الرسالة (43): "منهج السلف الصالح": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني

"منهج السلف الصالح": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني: -
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الذي هدانا لدين الإسلام الحنيف، ومَنَّ علينا بنعمة الإيمان العظيم، وأكرمنا بمقام الإحسان القريب، والصّلاة والسّلام على نبي الرحمة، الهادي إلى صراط مستقيم، سيدنا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أمّا بعد: فقال الله تعالى: {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ}، توحيداً وأحكاماً وإحسانا، أو إيماناً وصلاحاً وإخباتاً؛ من علم السلف، وعمل السلف، وحال السلف مع الله ـ تبارك وتعالى، كما قال ـ جلَّ ثناؤه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
"أي سادة": ما يفتح الله لعبده بتوفيقه ورحمته، مع افتقار العبد بين يدي ربه تعالى، ومراتبه ثلاثة:-
المرتبة الأولى: "علم السلف" وهو دلالة دين، بعلم الكتاب والسُّنَّة، من توحيد وطاعة؛ وهو كخريطة دار سيبنى عليها ذلك المأوى المبارك.
المرتبة الثانية: "عمل السلف" وهو الامتثال لأمر الله تعالى، وأمر رسوله ـ صلى الله عليه وسلم، عن الله ـ عزَّ وجلَّ؛ كما قال ـ تبارك وتعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وهو عمل السلف، وهو: الأساس والبناء، فإذا كان الأساس توحيداً؛ فإن البناء على قدر ذلك الأساس من الأوامر والمستحبات، وإذا كان الأساس تجريداً وتفريداً في التوحيد؛ فإن الأساس أصبح واسعاً لعظيم البناء عليه ـ من المبرات والمقربات والمحبوبات؛ "وهذا عمل السلف الصالح".
المرتبة الثالثة: "حال السلف مع الله تعالى" وهو تحقيق ذلك بحفظه وقبوله ومعارجه، وهو عمل الروح الإسلامي؛ من إخلاص وصفاء ووفاء ومصاحبة في منهج المحبة والمعرفة الإلهية؛ والخدمة لهذه الأمة المرحومة؛ بثباتنا على الدين الكامل الصالح، مع الهمة والتحمل في سبيل الله ـ عزَّ وجلَّ، والإعانة للمسلمين بما يحتاجون؛ من مساعدة، ونصيحة، ودعاء، الذي لا ينقطع، وتربية الرجال لهذه الأمة؛ بهذه المراتب العلية، من علم السلف، وعمل السلف، وحال السلف مع الله ـ عزَّ وجلَّ؛ ليكون العبد السائر إلى الله تعالى، الخادم لهذه الأمة المرحومة؛ إسلاميُّ الإتباع، محمديُّ الأخلاق، ربانيُّ الأحوال مع الله ـ جلَّ وعلا؛ كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَدُومُونَ عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَقُومُونَ بِهَا مِنْ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ فِي مَجَالِسِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَعَلَى فُرُشِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» رواه الترمذي بسند حسن صحيح.
فيا ربي إذا قرّت أعين أهل الدنيا بدنياهم، فقر عيني بلذائذ أنسك، والشوق إلى لقائك.
اللّهم؛ وفقنا للعلم والخشية، والطاعة والأدب، والمحبة والمعرفة، والافتقار والخدمة، اللَّهمَّ؛ انصر من نصر الدين، واخذل من خذلنا وخذل المسلمين، اللَّهمَّ، ربنا وربهم، ناصيتنا وناصيتهم بيدك، اقتلهم واهزمهم يا الله يا ربّ العالمين، ارفع راية الحق والنور المبين على هذه المعمورة، وارحمنا وأمة الإسلام أجمعين، آمينَ آمين. والحمد لله ربّ العالمين.
ابنه وخادمه محمّد