..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:34 من طرف Admin

» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:31 من طرف Admin

» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:28 من طرف Admin

» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:26 من طرف Admin

» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:24 من طرف Admin

» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:21 من طرف Admin

» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:19 من طرف Admin

» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:17 من طرف Admin

» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:14 من طرف Admin

» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Emptyاليوم في 19:12 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68443
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 30/9/2020, 15:15

    مع الحبيب المصطفى: أحرج لحظة مرت بها الإنسانية
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    209ـ أحرج لحظة مرت بها الإنسانية

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوة الكرام: الثِّقَةُ باللهِ تعالى هيَ خُلاصَةُ التَّوَكُّلِ على اللهِ تعالى، وهيَ قِمَّةُ التَّفْوِيضِ إلى اللهِ تعالى، وَمَن فَوَّضَ أَمْرَهُ إلى اللهِ تعالى كَفَاهُ اللهُ تعالى، قَالَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ: ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾. فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ: ﴿فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾.

    أيُّها الإخوة الكرام: الثِّقَةُ باللهِ تعالى هيَ الاطْمِئْنَانُ القَلْبِيُّ الذي لا يُخَالِطُهُ شَكٌّ، وهيَ التَّسْلِيمُ المُطْلَقُ للمَلِكِ جَلَّ جَلالُهُ، وهيَ الاسْتِسْلامُ للهِ عزَّ وجلَّ، لأَنَّ اللهَ تعالى هوَ الأَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُنَا، وهوَ الأَعْلَمُ بِمَا يَنْفَعُنَا ومَا يَضُرُّنَا ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾؟

    يَقُولُ شَقِيقُ البَلْخِيُّ: الثِّقَةُ باللهِ تعالى أَنْ لا تَسْعَى في طَمَعٍ، ولا تَتَكَلَّمَ في طَمَعٍ، ولا تَرْجُو دُونَ اللهِ سِوَاهُ، ولا تَخَافَ دُونَ اللهِ سِوَاهُ، ولا تَخْشَى من شَيْءٍ سِوَاهُ، ولا يُحَرَِّكَ من جَوَارِحِكَ شَيْئَاً دُونَ اللهِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: صِفَاتُ أَوْلِيَاءِ اللهِ تعالى ثَلاثَةٌ، الثِّقَةُ باللهِ تعالى في كُلِّ شَيْءٍ، والفَقْرُ إِلَيهِ في كُلِّ شَيْءٍ، والرُّجُوعُ إِلَيهِ من كُلِّ شَيْءٍ؛ وكُلُّ هذا نَتَعَلَّمُهُ من هِجْرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.

    أَحْرَجُ لَحْظَةٍ مَرَّتْ بِهَا الإِنْسَانِيَّةُ:

    أيُّها الإخوة الكرام: دَخَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الغَارَ مَعَ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، واقْتَفَى المُشْرِكُونَ أَثَرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وكَانَتْ أَدَقَّ وأَحْرَجَ لَحْظَةٍ مَرَّتْ بِهَا الإِنْسَانِيَّةُ في مَرْحَلَتِهَا الطَّوِيلَةِ، وكَانَتْ لَحْظَةً حَاسِمَةً، فَإِمَّا امْتِدَادُ شَقَاءٍ لا نِهَايَةَ لَهُ، وإِمَّا افْتِتَاحُ سَعَادَةٍ لا آخِرَ لَهَا، وقد حَبَسَتِ الإِنْسَانِيَّةُ أَنْفَاسَهَا، وَوَقَفَتْ خَاشِعَةً حِينَ وَصَلَ البَاحِثُونَ إلى فَمِ الغَارِ، ولَمْ يَبْقَ بَيْنَهُم وبَيْنَ العُثُورِ على مَنْشُودِهِم إلا أَنْ يَنْظُرَ أحَدُهُم إلى تَحْتِ قَدَمَيْهِ.

    ولَكِنَّ صَاحِبَ المَشِيئَةِ العُلْيَا حَالَ بَيْنَهُم وبَيْنَ ذلكَ، فَاخْتَلَطَ عَلَيهِمُ الأَمْرُ، ورَأَوْا على بَابِ الغَارِ نَسْجَ العَنْكَبُوتِ، وحَمَامَتَيْنِ، فَصَرَفَهُم عن ذلكَ، وأَنْزَلَ سَكِينَتَهُ على قَلْبِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وإلى ذلكَ أَشَارَ اللهُ تعالى بِقَوْلِهِ: ﴿فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا اللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.

    روى الإمام مسلم عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ حَدَّثَهُ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُؤُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ.

    فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا».

    هذهِ هيَ الثِّقَةُ باللهِ تعالى التي لا تَتَزَعْزَعُ.

    دُسْتُورُ حَيَاةِ المُؤْمِنِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: دُسْتُورُ حَيَاةِ المُؤْمِنِ في حَيَاتِهِ الدُّنيَا الثِّقَةُ باللهِ تعالى والتَّوَكُّلُ عَلَيهِ، ولقد جَعَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ من قَوْلِهِ: «مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا» قَاعِدَةً عَظِيمَةً عَامَّةً.

    أيُّها الإخوة الكرام: لَمْ يَرْبِطِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ القَضِيَّةَ بِهِ، لَمْ يَقُلْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، لا تَخَفْ لأَنَّنِي مَوْجُودٌ، وأَنَا رَسُولُ اللهِ.

    ولَمْ يَقُلْ لَهُ: مَا ظَنُّكَ بِنَبِيٍّ وصَاحِبِهِ؟

    بَل قَالَ لَهُ: «مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا». فَكُلُّ اثْنَيْنِ صَادِقَيْنِ مُتَحَابَّيْنِ في اللهِ اللهُ مَعَهُمَا.

    أيُّها الإخوة الكرام: من قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾. يَأْخُذُ المُؤْمِنُ دُرُوسَاً عَمَلِيَّةً يُطَمْئِنُ قَلْبَهُ إذا كَانَ هوَ مَعَ اللهِ تعالى.

    فلا يَحْزَنْ إذا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ، لأَنَّ أَمَامَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾.

    وإذا ادْلَهَمَّتْ عَلَيهِ الخُطُوبُ من كُلِّ جَانِبٍ، فلا يَحْزَنْ، لأَنَّ أَمَامَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾.

    وإذا وَاجَهَهُ عَدُوٌّ فلا يَهَابَ، لأَنَّ أَمَامَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾.

    أيُّها الإخوة الكرام: لِنَتَعَلَّمِ الثِّقَةَ باللهِ تعالى من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ولنَضَعْ نُصْبَ أَعْيُنِنَا قَوْلَهُ تعالى: ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾. فَمَن كَانَ اللهُ مَعَهُ فلا يُضَامُ.

    سُرَاقَةُ في أَثَرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ:

    أيُّها الإخوة الكرام: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ لَمْ تَكُنْ مَقْصُورَةً فَقَطْ وَهُمَا في الغَارِ، بَل هيَ دَائِمَاً وأَبَدَاً، ومَصْدَاقُ ذلكَ، عِنْدَمَا تَبِعَ سُرَاقَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ طَمَعَاً بِمِئَةِ نَاقَةٍ.

    روى الإمام البخاري عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيِّ وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ: جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفَاً أَسْوِدَةً ـ أَشْخَاصَاً ـ بِالسَّاحِلِ، أُرَاهَا مُحَمَّدَاً وَأَصْحَابَهُ.

    قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ.

    فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانَاً وَفُلَانَاً انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا، ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ ـ هيَ التَّلُ ـ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الْأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ ـ أي: عَالِيَ الرُّمْحِ لِئَلَّا يَظْهَرَ بَرِيقُهُ لِمَنْ بَعُدَ مِنهُ ـ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا ـ أي: أَسْرَعْتُ بِهَا السَّيْرَ ـ تُقَرِّبُ بِي حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي ـ أي: بَسَطُّهَا ـ إِلَى كِنَانَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ ـ السِّهَامَ ـ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ ـ أي: لا تَضُرُّهُم ـ فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ سَاخَتْ ـ غَاصَتْ ـ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ، حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ ـ دُخَانٌ ـ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِن الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.

    فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي ـ أي: لَمْ يُنْقِصَانِي مِمَّا مَعِيَ شَيْئَاً ـ وَلَمْ يَسْأَلَانِي إِلَّا أَنْ قَالَ: أَخْفِ عَنَّا؛ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.

    خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ خَيْرَ مَا أُلْقِيَ في ضَمَائِرِ المُؤْمِنِينَ اليَقِينُ باللهِ والثِّقَةُ بِهِ، فَمَن أَكْرَمَهُ اللهُ تعالى بذلكَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ مَرْضَاةَ اللهِ تعالى على إِرْضَاءِ الخَلْقِ جَمِيعَاً، ولا يَخْشَى أَحَدَاً إلا اللهَ تعالى.

    أَسْاَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُكْرِمَنَا بذلكَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/9/2024, 21:36