في مناقب أمير المؤمنين علي المرتضى رضي الله تعالى عنه
الأبيات من (444 - 456)
سيد الحق وزعيم الصادقين منبع الحلم وبحر العلم وقطب الدين ، ساقي الكوثر والإمام الهادي ابن عم المصطفى وأسد الباري ، إنه المرتضى المجتبى قرين البتول السيد المعصوم صهر الرسول ، وفي بيان كشف الطريق يكون صاحب سر " سلوني " ، وكم يستحق زعامة الدين إذ هو المفتي الحق بكل يقين .
إن علياً فريد في اطلاعه على أسرار الحق وليس للعقل أمام علمه أدنى شك ، وقد قال الرسول " أقضاكم علي " ، كما أن علياً مشغول في ذات الله وإذا كان أحد الأشخاص قد استرد الحياة بنفخة من عيسى فإن علياً قد أعاد اليد المقطوعة بنفخة منه ، كما أصبح صاحب القبول محطم الأصنام بالكعبة وهو معتمد على كتفي الرسول ، في ضميره تكمن مكنونات الغيب ومن بينها سر خروج اليد البيضاء من الجيب ، وإن لم تتضح له اليد البيضاء فكيف كان يستقر ذو الفقار ؟ وأحياناً كانت الثورة تتملكه لما آل إليه حاله ، كما كان يقول سره أحياناً للبئر ، وما وجد له قرين في جميع الآفاق فقد جال في الخلود وما وجد له صفياً بين الخلق .
في تعصب أهل السنة والشيعة
الأبيات من (457 – 502)
يا من وقعت أسير التعصب وظللت أبداً أسير البغض والحب إذا كنت تفاخر بالعقل واللب فكيف تنطق بعد ذلك بالتعصب ؟
أيها الجاهل لا رغبة في الخلافة إذ كيف تتأتى لدى أبي بكر وعمر مثل هذه الرغبة ؟!
لو كانت لديهما الرغبة وهما صاحبا قدوة لأعطى كل منهما لإبنه من بعده الولاية ، ولو كانا قد سلبا الحق من المستحقين لكان منعهما واجباً على الآخرين ، ولكن ما قام هؤلاء بمنعهما بل تركوا القيام بهذا الواجب لمن انتخب ، وإذا كان أحد لم يتقدم لمنع الصديق فلك أن تكذب الجميع وتلزم جانب التصديق ، أما أن تكذب صحابة الرسول فإنك بذلك تنكر أحاديث الرسول ، فقد قال : أصحابي نجوم زاهرة ، وأفضل القرون قرني ، وأفضل الخلق صحابتي وأقربائي ومن حظوا بصداقتي ، وإذا كان الأفضل لديك أسوأ فكيف يمكن أن يقال إنك صاحب نظر ؟ وكيف تجيز لصحابة الرسول أن يتقبلوا بقلوبهم رجلاً غير صاحب قبول أو أن يجلسوه مكان الرسول فمثل هذا الباطل لا يجوز من صحابة الرسول ، وإذا كان اختيارهم خاطئاً فاختيار جمع القرآن يكون كذلك خاطئاً ، إن كل ما يفعله صحابة الرسول هو الحق ولا يفعلون إلا ما يليق بالحق ، فإن كنت تنكر على أحدهم تولي الأمر فإنك تكذب بذلك ثلاثة وثلاثين ألفاً ..
كل من لا يعمل إلا متوكلاً على الله هو من يعقل بعيره ويتوكل ، وكيف يليق بمن يتبع هذا المنطق أن يسلب المستحقين أي حق فتخل عن هذا التفكير وإذا جاز أن تكون الرغبة لدى الصديق لما قال أقيلوني على الإطلاق ، ولو قدر أن لدى عمر قدراً ضئيلاً من الرغبة لما قتل ابنه ضرباً بالدرة .
كان الصديق رجل طريق دائماً ومتخلياً عن الكل وللأعتاب كان ملازماً ، وكم نثر المال والعافية والروح ، فالزم الحياء فمثل هذا الرجل لا يستمريء الظلم ، وقد تطهر من قشور الرواية لأنه كان في لب الدراية ، فمن يتعدى على منبر الدين ليس للرسول أن يجلسه مكانه وإن يدرك شخص هذا كله فكيف يستطيع القول إنه لا حق له في الخلافة ؟
وعمر الفاروق المتسم بالعدل ، كان يخلط الآجر أحياناً ويقتلع الشوك أحياناً كما كان يحمل كومة الحطب على الكتف ويمضي بها وسط المدينة ، أما يومه فيقضيه في رياضة حبس النفس وطعامه لا يتعدى سبع لقيمات وما كان على خوانه غير الملح مع الخل وما كان خبزه من بيت المال وإذا نام فالحصى فراشه والدرة وسادة رأسه وآناء الليل كان يحمل القربة كالسقا ليوصل الماء إلى العجوز كما كان يقضي الليل يقظاً قلبه لتفقد جنده ..
ذات مرة قال لحذيفة : يا صاحب النظر ألم تر مطلقاً نفاقاً في عمر ؟ فمن يبصرني بعيبي في مواجهتي إنما يتحفني بهدية ، فإن كان قد تولى الخلافة خطأ فلم كان نصيبه أسمال الدراويش ؟
وكم افترش مرقعاً من مئات القطع حيث عدم الرداء والكليم ، ومن حكم بهذه القدرة لا يتهم مطلقاً بالتحيز والعصبية ، ومن كان يحمل الدرة أحياناً والطين أحياناً لا يمكن أن يتحمل هذه الشدائد جزافاً ولو قدر وساس الخلافة وفق الهوى لأجلس نفسه في مرتبة السلطنة ، وعلى أيامه خلت مدن المنكرين من الكفر خوفاً منه فإن كنت تتعصب من أجل هذا فلست منصفاً ، ولتمت بهذا القهر لقد مات بالسم أما أنت فستموت بقهره وإن لم تذق سمه ..
أيها الجاهل الجاحد للحق لا تجعل من نفسك مقيماً للخلافة ، فإن كانت نفسك قد سيطرت عليك فستسبب آلاف الآلام والأحزان لك ، وإذا أحد غيرهم قد تولى الخلافة لسيطرت على عهده الآفات والأزمات ، وما دامت الروح تسري في الجسد فليست عهدة الخلق في الأعناق أمراً هيناً ..
حكاية أويس مع الخليفة عمر
الأبيات من (503 - 511)
جاء عمر مضطرباً أمام أويس وقال : لقد ألقيت الخلافة على كاهلي ، فإن يوجد لهذه الخلافة مشتر أبعه إياها ولو بدينار .
وعندما سمع أويس من عمر هذا القول ، قال : صه ، وتخل عن هذا الهزل ، واطرح عنك هذا ، فكل من يريد قطع الطريق ، وجب عليه أن يجد فيه .
عندما علم الناس برغبة أمير المؤمنين في التخلي عن الخلافة صاح الجميع في نفس الآونة ، وقالوا : أيها القائد نستحلفك بالله ألا تجعل الخلق حيارى ، لقد أوكل الصديق الخلافة إليك عهدة وقد تم هذا عن تحقيق لا عن عدم بصيرة ، فإن تعص أمره فكم تتألم روحه بهذا التصرف .
ما أن سمع عمر هذه الحجج المحكمة حتى أصبح التخلي أمراً صعباً بالنسبة له ..
قول في شهادة المرتضى علي رضي الله عنه وكرم وجهه
الأبيات من (512 - 522)
ما أن فاجأ سيء الحظ الجاهل المرتضى بطعنة ، حتى سارع الجمع بتقديم جرعة ماء للمرتضى ، فقال : أين قاتلي ؟
لتقدموا له الماء أولاً ثم يأتي بعد ذلك دوري إذ سيكون هذا القاتل رفيقي ، فقدموا الجرعة له ، فقال القاتل : أي عذاب هذا ؟
أيريد الحيدر قتلي بالسم هكذا ؟
فقال المرتضى : بحق الخالق لا بأس أن تشرب جرعتي على الإطلاق ولن أخطو خطوة واحدة أمام الحق في جنة المأوى دون أن تكون في صحبتي ..
إذا كان المرتضى لم يمض صوب الجنة دون أن يكون معه قاتله ، فمن تكون شفقته إلى هذا الحد مع عدوه كيف يحقد على صديقه ؟
ومن يغتم هكذا لعدوه كيف تظن به معاداة العتيق ؟
وما دامت الحياة فلن يخلق الله حبيباً للصديق مثل علي ، وما أكثر ادعاءك بأن المرتضى قد ظلم ومن تولى الخلافة قد حرم .
فإذا كان علي أسد الله وتاج السر فلا يمكن أن يقع ظلم أيها الغلام على الغضنفر ..
حديث سيدنا محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام
الأبيات من ( 523 – 538)
نزل المصطفى بمكان ما بالطريق وقال : أحضروا الماء للجيش من البئر ، فذهب رجل ثم عاد مسرعاً .
وقال : إنه مليء بالدم لا بالماء وتساورني الظنون بأن المرتضى قال للبئر أسراره من شدة ما يعاني ، وما أن سمع البئر ذلك حتى خارت قواه فلا جرم إن غص بالدماء ونضب ماؤه ..
من يختلج في روحه مثل هذا الاضطراب كيف يتسع قلبه لحقد ولو بمقدار نملة ؟ أما روحك فاضطرابها وليد التعصب وما كان للمرتضى روح كهذه فالزم الصمت ولا تعقد القياس بينك وبين المرتضى ، لأنه كان بالحق عالماً وفيه غارقاً كما كان في العمل مستغرقاً ومن خيالك هذا متضايقاً ، ولو كان مثلك حقوداً لحارب خيل المصطفى ، ولم لم يتعارك علي مع أي شخص وقد كان أكثر منك شجاعة ؟
وإن لم يكن الصديق على حق ويا للعجب وكان علي صاحب حق لكان إياه قد طلب ..
حينما تقدم جيش أم المؤمنين لمجابهة علي بما لا يتفق والدين ويثير الحقد والضغينة ، اضطر أن يدفع حيدر هؤلاء القوم بالقوة بعد أن اضطر لمثل هذا الهراك والجدال ، ومن استطاع معاركة الإبنة كان يعلم كيف يتعامل مع الأب ..
أنت لا تعرف أيها الحدث عن علي أي شيء إلا العين واللام والياء ، وبسبب هواك لا يقر لك قرار ، أما هو فقد استراح حيث تكون مئات الأرواح له نثاراً ..
حكاية ماذا أصابك يا علي ؟
الأبيات من (539 - 541)
كلما قتل أحد الصحابة سيطر الغم على الحيدر .
وكان يقول : لم لا أقتل أنا كذلك ؟
لقد صغرت الروح العزيزة في عيني .
فكان الرسول يقول له : ماذا أصابك يا علي ؟
لقد تولى الله رعايتك ..
حكاية بلال ابن رباح
الأبيات من (542 - 548)
ذات يوم ضرب بلال على مكان واحد من جسده مائة عصا وجلدة فسالت منه الدماء بسبب تلك العصي العديدة ولكنه كان دائم الترديد لكلمة : أحد أحد ..
إذا ما غمرك خضم من الذلة فما بقي وقتها حب أو بغض في طريقك ، ومن ابتلي بالذلة فمن الخطأ أن يتعامل مع هؤلاء القوم وما داموا هم هكذا وأنت هكذا فستظل حيران دائماً هكذا .
لقد نجا عبدة الأصنام من أذاك أما الصحابة فقد أوذوا من لسانك فلا تسود بالفضول صحيفتك لأنك تفوز إن حفظت لسانك .
حكاية كن رجل حق كرابعة
الأبيات من (549 - 570 )
سواء كان المقصود علياً أم أبا بكر الصديق فروح كل منهما غارقة في بحر التحقيق .
فعندما توجه المصطفى صوب الغار نام المرتضى تلك الليلة في فراشه ، وهكذا أراد الحيدر أن يقدم روحه نثاراً ليحفظ روح الرسول الأكبر كما خاطر الصديق رفيق الغار بروحه .
فكلاهما قدما الروح نثاراً في طريقه وكلاهما نثرا الروح حفاظاً عليه ، فتعصب في الرأي على أنهما بمنطق الرجال قدما الروح نثاراً في سبيل الحبيب ، فإن كنت رجلاً كهذا أو ذاك فهل لك أن تتحمل آلام هذا أو ذاك ؟
فلتكن مثلهما ولتسلك طريق بذل الروح ، وإلا فالزم الصمت وتخل عن هذا الهزل ..
لعلك أيها الغلام تعرف علياً وأبا بكر ، ولكنك تجهل حقيقة الله والعقل والروح ، فطهر الرأس بحق هذه الواقعة وكن رجل حق آناء الليل وأطراف النهار كرابعة ، فما كانت إمرأة واحدة بل إنها بمثابة مائة رجل.
فكم تحملت الآلام من الرأس إلى القدم ، وكانت على الدوام غارقة في نور الحق متطهرة من الفضول وفي الله مستغرقة .
سألها سائل قائلاً : يا صاحبة القبول ماذا تقولين في صحابة الرسول ؟
قالت : إن كنت لا أعرف عن خالق البشر أي سر فكيف أستطيع الإدلاء عن الصحابة بأي خبر ؟
وإن لم أفني الروح والقلب في الحق فلن أكون لحظة مهتمة بالخلق ، وكم أصابت أشواك الطريق عيني فسالت منها الدماء وأنا في غفلة ، ومن أصابته مثل هذه الآلام كيف يجول بقلبه اهتمام بأي رجل أو إمرأة ؟
وإن كنت لا أعرف من أنا فكيف أعرف الآخرين بالقياس ؟
أنت في الطريق لست إلهاً ولا رسولاً فاغلل يدك عن هذا الرد والقبول وتطهر من التبرأ والتولي .
وكن عبداً مطيعاً في هذا الطريق وما دمت حفنة من تراب فتحدث عن التراب واعتبر الجميع أطهاراً ولتطهر قولك ..
قول في شفاعة الرسول عليه السلام من أجل أمته
الأبيات من (571 - 592)
قال سيد العالم للخالق لتكل إلي أمر أمتي حتى لا يطلع أحد مطلقاً ذات لحظة على ذنوب أمتي.
فقال له الحق تعالى : يا صدر الكبار إن تطلع على تلك الذنوب الكبار فلن تستطيع تحملها وتظل بعد ذلك حائراً ويعتريك الخجل وتختفي من بين الكل ، فإن سمعت قول أهل المجاز لطلبت أن يبعث بك مرة أخرى وإن تبحث عن طاهر ذيل واحد فما أكثر ما تجد من خطائين في هذه الأمة ، ولن تستطيع تحمل كل هذه الذنوب فاترك أمر أمتك للرب ، وإن كنت ترغب في ألا يعلم أحد قط شيئاً عن ذنوب أمتك فإنني يا عالي المقام أرغب في ألا تعرف أنت كذلك ذنوب أمتك ، فلا تضع قدمك بين الجمع وانتبذ لك مكاناً واترك أمر الأمة لي آناء الليل وأطراف النهار .
إذا كان أمر الأمة ليس في متناول المصطفى فكيف يسير هذا الأمر بحكمك في الطريق السوي ؟
فلا تكن مطلق الحكم وكف عن القول وتخل عن التعصب واعقد العزم على قطع الطريق واسلك نفس الطريق الذي سلكوه من قبل وامض في طريقك منشداً السلامة ، وإما أن تضع قدمك في طريق الصدق كالصديق ،
وإما أن تتخير العدل مثل عمر الفاروق ، أو كن مثل عثمان مثالاً للحياء والحلم ، أو مثل الحيدر بحراً للجود والعلم ، وإلا فلا تنطق بحرف واقبل نصيحتي وامض ولتحث الخطى واكبح جماح نفسك وامض إنك لست رجل صدق وعلم الحيدر ليس موفوراً لديك ،
إنما أنت أسير نفسك وفي كل لحظة تزداد كفراً فاقتل نفسك الكافرة وكن مؤمناً فإن قتلت النفس تكن بعد ذلك آمناً ، ولا تقبل على هذا الفضول بدفع من تعصبك ولا تروج هذه الرسالة النابعة من نفسك ، وليس من حقك أن تطلق الكلام على أعنته فكيف يحق لك أن تتكلم عن صحابة الرسول ؟
إلهي ليس لدي هذا الفضول فلتحفظني من التعصب على الدوام ولتطهر روحي من التعصب وإلا فلا كانت هذه القصة في ديواني ..
الأبيات من (444 - 456)
سيد الحق وزعيم الصادقين منبع الحلم وبحر العلم وقطب الدين ، ساقي الكوثر والإمام الهادي ابن عم المصطفى وأسد الباري ، إنه المرتضى المجتبى قرين البتول السيد المعصوم صهر الرسول ، وفي بيان كشف الطريق يكون صاحب سر " سلوني " ، وكم يستحق زعامة الدين إذ هو المفتي الحق بكل يقين .
إن علياً فريد في اطلاعه على أسرار الحق وليس للعقل أمام علمه أدنى شك ، وقد قال الرسول " أقضاكم علي " ، كما أن علياً مشغول في ذات الله وإذا كان أحد الأشخاص قد استرد الحياة بنفخة من عيسى فإن علياً قد أعاد اليد المقطوعة بنفخة منه ، كما أصبح صاحب القبول محطم الأصنام بالكعبة وهو معتمد على كتفي الرسول ، في ضميره تكمن مكنونات الغيب ومن بينها سر خروج اليد البيضاء من الجيب ، وإن لم تتضح له اليد البيضاء فكيف كان يستقر ذو الفقار ؟ وأحياناً كانت الثورة تتملكه لما آل إليه حاله ، كما كان يقول سره أحياناً للبئر ، وما وجد له قرين في جميع الآفاق فقد جال في الخلود وما وجد له صفياً بين الخلق .
في تعصب أهل السنة والشيعة
الأبيات من (457 – 502)
يا من وقعت أسير التعصب وظللت أبداً أسير البغض والحب إذا كنت تفاخر بالعقل واللب فكيف تنطق بعد ذلك بالتعصب ؟
أيها الجاهل لا رغبة في الخلافة إذ كيف تتأتى لدى أبي بكر وعمر مثل هذه الرغبة ؟!
لو كانت لديهما الرغبة وهما صاحبا قدوة لأعطى كل منهما لإبنه من بعده الولاية ، ولو كانا قد سلبا الحق من المستحقين لكان منعهما واجباً على الآخرين ، ولكن ما قام هؤلاء بمنعهما بل تركوا القيام بهذا الواجب لمن انتخب ، وإذا كان أحد لم يتقدم لمنع الصديق فلك أن تكذب الجميع وتلزم جانب التصديق ، أما أن تكذب صحابة الرسول فإنك بذلك تنكر أحاديث الرسول ، فقد قال : أصحابي نجوم زاهرة ، وأفضل القرون قرني ، وأفضل الخلق صحابتي وأقربائي ومن حظوا بصداقتي ، وإذا كان الأفضل لديك أسوأ فكيف يمكن أن يقال إنك صاحب نظر ؟ وكيف تجيز لصحابة الرسول أن يتقبلوا بقلوبهم رجلاً غير صاحب قبول أو أن يجلسوه مكان الرسول فمثل هذا الباطل لا يجوز من صحابة الرسول ، وإذا كان اختيارهم خاطئاً فاختيار جمع القرآن يكون كذلك خاطئاً ، إن كل ما يفعله صحابة الرسول هو الحق ولا يفعلون إلا ما يليق بالحق ، فإن كنت تنكر على أحدهم تولي الأمر فإنك تكذب بذلك ثلاثة وثلاثين ألفاً ..
كل من لا يعمل إلا متوكلاً على الله هو من يعقل بعيره ويتوكل ، وكيف يليق بمن يتبع هذا المنطق أن يسلب المستحقين أي حق فتخل عن هذا التفكير وإذا جاز أن تكون الرغبة لدى الصديق لما قال أقيلوني على الإطلاق ، ولو قدر أن لدى عمر قدراً ضئيلاً من الرغبة لما قتل ابنه ضرباً بالدرة .
كان الصديق رجل طريق دائماً ومتخلياً عن الكل وللأعتاب كان ملازماً ، وكم نثر المال والعافية والروح ، فالزم الحياء فمثل هذا الرجل لا يستمريء الظلم ، وقد تطهر من قشور الرواية لأنه كان في لب الدراية ، فمن يتعدى على منبر الدين ليس للرسول أن يجلسه مكانه وإن يدرك شخص هذا كله فكيف يستطيع القول إنه لا حق له في الخلافة ؟
وعمر الفاروق المتسم بالعدل ، كان يخلط الآجر أحياناً ويقتلع الشوك أحياناً كما كان يحمل كومة الحطب على الكتف ويمضي بها وسط المدينة ، أما يومه فيقضيه في رياضة حبس النفس وطعامه لا يتعدى سبع لقيمات وما كان على خوانه غير الملح مع الخل وما كان خبزه من بيت المال وإذا نام فالحصى فراشه والدرة وسادة رأسه وآناء الليل كان يحمل القربة كالسقا ليوصل الماء إلى العجوز كما كان يقضي الليل يقظاً قلبه لتفقد جنده ..
ذات مرة قال لحذيفة : يا صاحب النظر ألم تر مطلقاً نفاقاً في عمر ؟ فمن يبصرني بعيبي في مواجهتي إنما يتحفني بهدية ، فإن كان قد تولى الخلافة خطأ فلم كان نصيبه أسمال الدراويش ؟
وكم افترش مرقعاً من مئات القطع حيث عدم الرداء والكليم ، ومن حكم بهذه القدرة لا يتهم مطلقاً بالتحيز والعصبية ، ومن كان يحمل الدرة أحياناً والطين أحياناً لا يمكن أن يتحمل هذه الشدائد جزافاً ولو قدر وساس الخلافة وفق الهوى لأجلس نفسه في مرتبة السلطنة ، وعلى أيامه خلت مدن المنكرين من الكفر خوفاً منه فإن كنت تتعصب من أجل هذا فلست منصفاً ، ولتمت بهذا القهر لقد مات بالسم أما أنت فستموت بقهره وإن لم تذق سمه ..
أيها الجاهل الجاحد للحق لا تجعل من نفسك مقيماً للخلافة ، فإن كانت نفسك قد سيطرت عليك فستسبب آلاف الآلام والأحزان لك ، وإذا أحد غيرهم قد تولى الخلافة لسيطرت على عهده الآفات والأزمات ، وما دامت الروح تسري في الجسد فليست عهدة الخلق في الأعناق أمراً هيناً ..
حكاية أويس مع الخليفة عمر
الأبيات من (503 - 511)
جاء عمر مضطرباً أمام أويس وقال : لقد ألقيت الخلافة على كاهلي ، فإن يوجد لهذه الخلافة مشتر أبعه إياها ولو بدينار .
وعندما سمع أويس من عمر هذا القول ، قال : صه ، وتخل عن هذا الهزل ، واطرح عنك هذا ، فكل من يريد قطع الطريق ، وجب عليه أن يجد فيه .
عندما علم الناس برغبة أمير المؤمنين في التخلي عن الخلافة صاح الجميع في نفس الآونة ، وقالوا : أيها القائد نستحلفك بالله ألا تجعل الخلق حيارى ، لقد أوكل الصديق الخلافة إليك عهدة وقد تم هذا عن تحقيق لا عن عدم بصيرة ، فإن تعص أمره فكم تتألم روحه بهذا التصرف .
ما أن سمع عمر هذه الحجج المحكمة حتى أصبح التخلي أمراً صعباً بالنسبة له ..
قول في شهادة المرتضى علي رضي الله عنه وكرم وجهه
الأبيات من (512 - 522)
ما أن فاجأ سيء الحظ الجاهل المرتضى بطعنة ، حتى سارع الجمع بتقديم جرعة ماء للمرتضى ، فقال : أين قاتلي ؟
لتقدموا له الماء أولاً ثم يأتي بعد ذلك دوري إذ سيكون هذا القاتل رفيقي ، فقدموا الجرعة له ، فقال القاتل : أي عذاب هذا ؟
أيريد الحيدر قتلي بالسم هكذا ؟
فقال المرتضى : بحق الخالق لا بأس أن تشرب جرعتي على الإطلاق ولن أخطو خطوة واحدة أمام الحق في جنة المأوى دون أن تكون في صحبتي ..
إذا كان المرتضى لم يمض صوب الجنة دون أن يكون معه قاتله ، فمن تكون شفقته إلى هذا الحد مع عدوه كيف يحقد على صديقه ؟
ومن يغتم هكذا لعدوه كيف تظن به معاداة العتيق ؟
وما دامت الحياة فلن يخلق الله حبيباً للصديق مثل علي ، وما أكثر ادعاءك بأن المرتضى قد ظلم ومن تولى الخلافة قد حرم .
فإذا كان علي أسد الله وتاج السر فلا يمكن أن يقع ظلم أيها الغلام على الغضنفر ..
حديث سيدنا محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام
الأبيات من ( 523 – 538)
نزل المصطفى بمكان ما بالطريق وقال : أحضروا الماء للجيش من البئر ، فذهب رجل ثم عاد مسرعاً .
وقال : إنه مليء بالدم لا بالماء وتساورني الظنون بأن المرتضى قال للبئر أسراره من شدة ما يعاني ، وما أن سمع البئر ذلك حتى خارت قواه فلا جرم إن غص بالدماء ونضب ماؤه ..
من يختلج في روحه مثل هذا الاضطراب كيف يتسع قلبه لحقد ولو بمقدار نملة ؟ أما روحك فاضطرابها وليد التعصب وما كان للمرتضى روح كهذه فالزم الصمت ولا تعقد القياس بينك وبين المرتضى ، لأنه كان بالحق عالماً وفيه غارقاً كما كان في العمل مستغرقاً ومن خيالك هذا متضايقاً ، ولو كان مثلك حقوداً لحارب خيل المصطفى ، ولم لم يتعارك علي مع أي شخص وقد كان أكثر منك شجاعة ؟
وإن لم يكن الصديق على حق ويا للعجب وكان علي صاحب حق لكان إياه قد طلب ..
حينما تقدم جيش أم المؤمنين لمجابهة علي بما لا يتفق والدين ويثير الحقد والضغينة ، اضطر أن يدفع حيدر هؤلاء القوم بالقوة بعد أن اضطر لمثل هذا الهراك والجدال ، ومن استطاع معاركة الإبنة كان يعلم كيف يتعامل مع الأب ..
أنت لا تعرف أيها الحدث عن علي أي شيء إلا العين واللام والياء ، وبسبب هواك لا يقر لك قرار ، أما هو فقد استراح حيث تكون مئات الأرواح له نثاراً ..
حكاية ماذا أصابك يا علي ؟
الأبيات من (539 - 541)
كلما قتل أحد الصحابة سيطر الغم على الحيدر .
وكان يقول : لم لا أقتل أنا كذلك ؟
لقد صغرت الروح العزيزة في عيني .
فكان الرسول يقول له : ماذا أصابك يا علي ؟
لقد تولى الله رعايتك ..
حكاية بلال ابن رباح
الأبيات من (542 - 548)
ذات يوم ضرب بلال على مكان واحد من جسده مائة عصا وجلدة فسالت منه الدماء بسبب تلك العصي العديدة ولكنه كان دائم الترديد لكلمة : أحد أحد ..
إذا ما غمرك خضم من الذلة فما بقي وقتها حب أو بغض في طريقك ، ومن ابتلي بالذلة فمن الخطأ أن يتعامل مع هؤلاء القوم وما داموا هم هكذا وأنت هكذا فستظل حيران دائماً هكذا .
لقد نجا عبدة الأصنام من أذاك أما الصحابة فقد أوذوا من لسانك فلا تسود بالفضول صحيفتك لأنك تفوز إن حفظت لسانك .
حكاية كن رجل حق كرابعة
الأبيات من (549 - 570 )
سواء كان المقصود علياً أم أبا بكر الصديق فروح كل منهما غارقة في بحر التحقيق .
فعندما توجه المصطفى صوب الغار نام المرتضى تلك الليلة في فراشه ، وهكذا أراد الحيدر أن يقدم روحه نثاراً ليحفظ روح الرسول الأكبر كما خاطر الصديق رفيق الغار بروحه .
فكلاهما قدما الروح نثاراً في طريقه وكلاهما نثرا الروح حفاظاً عليه ، فتعصب في الرأي على أنهما بمنطق الرجال قدما الروح نثاراً في سبيل الحبيب ، فإن كنت رجلاً كهذا أو ذاك فهل لك أن تتحمل آلام هذا أو ذاك ؟
فلتكن مثلهما ولتسلك طريق بذل الروح ، وإلا فالزم الصمت وتخل عن هذا الهزل ..
لعلك أيها الغلام تعرف علياً وأبا بكر ، ولكنك تجهل حقيقة الله والعقل والروح ، فطهر الرأس بحق هذه الواقعة وكن رجل حق آناء الليل وأطراف النهار كرابعة ، فما كانت إمرأة واحدة بل إنها بمثابة مائة رجل.
فكم تحملت الآلام من الرأس إلى القدم ، وكانت على الدوام غارقة في نور الحق متطهرة من الفضول وفي الله مستغرقة .
سألها سائل قائلاً : يا صاحبة القبول ماذا تقولين في صحابة الرسول ؟
قالت : إن كنت لا أعرف عن خالق البشر أي سر فكيف أستطيع الإدلاء عن الصحابة بأي خبر ؟
وإن لم أفني الروح والقلب في الحق فلن أكون لحظة مهتمة بالخلق ، وكم أصابت أشواك الطريق عيني فسالت منها الدماء وأنا في غفلة ، ومن أصابته مثل هذه الآلام كيف يجول بقلبه اهتمام بأي رجل أو إمرأة ؟
وإن كنت لا أعرف من أنا فكيف أعرف الآخرين بالقياس ؟
أنت في الطريق لست إلهاً ولا رسولاً فاغلل يدك عن هذا الرد والقبول وتطهر من التبرأ والتولي .
وكن عبداً مطيعاً في هذا الطريق وما دمت حفنة من تراب فتحدث عن التراب واعتبر الجميع أطهاراً ولتطهر قولك ..
قول في شفاعة الرسول عليه السلام من أجل أمته
الأبيات من (571 - 592)
قال سيد العالم للخالق لتكل إلي أمر أمتي حتى لا يطلع أحد مطلقاً ذات لحظة على ذنوب أمتي.
فقال له الحق تعالى : يا صدر الكبار إن تطلع على تلك الذنوب الكبار فلن تستطيع تحملها وتظل بعد ذلك حائراً ويعتريك الخجل وتختفي من بين الكل ، فإن سمعت قول أهل المجاز لطلبت أن يبعث بك مرة أخرى وإن تبحث عن طاهر ذيل واحد فما أكثر ما تجد من خطائين في هذه الأمة ، ولن تستطيع تحمل كل هذه الذنوب فاترك أمر أمتك للرب ، وإن كنت ترغب في ألا يعلم أحد قط شيئاً عن ذنوب أمتك فإنني يا عالي المقام أرغب في ألا تعرف أنت كذلك ذنوب أمتك ، فلا تضع قدمك بين الجمع وانتبذ لك مكاناً واترك أمر الأمة لي آناء الليل وأطراف النهار .
إذا كان أمر الأمة ليس في متناول المصطفى فكيف يسير هذا الأمر بحكمك في الطريق السوي ؟
فلا تكن مطلق الحكم وكف عن القول وتخل عن التعصب واعقد العزم على قطع الطريق واسلك نفس الطريق الذي سلكوه من قبل وامض في طريقك منشداً السلامة ، وإما أن تضع قدمك في طريق الصدق كالصديق ،
وإما أن تتخير العدل مثل عمر الفاروق ، أو كن مثل عثمان مثالاً للحياء والحلم ، أو مثل الحيدر بحراً للجود والعلم ، وإلا فلا تنطق بحرف واقبل نصيحتي وامض ولتحث الخطى واكبح جماح نفسك وامض إنك لست رجل صدق وعلم الحيدر ليس موفوراً لديك ،
إنما أنت أسير نفسك وفي كل لحظة تزداد كفراً فاقتل نفسك الكافرة وكن مؤمناً فإن قتلت النفس تكن بعد ذلك آمناً ، ولا تقبل على هذا الفضول بدفع من تعصبك ولا تروج هذه الرسالة النابعة من نفسك ، وليس من حقك أن تطلق الكلام على أعنته فكيف يحق لك أن تتكلم عن صحابة الرسول ؟
إلهي ليس لدي هذا الفضول فلتحفظني من التعصب على الدوام ولتطهر روحي من التعصب وإلا فلا كانت هذه القصة في ديواني ..
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin