مع الحبيب المصطفى: متواصل الأحزان, دائم الفكرة
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
224ـ متواصل الأحزان، دائم الفكرة
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: المُحِبُّ الصَّادِقُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ الذي يُحِبُّ أَنْ يَتَذَكَّرَ مَحْبُوبَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ يَتَصَوَّرَهُ، وَأَنْ يَتَخَيَّلَهُ، وَأَنْ يَعِيشَ بِقَلْبِهِ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ﴾. وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بَشَرَاً عَادِيَّاً.
فَمَبْلَغُ العِلْمِ فِيهِ أَنَّهُ بَشَرٌ *** وَأَنَّهُ خَيْرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمِ.
لَقَد رُفِعَ قَدْرُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالوَحْيِ، وَبِهِ أُعْلِيَ شَأْنُهُ، وَرُفِعَتْ مَكَانَتُهُ عِنْدَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وَعِنْدَ الخَلْقِ، وَلَنْ تُنَالَ رِفْقَتُهُ في الجَنَّةِ وَشَفَاعَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إلا بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، والسَّيْرِ على طَرِيقَتِهِ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
حِلْيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: وَمِن أَسْبَابِ مَحَبَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ التَّعَرُّفُ على شَمَائِلِهِ وَصِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، وَلَقَد نَقَلَتْ لَنَا كُتُبُ السِّيرَةِ شَمَائِلَهُ وَصِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، من صِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ، ما رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنِ الْحَسَنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بن أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ وَكَانَ وَصَّافَاً، عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئَاً أَتَعَلَّقُ بِهِ.
فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَخْمَاً مُفَخَّمَاً، يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ـ نُبْلُهُ وَامْتِلاؤُهُ مَعَ الْجَمَالِ وَالْمَهَابَةِ ـ أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعْرِ، إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ وَإِلا فَلا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ ـ الْعُقَيْصَةُ الشَّعْرُ الْمُعْقُوصُ وَهُوَ نَحْوٌ مِنَ الْمَضْفُورِ ـ إِذَا هُوَ وَفْرَةٌ أَزْهَرُ اللَّوْنِ، وَاسِعُ الْجَبِينِ، أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرَنٍ ـ الزَّجَجُ فِي الْحَوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا تَقَوُّسٌ مَعَ طَولٍ فِي أَطْرَافِهَا، بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ ـ بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ غَضَبٌ، أَقْنَى الْعِرْنِينِ ـ يَعْنِي الأَنْفَ فِيهِ دِقَّةٌ مَعَ ارْتِفَاعٍ فِي قَصَبَتِهِ ـ لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسِبُهُ مَنْ يَتَأَمَّلُهُ أَشَمَّ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، ضَلِيعَ الْفَمِ ـ يَعْنِي حِلَةً فِي الشَّفَتَيْنِ ـ أَشْنَبَ ـ فِي أَسْنَانِهِ رِقَّةٌ وَتَحَدُّدٌ ـ مُفْلَجَ الأَسْنَانِ، دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ ـ الْمُسَرَّبَةُ الشَّعْرِ الَّتِي بَيْنَ الطَّلَبَةِ إِلَى السُّرَّةِ. شَعْرٌ يَجْرِي كَالْخَطِّ ـ كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدٌ دُمِيَتْ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ، مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ، بَادِناً مُتَمَاسِكاً سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، عَرِيضَ الصَّدْرِ بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، أَنْوَرَ الْمُتَجَرَّدِ مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ، يَجْرِي كالْخَطِّ، عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، أَشْعُرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وأَعَالِي الصَّدْرِ، طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ، رَحْبَ الرَّاحَةِ سَبْطَ الْقَصَبِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِلَ الأَطْرَافِ، خُمْصَانَ الأَخْمَصَيْنِ، مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ ـ يَعْنِي أَنَّهُ لا ثِيَابَ لِلْمَاءِ عَلَيْهِمَا ـ إِذَا زَالَ زَالَ قُلْعَاً يَخْطُو تَكَفِّيَاً وَيَمْشِي هَوْنَاً ـ يَعْنِي وَاسِعَ الْخُطَا ـ ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ ـ مُقْبِلٌ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ غَاضٌ بَصَرَهُ لا يَرْفَعُهُ إِلَى السَّمَاءِ ـ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعَاً، خَافِضَ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلاحَظَةُ يَسُوقُ أَصْحَابَهُ، يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلامِ. اهـ.
صِفَةُ مَنْطِقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: أَمَّا عَن صِفَةِ مَنْطِقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَد سَأَلَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُما هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ، بِقَوْلِهِ: صِفْ لِي مَنْطِقَهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاصِلَ الأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ لا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، طَوِيلَ السِّكَّةِ، يَفْتَتِحُ الْكَلامَ وَيَخْتَتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَصْلٌ لا فُضُولَ وَلا تَقْصِيرَ، دَمِثاً لَيْسَ بِالْجَافِي ـ اللَّيْنُ السَّهْلُ ـ وَلا الْمُهِينِ يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ، وَإِنْ دَقَّتْ لا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئَاً لا يَذُمُّ ذَوَاقَاً، وَلا يَمْدَحُهُ وَلا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا، وَلا مَا كَانَ لَهَا فَإِذَا تُعُوطِيَ الْحَقَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، لا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَنْتَصِرُ لَهَا، إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا فَيَضْرِبُ بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ إِبْهَامَهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ، جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمِ، وَيَفْتُرُ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَام ـ ضَاحِكًا مِنْ غَيْرِ قَهْقَهَةً ـ اهـ.
صِفَتُهُ في مَنْزِلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: أَمَّا صِفَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ، فَيَقُولُ سَيِّدُنَا الحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونَاً لَهُ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ نَفْسَهُ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءٌ لِلَّهِ، وجزءٌ لأَهْلِهِ، وجزءٌ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جُزْءٌ جَزَّءَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ فَلا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئَاً، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِأُذُنِهِ، وَقَسَّمَهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ وَالأُمَّةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَنْهُ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، وَيَقُولُ: «لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، وأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّايَ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانَاً حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّاهُ، ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». لا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلا ذَاكَ، وَلا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ يَدْخُلُونَ رُوَّادَاً وَلا يَفْتَرِقُونَ إِلا عَنْ ذَوَاقٍ. اهـ.
صِفَةُ مَخْرَجِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: أَمَّا صِفَةُ مَخْرَجِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ من بَيْتِهِ، فَيَقُولُ سَيِّدُنَا الحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَخْرَجِهِ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟
فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلا مِمَّا يَعْنِيهِمْ ويُؤَلِّفُهُمْ وَلا يُفَرِّقُهُمْ، أَوْ قَالَ: يُنَفِّرُهُمْ، فَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ، وَيُحَذِّرُ النَّاسَ، وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بَشَرَهُ وَلا خُلُقُهُ، يَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ ويُقَوِّيهِ وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ ويُوِهنَهُ، مُعْتَدِلَ الأَمْرِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ لا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلوا، ويَمِيلُوا لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ لا يَقْصُرُ عَنِ الْحَقِّ وَلا يُجَوِّزُهُ الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ، خِيَارُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ، أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً ومُؤَازَرَةٌ. اهـ.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: هَلْ عَرَفْنَا شَيْئَاً عَن سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ لَوْ خَرَجَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من قَبْرِهِ الشَّرِيفِ، وَرَآنَا، فَهَلْ يَعْرِفُنَا بِأَحْوَالِنَا اليَوْمَ أَنَّا من أُمَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
224ـ متواصل الأحزان، دائم الفكرة
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: المُحِبُّ الصَّادِقُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ الذي يُحِبُّ أَنْ يَتَذَكَّرَ مَحْبُوبَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ يَتَصَوَّرَهُ، وَأَنْ يَتَخَيَّلَهُ، وَأَنْ يَعِيشَ بِقَلْبِهِ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ﴾. وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بَشَرَاً عَادِيَّاً.
فَمَبْلَغُ العِلْمِ فِيهِ أَنَّهُ بَشَرٌ *** وَأَنَّهُ خَيْرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمِ.
لَقَد رُفِعَ قَدْرُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالوَحْيِ، وَبِهِ أُعْلِيَ شَأْنُهُ، وَرُفِعَتْ مَكَانَتُهُ عِنْدَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وَعِنْدَ الخَلْقِ، وَلَنْ تُنَالَ رِفْقَتُهُ في الجَنَّةِ وَشَفَاعَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إلا بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، والسَّيْرِ على طَرِيقَتِهِ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
حِلْيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: وَمِن أَسْبَابِ مَحَبَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ التَّعَرُّفُ على شَمَائِلِهِ وَصِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، وَلَقَد نَقَلَتْ لَنَا كُتُبُ السِّيرَةِ شَمَائِلَهُ وَصِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، من صِفَاتِهِ الخَلْقِيَّةِ، ما رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنِ الْحَسَنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بن أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ وَكَانَ وَصَّافَاً، عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئَاً أَتَعَلَّقُ بِهِ.
فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَخْمَاً مُفَخَّمَاً، يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ـ نُبْلُهُ وَامْتِلاؤُهُ مَعَ الْجَمَالِ وَالْمَهَابَةِ ـ أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعْرِ، إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ وَإِلا فَلا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ ـ الْعُقَيْصَةُ الشَّعْرُ الْمُعْقُوصُ وَهُوَ نَحْوٌ مِنَ الْمَضْفُورِ ـ إِذَا هُوَ وَفْرَةٌ أَزْهَرُ اللَّوْنِ، وَاسِعُ الْجَبِينِ، أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرَنٍ ـ الزَّجَجُ فِي الْحَوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا تَقَوُّسٌ مَعَ طَولٍ فِي أَطْرَافِهَا، بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ ـ بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ غَضَبٌ، أَقْنَى الْعِرْنِينِ ـ يَعْنِي الأَنْفَ فِيهِ دِقَّةٌ مَعَ ارْتِفَاعٍ فِي قَصَبَتِهِ ـ لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسِبُهُ مَنْ يَتَأَمَّلُهُ أَشَمَّ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، ضَلِيعَ الْفَمِ ـ يَعْنِي حِلَةً فِي الشَّفَتَيْنِ ـ أَشْنَبَ ـ فِي أَسْنَانِهِ رِقَّةٌ وَتَحَدُّدٌ ـ مُفْلَجَ الأَسْنَانِ، دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ ـ الْمُسَرَّبَةُ الشَّعْرِ الَّتِي بَيْنَ الطَّلَبَةِ إِلَى السُّرَّةِ. شَعْرٌ يَجْرِي كَالْخَطِّ ـ كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدٌ دُمِيَتْ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ، مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ، بَادِناً مُتَمَاسِكاً سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، عَرِيضَ الصَّدْرِ بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، أَنْوَرَ الْمُتَجَرَّدِ مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ، يَجْرِي كالْخَطِّ، عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، أَشْعُرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وأَعَالِي الصَّدْرِ، طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ، رَحْبَ الرَّاحَةِ سَبْطَ الْقَصَبِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِلَ الأَطْرَافِ، خُمْصَانَ الأَخْمَصَيْنِ، مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ ـ يَعْنِي أَنَّهُ لا ثِيَابَ لِلْمَاءِ عَلَيْهِمَا ـ إِذَا زَالَ زَالَ قُلْعَاً يَخْطُو تَكَفِّيَاً وَيَمْشِي هَوْنَاً ـ يَعْنِي وَاسِعَ الْخُطَا ـ ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ ـ مُقْبِلٌ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ غَاضٌ بَصَرَهُ لا يَرْفَعُهُ إِلَى السَّمَاءِ ـ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعَاً، خَافِضَ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلاحَظَةُ يَسُوقُ أَصْحَابَهُ، يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلامِ. اهـ.
صِفَةُ مَنْطِقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: أَمَّا عَن صِفَةِ مَنْطِقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَد سَأَلَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُما هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ، بِقَوْلِهِ: صِفْ لِي مَنْطِقَهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاصِلَ الأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ لا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، طَوِيلَ السِّكَّةِ، يَفْتَتِحُ الْكَلامَ وَيَخْتَتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَصْلٌ لا فُضُولَ وَلا تَقْصِيرَ، دَمِثاً لَيْسَ بِالْجَافِي ـ اللَّيْنُ السَّهْلُ ـ وَلا الْمُهِينِ يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ، وَإِنْ دَقَّتْ لا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئَاً لا يَذُمُّ ذَوَاقَاً، وَلا يَمْدَحُهُ وَلا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا، وَلا مَا كَانَ لَهَا فَإِذَا تُعُوطِيَ الْحَقَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، لا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَنْتَصِرُ لَهَا، إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا فَيَضْرِبُ بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ إِبْهَامَهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ، جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمِ، وَيَفْتُرُ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَام ـ ضَاحِكًا مِنْ غَيْرِ قَهْقَهَةً ـ اهـ.
صِفَتُهُ في مَنْزِلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: أَمَّا صِفَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ، فَيَقُولُ سَيِّدُنَا الحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونَاً لَهُ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ نَفْسَهُ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءٌ لِلَّهِ، وجزءٌ لأَهْلِهِ، وجزءٌ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جُزْءٌ جَزَّءَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ فَلا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئَاً، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِأُذُنِهِ، وَقَسَّمَهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ وَالأُمَّةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَنْهُ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، وَيَقُولُ: «لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، وأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّايَ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانَاً حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّاهُ، ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». لا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلا ذَاكَ، وَلا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ يَدْخُلُونَ رُوَّادَاً وَلا يَفْتَرِقُونَ إِلا عَنْ ذَوَاقٍ. اهـ.
صِفَةُ مَخْرَجِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: أَمَّا صِفَةُ مَخْرَجِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ من بَيْتِهِ، فَيَقُولُ سَيِّدُنَا الحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَخْرَجِهِ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟
فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلا مِمَّا يَعْنِيهِمْ ويُؤَلِّفُهُمْ وَلا يُفَرِّقُهُمْ، أَوْ قَالَ: يُنَفِّرُهُمْ، فَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ، وَيُحَذِّرُ النَّاسَ، وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بَشَرَهُ وَلا خُلُقُهُ، يَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ ويُقَوِّيهِ وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ ويُوِهنَهُ، مُعْتَدِلَ الأَمْرِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ لا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلوا، ويَمِيلُوا لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ لا يَقْصُرُ عَنِ الْحَقِّ وَلا يُجَوِّزُهُ الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ، خِيَارُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ، أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً ومُؤَازَرَةٌ. اهـ.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: هَلْ عَرَفْنَا شَيْئَاً عَن سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ لَوْ خَرَجَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من قَبْرِهِ الشَّرِيفِ، وَرَآنَا، فَهَلْ يَعْرِفُنَا بِأَحْوَالِنَا اليَوْمَ أَنَّا من أُمَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin