كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري
المقالة الثالثة عشر ذكر الطير جميعاً الأبيات من 1030 – 1069
بعد ذلك توالت الطير واحداً واحداً ، تقدم أعذاراً واهية ، قال كل طائر عذراً يقطر جهلاً ، وما قال أحد عذراً لائقاً ، بل قال الكل هراء وهزلاً ولن أسرد عليك أعذارهم عذراً عذراً ، لأن الحديث يطول فالتمس لي عذراً ،
ومن كان عذره واهياً أنى له الوصول إلى السيمرغ ؟
أما من يفضل السيمرغ على روحه فإنه يخاطر بالروح كالرجال من أجله ، ومن لا يملك في عشه ثلاثين حبة ، جاز له ألا يكون للسيمرغ رفيقاً ،
لأنه لو عدمت حوصلتك الحبة ، فكيف تداوم الصوم مع السيمرغ أربعين يوماً ؟
وإن كنت قد ثملت من قطرة خمر واحدة فكيف تستطيع منادمة الأبطال في معاقرة الصهباء ؟
وإن كنت عاجزاً عن تحمل ذرة فكيف تستطيع أن تدرك وصال الشمس ؟
وإن كنت تغرق في قطرة فكيف تجتاز البحر من البداية إلى النهاية ؟ إن ما تبحث عنه ليس هذا الشيء وفعل كل قبيح ليس هذا الشيء .
ما أن سمع جميع الطير هذه الحال حتى وجهوا جميعاً للهدهد هذا السؤال : يا من لك السبق في سلوك الطريق ويا من بلغ أوج العظمة والتوفيق ، نحن حفنة من الضعاف والعجزة قد عدمنا الريش والجناح والجسد والمقدرة ،
أنى لنا أن نصل إلى السيمرغ ذي القدر الرفيع ؟
لو جاز أن وصل واحد منا لكان هذا هو الأمر البديع ، فأخبرنا ثانية أي صلة تربطنا به ؟
إذ لا يمكن التخبط بحثاً عن الأسرار ، فإن كانت هناك صلة بيننا وبينه تولدت الرغبة لدى كل منا للمسير صوبه ، إنه سليمان ونحن مجرد نمل مسكين ، فتمعن من أين هو ومن أين نحن؟ ،
إذا كانت النملة أسيرة في قاع البئر فكيف تصل إلى محيط السيمرغ المرتفع ؟ وكيف يكون الملك قرين الشحاذ ؟
وكيف يكون هذا الأمر في مقدور أمثالنا ؟
هنا قال الهدهد : أيها الجهلة متى كان العشق مستساغاً من سيء الطوية ؟ أيها المساكين إلام هذا الجهل ؟
حقاً لا يستقيم العشق وسوء النية ، كل من له في طريق العشق عين مبصرة ، قد أقبل فرحاً وللروح ناثراً ،
ولتعلم أنه عندما رفع السيمرغ النقاب ، بدا وجهه كالشمس مشرقاً ، وألقى بمئات الألوف من ظلاله على الأرض ، وهنا أدرك البصر ظلاً طاهراً ، وما أن نثر ظله على العالم ،
حتى كانت تلك الطيور العديدة التي تبدو كل لحظة ، فصورة طير العالم جميعها ما هي إلا ظله ، فاعلم هذا أيها الجاهل ..
اعلم هذا كله ، فإن علمت به في البداية ، اتصلت اتصالاً وثيقاً بتلك الحضرة ، وإن علمته فلتدرك الحقيقة ولتكن حذراً وإن أدركتها فلا تكن مفشياً سراً ،
وكل من صار هكذا صار مستغرقاً ، فحاشى لله أن تقول أنا الحق ،
ومع أنك صرت كما قلت أنا ولست الحق لكنك في الحق دائماً مستغرق ،
وكيف يكون المستغرق حلولياً ؟
وكيف يكون هذا الكلام من شأن الفضولي ؟
فإن أدركت ظل من أنت فرغت من الكل سواء حييت أو مت ..
وإن لم يظهر أي سيمرغ مطلقاً لما كان السيمرغ صاحب ظل مطلقاً ، وإذا كان السيمرغ خفياً دواماً لانعدم الظل من الدنيا دائماً ، وكل ما ظهر له ظل هنا كان نتيجة ظهور ذلك الشيء هناك أولاً ،
فإن لم تكن لك عين مبصرة تدرك السيمرغ ، فلن يكون لك قلب كالمرآة المجلوة ، وإن لم يكن لأحد عين هذا الجمال فصبرنا أمام جماله ضرب من المحال ،
ومع جماله الآخاذ كيف لا يمارس العشق معه وقد صنع مرآة من كمال لطفه ، هذه المرآة هي القلب فأمعن النظر إلى القلب ،
ولكي ترى وجهه أمعن النظر إلى القلب ..
المقالة الثالثة عشر حكاية 1
الأبيات من 1070 – 1102
كان هناك ملك وسيم غاية في الجمال وحسنه بلا مثيل في الدنيا ولا مثال ، وما الصبح الصادق إلا إشراقة من وجهه وما الروح القدسية إلا نفحة من طيب مسكه ، وملك العالم مصحف أسراره وغاية الحسن آية طلعته ،
ولا أعلم هل تمكن شخص قط أن يجد نصيباً من جماله وبسببه غص العالم بالاضطراب وحبه فاق كل حد لدى الخلق .
ذات ليلة ساق جواده الأسود خارج المدينة ، وأسدل برقعاً داكناً على وجهه ، فكان كل من يوجه نظره إلى هذا البرقع تفصل رأسه عن جسده دون ذنب ، ومن كان يورد اسمه على اللسان كان لسانه يقطع في ذلك الزمان ، وإذا فكر شخص في وصاله أصاب الفناء روحه وعقله ، وذات يوم مات ألف فرد بسبب عشقه فما أجمل هذا العشق وما أبهى هذا الأمر إذ ليس لإنسان أن يصبر على فراقه وليس لإنسان مقدرة على رؤيته ،
فكل من رأى جماله عياناً أسلم الروح ومات متأوهاً ، فالموت في سبيل عشق ذلك الوجه الساحر أفضل من مائة عمر مديد ، لقد مات خلق عديدون على الدوام من هذا الطلب إذ لا يمكن الصبر معه ولا الصبر بدونه ،
ويا للعجب لو قدر وتوفرت لشخص القدرة لحظة لظهر وجه السلطان له عياناً ، ولكن إذا انعدم الشخص القادر على رؤيته فما استطاع أحد محادثته ومرافقته ، ولما لم يظهر من الخلق من هو جدير به فقد مات الجميع وقلوبهم مفعمة بالآلام منه .
في هذا الوقت أمر السلطان بإحضار مرآة حتى يستطيعوا النظر في تلك المرآة ، فشيدوا للسلطان قصراً جميلاً ووضعوا المرآة في مواجهته ، ثم صعد السلطان على سطح ذلك القصر ونظر في التو إلى المرآة ، وما أن أطل وجهه مشرقاً من المرآة حتى أدرك كل شخص منه علامة .
إن ترغب في رؤية جمال الحبيب ، فاعلم أن القلب هو مرآة طلعته ، ليكن قلبك على كفك ثم انظر جماله ، ولتكن روحك مرآة له ثم انظر جلاله ، إن مليكك في قصر الجلال والقصر مضيء بشمس ذلك الجمال ،
وللمليك طريق صوب كل قلب ولكن لا طريق للقلب الضال صوبه .
انظر إلهك في قلبك وانظر العرش فيما هو كائن حولك ، وكل رداء قد بدا في الصحراء قد من ظل السيمرغ الحسن الرواء ، وإن بدت لك الثلاثون طائراً غاية في الجمال
فإنك ترى بلا شك ظل السيمرغ بلا جدال ، وسواء أكان الكل أربعين طائراً أو ثلاثين فكل ما رأيت ما هو إلا ظل السيمرغ
وظل السيمرغ لا ينفصل عنه ، أما إذا انفصل فليس من اللائق الحديث عنه ، وكلاهما متلازمان فابحث عنهما معاً ولكن اعبر الظل ثم ابحث عن السر ،
وإن يبد لك فتح باب فسترى الشمس وسط الظلال ، ولكن إن تضل الطريق وسط الظل فأنى لك أن تدرك السيمرغ ؟
وإن ترى الظل يتلاشى في الشمس على الدوام فسترى أنك أنت الشمس والسلام .
المقالة الثالثة عشر حكاية 2
الأبيات من 1103 – 1109
قيل عندما كان الإسكندر صاحب القبول يريد أن يرسل إلى مكان ما أي رسول ، كان يرتدي بنفسه وهو سلطان الدنيا لباس الرسل ويذهب متخفياً
وكان ينطق بما لم يسمع به أحد ثم يقول : هكذا أمر الإسكندر ، وما علم أي شخص في كل العالم أن هذا الرسول هو اسكندر الروم ،
ولما لم يكن قد أتيح لأي شخص منهم أن رأى الإسكندر لما صدقوه لو قال : أنا الإسكندر ،
فإذا كان السلطان مجهولاً خارج دياره فلا تغتم فهكذا الحال أيضاً داخل دياره .
المقالة الثالثة عشر حكاية 3
الأبيات من 1110 – 1132
عندما اصابت إياز نظرة سوء بالضرر بعد عن عين السلطان آخر الأمر ، وخر عاجزاً على فراش المرض وسقط أسير البلاء والألم والضعف ،
"" أضاف المحقق :
إياز : غلام محمود الغزنوي ، وكانت هذه العادة موجودة لدى سلاطين ذلك العصر ، حيث كان لكل سلطان غلام جميل يقربه إليه ، ويغدق عليه الكثير من النعم والعطايا . أهـ ""
وما أن أخبر السلطان بمرضه حتى استدعى السلطان الحصيف خادماً له
وقال : اذهب في التو صوب إياز وقل له : يا من احتجبت عن السلطان إنني أعيش في عزلة لأنني بعيد عنك وكم أتألم بسبب غمك وألمك ، وما دمت مريضاً فإنني دائم التفكير ولا أدري أأنت العليل أم أنا ؟
إن كنت بعيداً بجسدي عنك فإن روحي المشتاقة ترفرف حولك وهذا حسبي ، فيا من أصبحت روحي إليك مشتاقة إنني لست غائباً عنك دقيقة ،
وما أكثر ما ارتكبته عين السوء من سوء إذ أصابت محبوباً مثلك بالسوء .
قال هذا ثم أردف قائلاً : لتسرع في الطريق واذهب كالدخان مسرعاً ولتعد كالنار مستطيراً وحذار من التوقف في الطريق بل اذهب أسرع من الرعد وكن كالبرق ، فإن تتأخر في الطريق ساعة فسأجعل كلا العالمين يضيقان بك .
أسرع الخادم ملهوفاً في الطريق حتى جاء إياز في سرعة الريح فوجد السلطان جالساً أمامه ، اضطرب عقله وتبدد فكره وأصابت الرجفة أطراف الخادم
وكأن ألماً عضالاً قد دهمه فقال : كيف أستطيع المثول أمام السلطان إذ سيسفك دمي في هذا الزمان ،
ثم أقسم قائلاً : إنني لم أتوقف لحظة في أي مكان كما لم أجلس في أي أوان ولا أعلم مطلقاً كيف استطاع السلطان أن يصل مبكراً عني إلى هذا المكان سواء يصدقني السلطان أم لا ، فإنني أكون مذنباً لو أنني قصرت في هذا الأمر .
قال له السلطان : إنك لم تقصر في هذا الأمر ولكن كيف قطعت الطريق إليه ؟ أما أنا فلي طريق خفي صوبه إذ لا صبر لحظة دون رؤية وجهه ، وفي كل وقت أحضر إليه خفية من هذا الطريق حتى لا يعرف أحد أي شيء عن ذلك ،
والطرق الخفية بيننا كثيرة كما أن الأسرار بين روحينا عديدة ، وإن أستفسر عنه من الخارج فإنني به عليم من الداخل ، وإن أخف سري عن الشيخ والشاب فإن روحي في ذهاب بيننا وإياب .
المقالة الثالثة عشر ذكر الطير جميعاً الأبيات من 1030 – 1069
بعد ذلك توالت الطير واحداً واحداً ، تقدم أعذاراً واهية ، قال كل طائر عذراً يقطر جهلاً ، وما قال أحد عذراً لائقاً ، بل قال الكل هراء وهزلاً ولن أسرد عليك أعذارهم عذراً عذراً ، لأن الحديث يطول فالتمس لي عذراً ،
ومن كان عذره واهياً أنى له الوصول إلى السيمرغ ؟
أما من يفضل السيمرغ على روحه فإنه يخاطر بالروح كالرجال من أجله ، ومن لا يملك في عشه ثلاثين حبة ، جاز له ألا يكون للسيمرغ رفيقاً ،
لأنه لو عدمت حوصلتك الحبة ، فكيف تداوم الصوم مع السيمرغ أربعين يوماً ؟
وإن كنت قد ثملت من قطرة خمر واحدة فكيف تستطيع منادمة الأبطال في معاقرة الصهباء ؟
وإن كنت عاجزاً عن تحمل ذرة فكيف تستطيع أن تدرك وصال الشمس ؟
وإن كنت تغرق في قطرة فكيف تجتاز البحر من البداية إلى النهاية ؟ إن ما تبحث عنه ليس هذا الشيء وفعل كل قبيح ليس هذا الشيء .
ما أن سمع جميع الطير هذه الحال حتى وجهوا جميعاً للهدهد هذا السؤال : يا من لك السبق في سلوك الطريق ويا من بلغ أوج العظمة والتوفيق ، نحن حفنة من الضعاف والعجزة قد عدمنا الريش والجناح والجسد والمقدرة ،
أنى لنا أن نصل إلى السيمرغ ذي القدر الرفيع ؟
لو جاز أن وصل واحد منا لكان هذا هو الأمر البديع ، فأخبرنا ثانية أي صلة تربطنا به ؟
إذ لا يمكن التخبط بحثاً عن الأسرار ، فإن كانت هناك صلة بيننا وبينه تولدت الرغبة لدى كل منا للمسير صوبه ، إنه سليمان ونحن مجرد نمل مسكين ، فتمعن من أين هو ومن أين نحن؟ ،
إذا كانت النملة أسيرة في قاع البئر فكيف تصل إلى محيط السيمرغ المرتفع ؟ وكيف يكون الملك قرين الشحاذ ؟
وكيف يكون هذا الأمر في مقدور أمثالنا ؟
هنا قال الهدهد : أيها الجهلة متى كان العشق مستساغاً من سيء الطوية ؟ أيها المساكين إلام هذا الجهل ؟
حقاً لا يستقيم العشق وسوء النية ، كل من له في طريق العشق عين مبصرة ، قد أقبل فرحاً وللروح ناثراً ،
ولتعلم أنه عندما رفع السيمرغ النقاب ، بدا وجهه كالشمس مشرقاً ، وألقى بمئات الألوف من ظلاله على الأرض ، وهنا أدرك البصر ظلاً طاهراً ، وما أن نثر ظله على العالم ،
حتى كانت تلك الطيور العديدة التي تبدو كل لحظة ، فصورة طير العالم جميعها ما هي إلا ظله ، فاعلم هذا أيها الجاهل ..
اعلم هذا كله ، فإن علمت به في البداية ، اتصلت اتصالاً وثيقاً بتلك الحضرة ، وإن علمته فلتدرك الحقيقة ولتكن حذراً وإن أدركتها فلا تكن مفشياً سراً ،
وكل من صار هكذا صار مستغرقاً ، فحاشى لله أن تقول أنا الحق ،
ومع أنك صرت كما قلت أنا ولست الحق لكنك في الحق دائماً مستغرق ،
وكيف يكون المستغرق حلولياً ؟
وكيف يكون هذا الكلام من شأن الفضولي ؟
فإن أدركت ظل من أنت فرغت من الكل سواء حييت أو مت ..
وإن لم يظهر أي سيمرغ مطلقاً لما كان السيمرغ صاحب ظل مطلقاً ، وإذا كان السيمرغ خفياً دواماً لانعدم الظل من الدنيا دائماً ، وكل ما ظهر له ظل هنا كان نتيجة ظهور ذلك الشيء هناك أولاً ،
فإن لم تكن لك عين مبصرة تدرك السيمرغ ، فلن يكون لك قلب كالمرآة المجلوة ، وإن لم يكن لأحد عين هذا الجمال فصبرنا أمام جماله ضرب من المحال ،
ومع جماله الآخاذ كيف لا يمارس العشق معه وقد صنع مرآة من كمال لطفه ، هذه المرآة هي القلب فأمعن النظر إلى القلب ،
ولكي ترى وجهه أمعن النظر إلى القلب ..
المقالة الثالثة عشر حكاية 1
الأبيات من 1070 – 1102
كان هناك ملك وسيم غاية في الجمال وحسنه بلا مثيل في الدنيا ولا مثال ، وما الصبح الصادق إلا إشراقة من وجهه وما الروح القدسية إلا نفحة من طيب مسكه ، وملك العالم مصحف أسراره وغاية الحسن آية طلعته ،
ولا أعلم هل تمكن شخص قط أن يجد نصيباً من جماله وبسببه غص العالم بالاضطراب وحبه فاق كل حد لدى الخلق .
ذات ليلة ساق جواده الأسود خارج المدينة ، وأسدل برقعاً داكناً على وجهه ، فكان كل من يوجه نظره إلى هذا البرقع تفصل رأسه عن جسده دون ذنب ، ومن كان يورد اسمه على اللسان كان لسانه يقطع في ذلك الزمان ، وإذا فكر شخص في وصاله أصاب الفناء روحه وعقله ، وذات يوم مات ألف فرد بسبب عشقه فما أجمل هذا العشق وما أبهى هذا الأمر إذ ليس لإنسان أن يصبر على فراقه وليس لإنسان مقدرة على رؤيته ،
فكل من رأى جماله عياناً أسلم الروح ومات متأوهاً ، فالموت في سبيل عشق ذلك الوجه الساحر أفضل من مائة عمر مديد ، لقد مات خلق عديدون على الدوام من هذا الطلب إذ لا يمكن الصبر معه ولا الصبر بدونه ،
ويا للعجب لو قدر وتوفرت لشخص القدرة لحظة لظهر وجه السلطان له عياناً ، ولكن إذا انعدم الشخص القادر على رؤيته فما استطاع أحد محادثته ومرافقته ، ولما لم يظهر من الخلق من هو جدير به فقد مات الجميع وقلوبهم مفعمة بالآلام منه .
في هذا الوقت أمر السلطان بإحضار مرآة حتى يستطيعوا النظر في تلك المرآة ، فشيدوا للسلطان قصراً جميلاً ووضعوا المرآة في مواجهته ، ثم صعد السلطان على سطح ذلك القصر ونظر في التو إلى المرآة ، وما أن أطل وجهه مشرقاً من المرآة حتى أدرك كل شخص منه علامة .
إن ترغب في رؤية جمال الحبيب ، فاعلم أن القلب هو مرآة طلعته ، ليكن قلبك على كفك ثم انظر جماله ، ولتكن روحك مرآة له ثم انظر جلاله ، إن مليكك في قصر الجلال والقصر مضيء بشمس ذلك الجمال ،
وللمليك طريق صوب كل قلب ولكن لا طريق للقلب الضال صوبه .
انظر إلهك في قلبك وانظر العرش فيما هو كائن حولك ، وكل رداء قد بدا في الصحراء قد من ظل السيمرغ الحسن الرواء ، وإن بدت لك الثلاثون طائراً غاية في الجمال
فإنك ترى بلا شك ظل السيمرغ بلا جدال ، وسواء أكان الكل أربعين طائراً أو ثلاثين فكل ما رأيت ما هو إلا ظل السيمرغ
وظل السيمرغ لا ينفصل عنه ، أما إذا انفصل فليس من اللائق الحديث عنه ، وكلاهما متلازمان فابحث عنهما معاً ولكن اعبر الظل ثم ابحث عن السر ،
وإن يبد لك فتح باب فسترى الشمس وسط الظلال ، ولكن إن تضل الطريق وسط الظل فأنى لك أن تدرك السيمرغ ؟
وإن ترى الظل يتلاشى في الشمس على الدوام فسترى أنك أنت الشمس والسلام .
المقالة الثالثة عشر حكاية 2
الأبيات من 1103 – 1109
قيل عندما كان الإسكندر صاحب القبول يريد أن يرسل إلى مكان ما أي رسول ، كان يرتدي بنفسه وهو سلطان الدنيا لباس الرسل ويذهب متخفياً
وكان ينطق بما لم يسمع به أحد ثم يقول : هكذا أمر الإسكندر ، وما علم أي شخص في كل العالم أن هذا الرسول هو اسكندر الروم ،
ولما لم يكن قد أتيح لأي شخص منهم أن رأى الإسكندر لما صدقوه لو قال : أنا الإسكندر ،
فإذا كان السلطان مجهولاً خارج دياره فلا تغتم فهكذا الحال أيضاً داخل دياره .
المقالة الثالثة عشر حكاية 3
الأبيات من 1110 – 1132
عندما اصابت إياز نظرة سوء بالضرر بعد عن عين السلطان آخر الأمر ، وخر عاجزاً على فراش المرض وسقط أسير البلاء والألم والضعف ،
"" أضاف المحقق :
إياز : غلام محمود الغزنوي ، وكانت هذه العادة موجودة لدى سلاطين ذلك العصر ، حيث كان لكل سلطان غلام جميل يقربه إليه ، ويغدق عليه الكثير من النعم والعطايا . أهـ ""
وما أن أخبر السلطان بمرضه حتى استدعى السلطان الحصيف خادماً له
وقال : اذهب في التو صوب إياز وقل له : يا من احتجبت عن السلطان إنني أعيش في عزلة لأنني بعيد عنك وكم أتألم بسبب غمك وألمك ، وما دمت مريضاً فإنني دائم التفكير ولا أدري أأنت العليل أم أنا ؟
إن كنت بعيداً بجسدي عنك فإن روحي المشتاقة ترفرف حولك وهذا حسبي ، فيا من أصبحت روحي إليك مشتاقة إنني لست غائباً عنك دقيقة ،
وما أكثر ما ارتكبته عين السوء من سوء إذ أصابت محبوباً مثلك بالسوء .
قال هذا ثم أردف قائلاً : لتسرع في الطريق واذهب كالدخان مسرعاً ولتعد كالنار مستطيراً وحذار من التوقف في الطريق بل اذهب أسرع من الرعد وكن كالبرق ، فإن تتأخر في الطريق ساعة فسأجعل كلا العالمين يضيقان بك .
أسرع الخادم ملهوفاً في الطريق حتى جاء إياز في سرعة الريح فوجد السلطان جالساً أمامه ، اضطرب عقله وتبدد فكره وأصابت الرجفة أطراف الخادم
وكأن ألماً عضالاً قد دهمه فقال : كيف أستطيع المثول أمام السلطان إذ سيسفك دمي في هذا الزمان ،
ثم أقسم قائلاً : إنني لم أتوقف لحظة في أي مكان كما لم أجلس في أي أوان ولا أعلم مطلقاً كيف استطاع السلطان أن يصل مبكراً عني إلى هذا المكان سواء يصدقني السلطان أم لا ، فإنني أكون مذنباً لو أنني قصرت في هذا الأمر .
قال له السلطان : إنك لم تقصر في هذا الأمر ولكن كيف قطعت الطريق إليه ؟ أما أنا فلي طريق خفي صوبه إذ لا صبر لحظة دون رؤية وجهه ، وفي كل وقت أحضر إليه خفية من هذا الطريق حتى لا يعرف أحد أي شيء عن ذلك ،
والطرق الخفية بيننا كثيرة كما أن الأسرار بين روحينا عديدة ، وإن أستفسر عنه من الخارج فإنني به عليم من الداخل ، وإن أخف سري عن الشيخ والشاب فإن روحي في ذهاب بيننا وإياب .
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin