كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري
المقالة الثالثة عذر البلبل الأبيات من 725 - 752
أقبل البلبل الولهان نشوان ثملاً ، ومن كمال العشق كان في حالة لا هي صحو ولا عدم ، وكانت صيحاته مفعمة بالمعان ، وخلف كل معنى كمن عالم من الأسرار ، فما أن رفع صوته بأسرار المعاني حتى ألجم ألسنة الطير جميعها ..
قال : ختمت علي أسرار العشق لذا أمضي ليلي كله ألهج بالعشق ، نواح الناي بعض حديثي ورنين القيثارة الخفيض آهاتي البساتين غاصة بصيحاتي وإلى قلوب العشاق سرت خفقات قلبي ، في كل زمان أردد سراً جديداً وفي كل آونة أصدر لحناً جديداً ..
ما أن أصاب العشق روحي بجبروته حتى أصبحت بحراً مضطرب الأمواج وكل من رأى اضطرابي فقد رشده ولو كان في غاية الصحو أصبح ثملاً ،
وإن أعدم رؤية الخليل عاماً طويلاً ألذ بالصمت غير مبيح سري لأحد ، ولما كان معشوقي في بداية الربيع ينثر على الدنيا أريج عطره فبه تكتمل سعادة قلبي وبطلعته أتخلص من اضطرابي ،
وإن يعاود معشوقي الاحتجاب يصبح البلبل المضطرب قليل الكلام ، لذا فإن أحداً لا يدرك أسراري ، أما الوردة فهي المدركة أسراري بلا ريب ،
وهكذا أصبحت في عشق الوردة مستغرقاً حتى فنيت عن نفسي فناء مطلقاً ،
وكفاني ما يكمن برأسي من عشق الوردة وكفاني أن الوردة الجميلة معشوقي ، وليس للبلبل طاقة لإدراك السيمرغ حيث يكفيه عشق الوردة ..
إذا كانت الوردة العديدة الوريقات محبوبتي فأي بأس أن يكون الفقر صفتي ؟
وإن تتفتح برعمة ممزقة أستارها ، فإنها تضحك في وجهي وتتبسم لي وحدي ،
فكيف يستطيع البلبل التخلي ولو لليلة واحدة عن عشق تلك الوردة الباسمة ؟
قال له الهدهد : يا من تعلقت بالصورة لا تتباه أكثر من ذلك بعشق الجميلة ، كم أصابك عشق الوردة بالأشواك وسيطر عليك حيث أصبح كل شغلك ،
وإن كانت الوردة صاحبة جمال رائع فسرعان ما يزول حسنها في مدى أسبوع ، وعشق شيء ماله الزوال يصيب العقلاء بالضجر والملال ،
وإذا كانت بسمة الوردة قد شاقتك فمع البكاء والنواح طوال الليل والنهار تركتك ،
فتخل عن الوردة لأنها في كل ربيع تسخر منك أفلا تخجل من هذا المسلك ؟
المقالة الثالثة حكاية 1 في هذا المعنى
الأبيات من 753 – 777
كان لأحد الملوك فتاة في جمال البدر ، امتلأ العالم بعشاقها المفتونين ، كانت فتنتها ذات سحر دائم حيث تبدو عينها الناعسة ثملة على الدوام أما عارضها فمن الكافور وغدائرها فمن المسك وماء الحياة ظمأ أمام شفتها .
وإن بدا جمالها لحظة فقد العقل اتزانه أمام جمالها الفائق ، فإذا أدركت طعم شفتها الحلو ذبت خجلاً وحياء ..
وقضاء وقدراً كان يسير رجل فقير أسير فوقعت عيناه على هذا البدر المنير ، وكان المسكين يمسك برغيف حيث كان قد ترك خبزه لدى الخباز ،
فما أن وقع نظره على ذلك البدر حتى سقط الرغيف من يده إلى قارعة الطريق ،
ومرت الفتاة أمامه مسرعة كالنار ضحكت عليه ومضت غاية في الجمال فما أن رأى المسكين ضحكتها حتى سقط على الأرض مدرجاً في دمائه ،
وبعد أن كان المسكين يملك نصف رغيف ونصف روحه سرعان ما تطهر من كلا النصفين دفعة واحدة ، وأصبح لا يقر له قرار ليلاً أو نهاراً ،
ولا يكف لحظة عن البكاء والحرقة ، وكلما تذكر ضحكة سلطانة الجمال انهمر في البكاء وكأنه السيل ..
وعلى هذا المنوال قضى سبع سنوات مضطرب الحال إذ كان ينام مع الكلاب في محلة ذات الجمال ، حتى وقف عبيد الفتاة وخدمها على حقيقة الأمر ،
فعقد أولئك الظلمة العزم على قطع رأس ذلك المسكين وكأنها شمعة .
في الخفاء دعت الفتاة المسكين وقالت : أيمكن لمن مثلي أن تكون زوجة لمن مثلك ؟
إنهم يقصدونك فاهرب وسارع بالرحيل لا تجلس بأعتابي بل عليك أن تنهض وتسارع بالرحيل ..
قال لها المسكين : منذ ذلك اليوم نفضت يدي من روحي حيث أصبحت بك مفتوناً ثملاً ، ومئات الألوف من الأرواح الهائمة مثل روحي تنثرها الرياح على وجهك كل ساعة ،
فإن كانوا يرغبون في قتلي بلا جريرة فلي سؤال أرجو أن تتفضلي علي بإجابته ، إن كنت ستقطعين رأسي بلا ذنب فلم كنت تهزئين بي في ذلك الزمان ؟
قالت : عندما رأيتك بلا فضل ضحكت عليك يا من تردى في الجهل ، قد يجوز الاستخفاف برأسك وذقنك ولكن لا يليق الابتسام من أجلك .
قالت هذا وتركته مسرعة وكأن كل ما حدث لم يحدث على الإطلاق ..
المقالة الثالثة عذر البلبل الأبيات من 725 - 752
أقبل البلبل الولهان نشوان ثملاً ، ومن كمال العشق كان في حالة لا هي صحو ولا عدم ، وكانت صيحاته مفعمة بالمعان ، وخلف كل معنى كمن عالم من الأسرار ، فما أن رفع صوته بأسرار المعاني حتى ألجم ألسنة الطير جميعها ..
قال : ختمت علي أسرار العشق لذا أمضي ليلي كله ألهج بالعشق ، نواح الناي بعض حديثي ورنين القيثارة الخفيض آهاتي البساتين غاصة بصيحاتي وإلى قلوب العشاق سرت خفقات قلبي ، في كل زمان أردد سراً جديداً وفي كل آونة أصدر لحناً جديداً ..
ما أن أصاب العشق روحي بجبروته حتى أصبحت بحراً مضطرب الأمواج وكل من رأى اضطرابي فقد رشده ولو كان في غاية الصحو أصبح ثملاً ،
وإن أعدم رؤية الخليل عاماً طويلاً ألذ بالصمت غير مبيح سري لأحد ، ولما كان معشوقي في بداية الربيع ينثر على الدنيا أريج عطره فبه تكتمل سعادة قلبي وبطلعته أتخلص من اضطرابي ،
وإن يعاود معشوقي الاحتجاب يصبح البلبل المضطرب قليل الكلام ، لذا فإن أحداً لا يدرك أسراري ، أما الوردة فهي المدركة أسراري بلا ريب ،
وهكذا أصبحت في عشق الوردة مستغرقاً حتى فنيت عن نفسي فناء مطلقاً ،
وكفاني ما يكمن برأسي من عشق الوردة وكفاني أن الوردة الجميلة معشوقي ، وليس للبلبل طاقة لإدراك السيمرغ حيث يكفيه عشق الوردة ..
إذا كانت الوردة العديدة الوريقات محبوبتي فأي بأس أن يكون الفقر صفتي ؟
وإن تتفتح برعمة ممزقة أستارها ، فإنها تضحك في وجهي وتتبسم لي وحدي ،
فكيف يستطيع البلبل التخلي ولو لليلة واحدة عن عشق تلك الوردة الباسمة ؟
قال له الهدهد : يا من تعلقت بالصورة لا تتباه أكثر من ذلك بعشق الجميلة ، كم أصابك عشق الوردة بالأشواك وسيطر عليك حيث أصبح كل شغلك ،
وإن كانت الوردة صاحبة جمال رائع فسرعان ما يزول حسنها في مدى أسبوع ، وعشق شيء ماله الزوال يصيب العقلاء بالضجر والملال ،
وإذا كانت بسمة الوردة قد شاقتك فمع البكاء والنواح طوال الليل والنهار تركتك ،
فتخل عن الوردة لأنها في كل ربيع تسخر منك أفلا تخجل من هذا المسلك ؟
المقالة الثالثة حكاية 1 في هذا المعنى
الأبيات من 753 – 777
كان لأحد الملوك فتاة في جمال البدر ، امتلأ العالم بعشاقها المفتونين ، كانت فتنتها ذات سحر دائم حيث تبدو عينها الناعسة ثملة على الدوام أما عارضها فمن الكافور وغدائرها فمن المسك وماء الحياة ظمأ أمام شفتها .
وإن بدا جمالها لحظة فقد العقل اتزانه أمام جمالها الفائق ، فإذا أدركت طعم شفتها الحلو ذبت خجلاً وحياء ..
وقضاء وقدراً كان يسير رجل فقير أسير فوقعت عيناه على هذا البدر المنير ، وكان المسكين يمسك برغيف حيث كان قد ترك خبزه لدى الخباز ،
فما أن وقع نظره على ذلك البدر حتى سقط الرغيف من يده إلى قارعة الطريق ،
ومرت الفتاة أمامه مسرعة كالنار ضحكت عليه ومضت غاية في الجمال فما أن رأى المسكين ضحكتها حتى سقط على الأرض مدرجاً في دمائه ،
وبعد أن كان المسكين يملك نصف رغيف ونصف روحه سرعان ما تطهر من كلا النصفين دفعة واحدة ، وأصبح لا يقر له قرار ليلاً أو نهاراً ،
ولا يكف لحظة عن البكاء والحرقة ، وكلما تذكر ضحكة سلطانة الجمال انهمر في البكاء وكأنه السيل ..
وعلى هذا المنوال قضى سبع سنوات مضطرب الحال إذ كان ينام مع الكلاب في محلة ذات الجمال ، حتى وقف عبيد الفتاة وخدمها على حقيقة الأمر ،
فعقد أولئك الظلمة العزم على قطع رأس ذلك المسكين وكأنها شمعة .
في الخفاء دعت الفتاة المسكين وقالت : أيمكن لمن مثلي أن تكون زوجة لمن مثلك ؟
إنهم يقصدونك فاهرب وسارع بالرحيل لا تجلس بأعتابي بل عليك أن تنهض وتسارع بالرحيل ..
قال لها المسكين : منذ ذلك اليوم نفضت يدي من روحي حيث أصبحت بك مفتوناً ثملاً ، ومئات الألوف من الأرواح الهائمة مثل روحي تنثرها الرياح على وجهك كل ساعة ،
فإن كانوا يرغبون في قتلي بلا جريرة فلي سؤال أرجو أن تتفضلي علي بإجابته ، إن كنت ستقطعين رأسي بلا ذنب فلم كنت تهزئين بي في ذلك الزمان ؟
قالت : عندما رأيتك بلا فضل ضحكت عليك يا من تردى في الجهل ، قد يجوز الاستخفاف برأسك وذقنك ولكن لا يليق الابتسام من أجلك .
قالت هذا وتركته مسرعة وكأن كل ما حدث لم يحدث على الإطلاق ..
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin