..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Emptyأمس في 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592 Empty كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592

    مُساهمة من طرف Admin 15/10/2020, 16:26

    كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري
    خطبة المؤلف والمدخل لمنظومة منطق الطيرالأبيات من 001 - 592

    بسم الله الرحمن الرحيم

    حمداً لله الطهور خالق الروح واهب حفنة التراب الإيمان والروح ، هو الذي شيد عرشه فوق سطح الماء ونثر أعمار الخلق في مهب الرياح وهو من رفع السماء إلى أعلى عليين وأنزل الأرض إلى أسفل سافلين ، وأعطى إحداهما الحركة الدائبة وجعل الثانية على الدوام هادئة وهو من رفع السماء كالخيمة ولكن بلا عمد ثم أحاطها بالأرض وفي ستة أيام خلق سبعة أنجم كما خلق تسع سموات بحرفي الأمر كن وخلق النجوم وكأنها خرز من الحق الذهبي ليكون في مقدور الفلك اللعب بها في كل ليلة وجعل لقفص الجسد أحوالاً مختلفة كما خلق لطائر الروح أجنحة وريشاً من طين وأذاب البحر تسليماً له بالأمر كما دك صرح الجبل رهبة منه وأحال البحر صادي الشفة ظمأ وصير الحجر ياقوتاً والدم مسكاً ومنح الجبل قمة وسفحاً فرفع الرأس له معظماً كما خلق الورد ناري اللون أحياناً وجعل منه قنطرة تعلو سطح الماء أحياناً .

    وأمر بعوضة حقيرة بأن تقف على رأس عدو الله فاستقرت على رأسه طوال أربعمائة عام ، وبحكمته وهب العنكبوت شباكاً فكانت فيها سلامة الرسول ، وعقد للنملة وسطاً دقيقاً كالشعرة ثم كان لها حوار مع سليمان وخلع عليها خلعة الخلافة السوداء كما وهبها سورة طس بلا عناء ، وعندما رأى إبرة مع عيسى اعترض طريق صعوده .

    وأنبت اللعل القاني على قمم الجبال كما نفث الدخان على بستان النيلوفر وبالدم صبغ ذرات التراب حتى أمكن استخراج العقيق واللعل منه ، وأحنت الشمس والقمر جبهتيهما على تراب الطريق ليل نهار وذلك في سجود له ، فأصبحت لهما هذه السيما من السجود وأنى يكون لهذه السيما وجود من غير سجود ؟

    ومن بسطه بدا النهار ناصع البياض ومن قبضه أفعم الليل في السواد .

    ومنح الببغاء طوقاً ذهبياً كما جعل الهدهد للطريق هادياً ، وفي طريقه يحلق طائر الفلك ، ثم يعقد رأسه كالحلقة على بابه ، وأدار الفلك في دورة تتقلب بين ليل ونهار فما أن ينطوي الليل حتى ينتشر الضياء ويقبل النهار ، وعندما ينفخ في الطين يكون خلق آدم ، وهكذا كان خلق الجميع من فقاقيع وبخار ، وأحياناً يكشف الطريق لكلب فيصبح مرشداً وأحياناً يجعل القط للطريق كاشفاً فإذا ما صادق إنسان كلباً أصبح عظيم الرجال ينسب إلى كلب ، وأحياناً يهب السليمانية للجن كما يهب النملة القدرة على الكلام ، وأحياناً يخلق من العصا ثعباناً ويخلق من التنور طوفاناً ، وحينما يحيل الفلك حصاناً نافراً يجعل النار تتطاير من سنابكه وأخرج إلى الوجود ناقة من الصخر كما منح الثور الذهبي المقدرة على الخوار .

    وفي الشتاء ينثر الفضة ، أما في الخريف فينثر الذهب من الخمائل ، وإن يخف أحد النصل الملطخ بالدم فسرعان ما يظهر النصل ملطخاً بدم البراعم ، ويمنح الياسمين خوزات أربع ، كما يهب اللعل قلنسوة قانية كالدم ، وأحياناً يعقد على مفرق النرجس تاجاً ذهبياً ، وأحياناً يحيل قطرات الندى دراً يعلو هذا التاج الذهبي .

    وأمامه فقد العقل توازنه كما فقد سلطانه على الروح ، وحارت السماء في دورتها كما استسلمت الأرض عجزاً في رقدتها ، وجميع الكائنات سواء من قطن قاع البحر أو من حلق في أوج السماء ، ذرات شاهدة على ذاته وانبساط الأرض وارتفاع السماء بحسبهما شاهدين على عظمته ، وقد خلق الريح والنار والتراب والماء ولكن سره خارج عنها جمعاء ، وأحال التراب طيناً طوال أربعين يوماً وبعد ذلك أودع فيه الروح ، فما أن سرت الروح في الجسد ودبت فيه الحياة حتى أنعم عليه بالعقل ليكون به بصيراً حيث منح العقل قوة الإبصار كالعين ثم وهبه العلم ليحصل المعرفة وما أن صار عارفاً حتى أقر بالعجز وغرق في بحار الحيرة وأسلم الجسد للهم فلتكن عدواً إن شئت أو محباً فالجميع تحت إمرته ،

    أما حكمته فقد عمت الجميع ولا عجب في ذلك فهو المهيمن على الجميع ، وفي البداية خلق الجبال كركائز ثم أمر الأرض أن تطفو بعد ذلك فوق سطح البحر ، وما أن استقرت الأرض على ظهر ثور حتى وقف الثور على ظهر سمكة واستقرت السمكة في الفضاء ، وعلى أي شيء استقر الفضاء ؟

    لم يستقر على شيء مطلقاً فلا شيء إلا العدم وما كل هذه الأشياء إلا عدم مطلق فأمعن التفكير في صنع الله إذ كيف يحفظ هذه الأشياء مستندة إلى العدم وإذا كانت كلها في عالم الوحدانية عدماً فهذه كلها عدم ولا ريب ، والعرش مستقر على الماء والعالم سابح في الفضاء فتجاوز الماء والفضاء فالجميع هو الله والعرش والعالم لا يزيدان عن مجرد طلسم والوجود لله وحده وليس لهذه الأشياء جميعها إلا الاسم ،

    ولتمعن النظر فما هذا العالم أو ذاك إلا الله وحده ولا وجود إلا له وإن كان هناك موجود فهو الموجود وحده ..

    واأسفاه فقد عدم الجميع الضياء حيث عميت الأبصار مع أن الدنيا غاصة بنور الشمس وإذا منحت قوة الإبصار فستفقد عقلك وسترى الجميع ولكن ستفقد نفسك ، ويا للعجب سيسارع الجميع بالهرب ويسوقون الأعذار قائلين : ما هذا الشيء العجب ! ..

    فيا من لا وجود لسواك في طلعتك أنت العالم أجمع ولا وجود لأحد غيرك ، الروح خفية في الجسد أما أنت ففي الروح اختفيت ، فيا خفياً فيما هو خفي ، ويا روح الروح ، ويا من أعظم من الجميع ومقدم على الكل ، إنها جميعاً ترى من خلالك كما ترى أنت من خلال الجميع ، محرابك غاص بالحراس والجند ،

    فكيف يتمكن إنسان قط أن يسلك الطريق صوبك وليس للعقل والروح طريق للطواف حولك كما لن يستطيع شخص قط أن يدرك كنه صفاتك ، وإن كان هناك كنز خفي في الروح فهو أنت وما وضح في صورة الجسم والروح هو أنت أيضاً ،

    وما أصابت جميع الأرواح شيئاً من ذاتك وقد نثر الأنبياء أرواحهم على تراب طريقك وإذا قدر للعقل أن يدرك أثراً من آثار وجودك فلن يستطيع مواصلة الطريق لإدراك كنهك ، ولما كنت الخالد الأوحد في الوجود فالفناء نصيب الجميع على الدوام .

    فيا خفياً في الروح وأنت خارجها ، إن كل ما أقوله ليس أنت وهو أنت أيضاً ، ويا من وقف العقل مشدوهاً أمام أعتابك لقد أفقدته الاتزان في المسير صوبك ، بك أرى العالم عياناً بالتمام ولكن لا أرى أي علامة منك في هذا العالم ، لقد استمد كل شخص منك علامة ولكنني يا عالم الأسرار لم أجد لنفسي منك أي علامة ،

    ومهما أمعن الفلك النظر بعيونه العديدة فما رأى ذرة تراب واحدة في طريقك وما رأت الأرض قط ذرة من ترابك مهما بعثرت من تراب على رأسها لهفة عليك ، أما الشمس فطار عقلها شوقاً إليك كما أخذت تمسح التراب بأذنيها كل ليلة شوقاً إليك والبدر يتناقص من جراء محبتك حتى أسلم الروح مرة كل شهر نثاراً في طريقك ، أما البحر فقد سعى مشتاقاً إليك ، فعاد صادي الشفة بعد أن كان بالماء زاخراً ،

    ووقفت مئات العقبات في طريق الجبل حيث غاصت أقدامه في الوحل حتى الوسط ، واضطرمت النار شوقاً إليك وزاد لهيبها وحرقتها وكأنها فرس جامح ، وأقبلت الريح فاقدة اتزانها بسببك ، كما أقبل التراب معلقاً على أكف الرياح ونضب ماء النهر بعد أن فاض شوقاً إليك ، ووقف التراب على باب محلتك وذل الغبار يجلل مفرقه .. وما أكثر قولي ما دمت لا تخضع لصفة ، وماذا أصنع ما دمت لا أستطيع المعرفة ؟..

    إذا كنت أيها القلب طالباً فكن للطريق سالكاً ، وتذود بالحذر ولتمعن النظر أمامك وخلفك ، وراقب من وصلوا إلى الأعتاب العلية من السالكين فجميعهم سلكوا الطريق متعاقبين ، وفي كل ذرة في الطريق عقبة وخلف كل ذرة طريق جديد إليه ، فكيف يمكنك معرفة أي طريق ستسلك ؟ وأي طريق إلى تلك الأعتاب يوصلك ؟

    فقد أصبح خفياً ذلك الزمان الذي تبحث عنه عياناً كما أصبح عياناً ذاك الزمان الذي تبحث عنه خفياً ، هكذا تبحث عن عيان فيتحول إلى خفاء وتبحث عن خفاء فيتحول إلى عيان ، وإن تبحث في كليهما فلن تجد له نظيراً حيث يكون خارجاً عن نطاق هذا وذاك فلتكف عن البحث فما فقدت شيئاً وكف عن الحديث فكل ما تقوله ليس إلا ثرثرة ..

    إن كل ما تقوله وما تعرفه نابع منك فلتعرف نفسك فقط لأن هذا الأمر أكبر مائة مرة منك ولتعرف الله بالله لا بنفسك فالطريق إليه منه لا بعقلك ، كما أن وصفه لا يليق بالوصافين ، حيث لا يليق هذا الأمر بالفضلاء ولا بالسفلة فالعجز هنا مساو للمعرفة فما أحاط به شرح كما تنزه عن أي صفة ، ولا نصيب للخلق منه أكثر من الخيال ومعرفة أي خبر عنه ليس أكثر من محال ، وما قيل حسناً كان أم سيئاً قد صدر من نبع الخيال دائماً ،

    فهو يسمو على العلم ويخرج عن العيان لأنه في قدسيته بلا علامة مميزة وما أدرك إنسان أي علامة له غير أنه بلا نظير وما أدرك أي شخص حيلة غير نثر الروح وليس لشخص قط في الصحو أو السكر أن يدرك منه نصيباً " إلا الذي " ،

    فكل ما في العالم وأنت من بينها يمكنك إدراكه وفهمه إلا الله وحده ، وإذا لم يكن يوجد حيث يوجد الإنسان فأنى تستطيع روح آدمية أن تصل إلى إدراكه ؟ إنه أسمى منزلة من الروح آلاف المرات ، لذا فهو يسمو عن كل ما أنطق به .

    سيظل العقل حائراً في محبته ، كما تعض الروح الأنامل مما بها من عجز ، فما الروح إلا هائمة في إدراكه ، كما انفطر القلب فغص بالدماء ، فيا من عرفت الحق لا تقم مثل هذا القياس فلا أمر دون كيفية في القياس ، كما أن العقل والروح عجزا أمام جلاله ، حيث شل العقل وبهتت الروح ، وما أدرك نبي أو رسول أي جزئية من الكل فقد أقبلوا جميعاً عاجزين ساجدين على الثرى ، جاءوا قائلين : " ما عرفناك " فمن أكون أنا حتى أتفاخر بمعرفته ؟ فما عرفه إلا من أنعم عليه بالمعرفة ..

    إذا لم يكن لسواه في كلا العالمين وجوده ، فبمن غيره يليق حبك وهواك ؟

    لقد زخر البحر بالجواهر ، أما أنت فلن تعرف من هذا شيئاً مهما ضربت أخماساً في أسداس ، وكل من لم يحظ بجواهر ذلك البحر صار عدماً وما وجد من العدم إلا العدم ،

    فلا تقل ذلك ما لم تأتك إشارة بذلك ، ولا تتحدث عن شيء ما لم يأتك به بيان أما هو فلا تليق به الإشارة ولا البيان وليس لإنسان قط علم به ولا عرفان ،

    فتخل عن نفسك فهذا أصل الكمال وكفى وافن نفسك فهذا عين الوصال وكفى فلتفن نفسك فيه حيث في الفناء الخلود ، وكل ما عدا ذلك ضرب من الفضول ولتمض في طريق الوحدانية متجنباً الثنائية وليكن لك قلب واحد وقبلة واحدة وطريق واحد ..

    فيا ابن الخليفة يا من عدمت المعرفة عليك بالاتصاف كأبيك بالمعرفة ، إن كل ما خلقه الحق من عدم إلى وجود قد خرت كلها أمامه في سجود ، وما أن وصل خلقه إلى آدم في النهاية حتى ارتفعت مئات الحجب إعزازاً له ، وقال له الحق : لتكن يا آدم بحر جود وسيقبل أمامك هؤلاء جميعاً في سجود ، أما من أبى السجود فقد مسخ ولعن ،

    وما أدرك هذا السر وما أن اسود وجهه حتى قال : أيها المتعال لا تتركني في ضياعي ولتصلح من أمري ، فأجابه الحق تعالى : أيها الملعون في كل طريق ، ما آدم إلا خليفة وسلطان فلتكن اليوم له طوع البنان ولتحرق في الغد البخور حيثما كان ..

    لقد هبطت الروح إلى الجسد فصار الجزء كلاً ، وليس للإنسان من هذه العجائب غير الطلسم ، إن الروح بالعزة موصوفة ، أما الجسد فبالمهانة موسوم ، ثم اجتمعت الروح الطاهرة بالجسد الخسيس ، وما إن اتحد الطهر بالخسة حتى كان آدم أعجوبة الأسرار ، ولكن ما وقف شخص قط على أسراره وليس أمر كل مسكين هو أمره ، وما أدركنا وما علمنا في أي زمان أنعم علينا بالقلب . .

    ما أكثر ما قلت ، ولكن الطريق صمت مطبق ، فليس لإنسان قط قدرة لإطلاق زفرة ، وما أكثر من خبروا سطح ذلك البحر ، ولكن ما أدرك أحد قط ما بقاعه الكنز في القاع والبحر طلسم فلتحطم في النهاية هذا الطلسم وقيد الجسد ،

    فعندما يفنى الطلسم ستجد الكنز وعندما يفنى الجسد تظهر الروح ، ثم تصبح الروح بعد ذلك طلسماً حيث تصبح روحك جسماً جديداً للغيب ، فاسلك الطريق هكذا وعن النهاية لا تسل وتقبل الألم وعن الدواء لا تسل ..

    وما أكثر الغرقى في هذا البحر الواسع وقد عدمنا أي خبر عن أحد منهم ، ففي مثل هذا البحر الأعظم ، يكون العالم ذرة فيه والذرة منه كعالم ، ولتعلم أن هذا العالم فقاعة في ذلك البحر ، ولتعلم كذلك أن الذرة فقاعة هي الأخرى ، فإن يتلاش ذلك العالم وتلك الذرة فما نقص من هذا البحر إلا فقاعتان فقط ، وهل يعلم الإنسان ماذا يجد في هذا البحر العميق ؟ أيجد حجارة عديمة القيمة أم يجد العقيق ؟

    لقد قامرنا بالعقل والروح والدين والقلب حتى توصلنا إلى معرفة كمال ذرة واحدة ، فأغلق شفتيك ، وعن العرش أو الكرسي لا تسل حتى وإن كنت تسأل كل ذرة فلا تسل فإذا كان في كشف سر شعرة واحدة احترق قلبك فيجب أن تكف عن السؤال شفتك ، ولن يعلم شخص قط تمام كنه ذرة واحدة ، فما أكثر ما تقول وما أكثر ما تسأل والسلام ، وفي طريقه يظل الفلك متقلباً غير مستقر إذ لا يستقر دائماً على أي مستقر ، وفي سلوكه يتملكه الاضطراب إذ أن طريقه حجاب في حجاب ، وسيظل الفلك أسير الحيرة في دورانه وأنى له أن يدرك ما بداخل الحجاب ، وهكذا قضى سنوات طوالاً في اضطراب قضاها دائراً بلا إدراك حول هذا الحجاب ، وإذا كان الفلك لا يدرك ما بداخل الحجاب من سر، فكيف يرفع هذا الحجاب أمام أمثالك ؟.

    أمر العالم خليط من الحيرة والحسرة بل إنه حيرة في حيرة في حيرة وكل أمر فيه لا بداية له ولا نهاية مما أصاب السالكين بالعجز والحيرة ، والسابقون الذين جدوا في سلوك الطريق وفي تعقب هذا الأمر في كل وقت أصيبت أرواحهم بالحسرة وسيطر عليهم العجز والحيرة فانظر أولاً ماذا حدث لآدم وكيف قضى عمره قرين الهم والحزن ،

    ثم انظر إلى نوح وما كان من أمر الطوفان لتدرك مقدار ما تحمله ألف سنة من الكفار ،

    ثم انظر إلى إبراهيم ذي العزيمة القوية وقد جعلوا منزله المنجنيق والغار ،

    ثم انظر إلى إسماعيل المبتلى وقد جعل روحه قرباناً في محراب الحبيب ،

    ثم انظر إلى يعقوب الولهان وكيف ابيضت عيناه حزناً على ابنه ، وانظر إلى يوسف في محاكمته وكيف تحمل العبودية والبئر والسجن ، وانظر إلى أيوب الصابر وكيف عايش الديدان والذئاب ،

    ثم انظر إلى يونس الهائم على وجهه وقد ظل في بطن الحوت فترة ، وانظر كذلك إلى موسى وقد كان فرعون في بداية الأمر له ظئراً والتابوت له مهداً ، وانظر إلى داود صانع الدروع وقد أحالت نار آلامه الحديد شمعاً طيعاً ، وانظر إلى سليمان صاحب السلطان وقد ضم ملكه الريح كما شمل الشيطان ،

    ثم انظر إلى زكريا المفعم بالحرقة قلبه وقد التزم الصمت فما نطق حتى ولو نشروا رأسه ،

    ثم انظر إلى يحيي وقد أهين أمام الجمع وقطعت رأسه ووضعت في الطست وكأنها قطعة شمع ،

    ثم انظر إلى عيسى أسفل المقصلة وكيف هرب من اليهود مرات ومرات ،

    ثم انظر إلى سيد الرسل محمد وأي جفاء وآلام لاقاها من كل ملحد ..

    فإن تنظر إليهم جميعاً تدرك أن التخلي عن الروح أمر يسير وما أكثر ما أقول حيث تلاشى ما سبق أن قلته ولم تتبق وردة واحدة من الغصن الذي غرسته ، وهكذا أصبحت قتيل الحيرة دفعة واحدة ولم يعد لي من حيلة غير العجز والمسكنة ، فيا من أصبح العقل في طريقه طفلاً رضيعاً لقد ضاع عقل الشيخ في البحث عنك ، وبالنسبة لي أنا المجنون متى أصل ؟

    وإن أصل فإلى إدراك الله متى أصل ؟ فلست مدركاً بالعلم ولا بالعيان كما لن يصيبك النفع أو الضر بالفائدة أو الخسران ، فما أصابك نفع من موسى مطلقاً كما لم يصبك سوء من فرعون مطلقاً ، ويا إلهي من الأبدي غيرك ؟

    ومن لا حد له ولا نهاية غيرك ؟

    وإذا كان كل شيء له نهاية فكيف يكون أبدياً من لا يستمر إلى النهاية ؟

    يا خالقي لقد وقعت في الحيرة والاضطراب أما أنت فظللت في سترك خلف النقاب ، فلترفع النقاب ولا تحرق روحي ولا تعذبني أكثر مما أنا فيه فقد غرقت فجأة في أمواج بحرك فلتنقذني من كل هذا الاضطراب وتلك الحيرة ،

    فكم بقيت وسط لجة بحر الفلك ولكنني ظللت خارج تلك الحجب ، فمن هذا البحر المتلاطم أنقذني لقد ألقيتني فيه فمنه خلصني لقد سيطرت نفسي على كلي فإن لم تأخذ بيدي فالويل لي ، كما لوث العبث روحي ولم تعد لي طاقة لتحمل أي عبث فإما أن تخلصني من هذا الفساد وإلا فلتنه حياتي ولتوارني التراب ..

    الخلق يخشونك وأنا أخشى نفسي فما رأيت منك إلا كل خير وما رأيت من نفسي إلا كل شر ، لقد مت وأنا ما زلت على وجه الأرض فرد علي روحي يا واهب الروح الطاهرة ، المؤمن والكافر كلاهما مخضب بالدماء حيث وقع البعض في الحيرة ووقع الآخرون في الهوى فإن تدعهم فتلك هي الحيرة وإن تطردهم فهذا هو الضلال والهوى ..

    ويا إلهي لقد تخضب قلبي بالدم ، وأصبحت في حيرة كالفلك ، فوجهت أقوالي إليك ليل نهار فلا تتخل لحظة واحدة عن تحقيق طلبي وأنا في جوارك دواماً فأنت كالشمس وأنا كالطفل ، فيا واهب المحتاجين ماذا يكون الأمر ؟

    لو أنك حفظت حق الجوار فبقلب مفعم بالأسى وبروح غاصة بالألم تنهمر دموعي كالمطر اشتياقاً إليك ، وإن كنت أعبر لك عن أسفي فلن أكف حتى أدركك ولو مرة واحدة ، فلتكن مرشدي إذا ما ضللت الطريق ولتعني إذا ما جئت في غير موعدي ، فكل من حاز البقاء في حضرتك أصبح سعيداً بعد أن فنى فيك وأصبح بنفسه غير مكترث ، فلست مستيئساً وقد قر قراري بجوار من يعين واحداً من كل مائة ألف .

    علق أحد الرجال وهو مكبل بالقيد والأصفاد في يديه ، وعندما حانت ساعة ضرب عنقه تعطفت عليه زوجة الجلاد بكسرة خبز ، وما إن أقبل الجلاد ممسكاً سيفه حتى رأى المسكين وكسرة الخبز في يده ، فقال له : من أعطاك أيها الحقير هذا الخبز ؟

    قال : أعطتني إياه زوجتك ، فما أن سمع الرجل جوابه حتى قال : أصبح قتلك محرماً علينا لأن كل من قضم خبزنا لا يمكن رفع اليد بالسيف نحوه ولا يمكن أن تكره أرواحنا من أكل خبزنا فكيف يحل لي سفك دمك بسيفنا ؟

    إلهي لقد سرت في طريقك وأكلت من خبزك على خوانك ، وعندما يقضم شخص خبز آخر يكون له الكثير من الحقوق لدى صاحب الخبز ، ولما كنت أنت بحر الجود المالك لكل شيء وقد أكلت الكثير من خبزك فلتصفح عني ، ويا إله العالمين لقد أصبحت من العاجزين وعلى اليبس قدت سفينتي فخذ بيدي وكن ناصري فما أكثر ما وضعت يدي عجزاً على رأسي وكأني بعوضة ، فيا غافر الذنب ويا عالماً بعذري لقد احترقت مائة مرة فكيف تريد إحراقي ؟

    وكم أشعر بالاضطراب حياء منك حيث ارتكبت كثيراً مما يتجافى مع المروءة فاصفح عني ..

    لقد أكثرت من الذنوب وأنا في غفلة ولكنك عوضتني بمئات الأفانين من الرحمة ، فيا إلهي نظرة منك إلي أنا المسكين فإن تر مني شراً يصبح خيراً إن تشملني بنظرة ، لقد أخطأت لأني جهول فاغفر لي ، ولترحم قلبي المهموم وروحي الثكلى ، إن كانت عيناي لا تبكيان في العيان فدموع روحي تنهمر شوقاً إليك في الكتمان ،

    ويا خالقي إن كنت قد ارتكبت الخير أو الشر فكل ذلك كان نتاج جسدي فاعف عن سقطتي وامح عني معصيتي ، لقد فنيت بسببك كما حرت من أجلك ، فإن كنت سيئاً أو خيراً فما لحقني كان بسببك وأنا بدونك نقصان في نقصان ولكنني أصبح كلا إن تشملني بعطفك ، فنظرة واحدة منك صوب قلبي المكلوم تخرجني من كل هذه الهموم ، وإذا ما تركتني دنيا فلن أكون شيا ، ولكن من أكون حتى أكون جديراً بك ؟

    وكم يكفيني أن أكون عدماً بالنسبة لك وكم يرضيني القول بأني عبدك بل عبد لتراب كلب محلتك ، وأنا لك عبد بذول للروح كما لي وسم كالحبشان منك ،

    وكيف استشعر السعادة إن لم أكن عبداً لك ؟ وقد احترق قلبي حتى حظيت بالعبودية لك ، فلا تتخل عن عبدك الموسوم ولتضع حلقة العبودية في أذني عبدك .

    يا من لا ييأس أحد من فضلك سأظل دائماً موسوماً بحلقة عبوديتك وكل من لا يستعذب قلبه آلامك لا تجعله سعيداً أبداً لأنه ليس جديراً بك ، فزدني إيلاماً يا دوائي فبدون آلامك تموت روحي ، الكفر للكافر والدين للمتدين أما قلب العطار فله آفانين آلامك .

    إلهي أنت مدرك لتوسلاتي ومطلع أيضاً على ليالي المتشحة بالسواد لقد جاوزت أحزاني كل حد فهبني محفلاً للمسرة واشملني بنور يضيء ظلمتي وكن معيني ومعزيني في ذلك المأتم ولا معين لي غيرك فخذ بيدي وامنحني نعمة نور الإسلام وافن نفسي الكثيرة الآثام .

    إنني ذرة ضاعت وسط الظلال ، فما عاد لي من نصيب في هذا الوجود ، أنا ظل ولكني بفضلك شمس مضيئة حيث شملتني بشعاع أنوارك الوضاءة ولعلني ذرة دوارة أقفز وأسبح في ذلك الشعاع ولكن كيف أخرج من الكوة وأمضي في تلك العوالم الوضاءة ؟ وما العمل حتى لا تفارقني روحي وقد اتسم قلبي بالضعف ؟ فإن تفارقني روحي فلا معين لي سواك فلتكن رفيقي حتى دار القرار ، أما إذا خلا المكان مني دون أن تكون رفيقي فالويل لي ، كلي أمل أن تكون رفيقي وأن تكون في عوني على الدوام .

      الوقت/التاريخ الآن هو 21/11/2024, 20:56