مع الحبيب المصطفى: «تَصَدَّقُوا فَإِنِّي لاأَدْرِي لَعَلَّكُمْ لاتَرَوْنَنِي بَعْد يَوْمِي هذا»
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
168ـ وقفة مع خطبة حجة الوداع (7)
«تَصَدَّقُوا، فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلَّكُمْ لا تَرَوْنَنِي بَعْدَ يَوْمِي هَذَا»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ النُّفُوسَ مَجبُولَةٌ على حُبِّ المَالِ، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾. والسَّعِيدُ من البَشَرِ من شَغَلَهُ مَالُهُ في صَالِحِ المَآلِ، والشَّقِيُّ من البَشَرِ من شَغَلَهُ مَالُهُ عن صَالِحِ الأَعمَالِ.
يَقُولُ أَبُو الدَّردَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ تَفْرِقَةِ الْقَلْبِ.
قِيلَ لَهُ: وَمَا تَفْرِقَةُ الْقَلْبِ؟
قَالَ: أَنْ يُوضَعَ لِي فِي كُلِّ دَارٍ مَالٌ. رواه البيهقي.
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ كَثْرَةَ الأَموَالِ مَشَقَّةٌ للقُلُوبِ، ومُوجِبَةٌ للحِسَابِ بَينَ يَدَي عَلَّامِ الغُيُوبِ، وهل المَالُ إلا مَا هوَ مَأكُولٌ ومَشرُوبٌ؟ ومَا هوَ إلا مَلبُوسٌ ومَركُوبٌ؟
يَقُولُ أَبُو الدَّردَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَهْلُ الأموَالِ يَأكُلُونَ وَنَأكُلُ، وَيَشرَبُونَ وَنَشرَبُ، وَيَلبَسُونَ وَنَلبَسُ، وَيَركَبُونَ وَنَركَبُ، وَلَهُم فُضُولُ أَموَالٍ يَنظُرُونَ إِلَيهَا، وَنَنظُرُ إِلَيهَا مَعَهُم، وَحِسَابُهُم عَلَيهَا، وَنَحنُ مِنهَا بُرَآءُ.
أيُّها الإخوة الكرام: ماذا يَنفَعُ المَالُ إذا كَانَ الإنسَانُ جَمَّاعَاً هَلُوعَاً؟ فإذا سُئِلَ النَّفَقَةَ كَانَ شَحِيحَاً مَنُوعَاً، يَقُولُ أَبُو الدَّردَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: وَيْلٌ لِكُلِّ جَمَّاعٍ، فَاغِرٍ فَاهُ، كَأَنَّهُ مَجنُونٌ، يَرَى مَا عِندَ النَّاسِ، ولا يَرَى مَا عِندَهُ، لَو يَستَطِيعُ أن يَصِلَ اللَّيلَ بالنَّهَارِ وَصَلَ، وَيْلٌ لَهُ من عَذَابٍ أَلِيمٍ ـ أو قَالَ: من عَذَابٍ شَدِيدٍ ـ.
وَصِيَّةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد وَقَفَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَومَ حَجَّةِ الوَدَاعِ يُوصِي أُمَّتَهُ وَصِيَّةَ مُوَدِّعٍ، وكَانَ من جُملَةِ وَصَايَاهُ، كَمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عن الْحَارِثِ بنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَصَدَّقُوا، فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلَّكُمْ لا تَرَوْنَنِي بَعْدَ يَوْمِي هَذَا».
لقد أَوصَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالصَّدَقَةِ، لأنَّهَا تُبَارِكُ المَالَ وتُزَكِّيهِ، وتَرفَعُ من قِيمَةِ العَبدِ وتَحمِيهِ، ويَكفِي المُؤمِنَ شَرَفَاً قَولُ اللهِ عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً واللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
الصَّدَقَةُ مَعلَمٌ بَارِزٌ من مَعَالِمِ التَّكَافُلِ الاجتِمَاعِيِّ، يُقَدِّمُهَا الغَنِيُّ إلى الفَقِيرِ من غَيرِ مِنَّةٍ ولا فَخْرٍ، لأنَّهُ يَخشَى من بُطلانِهَا، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾.
المُتَصَدِّقُ يَتَعَامَلُ مَعَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.
وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِن الْأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتاً فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَد اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ.
فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، مَا اسْمُكَ.
قَالَ: فُلَانٌ، لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ.
فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَن اسْمِي؟
فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتاً فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، لِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟
قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثاً، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ».
نَبِّئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ عن مَالِي:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد رَبَّى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ على الصَّدَقَةِ في حَالِ الصِّحَّةِ والغِنَى، كَمَا جَاءَ في سُنَنِ ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَبِّئْنِي مَا حَقُّ النَّاسِ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟
فَقَالَ: «نَعَمْ، وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ أُمُّكَ».
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».
قَالَ: نَبِّئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ عَنْ مَالِي، كَيْفَ أَتَصَدَّقُ فِيهِ؟
قَالَ: «نَعَمْ، واللهِ لَتُنَبَّأَنَّ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَأْمُلُ الْعَيْشَ، وَتَخَافُ الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَا هُنَا قُلْتَ: مَالِي لِفُلَانٍ، وَمَالِي لِفُلَانٍ، وَهُوَ لَهُمْ وَإِنْ كَرِهْتَ».
أيُّها الإخوة الكرام: الصَّدَقَةُ في حَالِ الغِنَى والصِّحَّةِ تُدخِلُ العَبدَ على اللهِ تعالى، كَمَا قَالَ عَبدُ العَزِيزِ بنُ عُمَيرٍ: الصَّلاةُ تُبَلِّغُكَ نِصْفَ الطَّرِيقِ، والصَّومُ يُبَلِّغُكَ بَابَ المَلِكِ، والصَّدَقَةُ تُدخِلُكَ عَلَيهِ.
تَصَدَّقْنَ مَعْشَرَ النِّسَاءِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد حَضَّ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على الصَّدَقَةِ النِّسَاءَ، كَمَا حَضَّ عَلَيهَا الرِّجَالَ، لأنَّ الصَّدَقَةَ تَكُونُ ظِلَّاً للمُتَصَدِّقِ في أَرضِ المَحشَرِ عِندَمَا تَدنُو الشَّمسُ من الرُّؤُوسِ ويَخُوضُ النَّاسُ النَّاسِ في عَرَقِهِم، روى الإمام أحمد عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ ـ أَوْ قَالَ: يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ ـ».
ومن هذا المُنطَلَقِ تَوَجَّهَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى النِّسَاءِ آمِرَاً لَهُنَّ بالصَّدَقَةِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ».
فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟
قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.
«دُعِيَ من بَابِ الصَّدَقَةِ»:
أيُّها الإخوة الكرام: الدُّنيَا ظِلٌّ زَائِلٌ، وعَرَضٌ حَائِلٌ، الدُّنيَا مَزرَعَةٌ للآخِرَةِ، والسَّعِيدُ من اغتَنَمَ مَالَهُ في حَيَاتِهِ الدُّنيَا لِيَفُوزَ بِسَبَبِهِ دُخُولَ الجَنَّةِ من بَابِ الصَّدَقَةِ.
روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ».
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟
قَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لِنَتَسَابَقْ في هذهِ الأَزمَةِ إلى كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ، مُستَغِلِّينَ نِعَمَ اللهِ عزَّ وجلَّ عَلَينَا، لَعَلَّنَا أن نُدخِلَ الفَرحَةَ إلى قَلبِ مُؤمِنٍ، ولَعَلَّ تِلكَ الصَّدَقَةَ أن تُظِلَّنَا يَومَ القِيَامَةِ، ولنَكُنْ عل يَقِينٍ بأنَّ حَاجَتَنَا إلى أَجْرِ الصَّدَقَةِ أَعظَمُ من حَاجَةِ الفَقِيرِ إلى صَدَقَاتِنَا.
يَقُولُ الإمامُ الشَّعبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: مَن لَم يَرَ نَفْسَهُ إلى ثَوَابِ الصَّدَقَةِ أَحوَجَ من الفَقِيرِ إلى صَدَقَتِهِ فَقَد أَبطَلَ صَدَقَتَهُ، وَضُرِبَ بِهَا وَجْهُهُ.
أيُّها الإخوة الكرام: لأَهَمِّيَّةِ الصَّدَقَةِ أَمَرَ بِهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقنَا لما ُرضِيكَ عَنَّا. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
168ـ وقفة مع خطبة حجة الوداع (7)
«تَصَدَّقُوا، فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلَّكُمْ لا تَرَوْنَنِي بَعْدَ يَوْمِي هَذَا»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ النُّفُوسَ مَجبُولَةٌ على حُبِّ المَالِ، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾. والسَّعِيدُ من البَشَرِ من شَغَلَهُ مَالُهُ في صَالِحِ المَآلِ، والشَّقِيُّ من البَشَرِ من شَغَلَهُ مَالُهُ عن صَالِحِ الأَعمَالِ.
يَقُولُ أَبُو الدَّردَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ تَفْرِقَةِ الْقَلْبِ.
قِيلَ لَهُ: وَمَا تَفْرِقَةُ الْقَلْبِ؟
قَالَ: أَنْ يُوضَعَ لِي فِي كُلِّ دَارٍ مَالٌ. رواه البيهقي.
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ كَثْرَةَ الأَموَالِ مَشَقَّةٌ للقُلُوبِ، ومُوجِبَةٌ للحِسَابِ بَينَ يَدَي عَلَّامِ الغُيُوبِ، وهل المَالُ إلا مَا هوَ مَأكُولٌ ومَشرُوبٌ؟ ومَا هوَ إلا مَلبُوسٌ ومَركُوبٌ؟
يَقُولُ أَبُو الدَّردَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَهْلُ الأموَالِ يَأكُلُونَ وَنَأكُلُ، وَيَشرَبُونَ وَنَشرَبُ، وَيَلبَسُونَ وَنَلبَسُ، وَيَركَبُونَ وَنَركَبُ، وَلَهُم فُضُولُ أَموَالٍ يَنظُرُونَ إِلَيهَا، وَنَنظُرُ إِلَيهَا مَعَهُم، وَحِسَابُهُم عَلَيهَا، وَنَحنُ مِنهَا بُرَآءُ.
أيُّها الإخوة الكرام: ماذا يَنفَعُ المَالُ إذا كَانَ الإنسَانُ جَمَّاعَاً هَلُوعَاً؟ فإذا سُئِلَ النَّفَقَةَ كَانَ شَحِيحَاً مَنُوعَاً، يَقُولُ أَبُو الدَّردَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: وَيْلٌ لِكُلِّ جَمَّاعٍ، فَاغِرٍ فَاهُ، كَأَنَّهُ مَجنُونٌ، يَرَى مَا عِندَ النَّاسِ، ولا يَرَى مَا عِندَهُ، لَو يَستَطِيعُ أن يَصِلَ اللَّيلَ بالنَّهَارِ وَصَلَ، وَيْلٌ لَهُ من عَذَابٍ أَلِيمٍ ـ أو قَالَ: من عَذَابٍ شَدِيدٍ ـ.
وَصِيَّةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد وَقَفَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَومَ حَجَّةِ الوَدَاعِ يُوصِي أُمَّتَهُ وَصِيَّةَ مُوَدِّعٍ، وكَانَ من جُملَةِ وَصَايَاهُ، كَمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عن الْحَارِثِ بنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَصَدَّقُوا، فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلَّكُمْ لا تَرَوْنَنِي بَعْدَ يَوْمِي هَذَا».
لقد أَوصَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالصَّدَقَةِ، لأنَّهَا تُبَارِكُ المَالَ وتُزَكِّيهِ، وتَرفَعُ من قِيمَةِ العَبدِ وتَحمِيهِ، ويَكفِي المُؤمِنَ شَرَفَاً قَولُ اللهِ عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً واللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
الصَّدَقَةُ مَعلَمٌ بَارِزٌ من مَعَالِمِ التَّكَافُلِ الاجتِمَاعِيِّ، يُقَدِّمُهَا الغَنِيُّ إلى الفَقِيرِ من غَيرِ مِنَّةٍ ولا فَخْرٍ، لأنَّهُ يَخشَى من بُطلانِهَا، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾.
المُتَصَدِّقُ يَتَعَامَلُ مَعَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.
وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِن الْأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتاً فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَد اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ.
فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، مَا اسْمُكَ.
قَالَ: فُلَانٌ، لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ.
فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَن اسْمِي؟
فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتاً فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، لِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟
قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثاً، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ».
نَبِّئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ عن مَالِي:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد رَبَّى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ على الصَّدَقَةِ في حَالِ الصِّحَّةِ والغِنَى، كَمَا جَاءَ في سُنَنِ ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَبِّئْنِي مَا حَقُّ النَّاسِ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟
فَقَالَ: «نَعَمْ، وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّ أُمُّكَ».
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».
قَالَ: نَبِّئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ عَنْ مَالِي، كَيْفَ أَتَصَدَّقُ فِيهِ؟
قَالَ: «نَعَمْ، واللهِ لَتُنَبَّأَنَّ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَأْمُلُ الْعَيْشَ، وَتَخَافُ الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَا هُنَا قُلْتَ: مَالِي لِفُلَانٍ، وَمَالِي لِفُلَانٍ، وَهُوَ لَهُمْ وَإِنْ كَرِهْتَ».
أيُّها الإخوة الكرام: الصَّدَقَةُ في حَالِ الغِنَى والصِّحَّةِ تُدخِلُ العَبدَ على اللهِ تعالى، كَمَا قَالَ عَبدُ العَزِيزِ بنُ عُمَيرٍ: الصَّلاةُ تُبَلِّغُكَ نِصْفَ الطَّرِيقِ، والصَّومُ يُبَلِّغُكَ بَابَ المَلِكِ، والصَّدَقَةُ تُدخِلُكَ عَلَيهِ.
تَصَدَّقْنَ مَعْشَرَ النِّسَاءِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد حَضَّ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على الصَّدَقَةِ النِّسَاءَ، كَمَا حَضَّ عَلَيهَا الرِّجَالَ، لأنَّ الصَّدَقَةَ تَكُونُ ظِلَّاً للمُتَصَدِّقِ في أَرضِ المَحشَرِ عِندَمَا تَدنُو الشَّمسُ من الرُّؤُوسِ ويَخُوضُ النَّاسُ النَّاسِ في عَرَقِهِم، روى الإمام أحمد عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ ـ أَوْ قَالَ: يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ ـ».
ومن هذا المُنطَلَقِ تَوَجَّهَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى النِّسَاءِ آمِرَاً لَهُنَّ بالصَّدَقَةِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ».
فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟
قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.
«دُعِيَ من بَابِ الصَّدَقَةِ»:
أيُّها الإخوة الكرام: الدُّنيَا ظِلٌّ زَائِلٌ، وعَرَضٌ حَائِلٌ، الدُّنيَا مَزرَعَةٌ للآخِرَةِ، والسَّعِيدُ من اغتَنَمَ مَالَهُ في حَيَاتِهِ الدُّنيَا لِيَفُوزَ بِسَبَبِهِ دُخُولَ الجَنَّةِ من بَابِ الصَّدَقَةِ.
روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ».
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟
قَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».
خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لِنَتَسَابَقْ في هذهِ الأَزمَةِ إلى كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ، مُستَغِلِّينَ نِعَمَ اللهِ عزَّ وجلَّ عَلَينَا، لَعَلَّنَا أن نُدخِلَ الفَرحَةَ إلى قَلبِ مُؤمِنٍ، ولَعَلَّ تِلكَ الصَّدَقَةَ أن تُظِلَّنَا يَومَ القِيَامَةِ، ولنَكُنْ عل يَقِينٍ بأنَّ حَاجَتَنَا إلى أَجْرِ الصَّدَقَةِ أَعظَمُ من حَاجَةِ الفَقِيرِ إلى صَدَقَاتِنَا.
يَقُولُ الإمامُ الشَّعبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: مَن لَم يَرَ نَفْسَهُ إلى ثَوَابِ الصَّدَقَةِ أَحوَجَ من الفَقِيرِ إلى صَدَقَتِهِ فَقَد أَبطَلَ صَدَقَتَهُ، وَضُرِبَ بِهَا وَجْهُهُ.
أيُّها الإخوة الكرام: لأَهَمِّيَّةِ الصَّدَقَةِ أَمَرَ بِهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقنَا لما ُرضِيكَ عَنَّا. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin