..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:34 من طرف Admin

» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:31 من طرف Admin

» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:28 من طرف Admin

» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:26 من طرف Admin

» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:24 من طرف Admin

» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:21 من طرف Admin

» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:19 من طرف Admin

» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:17 من طرف Admin

» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:14 من طرف Admin

» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Emptyأمس في 19:12 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68443
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3 Empty كتاب: محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2 ـ 3

    مُساهمة من طرف Admin 15/11/2021, 14:17

    الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
    الجزء الثالث
    محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار ج 2

    “ 32 “

    يظلم ويجور ، فركب في يوم شديد البرد ، فرأى في بعض الأزقة كلبا أجرب قد أنكاه البرد ، فدمعت عيناه وأخذته عليه شفقة ، فقال لبعض جماعته : احمل هذا الكلب إلى البيت حتى أرجع ، فلما رجع من وجهه إلى البيت تولى موضعا من داره جعله مربطا لذلك الكلب ، وأطعمه وسقاه ودهنه وكساه جلا ، وأوقد حوله نارا يستدفي بها على بعد . فلم يلبث الوالي بعد هذه الفعلة سوى ليلتين ومات رحمه اللّه . فرآه بعض الصالحين ممن كان يعرف ظلمه وجوره قال : ما فعل اللّه تعالى بك ؟ فقال له : يا هذا ، أوقفني الحق بين يديه ، وقال لي :

    كنت كلبا فوهبناك لكلب ، فغفر لي ، وضمن عني ، وأدخلني الجنة . فقلت : يصدق هذا ما أخبر به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن بغي من بغايا بني إسرائيل رأت كلبا على بئر يلهث عطشا ، فنزعت موقها من رجلها ، واستقت له ، وسقته وانصرفت ، فشكر اللّه تعالى فعلها وغفر لها .



    فتوة ومروءة

    حدثنا عبد الرحمن ، عن أبي بكر الصوفي ، عن علي الحبري ، عن ابن باكويه ، عن أبي الحسن الحنظلي ، عن أحمد بن علي الإصطخري ، عن أبي عمر الدمشقي قال : خرجنا مع أبي عبد اللّه بن الجلاء إلى مكة ، فمكثنا أياما لم نأكل ، فوقعنا في البرية إلى أعرابية عندها شاة ، فقلنا لها : بكم هذه الشاة ؟ قالت : بخمسين درهما ، فقلنا لها : أحسني ، فقالت : بخمسة دراهم ، فقلنا لها : تهزئين ؟ فقالت : لا واللّه ، ولكن سألتموني الإحسان ، ولو أمكنني لما أخذت شيئا . فقال ابن الجلاء : أيش معكم ؟ قلنا : ستمائة درهم .

    فقال :

    أعطوها واتركوا الشاة عليها . فما سافرنا سفرا أطيب منها .

    سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .

    استنصار دوس ذي ثعلبان قيصر ملك الروم على ذي نواس

    روينا من حديث ابن إسحاق ، عن المكي ، عن سعيد بن جبير ، وعكرمة ، عن ابن عباس ، أن زرعة ذا نواس لما قتل أصحاب الأخدود وقد ذكرنا قصته في هذا الكتاب ، أفلت رجل منهم يقال له دوس ذو ثعلبان ، فذهب على فرس له يركض عليه حتى أعجزهم في الرمل ، فأتى قيصر فذكر له ما بلغ منهم ذو نواس ، واستنصره ، فقال : بعدت بلادك ، ونأت دارك عنّا ، ولكن سأكتب لك إلى ملك الحبشة ، فإنه على ديننا فينصرك . فكتب له إلى النجاشي يأمره بنصره . فلما قدم على النجاشي بعث معه رجلا من الحبشة يقال له




    “ 33 “



    أرباط ، وقال : إن دخلت اليمن فاقتل ثلث رجالها ، وأخرب ثلث بلادها . فلما دخلوا أرض اليمن وهم في سبعين ألفا من الحبشة ، من جملتهم أبرهة الأشرم أحد أجناد أرباط ، وكان طريقهم إلى اليمن في البحر ، فلما نزلوا بساحل اليمن سار إليهم ذو نواس في حمير ، ومن أطاعه من قبائل اليمن ، فلما التقوا انهزم ذو نواس وأصحابه ، فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجّه فرسه في البحر فضربه فدخل به حتى لجّج في البحر ، فكان آخر العهد به ، فدخل أرباط اليمن ، ففعل ما أمره به النجاشي من القتل والتخريب .



    فقال ذو جدن فيما أصاب أهل اليمن :
    دعيني لا أبا لك أن تطيقي * لحاك اللّه قد أنزفت ريقي
    لدى عزف القيان إذا انتشينا * وإذ نسقى من الخمر الرحيق
    وشرب الخمر ليس عليّ عار * إذا لم يشكني فيه رفيقي
    فإن الموت لا ينهاه ناه * ولو شرب الشفاء مع النسوق
    ولا مترهب في أسطوان * يناطح حدره بيض الأنوق
    وغمدان الذي حدّثت عنه * بنوه مسمّكا في رأس نيق
    بمنهمة وأسفله حروث * وحرّ الموحل اللثق اللزيق
    مصابيح السليط تلوح فيه * إذا تمسي كتوماض البروق
    ونخلته التي غرست إليه * يكاد البسر يهصر بالغدوق
    فأصبح بعد جثته رمادا * وغيّر حسنه لهب الحريق
    وأسلم ذو نواس مستكينا * وحذر قومه ضنك المضيق


    المنهمة : التجارة . والحروث : أرض الزرع . وحرّ الموحل : يعني الطين الحرّ الذي هو كالوحل من شدة ريّه .
    وقال ذو جدن الحميري أيضا :
    هونك ما أن يردّ الدمع ما فاتا * لا تهلكا أسفا في إثر من ماتا
    أبعد بينون لا عين ولا أثر * وبعد سلحين يبني الناس أبياتا

    بينون وسلحين وعمدان : من حصون اليمن الذي هدم أرباط .
    زاد ابن هشام في هذا الحديث ما قاله ربيعة بن عبد ياليل الثقفي في ذلك :
    لعمرك ما للفتى من مفرّ * مع الموت يلحقه والكبر
    لعمرك ما للفتى صخرة * لعمرك ما إن له من وزر
    أبعد قبائل من حمير * أبيدوا صباحا بذات العبر




    “ 34 “


    بألف ألوف وحرابة * كمثل السماء قبيل المطر
    بضمر صباحهم المقربات * ينفون من قاتلوا بالذفر
    سعالى مثل عديد التراب * تيبّس منهم رطاب الشجر
    يعني من أنفاسهم . وذات العبر : الداهية التي فيها عبر العين ، أي سخنتها . وصار ملك اليمن بين أرباط وأبرهة ، وكان أرباط فوق أبرهة . فأقام أرباط سنتين في سلطانه لا ينازعه أحد ، ثم نازعه أبرهة الحبشي الملك ، وكان في جند من الحبشة ، فانحاز إلى كل واحد من الحبشة طائفة ، ثم سار أحدهما على الآخر ، وكان لأرباط في صنعاء وأحوازها ، وكان لأبرهة الجند وأحوازها ، فلما تقارب الناس ودنا بعضهم من بعض ، أرسل أبرهة إلى أرباط : إنك لا تصنع شيئا بأن تلقي الحبشة بعضهم ببعض فتفني ما بيننا فيضعف أمرها ، فابرز إليّ بنفسك ، وأبرز إليك ، فمن ظهر على صاحبه منّا كان الأمر له .

    فقال أرباط :

    أنصفت . وكان أرباط طويلا في الرجال وسيما عظيم الخلق . وكان أبرهة قصيرا دحداحة ، وكان ذا دين في النصرانية ، وعقل وحلم . فجعل أبرهة خلفه عبدا له يحمي ظهره يقال له عتودة ، فلما دنا كل واحد من صاحبه رفع أرباط الحربة يريد نافوخ أبرهة فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وعينه وأنفه وشفتيه ، فبذلك سمي أبرهة الأشرم ، وحمل غلام أبرهة عتودة على أرباط من خلف أبرهة فزرقه بالحربة فقتله . فانصرف جند أرباط إلى أبرهة واجتمعت عليه الحبشة باليمن .

    وكان ما وقع من هذا الأمر كله بين أبرهة وأرباط عن غير علم ولا أمر من النجاشي ملك الحبشة ، وكان مسكنه باكسوم من بلاد الحبشة ، فلما بلغه ذلك غضب غضبا شديدا وقال : عدا على أميري بغير أمري فقتله ، وما كنت أمّرته ، ثم حلف النجاشي لا يدع أبرهة حتى يطأ أرضه ، ويجزّ ناصيته . فلما بلغ ذلك أبرهة حلق رأسه ، ثم ملأ جرابا من تراب أرض اليمن ، ثم بعث به إلى النجاشي ، وكتب إليه : أيها الملك ، إنما كان أرباط عبدك ، وأنا عبدك ، اختلفنا في أمرك وكلنا طاعة لك ، إلا أني كنت أقوى على أمر الحبشة منه ، وأضبط وأسوس لهم منه ، وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك ، وبعثت به إليه مع جراب من تراب أرضي ليضعه تحت قدميه ، فيبرّ بذلك قسمه .
    فلما انتهى ذلك إلى النجاشي رضي عنه ، وكتب إليه : أن أثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري . فأقام أبرهة باليمن إلى أن هلك . وقد ذكرت قصة هلاكه في حديث الفيل .
    روينا من حديث ابن أبي الدنيا ، عن القاسم بن هاشم ، عن علي بن عباس ، عن إسماعيل بن عيّاش عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد أن بني إسرائيل لم يكن فيهم



    “ 35 “


    ملك إلا ومعه رجل حكيم ، فإذا رآه غضبان كتب له صحائف ، في كل صحيفة ارحم المسكين ، واخش الموت ، واذكر الآخرة . فكلما أخذ الملك صحيفة قطعها حتى يسكن غضبه .

    وحدثنا عبد الصمد بن علي قال : كان ببلاد فارس في زمان الأكاسرة ينادي كل يوم مناد على باب قصر الملك : لا يكون ملك إلا بالرجال ، ولا يثبت الرجال إلا بالمال ، ولا يحصل المال إلا بالعمارة ، ولا تصحّ العمارة إلا بالعدل .

    وحدثنا بعض الهنود أن الملك فيهم إذا خرج ركب على الفيل وبين يديه راكب مشرف على الناس ينادي بلسانهم وفي يده طشت من ذهب فيه جمجمة إنسان ، وفي يده اليمنى قضيب ، فيقول : يا أيها الناس ، وقال : ينظر إلى الملك ويقول : يا أيها الملك ، أنت ملك الناس قد ركبت على ملك السباع وإلى هذا مصيرك ، ويشير بالقضيب إلى الجمجمة ، والملك يبكي وينظر في أمور الناس إلى أن يرجع .

    ووقفت في كتاب « سر الأسرار » لأرسطو على دائرة اصطنعها للإسكندر يوصيه فيها :
    تتضمن العالم بستان سياجه الدولة .

    الدولة سلطان يحجبه السّنة . السّنة سياسة يسوسها الملك . الملك راع يعضّده الجيش . الجيش أعوان يكفلهم المال .
    المال رزق تجمعه الرعيّة . الرعية عبيد يعبدهم العدل . العدل مألوف فيه صلاح العالم . تصل الكلام بأوله .
    وقال عيسى ابن مريم عليهما السلام : معاشر الفقهاء ، قعدتم على طريق الآخرة ، فلا أنتم مشيتم فوصلتم إليها ، ولا أنتم تركتم أحدا يجوزكم إليها ، فالويل لمن اغتر بكم .

    روينا من حديث ابن مروان ، عن عبد اللّه بن مسلم ، عن الرياشي ، عن الأصمعي قال : كان بلال بن سعد يصلي الليل أجمع ، فكان إذا غلبه النوم في الشتاء ، وكان في داره بركة ، فيجيء فيطرح عنه ثيابه وينغمس في الماء ليذهب عنه النوم ، فعوتب في ذلك فقال :

    ماء البركة في الدنيا خير من صديد أهل جهنم .
    وكان عندنا بإشبيلية رجل عابد ، حسن الصوت ، كثير الاجتهاد ، سريع الدمعة ، دائم العبرة ، كثير الفكرة والتهجّد ، بتّ معه ليالي عدّة فلم يكن يفتر ، فربما أسمعه في بعض الأحايين ينشد بصوت طيّب غرد ، ودموعه تنحدر على خدّيه :
    قطع الليل رجال * ورجال وصلوه
    رقدوا فيه أناس * وأناس سهروه
    لا يميلون إلى النو * م ولا يستعذبوه
    فكأن النوم شيء * لم يكونوا يعرفوه



    “ 36 “



    لبسوا ثوبا من الخد * مة حتى خلعوه
    مع جلباب من الحز * ن فما أن نزعوه

    وروينا من حديث الدينوري ، عن سعيد بن عمر الأزدي ، عن أبيه ، عن يونس بن حازم قال : قال العتابي : مررت بدير فصحت : يا راهب ، فلم يجبني أحد حتى قلت : يا صاحب الدير ، فإذا به قد أشرف عليّ ، فقلت له : ما منعك أن تجيبني ؟ قال : لأنك سمّيتني بغير اسمي ، فقلت : وما اسمك ؟ قال : الكلب العقور ، وإنما حبست نفسي في هذا الموضع لكي لا أعقر الناس .

    وقال العتّابي أيضا : مررت بدير فإذا راهب ينادي ، فرفعت رأسي إليه فقال لي :
    ويحك ، هب أن المسئ قد عفي عنه ، أليس قد فاته ثواب الصالحين ؟
    وقال أبو سليمان الداراني : لقيت راهبا فقلت له : يا راهب كيف ترى الدهر ؟ فقال :

    يخلق الأبدان ، ويجدد الآمال ، ويباعد الأمنية ، ويقرّب المنية . فقلت له : فكيف ترى أهله ؟ فقال : من ظفر بها نصب ، ومن فاتته تعب . قال : فما الغنى عنه ؟ قال : قطع الرجاء منه . قال : فقلت له : فأي الأصحاب أبرّ وأوفى ؟ قال : العمل الصالح والتقى . قلت : فأين المخرج ؟ قال : في سلوك المنهج ، قلت : وما هو ؟ قال : بذل المجهود وخلع الراحة .
    قلت : فأوصني ، قال : قد فعلت .
    رويناه من حديث المالكي ، عن أحمد بن عبّاد ، عن أحمد بن أبي الحواري ، عن أبي سليمان ، ورويناه من حديث العتابي قبله من حديثه أيضا ، عن علي بن الحسين عنه .



    واقعة لبعض الفقراء
    حدثنا عبد اللّه ابن الأستاذ بمرشانة بدار شمس العابدات أم الفقراء ، رأى بعض الفقراء في واقعته أبا مدين وبعض مشايخ الصوفية ، فقال بعضهم لأبي مدين : ما معنى الوصول ؟ فقال : إذا دلك به عليه كنت منه وإليه ، وإذا أفناك عن الإحساس كنت في حضرة الإيناس ، وإذا كاشفك بحبه لم تتلذذ إلا بقربه ، وإذا غيّبك عن شهودك تجلّى لك من وجودك .
    قلت : وأفدت ليلة في واقعة ، وذلك أني بتّ في جماعة من الصالحين ، منهم أبو العباس الحريري الإمام بزقاق القناديل بمصر ، وأخوه محمد الخياط ، وعبد اللّه المروزي ، ومحمد الهاشمي اليشكري ، ومحمد بن أبي الفضل ، فأريت نفسي والجماعة في بيت



    “ 37 “

    شديد الظلمة ، وليس لنا فيه نور سوى ما ينبعث من ذواتنا ، فكانت الأنوار تنفهق علينا من أجسامنا فنضيء بها ، فدخل علينا شخص من أحسن الناس وجها ومنطقا ، فقال : أنا رسول الحق إليكم ، فكنت أقول له : فما جئت به في رسالتك ؟ فقال : اعلموا أن الخير في الوجود ، والشر في العدم ، أوجد الإنسان بجوده ، وجعله واجدا ينافي وجوده ، تخلق بأسمائه وصفاته ، وفني عنها بمشاهدة ذاته ، فرأى نفسه بنفسه ، وعاد العدد إلى أسه ، فكان هو ولا أنت .

    فأخبرت الجماعة بالواقعة ، فسروا وشكروا اللّه .
    ثم وضعت رأسي في عبّي فنظمت في نفسي أبياتا في المعرفة ، ونام أصحابي فاستيقظ عبد اللّه وناداني : يا أبا عبد اللّه . فلم أجبه كأني نائم . فقال لي : ما أنت بنائم ، أنت تعمل شعرا في معرفة اللّه وتوحيده . فرفعت رأسي وقلت له : من أين لك هذا ؟ فقال لي : رأيتك تعقد شبكة رفيعة ، فأوّلت الخيوط المنثورة تعقدها شبكة معاني متفرقة تجمعها ، وكلاما منثورا تنظمه . فقلت : هذا يعمل شعرا . قلت له : صدقت ، فمن أين عرفت أنه معرفة اللّه وتوحيده ؟ قال : قلت : الشبكة لا يصاد فيها إلا ذو روح حيّ عزيز المأخذ ، فلم أجد شعرا فيه روح وحياة وعزة إلا فيما يتعلق باللّه تعالى . فكان تأويل رؤياه أعجب إلينا من الرؤيا رضي اللّه عنهم أجمعين .

    حكاية من لم يقيّد جوارحه أتعب قلبه
    حدثنا أبو محمد بن يحيى ، ثنا المبارك بن علي بن محمد ، عن عبد الملك بن بشران ، عن أحمد بن إبراهيم الكندي ، عن جعفر الخرائطي ، عن أبي العباس المبرّد ، عن هشام ، عن معمر بن المثنى ، قال : حجّ عبد الملك بن مروان ، وحج معه خالد بن يزيد بن معاوية ، وكان من رجالات قريش المعدودين وعلمائهم ، وكان عظيم القدر ، جليل المنزلة ، مهيب المجلس ، موقرا معظّما عند عبد الملك ، فبينما هو يطوف بالبيت إذ بصر برملة بنت الزبير بن العوام ، فعشقها عشقا شديدا ، وأخذت بجميع قلبه ، وتغير عليه الحال ، ولم يملك من أمره شيئا . فلما أراد عبد الملك القفول ، همّ خالد بالتخلف عنه فبعث إليه فسأله عن أمره ، فقال : يا أمير المؤمنين ، رملة بنت الزبير ، رأيتها تطوّف بالبيت فأذهلت عقلي ، فو اللّه ما أبديت لك ما بي حتى عيل صبري ، ولقد عرضت النوم على عيني فلم تقبله ، والسلو على قلبي فامتنع منه . فأطال عبد الملك التعجب من ذلك وقال : ما كنت أقول إن الهوى يستأثر مثلك . فقال خالد : وإني لأشدّ تعجبا من تعجبك مني ، فقد



    “ 38 “

    كنت أقول إن الهوى لا يتمكن إلا من صنفين من الناس : الأعراب ، والشعراء . أما الشعراء فإنهم ألزموا قلوبهم الفكر في النساء والغزل ، فمال طبعهم إلى النساء ، فضعفت قلوبهم عن دفع الهوى ، فاستسلموا له منقادين . وأما الأعراب ، فإن أحدهم يخلو بامرأته فلا يكون الغالب عليه غير حبه لها .
    وجملة أمري ما رأيت نظرة حالت بيني وبين الحرم ، وحسن عندي ركوب الإثم مثل نظرتي هذه . فتبسّم عبد الملك وقال : أوكل هذا بلغ بك ؟ فقال : واللّه ما عرفت هذه البليّة قبل وقتي هذا . فوجّه عبد الملك إلى آل الزبير يخطب رملة على خالد ، فذكروا ذلك ، فقالت : لا واللّه أو يطلّق نساءه . فطلّق امرأتين كانتا عنده وتزوّجها وظعن بها إلى الشام .

    وفيها يقول :
    أليس يزيد الشوق في كل ليلة * وفي كل يوم من حبيبتنا قربا
    خليليّ ما من ساعة تذكرانها * من الدهر إلا فرجت عني الكربا
    أحبّ بني العوّام طرّا لحبّها * ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا
    تجول خلاخيل النساء ولا أرى * لرملة خلخالا يجول ولا قلبا

    ومما وجد بخطّ الإمام العلّامة القاضي بدر الدين بن شهبة رحمه اللّه تتمة هذه الحكاية . فلما وقف عبد الملك على الأبيات نظم بيتا ودسّه ليكيد به خالدا ، لأنه كان يروم الخلافة كأبيه يزيد وجدّه معاوية ، فقال عبد الملك : يا خالد ، أأنت القائل :

    فإن تسلمي أسلم وإن تتنصّري * تحطّ رجال بين أعينهم صلبا ؟
    فقال خالد : لعن اللّه قائل هذا البيت ، ولم يعلم خالد قائله . فخجل عبد الملك ولام نفسه .

    كنت يوما أطوف وقد عراني حال أعرفه ، فخرجت عن البلاط من أجل الناس ، وطفت على الرمل فحضرتني أبيات فأنشدتها أسمع نفسي بها ومن يليني لو كان هناك أحد وأنا أقول وأبكي :
    ليت شعري هل دروا * أيّ قلب ملكوا ؟
    وفؤادي لو درى * أيّ شعب سلكوا
    أتراهم سلموا * أم تراهم هلكوا ؟
    حار أرباب الهوى * في الهوى وارتبكوا

    فلم أشعر إلا وضربة بين كتفيّ من كفّ ألين من الخزّ ، فرددت وجهي فرأيت جارية من بنات الروم لم أر أحسن وجها ، ولا أعذب منطقا ، ولا أرقّ حاشية ، ولا ألطف معنى ،


    “ 39 “

    ولا أظرف محاورة منها . قد فاقت النساء ظرفا ، وأدبا ، وجمالا ، ومعرفة . فقالت : يا سيدي ، كيف قلت ؟ فقلت :
    ليت شعري هل دروا * أيّ قلب ملكوا ؟
    فقالت : عجبا منك وأنت عارف زمانك تقول مثل هذا ؟ أليس كل مملوك معروف ؟
    وهل يصح الملك إلا بعد المعرفة ؟ وتمني الشعور يؤذن بعدم المعرفة ، والطريق لسان صدق ، فكيف يتجوّز مثلك ؟ قل : فما ذا قلت بعده ؟ قلت :
    وفؤادي لو درى * أيّ شعب سلكوا
    فقالت : الشعب الذي بين الشغاف والفؤاد ، وهو المانع له من المعرفة به ، فكيف يتمنى مثلك ما لا يمكن الوصول إلى معرفته ؟ والطريق لسان صدق ، فكيف يتجوّز مثلك يا سيدي ؟ قل : فما ذا قلت بعده ؟
    قلت :
    أتراهم سلموا * أم تراهم هلكوا ؟
    فقالت : أما هم فسلموا ، ولكن عنك ينبغي أن تسأل نفسك ، هل هلكت أم سلمت ؟

    يا سيدي قل : فما ذا فعلت بعده ؟ قلت :
    حار أرباب الهوى * في الهوى وارتبكوا
    فصاحت وقالت : يا عجبا كيف يبقى للمشغوف فضلة يجار بها ؟
    والهوى شأنه التعميم يخدّر الحواس ، ويذهب بالعقول ، ويدهش الخواطر ، ويذهب بصاحبه في الذاهبين ، فأين الحيرة هنا ؟ ومن هنا باق فيحار ؟

    والطريق لسان صدق ، والتجوّز على مثلك لا يليق . قلت : يا بنت الخالة ، ما اسمك ؟ قالت : قرة العين ، قلت لها : لي . ومن شعري فيها ما قلته :
    ما رحلوا يوم بانوا البزل العيسا * إلا وقد حملوا فيها الطواويسا
    من كل فاتكة الألحاظ مالكة * تخالها فوق عرش الدّرّ بلقيسا
    إذا تمشت على صرح الزجاج ترى * شمسا على فلك في حجر إدريسا
    تحيي إذا قتلت باللحظ منطقها * كأنها عندما تحيي بها عيسا
    توارتها لوح ساقيها سنى وأنا * أتلو وأدرسها كأنني موسى
    أسقفّة من بنات الروم راهبة * ترى عليها من الأنوار ناموسا
    وحشية ما لها أنس قد اتخذت * في بيت ناموسها للذكر ناووسا
    قد أعجزت كل علّام بملّتنا * وداوديا وحبرا ثم قسيسا
    إن أومأت تطلب الإنجيل تحسبها * أقسّة أو بطاريقا شماميسا


    “ 40 “
    ناديت إذ رحلت للبين ناقتها * يا حادي العيس لا تحدو بها العيسا
    عيّيت أجياد صبري يوم بينهم * على الطريق كراديسا كراديسا
    سألت إذ بلغت نفسي تراقيها * ذاك الجمال وذاك اللطف تنفيسا
    فأسلمت ووقانا اللّه شرّتها * وزحزح الملك المنصور إبليسا


    وكان لنا أهل تقرّ العين بها ففرّق الدهر بيني وبينها ، فتذكرتها ومنزلها بالحلة من بغداد فقلت :
    خليليّ عوجا بالكثيب وعرّجا * على لعلع واطلب مياه يلملم
    فإن بها من قد علمت ومن لهم * صيامي وحجّي واعتماري وموسمي
    فلا أنس يوما بالمحصّب من منى * وبالمنحر الأعلى أمورا وزمزم
    محصّبهم قلبي لرمي جمارهم * ومنحرهم نفسي ومشربهم دمي
    فيا حادي الأجمال إن جئت حاجرا * فقف بالمطايا ساعة ثم سلّم
    وناد القباب الحمر من جانب الحمى * تحيّة مشتاق إليكم متيّم
    فإن سلموا فأعد السلام مع الصبا * وإن سكتوا فارحل بها وتقدّم
    إلى نهر عيسى حيث حلّت ركابهم * وحيث الخيام البيض من جانب الفم
    وناد بوعد والرباب وزينب * وهند وسلمى ثم لبنى وزمزم
    وسلهنّ هل بالحلة الغادة التي * تريك سنا البيضاء عند التبسّم

    ولنا من باب النسب ، والإشارة للمقام الأعلى ، والمنظر الأجلى
    سلامي عن سلمى ومن حلّ بالحمى * وحق لمثلي رقة أن يسلما
    وما ذا عليها لو تردّ تحية * علينا ولكن لا احتكام إلى الدما
    سروا وظلام الليل أرخى سدوله * فقلت لها صبّا غريبا متيّما
    أحاطت به الأشواق سورا وأرشدت * له راشفات النبل أيّان يمّما
    فأبدت ثناياها وأومض بارق * فلم أدر من شق الحنادس منهما
    وقالت : أما يكفيه أني بقلبه * يشاهدني سرا وجهرا أما أما ؟


    خبر الحية الطائفة بالبيت
    روينا من حديث أبي الوليد ، عن جده ، عن سعيد بن سالم ، عن سالم ، عن عثمان بن ساج ، عن بشر بن تميم ، عن أبي الطفيل قال : كانت امرأة من الجن في الجاهلية


    “ 41 “

    تسكن ذا طوى ، وكان لها ابن ولم يكن ولد غيره ، وكانت تحبه حبا شديدا ، وكان شريفا في قومه ، فتزوج وأتى زوجته ، فلما كان يوم سابعه قال لأمه : يا أمّه ، إني أحب أن أطوف بالكعبة سبعا نهارا ، قالت له أمه : أي بنيّ ، إني أخاف عليك سفهاء قريش ، فقال : أرجو السلامة ، فأذنت له ، فولى في صورة جان ، فلما أدبر جعلت تعوّذه وتقول :
    أعيذه بالكعبة المستورة * ودعوات ابن أبي محذورة
    وما تلى محمد من سورة * إني إلى حياته فقيرة

    وإنني بعيشه مسرورة فمضى الجان نحو الطواف فطاف بالبيت سبعا ، وصلى خلف المقام ركعتين ، ثم أقبل منقلبا حتى إذا كان ببعض دور بني سهم عرض له شاب من بني سهم أحمر أكشف أزرق أحول أعسر فقتله فثارت بمكة غبرة حتى لم تبصر لها الجبال . قال أبو الطفيل :
    وبلغنا أنه إنما تثور تلك الغبرة عند موت عظيم من الجن ، قال : فأصبح من بني سهم على فرشهم موتى كثير من قبل الجن ، فكان فيهم سبعون شيخا أصلع سوى الشباب ، قال :

    فنهضت بنو سهم وخلفاؤها ومواليها وعبيدها ، فركبوا الجبال والشعاب بالثنية ، فما تركوا حية ، ولا عقربا ، ولا خنفساء ، ولا شيئا من الهوام يدب على وجه الأرض إلا قتلوه ، فأقاموا بذلك ثلاثا ، فسمعوا في الليلة الثالثة على أبي قبيس هاتفا يهتف بصوت له جهوري يسمع بين الجبلين : يا معشر قريش ، اللّه اللّه ، فإن لكم أحلاما وعقولا ، اعذرونا اعذرونا من بني سهم ، فقد قتلوا منّا أضعاف ما قتلنا منهم ، ادخلوا بيننا وبينهم بصلح نعطيهم ويعطونا العهد والميثاق أن لا يعود بعضنا لبعض بسوء أبدا ، ففعلت ذلك قريش واستوثقوا لبعضهم من بعض ، فسمّيت بنو سهم العياطلة قتلة الجن .



    ما جاء من الحكم في مثل هذه الواقعة
    حدثنا الضرير إبراهيم بن سليمان الصوفي الخابوري من دير الرمان بحلب قال :
    كنت بذي نصر ، فخرج رجل يحتطب لعياله ، ففقد أياما حتى حزن عليه أهله ، فدخل عليهم بعد ذلك ضعيفا ، متغير اللون ، كاسف البال ، أثر الرعب والجزع عليه ظاهر ، قال :
    فسألناه عن شأنه ، قال : بينا أنا أحتطب إذ عرضت لي حية فقتلتها ، فغشي عليّ ، وغبت عن نفسي ، فما أفقت إلا وأنا بأرض لا أعرفها ، بين قوم لا أعرفهم ، فأخذني جماعة منهم فجاءوا بي إلى شيخ فيهم كبير هو زعيمهم ، فمثلوني بين يديه ، فقال : ما شأنكم ؟ فقالوا :
    هذا قتل ابن عمنا ، وأشاروا إليّ ، فقد لنا منه ، فقال الشيخ : ما تقول ؟ فقلت : لا أعرف ما


    “ 42 “

    يقولون ، إنما أنا رجل كنت أحتطب فعرضت لي حية فقتلتها ، فقالوا : ذلك ابن عمنا ، فقال ذلك الزعيم : امسكوه عندكم واستوصوا به خيرا حتى أرى في أمركم وأمره ، فأخذوني إليهم ، وجاءوا بأطعمة لا أعرف منها سوى اللبن ، فكنت أشربه لا أعدل إلى غيره مدة هذه الأيام التي غبت فيها عنكم ، فبينا أنا على ذلك إذ جاءوني فأخذوني وحضروا بي عند ذلك الشيخ ، فذكروا مثل مقالتهم الأولى من الدعوى ، فسألني الشيخ ، فذكرت له الأمر على ما جرى ، فقال الشيخ للقوم : ما لكم عليه حق ، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : « من تصوّر في غير صورته فقتل ، فلا عقل فيه ولا قود » ، وصاحبكم تصوّر في صورة حية . فخلّوا سبيلي ، فقلت : يا شيخ ، وهل رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟ فقال : نعم ، كنت في وفد جن نصيبين حين قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وما عاش لليوم من ذلك اليوم غيري ، فهؤلاء الجن قومنا ، يتحاكمون إلينا في أمورهم ، فأحكم بينهم . ثم قال لهم : ردّوه إلى حيث أخذتموه ، فما شعرت إلا وأنا في موضعي ، فأخذت عدّتي وجئت . فهذا ما كان من خبري في غيبتي .


    خبر حية أخرى طائفة بالبيت
    روينا من حديث أبي الوليد ، عن جده ، عن داود بن عبد الرحمن عن ابن جريج ، عن عبد اللّه بن عبيد ، عن عمير ، عن طلق بن حبيب قال : كنا جلوسا مع عبد اللّه بن عمرو بن العاص في الحجر إذ قلص الظل ، وقامت المجالس ، إذا بأيّم طالع من هذا الباب ، يعني باب بني شيبة ، فأشرفت له عيون الناس ، فطاف بالبيت سبعا ، وصلى ركعتين وراء المقام ، فقمنا إليه ، فقلنا له : ألا أيها المعتمر ، قد قضى اللّه نسكك ، وإن بأرضنا عبيدا وسفهاء وإنّا نخشى عليك منهم ، فكوّم برأسه كومة بطحاء ، فوضع ذنبه عليها ، فسما في السماء حتى مثل علينا فما نراه . قال أبو محمد الخزاعي : الأيّم الحية الذكر .
    وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ كانوا أهل نصيبين ، وكانوا سبعة : حسا ، ومسا ، وشاصرا ، وناصرا ، وابنا الأرب ، وأبنين ، والأخصم . هذا من حديث محمد بن إسحاق .
    وأما حديث إسحاق بن عبد اللّه ، عن أبي جعفر ، فذكر منهم الأذريان والأحقب .


    خبر الحيّة الشهيدة العابدة
    روينا من حديث أحمد بن عبد اللّه ، عن سليمان بن أحمد ، ثنا مطّلب بن شعيب ، عن عبد اللّه بن صالح ، عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون ، عن معاذ بن عبد اللّه بن معمر ، قال : كنت جالسا عند عثمان بن عفان رضي اللّه عنه ، فجاء رجل فقال : يا أمير


    “ 43 “
    المؤمنين ، بينا أنا بفلاة كذا وكذا ، إذا إعصاران قد أقبلت إحداهما من مكان والأخرى من مكان آخر ، فالتقتا واعتركتا ثم افترقتا ، وإحداهما أقل منها حين جاءت ، فذهبت حتى جئت معتركيهما ، فإذا من الحيات شيء ما رأيت مثله قطّ غيره ، فإذا ريح مسك من بعضها ، فجعلت أقلب الحيات أنظر من أيّها هذه الرائحة ، فإذا ذلك من حية صفراء دقيقة . قال أبو محمد بن حيان في حديثه : تتثنى ببطن أبيض ينفح منها ريح المسك . فقلت لأصحابي : امضوا فلست ببارح حتى أنظر إلى ما يصير أمر هذه الحية . قال : فلما لبثت أن ماتت ، فعمدت إلى خرقة بيضاء فلففتها فيها . وفي حديث ابن معمر : في عمامتي . قال ابن حيان : ثم نحيتها عن الطريق فدفنتها ، وأدركت أصحابي في المتعشى . قال : فو اللّه إنّا لقعود إذ أقبل أربع نسوة من قبل المغرب ، فقالت واحدة منهن : أيكم دفن عمرا ؟ قلنا : ومن عمرو ؟ قالت : أيكم دفن الحية ؟
    قال : قلت : أنا . فقالت : أما واللّه لقد دفنت صوّاما قوّاما يأمر بما أنزل اللّه عز وجل ، ولقد آمن بنبيكم صلى اللّه عليه وسلم ، وسمع صفته في السماء قبل أن يبعث بأربعمائة سنة .

    وفي حديث ابن معمر بعد أن ذكر دفنها : فبينا أنا أمشي إذ ناداني مناد ولا أراه ، فقال : يا عبد اللّه ، ما هذا الذي صنعت ؟ فأخبرته بالذي رأيت ، فقال : إنك قد هديت ، هذان حيّان من الجن : بني شيبان وبني أقبش ، التقوا فكان من القتلى ما رأيت ، فاستشهد الذي أخذته ، فكان من الذين استمعوا الوحي من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
    وفي حديث ابن حيان ، قال الرجل : فلما قضينا حجّنا مررت بعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه بالمدينة ، فأنبأته بأمر الحية ، فقال : صدقت ، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول :
    « لقد آمن بي قبل أن أبعث بأربعمائة سنة » .

    إني رأيت أحد عشر كوكبا
    وهي : حرنان ، والطارق ، والدّيّال ، والكتفان ويقال : ذو الكتفين ، ووناب ، وعمودان ، والفلق ، والصروح ، والضياء ، والنور ، وقابس ، والمضبح ، وذو الفرع ، يعني بالضياء ، والنور ، والشمس ، والقمر .


    مفارقة حبيب
    روينا من حديث أبي بكر بن أبي الدنيا ، عن محمد بن سلام قال : احتضر سيبويه النحوي ، فوضع رأسه في حجر أخيه ، فقطرت قطرة من دموع أخيه على خده ، فأفاق من غشيته فقال :



    “ 44 “

    أخيّين كنا فرّق الدهر بيننا * إلى أمد الأقصى ومن يأمن الدهرا


    خبر شق وسطيح مع ملك اليمن
    قال ابن إسحاق : كان ربيعة بن نصر ملك اليمن فرأى رؤيا هالته وفظع بها ، فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائقا ولا منجّما إلا جمعه إليه ، فقال لهم : إني رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها ، فأخبروني بها وبتعبيرها ، قالوا له : اقصصها علينا نخبرك بتأويلها ، فقال : إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها ، لأنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها ، فقال له رجل : إن أردت علم ذلك فابعث إلى شق وسطيح ، فبعث إليهما ، فقدم عليه سطيح وهو ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسان ، فقال له الملك : إني رأيت رؤيا فأخبرني بها وبتأويلها ، قال : افعل ، رأيت جمجمة خرجت من ظلمة فوقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة . فقال له الملك : ما أخطأت منها شيئا ، فما عندك من تأويلها ؟ قال : أحلف بما بين الحرّتين من حنش ، لتزلن أرضكم الحبش ، فلتملكنّ ما بين أبين وجرش . فقال الملك : يا سطيح ، إن هذا لنا لغائظ موجع ، فمتى هو كائن ؟ أفي زماني أم بعده ؟ قال : لا بل بعده بحين ، أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين ، قال : أفيدوم ذلك في ملكهم أم ينقطع ؟ قال : بل ينقطع لبضع وسبعين تمضين من السنين ، ثم يقتلون ، ويخرجون منها هاربين . قال : ومن يلي ذلك من قتلهم ؟

    قال : يليه أرم ذي يزن ، يخرج عليهم من عدن فلا يترك أحدا منهم باليمن . قال : أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع ؟ قال : بل ينقطع . قال : ومن يقطعه ؟ قال : نبيّ زكي يأتيه الوحي من قبل العلي . قال : وممن هذا النبي ؟ قال : رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر . قال : وهل للدهر من آخر ؟ قال : نعم ، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، يسعد فيه المحسنون ، ويشقى فيه المسيئون . قال : أحق ما تخبرني ؟ قال : نعم ، والشفق والغسق والفلق إذا اتّسق ، إن ما أنبأتك به لحق .

    ثم قدم عليه بعد ذلك شق بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن قسز بن عبقر بن أنمار بن نزار ، فقال له كقوله لسطيح ، وكتمه ما قال سطيح ، لينظر أيتفقان أم يختلفان ؟

    قال شق : نعم ، رأيت جمجمة خرجت من ظلمة فوقعت بين روضة وأكمة ، فأكلت كل ذات نسمة . قال الملك ما أخطأت يا شق شيئا ، يريد المعنى ، فما عندك في تأويلها ؟ قال شق : أحلف ما الحرتين من إنسان لينزلنّ أرضكم السودان فليغلبن على كل طفلة البنان ، وليملكنّ ما بين أبين إلى نجران . فقال الملك : إن هذا لنا لغائظ موجع ، فمتى هو كائن ؟


    “ 45 “

    أفي زماني أم بعده ؟ قال : لا ، بل بعدك بزمان ، ثم يستنقذكم منه عظيم ذو شان ، ويذيقهم أشد الهوان . قال : ومن العظيم الشأن ؟ قال : غلام ليس بدنيّ ولا مدن ، أراد مدني بوزن مفعل فحذف الياء للسجع ، يخرج عليهم من بيت ذي يزن . قال : أفيدوم سلطانه أم ينقطع ؟

    قال : بل ينقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل ، بين أهل الدين والفضل ، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل . قال : وما يوم الفصل ؟ قال : يوم تجزى فيه الولات ، يدعى فيه من السماء بدعوات ، تسمع منها الأحياء والأموات ، ويجمع فيه الناس للميقات ، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات . قال : أحق ما تقول ؟ قال : أي ورب السماء والأرض ، وما بينهما من رفع وخفض ، أن ما أنبأتك لحقّ ما فيه أمض .

    فوقع في نفس الملك ما قالا ، فجهّز بيته وأهله إلى العراق بما يصلحهم ، وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرزاذ ، فأسكنهم الحيرة ، وإليهم ينتمي النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر ، هذا الملك صاحب الرؤيا .



    رؤيا الموبذان وارتجاج الإيوان وما قال في ذلك سطيح والكهّان
    روينا من حديث أحمد بن عبد اللّه ، عن عبد اللّه بن محمد بن جعفر ، عن عبد الرحمن بن الحسن ، عن علي بن حرب ، عن أبي أيوب يعلى بن عمران البجلي ، عن مخزوم بن هانئ المخزومي ، عن أبيه ، وأتت له خمسون ومائة سنة ، قال : لما كان ليلة ولد فيها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى ، وسقطت منه أربعة عشر شرافة ، وخمدت نار فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وغاضت بحيرة ساوى ، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا ، قد قطعت دجلة ، وانتشرت في بلادها .

    فلما أصبح كسرى أفزعه ما رأى ، فتصبّر عليه تشجّعا ، ثم رأى أن لا يكتم ذلك عن وزرائه ومرازبته ، فلبس تاجه ، وقعد على سريره ، وأرسل إلى الموبذان ، فقال : يا موبذان ، إنه سقط من إيواني أربعة عشر شرافة ، وخمدت نار فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام . فقال : وأنا أيها الملك قد رأيت إبلا صعابا تقود خيلا عرابا حتى عبرت دجلة ، وانتشرت في بلاد فارس . قال : فما ترى في ذلك يا موبذان ؟ قال : وكان رأسهم في العلم ، فقال : حدث يكون من قبل العرب.

    فكتب حينئذ كسرى :
    من كسرى ملك الملوك إلى النعمان أحمد بن المنذر ، ابعث إليّ رجلا من العرب يخبرني بما أسأله عنه . فبعث إليه عبد المسيح بن حيان بن نفيلة ، فقال : يا عبد المسيح ، هل عندك علم بما أريد أن أسألك عنه ؟ قال : يسألني الملك ، فإن كان عندي منه علم


    “ 46 “


    أعلمته أو لا أعلمته بمن علمه عنده . فأخبره به الملك ، فقال : علمه عند خال لي يسكن مشارق الشام يقال له سطيح . قال : فاذهب إليه واسأله ، وأخبرني بما يخبرك به . فخرج عبد المسيح حتى قدم على سطيح وهو مشرف على الموت ، فسلّم عليه وحيّاه بتحية الملك ، فلم يجبه سطيح ، فأقبل يقول :
    أصمّ أم يسمع غطريف اليمن * أم فارق أزليم به شاو العنن
    يا فاصل الخطّة أعيت من ومن * وكاشف الكربة في الوجه الغضن
    أتاك شيخ الحي من آل سنن * وأمه من آل ذئب بن حجن
    تحمله وجناء تهوي من وجن * حتى أتى غار الجآجي والفطن

    أصكّ مهما الناب صرار الأذن
    فرفع سطيح رأسه إليه ، فقال : عبد المسيح يهوي إلى سطيح ، وقد أوفى على الضريح ، بعثك ملك ساسان لاتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان : رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة ، وانتشرت في بلاد فارس . يا عبد المسيح ، إذا ظهرت التلاوة ، وغارت بحيرة ساوة ، وخرج صاحب الهراوة ، وفاض وادي سماوة ، فليس الشام لسطيح بشام ، يملك منهم ملوك وملكات ، على عدد الشرافات ، وكل ما هو آت آت ، ثم مات .

    فقام عبد المسيح وهو يقول :
    شمّر فإنك ماضي الهمّ شمير * لا يفزعنك تشديد وتعزير
    فربما ربما أضحوا بمنزلة * يهاب صولهم الأسد المهاصير
    منهم أخو الصرح بهرام وإخوته * والهرمزان وسابور وشابور
    والناس أولاد علّات فمن علموا * أن قد أقلّ فمهجور ومحقور
    وهم بنو آدم لما رأوا نسبا * فذاك بالغيب محفوظ ومنصور
    والخير والشرّ مجموعان في قرن * فالخير متّبع والشرّ محذور



    قال : فرجع عبد المسيح إلى كسرى ، فأخبره ، فقال : إلى أن يملك منّا أربعة عشر تكون أمور وأمور . قال : فملك منهم عشرة في أربع سنين ، وملك الباقون بعد أولاد علاتهم ، الأولاد لأب واحد ، وأمهم شتى . أشد هصور ، وهصير ، وهصار : وهو الذي يكسر أزلام القوم أزليما ، أي ولّوا سراعا . وشاو : أسبق . والعنن : مصدر عنّ يعنّ عنّا ، أي اعترض ، ويكون أزلم مقصورا من إزلام ، والجآجئ : جمع جؤجؤ ، وهو صدر الطير والسفينة . والموبذان : قاضي المجوس ، ويجمع موابذة . والشرفة : جمعها شرف ،



    “ 47 “

    والشرفة في غير هذا الموضع خيار المال . ورجست السماء وارتجست : إذا رعدت وتمخّضت .
    خبر ظريف في الحنين إلى الوطن
    قال ابن الرومي في ذلك :
    وحبّب أوطان الرجال إليهم * مأرب قضاها الشباب هنالكا
    إذا ذكروا الأوطان ذكرتهم * عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
    روينا من حديث أبي الوليد ، عن محمد بن أبي عمر ، عن القاضي محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومي ، عن القاضي الأوقص محمد بن عبد الرحمن بن هشام ، قال : خرجت غازيا في خلافة ابن مروان ، فقفلنا من بلاد الروم ، فأصابنا مطر ، فآوينا إلى قصر فاستكنّا به من المطر ، فلما أمسينا خرجت جارية مولدة من القصر ، فتذكرت مكة وبكت عليها ، وأنشأت تقول :
    من كان ذا شجن بالشام يحسبه * فإن في غيره أمسى إلى الشجن
    فإن ذا القصر حقا ما به وطن * لكن بمكة أمسى الأهل والوطن
    من ذا يسائل عنّا أين منزلنا * فالأقحوانة منّا منزل قمن
    إذ يلبث العيش صفوا ما يكدّره * طعن الوشاة ولا ينبو بنا الزمن

    قال : فلما أصبحنا لقيت صاحب القصر فقلت له : رأيت جارية مولّدة خرجت من قصرك ، فسمعتها تنشد كذا وكذا ، فقال : هذه جارية مولدة مكيّة اشتريتها ، وخرجت بها إلى الشام ، فو اللّه ما ترى عيشنا ولا ما نحن فيه شيئا ، فقلت : أتبيعها ؟ فقال : إذا فارقت روحي .

    قولها : فالأقحوانة منّا منزل قمن : الأقحوانة منزل عند الليط بمكة ، كان مجلسا يجلس فيه من يخرج من مكة ، يتحدثون فيه بالعشيّ ، ويلبسون الثياب المحمّرة والمورّدة والمطيّبة ، فكان مجلسهم من حسن ثيابهم يقال له الأقحوانة .

    وقالت بعض بنات الأعراب : روتني صاحبة القصر الذي على شاطئ دجلة قبالة سامرّاء يقال له عاشق ومعشوق ، وكان قد عشقها بعض الخلفاء فتزوّجها ، ونقلها من البادية ، فتغيّر عليها الحال . وكانت تحنّ إلى ما نشأت عليه ، فبنى لها هذا القصر ، وأمر بالإبل والغنم أن تحلب بكرة وعشية على باب قصرها في البرية ، فأنست بعض أنس ، فدخل عليها الخليفة يوما وهي تبكي وتقول :

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 07:25