مع الحبيب المصطفى:﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
263ـ ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: التَّوَاضُعُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ خَصْلَةٌ مَرْجُوَّةٌ، وَهِيَ أُسٌّ في خُلُقِ المُجْتَمَعَاتِ، بِالتَّوَاضُعِ يَمِيزُ اللهُ تعالى الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، بِالتَّوَاضُعِ تُكْتَسَبُ السَّلَامَةُ، وُتُورَثُ الأُلْفَةُ، وَيُرْفَعُ الحِقْدُ، وَيَشْعُرُ الجَمِيعُ بِحُقُوقِهِمْ تُجَاهَ غَيْرِهِمْ.
التَّوَاضُعُ خُلُقُ الكِرَامِ وَالشُّرَفَاءِ، التَّوَاضُعُ مِنْهُمْ زِيَادَةٌ في كَرَمِهِمْ وَشَرَفِهِمْ، كَمَا أَنَّ تَكَبُّرَ الوَضِيعِ زِيادَةٌ في ضَعَتِهِ، كَالفَقِيرِ المُتَكَبِّرِ الذي لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَلَا يُزَكِّيهِ، وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ في التَّوَاضُعِ خَصْلَةٌ تُحْمَدُ إلا أَنَّ المَرْءَ كُلَّمَا ازْدَادَ تَوَاضُعَاً ازْدَادَ بِذَلِكَ رِفْعَةً لَكَانَ الوَاجِبُ على كُلِّ وَاحِدٍ أَنْ لَا يَتَزَيَّا بِغَيْرِهِ.
روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلَّا فِي رَأْسِهِ حِكْمَةٌ بِيَدِ مَلَكٍ، فَإِذَا تَوَاضَعَ قِيلَ لِلْمَلَكِ: ارْفَعْ حِكْمَتَهُ، وَإِذَا تَكَبَّرَ قِيلَ لِلْمَلَكِ: ضَعْ حِكْمَتَهُ».
تَوَاضُعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُلْتَزِمَاً هَدْيَ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَجَسَّدَ القُرْآنَ تَجْسِيدَاً سُلُوكِيَّاً وَعَمَلِيَّاً، فَجَاءَتْ سِيرَتُهُ العَطِرَةُ مُطَابِقَةً لِأَقْوَالِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَلِتَوْجِيهِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَهُ، قَالَ لَهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ﴾.
وروى الإمام مسلم عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبَاً فَقَالَ: «وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ».
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ جَعَلَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُدْوَةً لَنَا، في أَقْوَالِهِ وَفي أَفْعَالِهِ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خُلُقُهُ القُرْآنَ، وَبِالأَخْلَاقِ سَادَ، وَبِهَا مُدِحَ ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. وَمِنْ أَعْظَمِ الأَخْلَاقِ التَّوَاضُعُ.
«يَا أُنَيْسُ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقَاً».
فَأَرْسَلَنِي يَوْمَاً لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَذْهَبُ، وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي.
قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟».
قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللهِ.
وروى الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الْـمَدِينَةَ، أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَنَسَاً غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ.
قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَاللهِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا؟ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا؟.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَيْنَ نَحْنُ مِنْ هَذَا الخُلُقِ الكَرِيمِ خُلُقِ التَّوَاضُعِ.
فَجَزَاكَ اللهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرٍ خَيْرَاً:
روى البزَّارُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ أَعْرَابِيَّاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِينُهُ فِي شَيْءٍ.
فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَيْئَاً.
ثُمَّ قَالَ: «أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟».
قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا، وَلَا أَجْمَلْتَ.
فَغَضِبَ بَعْضُ الْـمُسْلِمِينَ، وَهَمُّوا أَنْ يَقُومُوا إِلَيْهِ؛ فَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ أَنْ كُفُّوا.
فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَبَلَغَ إِلَى مَنْزِلِهِ دَعَا الْأَعْرَابِيَّ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ لَهُ: «إِنَّكَ جِئْتَنَا، فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ مَا قُلْتَ» فَزَادَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَيْئَاً، فَقَالَ: «أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟».
فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرٍ خَيْرَاً.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ كُنْتَ جِئْتَنَا فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ مَا قُلْتَ وَفِي نَفْسِ أَصْحَابِي عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَإِذَا جِئْتَ فَقُلْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا قُلْتَ بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْ صُدُورِهِمْ».
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ كَانَ جَاءَنَا، فَسَأَلَنَا فَأَعْطَيْنَاهُ، فَقَالَ مَا قَالَ، وَإِنَّا قَدْ دَعَوْنَاهُ فَأَعْطَيْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ؛ أَكَذَاكَ؟».
قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرٍ خَيْرَاً.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ فَشَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ فَلَمْ يَزِيدُوهَا إِلَّا نُفُورَاً، فَقَالَ صَاحِبُ النَّاقَةِ: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ نَاقَتِي فَأَنَا أَرْفَقُ بِهَا وَأَعْلَمُ بِهَا، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهَا صَاحِبُ النَّاقَةِ فَأَخَذَ لَهَا مِنْ قُشَامِ الْأَرْضِ، وَدَعَاهَا حَتَّى جَاءَتْ وَاسْتَجَابَتْ، وَشَدَّ عَلَيْهَا رَحْلَهَا وَاسْتَوَى عَلَيْهَا، وَلَوْ أَنِّي أَطَعْتُكُمْ حَيْثُ قَالَ مَا قَالَ دَخَلَ النَّارَ».
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى خُلُقِ التَّوَاضُعِ لرَدِّ النَّاسِ إلى جَادَّةِ الصَّوَابِ، وإلى الخَيْرِ وَالهُدَى؟
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدِ اسْتَطَاعَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِخُلُقِ التَّوَاضُعِ أَنْ يَمْلِكَ القُلُوبَ، وَعِنْدَمَا مَلَكَهَا أَصْلَحَهَا، فَكَانَ بِصَلَاحِهَا صَلَاحُ الجَوَارِحِ، وَمِنْ خِلَالِ ذَلِكَ كَانَ صَلَاحُ المُجْتَمَعِ.
مَنْ حُرِمَ نِعْمَةَ التَّوَاضُعِ صَارَ عَبْدَاً مُسْتَكْبِرَاً مُعْجَبَاً بِنَفْسِهِ، وَكَانَ عَنِيدَاً صَلْدَاً، مَنْ حُرِمَ نِعْمَةَ التَّوَاضُعِ كَانَ عَبْدَاً فَاقِدَاً لِعَقْلِهِ، لِأَنَّهُ بِعُجْبِهِ وَعِنَادِهِ يَرْفَعُ الخَسِيسَ، وَيَخْفِضُ النَّفِيسَ.
مَنْ حُرِمَ نِعْمَةَ التَّوَاضُعِ حُرِمَ نِعْمَةَ الإِحْسَاسِ، وَالمَشَاعِرِ وَالسَّامِيَةِ، وَصَارَ شَقِيَّاً لَا يَتَّعظُ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَسْتَحْضِرُ أَنَّ مَوْطِئَهُ قَدْ وَطِئَتْهُ آلَافُ الأَقْدَامِ قَبْلَهُ، وَأَنَّ مَنْ بَعدَهُ في الانْتِظَارِ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا رُئِيَ أَحَدٌ تَرَكَ التَّوَاضُعَ وَتَرَفَّعَ على مَنْ هُوَ دُونَهُ إلا ابْتَلَاهُ اللهُ تعالى بِالذِّلَّةِ لِمَنْ فَوْقَهُ، وَأَنَّى للمُسْتَكْبِرِ أَنْ يَسْتَعْبِدَ النَّاسَ وَقَدْ وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ أَحْرَارَاً.
وَيَكْفِي العَبْدَ الذي فَقَدَ خُلُقَ التَّوَاضُعِ أَنَّهُ مُهَدَّدٌ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدَاً مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ» رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَفِي الخِتَامِ، يَقُولُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَجَدْنَا الكَرَمَ في التَّقْوَى، وَالغِنَى في اليَقِينِ، وَالـشَّرَفَ في التَّوَاضُعِ.
نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخِتَامِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
263ـ ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: التَّوَاضُعُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ خَصْلَةٌ مَرْجُوَّةٌ، وَهِيَ أُسٌّ في خُلُقِ المُجْتَمَعَاتِ، بِالتَّوَاضُعِ يَمِيزُ اللهُ تعالى الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، بِالتَّوَاضُعِ تُكْتَسَبُ السَّلَامَةُ، وُتُورَثُ الأُلْفَةُ، وَيُرْفَعُ الحِقْدُ، وَيَشْعُرُ الجَمِيعُ بِحُقُوقِهِمْ تُجَاهَ غَيْرِهِمْ.
التَّوَاضُعُ خُلُقُ الكِرَامِ وَالشُّرَفَاءِ، التَّوَاضُعُ مِنْهُمْ زِيَادَةٌ في كَرَمِهِمْ وَشَرَفِهِمْ، كَمَا أَنَّ تَكَبُّرَ الوَضِيعِ زِيادَةٌ في ضَعَتِهِ، كَالفَقِيرِ المُتَكَبِّرِ الذي لَا يُكَلِّمُهُ اللهُ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَلَا يُزَكِّيهِ، وَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ في التَّوَاضُعِ خَصْلَةٌ تُحْمَدُ إلا أَنَّ المَرْءَ كُلَّمَا ازْدَادَ تَوَاضُعَاً ازْدَادَ بِذَلِكَ رِفْعَةً لَكَانَ الوَاجِبُ على كُلِّ وَاحِدٍ أَنْ لَا يَتَزَيَّا بِغَيْرِهِ.
روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلَّا فِي رَأْسِهِ حِكْمَةٌ بِيَدِ مَلَكٍ، فَإِذَا تَوَاضَعَ قِيلَ لِلْمَلَكِ: ارْفَعْ حِكْمَتَهُ، وَإِذَا تَكَبَّرَ قِيلَ لِلْمَلَكِ: ضَعْ حِكْمَتَهُ».
تَوَاضُعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُلْتَزِمَاً هَدْيَ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَجَسَّدَ القُرْآنَ تَجْسِيدَاً سُلُوكِيَّاً وَعَمَلِيَّاً، فَجَاءَتْ سِيرَتُهُ العَطِرَةُ مُطَابِقَةً لِأَقْوَالِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَلِتَوْجِيهِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَهُ، قَالَ لَهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ﴾.
وروى الإمام مسلم عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبَاً فَقَالَ: «وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ».
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ جَعَلَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُدْوَةً لَنَا، في أَقْوَالِهِ وَفي أَفْعَالِهِ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خُلُقُهُ القُرْآنَ، وَبِالأَخْلَاقِ سَادَ، وَبِهَا مُدِحَ ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. وَمِنْ أَعْظَمِ الأَخْلَاقِ التَّوَاضُعُ.
«يَا أُنَيْسُ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقَاً».
فَأَرْسَلَنِي يَوْمَاً لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَذْهَبُ، وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي.
قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟».
قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللهِ.
وروى الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الْـمَدِينَةَ، أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَنَسَاً غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ.
قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَاللهِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا؟ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا؟.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَيْنَ نَحْنُ مِنْ هَذَا الخُلُقِ الكَرِيمِ خُلُقِ التَّوَاضُعِ.
فَجَزَاكَ اللهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرٍ خَيْرَاً:
روى البزَّارُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ أَعْرَابِيَّاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِينُهُ فِي شَيْءٍ.
فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَيْئَاً.
ثُمَّ قَالَ: «أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟».
قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا، وَلَا أَجْمَلْتَ.
فَغَضِبَ بَعْضُ الْـمُسْلِمِينَ، وَهَمُّوا أَنْ يَقُومُوا إِلَيْهِ؛ فَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ أَنْ كُفُّوا.
فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَبَلَغَ إِلَى مَنْزِلِهِ دَعَا الْأَعْرَابِيَّ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ لَهُ: «إِنَّكَ جِئْتَنَا، فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ مَا قُلْتَ» فَزَادَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَيْئَاً، فَقَالَ: «أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟».
فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرٍ خَيْرَاً.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ كُنْتَ جِئْتَنَا فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ مَا قُلْتَ وَفِي نَفْسِ أَصْحَابِي عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَإِذَا جِئْتَ فَقُلْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا قُلْتَ بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْ صُدُورِهِمْ».
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ كَانَ جَاءَنَا، فَسَأَلَنَا فَأَعْطَيْنَاهُ، فَقَالَ مَا قَالَ، وَإِنَّا قَدْ دَعَوْنَاهُ فَأَعْطَيْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ؛ أَكَذَاكَ؟».
قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرٍ خَيْرَاً.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ فَشَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ فَلَمْ يَزِيدُوهَا إِلَّا نُفُورَاً، فَقَالَ صَاحِبُ النَّاقَةِ: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ نَاقَتِي فَأَنَا أَرْفَقُ بِهَا وَأَعْلَمُ بِهَا، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهَا صَاحِبُ النَّاقَةِ فَأَخَذَ لَهَا مِنْ قُشَامِ الْأَرْضِ، وَدَعَاهَا حَتَّى جَاءَتْ وَاسْتَجَابَتْ، وَشَدَّ عَلَيْهَا رَحْلَهَا وَاسْتَوَى عَلَيْهَا، وَلَوْ أَنِّي أَطَعْتُكُمْ حَيْثُ قَالَ مَا قَالَ دَخَلَ النَّارَ».
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى خُلُقِ التَّوَاضُعِ لرَدِّ النَّاسِ إلى جَادَّةِ الصَّوَابِ، وإلى الخَيْرِ وَالهُدَى؟
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدِ اسْتَطَاعَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِخُلُقِ التَّوَاضُعِ أَنْ يَمْلِكَ القُلُوبَ، وَعِنْدَمَا مَلَكَهَا أَصْلَحَهَا، فَكَانَ بِصَلَاحِهَا صَلَاحُ الجَوَارِحِ، وَمِنْ خِلَالِ ذَلِكَ كَانَ صَلَاحُ المُجْتَمَعِ.
مَنْ حُرِمَ نِعْمَةَ التَّوَاضُعِ صَارَ عَبْدَاً مُسْتَكْبِرَاً مُعْجَبَاً بِنَفْسِهِ، وَكَانَ عَنِيدَاً صَلْدَاً، مَنْ حُرِمَ نِعْمَةَ التَّوَاضُعِ كَانَ عَبْدَاً فَاقِدَاً لِعَقْلِهِ، لِأَنَّهُ بِعُجْبِهِ وَعِنَادِهِ يَرْفَعُ الخَسِيسَ، وَيَخْفِضُ النَّفِيسَ.
مَنْ حُرِمَ نِعْمَةَ التَّوَاضُعِ حُرِمَ نِعْمَةَ الإِحْسَاسِ، وَالمَشَاعِرِ وَالسَّامِيَةِ، وَصَارَ شَقِيَّاً لَا يَتَّعظُ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَسْتَحْضِرُ أَنَّ مَوْطِئَهُ قَدْ وَطِئَتْهُ آلَافُ الأَقْدَامِ قَبْلَهُ، وَأَنَّ مَنْ بَعدَهُ في الانْتِظَارِ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا رُئِيَ أَحَدٌ تَرَكَ التَّوَاضُعَ وَتَرَفَّعَ على مَنْ هُوَ دُونَهُ إلا ابْتَلَاهُ اللهُ تعالى بِالذِّلَّةِ لِمَنْ فَوْقَهُ، وَأَنَّى للمُسْتَكْبِرِ أَنْ يَسْتَعْبِدَ النَّاسَ وَقَدْ وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ أَحْرَارَاً.
وَيَكْفِي العَبْدَ الذي فَقَدَ خُلُقَ التَّوَاضُعِ أَنَّهُ مُهَدَّدٌ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدَاً مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ» رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَفِي الخِتَامِ، يَقُولُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَجَدْنَا الكَرَمَ في التَّقْوَى، وَالغِنَى في اليَقِينِ، وَالـشَّرَفَ في التَّوَاضُعِ.
نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخِتَامِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin