..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:34 من طرف Admin

» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:31 من طرف Admin

» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:28 من طرف Admin

» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:26 من طرف Admin

» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:24 من طرف Admin

» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:21 من طرف Admin

» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:19 من طرف Admin

» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:17 من طرف Admin

» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:14 من طرف Admin

» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Emptyأمس في 19:12 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68443
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1 ـ 20

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 14:27

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء 20
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 1

    “ 291 “

    هب أنك قد ملكت الأرض طرّا * ودان لك العباد فكان ما ذا
    أليس غدا مصيرك جوف قبر * ويحثو الترب هذا ثم هذا
    قال : أجدت يا بهلول . أفغيره ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين : من رزقه اللّه جمالا ومالا ، فعفّ في جماله وواسى في ماله ، كتب في ديوان الأبرار . قال : فظن أنه يريد شيئا .
    قال : فإنّا قد أمرنا بقضاء دينك . قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، لا يقضى دين بدين ، أردد الحق إلى أهله ، واقض دين نفسك . قال : إنّا قد أمرنا لك أن يجري عليك . قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، لا تعطيك إساءتي أجري على الذي أجرى عليك . لا حاجة لي في جرأتك .

    ومن شعر الشريف الرضيّ في وداع الحاج :
    أيها الرائح المعد تحمّل * حاجة للمعذّب المشتاق
    أقر مني السلام أهل المصلى * فبلاغ السلام بعض التلاقي
    وإذا ما مررت بالحنيفي فاشهد * أن قلبي إليه بالأشواق
    وإذا ما سئلت عني فقل نض * وهوى ما أظنه اليوم باقي
    ضاع قلبي فأنشده لي بين جمع * ومنى عند بعض تلك الحداق
    وابك عني فإنني كنت من قب * ل أعير الدموع للعشاق



    ومن كلام مهيار الديلمي في الشوق :
    يا لهوى لما أطقت حمله * يوم الرحيل سامني ولم أطق
    فارقت حولا أهل نجد والهوى * ذاك الهوى وحرقي تلك الحرق
    قلت لمن ظن البعاد سلوة * لا تنتحل بطعم شيء لم تذق
    آه لقلب شق عنه أضلعي * من الحمى تخال برق أو شفق
    ثار به الشوق فهبّ فيه ما * تطلعا ثم تراءى ما برق


    ومن شعر أبي غالب بن بشران في ذلك :
    ولما ثاروا العيس للبين بينت * غرامي لمن حولي دموع وأنفاس
    فقلت لهم لا بأس لي فتعجّبوا * وقالوا الذي أبديته كله بأس
    تعوّض بأس الصبر عن وحشة الأسى * فقد فارق الأحباب من ذلك الناس

    ومن الشعر الذي يصرفه الصالح إذا سمعه إلى الجنان والحور والولدان :
    قف بالطواف ترى الغزال المحرما * حج الحجيج وعاد يطلب زمزما
    قمر تعرّض في الطواف كأنه * بدر تطلع في السماء وأنجما


    “ 292 “

    ناديته بمدامع لو أنها * شرّبت لشرّاب لكانت مغنما
    يا طالبا بالحج رحمة ربه * أرضيت بالحرمين تقتل مسلما
    ومن وقائع بعض الفقراء إلى اللّه تعالى ، ما قرأ علينا عبد اللّه ابن الأستاذ ، قال : قال بعض الفقراء : رأيت في واقعتي الحق تعالى وهو يقول لأبي مدين : مادّة سرك بسنا نوري ، وغذاء روحك برؤيتي وسروري ، وقلبك موضع عظمتي وجبروتي . هي أحوال مني اقتبستها ولي رددتها ، فأنت لي ولي صرف .

    يا أبا مدين ، جاوز نظر الناظرين نظرك ، وتعلق بي فكرك . فلما قدرتني قدري كنت سمعك وبصرك . وعرفتك بي فعرفتني ، ونزهت سرك عن سواي فنزهتني ، فأنت ظاهر وباطن بي ولي . فقال أبو مدين : سبحانك سبحانك اللهم أدم فضلك ، عجزت الأوهام عن وصف وصفك ، وامتلأت الأسرار أنسا بذكرك . ثنائي ثناؤك ، وأمري أمرك . فواصل اللهم نوري بنورك ، فلا يقتبس الفضل منك إلا بك .



    خبر اللّات والعزّى

    روينا من حديث أبي الوليد ، عن جده ، عن سعيد بن سالم ، عن عثمان بن ساج ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن ابن عباس رضي اللّه عنهما ، أن رجلا ممن مضى كان يقعد على صخرة لثقيف يبيع السمن من الحاج إذا مرّ يلتّ سويقهم ، وكان ذا غنم ، فسميت صخرة اللات . فلما فقده الناس قال لهم عمرو : إن ربكم اللات قد دخل في جوف الصخرة .

    وكانت العزّى ثلاث شجرات نخل ، وكان أول من دعا إلى عبادتها عمرو بن ربيعة والحارث بن كعب . وقال لهم عمرو : إن ربكم يصيّف باللّات لبرد الطائف ، ويشتّي بالعزّى لحرّ تهامة . وكان في كل واحد شيطان يعبد . فلما بعث اللّه عز وجل محمدا صلى اللّه عليه وسلم بعث بعد فتح مكة خالد بن الوليد إلى العزّى يهدمها ، فخرج في ثلاثين فارسا من أصحابه إلى العزى حتى انتهى إليها فهدمها . ثم رجع إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : « أهدمت ؟ » ، قال : نعم يا رسول اللّه . قال : « هل رأيت شيئا ؟ » ، قال : لا .

    قال : « فإنك لم تهدمها ، فارجع إليها فاهدمها » . فخرج خالد بن الوليد وهو متغيظ ، فلما انتهى إليها جرّد سيفه ، فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة ناشرة شعرها ، فجعل السادن يصيح بها ، قال خالد : وأخذني اقشعرار في ظهري ،

    فجعل السادن يصيح ويقول :
    أعزّاي شدّي شدّة لا تكذبي * أعزّاي ألقي بالقناع وشمّري
    أعزّاي إن لم تقتلي المرء خالدا * فبوئي بذنب عاجل وتبصري


    “ 293 “


    فأقبل خالد بن الوليد رضي اللّه عنه بالسيف إليها ، وهو يقول :
    كفرانك اليوم ولا سبحانك * إني رأيت اللّه قد أهانك

    قال : فضربها بالسيف ، ثم رجع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبره . فقال : « نعم تلك العزّى ، وقد أيست أن تعبد في بلادكم أبدا » . ثم قال خالد رضي اللّه عنه : الحمد للّه الذي أكرمنا بك يا رسول اللّه ، وأنقذنا بك من الهلكة . لقد كنت أرى أبي يأتي العزّى بخير ما له من الإبل والغنم ، فيذبحها للعزى ، ويقيم عندها ثلاثا ، ثم ينصرف إلينا مسرورا ، فنظرت إلى ما مات أبي عليه ، وإلى ذلك الرأي الذي كان يعيش في فضله ، وكيف جزع حتى صار يذبح لما لا يسمع ، ولا يبصر ، ولا يضرّ ، ولا ينفع . فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إن هذا الأمر إلى اللّه ، فمن يسّره للهدى تيسّر له ، ومن يسّره للضلالة كان لها » . وكان هدمها لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان . وكان سادنها أفلح بن النضر السلميّ من بني سليم .

    حكى سعيد بن عمرو الهذلي : أن أفلح سادنها لما حضرته الوفاة ، دخل عليه أبو لهب يعوده وهو حزين ، فقال : ما لي أراك حزينا ؟ قال : أخاف أن تضيع العزى بعدي .
    فقال له : لا تحزن ، فأقوم عليها بعدك . فجعل أبو لهب يقول لكل من لقي أن تظهر العزى :
    كنت قد أخذت عندها يدا ، وأن يظهر محمد على العزى ، وما أراده يظهر ، فابن أخي .
    فأنزل اللّه تعالى : تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ .
    وجاء حسان بن ثابت الأنصاري إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو في المسجد ، فقال : يا رسول اللّه ، ائذن لي أن أقول ، فإني لا أقول إلا حقا ، فقال : « قل » . فأنشأ يقول :
    شهدت بإذن اللّه أن محمدا * رسول الذي فوق السماوات من عل
    فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : « وأنا أشهد » .

    فقال حسان :
    وإن أبا يحيى ويحيى كليهما * له عمل في دينه متقبل
    فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : « وأنا أشهد » . فقال حسان :
    وإن الذي عادى اليهود ابن مريم * رسول أتى من عند ذي العرش مرسل
    فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : « وأنا أشهد » . فقال حسان :
    وإن أخا الأحقاف إذ يعذلونه * يجاهد في ذات الإله ويعدل
    فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : « وأنا أشهد » . فقال حسان :
    وإن التي بالجزع من بطن نخلة * ومن دانها فلّ عن الحق معزل
    فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : « وأنا أشهد » .

    “ 294 “

    قال سفيان : يعني العزّى .
    روينا من حديث أبي الوليد ، عن جده ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن من حدّثه ، وذكره ، وكان سدنة العزّى بنو شيبان بن سليم ، خلفاء بني هاشم ، وكانت قريش وبنو كنانة وخزاعة وجميع مضر تعظّمها . فإذا فرغوا من حجهم وطوافهم بالكعبة ، لم يحلوا حتى يأتوا العزّى فيطوفون بها ويحلّون عندها ، ويعكفون عندها يوما .

    حدثنا يونس بن يحيى ، ثنا محمد بن ناصر ، انا الحسن بن أحمد ، أنا الأزهري ، ثنا أبو الطيب بن حمدان ، حدثنا إسماعيل ، ثنا عباس ، حدثنا عبيد بن إسحاق العطار ، ثنا محمد بن مبشر القيسي ، عن عبيد اللّه الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم ، قال : يجتمع في كل يوم عرفة بعرفات جبريل وميكائيل وإسرافيل والخضر عليهم السلام ، فيقول جبريل : ما شاء اللّه ، لا قوة إلا باللّه . فيرد عليه ميكائيل فيقول : ما شاء اللّه ، كل نعمة من اللّه . فيرد عليهما إسرافيل فيقول : ما شاء اللّه ، الخير كله بيد اللّه .
    فيرد عليهم الخضر فيقول : ما شاء اللّه ، ما يدفع السوء إلا اللّه . ثم يفترقون فلا يجتمعون إلى قابل في مثل ذلك اليوم .


    موعظة
    إلا يا عسكر الأحياء * هذا عسكر الموتى
    أجابوا الدعوة الصغرى * وهم منتظرو الكبرى
    يحثون على الزاد * ولا زاد سوى التقوى
    يقولون لكم جدوا * وهذا آخر الدنيا

    ما من يوم إلا والأرض تنادي بخمس كلمات : يا ابن آدم ، تمشي على ظهري ، ثم مصيرك إلى بطني . يا ابن آدم ، تفرح على ظهري ، وتحزن في بطني . يا ابن آدم ، تذنب على ظهري ، ثم تعذب في بطني . يا ابن آدم ، تضحك على ظهري ، ثم تبكي في بطني . يا ابن آدم ، تأكل الحرام على ظهري ، ثم يأكلك الدود في بطني .

    وقال عبد الرحمن : بلغني أن الرجل إذا وضع في قبره فعذّب وأصابه ما يكره ، نادته جيرانه من الموتى : أيها المخلّف في الدنيا بعد إخوانه وجيرانه ، أما كان لك فينا معتبر ؟ أما كان لك في تقدّمنا إياك فكر ؟
    أما رأيت انقطاع أعمالنا عنّا في المهلة ؟ فهلا استذكرت واعتبرت بمن غيّب من أهلك في بطن الأرض ممن غرّته الدنيا قبلك ؟



    “ 295 “


    حدثنا يوسف بن يحيى ، حدثنا محمد بن أبي منصور ، عن أبي ظاهر ، عن الصقر ، عن هبة اللّه بن إبراهيم الصراف ، عن الحسن بن إبراهيم الضراب ، عن أحمد بن مروان ، عن أحمد بن محمد البغدادي ، عن عبد المنعم ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، قال : أصبت على قبر إبراهيم الخليل عليه السلام مكتوب :
    إلهي جهولا أمله * يموت من جا أجله
    ومن دنا من حتفه * لم تغن عنه حيله
    وكيف يبقى آخر * قد مات عنه أوله


    حدثنا يونس بن يحيى ، ثنا محمد بن منصور ، عن علي بن الحسين بن أيوب ، حدثنا عبد الرحمن بن علي ، قال : انا محمد بن أبي منصور ، وعلي بن عمر ، قالا : أنبأنا علي بن الحسين ، أنا أبو علي بن شادان ، أنبأنا إبراهيم بن محمد المزكي ، ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، حدثنا محمد بن أحمد بن زيد ، أو قال يونس بن زيد : أنبأنا عمرو بن عاصم ، ثنا الحسن بن زيد ، عن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : لا أعلمه إلا مرفوعا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم . قال : « يلتقي الخضر والياس في كل عام في الموسم ، فيحلق كل منهما رأس صاحبه ، ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات : باسم اللّه . ما شاء اللّه ، لا يأتي بالخير إلا اللّه . ما شاء اللّه ، لا يصرف السوء إلا اللّه . ما شاء اللّه ، ما كان من نعمة فمن اللّه . ما شاء اللّه ، لا حول ولا قوة إلا باللّه » .
    وقال ابن عباس : من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات ، آمنه اللّه من الغرق ، والحرق ، والسرق . وأحسبه قال : ومن الشيطان ، ومن السلطان ، ومن الحية والعقرب .


    خبر الأربعين الرجبيين والأبدال
    اعلم أن للّه أربعين رجلا من خلقه ينظر إليهم فيأخذهم عن حركاتهم ، فيقعدهم لا يستطيعون حراكا في شهر رجب كله ، من أوّله إلى آخره ، وما عندهم خبر من حالهم ، ولا مما يرد عليهم غير ما عرّفهم الحق به في تلك الأخذة ، وذلك في كل سنة .
    فإذا انقضى الشهر ، لم يبق عند الرجل منهم خبر من حال غير ما كان عرفه ، ولا يبقى له كشف ولا اطّلاع ولا نداء من ذلك العالم ، ولا شيء إلى أن يستهل رجب ، فيرجع عليهم ذلك الحال .
    فلا يزال بهم إلى انقضاء الشهر ، فيرون من العجائب في تلك الحال من الكوائن إلى ما شاء اللّه . غير أن بعضهم قد يبقى معه في طوال السنة علامة مقصورة على إدراك أمر ما لا غير .



    “ 296 “


    وقد اجتمعنا برجل منهم في شهر رجب ، وهو محبوس في بيته ، قد حبسته هذه الحالة ، وهو بائع للجزر والخضر العامة ، غير أني سألته عن حالته ، فأخبرني بكيفيّتها على ما كان علمي فيها . وكان يخبر بعجائب ، فسألته : هل يبقى لك علامة في شيء قال : نعم ، لي علامة من اللّه في الرافضة خاصة . أراهم في صور الكلاب ، لا يستترون عني أبدا ، وقد رجع منهم على يده جماعة مستورون لا يعرفونهم أهل السنة ، إلا أنهم منهم عدول ، فدخلوا عليه ، فأعرض عنهم ، وأخبرهم بأمرهم ، فرجعوا وتابوا ، وشهدوا على أنفسهم ما أخبر عنهم مما ليس عند أحد منهم خبر .

    وحدّثنا محمد بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن عبد اللّه ، عن علي بن الحسن بن أحمد بن طلحة ، عن محمد بن عبد اللّه الحيّاني ، عن عثمان بن أحمد الدقاق ، عن إسحاق بن إبراهيم الختليّ ، عن عثمان بن سعيد الأنطاكي ، عن علي بن الهيثم المصيصي ، عن عبد المجيد بن بحر عن سلّام الطويل ، عن داود بن يحيى عن مولى عون الطفاوي ، عن رجل كان مرابطا في بيت المقدس وبعسقلان ، قال : رأيت رجلا وأنا بوادي الأردن قائما يصلي ، وسحابة تظلله من الشمس ، فلما سلّم سلّمت عليه ، وقلت : من أنت ؟

    فقال :

    الياس النبي . فقلت : ادع لي ، فقال : يا برّ ، يا رحيم ، يا حي ، يا قيوم ، يا حنّان ، يا منّان ، يا هيا ، شراهيا ، فذهب عني ما كان أصابني من هيبته . فسألته : هل يوحى إليه اليوم ؟ قال :
    منذ بعث محمد عليه الصلاة والسلام ، فلا قلت : كم من الأنبياء أحياء ؟ قال : أنا والخضر وإدريس وعيسى . قلت : فهل تلتقي أنت والخضر ؟ قال : نعم ، في كل عام بعرفات .
    قلت : فكم الأبدال ؟ قال : هم ستون رجلا : خمسون ما بين العريش إلى شاطئ الفرات ، ورجلان بالمصيصة ، ورجل بأنطاكية ، وسبعة في سائر الأمصار . بهم تسقون الغيث ، وبهم تنصرون على العدو ، وبهم يقيم اللّه أمر الدين . حتى إذا أراد أن يهلك ، يعني الدنيا ، أماتهم جميعا . قلت : لا تنقص الأبدال عن سبعة نفر ، ويزيدون إلى ما شاء اللّه ، ليس لهم حد معروف في الزيادة ، واقتصار الياس على الستين ، إنما ذكر الموجودين في ذلك الزمان الذي سئل فيه لا غير . وفصّل له تفريقهم في مساكنهم ، وأبان له أن فيهم من هو ملازم موضعا ما ، ومن هو سائح ، واللّه أعلم بخلقه .


    ولمهيار الديلمي في حنين الإبل وسيرها :
    يا سائق الأضغان أر * ود بعض ما تعسف
    فإن بين سوقها * أفئدة تخطّف
    يا زمني على الغضا * ما أنت إلا الأسف


    “ 297 “

    لهفي عليك ماضيا * لو ردّك التلهف

    وله أيضا في هذا الباب :
    إذا فاتها روض الحمى وجنوبه * كفاها النسيم البابليّ وطيبه
    فدعها تلسّ العيس طوع قلوبها * فأمرع ما ترعاه ما تستطيبه
    وإن الثمار البرض في عزّ قومها * لأينع من جمّ يذلّ غريبه
    يلوم على نجد ضنين بدمعه * إذا فارق الأحباب جفّت غروبه
    وما الخلّ إلا من فؤادي فؤاده * لأهل الغضا أو من حبيبي حبيبه


    وله أيضا من هذا الباب :
    هل السائق الغضبان يملك أمره * فما كل سير اليعملات وحيد
    رويدا بأخفاف المطيّ فإنما * تداس جباه تحتها وجدود

    روينا من حديث المالكي ، قال : أنشدني ابن قتيبة :
    وكم من جاهل في الناس أضحى * له عقل وليس له زمان
    كفى بالمرء عيّا أن نراه * له وجه وليس له لسان
    وما حسن الرجال لهم بزين * إذا لم يسعد الحسن البيان

    وقال أيضا : أنشدني الحسن بن علي ، أنشدني محمود :
    ما أفضح الموت للدنيا وزينتها * جدا وما أفضح الدنيا بأهليها
    لا ترجعن إلى الدنيا بلائمة * فعذرها لك باد في مساويها
    لم يبق من عيبها شيء لصاحبها * إلا وقد بيّنته في معانيها
    تفنى البنين وتفنى الأهل دائبة * والحرب سلم إلى من لا يدانيها
    فما يزيدهم قتل الذي قتلت * ولا العداوة إلا رغبة فيها

    وقال أيضا : أنشدني محمد بن فضالة لغيره فيمن انقطع إلى اللّه عز وجل :
    هم القوم بين الأرض في الأرض قد أووا * إلى كنف رحب مصونون في ستر
    أئمة صدق يشرحون سبيله * بألسنة صينت عن اللغو والهجر

    خبر حسان وعمر بن مجدي كري يبان أسعد تبّع الذي كسا الكعبة
    قال ابن إسحاق : سار حسان بن أسعد بأهل اليمن ، يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم ، حتى إذا كان ببعض أهل العراق بالبحرين ، كرهت حمير وقبائل اليمن




    “ 298 “


    السير معه ، وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهليهم . فكلموا أخا له يقال له عمرو ، فقالوا له :
    اقتل أخاك حسان ، ونملّكك علينا ، وترجع بنا إلى بلادنا ، فأجابهم ، فاجتمعوا على ذلك إلا ذو رعين الحميري ، فإنه نهاه عن ذلك فلم يقبل منه ، فقال ذو رعين في ذلك :
    ألا من يشتري سهرا بنوم * سعيد من يبيت قرير عين
    وأما حمير غدرت وخانت * فمعذرة الإله الذي رعين

    قال ابن إسحاق : ثم كتبها في رقعة وختم عليها ، ثم أتى بها عمرا ، فقال له : ضع لي هذا الكتاب عندك ، ففعل . ثم وثب عمرو على أخيه فقتله ، فسموه موثبان لوثوبه على أخيه . ورجع بمن معه إلى اليمن .

    قال الشاعر :
    لاه عين الذي رأى مثل حسا * ن قتيلا في سالف الأحقاب
    قتلته مقاول خشية الجيش * غزاة قالوا لباب اللّباب
    ميتكم خيرنا وحيّكم ربّ * علينا فكلكم أرباب


    قال ابن إسحاق : فلما نزل عمرو بن يبان اليمن ، منع منه النوم ، وسلّط عليه السهر .
    فلما جهد ذلك ، سأل الأطباء والعرّافين والحرازة من الكهّان عمّا به ، فقال له رجل منهم :
    إنه واللّه ما قتل رجل قط أخاه أو ذي قرابة بغيا على ما قتلت أخاك عليه إلا ذهب عنه نومه ، وسلّط عليه السهر ، فلما قيل له ذلك جعل يقتل كل من أمره بقتل أخيه حسان من أشراف اليمن ، حتى خلص إلى ذي رعين ، فقال له ذو رعين : إن لي عندك براءة ، قال : وما هي ؟
    قال : الكتاب الذي دفعته لك . فأخرجه فإذا فيه البيتان ، فتركه ورأى أنه قد نصحه ، وهلك عمرو .

    لباب اللباب بلغة حمير : لا بأس . ويروى لياب بالياء نقطتين ، والمقاول : الملوك ، ولاه بمعنى للّه . حكي عن سيبويه أنه قال : يقولون : لاه أبوك ، بمعنى : للّه أبوك ، ويحذفون لام الإضافة واللام الأخرى .
    وممن عمل ليوم العقبة ، ما حدّثنا به يونس بن يحيى ، حدثنا محمد بن نصر ، ثنا أحمد بن الحسن بن حبروت ، قال : قرأت على ابن شادان أن أحمد بن كامل أخبره قال :
    ثنا محمد بن يونس ، عن الأصمعي ، عن شيبة بن شيبة ، قال : كنّا بطريق مكة وبأيدينا غذاء لنا في يوم صائف ، وإذا بأعرابي معه زنجية يقول لنا : أفيكم من يكتب لي كتابا ؟

    قلنا له :
    أصب من غذائنا ، فإذا فرغنا كتبنا لك ما سألت . قال : إني صائم ، فتعجبنا من صومه في تلك البرية . فلما فرغنا من غذائنا دعوناه ، فقلنا له : ما تريد ؟ فقال : أيها الرجل ، إن الدنيا قد كانت ولم أكن فيها ، وستكون ولا أكون فيها . وإني أريد أن أعتق جاريتي هذه لوجه اللّه



    “ 299 “



    عز وجل ، ثم ليوم العقبة . ثم قال : تدري ما يوم العقبة ؟ قوله هذا عزّ وجل : فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ . اكتب ما أقول لك ، ولا تزد عليّ حرفا . هذه فلانة خادمة فلان ، قد أعتقها لوجه اللّه عز وجل ، ثم ليوم العقبة . قال شيبة : فقدمت البصرة وأتيت بغداد ، فحدّثت بهذا الحديث المهدي ، فأعتق المهدي مائة نسمة على غريبة الأعرابي .



    ومن وقائع أصحاب الكشوف ، ما حدثنا به عبد اللّه ابن الأستاذ المروزي قال : رأى بعض الفقراء بجباية في واقعته صورة حتى يقول للشيخ أبي مدين :
    يا شيخ قربتك مني * حتى كأنك أني
    وناديت سرّك ، إياك عني * بمعنى معناك ، فكنت مني

    فجاوبه الشيخ :
    سبحانك سبحانك أدنيتني * منك ، فأفتيتني عني
    بحق حقك يا حق ، بوجودك صلني * فأنت أقصى مناي ، يا غاية المتمني

    ثم قال : سمعت الحق ناداه بي ، قال : وعليّ دلّ ، فأنا الكل .


    وصية
    رويناها من حديث الدينوري عن جعفر بن محمد ، عن عيسى بن سليمان ، عن ضمرة ، قال : يقال : ثلاث من لم تكن فيه لم يجد طعم الإيمان : علم يحجزه عن جهل الجاهل ، وورع يحجزه عن المحارم ، وخلق يعاشر به الناس .


    موعظة
    من روايتنا عن أبي مروان ، عن إبراهيم بن نصر ، عن الزيادي ، عن الأصمعي ، قال :
    دخلت بعض الخيام فإذا بجارية ، واللّه ما أحسبها أتت عليها عشر سنين ، وهي تقول :
    عدمت الحياة ولا نلتها * إذا كنت في القبر قد ألحدوك
    وكيف أذوق لذيذ الكرى * وأنت بيمناك قد وسّدوك


    دعاء حسن
    ومن روايتنا عن أبي مروان ، عن أحمد بن علي ، عن الأصمعي ، عن أبيه ، قال :
    سمعنا أعرابية تقول داعية للّه عز وجل : اللهم متّعنا بخيارنا ، وأعنّا على أشرارنا ، واجعل


    “ 300 “

    الأموال في سمحائنا . وبه قال : حدثنا النضر بن عبد اللّه ، قال : أخبرني الأصمعي ، قال :
    سمعت أعرابيا عند الملتزم يقول : اللهم أعنّي على الموت وكربته ، وعلى القبر وغربته ، وعلى الميزان وخفّته ، وعلى الصراط وزلّته ، وعلى يوم القيامة وروعته . قلت : وسمعت بعض المذكّرين يقول في خطبته : اذكروا ألم الموت وسكرته ، وعذاب القبر وظلمته ، وهول المحشر وبعثه ، والسؤال وغلظته ، والميزان وخفّته ، والصراط وزلّته ، والقصاص وحسرته .



    أعرابية المحتد عربية المشهد
    حدثنا بشأنها عبد الرحمن كتابة ، قال : أخبرنا المبارك بن علي ، قال : نبأنا ابن العلاف ، انا عبد الملك بن بشران ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، عن جعفر بن محمد الخرائطي ، حدثنا ابن الجنيد ، حدثنا محمد بن الحسين ، عن الصلت بن حكيم ، حدثني ابن السماك ، عن امرأة من أهل البادية ، قال : سمعتها تقول يوما : لو تطلعت قلوب المؤمنين بفكرها إلى ما ادّخر لها في حجب الغيوب من خير الآخرة ، لم يطب لهم عيش ولا تقر لهم في الدنيا عين .


    خبر سواد بن قارب مع هاتفه

    روينا من حديث ابن عبد اللّه ، حدثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا بشر بن حجر الشامي ، ثنا علي بن منصور الأنباري ، عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : بينما عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه في المسجد ، إذ مرّ رجل في مؤخر المسجد ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين ، أتعرف هذا المارّ ؟ قال : لا ، فمن هو ؟ فقال : هذا سواد بن قارب ، وهو رجل من أهل اليمن له فيهم شرف وموضع ، وهذا الذي أتاه رئيه بظهور رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . فقال عمر : عليّ به ، فدعا به قال : أنت سواد بن قارب ؟ قال : نعم ، قال : أنت الذي أتاك رؤيك بظهور رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟

    قال : نعم ، قال : فأنت على ما كنت عليه من كهانتك ؟ فغضب سواد بن قارب وقال : يا أمير المؤمنين ، ما استقبلني بهذا أحد منذ أسلمت ، فقال عمر : يا سبحان اللّه ، ما كنّا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك ، أخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
    قال : نعم يا أمير المؤمنين ، بينما أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان ، إذ أتاني رؤييّ فضربني برجله وقال : قم يا سواد بن قارب ، وافهم واعقل ، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب ، يدعو إلى اللّه وإلى عبادته ،
    ثم أنشأ يقول :


    “ 301 “

    عجبت للجنّ وتحساسها * وشدّها العيس بأحلاسها
    تهوى إلى مكة تبغي الهدى * ما خيروا الجن كأنجاسها
    فارحل إلى الصفوة من هاشم * واسم بعينيك إلى رأسها
    قال : فلما كانت الليلة الثانية ، أتاني فضربني برجله ، وقال : ألم أقل لك يا سواد بن قارب قم وافهم واعقل ، إن كنت تعقل ، إنه بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى اللّه وإلى عبادته ؟

    ثم أنشأ يقول :
    عجبت للجنّ وتطلابها * وشدّها العيس بأقتابها
    تهوى إلى مكة تبغي الهدى * ما صادق الجنّ ككذابها
    فارحل إلى الصفوة من هاشم * ليس قداما مثل أذنابها


    قال : فلم أرفع رأسا بقوله . فلما أن كانت الليلة الثالثة ، أتاني فضربني برجله ، وقال : ألم أقل لك يا سواد بن قارب قم وافهم واعقل ، إن كنت تعقل ، إنه بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى اللّه وإلى عبادته ؟

    ثم أنشأ يقول :

    عجبت للجنّ وأخبارها * وشدّها العيس بأكوارها
    تهوى إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمنو الجنّ ككفارها
    فارحل إلى الصفوة من هاشم * بين روابيها وأحجارها

    قال : فوقع في نفسي حب الإسلام ، ورغبت فيه . فلما أصبحت شددت على راحلتي وانطلقت متوجها إلى مكة . فلما كنت ببعض الطريق أخبرت أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة ، فأتيت المدينة ، فسألت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقيل في المسجد ، فعقلت ناقتي ، وإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والناس حوله ، فقلت : اسمع مقالتي يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . فقال : « يا أبا بكر ، ادنه ادنه » ، فلم يزل لي حتى صرت بين يديه . فقال : « هات فأخبرني بإتيان رئيك » ،

    فقلت :

    أتاني رؤييّ بعد هدء ورقدة * ولم أك فيما قد تلوت بكاذب
    ثلاث ليال قوله كل ليلة * أتانا رسول من لؤي بن غالب
    فشمّرت عن ذيل الإزار ووسطت * بي الدعلب الوجناء بين السباسب
    فأشهد أن اللّه لا ربّ غيره * وأنك مأمون على كل غائب
    وإنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى اللّه يا ابن الأكرمين الأطايب
    فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى * وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
    وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة * سواك بمغن عن سواد بن قارب



    “ 302 “


    قال : فسرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقصتي وإسلامي ، فوثب إليه عمر رضي اللّه عنه فالتزمه ، وقال : قد كنت أحب أن أسمع هذا منك .
    الدعلب والدعلبة : الناقة السريعة .

    نصيحة الجرهمي لعمرو بن لحيّ
    روينا من حديث أبي الوليد أن عمرو بن لحيّ لمّا غيّر دين إبراهيم عليه السلام ، وكان أمره عند العرب مطاعا ، وما شرع لهم من دين متبعا سيب السوائب ، ووصل الوصيلة ، وحمى الحامي وبحر البحيرة ، ونصب الأصنام حول الكعبة ، وجاء بهبل من هيت من أرض الجزيرة ، فنصبه في بطن الكعبة .
    وكان بمكة رجل من جرهم على دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، وكان شاعرا ، فقال لعمرو بن لحيّ حين غيّر دين الحنيفية :
    يا عمرو لا تظلم بمكة إنها بلد حرام * سائل بعاد ابن هم وكذاك محترم الأنام


    وبني العمالقة الذين لهم بها كان السرام
    فزعموا أن عمرو بن لحيّ أخرج ذلك الجرهمي ، فنزل بأضم بأعراض المدينة ، مدينة النبي صلى اللّه عليه وسلم نحو الشام . فتشوق إلى مكة فأنشأ يقول :
    ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * وأهلي بها بالمأزمين حلول
    وهل أرين العيس تنفح في الثرى * لها بمنى ولمأزمين ذميل
    منازل كنا أهلها لم يحل بنا * زمان بها فيما أراه يحوك
    مضى أوّلونا راضيين بشأنهم * جميعا وغالتني بمكة غوك

    تفسير ما ذكرنا فيه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام : البحيرة فيما ذكره المفسرون الناقة التي كانت في الجاهلية ، إذا أنتجت خمسة أبطن ، وكان آخرها ذكرا ، بحروا أذنها أي شقوها ، ولم يذبحوها ، ولم يركبوها ، ولم تطرد من ماء ، ولا تمنع من مرعى ، ولم يركبها أحد . قال الكلبي : كانت إذا أنتجت خمسة أبطن ، فكان الخامس ذكرا ، أكله الرجال دون النساء . وإن كان أنثى بحروا أذنها وشقوها ، وتركت لا يشرب لها لبن ولا تركب . وإن كان ميتة اشترك فيها الرجال والنساء . يقال : بحرت أذن اللبن إذا شققت منها واسعا . والناقة بحيرة مبحورة .
    وأما السائبة فقيل : هو ما كان أحدهم يفعله إذا مرض ، فينذر إن شفي أن يسيب


    “ 303 “

    ناقته . فإذا فعل ذلك لم تمنع من ماء ولا من كلأ ، وقد يسيبون غير الناقة ، وكانوا إذا سيبوا العبد لم يكن عليه ولاء . وقيل : إذا كانت الناقة ، إذا تتابعت اثنا عشر أنثى ليس فيها ذكر سيّبت ، فلم تركب ولا يجزّ وبرها ولم يشرب لبنها ، فما نتجت بعد ذلك من أولادها شقت أذنها وخليت مع أمها . فهي البحيرة بنت السائبة .

    والوصيلة من الغنم ، إذا ولدت الشاة سبعة أبطن ، فإن كان السابع ذكرا ذبحوه وكان لحمه للرجال دون النساء ، وإن كان أنثى لم يذبحوها . قال ابن عباس : ولم يشرب من لبنها غير الذكور خاصة . وإن كان ميتة أكلها الرجال والنساء ، وتلا : وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ، الآية . وقيل : إن الوصيلة الشاة ، تنتج عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس فيها ذكر . فيقولون : وصلت ، فما ولدت بعد ذلك فهو للذكور دون الإناث ، إلا أن يموت منها شيء فيشترك في أكله الذكور والإناث .

    وأما الحام فهو البعير ، ينتج من ظهره عشرة أبطن ذكورا وإناثا ، فيقولون : قد حمى ظهره ، ويخلى ولا يركب .

    وقيل : هو الفحل ، ينتج من ظهره عشرة إناث متتابعات ليس بينهن ذكر . فيقولون :
    قد حمى ظهره ، فلا يركب ولا يجز ولا ينتفع به لغير الضراب . وقال ابن عباس : هو البعير الذي يركب أولاد أولاده .



    موعظة نبوية
    قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « اتقوا اللّه حق تقاته ، واسعوا في مرضاته ، وأيقنوا من الدنيا بالفناء ، ومن الآخرة بالبقاء ، واعملوا لما بعد الموت . فكأنكم بالدنيا لم تكن ، وبالآخرة لم تزل . ألا وإن من في الدنيا ضيف ، وما في يده عارية . وإن الضيف مرتحل ، والعارية مردودة . ألا وإن الدنيا عرض حاضر ، يأكل منها البر والفاجر ، والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر . فرحم اللّه امرأ نظر لنفسه ، ومهّد لرمسه ما دام رسنه مرخى ، وحبله على غاربه ملقى ، قبل أن ينفذ أجله ، وينقطع عمله » .

    شعر :
    لعفوك يا مولى الموالي تشوقي * فكن لي وليا في مقامي وموقفي
    فها أنا بالباب المعظم قدره * مقل من التقوى كثير التخوف
    فجدلي بعفو منك يستر زلتي * فما زلت ذا فضل كثير التعطف
    وممن ابتلى بعهد فوفى موسى المصطفى : حدثنا محمد بن قاسم ، حدثنا عبد اللّه بن عبد المجيد ، عن عمرو بن حسن بن محمد بن أحمد القرشي الماسي ، قال :

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 05:24