في البداية .
وفيض تجلي الصفة الأحدية غالبا ، والذاتي مغلوبا في الوسط .
ولقبول الفيوض كلها من حيث الاعتدال التام غير غالب ولا مغلوب . كما أن البدن المحلول الذي هيّأه اللّه تعالى في هيئة معتدلة تامة ، ليكون مشيمة لجنين البدن المكتسب في مضيق بطن معالم الكون والفساد حق خاتم التراكيب الذي هو الإنسان .
والبدن المكتسب : عبارة عن اجتماع الأمريات المتفرقات في العنصريات المستكنة فيها حين اجتماعها في هيئة معتدلة حين جذبها فيض النفس المدبر لها لعلة المجانسة إليه لتكون متشبهة متثبتة .
والباء في غير المنفصل عنه في البرزخ والحشر ، والجنة والجحيم أبد الآباد ، وغلافا للمرآة المعبر عنها باللطيفة الإنسانية ، ولولاه ما أمكن الإشارة إلى أحد أنّه زيد وبكر ، شقي أو سعيد ، وكما أن الامتياز بين زيد وبكر في عالم الشهادة بالبدن المحلول للإنسان الذي هيّأه اللّه في أحسن هيأة معتدلة ، وخلقه في أحسن تقويم ، وفي أحسن صورة ، ففي عالم الغيب بالبدن المكتسب .
فإذا فهمت هذه الأسرار ما هممت في طرق بيانها ، كن موقنا مطمئنا على ما في سورة الإخلاص من الإلهيات وعلى صدق ما أخبر به الأنبياء عليهم السلام من المغيبات وعلى ختم النبوة على النبي الأمّيّ محمد العربي صلى اللّه عليه وسلم لتكون من المخلصين الذين لا يقدر الشيطان على إغوائهم كما أخبر عنه نص التنزيل .فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ( 82 ) إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ( 83 )[ ص : 82 ، 83 ] .
وصلى اللّه على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين .
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin