"سعادة الأولياء": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني:-
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله العليم الفتاح، والصّلاة والسّلام على فاتح باب العلم وعين اليقين مولانا محمّد المصطفى الأمين، وعلى آله وأصحابه وأحبابه إلى يوم الدين ـ رضي الله تعالى عليهم أجمعين.
أما بعد: فقال الله تعالى:} يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الْأَلْبَابِ{، قال أهل المعرفة: علامة السعداء ثلاثة: التمسك بسنة النبيِّ المختار، والصحبة مع الأولياء الأخيار، والحياء من الملك الديان.
ولست أرى السعادة جمع مالٍ ولكن التقي هو السعيد.
¬¬¬
وأقولُ: شرافة السعداء ثلاثة: تربية البيت، ومنها الفطرة؛ قال تعالى: }فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا{، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أو يُنَصِّرَانِهِ أو يُمَجِّسَانِهِ».
"أي سادة": كلما كانت أخلاق البيت عالية، كانت تربية الأولاد والبنات راقية.
ـ وتربية الدين، وهي الصبغة قال الله تعالى: }صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ{.
"فإذا كان عملك بالدين الحنيف خالصاً، كان سلوكك وحالك عند الله مرضيا".
ـ وتربية الصحبة؛ قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ{، وقال النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ».
"أي أخي": إذا امتثلت بأهل الله أدباً، نلت من الله تعالى من حالهم قَدَرا.
إذاً: فِطْرَةٌ، وصِبْغَةٌ، وصُحْبَةٌ؛ وهذا حال الأخيار، فكن منتبها.
قال بعضهم: معدن المعرفة القلب؛ لقوله تعالى: }فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ{. ومعدن المشاهدة الفؤاد؛ لقوله تعالى: }مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى{. ومعدن النور الصدر؛ لقوله تعالى: }أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ{. وما ازداد حبا لله تعالى، إلا ازداد حباً لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم، ولأوليائه. فتأمل.
"أي أخي": الله يغار لأوليائه. ينتقم لهم ممن يؤذيهم. ويكرمهم بصون محبيهم. وعون من يلوذ فيهم. هم أخص المخاطبين بآية: }نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ{ عليكم بمحبتهم. والتقرب إليهم. تحصل لكم بهم البركة. كونوا معهم: }أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{، وقال تعالى: }إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ{، من قام بحقِّ الله تولَّى أموره على وجه الكفاية، فلا يخرجه إلى أمثاله، ولا يدع شيئاً من أحواله إلا أجراه على ما يريده بحسن أفضاله، فإن لم يفعل ما يريده جعل العبد راضياً بما يفعل، ورَوْحُ الرضا على الأسرار أتمُّ من راحة العطاء على القلوب.
"أي عزيزي": لا يكون ولياً إلا إذا اتبع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، واهتدى بهديه، واقتدى به في أقواله وأفعاله وأخلاقه الظاهرة والباطنة؛ قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت؟ فأقول محمد فيقول بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك».
وقد علم أهل العلم بالله؛ أن الجنة التي هي باب الخير الإلهي الأبدي، لا تفتح إلا بفتح محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها، فهو الفاتح لكل خير دنيوي وأخروي، والعلم بشأنه هو سر العلم بالله تعالى، فمن أراد أن يُفتح له أبواب الخير الدنيوي والأخروي فعليه أن يتعلق بأذياله ـ صلى الله عليه وسلم، فإن في نفحاتها علم المعرفة.
قال الإمام أحمد الرفاعي، في "الأربعين": إنَّ للحكمة أهلاً وزمانا،وقد مضى زمانها، والأكثرون من أهلها، وليس علينا إلا أثر المصيبة، فإنَّا لله وإنَّا إليه رجعون، اطلبوا مصابيح كلام العارفين قبل وفاتهم، نعمةٌ اعرف شرفها، وكمال فضلها، وإنّما اختار لقمان الحكمة لشرفها، وهي برهان الصدِّيقين، ونزهة المتقين، وفردوس العارفين، وميراث النبيين والمرسلين، اطلبوها قبل ذِهابها.
مصابيح الأنام بكل أرض هم العلماء أبنـاء الكـرام
تلألأ علمهم في كل وادٍ كنور البدر لاح بلا غمام
اللَّهم؛ يا عُدَّتِنا عند شِدَّتنا، ويا غَوثنا عند كُربتنا؛ اُحرُسنا بعينك التي لا تنام، واكنُفنا بِرُكنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، وانصرنا على أعدائنا، فلا نهلك وأنت رجاؤنا؛ اللَّهم إنَّك أكبرُ وأجلُّ وأقدرُ مما نخاف ونحذر، اللَّهم بك ندرأُ في نحورهم ونستعيذ بك من شرورهم، آمينَ آمين. صلِّ على حبيب ربِّ العالمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه وأحبابه أجمعين.
والحمد لله ربِّ العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله العليم الفتاح، والصّلاة والسّلام على فاتح باب العلم وعين اليقين مولانا محمّد المصطفى الأمين، وعلى آله وأصحابه وأحبابه إلى يوم الدين ـ رضي الله تعالى عليهم أجمعين.
أما بعد: فقال الله تعالى:} يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الْأَلْبَابِ{، قال أهل المعرفة: علامة السعداء ثلاثة: التمسك بسنة النبيِّ المختار، والصحبة مع الأولياء الأخيار، والحياء من الملك الديان.
ولست أرى السعادة جمع مالٍ ولكن التقي هو السعيد.
¬¬¬
وأقولُ: شرافة السعداء ثلاثة: تربية البيت، ومنها الفطرة؛ قال تعالى: }فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا{، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أو يُنَصِّرَانِهِ أو يُمَجِّسَانِهِ».
"أي سادة": كلما كانت أخلاق البيت عالية، كانت تربية الأولاد والبنات راقية.
ـ وتربية الدين، وهي الصبغة قال الله تعالى: }صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ{.
"فإذا كان عملك بالدين الحنيف خالصاً، كان سلوكك وحالك عند الله مرضيا".
ـ وتربية الصحبة؛ قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ{، وقال النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ».
"أي أخي": إذا امتثلت بأهل الله أدباً، نلت من الله تعالى من حالهم قَدَرا.
إذاً: فِطْرَةٌ، وصِبْغَةٌ، وصُحْبَةٌ؛ وهذا حال الأخيار، فكن منتبها.
قال بعضهم: معدن المعرفة القلب؛ لقوله تعالى: }فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ{. ومعدن المشاهدة الفؤاد؛ لقوله تعالى: }مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى{. ومعدن النور الصدر؛ لقوله تعالى: }أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ{. وما ازداد حبا لله تعالى، إلا ازداد حباً لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم، ولأوليائه. فتأمل.
"أي أخي": الله يغار لأوليائه. ينتقم لهم ممن يؤذيهم. ويكرمهم بصون محبيهم. وعون من يلوذ فيهم. هم أخص المخاطبين بآية: }نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ{ عليكم بمحبتهم. والتقرب إليهم. تحصل لكم بهم البركة. كونوا معهم: }أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{، وقال تعالى: }إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ{، من قام بحقِّ الله تولَّى أموره على وجه الكفاية، فلا يخرجه إلى أمثاله، ولا يدع شيئاً من أحواله إلا أجراه على ما يريده بحسن أفضاله، فإن لم يفعل ما يريده جعل العبد راضياً بما يفعل، ورَوْحُ الرضا على الأسرار أتمُّ من راحة العطاء على القلوب.
"أي عزيزي": لا يكون ولياً إلا إذا اتبع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، واهتدى بهديه، واقتدى به في أقواله وأفعاله وأخلاقه الظاهرة والباطنة؛ قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: «آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت؟ فأقول محمد فيقول بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك».
وقد علم أهل العلم بالله؛ أن الجنة التي هي باب الخير الإلهي الأبدي، لا تفتح إلا بفتح محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها، فهو الفاتح لكل خير دنيوي وأخروي، والعلم بشأنه هو سر العلم بالله تعالى، فمن أراد أن يُفتح له أبواب الخير الدنيوي والأخروي فعليه أن يتعلق بأذياله ـ صلى الله عليه وسلم، فإن في نفحاتها علم المعرفة.
قال الإمام أحمد الرفاعي، في "الأربعين": إنَّ للحكمة أهلاً وزمانا،وقد مضى زمانها، والأكثرون من أهلها، وليس علينا إلا أثر المصيبة، فإنَّا لله وإنَّا إليه رجعون، اطلبوا مصابيح كلام العارفين قبل وفاتهم، نعمةٌ اعرف شرفها، وكمال فضلها، وإنّما اختار لقمان الحكمة لشرفها، وهي برهان الصدِّيقين، ونزهة المتقين، وفردوس العارفين، وميراث النبيين والمرسلين، اطلبوها قبل ذِهابها.
مصابيح الأنام بكل أرض هم العلماء أبنـاء الكـرام
تلألأ علمهم في كل وادٍ كنور البدر لاح بلا غمام
اللَّهم؛ يا عُدَّتِنا عند شِدَّتنا، ويا غَوثنا عند كُربتنا؛ اُحرُسنا بعينك التي لا تنام، واكنُفنا بِرُكنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، وانصرنا على أعدائنا، فلا نهلك وأنت رجاؤنا؛ اللَّهم إنَّك أكبرُ وأجلُّ وأقدرُ مما نخاف ونحذر، اللَّهم بك ندرأُ في نحورهم ونستعيذ بك من شرورهم، آمينَ آمين. صلِّ على حبيب ربِّ العالمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه وأحبابه أجمعين.
والحمد لله ربِّ العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
أمس في 21:08 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الرابعة: قوانين الميراث تفضل الرجال على النساء ـ د.نضير خان
أمس في 21:05 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الثالثة: شهادة المرأة لا تساوي سوى نصف رجل ـ د.نضير خان
أمس في 21:02 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الثانية: المرأة لا تستطيع الطلاق ـ د.نضير خان
أمس في 20:59 من طرف Admin
» كتاب: دراسة خمسة خرافات سائدة ـ الخرافة الأولى: الإسلام يوجه الرجال لضرب زوجاتهم ـ د.نضير خان
أمس في 20:54 من طرف Admin
» كتاب: المرأة في المنظور الإسلامي ـ إعداد لجنة من الباحثين
أمس في 20:05 من طرف Admin
» كتاب: (درة العشاق) محمد صلى الله عليه وسلم ـ الشّاعر غازي الجَمـل
9/11/2024, 17:10 من طرف Admin
» كتاب: الحب في الله ـ محمد غازي الجمل
9/11/2024, 17:04 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الأول ـ إعداد: غازي الجمل
9/11/2024, 16:59 من طرف Admin
» كتاب "قطائف اللطائف من جواهر المعارف" - الجزء الثاني ـ إعداد: غازي الجمل
9/11/2024, 16:57 من طرف Admin
» كتاب : الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي
7/11/2024, 09:30 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (1) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:12 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (2) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:10 من طرف Admin
» مقال: مقدمات مهمة في التزكية وسبيلها (3) الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
19/10/2024, 11:06 من طرف Admin
» كتاب: تحفة المشتاق: أربعون حديثا في التزكية والأخلاق ـ محب الدين علي بن محمود بن تقي المصري
19/10/2024, 11:00 من طرف Admin