..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ» ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 30/9/2020, 17:36

    مع الحبيب المصطفى: «وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ, وإن ظَلَمَاهُ»
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    149ـ «وإن ظَلَمَاهُ، وإن ظَلَمَاهُ، وإن ظَلَمَاهُ»

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوة الكرام: قال اللهُ تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾. ويَقُولُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما: ثَلَاثُ آيَاتٍ نَزَلَتْ مَقْرُونَةً بِثَلَاثٍ، لَمْ تُقْبَلْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ قَرِينَتِهَا.

    إحْدَاهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾. فَمَنْ أَطَاعَ اللهَ وَلَمْ يُطِعْ رَسُولَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.

    وَالثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾. فَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يُزَكِّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.

    والثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَنِ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾. فَمَنْ شَكَرَ اللهَ وَلَمْ يَشْكُرْ وَالِدَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.

    ويَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    ويَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنْعَاً وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» رواه الشيخان عَن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    ويَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ، وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى» رواه الإمام أحمد عن عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    ويَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَرَاحُ رِيحُ الْجَنَّةِ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَلا يَجِدُ رِيحَهَا مَنَّانٌ بِعَمَلِهِ، وَلا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلا عَاقٌّ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    أيُّها الإخوة الكرام: السَّعِيدُ من وُفِّقَ بَعدَ تَقوَى اللهِ تعالى لِبِرِّ وَالِدَيهِ، أَحيَاءً وأَموَاتاً، والإحسَانِ إِلَيهِمَا، والشَّقِيُّ التَّعِيسُ من عَقَّ وَالِدَيهِ، وعَصَاهُمَا، وأَسَاءَ إِلَيهِمَا، ولم يَرْعَ حُقُوقَهُمَا.

    فَبِرُّ الوَالِدَينِ سَبَبٌ من أَسبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ، وعُقُوقُهُمَا من أَقوَى أَسبَابِ دُخُولِ النَّارِ، روى البَيهَقِيُّ عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَن أَصبَحَ مُطِيعَاً في وَالِدَيهِ أَصبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفتُوحَانِ من الجَنَّةِ، وإنْ كَانَ وَاحِدَاً فَوَاحِدَاً، ومن أَمسَى عَاصِيَاً للهِ في وَالِدَيهِ أَصبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفتُوحَانِ من النَّارِ، وإنْ كَانَ وَاحِدَاً فَوَاحِدَاً».

    قَالَ رَجُلٌ: وإنْ ظَلَمَاهُ؟

    قال: «وإنْ ظَلَمَاهُ، وإنْ ظَلَمَاهُ، وإنْ ظَلَمَاهُ».

    كم نَحنُ بِحَاجَةٍ إلى إيقَاظِ ضَمَائِرِنَا؟:

    أيُّها الإخوة الكرام: كم نَحنُ بِحَاجَةٍ إلى إيقَاظِ ضَمَائِرِنَا من سُبَاتِهَا؟ فَنَعرِفَ للوَالِدَينِ حَقَّهُمَا عَلَينَا، فَنُجِلَّهُمَا، ونُبَجِّلَهُمَا، ونُقَدِّرَهُمَا حَقَّ التَّقدِيرِ، لأنَّ اللهَ تعالى لم يَقرِنْ شَيئَاً من العِبَادَاتِ في الإسلامِ بِطَاعَتِهِ، كما قَرَنَ طَاعَةَ الوَالِدَينِ، وفي ذلكَ إشَارَةٌ جَلِيَّةٌ وَاضِحَةٌ إلى أنَّ المَرْءَ المُؤمِنَ إذا أَحسَنَ إلى وَالِدَيهِ كما يَجِبُ ويَلِيقُ بِكَوْنِهِمَا سَبَبَاً لِوُجُودِهِ في هذهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا، فإنَّهُ من بَابِ أَولَى وأَولَى أن يُحسِنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ عزَّ وجلَّ، لأنَّ اللهَ تعالى هوَ الذي أَوجَدَهُ.

    روى الإمام أحمد عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ، قَالَ: «لَا تُشْرِكْ باللهِ شَيْئاً وَإِنْ قُتِلْتَ وَحُرِّقْتَ، وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَا تَتْرُكَنَّ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ، وَلَا تَشْرَبَنَّ خَمْراً، فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ، فَإِنَّ بِالْمَعْصِيَةِ حَلَّ سَخَطُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِن الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ، وَإِذَا أَصَابَ النَّاسَ مُوتَانٌ ـ وَبَاءٌ ـ وَأَنْتَ فِيهِمْ، فَاثْبُتْ وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِكَ مِنْ طَوْلِكَ ـ أي: من فَضْلِ مَالِكَ ـ وَلَا تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ أَدَباً، وَأَخِفْهُمْ فِي اللهِ».

    فيا من جَعَلَ اللهُ تعالى وَالِدَيكَ سَبَبَاً في وُجُودِكَ في هذهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا، هل قَدَّرْتَ هذهِ النِّعمَةَ حَقَّ قَدْرِهَا؟

    هل خَطَرَ على بَالِكَ وأَنتَ اليَومَ تَسْرَحُ وتَمْرَحُ وأَصبَحتَ يُشَارُ إِلَيكَ بالبَنَانِ، هل خَطَرَ على بَالِكَ أَنَّكَ كُنتَ يَومَاً من أَيَّامِ الدَّهْرِ نَسْيَاً مَنْسِيَّاً، قال تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً؟﴾ فَأَخَذَ وَالِدَاكَ بِيَدِكَ نَحْوَ آفَاقِ الحَيَاةِ، وتَعِبَا تَعَبَاً لا يَعلَمُهُ إلا اللهُ تعالى حتَّى أَصبَحْتَ شَيئَاً مَذْكُورَاً؟

    الإنسَانُ إذا تَقَدَّمَ بِهِ العُمُرُ كَيفَ يَكُونُ؟

    أيُّها الإخوة الكرام: لقد جَرَتْ سُنَّةُ اللهِ تعالى في خَلْقِهِ أن يَخلُقَهُم أَطوَارَاً، وأن يَنقُلَهُم من حَالٍ إلى حَالٍ، لأنَّ دَوَامَ الحَالِ من المُحَالِ، قال تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾.

    وما دَامَ الإنسَانُ مَآلُهُ إلى ضَعْفٍ فقد رَكَّزَ اللهُ تعالى على الإحسَانِ للوَالِدَينِ عِندَ ضَعْفِهِمَا الثَّانِي، فقالَ تعالى: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً﴾.

    لقد أَمَرَ اللهُ تعالى بالإحسَانِ إلى الوَالِدَينِ على كُلِّ حَالٍ، ورَكَّزَ على ذلكَ خَاصَّةً عِندَ حَالَةِ الكِبَرِ، لأنَّ الإنسَانَ إذا تَقَدَّمَت بِهِ السُّنُونُ كَثُرَتْ هُمُومُهُ وغُمُومُهُ، وكَثُرَ زَفِيرُهُ وآلامُهُ، واشتَدَّ حَنِينُهُ إلى المَاضِي، ويَشعُرُ بِأَسَفٍ شَدِيدٍ على أَيَّامِهِ المَاضِيَةِ عِندَمَا كَانَ بِكَامِلِ صِحَّتِهِ، واليَومَ ذَهَبَ كُلُّ شَيءٍ فمن يَشعُرُ بِهِ؟ ومن يُوَاسِيهِ؟

    يَتَأَلَّمُ أَشَدَّ الأَلَمِ، فقد ذَهَبَ أَقرَانُهُ وأَترَابُهُ وسَبَقُوهُ إلى اللهِ تعالى، وتَرَكُوهُ في قَومٍ لا يَأبَهُونَ لَهُ، بل يَنظُرُونَ إِلَيهِ أَنَّهُ قد وَصَلَ إلى دَرَجَةِ الخَرَفِ، لذلكَ أَوصَى اللهُ تعالى بِهِمَا عِندَ الكِبَرِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: أَمَرَ اللهُ تعالى بالإحسَانِ إلى الوَالِدَينِ، وخَاصَّةً عِندَ الكِبَرِ، لأنَّ الذي يَتَقَدَّمُ بِهِ العُمُرُ تَكثُرُ أَمرَاضُهُ وأَوجَاعُهُ، ويَصِلُ إلى دَرَجَةِ الهَرَمِ والشَّيخُوخَةِ، فَيَحتَاجُ إلى من يَهتَمُّ بِهِ، ويَرعَى مَشَاعِرَهُ وأَحَاسِيسَهُ، لذلكَ قد يَغضَبُ لأَتْفَهِ الأَسبَابِ، ومن هذا المُنطَلَقِ حَذَّرَ اللهُ تعالى الوَلَدَ من كَلمَةِ أُفٍّ، فقالَ تعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً﴾.

    خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: في الخِتَامِ أُذَكِّرُ نَفسِي وكَلَّ وَاحِدٍ فِينَا ونَحنُ نَعِيشُ هذهِ الأَزمَةَ التي صُبَّ فِيهَا على الأُمَّةِ من البَلاءِ ما لا يَعلَمُهُ إلا اللهُ تعالى، حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الترمذي في سُنَنِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا فَعَلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً، حَلَّ بِهَا الْبَلاَءُ، إِذَا كَانَ الْمَغْنَمُ دُوَلاً، وَالأَمَانَةُ مَغْنَماً، وَالزَّكَاةُ مَغْرَماً، وَأَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، وَعَقَّ أُمَّهُ، وَبَرَّ صَدِيقَهُ، وَجَفَا أَبَاهُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ، وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ، وَلُبِسَ الْحَرِيرُ، وَاتُّخِذَتِ الْقَيْنَاتُ، وَالْمَعَازِفُ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحاً حَمْرَاءَ، أَوْ خَسْفاً، وَمَسْخاً».

    أيُّها الإخوة الكرام: إذا كَانَت دُمُوعُنَا دُمُوعَاً صَادِقَةً في هذهِ الأَزمَةِ، ونَحنُ نَدعُو اللهَ تعالى أن يَكشِفَ عَنَّا هذهِ الأزمَةَ، فَلنَفِرَّ من عُقُوقِ الوَالِدَينِ إلى البِرِّ بِهِمَا، لأنَّ بِرَّهُمَا من الرَّحمَةِ، والرَّاحِمُونَ يَرحَمُهُمُ الرَّحمنُ، وعُقُوقَهُمَا من القَسْوَةِ، وصَاحِبُ القَلبِ القَاسِي لا يُرحَمُ.

    اللَّهُمَّ وَفِّقنَا لِبِرِّ آبَائِنَا وأُمَّهَاتِنَا أَحيَاءً ومَيِّتِينَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 20:01