الرسالة (13)
"الإنابة والقلب لله ـ عزَّ وجلَّ": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني:-
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله وكفى، ((وسلامٌ على عباده الذين اصطفى)) وعلى عبده وحبيبه المصطفى، وعلى آله وأصحابه ـ أهل الصدق والصفا والوفا، رضي الله تعالى عنهم.
أما بعد: فقد قال تعالى: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)) "وَمَا" في الآية بمعنى الذي، وتفيد الاستغراق، ((وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)) وهذا شامل لأصول الدين وفروعه، ظاهره وباطنه، وما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم، يتعين على العباد الأخذ به واتباعه، ويحرم شرعاً مخالفته، وأن نص الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حكم الشيء كنص الله تعالى، لا رخصة لأحد ولا عذر له في تركه، ثم أمر بتقواه التي بها عمارة القلوب والأرواح، وبها السعادة الدائمة والفوز العظيم، وبإضاعتها الشقاء الأبدي والعذاب الأليم؛ فقال تعالى: ((وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))، ومن المعلوم أن نهاية الآية تدل على ما في الآية من معاني وأسرار؛ فهو ـ جلَّ وعلا ـ "شديد العقاب" لمن ترك أمره واتبع هواه، مع العلم أن الفعل موجود، وهو ((وَاتَّقُوا اللَّهَ)) لأنهم تركوا القلب مع الله مع وجود الفعل؛ كما قال تعالى: ((فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ)) أي: المضيعون لها، التاركون لوقتها، غير منتبهين لأركانها وسننها، بل غير حاضرين القلب مع الله فيها، وقد مدح الله تعالى أهل الحضور والخشوع؛ بقوله تعالى: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)) ثم بعد قوله: "شديد العقاب"؛ قال تعالى: ((لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ))، فكان الافتقار بعد الاتباع ثم الإخلاص؛ لقوله تعالى: ((يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)) وهذا عين الإخلاص، ثم الدعوة لله ورسوله؛ المتضمنة للدين، والقلوب، والأمة؛ كما قال تعالى: ((وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ))، ثم انتهت الآية الثانية بعد هذه المنازل العظيمة؛ بقوله: ((أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ))، والصديقية ثاني درجة بعد النبوة؛ كما قال تعالى: ((وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا)).
"أي إخوتي": كلُّ مُتوجه إلى الله تعالى؛ عليه أن يملك نفسه بقدر معرفته بكبريائه تعالى وعظمته، ويعبد ربه على قدر معرفته بربوبته ـ جلًّ في علاه، ويرغب إليه على قدر معرفته بفضله وامتنانه عليه، ويفوض أمره إليه على قدر معرفته بقدرته، ويهرب إليه على قدر معرفته بملكه وسلطانه ـ جلَّ جلاله وعم نواله. اللّهم؛ وفقنا "للعلم والخشية"، "والطاعة والأدب"، "والمعرفة والمحبة"، "والافتقار والخدمة"، آمينَ آمينَ، ورحم الله من قال؛ آمين. والحمد لله رب العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
"الإنابة والقلب لله ـ عزَّ وجلَّ": لحضرة الشيخ عباس السيد فاضل الحسني:-
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله وكفى، ((وسلامٌ على عباده الذين اصطفى)) وعلى عبده وحبيبه المصطفى، وعلى آله وأصحابه ـ أهل الصدق والصفا والوفا، رضي الله تعالى عنهم.
أما بعد: فقد قال تعالى: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)) "وَمَا" في الآية بمعنى الذي، وتفيد الاستغراق، ((وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)) وهذا شامل لأصول الدين وفروعه، ظاهره وباطنه، وما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم، يتعين على العباد الأخذ به واتباعه، ويحرم شرعاً مخالفته، وأن نص الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حكم الشيء كنص الله تعالى، لا رخصة لأحد ولا عذر له في تركه، ثم أمر بتقواه التي بها عمارة القلوب والأرواح، وبها السعادة الدائمة والفوز العظيم، وبإضاعتها الشقاء الأبدي والعذاب الأليم؛ فقال تعالى: ((وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))، ومن المعلوم أن نهاية الآية تدل على ما في الآية من معاني وأسرار؛ فهو ـ جلَّ وعلا ـ "شديد العقاب" لمن ترك أمره واتبع هواه، مع العلم أن الفعل موجود، وهو ((وَاتَّقُوا اللَّهَ)) لأنهم تركوا القلب مع الله مع وجود الفعل؛ كما قال تعالى: ((فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ)) أي: المضيعون لها، التاركون لوقتها، غير منتبهين لأركانها وسننها، بل غير حاضرين القلب مع الله فيها، وقد مدح الله تعالى أهل الحضور والخشوع؛ بقوله تعالى: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)) ثم بعد قوله: "شديد العقاب"؛ قال تعالى: ((لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ))، فكان الافتقار بعد الاتباع ثم الإخلاص؛ لقوله تعالى: ((يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)) وهذا عين الإخلاص، ثم الدعوة لله ورسوله؛ المتضمنة للدين، والقلوب، والأمة؛ كما قال تعالى: ((وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ))، ثم انتهت الآية الثانية بعد هذه المنازل العظيمة؛ بقوله: ((أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ))، والصديقية ثاني درجة بعد النبوة؛ كما قال تعالى: ((وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا)).
"أي إخوتي": كلُّ مُتوجه إلى الله تعالى؛ عليه أن يملك نفسه بقدر معرفته بكبريائه تعالى وعظمته، ويعبد ربه على قدر معرفته بربوبته ـ جلًّ في علاه، ويرغب إليه على قدر معرفته بفضله وامتنانه عليه، ويفوض أمره إليه على قدر معرفته بقدرته، ويهرب إليه على قدر معرفته بملكه وسلطانه ـ جلَّ جلاله وعم نواله. اللّهم؛ وفقنا "للعلم والخشية"، "والطاعة والأدب"، "والمعرفة والمحبة"، "والافتقار والخدمة"، آمينَ آمينَ، ورحم الله من قال؛ آمين. والحمد لله رب العالمين.
ابنه وخادمه محمّد
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin