مع الحبيب المصطفى: هويته الأفئدة والقلوب
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
220ـ هويته الأفئدة والقلوب
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: من أَسَرَّ سَرِيرَةً أَلْبَسَهُ اللهُ رِدَاءَهَا فَكَشَفَهَا للنَّاسِ، ومن أَحَبَّ شَيْئَاً ظَهَرَ على وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَإِنَّ صَفَاءَ السَّرِيرَةِ وَأَنْوَارَ البَاطِنِ تَنْضَحُ على وَجْهِ العَبْدِ، والنَّاظِرُ إِلَيْهِ يَقْرَأُ في أَسَارِيرِ وَجْهِهِ آيَاتِ الطُّهْرِ.
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ من خَلِيقَةٍ *** وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى على النَّاسِ تُعْلَمِ
أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ الذينَ عَاشَرُوا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحَبُّوهُ وَعَشِقُوهُ إلى حَدِّ الهُيَامِ، وَمَا ذَاكَ إلا لأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مَلَكَ أَنْصِبَةَ الكَمَالِ كُلَّهَا، وَلَمْ تَكُنْ في أَحَدٍ غَيْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ».
هَوِيَتْهُ الأَفْئِدَةُ والقُلُوبُ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد هَوِيَتِ الأَفْئِدَةُ والقُلُوبُ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لَمَّا جُمِعَتْ فِيهِ صِفَاتُ الكَمَالِ الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، فهذا سَيِّدُنَا ثَوْبَانُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ مَوْلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ كَانَ شَدِيدَ الحُبِّ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، قَلِيلَ الصَّبْرِ عَنْهُ.
روى الوَاحِدِيُّ في أَسْبَابِ نُزُولِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقَاً﴾. أَنَّ سَيِّدَنَا ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَد تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، يُعْرَفُ الحُزْنُ في وَجْهِهِ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «مَا غَيَّرَ لَوْنَكَ؟».
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بِي مَرَضٌ ولا وَجَعٌ، غَيْرَ أَنِّي إِذَا لَمْ أَرَكَ اسْتَوْحَشْتُ وِحْشَةً شَدِيدَةً حَتَّى أَلْقَاكَ، ثمَّ ذَكَرْتُ الآخِرَةَ، فَأَخَافُ أَنْ لا أَرَاكَ، لِأَنَّكَ تُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِنْ دَخَلْتُ الجَنَّةَ كُنْتُ في مَنْزِلَةٍ أَدْنَى من مَنْزِلَتِكَ، وَإِنْ لَمْ أَدْخُلِ الجَنَّةَ لا أَرَاكَ أَبَدَاً، فَنَزَلَتْ هذهِ الآيَةُ.
مَا رَأَيْتُ مِن النَّاسِ أَحَدَاً يُحِبُّ أَحَدَاً كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدَاً:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد أَحَبَّ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ حُبَّاً فَاقَ التَّصَوُّرَ، فَمَا كَانُوا يُبَالِغُونَ أَنْ تَنْدَقَّ أَعْنَاقُهُم ولا يُخْدَشَ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لَهُ ظُفْرٌ.
من هذهِ المَوَاقِفِ، مَا كَانَ من قِصَّةِ زَيْدِ بْنِ الدَّثِنَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، الذي أَسَرَهُ أَهْلُ مَكَّةَ، ثمَّ خَرَجُوا لِيَصْلِبُوهُ، وَاجْتَمَعَ رَهْطٌ من قُرَيْشٍ فِيهِم أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ قَدِمَ لِيُقْتَلَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا زَيْدُ، أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدَاً عِنْدَنَا الْآنَ فِي مَكَانِك نَضْرِبُ عُنُقَهُ وَأَنَّكَ فِي أَهْلِكَ؟
قَالَ: واللهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدَاً الْآنَ فِي مَكَانِهِ الذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تُؤْذِيهِ، وَأَنِّي جَالِسٌ فِي أَهْلِي.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ مِن النَّاسِ أَحَدَاً يُحِبُّ أَحَدَاً كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدَاً.
ورَحِمَ اللهُ تعالى مَن قَالَ:
أَسَرَتْ قُـرَيْـشٌ مُسْـلِمَاً في غَـزْوَةٍ *** فَمَضَى بِـلَا وَجَلٍ إلى السَّيَّافِ
سَأَلُوهُ هَلْ يُـرْضِـيـكَ أَنَّـكَ سَـالِمٌ *** وَلَكَ النَّبِيُّ فِدَىً من الإِتْلَافِ
فَأَجَابَ كَلَّا لا سَلِمْتُ من الرَّدَى *** وَيُـصَـابُ أَنْفُ مُحَمَّدٍ بِرُعَافِ
كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَيْسَ هُنَاكَ مَحَبَّةٌ أَكْبَرُ ولا أَصْدَقُ ولا أَعْظَمُ مَحَبَّةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ من مَحَبَّةِ صَحَابَتِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم.
من أَعْظَمِ هذهِ المَوَاقِفِ، أنَّهُ لمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَأُشِيعَ مَقْتَلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، حَتَّى كَثُرَتِ الصَّوَارِخُ في نَاحِيَةِ المَدِينَةِ، فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ من الأَنْصَارِ، فَاسْتُقْبِلَتْ بِخَبَرِ مَوْتِ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَزَوْجِهَا، فَمَاذا كَانَ مَوْقِفُهَا رَضِيَ اللهُ عَنها؟
روى البيهقي عَن إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ من الأَنْصَارِ من بَنِي ذبْيَانَ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمَّا نَعَوْا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ؟
قَالُوا: خَيْرَاً يَا أُمَّ فُلَانٍ، هُوَ بِحَمْدِ اللهِ كَمَا تُحِبِّينَ.
قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ.
قَالَ: فَأُشِيرَ لَهَا إلَيْهِ، حَتَّى إذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَك جَلَلٌ ـ أَي: صَغِيرَةٌ ـ.
إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَتْ رُؤْيَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قُرَّةَ عَيْنٍ لأَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي، فَأَنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ.
فَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ».
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْبِئْنِي عَنْ أَمْرٍ إِذَا أَخَذْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ.
قَالَ: «أَفْشِ السَّلَامَ، وَأَطْعِمِ الطَّعَامَ، وَصِلِ الْأَرْحَامَ، وَقُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، ثُمَّ ادْخُلِ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ».
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: عُشَّاقُ المَبَادِئِ والقِيَمِ والأَخْلاقِ الكَرِيمَةَِ مَا أَنْ يَجِدُوا رَجُلاً اتَّصَفَ بِهَا إلا أَحَاطُوا بِهِ، وَأَحَبُّوهُ أَكْثَرَ من أَنْفُسِهِم، وَمَا كَانَ هذا بالإِطْلاقِ إلا لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ من قِبَلِ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ هذا الحُبَّ وهذا اليَقِينَ لأَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، قَالَ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدَاً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
لَقَد عَشِقَ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عِشْقَاً لا مَثِيلَ لَهُ، روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَلَمَّا نَفَضْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الْأَيْدِي وَإِنَّا لَفِي دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.
بَشَاشَةُ العَاطِفَةِ ظَهَرَتْ على وُجُوهِهِم عِنْدَ قُدُومِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وعلى كُلِّ شَيْءٍ؛ وَحَسْرَةُ الفَقْدِ خَلَّفَتْ سَوَادَهَا على كُلِّ شَيْءٍ.
اللَّهُمَّ زِدْنَا حُبَّاً فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
220ـ هويته الأفئدة والقلوب
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: من أَسَرَّ سَرِيرَةً أَلْبَسَهُ اللهُ رِدَاءَهَا فَكَشَفَهَا للنَّاسِ، ومن أَحَبَّ شَيْئَاً ظَهَرَ على وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَإِنَّ صَفَاءَ السَّرِيرَةِ وَأَنْوَارَ البَاطِنِ تَنْضَحُ على وَجْهِ العَبْدِ، والنَّاظِرُ إِلَيْهِ يَقْرَأُ في أَسَارِيرِ وَجْهِهِ آيَاتِ الطُّهْرِ.
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ من خَلِيقَةٍ *** وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى على النَّاسِ تُعْلَمِ
أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ الذينَ عَاشَرُوا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَحَبُّوهُ وَعَشِقُوهُ إلى حَدِّ الهُيَامِ، وَمَا ذَاكَ إلا لأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ مَلَكَ أَنْصِبَةَ الكَمَالِ كُلَّهَا، وَلَمْ تَكُنْ في أَحَدٍ غَيْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ».
هَوِيَتْهُ الأَفْئِدَةُ والقُلُوبُ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد هَوِيَتِ الأَفْئِدَةُ والقُلُوبُ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لَمَّا جُمِعَتْ فِيهِ صِفَاتُ الكَمَالِ الخَلْقِيَّةِ والخُلُقِيَّةِ، فهذا سَيِّدُنَا ثَوْبَانُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ مَوْلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ كَانَ شَدِيدَ الحُبِّ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، قَلِيلَ الصَّبْرِ عَنْهُ.
روى الوَاحِدِيُّ في أَسْبَابِ نُزُولِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقَاً﴾. أَنَّ سَيِّدَنَا ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَد تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، يُعْرَفُ الحُزْنُ في وَجْهِهِ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «مَا غَيَّرَ لَوْنَكَ؟».
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بِي مَرَضٌ ولا وَجَعٌ، غَيْرَ أَنِّي إِذَا لَمْ أَرَكَ اسْتَوْحَشْتُ وِحْشَةً شَدِيدَةً حَتَّى أَلْقَاكَ، ثمَّ ذَكَرْتُ الآخِرَةَ، فَأَخَافُ أَنْ لا أَرَاكَ، لِأَنَّكَ تُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِنْ دَخَلْتُ الجَنَّةَ كُنْتُ في مَنْزِلَةٍ أَدْنَى من مَنْزِلَتِكَ، وَإِنْ لَمْ أَدْخُلِ الجَنَّةَ لا أَرَاكَ أَبَدَاً، فَنَزَلَتْ هذهِ الآيَةُ.
مَا رَأَيْتُ مِن النَّاسِ أَحَدَاً يُحِبُّ أَحَدَاً كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدَاً:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد أَحَبَّ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ حُبَّاً فَاقَ التَّصَوُّرَ، فَمَا كَانُوا يُبَالِغُونَ أَنْ تَنْدَقَّ أَعْنَاقُهُم ولا يُخْدَشَ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لَهُ ظُفْرٌ.
من هذهِ المَوَاقِفِ، مَا كَانَ من قِصَّةِ زَيْدِ بْنِ الدَّثِنَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، الذي أَسَرَهُ أَهْلُ مَكَّةَ، ثمَّ خَرَجُوا لِيَصْلِبُوهُ، وَاجْتَمَعَ رَهْطٌ من قُرَيْشٍ فِيهِم أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ قَدِمَ لِيُقْتَلَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا زَيْدُ، أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدَاً عِنْدَنَا الْآنَ فِي مَكَانِك نَضْرِبُ عُنُقَهُ وَأَنَّكَ فِي أَهْلِكَ؟
قَالَ: واللهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدَاً الْآنَ فِي مَكَانِهِ الذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تُؤْذِيهِ، وَأَنِّي جَالِسٌ فِي أَهْلِي.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ مِن النَّاسِ أَحَدَاً يُحِبُّ أَحَدَاً كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدَاً.
ورَحِمَ اللهُ تعالى مَن قَالَ:
أَسَرَتْ قُـرَيْـشٌ مُسْـلِمَاً في غَـزْوَةٍ *** فَمَضَى بِـلَا وَجَلٍ إلى السَّيَّافِ
سَأَلُوهُ هَلْ يُـرْضِـيـكَ أَنَّـكَ سَـالِمٌ *** وَلَكَ النَّبِيُّ فِدَىً من الإِتْلَافِ
فَأَجَابَ كَلَّا لا سَلِمْتُ من الرَّدَى *** وَيُـصَـابُ أَنْفُ مُحَمَّدٍ بِرُعَافِ
كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَيْسَ هُنَاكَ مَحَبَّةٌ أَكْبَرُ ولا أَصْدَقُ ولا أَعْظَمُ مَحَبَّةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ من مَحَبَّةِ صَحَابَتِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم.
من أَعْظَمِ هذهِ المَوَاقِفِ، أنَّهُ لمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَأُشِيعَ مَقْتَلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، حَتَّى كَثُرَتِ الصَّوَارِخُ في نَاحِيَةِ المَدِينَةِ، فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ من الأَنْصَارِ، فَاسْتُقْبِلَتْ بِخَبَرِ مَوْتِ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَزَوْجِهَا، فَمَاذا كَانَ مَوْقِفُهَا رَضِيَ اللهُ عَنها؟
روى البيهقي عَن إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ من الأَنْصَارِ من بَنِي ذبْيَانَ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمَّا نَعَوْا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ؟
قَالُوا: خَيْرَاً يَا أُمَّ فُلَانٍ، هُوَ بِحَمْدِ اللهِ كَمَا تُحِبِّينَ.
قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ.
قَالَ: فَأُشِيرَ لَهَا إلَيْهِ، حَتَّى إذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَك جَلَلٌ ـ أَي: صَغِيرَةٌ ـ.
إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَتْ رُؤْيَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قُرَّةَ عَيْنٍ لأَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي، فَأَنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ.
فَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ».
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْبِئْنِي عَنْ أَمْرٍ إِذَا أَخَذْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ.
قَالَ: «أَفْشِ السَّلَامَ، وَأَطْعِمِ الطَّعَامَ، وَصِلِ الْأَرْحَامَ، وَقُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، ثُمَّ ادْخُلِ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ».
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: عُشَّاقُ المَبَادِئِ والقِيَمِ والأَخْلاقِ الكَرِيمَةَِ مَا أَنْ يَجِدُوا رَجُلاً اتَّصَفَ بِهَا إلا أَحَاطُوا بِهِ، وَأَحَبُّوهُ أَكْثَرَ من أَنْفُسِهِم، وَمَا كَانَ هذا بالإِطْلاقِ إلا لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ من قِبَلِ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ هذا الحُبَّ وهذا اليَقِينَ لأَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، قَالَ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدَاً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
لَقَد عَشِقَ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عِشْقَاً لا مَثِيلَ لَهُ، روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَلَمَّا نَفَضْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الْأَيْدِي وَإِنَّا لَفِي دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.
بَشَاشَةُ العَاطِفَةِ ظَهَرَتْ على وُجُوهِهِم عِنْدَ قُدُومِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وعلى كُلِّ شَيْءٍ؛ وَحَسْرَةُ الفَقْدِ خَلَّفَتْ سَوَادَهَا على كُلِّ شَيْءٍ.
اللَّهُمَّ زِدْنَا حُبَّاً فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin