الشيخ الأكبر والنور الابهر محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الاندلسي
السؤال السابع فإن قلت بأي شيء استوجبوا هذا على ربهم تبارك وتعالى؟
قلنا في الجواب:
الأدب الإلهي انه لا يجب على الله شيء بإيجاب وجب غير نفسه.
فان أوجب هو على نفسه أمر أما فهو الموجب والوجوب والموجب عليه لا غيره.
ولكن إيجابه على نفسه لمن أوجب عليه مثل قوله فسأكتبها اللذين يتوفون يعني الرحمة الواسعة فأدخلها تحت التقييد بعد الإطلاق من أجل الوجوب .
ومثل قوله " كتب ربكم على نفسه الرحمة " انه لآية فهل هذا كله من حيث مظاهره أو هو وجوب ذاتي لمظاهره من حيث هي مظاهر لا من حيث الأعيان.
فان كان للمظاهر فما أوجب على نفسه إلا لنفسه فلا يدخل تحت حد الواجب ما هو وجوب على هذه الصفة فان الشيء لا يذم نفسه وان كان للأعيان القابلة ان تكون مظاهر كان وجوبه لغيره.
إذ الأعيان غيره والمظاهر هويته .
فقل بعد هذا البيان ما شئت في الجواب ويكون الجواب بحسب ما قيده بما قيد الموجب فاستوجبوا ذلك على ربهم في موطن بكونهم يتقون ويؤتون الزكاة على مفهوم الزكاة لغة وشرعاً .
" والذين هم بآياتنا يؤمنون " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم فهؤلاء طائفة مخصوصة .
وهم أهل الكتاب فخرج من ليس بأهل الكتاب من هذا التقييد الوجوبي وبقي الحق عنده من كونه رحماناً على الإطلاق واستوجبت طائفة أخرى ذلك على ربها انه من عمل منكم سوأً بجهالة ثم تاب من بعد وأصلح فقيد بالجهالة .
فان لم يجهل لم يدخل في هذا التقييد وبقيت الرحمة في حقه مطلقة ينتظرها من عين المنة التي منها كان وجوده .
أي منها كان مظهراً للحق لتتميز عينه في حال اتصافها بالعدم المطلق الذي لا عين فيه.
ألا ترى إبليس كيف قال لسهل في هذا الفصل يا سهل التقييد صفتك لا صفته فلم ينحجب بتقييد الجهالة والتقوى عما يستحقه من الإطلاق .
فلا وجوب عليه مطلقاً أصلاً فمهما رأيت الوجوب.
فاعلم ان التقييد يصحبه وأما من رأى انهم استوجبوا ذلك على ربهم من غير ما ذكره تعالى عن نفسه .
فقالوا ببذلهم مراكبهم في زمان الزيادة طلباً للمواصلة وإيثار الجناب الحق في زعمهم وان كان في ذلك نقص فهو عين الكمال التام بهذه المراعاة.
فهذا عندي مثل ما قال الشاعر لعمر بن الخطاب حين حبسه
ماذا تقول لأفراخ بذي مرح ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر هداك مليك الناس يا عمر
ما آثروك بها إذ قدموك لها ... لا بل لانفسهم قد كانت الأثر
فان كانوا بذلوا مراكبهم عن طلب إلهي يقتضي ذلك وجوباً إلهياً كان مثل الأول.
فانه لو لم يرد عنه تعالى الوجوب على نفسه لم نقل به .
فإنه سوء أدب من العبد ان يوجب على سيده غير أن هنا لطيفة دقيقة لا يشعر بها كثير من العارفين بهذه المجالس .
وذلك انه كما نطلبه لوجود أعياننا يطلبنا لظهور مظاهره فلا مظهر له إلا نحن ولا ظهور لنا إلا به فبه عرفنا انفسنا وعرفناه وبنا تحقق عين ما يستحقه إلاله
فلولاه لما كنا ... ولولا نحن ما كانا
فان قلنا بانا هو ... يكون الحق إيانا
فأبدانا وأخفاه ... وأبداه وأخفانا
فكان الحق أكوانا ... وكنا نحن أعيانا
فيظهرنا لنظهره ... سراراً ثم إعلاناً
فلما وقفوا على هذه الحقائق من نفوسهم ونفوس الأعيان سواهم تميزوا على من سواهم بان علموا منهم ما لم يعلموا من انفسهم .
واطلع الحق على قلوبهم فرأى ما تجلت به مما أعطتها العناية الإلهية وسابقة القدم الرباني استوجبوا على ربهم ما استوجبوه من ان يكونوا أهلاً لهذه المجالس الثمانية والأربعين
السؤال السابع فإن قلت بأي شيء استوجبوا هذا على ربهم تبارك وتعالى؟
قلنا في الجواب:
الأدب الإلهي انه لا يجب على الله شيء بإيجاب وجب غير نفسه.
فان أوجب هو على نفسه أمر أما فهو الموجب والوجوب والموجب عليه لا غيره.
ولكن إيجابه على نفسه لمن أوجب عليه مثل قوله فسأكتبها اللذين يتوفون يعني الرحمة الواسعة فأدخلها تحت التقييد بعد الإطلاق من أجل الوجوب .
ومثل قوله " كتب ربكم على نفسه الرحمة " انه لآية فهل هذا كله من حيث مظاهره أو هو وجوب ذاتي لمظاهره من حيث هي مظاهر لا من حيث الأعيان.
فان كان للمظاهر فما أوجب على نفسه إلا لنفسه فلا يدخل تحت حد الواجب ما هو وجوب على هذه الصفة فان الشيء لا يذم نفسه وان كان للأعيان القابلة ان تكون مظاهر كان وجوبه لغيره.
إذ الأعيان غيره والمظاهر هويته .
فقل بعد هذا البيان ما شئت في الجواب ويكون الجواب بحسب ما قيده بما قيد الموجب فاستوجبوا ذلك على ربهم في موطن بكونهم يتقون ويؤتون الزكاة على مفهوم الزكاة لغة وشرعاً .
" والذين هم بآياتنا يؤمنون " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم فهؤلاء طائفة مخصوصة .
وهم أهل الكتاب فخرج من ليس بأهل الكتاب من هذا التقييد الوجوبي وبقي الحق عنده من كونه رحماناً على الإطلاق واستوجبت طائفة أخرى ذلك على ربها انه من عمل منكم سوأً بجهالة ثم تاب من بعد وأصلح فقيد بالجهالة .
فان لم يجهل لم يدخل في هذا التقييد وبقيت الرحمة في حقه مطلقة ينتظرها من عين المنة التي منها كان وجوده .
أي منها كان مظهراً للحق لتتميز عينه في حال اتصافها بالعدم المطلق الذي لا عين فيه.
ألا ترى إبليس كيف قال لسهل في هذا الفصل يا سهل التقييد صفتك لا صفته فلم ينحجب بتقييد الجهالة والتقوى عما يستحقه من الإطلاق .
فلا وجوب عليه مطلقاً أصلاً فمهما رأيت الوجوب.
فاعلم ان التقييد يصحبه وأما من رأى انهم استوجبوا ذلك على ربهم من غير ما ذكره تعالى عن نفسه .
فقالوا ببذلهم مراكبهم في زمان الزيادة طلباً للمواصلة وإيثار الجناب الحق في زعمهم وان كان في ذلك نقص فهو عين الكمال التام بهذه المراعاة.
فهذا عندي مثل ما قال الشاعر لعمر بن الخطاب حين حبسه
ماذا تقول لأفراخ بذي مرح ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر هداك مليك الناس يا عمر
ما آثروك بها إذ قدموك لها ... لا بل لانفسهم قد كانت الأثر
فان كانوا بذلوا مراكبهم عن طلب إلهي يقتضي ذلك وجوباً إلهياً كان مثل الأول.
فانه لو لم يرد عنه تعالى الوجوب على نفسه لم نقل به .
فإنه سوء أدب من العبد ان يوجب على سيده غير أن هنا لطيفة دقيقة لا يشعر بها كثير من العارفين بهذه المجالس .
وذلك انه كما نطلبه لوجود أعياننا يطلبنا لظهور مظاهره فلا مظهر له إلا نحن ولا ظهور لنا إلا به فبه عرفنا انفسنا وعرفناه وبنا تحقق عين ما يستحقه إلاله
فلولاه لما كنا ... ولولا نحن ما كانا
فان قلنا بانا هو ... يكون الحق إيانا
فأبدانا وأخفاه ... وأبداه وأخفانا
فكان الحق أكوانا ... وكنا نحن أعيانا
فيظهرنا لنظهره ... سراراً ثم إعلاناً
فلما وقفوا على هذه الحقائق من نفوسهم ونفوس الأعيان سواهم تميزوا على من سواهم بان علموا منهم ما لم يعلموا من انفسهم .
واطلع الحق على قلوبهم فرأى ما تجلت به مما أعطتها العناية الإلهية وسابقة القدم الرباني استوجبوا على ربهم ما استوجبوه من ان يكونوا أهلاً لهذه المجالس الثمانية والأربعين
27/4/2024, 17:10 من طرف Admin
» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
27/4/2024, 17:04 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
27/4/2024, 16:58 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
27/4/2024, 16:57 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
27/4/2024, 16:54 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
27/4/2024, 16:52 من طرف Admin
» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
27/4/2024, 16:47 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:58 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:57 من طرف Admin
» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:55 من طرف Admin
» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:54 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:52 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:51 من طرف Admin
» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
24/4/2024, 15:43 من طرف Admin
» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:42 من طرف Admin