مع الحبيب المصطفى: هَذَا جَدُّكُمْ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
213ـ هَذَا جَدُّكُمْ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ اخْتِيَارُ المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ مُهَاجَرَاً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِوَحْيٍ من اللهِ تعالى، روى الشيخان عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهْلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ».
وروى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهُمَا الْحَرَّتَانِ».
فالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ دَارَ الهِجْرَةِ بِصِفَةٍ تَجْمَعُ بَيْنَ المَدِينَةِ وغَيْرِهَا، ثمَّ أُرِيَ الصِّفَةَ المُخْتَصَّةَ بالمَدِينَةِ فَتَعَيَّنَتْ.
هَذَا جَدُّكُمْ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ:
أيُّها الإخوة الكرام: تَرَامَتْ أَخْبَارُ المُهَاجِرِ العَظِيمِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وصَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ إلى المَدِينَةِ، فَكَانَ أَهْلُهَا يَخْرُجُونَ كُلَّ صَبَاحٍ يَمُدُّونَ أَبْصَارَهُم إلى الأُفُقِ البَعِيدِ، ويَتَشَوَّقُونَ إلى مَقْدَمِهِ بِلَهْفَةٍ، فإذا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الحَرُّ عَادُوا إلى بُيُوتِهِم، يَتَوَاعَدُونَ الغَدَ، ومَلْءُ جَوَانِحِهِمُ التَّرَقُّبُ، والقَلَقُ، والخَوْفُ، والرَّجَاءُ.
وفي اليَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ من رَبِيعِ الأَوَّلِ لِثَلاثِ عَشْرَةَ سَنَةً من البِعْثَةِ، بَرَزَ الأَنْصَارُ على عَادَتِهِم مُنْذُ سَمِعُوا بِمَخْرَجِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِم، وَوَقَفُوا بِظَاهِرِ المَدِينَةِ يَنْتَظِرُونَ طَلْعَتَهُ البَهِيَّةَ، ويَوَدُّونَ رُؤْيَتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا حَمِيَتِ الظَّهِيرَةُ، وكَادُوا يَيْأَسُونَ من مَجِيئِهِ، ويَنْقَلِبُونَ إلى بُيُوتِهِم، صَعِدَ رَجُلٌ من اليَهُودِ على أُطُمٍ من آطَامِهِم لِبَعْضِ شَأْنِهِ، فَرَأَى الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يَتَقَاذَفُهُمُ السَّرَابُ، وتَدْنُو بِهِمُ الرَّوَاحِلُ رُوَيْدَاً رُوَيْدَاً إلى المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، صَرَخَ اليَهُودِيُّ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا بَنِي قَيْلَةَ ـ يُرِيدُ الأَوْسَ والخَزْرَجَ، قَبِيلَتَيِ الأَنْصَارِ، وقَيْلَةُ اسْمُ أُمٍّ لَهُم قَدِيمَةٍ ـ هَذَا صَاحِبُكُمْ قَدْ جَاءَ، هَذَا جَدُّكُمُ الذِي تَنْتَظِرُونَهُ.
فَأَسْرَعَ الْأَنْصَارُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم إلَى السِّلَاحِ، يَسْتَقْبِلُونَ بِهِ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسُمِعَ التَّكْبِيرُ يَرُجُّ أَنْحَاءَ المَدِينَةِ، ولَبِسَتِ المَدِينَةُ حُلَّةَ العِيدِ ومَبَاهِجَهُ.
﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى﴾:
أيُّها الإخوة الكرام: عِنْدَمَا وَصَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُبَاءً، وسُمِعَتِ الوَجْبَةُ والتَّكْبِيرُ في بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَكَبَّرَ المُسْلِمُونَ فَرَحَاً بِقُدُومِهِ، وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، فَتَلَقَّوْهُ وَحَيَّوْهُ بِتَحِيَّةِ النُّبُوَّةِ، فَأَحْدَقُوا بِهِ مُطِيفِينَ حَوْلَهُ، والسَّكِينَةُ تَغْشَاهُ، والوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ: ﴿فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾.
قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَامِتَاً، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِن الْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ.
وَكَانَتِ المَدِينَةُ كُلُّهَا قَد زَحَفَتْ للاسْتِقْبَالِ، وَكَانَ يَوْمَاً مَشْهُودَاً لَمْ تَشْهَدِ المَدِينَةُ مِثْلَهُ في تَارِيخِهَا.
أيُّها الإخوة الكرام: نَزَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقُبَاءٍ على كُلْثومِ بْنِ الهَدْمِ، وَقِيلَ: بَلْ على سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، والأَوَّلُ أَثْبَتُ.
وَمَكَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بِمَكَّةَ ثَلاثَاً حَتَّى أَدَّى عَن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الوَدَائِعَ التي كَانَتْ عِنْدَهُ للنَّاسِ، ثمَّ هَاجَرَ مَاشِيَاً على قَدَمَيْهِ حَتَّى لَحِقَهُمَا بِقُبَاءٍ، وَنَزَلَ على كُلْثُومِ بْنِ الهَدْمِ.
وَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقُبَاءٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ: الاثْنيْنِ والثُّلَاثَاءِ والأَرْبِعَاءِ والخَمِيسَ. وَأَسَّسَ مَسْجِدَ قُبَاءٍ وَصَلَّى فِيهِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَسْجِدٍ أُسِّسَ على التَّقْوَى بَعْدَ النُّبُوَّةِ، فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الخَامِسُ ـ يَوْمَ الجُمُعَةِ ـ رَكِبَ بِأَمْرِ اللهِ لَهُ، وَأَبُو بَكرٍ رِدْفُهُ ـ خَلْفَهُ عَلى الدَّابَةِ ـ، وَأَرْسَلَ إلى بَنِي النَّجَّارِ ـ أَخْوَالِهِ ـ فَجَاؤُوا مُتَقَلِّدِينَ سُيُوفَهُم، فَسَارَ نَحْوَ المَدِينَةِ وَهُمْ حَوْلَهُ، وَأَدْرَكَتْهُ الجُمُعَةُ في بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، فَجَمَّعَ بِهِم في المَسْجِدِ الذي في بَطْنِ الوَادِي، وَكَانُوا مِائَةَ رَجُلٍ.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَزُورُ مَسْجِدَ قُبَاءٍ الذي قَالَ تعالى فِيهِ: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا واللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾. كُلَّ يَوْمِ سَبْتٍ، كَانَ يَزُورُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَاشِيَاً ورَاكِبَاً، وكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا يَفْعَلُهُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً ـ يَعْنِي كُلَّ سَبْتٍ ـ كَانَ يَأْتِيهِ رَاكِبَاً وَمَاشِيَاً؛ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.
وروى الترمذي عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ كَعُمْرَةٍ».
وروى ابن ماجه عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ».
أيُّها الإخوة الكرام: عِنْدَمَا نَزَلَتْ هذهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا واللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾. سَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ قُبَاءٍ: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ خَيْرَاً، فَمَا طُهُورُكُمْ هذا؟».
قَالُوا: نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَنَغْتَسِلُ مِن الْجَنَابَةِ، وَنَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ.
قَالَ: «هُوَ ذَاكَ، فَعَلَيْكُمْ بِهِ» رواه الحاكم وابن ماجه عَن أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُم.
نَسْأَلُ اللهَ تعالى طَهَارَةَ الظَّاهِرِ والبَاطِنِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
213ـ هَذَا جَدُّكُمْ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ اخْتِيَارُ المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ مُهَاجَرَاً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِوَحْيٍ من اللهِ تعالى، روى الشيخان عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهْلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ».
وروى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهُمَا الْحَرَّتَانِ».
فالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ دَارَ الهِجْرَةِ بِصِفَةٍ تَجْمَعُ بَيْنَ المَدِينَةِ وغَيْرِهَا، ثمَّ أُرِيَ الصِّفَةَ المُخْتَصَّةَ بالمَدِينَةِ فَتَعَيَّنَتْ.
هَذَا جَدُّكُمْ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ:
أيُّها الإخوة الكرام: تَرَامَتْ أَخْبَارُ المُهَاجِرِ العَظِيمِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وصَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ إلى المَدِينَةِ، فَكَانَ أَهْلُهَا يَخْرُجُونَ كُلَّ صَبَاحٍ يَمُدُّونَ أَبْصَارَهُم إلى الأُفُقِ البَعِيدِ، ويَتَشَوَّقُونَ إلى مَقْدَمِهِ بِلَهْفَةٍ، فإذا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الحَرُّ عَادُوا إلى بُيُوتِهِم، يَتَوَاعَدُونَ الغَدَ، ومَلْءُ جَوَانِحِهِمُ التَّرَقُّبُ، والقَلَقُ، والخَوْفُ، والرَّجَاءُ.
وفي اليَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ من رَبِيعِ الأَوَّلِ لِثَلاثِ عَشْرَةَ سَنَةً من البِعْثَةِ، بَرَزَ الأَنْصَارُ على عَادَتِهِم مُنْذُ سَمِعُوا بِمَخْرَجِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِم، وَوَقَفُوا بِظَاهِرِ المَدِينَةِ يَنْتَظِرُونَ طَلْعَتَهُ البَهِيَّةَ، ويَوَدُّونَ رُؤْيَتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا حَمِيَتِ الظَّهِيرَةُ، وكَادُوا يَيْأَسُونَ من مَجِيئِهِ، ويَنْقَلِبُونَ إلى بُيُوتِهِم، صَعِدَ رَجُلٌ من اليَهُودِ على أُطُمٍ من آطَامِهِم لِبَعْضِ شَأْنِهِ، فَرَأَى الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يَتَقَاذَفُهُمُ السَّرَابُ، وتَدْنُو بِهِمُ الرَّوَاحِلُ رُوَيْدَاً رُوَيْدَاً إلى المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، صَرَخَ اليَهُودِيُّ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا بَنِي قَيْلَةَ ـ يُرِيدُ الأَوْسَ والخَزْرَجَ، قَبِيلَتَيِ الأَنْصَارِ، وقَيْلَةُ اسْمُ أُمٍّ لَهُم قَدِيمَةٍ ـ هَذَا صَاحِبُكُمْ قَدْ جَاءَ، هَذَا جَدُّكُمُ الذِي تَنْتَظِرُونَهُ.
فَأَسْرَعَ الْأَنْصَارُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم إلَى السِّلَاحِ، يَسْتَقْبِلُونَ بِهِ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسُمِعَ التَّكْبِيرُ يَرُجُّ أَنْحَاءَ المَدِينَةِ، ولَبِسَتِ المَدِينَةُ حُلَّةَ العِيدِ ومَبَاهِجَهُ.
﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى﴾:
أيُّها الإخوة الكرام: عِنْدَمَا وَصَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُبَاءً، وسُمِعَتِ الوَجْبَةُ والتَّكْبِيرُ في بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَكَبَّرَ المُسْلِمُونَ فَرَحَاً بِقُدُومِهِ، وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، فَتَلَقَّوْهُ وَحَيَّوْهُ بِتَحِيَّةِ النُّبُوَّةِ، فَأَحْدَقُوا بِهِ مُطِيفِينَ حَوْلَهُ، والسَّكِينَةُ تَغْشَاهُ، والوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ: ﴿فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾.
قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَامِتَاً، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِن الْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ.
وَكَانَتِ المَدِينَةُ كُلُّهَا قَد زَحَفَتْ للاسْتِقْبَالِ، وَكَانَ يَوْمَاً مَشْهُودَاً لَمْ تَشْهَدِ المَدِينَةُ مِثْلَهُ في تَارِيخِهَا.
أيُّها الإخوة الكرام: نَزَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقُبَاءٍ على كُلْثومِ بْنِ الهَدْمِ، وَقِيلَ: بَلْ على سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، والأَوَّلُ أَثْبَتُ.
وَمَكَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بِمَكَّةَ ثَلاثَاً حَتَّى أَدَّى عَن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الوَدَائِعَ التي كَانَتْ عِنْدَهُ للنَّاسِ، ثمَّ هَاجَرَ مَاشِيَاً على قَدَمَيْهِ حَتَّى لَحِقَهُمَا بِقُبَاءٍ، وَنَزَلَ على كُلْثُومِ بْنِ الهَدْمِ.
وَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقُبَاءٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ: الاثْنيْنِ والثُّلَاثَاءِ والأَرْبِعَاءِ والخَمِيسَ. وَأَسَّسَ مَسْجِدَ قُبَاءٍ وَصَلَّى فِيهِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَسْجِدٍ أُسِّسَ على التَّقْوَى بَعْدَ النُّبُوَّةِ، فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الخَامِسُ ـ يَوْمَ الجُمُعَةِ ـ رَكِبَ بِأَمْرِ اللهِ لَهُ، وَأَبُو بَكرٍ رِدْفُهُ ـ خَلْفَهُ عَلى الدَّابَةِ ـ، وَأَرْسَلَ إلى بَنِي النَّجَّارِ ـ أَخْوَالِهِ ـ فَجَاؤُوا مُتَقَلِّدِينَ سُيُوفَهُم، فَسَارَ نَحْوَ المَدِينَةِ وَهُمْ حَوْلَهُ، وَأَدْرَكَتْهُ الجُمُعَةُ في بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، فَجَمَّعَ بِهِم في المَسْجِدِ الذي في بَطْنِ الوَادِي، وَكَانُوا مِائَةَ رَجُلٍ.
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَزُورُ مَسْجِدَ قُبَاءٍ الذي قَالَ تعالى فِيهِ: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا واللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾. كُلَّ يَوْمِ سَبْتٍ، كَانَ يَزُورُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَاشِيَاً ورَاكِبَاً، وكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا يَفْعَلُهُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً ـ يَعْنِي كُلَّ سَبْتٍ ـ كَانَ يَأْتِيهِ رَاكِبَاً وَمَاشِيَاً؛ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.
وروى الترمذي عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ كَعُمْرَةٍ».
وروى ابن ماجه عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ».
أيُّها الإخوة الكرام: عِنْدَمَا نَزَلَتْ هذهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا واللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾. سَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ قُبَاءٍ: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ خَيْرَاً، فَمَا طُهُورُكُمْ هذا؟».
قَالُوا: نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَنَغْتَسِلُ مِن الْجَنَابَةِ، وَنَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ.
قَالَ: «هُوَ ذَاكَ، فَعَلَيْكُمْ بِهِ» رواه الحاكم وابن ماجه عَن أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُم.
نَسْأَلُ اللهَ تعالى طَهَارَةَ الظَّاهِرِ والبَاطِنِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin