مع الحبيب المصطفى ﷺ :الإصلاح بين المتخاصمين
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
292ـ الإصلاح بين المتخاصمين
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ تَوْثِيقَ عُرَى المَوَدَّةِ وَالأُخُوَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَصْفِيَةَ القُلُوبِ مِنَ الغِلِّ وَالحِقْدِ وَالحَسَدِ وَالبَغْضَاءِ، وَالحِرْصَ عَلَى مَا يَجْلِبُ المَوَدَّةَ وَالتَّآلُفَ وَالتَّنَاصُرَ وَالتَّعَاضُدَ، وَتَجَنُّبَ مَا يُوغِرُ الصُّدُورَ وَيُورِثُ العَدَاوَاتِ، وَاجِبٌ مِنْ وَاجِبَاتِ الأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ، وَلَا يَكْمُلُ إِيمَانُ المُؤْمِنِ إِلَّا بِذَلِكَ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَمَّا كَانَ الإِصْلَاحُ بَيْنَ أَفْرَادِ المُسْلِمِينَ يُثْمِرُ الأُلْفَةَ مَكَانَ الفُرْقَةِ، وَيَسْتَأْصِلُ النِّزَاعَ قَبْلَ اسْتِفْحَالِهِ، وَيَحْقِنُ الدِّمَاءَ، وَيَحْفَظُ الأَمْوَالَ، أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ في مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ * إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرَاً عَظِيمَاً﴾.
وَكَذَلِكَ أَمَرَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «المُقْسِطُونَ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ، وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وروى البزار عَن أَنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَبِي أَيُّوبَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى تِجَارَةٍ؟».
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: «تَسْعَى فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا، وَتُقَارِبُ بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا».
وروى الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ».
قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: «صَلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ»
إِصْلَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ النَّاسِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مُهِمَّةَ الإِصْلَاحِ مِنْ شَأْنِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ وَالأَتْقِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، مِنْ شَأْنِ الذينَ أَطَاعُوا رَبَّهُمْ، وَشَرُفَتْ نُفُوسُهُمْ، وَصَفَتْ أَرْوَاحُهُمْ، مِنْ شَأْنِ الذينَ يُحِبُّونَ للنَّاسِ الخَيْرَ.
روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ (يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَضَعَ وَيَحُطَّ عَنْهُ شَيْئَاً مِنْ دَيْنِهِ) وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ (يَرْفُقُ بِهِ في الاسْتِيفَاءِ وَالمُطَالَبَةِ) وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَفْعَلُ.
فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَيْنَ المُتَأَلِّي عَلَى اللهِ، لَا يَفْعَلُ المَعْرُوفَ؟».
فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ (أَيْ: لِخَصْمِي مَا رَغِبَ وَأَحَبَّ مِنَ الحَطِّ أَو الرِّفْقِ).
وروى الشيخان كذلك عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، فَلَقِيَهُ، فَلَزِمَهُ، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا.
فَمَرَّ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا كَعْبُ ـ فَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ النِّصْفَ ـ».
فَأَخَذَ نِصْفَاً مِمَّا عَلَيْهِ، وَتَرَكَ نِصْفَاً.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ عِبَادَةٌ جَلِيلَةٌ، وَخُلُقٌ كَرِيمٌ، يُحِبُّهُ اللهُ تعالى، و يُحِبُّهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾.
وَإِذَا فَقَدَتِ الأُمَّةُ الإِصْلَاحَ هَلَكَتْ، وَفَسَدَتِ البُيُوتُ وَالأُسَرُ، وَتَبَدَّدَتِ الثَّرَوَاتُ، وَانْتُهِكَتِ الحُرُمَاتُ، وَعَمَّ الشَّرُّ القَرِيبَ وَالبَعِيدَ، وَالذي لَا يَقْبَلُ الصُّلْحَ وَلَا يَسْعَى إِلَيْهِ هُوَ إِنْسَانُ قَاسِي القَلْبِ، فَاسِدُ البَاطِنِ، خَبِيثُ النِّيَّةِ، سَيِّءُ الخُلُقِ، غَلِيظُ القَلْبِ، وَهُوَ إلى الشَّرِّ أَقْرَبُ مِنْهُ إلى الخَيْرِ.
الإِصْلَاحُ بَيْنَ الأَزْوَاجِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ أَمْرٌ مُهِمٌّ في حَيَاةِ الأُمَّةِ، وَخَاصَّةً بَيْنَ الأَزْوَاجِ، فَإِذَا مَا حَصَلَ خِلَافٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَتَدَخَّلُوا تَدَخُّلَاً حَكِيمَاً لِنَزْعِ الخِلَافَاتِ.
روى الإمام البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيَّاً فِي البَيْتِ.
فَقَالَ: «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟».
قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَغَاضَبَنِي، فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ: «انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟».
فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُوَ فِي المَسْجِدِ رَاقِدٌ.
فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ.
فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ».
انْظُرُوا إلى هَذَا الأُسْلُوبِ الحَكِيمِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟». اسْتِعْطَافٌ لِقَلْبِهَا عَلَيْهِ بِذِكْرِ القَرَابَةِ القَرِيبَةِ التي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يَتَوَجَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِيَتَرَضَّاهُ، وَيَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ، وَيُدَاعِبُهُ؛ وَلَمْ يُعَاتِبْهُ عَلَى مُغَاضَبَتِهِ لابْنَتِهِ مَعَ رَفِيعِ مَنْزِلَتِهَا عِنْدَهُ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ عَزِيمَةٌ رَاشِدَةٌ، وَنِيَّةٌ خَيِّرَةٌ، وَإِرَادَةٌ لِمَصْلَحَةِ المُجْتَمَعِ بِأَسْرِهِ، لِذَا وَجَبَ عَلَى المُصْلِحِينَ:
1ـ اسْتِحْضَارُ النِّيَّةِ الخَالِصَةِ للهِ تعالى في الإِصْلَاحِ، وَأَنْ يَكُونَ فِعْلُهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرَاً عَظِيمَاً﴾.
2ـ تَجَنُّبُ الأَهْوَاءِ الشَّخْصِيَّةِ، وَالمَنَافِعِ المَادِّيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، لِأَنَّ هَذِهِ الأُمُورَ تُعِينُ عَلَى تَحْقِيقِ الهَدَفِ المَنْشُودِ، وَهُوَ الإِصْلَاحُ، قَالَ تعالى: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحَاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا﴾. يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الإِرَادَةُ في الإِصْلَاحِ، لَا المَنَافِعُ المَادِّيَّةُ، فَضْلَاً عَنِ اتِّبَاعِ الأَهْوَاءِ الشَّخْصِيَّةِ.
3ـ يَجِبُ العَدْلُ بَيْنَ المُتَخَاصِمِينَ، قَالَ تعالى: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾. وَلَا يَجُوزُ الحَيْفُ وَالجَوْرُ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ أَو صَدَاقَةٍ أَو أُخُوَّةٍ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيَّاً أَوْ فَقِيرَاً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرَاً﴾.
4ـ أَنْ يَسْلُكَ المُصْلِحُونَ مَسْلَكَ السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَأَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنْ فُشُوِّ الأَسْرَارِ، لِأَنَّ هَذَا مِنَ الخِيَانَةِ في حَقِّ المُتَخَاصِمِينَ.
5ـ أَنْ تَكُونَ الجَلْسَاتُ الفَرْدِيَّةُ بَيْنَ المُتَخَاصِمِينَ أَوَّلَاً لِتَلْيِينِ قُلُوبِهِمْ؛ ثُمَّ جَمْعِهِمْ مَعَ بَعْضِهِمْ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَنَا مَفَاتِيحَ خَيْرٍ مَغَالِيقَ شَرٍّ. آمين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
292ـ الإصلاح بين المتخاصمين
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ تَوْثِيقَ عُرَى المَوَدَّةِ وَالأُخُوَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَصْفِيَةَ القُلُوبِ مِنَ الغِلِّ وَالحِقْدِ وَالحَسَدِ وَالبَغْضَاءِ، وَالحِرْصَ عَلَى مَا يَجْلِبُ المَوَدَّةَ وَالتَّآلُفَ وَالتَّنَاصُرَ وَالتَّعَاضُدَ، وَتَجَنُّبَ مَا يُوغِرُ الصُّدُورَ وَيُورِثُ العَدَاوَاتِ، وَاجِبٌ مِنْ وَاجِبَاتِ الأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ، وَلَا يَكْمُلُ إِيمَانُ المُؤْمِنِ إِلَّا بِذَلِكَ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَمَّا كَانَ الإِصْلَاحُ بَيْنَ أَفْرَادِ المُسْلِمِينَ يُثْمِرُ الأُلْفَةَ مَكَانَ الفُرْقَةِ، وَيَسْتَأْصِلُ النِّزَاعَ قَبْلَ اسْتِفْحَالِهِ، وَيَحْقِنُ الدِّمَاءَ، وَيَحْفَظُ الأَمْوَالَ، أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ في مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ * إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرَاً عَظِيمَاً﴾.
وَكَذَلِكَ أَمَرَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «المُقْسِطُونَ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ، وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وروى البزار عَن أَنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَبِي أَيُّوبَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى تِجَارَةٍ؟».
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: «تَسْعَى فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا، وَتُقَارِبُ بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا».
وروى الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ».
قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: «صَلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ»
إِصْلَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ النَّاسِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مُهِمَّةَ الإِصْلَاحِ مِنْ شَأْنِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ وَالأَتْقِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، مِنْ شَأْنِ الذينَ أَطَاعُوا رَبَّهُمْ، وَشَرُفَتْ نُفُوسُهُمْ، وَصَفَتْ أَرْوَاحُهُمْ، مِنْ شَأْنِ الذينَ يُحِبُّونَ للنَّاسِ الخَيْرَ.
روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ (يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَضَعَ وَيَحُطَّ عَنْهُ شَيْئَاً مِنْ دَيْنِهِ) وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ (يَرْفُقُ بِهِ في الاسْتِيفَاءِ وَالمُطَالَبَةِ) وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَفْعَلُ.
فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَيْنَ المُتَأَلِّي عَلَى اللهِ، لَا يَفْعَلُ المَعْرُوفَ؟».
فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ (أَيْ: لِخَصْمِي مَا رَغِبَ وَأَحَبَّ مِنَ الحَطِّ أَو الرِّفْقِ).
وروى الشيخان كذلك عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، فَلَقِيَهُ، فَلَزِمَهُ، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا.
فَمَرَّ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا كَعْبُ ـ فَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ النِّصْفَ ـ».
فَأَخَذَ نِصْفَاً مِمَّا عَلَيْهِ، وَتَرَكَ نِصْفَاً.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ عِبَادَةٌ جَلِيلَةٌ، وَخُلُقٌ كَرِيمٌ، يُحِبُّهُ اللهُ تعالى، و يُحِبُّهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾.
وَإِذَا فَقَدَتِ الأُمَّةُ الإِصْلَاحَ هَلَكَتْ، وَفَسَدَتِ البُيُوتُ وَالأُسَرُ، وَتَبَدَّدَتِ الثَّرَوَاتُ، وَانْتُهِكَتِ الحُرُمَاتُ، وَعَمَّ الشَّرُّ القَرِيبَ وَالبَعِيدَ، وَالذي لَا يَقْبَلُ الصُّلْحَ وَلَا يَسْعَى إِلَيْهِ هُوَ إِنْسَانُ قَاسِي القَلْبِ، فَاسِدُ البَاطِنِ، خَبِيثُ النِّيَّةِ، سَيِّءُ الخُلُقِ، غَلِيظُ القَلْبِ، وَهُوَ إلى الشَّرِّ أَقْرَبُ مِنْهُ إلى الخَيْرِ.
الإِصْلَاحُ بَيْنَ الأَزْوَاجِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ أَمْرٌ مُهِمٌّ في حَيَاةِ الأُمَّةِ، وَخَاصَّةً بَيْنَ الأَزْوَاجِ، فَإِذَا مَا حَصَلَ خِلَافٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَتَدَخَّلُوا تَدَخُّلَاً حَكِيمَاً لِنَزْعِ الخِلَافَاتِ.
روى الإمام البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيَّاً فِي البَيْتِ.
فَقَالَ: «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟».
قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَغَاضَبَنِي، فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ: «انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟».
فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُوَ فِي المَسْجِدِ رَاقِدٌ.
فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ.
فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ».
انْظُرُوا إلى هَذَا الأُسْلُوبِ الحَكِيمِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟». اسْتِعْطَافٌ لِقَلْبِهَا عَلَيْهِ بِذِكْرِ القَرَابَةِ القَرِيبَةِ التي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يَتَوَجَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِيَتَرَضَّاهُ، وَيَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ، وَيُدَاعِبُهُ؛ وَلَمْ يُعَاتِبْهُ عَلَى مُغَاضَبَتِهِ لابْنَتِهِ مَعَ رَفِيعِ مَنْزِلَتِهَا عِنْدَهُ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ عَزِيمَةٌ رَاشِدَةٌ، وَنِيَّةٌ خَيِّرَةٌ، وَإِرَادَةٌ لِمَصْلَحَةِ المُجْتَمَعِ بِأَسْرِهِ، لِذَا وَجَبَ عَلَى المُصْلِحِينَ:
1ـ اسْتِحْضَارُ النِّيَّةِ الخَالِصَةِ للهِ تعالى في الإِصْلَاحِ، وَأَنْ يَكُونَ فِعْلُهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرَاً عَظِيمَاً﴾.
2ـ تَجَنُّبُ الأَهْوَاءِ الشَّخْصِيَّةِ، وَالمَنَافِعِ المَادِّيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، لِأَنَّ هَذِهِ الأُمُورَ تُعِينُ عَلَى تَحْقِيقِ الهَدَفِ المَنْشُودِ، وَهُوَ الإِصْلَاحُ، قَالَ تعالى: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحَاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا﴾. يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الإِرَادَةُ في الإِصْلَاحِ، لَا المَنَافِعُ المَادِّيَّةُ، فَضْلَاً عَنِ اتِّبَاعِ الأَهْوَاءِ الشَّخْصِيَّةِ.
3ـ يَجِبُ العَدْلُ بَيْنَ المُتَخَاصِمِينَ، قَالَ تعالى: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾. وَلَا يَجُوزُ الحَيْفُ وَالجَوْرُ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ أَو صَدَاقَةٍ أَو أُخُوَّةٍ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيَّاً أَوْ فَقِيرَاً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرَاً﴾.
4ـ أَنْ يَسْلُكَ المُصْلِحُونَ مَسْلَكَ السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَأَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنْ فُشُوِّ الأَسْرَارِ، لِأَنَّ هَذَا مِنَ الخِيَانَةِ في حَقِّ المُتَخَاصِمِينَ.
5ـ أَنْ تَكُونَ الجَلْسَاتُ الفَرْدِيَّةُ بَيْنَ المُتَخَاصِمِينَ أَوَّلَاً لِتَلْيِينِ قُلُوبِهِمْ؛ ثُمَّ جَمْعِهِمْ مَعَ بَعْضِهِمْ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَنَا مَفَاتِيحَ خَيْرٍ مَغَالِيقَ شَرٍّ. آمين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin