..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أخوة حقيقية لا دعوى ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 30/9/2020, 14:55

    مع الحبيب المصطفى: أخوة حقيقية لا دعوى
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    218ـ أخوة حقيقية لا دعوى

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد جَاءَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيَرْبِطَ الأُمَّةَ بِرَبِّهَا عزَّ وجلَّ، ويُبَيِّنَ لَهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا نَحْوَ رَبِّهَا، ولِتَحْقِيقِ هذا الهَدَفِ، كَانَ أَوَّلَ عَمَلٍ قَامَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا قَدَِمَ المَدِينَةَ هُوَ بِنَاءُ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ.

    وبَعْدَ ذلكَ رَبَطَ المُؤْمِنِينَ فِيمَا بَيْنَ بَعْضِهِمُ البَعْضِ، حَيْثُ جَعَلَهُمْ كَالبُنْيَانِ المَرْصُوصِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً، لَقَد آخَى بَيْنَ المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم إِخَاءً كَامِلاً تَامَّاً، بِحَيْثُ مَحَى كَلِمَةَ الأَنَا فِيمَا بَيْنَهُم، حَتَّى جَعَلَ الوَاحِدَ مِنْهُم يَتَحَرَّكُ بِرُوحِ الجَمَاعَةِ ومَصْلَحَتِهَا وآمَالِهَا وآلامِهَا، فَكَانَ الوَاحِدُ مِنْهُم لا يَرَى لِنَفْسِهِ كِيَانَاً دُونَ الجَمَاعَةِ، ولا يَرَى امْتِدَادَاً إلا في الجَمَاعَةِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد جَعَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بهذا الإِخَاءِ المُجْتَمَعَ كَأَنَّهُ فَرْدٌ وَاحِدٌ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ» رواه الإمام مسلم عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. لَقَد ذَابَتْ عَصَبِيَّاتُ الجَاهِلِيَّةِ وحَمِيَّتُهَا، وصَارَتِ الحَمِيَّةُ والعَصَبِيَّةُ للإِسْلامِ.

    بهذهِ الأُخُوَّةِ سَقَطَتْ فَوَارِقُ النَّسَبِ واللَّوْنِ والوَطَنِ، فلا يَتَقَدَّمُ أَحَدٌ ولا يَتَأَخَّرُ إلا بِمُرُوءَتِهِ وتَقْوَاهُ، وتَجَسَّدَ في هذهِ الأُخُوَّةِ قَوْلُهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبَاً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.

    أُخُوَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ لا دَعْوَى:

    أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد جَعَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هذهِ الأُخُوَّةَ عَقْدَاً نَافِذَاً، لا لَفْظَاً فَارِغَاً، وعَمَلاً يَرْتَبِطُ بالدِّمَاءِ والأَمْوَالِ، لا تَحِيَّةً تُثَرْثِرُ بِهَا الأَلْسِنَةُ، ولا يَقُومُ لَهَا أَثَرٌ.

    لَقَد كَانَتْ عَوَاطِفُ الإِيثَارِ والمُوَاسَاةِ والمُؤَانَسَةِ تَمْتَزِجُ في هذهِ الأُخُوَّةِ، وتَمْلأُ المُجْتَمَعَ بِأَرْوَعِ الأَمْثِلَةِ، لَقَد كَانَ الأَنْصَارُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم حَرِيصِينَ كُلَّ الحِرْصِ على الحَفَاوَةِ بِإِخْوَانِهِمُ المُهَاجِرِينَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، فَمَا نَزَلَ مُهَاجِرِيٌّ على أَنْصَارِيٍّ إلا بِقُرْعَةٍ، وقَدَّرَ المُهَاجِرُونَ هذا البَذْلَ الخَالِصَ، فَمَا اسْتَغَلُّوهُ ولا نَالُوا مِنْهُ إلا بِقَدْرِ مَا يَتَوَجَّهُونَ إلى العَمَلِ الحُرِّ الشَّرِيفِ.

    عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد آخَى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ، أُخُوَّةً قَامَتْ ولأَوَّلِ مَرَّةٍ في تَارِيخِ العَرَبِ مَقَامَ أُخُوَّةِ الدَّمِ والنَّسَبِ، قَامَ الحُبُّ والإِيثَارُ فِيهِم مَقَامَ العَصَبِيَّةِ القَبَلِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ، وسَقَطَتْ جَمِيعُ الفَوَارِقِ بَيْنَهُم، وصَدَقَ فِيهِم قَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعَاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.

    ومِمَّنْ آخَى بَيْنَهُم سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ المُهَاجِرِيُّ وسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ.

    روى الإمام البخاري عَن إِبْرَاهِيمِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ.

    فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالَاً فَأَقْسِمُ مَالِي نِصْفَيْنِ، وَلِي امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لِي أُطَلِّقْهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا.

    قَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ؟

    فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَمَا انْقَلَبَ إِلَّا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ ـ طَعَامٌ يُصْنَعُ من اللَّبَنِ ـ وَسَمْنٍ، ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ ـ أَي: دَاوَمَ الذَّهَابَ إلى السُّوقِ للتِّجَارَةِ ـ

    ثُمَّ جَاءَ يَوْمَاً وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ ـ هُوَ أَثَر الطِّيب ـ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَهْيَمْ» ـ أَيْ: مَا شَأْنُكَ وَمَا خَبَرُكَ؟

    قَالَ: تَزَوَّجْتُ.

    قَالَ: «كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا؟».

    قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.

    أيُّها الإخوة الكرام: سَمَاحَةُ نَفْسِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ رَائِعَةٌ عَجِيبَةٌ، ونُبْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وعِفَّةُ نَفْسِهِ أَعْجَبُ، لَقَد قَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يُزَاحِمُ اليَهُودَ في سُوقِهِمْ، وَبَزَّهِم ـ زَاحَمَهُم بِقَهْرٍ ـ في مَيْدَانِهِم، واسْتَطَاعَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَن يَكْسِبَ مَا يَعِفُّ بِهِ نَفْسَهُ، ويُحْصِنُ بِهِ فَرْجَهُ.

    أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ عُلُوَّ الهِمَّةِ من خَلائِقِ الإِيمَانِ، وسَامَحَ اللهُ أَقْوَامَاً انْتَسَبُوا للإِسْلامِ فَأَكَلُوهُ، وأَكَلُوا بِهِ، حَتَّى أَضَاعُوا كَرَامَةَ أَنْفُسِهِم، وكَرَامَةَ الحَقِّ في العَالَمِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد صَدَقَ في المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ مَا قَالَهُ الشَّاعِرُ:

    وَرِثُوا المَكَارِمَ كَابِرَاً عن كَابِرٍ *** إِنَّ الخِيَارَ هُمْ بَنُو الأَخْيَارِ

    لَقَد رَبَّى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الأَغْنِيَاءَ على الجُودِ والسَّخَاءِ، ورَبَّى الفُقَرَاءَ على العِفَّةِ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ.

    قَالَ: «لَا» ـ يَعْنِي: لَمْ يَقْبَلْ تِلْكَ القِسْمَةَ، بَلْ أَرَادَ أَنْ تَبْقَى الأَرْضُ للأَنْصَارِ ـ.

    فَقَالُوا: تَكْفُونَا الْمَؤُونَةَ، وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ ـ يَعْنِي: قَالَ الأَنْصَارُ للمُهَاجِرِينَ: تَكْفُونَا السَّقْيَ والجُذَاذَ، وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ ـ.

    قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ـ يَعْنِي: جَمِيعَاً قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ ـ.

    أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد آخَى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ، فَكَانُوا جَمِيعَاً كَسَيِّدِنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، فَعَرَضَ الأَنْصَارُ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْسِمَ النَّخِيلَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ المُهَاجِرِينَ، ولَكِنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ لَمْ يَقْبَلْ قِسْمَةَ الأَرَاضِي بَيْنَ الأَنْصَارِ والمُهَاجِرِينَ.

    أيُّها الإخوة الكرام: رَحِمَ اللهُ تعالى زَمَنَ الأَنْصَارِ والمُهَاجِرِينَ، فَأَيْنَ مَن يُعْطِي عَطَاءَ سَعْدٍ؟ وأَيْنَ مَن يَتَعَفَّفُ عِفَّةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟

    اِنْطَلَقَ رَجُلٌ إلى بَعْضِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وقَالَ لَهُ: أَيْنَ مَن يُنْفِقُونَ باللَّيْلِ والنَّهَارِ سِرِّاً وعَلانِيَةً؟

    فَقَالَ لَهُ: ذَهَبُوا مَعَ الذينَ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافَاً.

    أيُّها الإخوة الكرام: أَيْنَ أَهْلُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. وأَيْنَ أَهْلُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافَاً﴾.

    خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: الإِخَاءُ الحَقُّ لا يَنْبُتُ في البِيئَاتِ الخَسِسيَةِ، حَيْثُ يَشِيعُ الجَهْلُ والغِشُّ والجُبْنُ والبُخْلُ والجَشَعُ، لا يُمْكِنُ أَنْ يَصِحَّ إِخَاءٌ، أو تَتَرَعْرَعَ مَحَبَّةٌ؛ ولَولا أَنَّ أَصْحَابَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جُبِلُوا على شَمَائِلَ نَقِيَّةٍ، واجْتَمَعُوا على مَبَادِئَ رَضِيَّةٍ، مَا سَجَّلَتْ لَهُمُ الدُّنْيَا هذا التَّآخِي الوَثِيقَ في ذَاتِ اللهِ تعالى.

    أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد تَجَمَّعَ في سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا تَفَرَّقَ في الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، بَل مَا تَفَرَّقَ في الإِنْسَانِيَّةِ من أَمْجَادٍ ومَوَاهِبَ وخَيْرَاتٍ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صُورَةً لأَعْلَى قِمَّةٍ من الكَمَالِ يُمْكِنُ أَنْ يَبْلُغَهَا بَشَرٌ، لِذَا لا غَرَابَةَ إذا كَانَ أَصْحَابُهُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم اقْتَبَسُوا مِنْهُ شَيْئَاً من هذهِ الكَمَالاتِ، ودَارُوا في فَلَكِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد اسْتَطَاعَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ وَصَلَ الصَّحَابَةَ الكِرَامَ باللهِ عزَّ وجلَّ، أَنْ يَجْعَلَهُم جَمِيعَاً كَدَوْحَةٍ وَاحِدَةٍ، مُتَشَابِكَةِ الأَغْصَانِ، مُتَلاصِقَةِ الأَوْرَاقِ، اِنْصَهَرُوا في بَوْتَقَةِ المَحَبَّةِ في اللهِ تعالى، فَرَأَيْتَ مِنْهُمُ العَجَبَ العُجَابَ، لأَنَّ المُرَبِّيَ هُوَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    نَعَم، لَقَد قَالَ الرَّجُلُ العَرَبِيُّ ذُو الشَّهَامَةِ، وعِنْدَهُ من الرُّجُولَةِ مَا عِنْدَهُ، قَالَ لِأَخِيهِ: وَلِي امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لِي أُطَلِّقْهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا.

    فَيَرُدُّ عَلَيْهِ العَفِيفُ الشَّرِيفُ ويَقُولُ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ؟

    فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَمَا انْقَلَبَ إِلَّا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ.

    اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 22:34