..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: خطوتان للحقيقة ـ الأستاذ محمد مرتاض ــ سفيان بلحساين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:27 من طرف Admin

» كتاب: محمد صلى الله عليه وسلم مشكاة الأنوار ـ الشيخ عبدالله صلاح الدين القوصي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:25 من طرف Admin

» كتاب: النسمات القدوسية شرح المقدمات السنوسية الدكتور النعمان الشاوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:23 من طرف Admin

» كتاب: المتمم بأمر المعظم صلى الله عليه وآله وسلم ـ الشيخ ناصر الدين عبداللطيف ناصر الدين الخطيب
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:20 من طرف Admin

» كتاب: الجواهر المكنونة فى العلوم المصونة ـ الشيخ عبدالحفيظ الخنقي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:16 من طرف Admin

» كتاب: الرسالة القدسية في أسرار النقطة الحسية ـ ابن شهاب الهمداني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:09 من طرف Admin

» كتاب: رسالة فى التعلق بجنابه والوقوف على بابه صلى الله عليه وسلم ـ الشيخ رشيد الراشد
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:04 من طرف Admin

» كتاب: مطالع الأنوار شرح رشفات السادات الأبرار ـ الإمام عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد بلفقيه
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 18:54 من طرف Admin

» كتاب: المسألة التيمية فى المنع من شد الرحال للروضة النبوية صنفه دكتور بلال البحر
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 18:43 من طرف Admin

» كتاب: مختارات من رسائل الشيخ سيدي أحمد التجاني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 18:40 من طرف Admin

» كتاب: سلَّم التيسير لليُسرى ـ عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالله بن علي الكاف باعلوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 18:19 من طرف Admin

» كتاب: عمر السيدة عائشة رضى الله عنها يوم العقد والزواج الدكتور صلاح الإدلبي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 16:55 من طرف Admin

» كتاب: علماء سلكو التصوف ولبسو الخرقة ـ إدارة موقع الصوفية
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 16:52 من طرف Admin

» كتاب: روضة المحبين فى الصلاة على سيد الأحبة ـ الحبيب محمد بن عبدالرحمن السقاف
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 16:49 من طرف Admin

» كتاب: مجالس ابن الجوزي في المتشابه من الآيات القرآنية ‫‬ـ الشيخ باسم مكداش
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 16:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68463
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 1/10/2020, 17:42

    مع الحبيب المصطفى: وجعلت قرة عيني في الصلاة
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    56 ـ وجعلت قرة عيني في الصلاة

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: نِعَمُ الله تعالى المادِّيَّةُ التي تَتَعَلَّقُ بالجَسَدِ كثيرَةٌ وكثيرَةٌ جِدَّاً، ولا يُمكِنُ للعَبدِ أن يُحصيها، قال تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ الله لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار﴾.

    هذهِ النِّعَمُ المادِّيَّةُ المُتَعَلِّقَةُ بالجَسَدِ الفَاني، قد يُكرِمُ اللهُ تعالى بها عَبدَهُ، ولكن قَد لا يَستَطيعُ أن يَتَنَعَّمَ بها، كَم وكَم من العِبادِ من سَاقَ اللهُ تعالى لهُمُ النِّعَمَ المادِّيَّةَ ولكنَّهُم مُنِعوا مِنها لِـمَرَضٍ.

    والكثيرُ منهم من يَتَألَّمُ لأنَّهُ يَرى النِّعمَةَ مَوفورَةً بينَ يَدَيهِ، ولكن لا يَستَطيعُ أن يَتَمَتَّعَ بها، ولذلكَ أقولُ لمن حُرِمَ من النِّعَمِ المَادِّيَّةِ في هذهِ الأزمَةِ: لا تَحزَن عليها، اِحمَدِ اللهَ تعالى على سَلامَةِ دِينِكَ وبَدَنِكَ، واعتَبِر بأنَّ هذهِ النِّعَمَ لو وُجِدَت ومُنِعتَ منها بِسَبَبِ مَرَضٍ، فأيُّهما أشَدُّ وَقْعاً على النَّفسِ؟ فالسَّعيدُ من سَمِعَ قَولَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    الحِرصُ على نِعمَةِ الإيمانِ أهَمُّ:

    أيُّها الإخوة الكرام: السَّعيدُ من كانَ حَريصاً على نِعمَةِ الإيمانِ التي بها يَسكُنُ القَلبُ، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ الله أَلا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب﴾.

    فمَن اطمَأنَّ قَلبُهُ بِذِكرِ الله تعالى ارتاحَ بَدَنُهُ في الدُّنيا، ونَفَعَهُ ذِكرُهُ يومَ القِيامَةِ، قال تعالى: ﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُون * إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيم﴾.

    بِنِعمَةِ الإيمانِ يُقاوِمُ الإنسانُ المَصائِبَ، وبها يَتَغَلَّبُ عليها، فهذا سيِّدُنا عِمرانُ بنُ حُصَينٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، ابتَلاهُ اللهُ تعالى بالمَرَضِ ثلاثينَ عَاماً، وما فَارَقَ البِشرُ وَجهَهُ، ولا البَسمَةُ شَفتَيهِ، روى الطبراني في الكبير عَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عِمْرَانُ بن حُصَيْنِ فِي وَجَعِهِ الشَّدِيدِ الَّذِي أَصَابَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي لأَرْثِي لَكَ مِمَّا أَرَى.

    فَقَالَ: يَا أَخِي، لا تَفْعَلْ، فوالله إِنَّ أَحَبَّهُ إِلَيَّ أَحَبَّهُ إِلَى الله.

    وهذا سيِّدُنا سعدُ بنُ أبي وقَّاص رَضِيَ اللهُ عنهُ صاحِبُ الدَّعوَةِ المُستَجابَةِ، ابتَلاهُ اللهُ تعالى بِفَقْدِ بَصَرِهِ آخِرَ حَياتِهِ، فلمَّا أتى مكَّةَ قيل له: أنتَ مُجابُ الدَّعوَةِ، لم لا تَسألُ رَدَّ بَصَرِكَ؟

    فقال: إنَّ قَضَاءَ الله تعالى أحَبُّ إلَيَّ من بَصَري.

    ذاقَ طَعمَ الإيمانِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: إذا كَانَ الجَسَدُ يَتَلَذَّذُ بالنِّعَمِ المَادِّيَّةِ، ويَتَذَوَّقُ حَلاوَتَها، فإنَّ الإيمانَ كذلكَ لهُ حَلاوَةٌ، ولكنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ لا تُذاقُ بالجَسَدِ المَادِّيِّ، بَل بالقَلبِ المَعنَوِيِّ.

    روى الإمام مسلم عَن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بالله رَبَّاً وَبِالْإِسْلَامِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً».

    أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ أعظَمَ النَّاسِ تَذَوُّقاً لِحَلاوَةِ وطَعمِ الإيمانِ هوَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لأنَّهُ أكمَلُ المؤمنينَ إيماناً، بل أكمَلُ الخَلقِ إيماناً من سابِقينَ ولاحِقينَ.

    فقد رَضِيَ بالله تعالى ربَّاً، أي: مُرَبِّياً، والمُرَبِّي يُرَبِّي عَبدَهُ تَارَةً بالعَطاءِ وتَارَةً بالمَنعِ، وتَارَةً بالرَّفعِ وتَارَةً بالخَفضِ، وتَارَةً بما يُحِبُّ وتَارَةً بما يَكرَهُ.

    ومن رَضِيَ بالله تعالى ربَّاً، فهوَ راضٍ في سائِرِ الأحوالِ، والرَّاضي هوَ السَّعيدُ الذي لا يَحزَنُ على ما فاتَ، ولا يَخافُ مِمَّا هوَ آتٍ، ولذلكَ رأينا سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَومَ الطَّائِفِ يَبكي، وما كانَ بُكاؤُهُ على ما أَصابَهُ، بل كَانَ بُكاؤُهُ كما صَرَّحَ في دُعائِهِ بِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إن لم يَكُن بكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فلا أبالي». وبِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لكَ العُتبَى حتَّى تَرضى» رواه الطَّبراني في الكبير عن عبدِ الله بن جعفر رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    فهل نحنُ رَاضونَ بِقَضاءِ الله تعالى وقَدَرِهِ، في حالَتَيِ العَطاءِ والمَنعِ؟ وهل بُكاؤُنا في هذهِ الأزمَةِ خَوفاً من أن يَكونَ ما حَلَّ بنا من سَخَطِ الله تعالى؟!

    من ذاقَ طَعمَ الإيمانِ ذاقَ حَلاوَةَ العِبادَةِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: من ذاقَ طَعمَ الإيمانِ ذاقَ حَلاوَةَ العِبادَةِ، ومن ذاقَ حَلاوَةَ الإيمانِ والطَّاعَةِ استَوَت عِندَهُ الدُّنيا عَطاءً ومَنعاً، وصَارَ ذَهَبُها ومَدَرُها سَواءً عِندَهُ.

    ومن هُنا عَرَفنا من سِيرَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّ قُرَّةَ عَينِهِ كانَت في الصَّلاةِ، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الحاكم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ».

    وروى الإمام أحمد وأبو داود عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا بِلَالُ أَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ».

    وروى الإمام أحمد وأبو داود عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى.

    أيُّها الإخوة الكرام: والمُتَّبِعُ لسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَقيقَةً، يَذوقُ ما ذاقَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من طَعمِ الإيمانِ وحَلاوَةِ الطَّاعَةِ ولَذَّتِها.

    يَقولُ العارِفُ بالله تعالى إبراهيمُ بن أدهم رَضِيَ اللهُ عنهُ: لو يَعلَمُ المُلوكُ ما نحنُ عليهِ من اللَّذَّةِ لَجالَدُونَا عَليهَا بالسُّيوفِ.

    ويَقولُ العَارِفُ بالله تعالى أبو سُلَيمانَ الدَّارانِيُّ رَضِيَ اللهُ عنهُ: أهلُ اللَّيلِ في لَيلِهِم ألَذُّ من أهلِ اللَّهوِ في لَهوِهِم، ولَولا اللَّيلُ ما أحبَبتُ البَقاءَ في الدُّنيا.

    أيُّها الإخوة الكرام: من ذَاقَ طَعمَ الإيمانِ ولَذَّةَ العِبادَةِ احتالَ على الالتِزامِ، وإلَّا احتالَ على التَّفَلُّتِ، ومن عَرَفَ الآمِرَ عَشِقَ الأمرَ، ومن عَرَفَ المُكَلِّفَ عَشِقَ التَّكليفَ، وتَدَبَّروا قَولَ الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُون * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِين * كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم﴾.

    أهلُ الجَنَّةِ أكثَرُ عِبادَةً منهُم في الدُّنيا:

    أيُّها الإخوة الكرام: من عَرَفَ اللهَ تعالى عَبَدَهُ، ومن ذاقَ حَلاوَةَ العِبادَةِ في الدُّنيا عَشِقَها، ومن عَشِقَها مارَسَها في الآخِرَةِ بدونِ تَكليفٍ ولا تَكَلُّفٍ.

    روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لله مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْماً يَذْكُرُونَ اللهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ.

    قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا.

    قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟

    قَالُوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ.

    قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟

    قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا والله مَا رَأَوْكَ.

    قَالَ: فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟

    قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيداً وَتَحْمِيداً وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحاً.

    ومن المَعلومِ بأنَّ أهلَ الجَنَّةِ يَرَونَ ربَّهُم في الجَنَّةِ، قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة﴾.

    فإذا رَأوا ربَّهُم عزَّ وجلَّ كَانوا أكثَرَ عِبادَةً منهُم في الدُّنيا، لأنَّ عِبادَتَهُم كَلَفٌ بلا مَشَقَّةٍ، وإنَّما هيَ راحَتُهُم ونَعيمُهُم، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ»

    قَالُوا: فَمَا بَالُ الطَّعَامِ؟

    قَالَ: «جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ، يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ».

    خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: كُونوا حَريصِينَ على نِعمَةِ الإيمانِ، وكُونوا حَريصِينَ على تَذَوُّقِ طَعمِ الإيمانِ، وذلكَ بالرِّضَا عنِ الله عزَّ وجلَّ في قَضائِهِ وقَدَرِهِ، وكُونوا حَريصِينَ على نِعمَةِ العِبادَةِ، لأنَّها ألَذُّ نِعمَةٍ أسبَغَها اللهُ تعالى على عِبادِهِ في الدُّنيا.

    اللَّهُمَّ أعِنَّا على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسنِ عِبادَتِكَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 19:31