مع الحبيب المصطفى: رفع النفوس البشرية من الحضيض
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
246ـ رفع النفوس البشرية من الحضيض
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: إِنَّ أَعْظَمَ مُهِمَّةٍ كُلِّفَ بِهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ مُهِمَّةُ تَعْلِيمِ الكِتَابِ وَالحِكْمَةِ، وَتَزْكِيَةِ النُفُوسِ عَلَيْهِمَا، وَلَقَد كَانَ الجَانِبُ الأَعْظَمُ في حَيَاةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُسْتَغْرَقَاً بِهَذَا الجَانِبِ، لِأَنَّهُ الجَانِبُ الذي يَنْبُعُ عَنْهُ كُلُّ خَيْرٍ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: وَلَقَد بَيَّنَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مُهِمَّتَهُ التَّعْلِيمُ.
روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ، فَدَخَلَ الْـمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِحَلْقَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللهَ، وَالْأُخْرَى يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلٌّ عَلَى خَيْرٍ، هَؤُلَاءِ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللهَ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ يَتَعَلَّمُونَ؛ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمَاً» فَجَلَسَ مَعَهُمْ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: نَعَمْ، لَقَد بَعَثَهُ اللهُ تعالى مُعَلِّمَاً، وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المُعَلِّمُ المُرَبِّي الكَبِيرُ، وَلَا أَكْبَرَ مِنْهُ مُعَلِّمَاً في البَشَرِ على الإِطْلَاقِ؛ هَذَا الحَبِيبُ الأَعْظَمُ الهَادِي الأُمِّيُّ البَصِيرُ، وَالرَّسُولُ المُبَلِّغُ المُنِيرُ، هُوَ الذي تَدِينُ لِتَعْلِيمِهِ وَتَرْبِيَتِهِ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ، وَيُبَجِّلُهُ كُلُّ مُنْصِفٍ مِنَ الـبَشَرِ على الإِطْلَاقِ في شَتَّى أَنْحَاءِ المَعْمُورَةِ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: مَنْ تَأَمَّلَ حُسْنَ رِعَايَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ تَوَلَّى تَرْبِيَتَهُم مِنَ العَرَبِ، مَعَ قَسْوَةِ طِبَاعِهِم، وَشِدَّةِ خُشُونَتِهِم، وَتَنَافُرِ قُلُوبِهِم وَأَمْزِجَتِهِم، وَكَيْفَ سَاسَهُم، وَاحْتَمَلَ جَفَاءَهُم، وَصَبَرَ على أَذَاهُم، إلى أَنِ انْقَادُوا إِلَيْهِ، وَالْتَفُّوا حَوْلَهُ، حَتَّى أَحَبُّوهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ أَنْفُسِهِم، فَضْلَاً عَنِ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ وَالأَبْنَاءِ.
لَقَد رَبَّاهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَعَلَهُم قِبْلَةَ الأَنْظَارِ في العُلُومِ وَالعِرْفَانِ، وَلَمْ يَمْضِ قَرْنٌ من الزَّمَنِ حَتَّى اسْتَضَاءَتْ أَطْرَافُ الأَرْضِ بِعُقُولِهِم وَعُلُومِهِم.
رَفَعَ النَّفُوسَ البَشَرِيَّةَ مِنَ الحَضِيضِ:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: بِتَعْلِيمِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للأُمَّةِ رَفَعَهَا مِنَ الحَضِيضِ، إلى سُمُوٍّ لَا يُدَانِيهِ سُمُوٌّ آخَرُ، وَخَاصَّةً للمَرْأَةِ التي هَضَمَ حَقَّهَا مُجْتَمَعُهَا الجَاهِلِيُّ، الذي مَا كَانَ يَعْرِفُ قَدْرَاً للمَرْأَةِ.
روى الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ، يَرْفَعُ بِي خَسِيسَتَهُ (دَنَاءَتَهُ وَضَعْفَ مَكَانَتِهِ).
فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا؛ قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ لِلْآبَاءِ مِن الْأَمْرِ شَيْءٌ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ ارْتَفَعَتْ نَفْسِيَّةُ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، حَتَّى أَصْبَحَتْ تَعْرِفُ حَقَّهَا، وَتُرِيدُ أَنْ تُعَرِّفَ غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ على هَذَا الحَقِّ، وَأَصْبَحَتْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَشْكُوَ إِذَا هُضِمَ حَقُّهَا، وَتَجِدُ مَنْ يَسْمَعُ لَهَا وَيُعْطِيهَا حَقَّهَا؛ مَتَى كَانَ ذَلِكَ لَوْلَا تَرْبِيَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِهَذِهِ الأُمَّةِ؟ وَالعَجِيبُ مِنْ بَعْضِ الرِّجَالِ الذينَ لا يَسْمَعُونَ لِكَلَامِ نِسَائِهِم وَلَا لِشِكَايَاتِهِم، وَلَا يُعْطُونَهُنَّ حُقُوقَهُنَّ، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾. أَفَيَسْمَعُ اللهُ تعالى لِقَوْلِهَا، وَالبَعْضُ لَا يَسْمَعُ وَلَا يَلْتَفِت إِلَيْهَا، وَكَأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهَا ! وَالأَسْوَأُ حَالَاً أَنْ تَرَى هَذَا الأَمْرَ مِمَّنْ يُصَنِّفُ نَفْسَهُ أَنَّهُ مِنَ المُتَعَلِّمِينَ، بَلْ مِنَ المُعَلِّمِينَ وَالمُرَبِّينَ للأَجْيَالِ في زَعْمِهِ؛ أَيُّ عِلْمٍ تَعَلَّمَهُ هَذَا، وَأَيُّ تَعْلِيمٍ يُعَلِّمُهُ للآخَرِينَ؟!
عِزَّةُ نَفْسٍ لَا مَثِيلَ لَها:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد جَاءَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُرَبِّيَاً وَمُعَلِّمَاً وَهَادِيَاً، وَهُوَ الرَّسُولُ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ الذي عَلَّمَهُ اللهُ تعالى مَا لَمْ يَعْلَمْ، حَتَّى صَارَ العُلَمَاءُ وَالمُرَبُّونَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ يَسْتَقُونَ من هَدْيِهِ وَإِرْشَادِهِ إِذَا أَرَادُوا الكَمَالَ.
لَقَد نَقَلَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إلى عِزَّةِ نَفْسٍ لَا مَثِيلَ لَهَا.
روى الشيخان عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي.
ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْـمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى».
وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ».
وروى الإمام البخاري عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ رِجَالَاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (أَيْ: يَتَصَرَّفُونَ في مَالِ المُسْلِمِينَ بِالبَاطِلِ) فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد كَانَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خَلْقَاً وَخُلُقَاً، وَأَهْدَاهُم إلى الخَيرِ طُرُقَاً، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لا يَرُدُّ سَائِلَاً، وَلَا يُخَيِّبُ مُؤَمِّلَاً، وَلَا يُمْسِكُ المَالَ حُبَّاً فِيهِ وَحِرْصَاً عَلَيْهِ، وَلَا يُنْفِقُهُ إلا في وُجُوهِ البِرِّ وَالإِحْسَانِ، وَكَانَ يَتَأَلَّفُ بِهِ القلُوبَ، وإلى جَانِبِ هَذَا كَانَ يَسْمُو بِنُفُوسِهِم، حَتَّى أَصْبَحَتْ عَزِيزَةً، فَغَدَتْ قَانِعَةً بَعْدَ الطَّمَعِ، وَزَاهِدَةً في الدُّنْيَا بَعْدَ التَّفَانِي بِحُبِّهَا، فَأَيُّ كَلِمَةٍ أَبْلَغُ في ذَمِّ المَسْأَلَةِ، وَالتَّعَرُّضِ لِمَا في أَيْدِي النَّاسِ من قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى».
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد أَعْلَى اللهُ تعالى مَعَالِمَ العِلْمِ وَأَعْلَامَهُ، وَأَظْهَرَ شَعَائِرَ الشَّرْعِ وَأَحْكَامَهُ، وَأَرْسَلَ رُسُلَاً وَأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَوَاتُ وَالسَّلَامَاتُ إلى سُبُلِ الحَقِّ هَادِينَ وَمُرْشِدِينَ، وَأَخْلَفَهُم عُلَمَاءَ على سُنَنِهِم دَاعِينَ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لِنَتَعَلَّمِ العِلْمَ، وَلْنُعَلِّمِ العِلْمَ، وَلْنَتَعَلَّمْ أُسْلُوبَ التَّعْلِيم مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلْنَسْأَلِ اللهَ تعالى العِلْمَ النَّافِعَ، الذي فِيهِ صَلَاحُ دِينِنَا وَدُنْيَانَا.
اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِذَلِكَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
246ـ رفع النفوس البشرية من الحضيض
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: إِنَّ أَعْظَمَ مُهِمَّةٍ كُلِّفَ بِهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ مُهِمَّةُ تَعْلِيمِ الكِتَابِ وَالحِكْمَةِ، وَتَزْكِيَةِ النُفُوسِ عَلَيْهِمَا، وَلَقَد كَانَ الجَانِبُ الأَعْظَمُ في حَيَاةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُسْتَغْرَقَاً بِهَذَا الجَانِبِ، لِأَنَّهُ الجَانِبُ الذي يَنْبُعُ عَنْهُ كُلُّ خَيْرٍ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: وَلَقَد بَيَّنَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مُهِمَّتَهُ التَّعْلِيمُ.
روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ، فَدَخَلَ الْـمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِحَلْقَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللهَ، وَالْأُخْرَى يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلٌّ عَلَى خَيْرٍ، هَؤُلَاءِ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللهَ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ يَتَعَلَّمُونَ؛ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمَاً» فَجَلَسَ مَعَهُمْ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: نَعَمْ، لَقَد بَعَثَهُ اللهُ تعالى مُعَلِّمَاً، وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المُعَلِّمُ المُرَبِّي الكَبِيرُ، وَلَا أَكْبَرَ مِنْهُ مُعَلِّمَاً في البَشَرِ على الإِطْلَاقِ؛ هَذَا الحَبِيبُ الأَعْظَمُ الهَادِي الأُمِّيُّ البَصِيرُ، وَالرَّسُولُ المُبَلِّغُ المُنِيرُ، هُوَ الذي تَدِينُ لِتَعْلِيمِهِ وَتَرْبِيَتِهِ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ، وَيُبَجِّلُهُ كُلُّ مُنْصِفٍ مِنَ الـبَشَرِ على الإِطْلَاقِ في شَتَّى أَنْحَاءِ المَعْمُورَةِ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: مَنْ تَأَمَّلَ حُسْنَ رِعَايَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ تَوَلَّى تَرْبِيَتَهُم مِنَ العَرَبِ، مَعَ قَسْوَةِ طِبَاعِهِم، وَشِدَّةِ خُشُونَتِهِم، وَتَنَافُرِ قُلُوبِهِم وَأَمْزِجَتِهِم، وَكَيْفَ سَاسَهُم، وَاحْتَمَلَ جَفَاءَهُم، وَصَبَرَ على أَذَاهُم، إلى أَنِ انْقَادُوا إِلَيْهِ، وَالْتَفُّوا حَوْلَهُ، حَتَّى أَحَبُّوهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ أَنْفُسِهِم، فَضْلَاً عَنِ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ وَالأَبْنَاءِ.
لَقَد رَبَّاهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَعَلَهُم قِبْلَةَ الأَنْظَارِ في العُلُومِ وَالعِرْفَانِ، وَلَمْ يَمْضِ قَرْنٌ من الزَّمَنِ حَتَّى اسْتَضَاءَتْ أَطْرَافُ الأَرْضِ بِعُقُولِهِم وَعُلُومِهِم.
رَفَعَ النَّفُوسَ البَشَرِيَّةَ مِنَ الحَضِيضِ:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: بِتَعْلِيمِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للأُمَّةِ رَفَعَهَا مِنَ الحَضِيضِ، إلى سُمُوٍّ لَا يُدَانِيهِ سُمُوٌّ آخَرُ، وَخَاصَّةً للمَرْأَةِ التي هَضَمَ حَقَّهَا مُجْتَمَعُهَا الجَاهِلِيُّ، الذي مَا كَانَ يَعْرِفُ قَدْرَاً للمَرْأَةِ.
روى الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ، يَرْفَعُ بِي خَسِيسَتَهُ (دَنَاءَتَهُ وَضَعْفَ مَكَانَتِهِ).
فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا؛ قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ لِلْآبَاءِ مِن الْأَمْرِ شَيْءٌ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ ارْتَفَعَتْ نَفْسِيَّةُ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، حَتَّى أَصْبَحَتْ تَعْرِفُ حَقَّهَا، وَتُرِيدُ أَنْ تُعَرِّفَ غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ على هَذَا الحَقِّ، وَأَصْبَحَتْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَشْكُوَ إِذَا هُضِمَ حَقُّهَا، وَتَجِدُ مَنْ يَسْمَعُ لَهَا وَيُعْطِيهَا حَقَّهَا؛ مَتَى كَانَ ذَلِكَ لَوْلَا تَرْبِيَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِهَذِهِ الأُمَّةِ؟ وَالعَجِيبُ مِنْ بَعْضِ الرِّجَالِ الذينَ لا يَسْمَعُونَ لِكَلَامِ نِسَائِهِم وَلَا لِشِكَايَاتِهِم، وَلَا يُعْطُونَهُنَّ حُقُوقَهُنَّ، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾. أَفَيَسْمَعُ اللهُ تعالى لِقَوْلِهَا، وَالبَعْضُ لَا يَسْمَعُ وَلَا يَلْتَفِت إِلَيْهَا، وَكَأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهَا ! وَالأَسْوَأُ حَالَاً أَنْ تَرَى هَذَا الأَمْرَ مِمَّنْ يُصَنِّفُ نَفْسَهُ أَنَّهُ مِنَ المُتَعَلِّمِينَ، بَلْ مِنَ المُعَلِّمِينَ وَالمُرَبِّينَ للأَجْيَالِ في زَعْمِهِ؛ أَيُّ عِلْمٍ تَعَلَّمَهُ هَذَا، وَأَيُّ تَعْلِيمٍ يُعَلِّمُهُ للآخَرِينَ؟!
عِزَّةُ نَفْسٍ لَا مَثِيلَ لَها:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد جَاءَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُرَبِّيَاً وَمُعَلِّمَاً وَهَادِيَاً، وَهُوَ الرَّسُولُ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ الذي عَلَّمَهُ اللهُ تعالى مَا لَمْ يَعْلَمْ، حَتَّى صَارَ العُلَمَاءُ وَالمُرَبُّونَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ يَسْتَقُونَ من هَدْيِهِ وَإِرْشَادِهِ إِذَا أَرَادُوا الكَمَالَ.
لَقَد نَقَلَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إلى عِزَّةِ نَفْسٍ لَا مَثِيلَ لَهَا.
روى الشيخان عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي.
ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْـمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى».
وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ».
وروى الإمام البخاري عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ رِجَالَاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (أَيْ: يَتَصَرَّفُونَ في مَالِ المُسْلِمِينَ بِالبَاطِلِ) فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد كَانَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خَلْقَاً وَخُلُقَاً، وَأَهْدَاهُم إلى الخَيرِ طُرُقَاً، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لا يَرُدُّ سَائِلَاً، وَلَا يُخَيِّبُ مُؤَمِّلَاً، وَلَا يُمْسِكُ المَالَ حُبَّاً فِيهِ وَحِرْصَاً عَلَيْهِ، وَلَا يُنْفِقُهُ إلا في وُجُوهِ البِرِّ وَالإِحْسَانِ، وَكَانَ يَتَأَلَّفُ بِهِ القلُوبَ، وإلى جَانِبِ هَذَا كَانَ يَسْمُو بِنُفُوسِهِم، حَتَّى أَصْبَحَتْ عَزِيزَةً، فَغَدَتْ قَانِعَةً بَعْدَ الطَّمَعِ، وَزَاهِدَةً في الدُّنْيَا بَعْدَ التَّفَانِي بِحُبِّهَا، فَأَيُّ كَلِمَةٍ أَبْلَغُ في ذَمِّ المَسْأَلَةِ، وَالتَّعَرُّضِ لِمَا في أَيْدِي النَّاسِ من قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى».
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَقَد أَعْلَى اللهُ تعالى مَعَالِمَ العِلْمِ وَأَعْلَامَهُ، وَأَظْهَرَ شَعَائِرَ الشَّرْعِ وَأَحْكَامَهُ، وَأَرْسَلَ رُسُلَاً وَأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَوَاتُ وَالسَّلَامَاتُ إلى سُبُلِ الحَقِّ هَادِينَ وَمُرْشِدِينَ، وَأَخْلَفَهُم عُلَمَاءَ على سُنَنِهِم دَاعِينَ.
أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لِنَتَعَلَّمِ العِلْمَ، وَلْنُعَلِّمِ العِلْمَ، وَلْنَتَعَلَّمْ أُسْلُوبَ التَّعْلِيم مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلْنَسْأَلِ اللهَ تعالى العِلْمَ النَّافِعَ، الذي فِيهِ صَلَاحُ دِينِنَا وَدُنْيَانَا.
اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِذَلِكَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin