..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 30/9/2020, 17:43

    مع الحبيب المصطفى: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    146ـ «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ»

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوة الكرام: روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ، فَدَعَتْهُ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي، ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ». ـ أي: الزَّوَانِي الْبَغَايَا الْمُتَجَاهِرَات ـ

    أيُّها الإخوة الكرام: إذا كَانَ اللهُ تعالى استَجَابَ دُعَاءَ الأُمِّ على من كَانَ مُشتَغِلاً بِطَاعَةِ رَبِّهِ، ولم يَستَجِبْ لأُمِّهِ، فَكَيفَ بمن انشَغَلَ عن أُمِّهِ بِزَوجَتِهِ أو بِتِجَارَتِهِ أو بِدُنيَاهُ؟ والأَسوَءُ حَالاً، من انشَغَلَ عن أُمِّهِ بِمَعصِيَتِهِ وهَوَاهُ، وبِصَاحِبَتِهِ وصَدِيقَتِهِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: يَقُولُ ابنُ حَجَرٍ في حَدِيثِ جُرَيجٍ: لو كَانَ جُرَيجٌ فَقِيهَاً، لَعَلِمَ أنَّ إجَابَةَ أُمِّهِ أَولَى من عِبَادَةِ رَبِّهِ عزَّ جلَّ. اهـ.

    ويَقُولُ الإمامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: صَلاةُ النَّفْلِ والاستِمرَارُ فِيهَا تَطَوُّعٌ لا وَاجِبٌ، وإجَابَةُ الأُمِّ وبِرُّهَا وَاجِبٌ، وعُقُوقُهَا حَرَامٌ.

    وقَالَ الفُقَهَاءُ: إذا تَعَارَضَ بِرُّ الوَالِدَينِ مَعَ عِبَادَةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فإنْ كَانَت هذهِ العِبَادَةُ فَرِيضَةً خَفَّفَهَا وأَسرَعَ في طَاعَةِ وَالِدَيهِ، وإن كَانَت نَافِلَةً قَطَعَهَا وأَجَابَ أُمَّهُ وأَبَاهُ.

    نَمَاذِجُ رَائِعَةٌ في بِرِّ السَّلَفِ لأُمَّهَاتِهِم:

    أيُّها الإخوة الكرام: لَيسَ على وَجْهِ الأَرضِ مَخلُوقٌ ضَعِيفٌ في خِلقَتِهِ، قَوِيٌّ في تَحَمُّلِهِ، رَقِيقٌ في مَشَاعِرِهِ، مُرهَفٌ في حِسِّهِ مِثلُ الأُمِّ، تَملِكُ رَحمَةً وعَطْفَاً في كُلِّ تَصَرُّفَاتِهَا، هيَ حَارِسَةٌ لا تَنَامُ عَينُهَا إلا قَلِيلَاً، وهيَ سَاهِرَةٌ بلا مُقَابِلَ، وهيَ مُخلِصَةٌ في عَمَلِهَا، ولا يُخلِصُ أَحَدٌ من البَشَرِ مِثلُهَا، هيَ مُجَاهِدَةٌ، وهيَ نَبْعُ الحَنَانِ والشَّفَقَةِ والرَّحمَةِ، وهيَ وِعَاءٌ امتَلأَ رَحمَةً ورَأفَةً، هيَ أَصدَقُ مُحِبٍّ، وأَوفَى صَدِيقٍ، وأنصَحُ رَفِيقٍ.

    أيُّها الإخوة الكرام: ما أَحَدٌ عَرَفَ قَدْرَ الأُمِّ إلا الذي تَرَبَّى تَربِيَةً صَحِيحَةً في دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ، إلا من التَزَمَ هَدْيَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إلا من أَخَذَ دِينَهُ عَمَّن استَقَامُوا.

    روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: هَاجَرَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِن الْيَمَنِ.

    فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «هَجَرْتَ الشِّرْكَ، وَلَكِنَّهُ الْجِهَادُ، هَلْ بِالْيَمَنِ أَبَوَاكَ؟».

    قَالَ: نَعَمْ.

    قَالَ: «أَذِنَا لَكَ؟».

    قَالَ: لَا.

    فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعْ إِلَى أَبَوَيْكَ فَاسْتَأْذِنْهُمَا، فَإِنْ فَعَلَا، وَإِلَّا فَبِرَّهُمَا».

    وروى الإمام أحمد والنَّسَائِيُّ والطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَدْتُ الْغَزْوَ وَجِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ.

    فَقَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟».

    قَالَ: نَعَمْ.

    فَقَالَ: «الْزَمْهَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلِهَا». ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فِي مَقَاعِدَ شَتَّى كَمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: إذا أَرَدنَا أن نَتَحَقَّقَ بما كَانَ عَلَيهِ سَلَفُ الأُمَّةِ، فَلنَكُنْ كما كَانَ سَلَفُ هذهِ الأُمَّةِ.

    أُوَيسُ القُرَنِّيُّ رَضِيَ اللهُ عنهُ:

    أيُّها الإخوة الكرام: سَيِّدُنَا أُوَيسُ بنُ عَامِرٍ القُرَنِّيُّ رَضِيَ اللهُ عنهُ رَجُلٌ من التَّابِعِينَ، ولَيسَ صَحَابِيَّاً من أصحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَعَ أَنَّهُ عَاشَ في زَمَنِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ما مَنَعَهُ أن يَنَالَ دَرَجَةَ الصُّحبَةِ مَعَ عِظَمِ فَضْلِهَا وأجْرِهَا إلا بِرَّهُ بِوَالِدَتِهِ، بل لقد أَخبَرَ عَنهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بأَنَّهُ لو أَقسَمَ على اللهِ تعالى لأَبَرَّ اللهُ تعالى قَسَمَهُ، وطَلَبَ من أَصحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم إن رَأَوهُ أن يَستَغفِرَ لَهُم.

    روى الإمام مسلم عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟

    قَالَ: نَعَمْ.

    قَالَ: مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟

    قَالَ: نَعَمْ.

    قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟

    قَالَ: نَعَمْ.

    قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟

    قَالَ: نَعَمْ.

    قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ ـ أي: جَمَاعاتُهُم ـ مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ـ يعني: أسماء قبائل ـ كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ». فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.

    فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟

    قَالَ: الْكُوفَةَ.

    قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟

    قَالَ: أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ ـ فُقَراءِ النَّاسِ وصَعَالِيكِهِم ـ أَحَبُّ إِلَيَّ.

    قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِن الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ.

    قَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ الْبَيْتِ ـ قَلِيلَ الْمَتَاعِ ـ.

    قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ».

    فَأَتَى أُوَيْساً فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي.

    قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْداً بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي.

    قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي.

    قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْداً بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي.

    قَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟

    قَالَ: نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.

    فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَسَوْتُهُ بُرْدَةً، فَكَانَ كُلَّمَا رَآهُ إِنْسَانٌ قَالَ: مِنْ أَيْنَ لِأُوَيْسٍ هَذِهِ الْبُرْدَةُ؟

    حَيَوَةُ بنُ شَرَيحٍ:

    أيُّها الإخوة الكرام: سَيِّدُنَا حَيَوَةُ بنُ شَرَيحٍ، وهوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ المُسلِمِينَ وفُقَهَائِهِم، كَانَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى يَجلِسُ في حَلقَتِهِ، وكَانَ الطُّلَّابُ يَأتُونَ إِلَيهِ من كُلِّ مَكَانٍ، فَتَقُولُ لَهُ أُمُّهُ وهوَ بَينَ طُلَّابِهِ: قُمْ يا حَيَوَةُ، اُعلُفِ الدَّجَاجَ؛ فَيَقُومُ ويَترُكُ التَّعلِيمَ.

    زَينُ العَابِدِينَ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ رَضِيَ اللهُ عنهُما:

    أيُّها الإخوة الكرام: سَيِّدُنَا زَينُ العَابِدِينَ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُم، كَانَ من سَادَاتِ التَّابِعِينَ، وكَانَ رَضِيَ اللهُ عنهُ كَثِيرَ البِرِّ بِأُمِّهِ، حَتَّى قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ من أَبَرِّ النَّاسِ بِأُمِّكَ، ولَسنَا نَرَاكَ تَأكُلُ مَعَهَا في صَفحَةٍ وَاحِدَةٍ.

    فَقَالَ: أَخَافُ أن تَسبِقَ يَدِي إلى ما سَبَقَت إِلَيهِ عَينُهَا، فَأَكُونُ قد عَقَقتُهَا.

    خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: هذا البِرُّ الذي صَدَرَ من سَيِّدِنَا أُوَيسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، ومن زَينِ العَابِدِينَ، ومن حَيَوَةَ، ومن غَيرِهِم من السَّلَفِ الصَّالِحِ، وأَكثَرُ مِنهُ لا يُسَاوِي فَضْلَ الأُمِّ ولا يُجَازِي صَنِيعَهَا، لذلكَ لا يَغتَرُّ أَحَدٌ ولا يُعجَبْ بِبِرِّهِ لأُمِّهِ، ولا يَتَعَاظَمْ، فَضْلاً عن المَنِّ عَلَيهَا بِأَنَّهُ بَارٌّ بِهَا، فقد روى الإمامُ البخاري في الأَدَبِ المُفرَدِ، عن أبي بُردَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ شَهِدَ ابنَ عُمَرَ ورَجُلَاً يَمَانِيَّاً يَطُوفُ بالبَيتِ، حَمَلَ أُمَّهُ وَرَاءَ ظَهرِهِ، يَقُولُ:

    إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَا المُذَلَّلْ *** إن أُذعِرَتْ رِكَابُهَا لَم أَذعَرْ

    ثمَّ قَالَ: يا ابنَ عُمَرَ، أَتُرَانِي جَزَيتُهَا؟

    قَالَ: لا، ولا بِزَفرَةٍ وَاحِدَةٍ.

    أيُّها الإخوة الكرام: هذهِ هيَ الأُمُّ، وهذا هوَ فَضْلُهَا، وهذا هوَ البِرُّ ومَكَانَتُهُ، فهل جَزَاءُ الإحسَانِ إلا الإحسَانُ؟ وهل عَرَفنَا قَدْرَ هذا المَخلُوقِ الضَّعِيفِ في خِلقَتِهِ، القَوِيِّ في تَحَمُّلِهِ، الوَفِيِّ المُخلِصِ، مَنْبَعِ الحَنَانِ والشَّفَقَةِ والرَّحمَةِ؟

    وهل يَصحُو شَبَابُنَا اليَومَ وشَابَّاتُنَا من عُقُوقِهِم لأُمَّهَاتِهِم، وخَاصَّةً في هذهِ الأَزمَةِ، التي من أَسبَابِهَا عُقُوقُ الأَبنَاءِ لآبائِهِم وأُمَّهَاتِهِم؟

    اللَّهُمَّ اجعَلنَا بَرَرَةً بِآبَائِنَا وأُمَّهَاتِنَا أحيَاءً ومَيِّتِينَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 21/11/2024, 15:23