..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:34 من طرف Admin

» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:31 من طرف Admin

» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:28 من طرف Admin

» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:26 من طرف Admin

» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:24 من طرف Admin

» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:21 من طرف Admin

» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:19 من طرف Admin

» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:17 من طرف Admin

» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:14 من طرف Admin

» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 19:12 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68443
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5) ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 29/9/2020, 13:04

    مع الحبيب المصطفى :تعامله ﷺ مع المذنبين (5)
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    286ـ تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مع المذنبين (5)

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَنْظُرْ في كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ نَظْرَةَ العَبْدِ المُتَأَمِّلِ بِرَحْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في خَلْقِهِ، وَخَاصَّةً في العُصَاةِ مِنْهُمْ، يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

    فَضْلٌ عَظِيمٌ مِنَ اللهِ تعالى عَلَى خَلْقِهِ جَمِيعَاً، حَيْثُ يُخْبِرُهُمُ الخَبَرَ القَاطِعَ، وَالقَرَارَ الحَاسِمَ، وَالحُكْمَ الدَّائِمَ، وَهُوَ أَنَّ اللهَ تعالى يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ التَّائِبِ مِنَ الذُّنُوبِ كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا، عَمْدِهَا وَخَطَئِهَا، سِرِّهَا وَعَلَانِيَتِهَا؛ وَأَنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ؛ وَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، بَلِ الأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحَاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَابَاً﴾.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَيْنَ مَنْ يُرَغِّبُ المُذْنِبِينَ وَالعُصَاةَ في التَّوْبَةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ أَيْنَ مَنْ يُقَرِّبُهُمْ إلى اللهِ تعالى؟ أَيْنَ الرَّحْمَةُ بِالعُصَاةِ؟

    قَبْلَ أَنْ تَقْسُوَ عَلَى العُصَاةِ وَالمُذْنِبِينَ تَذَكَّرْ فَضْلَ اللهِ تعالى عَلَيْكَ، حَيْثُ مَنَّ عَلَيْكَ بِالهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ، وَرُبَّمَا أَنْ يَكُونَ لَكَ مَاضٍ قَرِيبٌ مِمَّنْ أَنْتَ تَقْسُو عَلَيْهِمْ الآنَ بِسَبَبِ عِصْيَانِهِمْ.

    لِنَتَعَلَّمْ خُلُقَ الرَّحْمَةِ مَعَ العُصَاةِ وَالمُذْنِبِينَ، مِنْ خِلَالِ قَوْلِ المُؤْمِنِ لِقَوْمِهِ الذي ذَكَرَهُ اللهُ تعالى في سُورَةِ يس، حَيْثُ أَنَّهُ دَعَا قَوْمَهُ إلى اللهِ تعالى، وَلَكِنَّهُمْ قَتَلُوهُ، فَكَانَتْ نَتِيجَتُهُ في الجَنَّةِ: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِينَ﴾.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: جَمِيعُ النَّاسِ بِدَاخِلِهِمُ الخَيْرُ رَغْمَ مَعَاصِيهِمْ وَبُعْدِهِمْ عَنِ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    فَالسَّعِيدُ المُوَفَّقُ هُوَ الذي يَعْرِفُ كَيْفَ يُحَرِّكُ الخَيْرَ الذي في قُلُوبِهِمْ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾.

    وَإِيَّاكُمْ أَن تَقُولُوا: فُلَانٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَا أَمَلَ في صَلَاحِهِ وَإِصْلَاحِهِ؛ وَكُونُوا لِمَا لَا تَرْجُونَ أَرْجَى مِمَّا تَرْجُونَ، فَإِنَّ قُلُوبَ العِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، وَلَا يَدْرِي أَحَدُنَا مَنْ هُوَ صَاحِبُ الحَظِّ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْهُمْ.

    «فَلَا تَسُبُّوا أَبَاهُ، فَإِنَّ سَبَّ المَيِّتِ يُؤْذِي الحَيَّ»:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَيُّهَا الدُّعَاةُ إلى اللهِ تعالى، تَعَلَّمُوا مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَكُونُ التَّعَامُلُ مَعَ المُذْنِبِينَ وَالعُصَاةِ، إِذَا كَانَتْ في قُلُوبِكُمُ الرَّحْمَةُ عَلَى خَلْقِ اللهِ تعالى، فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ الرَّحْمَةُ المُهْدَاةُ، كَمَا قَالَ، وَكَمَا قَالَ عَنْهُ تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا كَيْفَ تَعَامَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ عِكْرِمَةِ بْنِ أَبِي جَهْلٍ؛ عِكْرِمَةُ الذي كَانَ عَضُدَ أَبِيهِ يَوْمَ بَدْرٍ، يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَدَهُ التي يَبْطِشُ بِهَا؛ عِكْرِمَةُ الذي زَادَتْ عَدَاوَتُهُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَقْتَلِ أَبِيهِ وَعَجْزِهِ عَنْ إِنْقَاذِ جُثَّتِهِ، عِكْرِمَةُ الذي خَاضَ الحَرْبَ ضِدَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَالخَنْدَقِ، وَآذَى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ الكِرَامَ أَيَّمَا إِيذَاءٍ، حَتَّى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَهْدَرَ دَمَهُ.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لَاذَ عِكْرِمَةُ بِالفَرَارِ إلى اليَمَنِ، وَأَمَّا زَوْجَتُهُ فَقَدْ شَرَحَ اللهُ تعالى صَدْرَهَا للإِسْلَامِ، وَبَايَعَتْ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلَامِ، وَبَعْدَ البَيْعَةِ مُبَاشَرَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ هَرَبَ عِكْرِمَةُ إلى اليَمَنِ، خَوْفَاً مِنْ أَنْ تَقْتُلَهُ، فَأَمِّنْهُ أَمَّنَكَ اللهُ.

    يَا سُبْحَانَ اللهِ! كَيْفَ طَمِعَتْ أُمُّ حَكِيمٍ بِذَلِكَ؟ بَلْ كَيْفَ اجْتَرَأَتْ عَلَى ذَلِكَ؟ وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَهْدَرَ دَمَهُ، وَهَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ تُسْلِمَ وَفِي نَفْسِ اللَّحْظَةِ تَطْلُبُ العَفْوَ لِزَوْجِهَا؟

    نَعَمْ، طَمِعَتْ وَاجْتَرَأَتْ عَلَى هَذَا الطَّلَبِ لِأَنَّهَا عَرَفَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُقَابِلُ السَّيِّئةَ بِالسَّيِّئةِ، بَلْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ﴾.

    فَقَالَ لَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِدُونِ عِتَابٍ، وَبِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا أَنَّ دَمَهُ مَهْدُورٌ، وَبِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَوَاقِفَهُ، وَبِدُونِ أَيِّ شَرْطٍ: «هُوَ آمِنٌ». رواه البيهقي وابن عساكر عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِحِرْصِهِ عَلَى هِدَايَتِهِ وَإِنْقَاذِهِ مِنَ النَّارِ.

    خَرَجَتْ أُمُّ حَكِيمٍ تَطْلُبُ زَوْجَهَا حَتَّى أَدْرَكَتْهُ عِنْدَ سَاحِلِ البَحْرِ، وَهُوَ يُفَاوِضُ نُوتِيَّاً ـ بَحَّارَاً ـ مُسْلِمَاً عَلَى نَقْلِهِ، وَالنُّوتِيُّ يَقُولُ لَهُ: أَخْلِصْ حَتَّى أَنْقُلَكَ.

    فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَةُ: وَكَيْفَ أُخْلِصُ؟

    قَالَ: تَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ للهِ.

    فَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَا هَرَبْتُ إِلَّا مِنْ هَذَا.

    وَفِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَصَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ، وَقَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ عَمِّ، جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَوْصَلِ النَّاسِ، وَأَبَرِّ النَّاسِ، وَخَيْرِ النَّاسِ، مِنْ عِنْدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَقَدِ اسْتَأْمَنْتُ لَكَ مِنْهُ، فَأَمَّنَكَ، فَلَا تُهْلِكْ نَفْسَكَ.

    فَقَالَ: أَنْتِ كَلَّمْتِهِ؟

    فَقَالَتْ: نَعَمْ، أَنَا كَلَّمْتُهُ، فَأَمَّنَكَ.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَسْرَعَ عِكْرِمَةُ وَاتَّخَذَ قَرَارَ العَوْدَةِ، وَاللِّقَاءِ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ شَاهَدَ بِأَنَّ بِقَاعَ الأَرْضِ تَتَنَاقَصُ مِنْ حَوْلِهِ، وَالنَّاسُ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجَاً، وَمَاذَا يَفْعَلُ بِإِقَامَتِهِ فِي اليَمَنِ التي أَعْلَنَتْ إِسْلَامَهَا، فَعَادَ مَعَ زَوْجَتِهِ إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. رواه البيهقي وابن عساكر عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَنْظُرْ كَيْفَ كَانَ مَوْقِفُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِكْرِمَةَ الرَّجُلِ المُشْرِكِ الذي فَعَلَ مَا فَعَلَ؛ أَعْطَاهُ الأَمَانَ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ الكِرَامِ: «يَأْتِيكُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مُؤْمِنَاً مُهَاجِرَاً، فَلَا تَسُبُّوا أَبَاهُ، فَإِنَّ سَبَّ المَيْتِ يُؤْذِي الْحَيَّ وَلَا يَبْلُغُ المَيْتَ» رواه الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    إِنَّهُ تَوْجِيهٌ لِمُرَاعَاةِ شُعُورِ الأَحْيَاءِ، وَهَذَا مِنْ أَسْمَى الأَخْلَاقِ التي جَاءَ بِهَا شَرْعُنَا الحَنِيفُ؛ فَإِنْ كُنْتَ مُبْغِضَاً لِزَيْدٍ مِنَ النَّاسِ، وَمَاتَ هَذَا الرَّجُلُ، فَلَا تَذْكُرْهُ بِسُوءٍ، وَخَاصَّةً أَمَامَ أَهْلِهِ.

    خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَلْ بِوُسْعِنَا أَنْ تَكُونَ صُدُورُنَا سَلِيمَةً كَصَدْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى مَعَ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْنَا؟ وَهَلْ بِوُسْعِنَا أَنْ نَتَعَامَلَ مَعَ العُصَاةِ كَمَا تَعَامَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ، حَتَّى أَنْقَذَهُمْ مِنَ النَّارِ؟

    اللَّهُمَّ خَلِّقْنَا بِأَخْلَاقِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 10:16