..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)  Empty كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (1) النقطة أول كل سورة من القرآن (1)

    مُساهمة من طرف Admin 16/10/2020, 09:50

    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي
    بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    الفصل الأول النقطة أول كل سورة من القرآن
    واعلم أنّ النّقطة الّتي تحت الباء أوّل كلّ سورة من كتاب اللّه تعالى ، لأنّ الحرف مركّب من النّقطة ، ولأنّ لكلّ سورة حرفا هو أوّلها ، ولكلّ حرف نقطة هي أوّله ، فلزم من هذا أنّ النّقطة أوّل كلّ سورة من كتاب اللّه تعالى .
    ولمّا كانت النّقطة كما ذكر ، وكانت النّسبة بينها وبين الباء تامّة كاملة - لما سيأتي بيانه - كان الباء في أوّل كلّ سورة ، للزوم البسملة في جميع السّور حتّى سورة براءة ، فإنّ الباء أوّل حرف فيها ، فلزم من هذا أنّ كلّ القرآن في كلّ سورة من كتاب اللّه تعالى ، كما سبق من الحديث : “ أنّ كلّ القرآن في الفاتحة ، وهي في البسملة ، وهي في الباء ، وهي في النّقطة “ ، فكذلك الحقّ سبحانه وتعالى مع كلّ أحد بكماله ، لا يتجزّأ ولا يتبعّض .

    النقطة إشارة إلى الذات
    فالنّقطة إشارة إلى ذات اللّه تعالى الغائب خلف سرادق كنزيّته في ظهوره لخلقه ، ألا تراك ترى النّقطة ولا تحسن تقرأها البتّة لصموتها وتنزّهها عن التّقييد بمخرج دون مخرج ، إذ هي نفس الحروف الخارجة من جميع المخارج ، فتنبّه لما تقابله من هويّة غيب الأحديّة وتقرأ النّقطة باعتبار ، ألا ترى تقول في التّاء المثنّاة إذا زدت عليها نقطة ثاء مثلّثة ، فما قرأت إلّا النّقطة ، لأنّ الباء والتّاء والثّاء المثنّاة والمثلّثة لا تقرأ ، إذ صورتها واحدة ولا تقرأ إلّا نقطتها ، فلو كانت تقرأ في نفسها لكانت هيئة كلّ واحدة غير هيئة الأخرى ،

    تميز الحروف بالنقطة
    وبالنّقطة تميّزت ، فما قرئ من الأحرف إلّا النّقطة ، وكذلك ما عرف في الخلق إلّا اللّه ، فكلّما عرفته من الخلق إنّما عرفته من اللّه تعالى ، بيد أنّ النّقطة في بعض الأحرف أشدّ ظهورا منها في بعضها ، فتظهر في بعض زائدة عليها ، يكون تكميل ذلك الحرف بها كالحروف المعجمة ، فإنّ تكميلها بها ، وتظهر في بعض عينها كالألف والحروف المهملة ، لأنّه مركّب من النّقطة ، ولهذا كان الألف أشرف من الباء ، لظهور النّقطة في عينه ، وما ظهرت النّقطة في الباء إلّا على حسب ميله على وجه الإتّحاد ، لأنّ نقطة الحرف من تمام الحرف ، فهو متّحد بالحرف ، والاتّحاد يشعر بالقربة الغيريّة ، وهو ذاك الفصل الّذي تراه بين الحرف وبين النّقطة ،

    الألف
    والألف مقامه مقام الواحد بنفسه ، ولهذا كان الألف ظاهرا بنفسه في كلّ حرف كما تقول أنّ الباء ألف مبسوطة ، والجيم ألف معوّجة الطّرفين ، والدّالّ ألف منحنيّ الوسط ، والألف في مقام النّقطة ، لتركيب كلّ حرف منها ، وكلّ حرف مركّب من النّقطة ، فالنّقطة لكلّ حرف كالجوهر البسيط ، والحرف كالجسم المركّب ، فقام الألف بجسميّته مقام النّقطة لتركيب الأحرف منها ، كما ذكرناه في أنّ الباء ألف مبسوطة .

    وكذلك الحقيقة المحمّديّة خلق العالم بأسره منها ، لما ورد في حديث جابر : “ أنّ اللّه تعالى خلق روح النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من ذاته “ ، وخلق العالم بأسره من روح محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فمحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو الظّاهر في الخلق باسمه بالمظاهر الإلهية ، ألا ترى أنّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أسري بجسمه إلى فوق العرش ، وهو مستوى الرّحمن .
    فالألف - ولو كانت بقيّة الحروف المهملة مثله ، والنّقطة ظاهرة فيها بذاتها لظهورها في الألف - فله عليها الزّيادة ، لأنّه ما بعد عن النّقطة إلّا بدرجة واحدة ، لأنّ النّقطتين إذا تركّبتا صارتا ألفا ، فحدث للألف بعد واحد وهو الطّول .
    إذ الأبعاد ثلاثة : وهو طول وعرض وعمق أو سمك .
    وبقيّة الأحرف تجتمع فيها أكثر من بعد كالجيم ، فإنّ في رأسه الطّول ، وفي تعريقته السّمك ، وكالكاف فإنّ في رأسه الطّول وفي الوسط بين رأسه وتعريقته الأولى العرض .
    وفي الحائل بين التّعريقتين سمك ، فهذا فيه ثلاثة أبعاد ، ولا بدّ في كلّ حرف غير الألف أن يكون فيه بعدان أو ثلاثة .
    فالألف أقرب إلى النّقطة ، لأنّ النّقطة لا بعد لها ، فنسبة الألف بين الأحرف المهملة نسبة محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بين الأنبياء والورثة الكمّل ، فلهذا قدّم الألف على بقية الحروف ، فافهم وتأمّل .
    فمن الحروف ما تكون نقطته فوقه ويكون هو تحتها ، وهو مقام : “ ما رأيت شيئا إلّا ورأيت اللّه قبله “ .
    ومن الحروف ما تكون النّقطة تحته ويكون هو فوقها وهو مقام : “ ما رأيت شيئا إلّا ورأيت اللّه بعده “ .
    ومن الحروف ما تكون النّقطة في وسطه كالنّقطة البيضاء في قلب الميم والواو وأمثالهما ، فإنّه محلّ : “ ما رأيت شيئا إلّا ورأيت اللّه فيه “ ، ولهذا تجوّف ، لأنّه ظهر في جوفه شيء غيره ، فدائرة رأس الميم محلّ : “ ما رأيت شيئا “ .
    ونقطته البيضاء محلّ : “ إلّا ورأيت اللّه فيه “ ، والألف محلّ :إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ ، قيل في معنى “ إنّما “ بمنزلة ما وإلا.
    وتقديره : إنّ الّذين يبايعونك ما يبايعون إلّا اللّه ، ومن المعلوم أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم بويع فشهد اللّه لنفسه ما بويع إلّا اللّه ، فكأنّه يقول : ما أنت عبد بويعت يا محمّد إنّما أنت اللّه بايعت لأنّهم مبايعون اللّه على الحقيقة ، وهذا معنى الخلافة ، ألا ترى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو رسول الملك كيف يصحّ له أن يقول لمن يخالفه إنّما خالفت الملك .
    وكذلك الملك يقول لمن أرسل إليهم عن رسوله : لا تظنّوه فلانا إنّما هو أنا تحريضا لهم على طاعته .


    شرح الفصل الأول النقطة أول كل سورة من القرآن .كتاب الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم ابن إبراهيم الجيلي

    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي



    ثم قال قدس سره : واعلم أنّ النّقطة الّتي تحت الباء أوّل كلّ سورة من كتاب الله تعالى ، لأنّ الحرف مركّب من النّقطة ، ولا بدّ لكلّ سورة من حرف هو أوّلها ، ولكلّ حرف نقطة هي أوّله ، فلزم من هذا أنّ النّقطة أوّل كلّ سورة من كتاب الله تعالى .

    فقوله : اعلم أن النقطة ، الخ

    يفهم منه تناقض في كلامه - رضي الله عنه - ولا تناقض ، وذلك أن النقطة التي تحت الباء هي عين النقطة التي هي أول الباء ، لأن الباء حرف مركب من النقطة ، فإذا لا بد أن يكون أوله نقطة ، فإشارته بالنقطة التي تحت الباء أولى من إشارته بالنقطة التي هي عين الباء ، في كون الباء مركبا من النقطة فأولها نقطة .

    ولما كان ذلك كذلك كان في إشارته إلى أن النقطة أول كل سورة من كتاب الله - تعالى إشارة عظيمة بذلك إلى القدم [ تقدم ] الحق على الخلق - فإن النقطة مقدمة على الحرف ، والحق مقدم على الخلق - وهي أنهم يشيرون أيضا بالنقطة إلى الذات الغائب ، ويشيرون بالحروف المركبة من النقطة إلى الخلق ، وفي ذلك تنزيه الذات الأقدسية وصفاتها القدسية عن النقائص الخلقية ، لأن الذات لا يجوز عليها صدق شيء

    من الأبعاد الثلاثة - وهي الطول ، والعرض ، والعمق - ، وإن شئت قلت : السمك لأن الأبعاد من لوازم الأجسام ، وذات الباري منزهة عن الجسمية ، فالنقطة أيضا لا يصدق عليها شيء من الأبعاد الثلاثة ، ويصدق الأبعاد على كل الحروف ، فكل حرف لا بد أن يكون فيه بعد أو بعدان أو الثلاثة .

    وليس البعد الواحد لشيء من الحروف سوي الألف ، فله من الأبعاد الطول لا غير ، وغيره لا بد أن يكون فيه بعدان أو ثلاثة ، فلهذا كان الألف أشرف الحروف ، لأنه ما بعد من النقطة إلا بعدا واحدا ، وسيأتي الكلام على ذلك .

    ولمّا كان الحقّ مقدّما على الخلق كان الخلق محتاجا إليه ، لتعلقه به وعدم قيامه بنفسه ، كذلك الباء أيضا احتاجت إلى نقطتها حتى ظهر شرفها ، وتميزت عن أخواتها في الكتابة ، فالتاء - المثناة من فوق - والثاء - المثلثة - صورتهما في الكتابة صورة الباء ، فما تميزت الباء عنهما إلا بنقطتها ، فإن للباء بعد الألف الشرف على بقية الأحرف ، ولهذا قامت مقامه فيبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأنها عبارة عن نفس الإنسان ، والإنسان أفضل عند الله من غيره بدليل وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ" سورة الإسراء: الآية 70

    يعني على غيره من خلقنا ، ولمّا كان شرف الإنسان عند الله بهذه المثابة كانت الباء عبارة عن نفسه فافهم .



    كان الباء في أول كل سورة ، للزوم البسملة في جميع السور

    ثم قال رضي الله عنه : ولما كانت النقطة كما ذكر ، وكانت النسبة بينها وبين الباء تامة كاملة - لما سيأتي بيانه - كان الباء في أول كل سورة ، للزوم البسملة في جميع السور حتى سورة البراءة ، فإن الباء أول حرف فيها ، فلزم من كل هذا أن كان القرآن في الفاتحة ، وهي في البسملة ، وهي في الباء ، وهي في النقطة ، فكذلك الحق - سبحانه وتعالى - مع كل واحد بكماله ، لا يتجزء ولا يتبعض .

    قوله قدس سره : ولما كانت النقطة كما ذكر ، أي كما تقدم من كونها أول كل سورة من كتاب الله تعالى ، وكانت النسبة بينها أي بين النقطة وبين الباء تامة أي نسبة تامة .

    لأن الإنسان الذي الباء عبارة عنه أكمل موجود لقبول فيض النقطة المعبر عنها بالذات - للسبب الآتي بيان إيضاحه في الكتاب من شرف الباء - لذلك كانت في أول كل سورة - للزوم البسملة - ، لأنها في البسملة في أوائل السور .

    ولما كانت سورة براءة من السور ولم يكن فيها بسملة ، كانت أولها الباء ، لأن الباء مكلّفة بإبلاغ ما التصقت به ، ولهذا جعلها الله في أول كل سورة من كتابه العزيز ليصح الإبلاغ في العقول والأذهان سترا للحقيقة البائية ، حتى أن سورة براءة التي ليست البسملة في أولها كان أولها باء لهذا المعنى .



    وسرّ كون سورة براءة محذوفة البسملة ، لأن المراد ردع المنافقين جملة لا بتعيين كل شخص منهم بما فيه ، وقد نزلت السورة مظهرة لأوصافهم ، مبينة لأعيانهم ، ناطقة بما فيهم من الشقاوة والنفاق ، فلو كانت البسملة في أول السورة لعرف كل منافق بعينه ، وحينئذ فلا تقبل له توبة ، لان كتاب الله قد نزل بتعينه في النفاق ،لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ سورة يونس : الآية 64

    فلما كانت محذوفة البسملة انستر أمر المنافقين بين المسلمين ، فقضى الله لمن قضى منهم بالسعادة ، فتاب المؤمن وقضى على من قضى منهم بالشقاوة ، فبقي على نفاقه وشركه .

    فلهذا السر لم تجيء البسملة في أول هذه السورة ، لأن الباء التي في البسملة لها قوة الإظهار بالاسم الإلهي الرحمن الرحيم ، والباء التي في براءة أقل قوة منها ، فبينها وبين الجلالة واسطة ، بخلاف باء البسملة .

    فما من كان مع الله بواسطة كمن هو مع الله بلا واسطة .

    فباء البسملة تحقيق ، وباء براءة تشريع ، ولهذا قورن لفظ اسم الله بلفظ الرسول في براءة فقيل :بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ "سورة التوبة: الآية 1 ".

    لأن التشريع لا يكون إلا بالرسول - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - وهو الواسطة بين الله وخلقه ، ولهذا قال عقيبه :

    “ إلى المشركين “ ، فالجلالة في طرف والمشركون في طرف ، والرسول متوسط بينهما ، فظهر الفرق في هذه النقطة بخلاف البسملة ، لأن اسم هو الله ، والله هو

    الرحمن ، والرحمن هو الرحيم ، فالاسم الله والرحمن والرحيم حقيقة واحدة ، عبر بذلك عن واجب الوجود - تعالى - ، ولهذا ظهر الجميع فيها فافهم .



    فلزم مما تقرر أن يكون كل القرآن في الفاتحة ، وهي في البسملة ، وهي في الباء ، وهي في النقطة .

    ولمّا كان ذلك كذلك كان الحق - جل وعلا - مع كل واحد - يعني مع كل فرد فرد من مخلوقاته - بكمال معيته ، لا يتجزء ولا يتبعض ،

    كما أشار إلى ذلك بقوله - جل شأنه ، وتعاظم سلطانه - :"وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ" ، سورة الحديد: الآية 4

    . فكل كائن فمعية الحق معه ، وتلك المعية غير متجزئة ولا متبعضة ، لأن الشيء الواحد إذا اعتبر أمره لا يجوز فيه الجزء والبعض .

    ومن ثم كان معية الحق - سبحانه - مع عباده عند المحققين بالذات ، وعند أهل التشريع بالعلم .

    قال المصنف في الناموس الأعظم والقاموس الأقدم في معرفة قدر النبي - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - في الجزء التاسع عشر منه المسمى بلوامع البرق الموهن في معنى “ ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن “ :

    “ ولو جادلناهم بلسان التشريع لغلبناهم ولظهرت حجيتنا عليهم من وجهين :

    أحدهما : أن علمه ليس مغايرا لذاته ، فقولكم معيته لنا بعلمه هو كقولنا أن معيته لنا بذاته ، لأن كل ما لا يجوز نسبته إلى ذاته لا يجوز نسبته إلى شيء من صفاته ، وكل ما يجوز نسبته إلى صفاته يجوز نسبته إلى ذاته ، فصفاته “ 2 “ في التنزيه والكمال لا حقة بذاته في الآباد والآزال ،

    فلا حاجة لنفوركم من قولنا : أنه مع خلقه بذاته ، إذ لا نقص يلحقه من ذلك ، لأن ذاته - سبحانه - ليست كالذوات حتى تكون معيته كمعية الأشياء بعضها لبعض ، فكما أن ذاته ليست كالذوات كذلك معيته ليست كالمعيات ، فلا يتعقل انفصال ولا اتصال ، ولا اتحاد ولا مزج ، ولا حلول ، ولا قرب مكان ولا بعد ، بل هو كما يعلمه ، وكما هو عليه مع خلقه - سبحانه وتعالى - .

    الوجه الثاني : هو أن صور المعلومات في العلم ليس غير العلم بل هي نفس العلم ، لأن المعلوم من حيث هو هو لم يحل في العلم ، وإنما في العلم صورته ، وتلك الصورة عين تشكل العلم للعالم ، وذلك التشكل هو ذات العالم بالعلم ، فما زاد على أن كان العالم عين الصور المعلومة في علمه ، فإذا سلمنا وقلنا : أنه معنا بالعلم كان ذلك تأكيدا ، لأنه معنا بالذات باعتبار ما بيناه . “ انتهى “ لواقع البرق الموهن : الباب السابع .

    واعلم أن هذه المعية التي في الآية خلاف المعية المصطلح عليها عند الصوفية ، فإن تلك خاصة ، وهذه عامة .

    فهي - أعني معية الاصطلاح - عبارة عن تجلي الحق - سبحانه وتعالى - على العبد في منظر المعية ، فلا يفارق الحق أعني لا يفارق حضرة شهود التجليات الإلهية ، وإلا فما ثمّ فراق ولا وصال ، فهو مع الله أينما كان العبد .

    وأما قوله تعالى :وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ” سورة الحديد ( 57 ) : الآية 4 “ ،

    فإن هذه المعية المذكورة في الآية بخلاف ذلك ، لأن هذه المعية منسوبة إلى الله تعالى وليس للعبد فيها شيء ، فهي ولو .كانت أعلى في مرتبة الوجود لنسبتها إلى الله تعالى ، فإن من كان مع الله كان أشرف من مطلق من كان الله معه ، لأن الله - تعالى - واسع ، فهو مع الغافل ومع الحاضر ،

    وأما العبد فلا يكون مع الله إلا على الحضور ، فمعية العبد مع الله هنا أعلى من مطلق معية الله مع العبد ، لأن الأول لا يخلو من الثاني ،

    والثاني قد يخلو من الأول ، أعني معية الحق قد تخلو من معية العبد ، ومعية العبد لا تخلو من معية الحق .

    وثم وجه ثان يكون من كان الله معه أفضل ممن كان مع الله :

    لأن من كان مع الله ، حاصله أنه حاضر معه - سبحانه - في تجلياته غير غافل عنها ، ومن كان الله معه ، حاصله أن الله قد صار مع العبد لاتصافه بصفاته كلها ، فهو معه لا يفارق اتصافه ، ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام : “ يدور الحق مع عمر حيث ما دار “ .

    ولسنا نعني هذه المعية بل نعني المعية المطلقة المذكورة في الآية بقوله :وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ” 1 “ لأن الحق مع عمر بالمعية المطلقة ، فعمر مظهرها على الكمال ، وغيره على دون ذلك .

    ومعية الحق مع نبيّه صلى الله عليه و [ آله و ] سلم على أكمل الكمال ، فأكمل من معية الحق مع عمر ، وذلك لأنه هو المخبر بأن الحق يدور مع عمر ، وما أخبر إلا وقد أحاط ، والمحاط في المحيط ، ولا عكس فافهم ،وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ” سورة الزخرف ( 43 ) : الآية 4 . “



    فالنقطة إشارة إلى الذات الغائبة خلف سرادق كنزيته في ظهوره لخلقه

    ثم قال رضي الله عنه : فالنقطة إشارة إلى الذات الغائبة خلف سرادق كنزيته في ظهوره لخلقه ، ألا تراك ترى النقطة ولا تحسن تقرأها البتة ، لصموتها وتنزهها عن التقييد بمخرج دون مخرج ، إذ هي نفس الحروف الخارجة من جميع المخارج ، فتتنبه لما تقابله من هوية غيب الأحدية ، وتقرأ النقطة باعتبار ألا تراك ، تقول في المثناة تاء وإذا زدت عليها نقطة تقول : ثاء مثلثة ، فما قرأت إلا النقطة ، لأن الباء والتاء - المثناة ، والمثلة - لا تقرأ ، فصورها واحدة ولا تقرأ إلا نقطتها ، فلو كانت تقرأ في نفسها لكانت هيئة كل واحدة غير هيئة الأخرى ، فما قرى من الأحرف إلا النقطة وكذلك ما عرف من الخلق إلا الله .

    قوله رضي الله عنه : فالنقطة إشارة إلى الذات الغائب خلف سرادق كنزيته في ظهوره لخلقه ( 1 ) لأن الحق هو الظاهر وهو الباطن ، فظهوره لخلقه في جميع المظاهر ، [ و ] هو باق في ذلك الظهور في غيبه الأقدس الذي هو من خلف حجب الأسماء والصفات ، لمنصة الذات أي عزتها أن ترى بدون وصف أو اسم ، لأن [ لأنه ] ما دلت عليها سوى أوصافها وأسماؤها ، وبها وقع التعرف إلينا حتى عرفناه به .

    وإلى ذلك أشار التلمساني بقوله :

    منعتها الصفات والأسماء ...... أن ترى دون برقع أسماؤه

    “ منعتها “ - بالتشديد من المنعة - صفاتها وأسماؤها ، أي اقتضت تلك الذات الأقدسية أن تشهد دون برقع وهي الصفة والاسم ، لأنهما الدالان عليها بما ظهرت به من آثارها على مؤثراتها ، إذ لا بد للمنعم من منعم عليه ، والرازق من مرزوق .

    والذات الغائب في سرادق عزتها متجلية في أسمائها وصفاتها ، فلم تشهد دون اسم أو صفة .

    فلمّا كان ليس الظاهر في المظاهر سوى الذات التي لا ترى قال قدس سره :[ ألا تراك ترى النقطة ولا تحسن تقرأها ]

    ألا تراك ترى النقطة ولا تحسن تقرأها لصموتها وتنزهها عن التقييد بمخرج دون مخرج ، ( 1 ) لأنها نفس الحروف الخارجة من جميع المخارج فهي إذا مثال لك في الخارج على الذات الغائب التي لا يمكن أن تترى - أي تعرف - لأحد ، لأنها عين العارف والمعروف ، فهي المعروفة الغير المعروفة ، وهي المجهولة الغير المجهولة ، وهي عين ما عرف ، وهي عين ما جهل .

    فلمّا كان هذا التغاير والتضاد حكما للذات كانت غير معروفة لأحد إلا باعتبار مظاهرها - أسمائها وصفاتها - وهي الأسماء والصفات .

    فإذا عرفت الاسم والوصف عرفت المسمّى به والموصوف به ، فإذا عرفت الذات بالأسماء والصفات بقي عليك أن تعرف الأسماء والصفات بالذات ، وتعرف الذات بالذات .

    فلا بد للمحقّق الكامل أن يعرف الذات بمعارفها الثلاث ، كما تكررت النقطة في تثليث بروزها وهي واحدة غير مكررة فيما برزت فيه .

    لكن لمّا كان لها فعل وصفة واسم كان ذلك التجلي الفعلي والوصفي والاسمي عين ما برزت فيه النقطة من المراتب بالواحد في بعض الأحرف ، وبالاثنين في البعض ،

    وفي البعض بالثلاث ، وذلك غاية ظهورها المتعرف به إلينا ، ولا [ وما ] تميزت تلك الأحرف [ إلا ] بظهور النقطة فيها ، وإلا فعينها في الكتابة سواء .

    كذلك كان ما هو من الأسماء والصفات ذاتيا أفضل مما هو صفاتيا ، وما هو صفاتيا أفضل مما هو فعاليا .

    فإن قلت : كيف يجوز التفاضل بين أسمائه سبحانه وتعالى ؟ .

    قلنا : دل عليه الحديث النبوي ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : “ اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك عن عقوبتك وأعوذ بك منك “ ، فاستعاذ بصفة الرضا من صفة الغضب ، ولا يستعاذ إلا بما هو أفضل .

    وإذا تحققت ذلك وعلمته علمت أن ما علم من الخلق ( 1 ) إلا الحق ، لأنك لا ترى إلا موجودا بوجود ، وذلك الوجود هو الذي قام به الموجود ، والوجود هو الذات وغير الوجود هو المعدوم المسمى بالخلق ، والمعدوم لا عين له إلا في عدمه المحض ، ونحن لا نرى عدما وإنما نرى وجودا ، وذلك الوجود اعتباره من حيث المجاز خلقا واعتباره من حيث الحقيقة حقا والمدار على الحقيقة لا على المجاز .

    وإلى ذلك أشار - تعالى - بقوله :فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ” سورة البقرة ( 2 ) : الآية 115 .

    أي ذاته المقدسة ، وأنت أينما توليت إنما ترى مخلوقا مثلك ، وحاشا ذات الحق أن ترى لغيرها ، وهو قد قال وقوله الحق : أنك أينما توليت فثم - أي في توليك لأي جهة كانت - وجه الله - الذي هو ذاته - فكيف بالأمر ، وقد قال الصديق الأكبر رضي الله عنه : “ العجز عن درك الإدراك إدراك “ ، وقال سيد أهل هذا المقام : “ ما عرفناك حق معرفتك “ .

    وسيأتي ذكر تثليث النقطة في محله إن شاء الله تعالى .



    فكل ما عرفته من الخلق إنما عرفته من الله

    وقوله قدس سره : فكل ما عرفته من الخلق إنما عرفته من الله ، بيد أن النقطة في بعض الأحرف أشد ظهورا منها في بعضها ، فتظهر في بعض زائدة عليها يكون تكميل ذلك الحرف بها ، كالحروف المعجمة فإن تكميلها بها ، وتظهر في بعض عينها كالألف والحروف المهملة لأنه تركب من النقطة ، ولهذا كان الألف أشرف من الباء لظهور النقطة في عينه ، وما ظهرت النقطة في الباء إلا على حسب تكميله على وجه الاتحاد ، لأن نقطة الحرف من تمام الحرف ، فهو متحد بالحرف ، والاتحاد يشعر بالقربة ، وهو ذاك الفصل الذي تراه بين الحرف وبين النقطة .



    قوله : فكلما عرفته من الخلق إنما عرفته من الله ( 1 ) يعني مهما عرفته من الخلق - وهو الوجه الذي قام به كل شيء من الخلق - إنما عرفته بالله منك أي بالوجه الذي قام به خلقك فما عرف الله إذا إلا الله ، لأن كل مخلوق خلق بحق ، والحق واحد في كل أحد بلا حلول ، فكل عرف حقه بحقه ، فالمعرفة هي للحق لا لنا ، لكن تلك المعرفة الحقية من كل أحد متفاوتة حسب ظهور الذات في ذلك المخلوق كما تفاوت ظهور النقطة في الأحرف .



    فلذلك قال : بيد أن النقطة في بعض الأحرف أشد ظهورا منها في بعضها

    بيد أن النقطة في بعض الأحرف أشد ظهورا منها في بعضها ( 2 ) وبيد هنا بمعنى غير كما قال - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - : “ أنا أفصح من نطق بالضاد ، بيد أني من قريش ، وأرضعت في بني سعد “ .

    يعني أن الأحرف جميعها ظهرت فيها النقطة ، لكن ظهور النقطة في الألف غير ظهورها في بقية الأحرف ، كذلك أيضا الذات الغائب متجلية في جميع الذوات ، لكن تجليها في الذات المحمدية لا كتجليها في غيرها ، لأن وسع الذات المحمدية محل لفيض تجلي الذات بالكمال ، وليس ذلك لغيرها إلا على قدر قابلية ذلك الغير .

    وتلك القابلية الكاملة التي للذات المحمدية هي من الذات ، لأن الذات خلعت عليها ما لها فصارت نائبة عنها في مخلوقاتها ، كما خلعت النقطة ما لها من الشؤون على الألف فكان الألف محل النقطة ظاهرا في جميع الحروف ، فظهر في بعض عينها كالباء وفي بعض في بساطته أو بساطة بساطته كما سيأتي .

    ولمّا كان ظهور النقطة بالصفة الأكملية في الألف كان ظهورها في الأحرف المهملة بالصفة الكمالية ، لأنها - أي الأحرف المهملة - تشرفت بالألف لأنه مهمل ، كما تشرفت ذوات الأنبياء على غيرهم من المخلوقات بذات محمد - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - .

    لأن الحرف المهمل لمّا برزت النقطة في عينه - يعني في ذاته - برز كاملا .

    والحرف المعجم لمّا لم تبرز النقطة في عينه وإنما برزت زائدة عليه كان ناقصا ، لا يكمل إلا بنفخ روحه ، وهي النقطة التي عيّنته في الوجود .

    والضمير في إنه في قوله : لأنه مركب من النقطة ( 1 ) راجع إلى الألف وإلى كل حرف مهمل ، مع أن الحروف المعجمة أيضا مركبة من النقطة ، لكن نسبة الأحرف المعجمة من الأحرف المهملة نسبة الجسم من الروح .

    فالروح أفضل من الجسم لأنها معلومة للعلم ، فهي - أي الروح - كاملة بكونها معلومة للعلم ، مستمدة منه بغير واسطة ، والجسم مستمد من الروح ، لأنها المدبرة له ، ليس للجسم قيام بدون الروح .

    وإنما ظهرت النقطة زائدة على الحرف المعجم ، لأن الحرف المعجم المعبر عنه بالجسم لم تكن الروح حالّة فيه ، وإنما هي ناظرة إليه ، كما تظهر الشمس في صحن البيت ، فإن الجرم الشمسي غير حالّ في نفس البيت .



    فإذا علمت ذلك علمت ما أراد المصنف من قوله : كان الألف أشرف من الباء ( 1 ) لأن النقطة ظهرت في عين الألف الذي هو عبارة عن الروح المحمدية ، ولم تظهر في الباء إلا على أنها مكملة لها على وجه الاتحاد ، لأن “ القديم إذا ظهر تلاشى الحادث “ ، فالاتحاد يشعر بالقربة بين المتحد ومن اتحد به ، وذاك القرب هو ذاك الفصل الذي تراه بين الحرف وبين النقطة ، فالنقطة مكملة للحرف المعجم بنظرها إليه ، فلو زالت النقطة عن الحرف المعجم لكان ناقصا ، وحينئذ يصير له حقيقة في نفسه ، فإنك مثلا إذا كتبت : أطلب زيدا ولم تنفخ في الياء إلى غيرك . ونفخ فيها بنقطة للباء ، فصار المعنى : أطلب زبدا ، وأين لفظة “ زبد “ من لفظة “ زيد “ فافهم .


      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 12:15