مع الحبيب المصطفى: أحسن في عيني من القمر
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
222ـ أحسن في عيني من القمر
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد مَنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بِأَنْ أَكْمَلَ لَهُ المَحَاسِنَ خَلْقَاً وَخُلُقَاً، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَكْمَلَ النَّاسِ خَلْقَاً وَخُلُقَاً، مَا خَلَقَ اللهُ تعالى مِثْلَهُ قَبْلَهُ، وَلَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُ بَعْدَهُ، والسَّعِيدُ مَن عَاشَ مَعَ هذا الحَبِيبِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بِرُوحِهِ وَقَلْبِهِ.
أيُّها الإخوة الكرام: إِذَا كَانَ الإِنْسَانُ يَشْرُفُ بِخَصْلَةٍ من خِصَالِ الكَمَالِ والجَمَالِ، وَيَعْظُمُ قَدْرُهُ، وَتُضْرَبُ بِاسْمِهِ الأَمْثَالُ، وَيُتَقَرَّرُ لَهُ بالوَصْفِ بذلكَ في القُلُوبِ المَأْثَرَةُ والمَكْرُمَةُ والعَظَمَةُ، فَمَا ظَنُّكُم بِعَظِيمِ قَدْرِ مَن اجْتَمَعَتْ فِيهِ كُلُّ هذهِ الخِصَالِ إلى مَا لا يَأْخُذُهُ عَدٌّ، ولا يُعَبِّرُ عَنْهُ مَقَالٌ، ولا يُنَالُ بِكَسْبٍ ولا حِيلَةٍ، إلا بِتَخْصِيصِ الكَبِيرِ المُتَعَالِ، من فَضِيلَةِ النُّبُوَّةِ، والرِّسَالَةِ، والخُلَّةِ، والمَحَبَّةِ، والاصْطِفَاءِ، والإِسْرَاءِ، والرُّؤْيَةِ، والقُرْبِ، والدُّنُوِّ، والوَحْيِ، والشَّفَاعَةِ، والوَسِيلَةِ، والفَضِيلَةِ، والدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ، والمَقَامِ المَحْمُودِ، والبُرَاقِ، والمِعْرَاجِ، والبَعْثِ إلى الأَحْمِرِ والأَسْوَدِ، والصَّلاةِ بالأَنْبِيَاءِ، والشَّهَادَةِ بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ وأُمَمِهِم، وَسِيَادَةِ وَلَدِ آدَمَ، وَلِوَاءِ الحَمْدِ، والبِشَارَة، والنَّذَارَةِ، والمَكَانَةِ عِنْدَ ذِي العَرْشِ، والطَّاعَةِ، والأَمَانَةِ، والهِدَايَةِ، وَالرَّحْمَةِ للعَالَمِينَ، وَإِعْطَاءِ الرِّضَى، والسُّؤْلِ، والكَوْثَرِ، وَسَمَاعِ القَوْلِ، وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ، والعَفْوِ عَمَّا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ، وَشَرْحِ الصَّدْرِ، وَوَضْعِ الإِصْرِ، وَرَفْعِ الذِّكْرِ، وَعِزَّةِ النَّصْرِ، وَنُزُولِ السَّكِينَةِ، والتَّأْيِيدِ بالمَلَائِكَةِ، وَإِيتَاءِ الكِتَابِ والحِكْمَةِ والسَّبْعِ المَثَانِي والقُرْآنِ العَظِيمِ، وَتَزْكِيَةِ الأُمَّةِ، والدُّعَاءِ إلى اللهِ، وَصَلاةِ اللهِ تعالى والمَلائِكَةِ، والحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاهُ اللهُ، وَوَضْعِ الإِصْرِ والأَغْلَالِ عَنْهُم، والقَسَمِ بِاسْمِهِ، وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ، وَتَكْلِيمِ الجَمَادَاتِ والعَجَمِ، وَإِحْيَاءِ المَوْتَى، وَإِسْمَاعِ الصُّمِّ، وَنَبْعِ المَاءِ من بَيْنِ أَصَابِعِهِ، وَتَكْثِيرِ القَلِيلِ، وَانْشِقَاقِ القَمَرِ، وَرَدِّ الشَّمْسِ، وَقَلْبِ الأَعْيَانِ، والنَّصْرِ بالرُّعْبِ، والاطِّلَاعِ على الغَيْبِ، وَظَلِّ الغَمَامِ، وَتَسْبِيحِ الحَصَى، وَإِبْرَاءِ الآلامِ، والعِصْمَةِ من النَّاسِ، إلى مَا لا يَحْوِيهِ مُحْتَفِلٌ، ولا يُحِيطُ بِعِلْمِهِ إلَّا مُفَضِّلُهُ بِهِ لا إِلَهَ غَيْرُهُ، إلى مَا أَعَدَّ لَهُ في الدَّارِ الآخِرَةِ من مَنَازِلِ الكَرَامَةِ، وَدَرَجَاتِ القُدْسِ، وَمَرَاتِبِ السَّعَادَةِ، والحُسْنَى، والزِّيَادَةِ التي تَقِفُ دُونَهَا العُقُولُ، وَيَحَارُ دُونَ إِدْرَاكِهَا الوَهْمُ؟
مَحَاسِنُ صُورَتِهِ الشَّرِيفَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: يَقُولُ قَاضِي القُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ الشِّيرَازِيُّ المَعْرُوفُ بِابْنِ الجَزْرِيِّ، صَاحِبُ الحِصْنِ الحَصِينِ، رَحِمَهُ اللهُ تعالى:
أَخِلَّايَ إِنْ شَطَّ الْحَبِيبُ وَرَبْعُهُ *** وَعَـزَّ تَـلَاقِيهِ وَنَـاءَتْ مَـنَازِلُهْ
وَفَــاتَكُمُ أَنْ تُبَصِرُوهُ بِـعَيْنِكُمْ *** فَمَا فَاتَكُمْ بالسَّمْعِ هَذِي شَمَائِلُهْ
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد حَازَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الجَمَالَ الخَلْقِيَّ والخُلُقِيَّ كُلَّهُ بِلا خِلافٍ، وَلَقَد نُقِلَتْ إِلَيْنَا صُورَتُهُ الخَلْقِيَّةُ والخُلُقِيَّةُ بِدُونِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ، حَتَّى يَتَمَكَّنَ المُؤْمِنُ بالاقْتِدَاءِ بهذا الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، بَعْدَ الإِيمَانِ بِهِ ومَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد خَلَقَ رَبُّنَا عزَّ وجلَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ في أَجْمَلِ صُورَةٍ بَشَرِيَّةٍ، وَأَكْمَلِ خِلْقَةٍ آدَمِيَّةٍ، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مَجْمَعُ المَحَاسِنِ المُبْدَعَاتِ، والفَضَائِلِ والكَمَالاتِ الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، وَقَد أَجْمَعَتْ كَلِمَةُ الذينَ رَأَوْهُ وَوَصَفُوهُ على أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لَمْ يُرَ مِثْلَهُ سَابِقٌ، ولا نَظِيرٌ لاحِقٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
لَقَد كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عَجِيبَةً من عَجَائِبِ اللهِ تعالى، وَآيَةً من آيَاتِهِ تَبَارَكَ وتعالى، كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهَاً، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ إِذَا سُرَّ وَسَعِدَ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ.
روى الشيخان عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهَاً، وَأَحْسَنَهُ خَلْقَاً، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ.
وروى البيهقي عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها حِينَ كَانَتْ تَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، قَالَتْ: وَكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهَاً، وَأَنْوَرَهُم لَوْنَاً، لَمْ يَصِفْهُ وَاصِفٌ قَطُّ بَلَغَتْنَا صِفَتُهُ إلا شَبَّهَ وَجْهَهُ بالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ.
وَلَقَد كَانَ يَقُولُ مَن كَانَ يَقُولُ مِنْهُم: لَرُبَّمَا نَظَرْنَا إلى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ فَنَقُولُ: هُوَ أَحْسَنُ في أَعْيُنِنَا من القَمَرِ، أَزْهَرُ اللَّوْنِ، نَيِّرُ الوَجْهِ، يَتَلَأْلَأُ تَلَأْلُؤَ القَمَرِ، يُعْرَفُ رِضَاهُ وَغَضَبُهُ في سُرُورِهِ بِوَجْهِهِ، كَانَ إِذَا رَضِيَ أَو سُرَّ فَكَأَنَّ وَجْهَهُ المِرْآةُ، وَكَأَنَّمَا الجُدُرَ تُلَاحِكُ وَجْهَهُ، وَإِذَا غَضِبَ تَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ.
ـ المُلاحَكَةُ: شِدَّةُ المُلاءَمَةِ؛ أَيْ: لإِضَاءَةِ وَجْهِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يُرَى شَخْصُ الجُدُرِ في وَجْهِهِ، فَكَأَنَّهَا قَد دَاخَلَتْ وَجْهَهُ ـ.
أَحْسَنُ في عَيْنِي من القَمَرِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحْسَنَ وَأَجْمَلَ من القَمَرِ.
روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سُئِلَ الْبَرَاءُ أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مِثْلَ السَّيْفِ؟
قَالَ: لَا، بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ. كَأَنَّ السَّائِلَ أَرَادَ أَنَّهُ مِثْلُ السَّيْفِ فِي الطُّولِ؛ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَرَاءُ فَقَالَ: بَلْ مِثْلُ الْقَمَرِ، أَيْ فِي التَّدْوِيرِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مِثْلَ السَّيْفِ فِي اللَّمَعَانِ وَالصِّقَالِ، فَقَالَ: بَلْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَعَدَلَ إِلَى الْقَمَرِ، لِجَمْعِهِ الصِّفَتَيْنِ مِن التَّدْوِيرِ وَاللَّمَعَانِ ـ.
وروى الحاكم والترمذي عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ إِضْحِيَانٍ ـ مُضِيئَةٍ مُقْمِرَةٍ ـ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ ـ ثَوْبَانِ من جِنْسٍ وَاحِدٍ ـ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَإِلَى الْقَمَرِ، فَلَهُوَ أَحْسَنُ في عَيْنِي مِن الْقَمَرِ.
وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ والدَّارَمِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بن مُحَمَّدِ بن عَمَّارِ بن يَاسِرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّبِيعِ بنتِ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ: صِفِي لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، لَوْ رَأيْتَهُ رَأيْتَ الشَّمْسَ طَالِعَةً.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ وَجْهُهُ الشَّرِيفُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحْسَنَ الوُجُوهِ على الإِطْلاقِ، لأَنَّ اللهَ تعالى مَا أَرْسَلَ نَبِيَّاً ولا رَسُولاً إلا كَانَ جَمِيلاً في صُورَتِهِ وَأَخْلاقِهِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ، وَرَحْمَةَ اللهِ تعالى للعَالَمِينَ؟
يَقُولُ سَيِّدُنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: مَا رَأَيْتُ شَيْئَاً أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدَاً أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، كَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُطْوَى لَهُ، إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا، وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ. رواه الإمام أحمد والترمذي.
وَكَانَ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ:
أَمِينٌ مُصْطَفَىً للخَيْرِ يَدْعُو *** كَضَوْءِ البَدْرِ زَايِلَهُ الظَّلَامُ
وَكَانَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يُنْشِدُ قَوْلَ زُهَيْرٍ في هَرَمِ بْنِ سِنَانٍ:
لَوْ كُنْتَ من شَيْءٍ سِوَى البَشَرِ *** كُنْتَ المُضِيءَ لِلَيْلَةِ البَدْرِ
ثمَّ يَقُولُ: كَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ؛ وَكَانَ إِذَا غَضِبَ احْمَرَّ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّمَا فَقِئَ في وَجْنَتَيْهِ حَبُّ الرُّمَّانِ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُكْرِمَنَا بِصِدْقِ مَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، لَعَلَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِحُسْنِ الاقْتِدَاءِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
222ـ أحسن في عيني من القمر
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد مَنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بِأَنْ أَكْمَلَ لَهُ المَحَاسِنَ خَلْقَاً وَخُلُقَاً، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَكْمَلَ النَّاسِ خَلْقَاً وَخُلُقَاً، مَا خَلَقَ اللهُ تعالى مِثْلَهُ قَبْلَهُ، وَلَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُ بَعْدَهُ، والسَّعِيدُ مَن عَاشَ مَعَ هذا الحَبِيبِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بِرُوحِهِ وَقَلْبِهِ.
أيُّها الإخوة الكرام: إِذَا كَانَ الإِنْسَانُ يَشْرُفُ بِخَصْلَةٍ من خِصَالِ الكَمَالِ والجَمَالِ، وَيَعْظُمُ قَدْرُهُ، وَتُضْرَبُ بِاسْمِهِ الأَمْثَالُ، وَيُتَقَرَّرُ لَهُ بالوَصْفِ بذلكَ في القُلُوبِ المَأْثَرَةُ والمَكْرُمَةُ والعَظَمَةُ، فَمَا ظَنُّكُم بِعَظِيمِ قَدْرِ مَن اجْتَمَعَتْ فِيهِ كُلُّ هذهِ الخِصَالِ إلى مَا لا يَأْخُذُهُ عَدٌّ، ولا يُعَبِّرُ عَنْهُ مَقَالٌ، ولا يُنَالُ بِكَسْبٍ ولا حِيلَةٍ، إلا بِتَخْصِيصِ الكَبِيرِ المُتَعَالِ، من فَضِيلَةِ النُّبُوَّةِ، والرِّسَالَةِ، والخُلَّةِ، والمَحَبَّةِ، والاصْطِفَاءِ، والإِسْرَاءِ، والرُّؤْيَةِ، والقُرْبِ، والدُّنُوِّ، والوَحْيِ، والشَّفَاعَةِ، والوَسِيلَةِ، والفَضِيلَةِ، والدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ، والمَقَامِ المَحْمُودِ، والبُرَاقِ، والمِعْرَاجِ، والبَعْثِ إلى الأَحْمِرِ والأَسْوَدِ، والصَّلاةِ بالأَنْبِيَاءِ، والشَّهَادَةِ بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ وأُمَمِهِم، وَسِيَادَةِ وَلَدِ آدَمَ، وَلِوَاءِ الحَمْدِ، والبِشَارَة، والنَّذَارَةِ، والمَكَانَةِ عِنْدَ ذِي العَرْشِ، والطَّاعَةِ، والأَمَانَةِ، والهِدَايَةِ، وَالرَّحْمَةِ للعَالَمِينَ، وَإِعْطَاءِ الرِّضَى، والسُّؤْلِ، والكَوْثَرِ، وَسَمَاعِ القَوْلِ، وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ، والعَفْوِ عَمَّا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ، وَشَرْحِ الصَّدْرِ، وَوَضْعِ الإِصْرِ، وَرَفْعِ الذِّكْرِ، وَعِزَّةِ النَّصْرِ، وَنُزُولِ السَّكِينَةِ، والتَّأْيِيدِ بالمَلَائِكَةِ، وَإِيتَاءِ الكِتَابِ والحِكْمَةِ والسَّبْعِ المَثَانِي والقُرْآنِ العَظِيمِ، وَتَزْكِيَةِ الأُمَّةِ، والدُّعَاءِ إلى اللهِ، وَصَلاةِ اللهِ تعالى والمَلائِكَةِ، والحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاهُ اللهُ، وَوَضْعِ الإِصْرِ والأَغْلَالِ عَنْهُم، والقَسَمِ بِاسْمِهِ، وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ، وَتَكْلِيمِ الجَمَادَاتِ والعَجَمِ، وَإِحْيَاءِ المَوْتَى، وَإِسْمَاعِ الصُّمِّ، وَنَبْعِ المَاءِ من بَيْنِ أَصَابِعِهِ، وَتَكْثِيرِ القَلِيلِ، وَانْشِقَاقِ القَمَرِ، وَرَدِّ الشَّمْسِ، وَقَلْبِ الأَعْيَانِ، والنَّصْرِ بالرُّعْبِ، والاطِّلَاعِ على الغَيْبِ، وَظَلِّ الغَمَامِ، وَتَسْبِيحِ الحَصَى، وَإِبْرَاءِ الآلامِ، والعِصْمَةِ من النَّاسِ، إلى مَا لا يَحْوِيهِ مُحْتَفِلٌ، ولا يُحِيطُ بِعِلْمِهِ إلَّا مُفَضِّلُهُ بِهِ لا إِلَهَ غَيْرُهُ، إلى مَا أَعَدَّ لَهُ في الدَّارِ الآخِرَةِ من مَنَازِلِ الكَرَامَةِ، وَدَرَجَاتِ القُدْسِ، وَمَرَاتِبِ السَّعَادَةِ، والحُسْنَى، والزِّيَادَةِ التي تَقِفُ دُونَهَا العُقُولُ، وَيَحَارُ دُونَ إِدْرَاكِهَا الوَهْمُ؟
مَحَاسِنُ صُورَتِهِ الشَّرِيفَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: يَقُولُ قَاضِي القُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ الشِّيرَازِيُّ المَعْرُوفُ بِابْنِ الجَزْرِيِّ، صَاحِبُ الحِصْنِ الحَصِينِ، رَحِمَهُ اللهُ تعالى:
أَخِلَّايَ إِنْ شَطَّ الْحَبِيبُ وَرَبْعُهُ *** وَعَـزَّ تَـلَاقِيهِ وَنَـاءَتْ مَـنَازِلُهْ
وَفَــاتَكُمُ أَنْ تُبَصِرُوهُ بِـعَيْنِكُمْ *** فَمَا فَاتَكُمْ بالسَّمْعِ هَذِي شَمَائِلُهْ
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد حَازَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الجَمَالَ الخَلْقِيَّ والخُلُقِيَّ كُلَّهُ بِلا خِلافٍ، وَلَقَد نُقِلَتْ إِلَيْنَا صُورَتُهُ الخَلْقِيَّةُ والخُلُقِيَّةُ بِدُونِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ، حَتَّى يَتَمَكَّنَ المُؤْمِنُ بالاقْتِدَاءِ بهذا الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، بَعْدَ الإِيمَانِ بِهِ ومَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد خَلَقَ رَبُّنَا عزَّ وجلَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ في أَجْمَلِ صُورَةٍ بَشَرِيَّةٍ، وَأَكْمَلِ خِلْقَةٍ آدَمِيَّةٍ، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مَجْمَعُ المَحَاسِنِ المُبْدَعَاتِ، والفَضَائِلِ والكَمَالاتِ الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، وَقَد أَجْمَعَتْ كَلِمَةُ الذينَ رَأَوْهُ وَوَصَفُوهُ على أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لَمْ يُرَ مِثْلَهُ سَابِقٌ، ولا نَظِيرٌ لاحِقٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
لَقَد كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عَجِيبَةً من عَجَائِبِ اللهِ تعالى، وَآيَةً من آيَاتِهِ تَبَارَكَ وتعالى، كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهَاً، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ إِذَا سُرَّ وَسَعِدَ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ.
روى الشيخان عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهَاً، وَأَحْسَنَهُ خَلْقَاً، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ.
وروى البيهقي عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها حِينَ كَانَتْ تَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، قَالَتْ: وَكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهَاً، وَأَنْوَرَهُم لَوْنَاً، لَمْ يَصِفْهُ وَاصِفٌ قَطُّ بَلَغَتْنَا صِفَتُهُ إلا شَبَّهَ وَجْهَهُ بالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ.
وَلَقَد كَانَ يَقُولُ مَن كَانَ يَقُولُ مِنْهُم: لَرُبَّمَا نَظَرْنَا إلى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ فَنَقُولُ: هُوَ أَحْسَنُ في أَعْيُنِنَا من القَمَرِ، أَزْهَرُ اللَّوْنِ، نَيِّرُ الوَجْهِ، يَتَلَأْلَأُ تَلَأْلُؤَ القَمَرِ، يُعْرَفُ رِضَاهُ وَغَضَبُهُ في سُرُورِهِ بِوَجْهِهِ، كَانَ إِذَا رَضِيَ أَو سُرَّ فَكَأَنَّ وَجْهَهُ المِرْآةُ، وَكَأَنَّمَا الجُدُرَ تُلَاحِكُ وَجْهَهُ، وَإِذَا غَضِبَ تَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ.
ـ المُلاحَكَةُ: شِدَّةُ المُلاءَمَةِ؛ أَيْ: لإِضَاءَةِ وَجْهِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يُرَى شَخْصُ الجُدُرِ في وَجْهِهِ، فَكَأَنَّهَا قَد دَاخَلَتْ وَجْهَهُ ـ.
أَحْسَنُ في عَيْنِي من القَمَرِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحْسَنَ وَأَجْمَلَ من القَمَرِ.
روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سُئِلَ الْبَرَاءُ أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مِثْلَ السَّيْفِ؟
قَالَ: لَا، بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ. كَأَنَّ السَّائِلَ أَرَادَ أَنَّهُ مِثْلُ السَّيْفِ فِي الطُّولِ؛ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَرَاءُ فَقَالَ: بَلْ مِثْلُ الْقَمَرِ، أَيْ فِي التَّدْوِيرِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مِثْلَ السَّيْفِ فِي اللَّمَعَانِ وَالصِّقَالِ، فَقَالَ: بَلْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَعَدَلَ إِلَى الْقَمَرِ، لِجَمْعِهِ الصِّفَتَيْنِ مِن التَّدْوِيرِ وَاللَّمَعَانِ ـ.
وروى الحاكم والترمذي عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ إِضْحِيَانٍ ـ مُضِيئَةٍ مُقْمِرَةٍ ـ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ ـ ثَوْبَانِ من جِنْسٍ وَاحِدٍ ـ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَإِلَى الْقَمَرِ، فَلَهُوَ أَحْسَنُ في عَيْنِي مِن الْقَمَرِ.
وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ والدَّارَمِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بن مُحَمَّدِ بن عَمَّارِ بن يَاسِرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّبِيعِ بنتِ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ: صِفِي لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، لَوْ رَأيْتَهُ رَأيْتَ الشَّمْسَ طَالِعَةً.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ وَجْهُهُ الشَّرِيفُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحْسَنَ الوُجُوهِ على الإِطْلاقِ، لأَنَّ اللهَ تعالى مَا أَرْسَلَ نَبِيَّاً ولا رَسُولاً إلا كَانَ جَمِيلاً في صُورَتِهِ وَأَخْلاقِهِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ، وَرَحْمَةَ اللهِ تعالى للعَالَمِينَ؟
يَقُولُ سَيِّدُنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: مَا رَأَيْتُ شَيْئَاً أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدَاً أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، كَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُطْوَى لَهُ، إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا، وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ. رواه الإمام أحمد والترمذي.
وَكَانَ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ:
أَمِينٌ مُصْطَفَىً للخَيْرِ يَدْعُو *** كَضَوْءِ البَدْرِ زَايِلَهُ الظَّلَامُ
وَكَانَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يُنْشِدُ قَوْلَ زُهَيْرٍ في هَرَمِ بْنِ سِنَانٍ:
لَوْ كُنْتَ من شَيْءٍ سِوَى البَشَرِ *** كُنْتَ المُضِيءَ لِلَيْلَةِ البَدْرِ
ثمَّ يَقُولُ: كَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ؛ وَكَانَ إِذَا غَضِبَ احْمَرَّ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّمَا فَقِئَ في وَجْنَتَيْهِ حَبُّ الرُّمَّانِ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُكْرِمَنَا بِصِدْقِ مَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، لَعَلَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِحُسْنِ الاقْتِدَاءِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
اليوم في 19:33 من طرف Admin
» كتاب: خطوتان للحقيقة ـ الأستاذ محمد مرتاض ــ سفيان بلحساين
اليوم في 19:27 من طرف Admin
» كتاب: محمد صلى الله عليه وسلم مشكاة الأنوار ـ الشيخ عبدالله صلاح الدين القوصي
اليوم في 19:25 من طرف Admin
» كتاب: النسمات القدوسية شرح المقدمات السنوسية الدكتور النعمان الشاوي
اليوم في 19:23 من طرف Admin
» كتاب: المتمم بأمر المعظم صلى الله عليه وآله وسلم ـ الشيخ ناصر الدين عبداللطيف ناصر الدين الخطيب
اليوم في 19:20 من طرف Admin
» كتاب: الجواهر المكنونة فى العلوم المصونة ـ الشيخ عبدالحفيظ الخنقي
اليوم في 19:16 من طرف Admin
» كتاب: الرسالة القدسية في أسرار النقطة الحسية ـ ابن شهاب الهمداني
اليوم في 19:09 من طرف Admin
» كتاب: رسالة فى التعلق بجنابه والوقوف على بابه صلى الله عليه وسلم ـ الشيخ رشيد الراشد
اليوم في 19:04 من طرف Admin
» كتاب: مطالع الأنوار شرح رشفات السادات الأبرار ـ الإمام عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد بلفقيه
اليوم في 18:54 من طرف Admin
» كتاب: المسألة التيمية فى المنع من شد الرحال للروضة النبوية صنفه دكتور بلال البحر
اليوم في 18:43 من طرف Admin
» كتاب: مختارات من رسائل الشيخ سيدي أحمد التجاني
اليوم في 18:40 من طرف Admin
» كتاب: سلَّم التيسير لليُسرى ـ عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالله بن علي الكاف باعلوي
اليوم في 18:19 من طرف Admin
» كتاب: عمر السيدة عائشة رضى الله عنها يوم العقد والزواج الدكتور صلاح الإدلبي
اليوم في 16:55 من طرف Admin
» كتاب: علماء سلكو التصوف ولبسو الخرقة ـ إدارة موقع الصوفية
اليوم في 16:52 من طرف Admin
» كتاب: روضة المحبين فى الصلاة على سيد الأحبة ـ الحبيب محمد بن عبدالرحمن السقاف
اليوم في 16:49 من طرف Admin