الرسالة (14)
"العدالة والرحمة الإلهية": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني :-
بسم الله الرّحمن الرّحيم. الحمد لله وكفى، ((وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى))، وعلى رسوله المصطفى، وعلى آله وأصحابه ـ أهل الصدق والصفا والوفا.
أمّا بعدُ: فقال الله تعالى: ((وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)) ((وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا)) مكتوباً في صحفهم، ولا يقدرون على إنكاره ((وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)) أي: لا ينقص ثواب أحد عَمِلَ خيراً، ولا يؤخذ أحداً بجرم لم يعمله، حتى يعطي المحسن جزاءه كاملاً، ويأخذ المسيء جزاءه غير ناقص، ولا يزيد عليه في سيئاته شيئاً، بل هم غير خارجين عن عدله وفضل رحمته ـ جلَّ جلاله وعمَّ نواله.
"أي أخي": عمرك فرصة من الله تعالى لك، ونشوتك أو أنسك الدائم الذي لا ينتهي؛ هو بالله ـ تبارك وتعالى، وعملك بالدنيا سينتهي ولا يبقى بيدك شيء، وسيعرض عليك عملك كله يوم العرض على الله تعالى، وفي ذلك سعادتك الأبدية، أو شقاوتك؛ والانتباه من أعلى مدارج الأخيار.
"أي عزيزي": كيف يغفل العبد من ذكر ربه وخدمته، والموت في أثره، والله ناظر إليه، والوقوف يوم القيامة بين يديه؛ كما قال تعالى: ((إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا))، فالإحسان عود منفعته عليكم، وتكرار الفعل ((أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ)) إن إحسانكم من أحسان الله عليكم، ومنفعته لكم، وذلك أن ربّ العالمين هو الغني الحميد، وأن العبد إذا عمل حسنة، فقد أحسن لنفسه وأفاد نفسه؛ حسناته منفعته له هو، وليس للخالق المنافع، لأنه الغني والمنزّه عن المنفعة والانتفاع. ((وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا))، الإساءة وبالها عليكم، وهي من أنفسكم، فإن منزلة المسيء هو البعد عن الله تعالى، والسيئات مبعدات عن مرضاة الله تعالى، والمحسن قريب إلى الله تعالى، والحسنات مقربات إليه ـ جلَّ جلاله، وعمَّ فضله ونواله.
"أي إخوتي": من رُزق العلم الشرعي؛ فقد فتح الله عليه أبواب الهدى والإنابة.
ومن رُزق علم المعرفة الإلهية؛ فقد فتح الله عليه باب المحبة والقرب.
ومن رُزق عمل المعرفة بالله؛ فقد دخل في معارج القرب والمشاهدة.
ومن أُكرم بمصاحبة أهل المعرفة الإلهية؛ فقد أَكرَمَهُ الله بحالهم ـ الذي هو محض الفضل والكرم منه ـ جلَّ وعلا؛ كما قال الله تعالى: ((وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا))، وقال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: ))الْمَرْءُ على دِينِ خَلِيلِهِ؛ فَلْيَنْظُرْ أحدكم من يُخَالِل))، وفي رواية: ((أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)).
قال مفتي الحنابلة الشيخ عبد القادر الكَيلاني ـ قدس الله روحه ـ في قصيدته:-
وإن ساعد المقدور أو ساقك القضا إلى شيخ حق في الحقيقة بارع
فقم في رضاه، واتبع لمراده ودع كلّ ما من قبل كنت تسارع
ولا تعترض فيما جهلت من أمره عليه فإن الاعتراض تنازع
ففي قصة الخضر الكريم كفاية بقتل الغلام، والكليم يدافع
فلما أضاء الصبح عن ليل سره وسلّ حساماً للغياهب قاطع
أقام له العذر الكليم وإنّهُ كذلك علم القوم فيه بدائع
اللّهم اجعل ديننا الاتباع، ودأبنا الأخلاق،وحالنا الذوق والسلوك ـ ذلاً وحباً لله رب العالمين، وشرفنا الافتقار والخدمة، اللَّهم؛ وفقنا لذلك، آمين.
والصلاة والسلام على حبيب رب العالمين، وخاتم النبيين والمرسلين، وسيلتنا العظمى إلى ذات الله الأقدس، من روحي وروح العالمين فداه:-
روحي الفدى للمصطفى يهدى له مالي فدى إلا الفدى يذبح له.
وعلى أهل بيت النبي المكرمين، وأصحاب رسول الله الأتقياء المكرمين، وتابعيهم بإحسان من أحباب الله أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
"العدالة والرحمة الإلهية": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني :-
بسم الله الرّحمن الرّحيم. الحمد لله وكفى، ((وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى))، وعلى رسوله المصطفى، وعلى آله وأصحابه ـ أهل الصدق والصفا والوفا.
أمّا بعدُ: فقال الله تعالى: ((وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)) ((وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا)) مكتوباً في صحفهم، ولا يقدرون على إنكاره ((وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)) أي: لا ينقص ثواب أحد عَمِلَ خيراً، ولا يؤخذ أحداً بجرم لم يعمله، حتى يعطي المحسن جزاءه كاملاً، ويأخذ المسيء جزاءه غير ناقص، ولا يزيد عليه في سيئاته شيئاً، بل هم غير خارجين عن عدله وفضل رحمته ـ جلَّ جلاله وعمَّ نواله.
"أي أخي": عمرك فرصة من الله تعالى لك، ونشوتك أو أنسك الدائم الذي لا ينتهي؛ هو بالله ـ تبارك وتعالى، وعملك بالدنيا سينتهي ولا يبقى بيدك شيء، وسيعرض عليك عملك كله يوم العرض على الله تعالى، وفي ذلك سعادتك الأبدية، أو شقاوتك؛ والانتباه من أعلى مدارج الأخيار.
"أي عزيزي": كيف يغفل العبد من ذكر ربه وخدمته، والموت في أثره، والله ناظر إليه، والوقوف يوم القيامة بين يديه؛ كما قال تعالى: ((إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا))، فالإحسان عود منفعته عليكم، وتكرار الفعل ((أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ)) إن إحسانكم من أحسان الله عليكم، ومنفعته لكم، وذلك أن ربّ العالمين هو الغني الحميد، وأن العبد إذا عمل حسنة، فقد أحسن لنفسه وأفاد نفسه؛ حسناته منفعته له هو، وليس للخالق المنافع، لأنه الغني والمنزّه عن المنفعة والانتفاع. ((وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا))، الإساءة وبالها عليكم، وهي من أنفسكم، فإن منزلة المسيء هو البعد عن الله تعالى، والسيئات مبعدات عن مرضاة الله تعالى، والمحسن قريب إلى الله تعالى، والحسنات مقربات إليه ـ جلَّ جلاله، وعمَّ فضله ونواله.
"أي إخوتي": من رُزق العلم الشرعي؛ فقد فتح الله عليه أبواب الهدى والإنابة.
ومن رُزق علم المعرفة الإلهية؛ فقد فتح الله عليه باب المحبة والقرب.
ومن رُزق عمل المعرفة بالله؛ فقد دخل في معارج القرب والمشاهدة.
ومن أُكرم بمصاحبة أهل المعرفة الإلهية؛ فقد أَكرَمَهُ الله بحالهم ـ الذي هو محض الفضل والكرم منه ـ جلَّ وعلا؛ كما قال الله تعالى: ((وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا))، وقال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: ))الْمَرْءُ على دِينِ خَلِيلِهِ؛ فَلْيَنْظُرْ أحدكم من يُخَالِل))، وفي رواية: ((أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)).
قال مفتي الحنابلة الشيخ عبد القادر الكَيلاني ـ قدس الله روحه ـ في قصيدته:-
وإن ساعد المقدور أو ساقك القضا إلى شيخ حق في الحقيقة بارع
فقم في رضاه، واتبع لمراده ودع كلّ ما من قبل كنت تسارع
ولا تعترض فيما جهلت من أمره عليه فإن الاعتراض تنازع
ففي قصة الخضر الكريم كفاية بقتل الغلام، والكليم يدافع
فلما أضاء الصبح عن ليل سره وسلّ حساماً للغياهب قاطع
أقام له العذر الكليم وإنّهُ كذلك علم القوم فيه بدائع
اللّهم اجعل ديننا الاتباع، ودأبنا الأخلاق،وحالنا الذوق والسلوك ـ ذلاً وحباً لله رب العالمين، وشرفنا الافتقار والخدمة، اللَّهم؛ وفقنا لذلك، آمين.
والصلاة والسلام على حبيب رب العالمين، وخاتم النبيين والمرسلين، وسيلتنا العظمى إلى ذات الله الأقدس، من روحي وروح العالمين فداه:-
روحي الفدى للمصطفى يهدى له مالي فدى إلا الفدى يذبح له.
وعلى أهل بيت النبي المكرمين، وأصحاب رسول الله الأتقياء المكرمين، وتابعيهم بإحسان من أحباب الله أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin