مع الحبيب المصطفى: أجل فقولوهن وعلموهن
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
87ـ أجل فقولوهن وعلموهن
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: أمرٌ فَقَدَهُ كَثيرٌ من النَّاسِ، وهُم يَبحَثونَ عنهُ، وقد تَعِبوا في البَحثِ عنهُ، ألا وهوَ السَّعادَةُ والطُّمأنينَةُ وراحَةُ البالِ.
السَّعادَةُ تُطارِدُ الجَزَعَ، وتَسيرُ معَ الإنسانِ حيثُ سارَ، وتَنزِلُ معَهُ حيثُ نَزَلَ، وتُدفَنُ معَهُ في قَبرِهِ حيثُ تَجعَلُ قَبرَهُ رَوضَةً من رِياضِ الجَنَّةِ.
السَّعيدُ من الخَلقِ لا يَستَطيعُ أن يَتَغَلَّبَ عَلَيهِ أحَدٌ، فإن سُجِنَ لا قَدَّرَ اللهُ تعالى فالسِّجنُ كانَ خَلوَةً لهُ معَ ربِّهِ عزَّ وجلَّ، وإن قُتِلَ كانَ شَهيداً بإذنِ الله تعالى، وإن أُخرِجَ من بَلَدِهِ بِغَيرِ حَقٍّ كانَ خُروجُهُ دَعوَةً في سَبيلِ الله تعالى.
النَّاسُ يَبحَثونَ عن السَّعادَةِ في غَيرِ طَريقِها الذي رَسَمَهُ اللهُ تعالى بِقَولِهِ: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدىً فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون﴾. وبِقَولِهِ: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى﴾.
طَريقُ السَّعادَةِ هوَ الذي بَيَّنَهُ اللهُ تعالى لنا في القُرآنِ العَظيمِ، لأنَّ اللهَ تعالى ما خَلَقَنا من أجلِ أن نَشقى، كيفَ يَكونُ هذا واللهُ تعالى يَقولُ: ﴿طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾؟
فُقدانُ السَّعادَةِ يَعقُبُهُ الهَمُّ والحُزنُ والاضطِرابُ:
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ فُقدانَ السَّعادَةِ يَعقِبُهُ الهَمُّ والحُزنُ والاضطِرابُ، لأنَّ العَبدَ بِغَيرِ إيمانٍ ضَعيفٌ، ومن ضَعفِهِ أنَّهُ إذا أصابَهُ شَرٌّ جَزِعَ، وإذا أصابَهُ خَيرٌ مَنَعَ، وهوَ في الحالَتَينِ قَلِقٌ هَلِعٌ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلا الْمُصَلِّين﴾.
أيُّها الإخوة الكرام: الهَمُّ جُندِيٌّ من جُنودِ الله عزَّ وجلَّ، يُسَلِّطُهُ اللهُ تعالى على من يَشاءُ من عِبادِهِ، يُسَلِّطُهُ على من أعرَضَ عن ذِكرِ الله تعالى ولم يُرِدْ إلا الحَياةَ الدُّنيا، يُسَلِّطُهُ على من أعرَضَ عن الهُدى الذي جاءَهُ من عِندِ ربِّهِ عزَّ وجلَّ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
الهَمُّ من أشَدِّ جُنودِ الله تعالى، كما جاءَ عن سيِّدِنا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنَّهُ سُئِلَ: من أشَدُّ جُندِ الله؟
قال: الجِبالُ، الجِبالُ يَقطَعُها الحَديدُ؛ فالحَديدُ أقوى، والنَّارُ تُذيبُ الحَديدَ؛ فالنَّارُ أقوى، والماءُ يُطفِئُ النَّارَ؛ فالماءُ أقوى، والسَّحابُ يَحمِلُ الماءَ؛ فالسَّحابُ أقوى، والرِّيحُ تَعبَثُ بالسَّحابِ، فالرِّيحُ أقوى، والإنسانُ يَتَكَفَّأُ الرِّيحَ بِيَدِهِ وثَوبِهِ؛ فالإنسانُ أقوى، والنَّومُ يَغلِبُ الإنسانَ؛ فالنَّومُ أقوى، والهَمُّ يَغلِبُ النَّومَ؛ فأقوى جُندِ الله هوَ الهَمُّ، يُسَلِّطُهُ اللهُ على من يَشاءُ من عِبادِهِ.
مُشكِلَةُ المُجتَمَعِ اليَومَ:
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ مُشكِلَتَنا اليَومَ ليسَت في غَلاءِ الأسعارِ، ولا في نَقصِ المِياهِ والكهرباءِ، وليسَت في نَقصِ الثَّمَراتِ والأرزاقِ، وليسَت في نَقصِ العِلاجِ والدَّواءِ، إنَّ مُشكِلَتَنا اليَومَ هيَ عَدَمُ الثِّقَةِ بالله تعالى.
مُشكِلَتُنا اليَومَ هيَ عَدَمُ تَصديقِ قَولِ الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾. وعَدَمُ تَصديقِ قَولِ الله تعالى: ﴿فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون﴾.
والدَّليلُ على ذلكَ ما نَسمَعُهُ من الكَثيرِ عِندَما نُنادِيهِم للالتِزامِ بهذا المنهَجِ يَقولونَ: إنْ فَعَلنا الطَّاعاتِ وتَرَكْنا المُنكَراتِ نَكونُ سُعَداء؟ أنَكونُ سُعَداءَ بِدونِ مالٍ وأرزاقٍ؟
نَسِيَ هؤلاءِ أنَّ الأُمورَ كُلَّها بِيَدِ الله تعالى، لِيَتَدَبَّرْ هؤلاءِ قَولَ الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُون * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُون * لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُون * إِنَّا لَمُغْرَمُون * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُون * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُون * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُون * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُون * أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُون * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُون * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِين * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم﴾.
لا تَتَعَجَّبوا من البَلاءِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لا تَتَعَجَّبوا من البَلاءِ الذي نَزَلَ بالأُمَّةِ، ولا يَجوزُ أن نَخدَعَ أنفُسَنا، لقد مَرَّت عَلَينا حقبَةٌ من الزَّمَنِ أُعلِنَت فيها الحَربُ على الله تعالى، وذلكَ من خِلالِ الرِّبا الذي انتَشَرَ أيَّما انتِشارٍ، وربُّنا عزَّ وجلَّ يَقولُ فيهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ﴾.
من خِلالِ شُربِ الخُمورِ والمُخدِّراتِ التي تُصنَعُ في بِلادِنا، وتُباعُ في بِلادِنا، وتُشرَبُ في بِلادِنا، وهيَ مَحمِيَّةٌ بالقانونِ، والنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقولُ: «الْخَمْرُ أُمُّ الْخَبَائِثِ» رواه الطبراني في الكبير عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عنهُما.
من خِلالِ الدَّعارَةِ والفاحِشَةِ التي يُدعى إلَيها عن طَريقِ إعلامٍ عَنيدٍ دَمَّرَ القِيَمَ والأخلاقَ.
من خِلالِ نِساءٍ كاسِياتٍ عارِياتٍ، دونَ الأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ. من خِلالِ ....... ومن خِلالِ....... كُلُّ شَيءٍ يُغضِبُ ربَّنا، كُلُّ شَيءٍ يُسخِطُ ربَّنا تَفَشَّى في المُجتَمَعِ وعَمَّ الكَثيرَ إلا من رَحِمَ اللهُ تعالى، فلماذا نَتَعَجَّبُ من البَلاءِ النَّازِلِ بنا؟
عِلاجُ الأزمَةِ بآيَةٍ واحِدَةٍ من كِتابِ الله عزَّ وجلَّ:
أيُّها الإخوة الكرام: عِلاجُ الأزمَةِ بالتِزامِ آيَةٍ واحِدَةٍ من كِتابِ الله عزَّ وجلَّ، ألا وهيَ قَولُ الله تعالى على لِسانِ سيِّدِنا نوح عَلَيهِ السَّلامُ عِندَما قالَ لِقَومِهِ: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾.
يا من يُريدُ عِلاجَ الأزمَةِ، هذا هوَ العِلاجُ، تَوبَةٌ واستِغفارٌ، لأنَّهُ ما من بَلاءِ نَزَلَ إلا بِذَنبٍ، ولا يُرفَعُ إلا بِتَوبَةٍ واستِغفارٍ.
عِلاجُ الهَمِّ والحُزنِ والاضطِرابِ:
أيُّها الإخوة الكرام: عالِجوا الأزمَةَ بالتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ والاستِغفارِ الصَّحيحِ، ثمَّ عالِجوا الهَمَّ والحُزنَ والاضطِرابَ الذي أقَضَّ مَضاجِعَنا، من خِلالِ هَدْيِ سيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. روى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بن مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ وَحَزَنٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَو اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحاً».
قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟
قَالَ: «أَجَلْ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ».
وفي روايةِ ابنِ السنيِّ عن أبي موسى الأشعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَن أصابَهُ هَمٌّ أو حُزنٌ فَليَدعُ بهذهِ الكَلِماتِ، يَقولُ: اللَّهُمَّ أنا عَبدُكَ، ابنُ عَبدِكَ، ابنُ أَمَتِكَ، في قَبضَتِكَ، نَاصِيَتي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضاؤُكَ، أَسأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَو اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ نُورَ صَدْرِي، ورَبِيعَ قَلْبِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي».
فقالَ رَجُلٌ من القَومِ: يا رَسولَ الله، إن المغبونَ لمن غُبِنَ في هؤلاءِ الكَلِماتِ.
فقال: «أجَل، فَقُولوهُنَّ وعَلِّموهُنَّ، فإنَّهُ من قَالَهُنَّ التِماسَ ما فِيهِنَّ أذهَبَ اللهُ تعالى حُزنَهُ، وأطالَ فَرَحَهُ»
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لِنُعالِجْ هذهِ الأزمَةَ بالاصطِلاحِ معَ الله تعالى، ولنعالِجِ الهَمَّ والحُزنَ بالدُّعاءِ الذي عَلَّمنا إيَّاهُ سيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
اللَّهُمَّ فَرِّجْ عنَّا ما نَحنُ فيهِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
87ـ أجل فقولوهن وعلموهن
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: أمرٌ فَقَدَهُ كَثيرٌ من النَّاسِ، وهُم يَبحَثونَ عنهُ، وقد تَعِبوا في البَحثِ عنهُ، ألا وهوَ السَّعادَةُ والطُّمأنينَةُ وراحَةُ البالِ.
السَّعادَةُ تُطارِدُ الجَزَعَ، وتَسيرُ معَ الإنسانِ حيثُ سارَ، وتَنزِلُ معَهُ حيثُ نَزَلَ، وتُدفَنُ معَهُ في قَبرِهِ حيثُ تَجعَلُ قَبرَهُ رَوضَةً من رِياضِ الجَنَّةِ.
السَّعيدُ من الخَلقِ لا يَستَطيعُ أن يَتَغَلَّبَ عَلَيهِ أحَدٌ، فإن سُجِنَ لا قَدَّرَ اللهُ تعالى فالسِّجنُ كانَ خَلوَةً لهُ معَ ربِّهِ عزَّ وجلَّ، وإن قُتِلَ كانَ شَهيداً بإذنِ الله تعالى، وإن أُخرِجَ من بَلَدِهِ بِغَيرِ حَقٍّ كانَ خُروجُهُ دَعوَةً في سَبيلِ الله تعالى.
النَّاسُ يَبحَثونَ عن السَّعادَةِ في غَيرِ طَريقِها الذي رَسَمَهُ اللهُ تعالى بِقَولِهِ: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدىً فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون﴾. وبِقَولِهِ: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى﴾.
طَريقُ السَّعادَةِ هوَ الذي بَيَّنَهُ اللهُ تعالى لنا في القُرآنِ العَظيمِ، لأنَّ اللهَ تعالى ما خَلَقَنا من أجلِ أن نَشقى، كيفَ يَكونُ هذا واللهُ تعالى يَقولُ: ﴿طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾؟
فُقدانُ السَّعادَةِ يَعقُبُهُ الهَمُّ والحُزنُ والاضطِرابُ:
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ فُقدانَ السَّعادَةِ يَعقِبُهُ الهَمُّ والحُزنُ والاضطِرابُ، لأنَّ العَبدَ بِغَيرِ إيمانٍ ضَعيفٌ، ومن ضَعفِهِ أنَّهُ إذا أصابَهُ شَرٌّ جَزِعَ، وإذا أصابَهُ خَيرٌ مَنَعَ، وهوَ في الحالَتَينِ قَلِقٌ هَلِعٌ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلا الْمُصَلِّين﴾.
أيُّها الإخوة الكرام: الهَمُّ جُندِيٌّ من جُنودِ الله عزَّ وجلَّ، يُسَلِّطُهُ اللهُ تعالى على من يَشاءُ من عِبادِهِ، يُسَلِّطُهُ على من أعرَضَ عن ذِكرِ الله تعالى ولم يُرِدْ إلا الحَياةَ الدُّنيا، يُسَلِّطُهُ على من أعرَضَ عن الهُدى الذي جاءَهُ من عِندِ ربِّهِ عزَّ وجلَّ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
الهَمُّ من أشَدِّ جُنودِ الله تعالى، كما جاءَ عن سيِّدِنا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنَّهُ سُئِلَ: من أشَدُّ جُندِ الله؟
قال: الجِبالُ، الجِبالُ يَقطَعُها الحَديدُ؛ فالحَديدُ أقوى، والنَّارُ تُذيبُ الحَديدَ؛ فالنَّارُ أقوى، والماءُ يُطفِئُ النَّارَ؛ فالماءُ أقوى، والسَّحابُ يَحمِلُ الماءَ؛ فالسَّحابُ أقوى، والرِّيحُ تَعبَثُ بالسَّحابِ، فالرِّيحُ أقوى، والإنسانُ يَتَكَفَّأُ الرِّيحَ بِيَدِهِ وثَوبِهِ؛ فالإنسانُ أقوى، والنَّومُ يَغلِبُ الإنسانَ؛ فالنَّومُ أقوى، والهَمُّ يَغلِبُ النَّومَ؛ فأقوى جُندِ الله هوَ الهَمُّ، يُسَلِّطُهُ اللهُ على من يَشاءُ من عِبادِهِ.
مُشكِلَةُ المُجتَمَعِ اليَومَ:
أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ مُشكِلَتَنا اليَومَ ليسَت في غَلاءِ الأسعارِ، ولا في نَقصِ المِياهِ والكهرباءِ، وليسَت في نَقصِ الثَّمَراتِ والأرزاقِ، وليسَت في نَقصِ العِلاجِ والدَّواءِ، إنَّ مُشكِلَتَنا اليَومَ هيَ عَدَمُ الثِّقَةِ بالله تعالى.
مُشكِلَتُنا اليَومَ هيَ عَدَمُ تَصديقِ قَولِ الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾. وعَدَمُ تَصديقِ قَولِ الله تعالى: ﴿فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون﴾.
والدَّليلُ على ذلكَ ما نَسمَعُهُ من الكَثيرِ عِندَما نُنادِيهِم للالتِزامِ بهذا المنهَجِ يَقولونَ: إنْ فَعَلنا الطَّاعاتِ وتَرَكْنا المُنكَراتِ نَكونُ سُعَداء؟ أنَكونُ سُعَداءَ بِدونِ مالٍ وأرزاقٍ؟
نَسِيَ هؤلاءِ أنَّ الأُمورَ كُلَّها بِيَدِ الله تعالى، لِيَتَدَبَّرْ هؤلاءِ قَولَ الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُون * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُون * لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُون * إِنَّا لَمُغْرَمُون * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُون * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُون * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُون * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُون * أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُون * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُون * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِين * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم﴾.
لا تَتَعَجَّبوا من البَلاءِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لا تَتَعَجَّبوا من البَلاءِ الذي نَزَلَ بالأُمَّةِ، ولا يَجوزُ أن نَخدَعَ أنفُسَنا، لقد مَرَّت عَلَينا حقبَةٌ من الزَّمَنِ أُعلِنَت فيها الحَربُ على الله تعالى، وذلكَ من خِلالِ الرِّبا الذي انتَشَرَ أيَّما انتِشارٍ، وربُّنا عزَّ وجلَّ يَقولُ فيهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ﴾.
من خِلالِ شُربِ الخُمورِ والمُخدِّراتِ التي تُصنَعُ في بِلادِنا، وتُباعُ في بِلادِنا، وتُشرَبُ في بِلادِنا، وهيَ مَحمِيَّةٌ بالقانونِ، والنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقولُ: «الْخَمْرُ أُمُّ الْخَبَائِثِ» رواه الطبراني في الكبير عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عنهُما.
من خِلالِ الدَّعارَةِ والفاحِشَةِ التي يُدعى إلَيها عن طَريقِ إعلامٍ عَنيدٍ دَمَّرَ القِيَمَ والأخلاقَ.
من خِلالِ نِساءٍ كاسِياتٍ عارِياتٍ، دونَ الأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ. من خِلالِ ....... ومن خِلالِ....... كُلُّ شَيءٍ يُغضِبُ ربَّنا، كُلُّ شَيءٍ يُسخِطُ ربَّنا تَفَشَّى في المُجتَمَعِ وعَمَّ الكَثيرَ إلا من رَحِمَ اللهُ تعالى، فلماذا نَتَعَجَّبُ من البَلاءِ النَّازِلِ بنا؟
عِلاجُ الأزمَةِ بآيَةٍ واحِدَةٍ من كِتابِ الله عزَّ وجلَّ:
أيُّها الإخوة الكرام: عِلاجُ الأزمَةِ بالتِزامِ آيَةٍ واحِدَةٍ من كِتابِ الله عزَّ وجلَّ، ألا وهيَ قَولُ الله تعالى على لِسانِ سيِّدِنا نوح عَلَيهِ السَّلامُ عِندَما قالَ لِقَومِهِ: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾.
يا من يُريدُ عِلاجَ الأزمَةِ، هذا هوَ العِلاجُ، تَوبَةٌ واستِغفارٌ، لأنَّهُ ما من بَلاءِ نَزَلَ إلا بِذَنبٍ، ولا يُرفَعُ إلا بِتَوبَةٍ واستِغفارٍ.
عِلاجُ الهَمِّ والحُزنِ والاضطِرابِ:
أيُّها الإخوة الكرام: عالِجوا الأزمَةَ بالتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ والاستِغفارِ الصَّحيحِ، ثمَّ عالِجوا الهَمَّ والحُزنَ والاضطِرابَ الذي أقَضَّ مَضاجِعَنا، من خِلالِ هَدْيِ سيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. روى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بن مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ وَحَزَنٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَو اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحاً».
قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟
قَالَ: «أَجَلْ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ».
وفي روايةِ ابنِ السنيِّ عن أبي موسى الأشعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَن أصابَهُ هَمٌّ أو حُزنٌ فَليَدعُ بهذهِ الكَلِماتِ، يَقولُ: اللَّهُمَّ أنا عَبدُكَ، ابنُ عَبدِكَ، ابنُ أَمَتِكَ، في قَبضَتِكَ، نَاصِيَتي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضاؤُكَ، أَسأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَو اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ نُورَ صَدْرِي، ورَبِيعَ قَلْبِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي».
فقالَ رَجُلٌ من القَومِ: يا رَسولَ الله، إن المغبونَ لمن غُبِنَ في هؤلاءِ الكَلِماتِ.
فقال: «أجَل، فَقُولوهُنَّ وعَلِّموهُنَّ، فإنَّهُ من قَالَهُنَّ التِماسَ ما فِيهِنَّ أذهَبَ اللهُ تعالى حُزنَهُ، وأطالَ فَرَحَهُ»
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لِنُعالِجْ هذهِ الأزمَةَ بالاصطِلاحِ معَ الله تعالى، ولنعالِجِ الهَمَّ والحُزنَ بالدُّعاءِ الذي عَلَّمنا إيَّاهُ سيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
اللَّهُمَّ فَرِّجْ عنَّا ما نَحنُ فيهِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
أمس في 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
أمس في 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
أمس في 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
أمس في 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
أمس في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
أمس في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin