فقول الصديق - رضي الله عنه - : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله “ ،
فما رأى العوالم المعبّر عنها بالخلق الصرف إلا وقد رأى ما قبل قبلها وهو الحق الصرف .
ولهذا العدد من الأسماء الإلهية الاسم الحي ، فالصديق - رضي الله عنه - شهد بالاسم الحي حياة الحق السارية في جميع الموجودات من غير حلول ، ولا شك أن الحياة السارية تشهد أولا فيمن سرت فيه قبل شهود السر فيه فلهذا قال : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله “ فافهم .
وأما قول الفاروق - رضي الله عنه - : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ أي في ذلك الشيء ، لأن كل شيء فيه شيء
كما قال تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ” أي وجه ذلك الشيء الذي لولاه لما قام وجود الموجودات ، فكل شيء فيه شيء ، فشهد الفاروق - رضي الله عنه - الحق في ذوات المخلوقات من غير حلول ، وهذا الشهود هو شهود الحق في الخلق لا بقبلية زمان ولا ببعدية مكان ، بل شهود حكم غير قابل في التعريف بقبلية ولا بعدية ، مع شهود كل من الحق والخلق في مرتبته ، فالحق في مرتبة الكمال ، والخلق في مرتبة النقصر .
وتعبيرنا بذلك لا يكاد يدرك بالعقل والفكر النظري اللهم إلا أن يكون بإيمان أو تسليم ، وإما صاحب الكشف فإنه يشهد ذلك بالذوق الخارج عن تقدير الكيفية فافهم .
والمراد بقوله : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ أي في ذلك الشئ من غير حلول .
وأشار المصنف بذلك إلى النقطة البيضاء التي تظهر في الأحرف المجوفة كالميم ، والواو ، والفاء ، والقاف ، والعين والغين إذا تقدمهما حرف ، والصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، والهاء ،
فهذه أحد عشر حرفا تظهر النقطة فيها وهي النقطة البيضاء ، ولهذا العدد سر شريف وهو عدد اسمه تعالى “ هو “ .
فشهد الفاروق - رضي الله عنه - بالاسم الهو [ هو ] هوية الحق في جميع الأشياء سارية من غير حلول .
والإشارة بالنقطة البيضاء في تجويف الحرف قبول الذات المحمدية بالفيض الأقدسي من الذات الأقدسية ، ومن ثم كانت بيضاء ، والبياض يقبل الصنع كيف شاء الصابغ :صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً”. سورة البقرة : الآية 138 “
وكونها - أي النقطة البيضاء - في الحروف المجوفة أحد عشر إشارة إلى موادّ الاسم الشريف محمد .
فإن الميم الأولى ثلاثة أحرف ميم ، والحاء حرفان حاء ، والميم الثانية كالأولى ، والدال ثلاثة أحرف دال ، عدد اسمه تعالى هو ، وعدد مواد الاسم الجامع الله ، فإن الألف ثلاثة أحرف ، واللام الأولى ثلاثة أحرف أيضا لام ، واللام الثانية كالأولى ، والهاء حرفان هاء ، ومن ثم أشير بالنقطة البيضاء التي في رأس الميم إلى الكنز المخفي البارز من غيب غيب الأحدية .
وليس الكنز المخفي البارز من ذلك الغيب سوى الجقيقة المحمدية ، وكل شيء برز منها فالحقيقة المحمدية فيه ، فمن ثم قال الفاروق - رضي الله عنه - : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ والله هو محمد بدليل :مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً” 2 “ [ و ]إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ” 3 “
"وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى" ، فجعل طاعته عين طاعته ، ومبايعته عين مبايعته ، ورميه عين رميه ، فلما شهد ذلك عمر - رضي الله عنه –
قال : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ ، وذلك سر ما ظهر به - صلى الله عليه و آله وسلم - في قابلية عمر ، فما شهد عمر رضي الله عنه إلا بالنبي - صلى الله عليه و آله وسلم - لأنه القائل على لسان أمته : “ ما عرفناك حق معرفتك “ ، هذا بلسان العموم من حيث العجز الخلقي عن إدراك الفيض الحقي بغير واسطة مشكاة النبوة - عليه الصلاة والسلام - ،
ومن ثم قال - صلى الله عليه و آله وسلم - : “ يدور الحق مع عمر حيث ما دار “ ، وليس الحق غير محمد - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - كما قال تعالى :قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ”
فأهل الظاهر يريدون بالحق في الآية ضد الباطل ، والمحققون يريدون به الحق المعبر عنه بالذات .
ولمّا كان شهود عمر - رضي الله عنه - الحق بالحق ، أشار المصنف إلى ذلك بظهور النقطة البيضاء في تجويف الحروف ، وقد مر أن جملتها أحد عشر النقطة [ نقطة ] عدد الحق الصرف من حيث مراتب الوجود ، وعدد ما له وجه إلى الحق ووجه إلى الخلق “ 3 “ ،
فبالحق شهد الخلق نزولا ، وفي الخلق شهد الحق عروجا .
وأما قوله : فإنها محل ما رأيت شيئا أي أن النقطة البيضاء التي ظهرت في رأس الميم وأخواتها محل الشيء الذي يظهر الحق فيه من غير حلول ، فالبياض الذي دار عليه دائرة الميم هو الحق أعني الحق المخلوق به ، وهو الحقيقة المحمدية ، والدائرة هي الخلق الذي ظهر من الحقيقة المحمدية كما قال : “ أنا من الله والمؤمنون مني “ ،
فمحمد هو الظاهر بنفسه وهو المظهر لغيره ، فدائرة الميم محل : “ ما رأيت شيئا “ ، ونقطته البيضاء محل : “ إلا رأيت الله فيه “
بهذا الاعتبار ، يعني ما رأيت مخلوقا إلا ورأيت الحقيقة المحمدية بارزة في ذلك المخلوق .
[ قيل في معنى إنما بمنزلة ما ]
وأما قوله في معنى الآية : قيل في معنى إنما بمنزلة ما وتقديره إن الذين يبايعونك ما يبايعون إلا الله ومن المعلوم أن محمدا - صلى الله عليه و آله وسلم - بويع فشهد الله لنفسه إنما بويع إلا الله
فكأنه يقول ما أنت عبد بويعت إنما أنت الله بايعت ( 1 ) الخ ،
فاعلم أن هذا التقدير في الآية لا يخلو من فائدة تحصل به - أي بالتقدير - لا تحصل بعدمه أي بعدمه التقدير ، وهي أن الحق أقام نفسه مقام الحليقة [ الخليفة ] في مقام المستخلف ، وذلك فيه إشعار بقدر عين الوجود - صلى الله عليه و آله وسلم - حيث كان الحق خليفة عنه فيما استخلفه فيه .
فإن قلت : هلا يحصل هذا المعنى مع إبقاء إنما على بابها من غير احتياج إلى تقدير .
قلنا : لا يحصل ذلك لأن المعنى حينئذ يكون أن محمدا خليفة عن الله - ولا شك أنه خليفة عن الله - ولا يتأتى استقامة المعنى على أن إنما على بابها ويكون الحق نائبا عن من استخلفه عنه ، بل يكون الخليفة عن الحق خليفة عن الحق فيما استخلفه فيه ، ويكون معنى الآية شاهدا للخليفة عن الله على من استخلفه الله عليه ، بخلاف التقدير وجعل إنما بمنزلة ما ، فإن الحق إذا يكون خليفة عن خليفته في موضع ما استخلفه ، فافهم فإنه دقيق لا يدرك إلا بالتأمل .
فعلى عدم التقدير يكون المعنى : إن الذين يبايعونك إنما يبايعونك الله ،
يعني : أنك يا محمد تبايعهم لله .
وعلى التقدير يكون المعنى :
إن الذين يبايعونك ما يبايعون إلا الله ، يعني أن الله - تعالى - يبايع لمحمد - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - ، وكم بين الرتبتين [ فرق ] في الشرف والفضل .
واعلم أن شرحنا لمقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ قبل مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ لترتيب الأفضلية فيما ورد على نسق مقاماتهم - رضي الله عنهم - ، ولا منافاة بين الشارح والماتن ، فإن الماتن قدّم مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ على مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ .
وقصده بذلك - والله أعلم - مراعاة النظير [ التنظير ] ، حيث أتى بلفظ القبلية في المقام الأول ، [ و ] اتبعه بلفظ البعدية في المقام الثاني .
أو يكون مراده أيضا استيفاء لذكر النقطة التي بدأ من حيث ما ظهرت في بعض الأحرف فوقها ، وفي بعضها بعدها .
ومما يؤيد ما قلنا في الوجه الثاني ، هو أن النقطة البيضاء التي في جوف الحروف لا تظهر إلا بعد ظهور النقطة من الجهة الفوقية والجهة البعدية .
فإن قلت : فإذا كان ذلك كذلك ينبغي إذا أن يقدم مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ على مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله “ ، لأن النقطة أول ما برزت في الحروف المنقوطة في حرف الباء .
قلنا : لا يلزم ذلك وهو أنك قد علمت ما المراد بالنقطة ، وقد علمت أن القبلية والبعدية المضافتين إليها إنما هي قبلية حكم وبعدية حكم ، لا قبلية وبعدية زمان حاشا وكلا ، فإذا كان ذلك كذلك كان تقديم مقام “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله “ تقديما لوجهين :
أحدهما : أن البعدية لا تعقل إلا بتعقل القبلية ، فإذا تقديم ما يتعقل به غيره أولى من تقديم المتعقل على المتعقل به .
والثاني : لمّا كان مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله “ مقام الصديق الأكبر ، كان تقديمه أولى من تقديم غيره ، لتقديم مرتبة الصديق بعد النبي - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - على كل أحد من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - .
وأما قول عثمان - رضي الله عنه : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ فهو مشهد عظيم ، ومجلى جسيم ، عجز الأولون عن لحوق مقدمته ، وخسر الآخرون عن نيل ساقته ، وذلك شهود الكمال الحقي في المجلى الخلقي .
فأول ما رأى صاحبه - رضي الله عنه - الحقيقة الخلقية المعبّر عنها - من بعض وجوهها - بالحقيقة المحمدية .
ثم بعد ذلك الشهود شهد الحقيقة الحقية البارزة من غيب كنز الأحدية ، وهي الحقيقة المحمدية المطلقة عن قيد الخلقية بكل وجه من الوجوه .
ومن ثم كان ظهور النقطة بعد الحرف في ثلاثة مواضع : في الباء ، والجيم ، والياء .
وجملة ظهورها فيها بأربع نقط : واحدة في الباء ، وواحدة في الجيم ، واثنتين في الياء ، وفي ذلك التثليث والتربيع سر عظيم .
ومسألة التثليث مشهورة بين هذه الطائفة وما يراد بها ، إذ هي الأصل وما بعدها فرع ، وقد ذكرها الإمام الأكبر في كتاب فصوص الحكم في فص حكمة فردية في كلمة محمدية ، فإن أردت تحقيق ذلك فعليك بما هنالك .
واعلم أن توحد النقطة دليل على واحدية الحق - تعالى - في الوجود ، وأنه محض الوجود المطلق ، إذ لا موجود سواه .
وأما تثنيتها فدليل على أن لله - تعالى - من حيث الجملة مظهرين :
[ المظهر الأول ] : مظهر حقي قديم ، وهو عبارة عن تجليه في أسمائه وصفاته .
[ المظهر الثاني ] : ومظهر خلقي حادث ، وهو عبارة عن تجليه في مخلوقاته من غير حلول ولا كشيء في شيء ، بل كما يستحقه لنفسه ، فلأجل ذلك ظهرت النقطة بالتثنية لتدل بالوضع على هذه الحقائق .
وأما كونها بالباء والجيم والياء بالبعدية ليظهر أن تجليات الحق - سبحانه وتعالى - في المظاهر كلها على ثلاثة أقسام :
[ القسم الأول ] : قسم يسمى التجليات الذاتية ، وهي في أسمائه التي لا تفيد معنى الوصفية كاسمه الأحد واسمه الله واسمه الحق .
[ القسم الثاني ] : وقسم يسمى تجليات الصفات ، وهو تجليه في تلك الأسماء التي تفيد معنى الوصفية .
[ القسم الثالث ] : وقسم يسمى تجليات الأفعال ، وهو ظهوره في صنعه أي في خلقه وفعله .
وأما سرّ التربيع - أعني تربيع عدد النقطة بعد الباء والجيم والياء - ، فيشير - باعتبار - إلى وجود الموجودات من حيث أنها مركبة من العناصر الأربعة - المعبر عنها بعنصر النار والهواء والماء والتراب - هذا من حيث الظاهر في الكائنات .
وأما من حيث الباطن ، فإنه يشير إلى أمهات الأسماء والصفات - المعبر عنها بالأئمة الأربعة - وهي الحياة والعلم والإرادة والقدرة ، والاسم الحيّ منها يسمى بإمام الأئمة ، والذات لا تكمل إلا بوجود هذه الأسماء ، ولا تكمل الأربعة إلا بوجود كل منها .
والحذر أيها الواقف على هذا الكلام أن تفهم الفهم السقيم ، المائل عن الصراط المستقيم ، بأن تقول : أن الذات مكملة بغيرها ، وذاك الغير مكمل بغيره ، فإن هذا فهم فاسد ، وقول ملحد عن الحق ،
إذا الغيرية هنا لا ذكر لها ، وإنما يعبر بذلك لمعان معروفة عند أهلها ، مع استقامة المفهوم منها على الكتاب والسنة .
فإذا فهمت ذلك علمت كمال مقام القائل : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ بما أوضحته لك من تلك المعارف ، التي لا يفهم مرادنا منها إلا المحقق العارف .
وأما قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله معه “
فلقد أشار إلى ما قال زين العابدين علي بن الحسين - رضي الله عنهم - :
إني لأكتم من علمي جواهره ..... كما يرى الحق ذو جهل فيفتننا
يا رب جوهر علم لو أبوح به ...... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي ...... يرون أقبح ما يأتونه حسنا
وتروى هذه الأبيات لعلي كرم الله وجهه .
والإشارة في قوله : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت معه “ شاملة لحقائق المقامات الثلاثة قبلها ، إذ ما من شيء إلا ومعية الحق - تعالى - معه ، بدليل :هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ” “ فمشهده - رضي الله عنه - لا يوصف بوصف دون وصف ، يدل بذلك على كمال جمعيته في جميع الحقائق الحقية والخلقية من كل وجه وكل اعتبار .
ومن ثم قال - عليه الصلاة والسلام - في حقه : “ أنا مدينة العلم وعلي بابها “ ، فلا يدخل شيء إلى المدينة إلا من بابها .
فمحمد - صلى الله عليه و آله وسلم - باب الله ، وعلي - كرم الله وجهه - باب محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - .
فلقد أشار بقوله : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله معه “ إلى شهود الذات بالذات ، وإلى شهود الذات بالأسماء والصفات ، وإلى شهود الأسماء والصفات بالذات .
فشهود الذات بالذات ، عبارة عن شهود الذات بواسطة اسم ذاتي .
وشهود الذات بالأسماء والصفات ، هو عبارة عن شهود العبد اسم الذات بواسطة أسماء الصفات .
وشهود الأسماء والصفات بالذات ، هو عبارة عن شهود العبد أسماء الصفات بأسماء الذات ، ولا بعد هذا إلا شهود الأفعال بالذات والأسماء والصفات .
فقد شهد ما هو حق بحق ، وما هو حق بوصف ، وما هو وصف بحق ، وما هو فعل - أي خلق - بحق ووصف .
ولا شك أن جميع ما عبّر عنه في المقامات الأول لم يشذ عن هذا المقام شيء من ذلك ، وإنما بقي الأمر متوقفا على فهمك من حيثك لا من حيث ما هو الأمر عليه .
وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ . وهو يهدي إليه من أراده له فلا يكله عليه .
فما رأى العوالم المعبّر عنها بالخلق الصرف إلا وقد رأى ما قبل قبلها وهو الحق الصرف .
ولهذا العدد من الأسماء الإلهية الاسم الحي ، فالصديق - رضي الله عنه - شهد بالاسم الحي حياة الحق السارية في جميع الموجودات من غير حلول ، ولا شك أن الحياة السارية تشهد أولا فيمن سرت فيه قبل شهود السر فيه فلهذا قال : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله “ فافهم .
وأما قول الفاروق - رضي الله عنه - : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ أي في ذلك الشيء ، لأن كل شيء فيه شيء
كما قال تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ” أي وجه ذلك الشيء الذي لولاه لما قام وجود الموجودات ، فكل شيء فيه شيء ، فشهد الفاروق - رضي الله عنه - الحق في ذوات المخلوقات من غير حلول ، وهذا الشهود هو شهود الحق في الخلق لا بقبلية زمان ولا ببعدية مكان ، بل شهود حكم غير قابل في التعريف بقبلية ولا بعدية ، مع شهود كل من الحق والخلق في مرتبته ، فالحق في مرتبة الكمال ، والخلق في مرتبة النقصر .
وتعبيرنا بذلك لا يكاد يدرك بالعقل والفكر النظري اللهم إلا أن يكون بإيمان أو تسليم ، وإما صاحب الكشف فإنه يشهد ذلك بالذوق الخارج عن تقدير الكيفية فافهم .
والمراد بقوله : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ أي في ذلك الشئ من غير حلول .
وأشار المصنف بذلك إلى النقطة البيضاء التي تظهر في الأحرف المجوفة كالميم ، والواو ، والفاء ، والقاف ، والعين والغين إذا تقدمهما حرف ، والصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، والهاء ،
فهذه أحد عشر حرفا تظهر النقطة فيها وهي النقطة البيضاء ، ولهذا العدد سر شريف وهو عدد اسمه تعالى “ هو “ .
فشهد الفاروق - رضي الله عنه - بالاسم الهو [ هو ] هوية الحق في جميع الأشياء سارية من غير حلول .
والإشارة بالنقطة البيضاء في تجويف الحرف قبول الذات المحمدية بالفيض الأقدسي من الذات الأقدسية ، ومن ثم كانت بيضاء ، والبياض يقبل الصنع كيف شاء الصابغ :صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً”. سورة البقرة : الآية 138 “
وكونها - أي النقطة البيضاء - في الحروف المجوفة أحد عشر إشارة إلى موادّ الاسم الشريف محمد .
فإن الميم الأولى ثلاثة أحرف ميم ، والحاء حرفان حاء ، والميم الثانية كالأولى ، والدال ثلاثة أحرف دال ، عدد اسمه تعالى هو ، وعدد مواد الاسم الجامع الله ، فإن الألف ثلاثة أحرف ، واللام الأولى ثلاثة أحرف أيضا لام ، واللام الثانية كالأولى ، والهاء حرفان هاء ، ومن ثم أشير بالنقطة البيضاء التي في رأس الميم إلى الكنز المخفي البارز من غيب غيب الأحدية .
وليس الكنز المخفي البارز من ذلك الغيب سوى الجقيقة المحمدية ، وكل شيء برز منها فالحقيقة المحمدية فيه ، فمن ثم قال الفاروق - رضي الله عنه - : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ والله هو محمد بدليل :مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً” 2 “ [ و ]إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ” 3 “
"وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى" ، فجعل طاعته عين طاعته ، ومبايعته عين مبايعته ، ورميه عين رميه ، فلما شهد ذلك عمر - رضي الله عنه –
قال : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ ، وذلك سر ما ظهر به - صلى الله عليه و آله وسلم - في قابلية عمر ، فما شهد عمر رضي الله عنه إلا بالنبي - صلى الله عليه و آله وسلم - لأنه القائل على لسان أمته : “ ما عرفناك حق معرفتك “ ، هذا بلسان العموم من حيث العجز الخلقي عن إدراك الفيض الحقي بغير واسطة مشكاة النبوة - عليه الصلاة والسلام - ،
ومن ثم قال - صلى الله عليه و آله وسلم - : “ يدور الحق مع عمر حيث ما دار “ ، وليس الحق غير محمد - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - كما قال تعالى :قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ”
فأهل الظاهر يريدون بالحق في الآية ضد الباطل ، والمحققون يريدون به الحق المعبر عنه بالذات .
ولمّا كان شهود عمر - رضي الله عنه - الحق بالحق ، أشار المصنف إلى ذلك بظهور النقطة البيضاء في تجويف الحروف ، وقد مر أن جملتها أحد عشر النقطة [ نقطة ] عدد الحق الصرف من حيث مراتب الوجود ، وعدد ما له وجه إلى الحق ووجه إلى الخلق “ 3 “ ،
فبالحق شهد الخلق نزولا ، وفي الخلق شهد الحق عروجا .
وأما قوله : فإنها محل ما رأيت شيئا أي أن النقطة البيضاء التي ظهرت في رأس الميم وأخواتها محل الشيء الذي يظهر الحق فيه من غير حلول ، فالبياض الذي دار عليه دائرة الميم هو الحق أعني الحق المخلوق به ، وهو الحقيقة المحمدية ، والدائرة هي الخلق الذي ظهر من الحقيقة المحمدية كما قال : “ أنا من الله والمؤمنون مني “ ،
فمحمد هو الظاهر بنفسه وهو المظهر لغيره ، فدائرة الميم محل : “ ما رأيت شيئا “ ، ونقطته البيضاء محل : “ إلا رأيت الله فيه “
بهذا الاعتبار ، يعني ما رأيت مخلوقا إلا ورأيت الحقيقة المحمدية بارزة في ذلك المخلوق .
[ قيل في معنى إنما بمنزلة ما ]
وأما قوله في معنى الآية : قيل في معنى إنما بمنزلة ما وتقديره إن الذين يبايعونك ما يبايعون إلا الله ومن المعلوم أن محمدا - صلى الله عليه و آله وسلم - بويع فشهد الله لنفسه إنما بويع إلا الله
فكأنه يقول ما أنت عبد بويعت إنما أنت الله بايعت ( 1 ) الخ ،
فاعلم أن هذا التقدير في الآية لا يخلو من فائدة تحصل به - أي بالتقدير - لا تحصل بعدمه أي بعدمه التقدير ، وهي أن الحق أقام نفسه مقام الحليقة [ الخليفة ] في مقام المستخلف ، وذلك فيه إشعار بقدر عين الوجود - صلى الله عليه و آله وسلم - حيث كان الحق خليفة عنه فيما استخلفه فيه .
فإن قلت : هلا يحصل هذا المعنى مع إبقاء إنما على بابها من غير احتياج إلى تقدير .
قلنا : لا يحصل ذلك لأن المعنى حينئذ يكون أن محمدا خليفة عن الله - ولا شك أنه خليفة عن الله - ولا يتأتى استقامة المعنى على أن إنما على بابها ويكون الحق نائبا عن من استخلفه عنه ، بل يكون الخليفة عن الحق خليفة عن الحق فيما استخلفه فيه ، ويكون معنى الآية شاهدا للخليفة عن الله على من استخلفه الله عليه ، بخلاف التقدير وجعل إنما بمنزلة ما ، فإن الحق إذا يكون خليفة عن خليفته في موضع ما استخلفه ، فافهم فإنه دقيق لا يدرك إلا بالتأمل .
فعلى عدم التقدير يكون المعنى : إن الذين يبايعونك إنما يبايعونك الله ،
يعني : أنك يا محمد تبايعهم لله .
وعلى التقدير يكون المعنى :
إن الذين يبايعونك ما يبايعون إلا الله ، يعني أن الله - تعالى - يبايع لمحمد - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - ، وكم بين الرتبتين [ فرق ] في الشرف والفضل .
واعلم أن شرحنا لمقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ قبل مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ لترتيب الأفضلية فيما ورد على نسق مقاماتهم - رضي الله عنهم - ، ولا منافاة بين الشارح والماتن ، فإن الماتن قدّم مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ على مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه “ .
وقصده بذلك - والله أعلم - مراعاة النظير [ التنظير ] ، حيث أتى بلفظ القبلية في المقام الأول ، [ و ] اتبعه بلفظ البعدية في المقام الثاني .
أو يكون مراده أيضا استيفاء لذكر النقطة التي بدأ من حيث ما ظهرت في بعض الأحرف فوقها ، وفي بعضها بعدها .
ومما يؤيد ما قلنا في الوجه الثاني ، هو أن النقطة البيضاء التي في جوف الحروف لا تظهر إلا بعد ظهور النقطة من الجهة الفوقية والجهة البعدية .
فإن قلت : فإذا كان ذلك كذلك ينبغي إذا أن يقدم مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ على مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله “ ، لأن النقطة أول ما برزت في الحروف المنقوطة في حرف الباء .
قلنا : لا يلزم ذلك وهو أنك قد علمت ما المراد بالنقطة ، وقد علمت أن القبلية والبعدية المضافتين إليها إنما هي قبلية حكم وبعدية حكم ، لا قبلية وبعدية زمان حاشا وكلا ، فإذا كان ذلك كذلك كان تقديم مقام “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله “ تقديما لوجهين :
أحدهما : أن البعدية لا تعقل إلا بتعقل القبلية ، فإذا تقديم ما يتعقل به غيره أولى من تقديم المتعقل على المتعقل به .
والثاني : لمّا كان مقام : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله “ مقام الصديق الأكبر ، كان تقديمه أولى من تقديم غيره ، لتقديم مرتبة الصديق بعد النبي - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - على كل أحد من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - .
وأما قول عثمان - رضي الله عنه : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ فهو مشهد عظيم ، ومجلى جسيم ، عجز الأولون عن لحوق مقدمته ، وخسر الآخرون عن نيل ساقته ، وذلك شهود الكمال الحقي في المجلى الخلقي .
فأول ما رأى صاحبه - رضي الله عنه - الحقيقة الخلقية المعبّر عنها - من بعض وجوهها - بالحقيقة المحمدية .
ثم بعد ذلك الشهود شهد الحقيقة الحقية البارزة من غيب كنز الأحدية ، وهي الحقيقة المحمدية المطلقة عن قيد الخلقية بكل وجه من الوجوه .
ومن ثم كان ظهور النقطة بعد الحرف في ثلاثة مواضع : في الباء ، والجيم ، والياء .
وجملة ظهورها فيها بأربع نقط : واحدة في الباء ، وواحدة في الجيم ، واثنتين في الياء ، وفي ذلك التثليث والتربيع سر عظيم .
ومسألة التثليث مشهورة بين هذه الطائفة وما يراد بها ، إذ هي الأصل وما بعدها فرع ، وقد ذكرها الإمام الأكبر في كتاب فصوص الحكم في فص حكمة فردية في كلمة محمدية ، فإن أردت تحقيق ذلك فعليك بما هنالك .
واعلم أن توحد النقطة دليل على واحدية الحق - تعالى - في الوجود ، وأنه محض الوجود المطلق ، إذ لا موجود سواه .
وأما تثنيتها فدليل على أن لله - تعالى - من حيث الجملة مظهرين :
[ المظهر الأول ] : مظهر حقي قديم ، وهو عبارة عن تجليه في أسمائه وصفاته .
[ المظهر الثاني ] : ومظهر خلقي حادث ، وهو عبارة عن تجليه في مخلوقاته من غير حلول ولا كشيء في شيء ، بل كما يستحقه لنفسه ، فلأجل ذلك ظهرت النقطة بالتثنية لتدل بالوضع على هذه الحقائق .
وأما كونها بالباء والجيم والياء بالبعدية ليظهر أن تجليات الحق - سبحانه وتعالى - في المظاهر كلها على ثلاثة أقسام :
[ القسم الأول ] : قسم يسمى التجليات الذاتية ، وهي في أسمائه التي لا تفيد معنى الوصفية كاسمه الأحد واسمه الله واسمه الحق .
[ القسم الثاني ] : وقسم يسمى تجليات الصفات ، وهو تجليه في تلك الأسماء التي تفيد معنى الوصفية .
[ القسم الثالث ] : وقسم يسمى تجليات الأفعال ، وهو ظهوره في صنعه أي في خلقه وفعله .
وأما سرّ التربيع - أعني تربيع عدد النقطة بعد الباء والجيم والياء - ، فيشير - باعتبار - إلى وجود الموجودات من حيث أنها مركبة من العناصر الأربعة - المعبر عنها بعنصر النار والهواء والماء والتراب - هذا من حيث الظاهر في الكائنات .
وأما من حيث الباطن ، فإنه يشير إلى أمهات الأسماء والصفات - المعبر عنها بالأئمة الأربعة - وهي الحياة والعلم والإرادة والقدرة ، والاسم الحيّ منها يسمى بإمام الأئمة ، والذات لا تكمل إلا بوجود هذه الأسماء ، ولا تكمل الأربعة إلا بوجود كل منها .
والحذر أيها الواقف على هذا الكلام أن تفهم الفهم السقيم ، المائل عن الصراط المستقيم ، بأن تقول : أن الذات مكملة بغيرها ، وذاك الغير مكمل بغيره ، فإن هذا فهم فاسد ، وقول ملحد عن الحق ،
إذا الغيرية هنا لا ذكر لها ، وإنما يعبر بذلك لمعان معروفة عند أهلها ، مع استقامة المفهوم منها على الكتاب والسنة .
فإذا فهمت ذلك علمت كمال مقام القائل : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله بعده “ بما أوضحته لك من تلك المعارف ، التي لا يفهم مرادنا منها إلا المحقق العارف .
وأما قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله معه “
فلقد أشار إلى ما قال زين العابدين علي بن الحسين - رضي الله عنهم - :
إني لأكتم من علمي جواهره ..... كما يرى الحق ذو جهل فيفتننا
يا رب جوهر علم لو أبوح به ...... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي ...... يرون أقبح ما يأتونه حسنا
وتروى هذه الأبيات لعلي كرم الله وجهه .
والإشارة في قوله : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت معه “ شاملة لحقائق المقامات الثلاثة قبلها ، إذ ما من شيء إلا ومعية الحق - تعالى - معه ، بدليل :هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ” “ فمشهده - رضي الله عنه - لا يوصف بوصف دون وصف ، يدل بذلك على كمال جمعيته في جميع الحقائق الحقية والخلقية من كل وجه وكل اعتبار .
ومن ثم قال - عليه الصلاة والسلام - في حقه : “ أنا مدينة العلم وعلي بابها “ ، فلا يدخل شيء إلى المدينة إلا من بابها .
فمحمد - صلى الله عليه و آله وسلم - باب الله ، وعلي - كرم الله وجهه - باب محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - .
فلقد أشار بقوله : “ ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله معه “ إلى شهود الذات بالذات ، وإلى شهود الذات بالأسماء والصفات ، وإلى شهود الأسماء والصفات بالذات .
فشهود الذات بالذات ، عبارة عن شهود الذات بواسطة اسم ذاتي .
وشهود الذات بالأسماء والصفات ، هو عبارة عن شهود العبد اسم الذات بواسطة أسماء الصفات .
وشهود الأسماء والصفات بالذات ، هو عبارة عن شهود العبد أسماء الصفات بأسماء الذات ، ولا بعد هذا إلا شهود الأفعال بالذات والأسماء والصفات .
فقد شهد ما هو حق بحق ، وما هو حق بوصف ، وما هو وصف بحق ، وما هو فعل - أي خلق - بحق ووصف .
ولا شك أن جميع ما عبّر عنه في المقامات الأول لم يشذ عن هذا المقام شيء من ذلك ، وإنما بقي الأمر متوقفا على فهمك من حيثك لا من حيث ما هو الأمر عليه .
وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ . وهو يهدي إليه من أراده له فلا يكله عليه .
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin