..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty25/11/2024, 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty25/11/2024, 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty25/11/2024, 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty25/11/2024, 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty25/11/2024, 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty25/11/2024, 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر ﷺ في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر  ﷺ  في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ ما فكر ﷺ في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 1/10/2020, 19:22

    مع الحبيب المصطفى: ما فكر ﷺ في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    18ـ ما فكر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في قتال عكرمة ضد المسلمين عندما أتاه

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: بالسَّماحَةِ فُتِحَتِ القُلوبُ، ورَفَعَت أصحابَها عندَ علَّامِ الغُيوبِ، وبِهَا جَاءَ سَيِّدُنَا رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» .

    ومَفهومُ السَّماحَةِ أكبرُ من مَفهومِ الإنسانِيَّةِ، وهيَ في دِينِنا ليسَت شِعاراً بَرَّاقاً يُرفَعُ في وَقتٍ دُونَ وَقتٍ، بَل هيَ خُلُقٌ سَامٍ يَتَّسِعُ ويَتَّسِعُ، حتَّى يَتَجاوَزَ عالَمَ الإنسانِ إلى عالَمِ الحَيَوانِ، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: نحنُ بأمَسِّ الحاجَةِ في هذا الزَّمَنِ إلى التَّعَرُّفِ على شَخصِيَّةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وخاصَّةً على أخلاقِهِ الكريمةِ، والتي من جُملَتِها خُلُقُ السَّماحَةِ، التي كانت سَبَباً في هِدايَةِ الكثيرِ من الخَلقِ، وكان من جُملَتِهِم عِكرِمَةُ بنُ أبي جهلٍ.

    مَوقِفُ عِكرِمَةَ من سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

    قبلَ أن نَتَعَرَّفَ على خُلُقُ السَّماحَةِ في شخصِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نحوَ عِكرِمَةَ، علينا أن نَتَعَرَّفَ على عِكرِمَةَ قبلَ إسلامِهِ، لقد كانَ من أشَدِّ النَّاسِ عَداوَةً لسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ومن أشَدِّهِم ضَراوةً في تاريخِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ كُلِّها، فقد شَرِبَ هذهِ العَداوَةَ من أبيهِ فِرعونِ هذهِ الأمَّةِ.

    وكانَ عِكرِمَةُ عَضُدَ أبيهِ يومَ بدرٍ يَعتَمِدُ عليه، ويَدَهُ التي يَبطِشُ بها، وكانَ أبوهُ أقسَمَ باللَّاتِ والعُزَّى أَن لا يَعودَ إلى مَكَّةَ إلا إذا هَزَمَ محمَّداً.

    ولكنَّ اللَّاتَ والعُزَّى لم يُغنِيَا عنهُ شَيئاً، وخَرَّ صَريعاً على الأرضِ، وعَينَا عِكرِمَةَ تَنظُرَانِ إلى أبيهِ وهوَ يَشخَبُ في دِمائِهِ.

    وعادَ عِكرِمَةُ إلى مكَّةَ بعدَ أن تَرَكَ أباهُ جُثَّةً هامِدَةً، وأعجَزَتْهُ الهَزيمةُ أن يأخُذَ أباهُ، فَتَرَكَهُ للمسلمينَ فألقوهُ في القَليبِ مع قَتلى المشركينَ، هُنَا زَادَت عَداوَتُهُ لسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فاجتَمَعَت فيه عَداوَةُ الحَمِيَّةِ لأبيهِ سَيِّدِ قُرَيشٍ، وعَداوَةُ الثَّأرِ لِوالِدِهِ.

    ولكنَّهُ ما أفلَحَ لا في يومِ أُحُدٍ، ولا في يومِ الخَندَقِ، ولا في يومِ فَتحِ مكَّةَ، بل في يومِ الفَتحِ لاذَ بالفرارِ من مكَّةَ إلى اليَمَنِ، وأهدَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَمَهُ مع بعضِ صَناديدِ قُرَيشٍ، وأمَرَ بِقَتلِهِم وإن وُجِدوا تحتَ سِتارِ الكعبةِ، وذلكَ لِشِدَّةِ عَداوَتِهِم لسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خِلالَ هذهِ الفترةِ الطَّويلةِ من زَمَنِ البِعثَةِ إلى يومِ فَتحِ مكَّةَ.

    أمِّنهُ يا رسولَ الله:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: اُنظُروا إلى سَلامَةِ الصَّدرِ، وطَهارَةِ القلبِ في شخصِيَّةِ من أُنزِلَ على قلبِهِ الشَّريفِ: ﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُون * إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيم﴾. وأُنزِلَ على قلبِهِ الشَّريفِ: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.

    عِكرِمَةُ فَرَّ إلى اليَمَنِ، وزوجَتُهُ أمُّ حَكيمٍ بنتُ الحارِثِ بنِ هِشامٍ جاءت مُبايِعَةً لسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مع بعضِ النِّسوَةِ، وبعدَ البَيعَةِ مُباشَرَةً، قالت أمُّ حَكيمٍ: يا رسولَ الله، قد هَرَبَ عِكرِمَةُ إلى اليَمَنِ، خَوفاً من أن تَقتُلَهُ، فأمِّنهُ أمَّنَكَ اللهُ.

    يا سُبحانَ الله! كيفَ طَمِعَت أمُّ حَكيمٍ بذلكَ؟ بل كيفَ اجتَرَأَت على ذلكَ؟ وهيَ تَعلَمُ أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قد أهدَرَ دَمَهُ، وهل من المعقولِ أن تُسلِمَ وفي نفسِ اللَّحظَةِ تَطلُبُ العَفوَ لِزَوجِها؟

    نعم، طَمِعَت واجتَرَأَت على هذا الطَّلَبِ لأنَّها عَرَفَت رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ لا يُقابِلُ السَّيِّئةَ بالسَّيِّئةِ، بل يَعفو ويَصفَحُ، وصَدَقَ اللهُ تعالى القائِلُ: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ﴾.

    نَظَرَ إليها سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وقالَ لها بدونِ عِتابٍ، وبدونِ أن يذكُرَ لها أنَّ دَمَهُ مَهدورٌ، وبدونِ أن يذكُرَ لها مَواقِفَهُ، وبدونِ أيِّ شرطٍ: «هوَ آمِنٌ». رواه البيهقي وابن عساكر عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَير رَضِيَ اللهُ عنهُ. وما ذاكَ إلا لِحِرصِهِ على هِدايَتِهِ.

    أخلِص حتَّى أنقُلَكَ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: نعم، يَجِبُ علينا أن نَتَعَرَّفَ على شخصِيَّةِ حبيبِنا الأعظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ، وأن نَعلَمَ بأنَّ السَّماحَةَ خُلُقٌ كريمٌ، وثِمارُها في الدَّعوَةِ إلى الله تعالى من أعظَمِ الثِّمارِ.

    خَرَجَت أمُّ حَكيمٍ تَطلُبُ زوجَها حتَّى أدرَكَتهُ عندَ ساحِلِ البحرِ، وهوَ يُفاوِضُ نوتيَّاً ـ بحَّاراً ـ مسلماً على نَقلِهِ، والنُّوتِيُّ يقولُ له: أَخلِص حتَّى أَنقُلَكَ.

    فقالَ له عِكرِمَةُ: وكيفَ أُخلِصُ؟

    قالَ: تقولُ: أشهدُ أنَّ لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّداً رسولُ لله.

    فقالَ عكرِمَةُ: ما هَرَبتُ إلا مِن هَذا.

    وفي هذهِ السَّاعةِ وَصَلَت أمُّ حَكيمٍ، وقالت له: يا ابنَ عَم، جِئتُكَ من عندِ أوصِلِ النَّاسِ، وأبَرِّ النَّاسِ، وخيرِ النَّاسِ، من عندِ محمَّدِ بنِ عبدِ الله، وقد استَأمنتُ لكَ منهُ، فأمَّنَكَ، فلا تُهلِك نفسَكَ.

    فقالَ: أنتِ كَلَّمتِهِ؟

    فقالت: نَعَم، أنا كَلَّمتُهُ، فأمَّنَكَ.

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: أسرَعَ عِكرِمَةُ واتَّخَذَ قَرارَ العَودَةِ، واللِّقاءِ مع سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لأنَّهُ شاهَدَ بأنَّ بِقاعَ الأرضِ تَتَناقَصُ من حولِهِ، والنَّاسُ يَدخُلونَ في دِينِ الله أفواجاً، وماذا يفعَلُ بإقامَتِهِ في اليَمَنِ التي أعلَنَت إسلامَها، فعادَ مع زوجَتِهِ إلى سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. رواه البيهقي وابن عساكر عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَير رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    لا تَسُبُّوا أَبَاهُ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: اُنظُروا إلى تَوجيهِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لأصحابِهِ نحوَ هذا الرَّجُلِ الذي أعطاهُ الأمانَ، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِيكُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مُؤْمِناً مُهَاجِراً، فَلَا تَسُبُّوا أَبَاهُ، فَإِنَّ سَبَّ الْمَيْتِ يُؤْذِي الْحَيَّ وَلَا يَبْلُغُ الْمَيْتَ» رواه الحاكم عن عبد الله بن الزبير رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    إنَّهُ تَوجيهٌ لِمُراعاةِ شُعورِ الأحياءِ، وهذا من أسمى الأخلاقِ التي جاءَ بها شَرعُنا الحَنيفُ، إن كُنتَ مُبغِضاً لِزَيدٍ من النَّاسِ، وماتَ هذا الرَّجُلُ فلا تذكُرهُ بسوءٍ، وخاصَّةً أمامَ أهلِهِ.

    لا تَسأَلُني اليومَ شيئاً أعطِيهِ أحَداً إلا أعطَيتُكَهُ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: قُلوبُ العبادِ بينَ أصبُعَينِ من أصابِعِ الرَّحمنِ، يُقَلِّبُها كيفَ يشاءُ، ولا يَعلَمُ أحَدٌ خاتِمَةَ أحَدٍ إلا اللهُ تعالى، وهناكَ رِجالٌ سَبَقَت لهم من الله تعالى الحُسنى، نسألُ اللهَ تعالى أن نكونَ منهُم، وأن يُختَمَ لنا على أحسَنِ حالٍ.

    دَخَلَ عِكرِمَةُ على سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وهوَ كما عَرَفتُم مَواقِفَهُ خِلالَ هذهِ المدَّةِ الطَّويلةِ، فكيفَ استَقبَلَهُ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

    لمَّا رآهُ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هل تَذَكَّرَ أباهُ أبا جهلٍ؟ هل تَذَكَّرَ مَواقِفَهُ ومَواقِفَ أبيهِ؟ هل نَظَرَ إليه نَظرَةَ استِعلاءٍ حيثُ أذَلَّ اللهُ تعالى الشِّركَ والمشرِكينَ؟ لا وربِّ الكعبةِ، بل نَظَرَ إليه نَظرَةَ الشَّفَقَةِ والرَّحمَةِ والسَّماحَةِ رَجاءَ إسلامِهِ، وَوَثَبَ إليه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَرِحاً مَسروراً مُنبَسِطَ الأساريرِ بدونِ تَكَلُّفٍ، لأنَّها سَجِيَّتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَثَبَ إليهِ بِإزارٍ دونَ رِداءٍ.

    وَوَقَفَ عِكرِمَةُ بينَ يَدَيِ الرَّحمَةِ المُهداةِ، وقال: يا محمَّدُ، إنَّ أمَّ حَكيمٍ أخبَرَتني أنَّكَ أمَّنتَني.

    فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ، فأنتَ آمِنٌ».

    قالَ عِكرِمَةُ: فإلامَ تَدعُو يا محمَّدُ؟

    قالَ: «أدعُوكَ إلى أنْ تَشهَدَ أنَّ لا إله إلا الله، وأنِّي رسُولُ الله، وأن تُقيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتِيَ الزَّكاةَ، وتَفعَلَ وتَفعَلَ» حتَّى عَدَّ خِصالَ الإِسلامِ.

    فقالَ عِكرِمَةُ: والله، ما دَعَوتَ إلا إلى الحَقِّ وأمرٍ حَسَنٍ جَميلٍ، قد كُنتَ واللهِ فينا قَبلَ أن تَدعُوَ إلى ما دَعَوتَ إليه أصدَقَنا حَديثاً، وأبَرَّنَا بِرَّاً.

    ثمَّ قالَ عِكرِمَةُ: فإنِّي أشهَدُ أنَّ لا إله إلا الله، وأشهَدُ أنَّ محمَّداً عَبدُهُ ورسولُهُ.

    فسُرَّ بذلكَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    ثم قالَ عِكرِمَةُ: يا رسولَ الله، عَلِّمني خَيرَ شيءٍ أقولُهُ.

    فقال: «تَقولُ: أشهَدُ أنَّ لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّداً عَبدُهُ ورسولُهُ ».

    فقالَ عِكرِمَةُ: ثمَّ ماذا؟

    فقالَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: « تَقولُ: أُشهِدُ اللهَ، وأُشهِدُ مَن حَضَرَ أنِّي مُسلِمٌ مُجاهِدٌ مُهاجِرٌ». فقالَ عِكرِمَةُ ذلكَ.

    فقالَ رسولُ الله: «لا تَسأَلُني اليومَ شيئاً أعطِيهِ أحَداً إلا أعطَيتُكَهُ».

    قالَ عِكرِمَةُ: فإنِّي أسألُكَ أن تَستَغفِرَ لي كُلَّ عَداوَةٍ عَادَيتُكَها، أو مَسيرٍ أوْضَعْتُ فيه، أو مَقامٍ لَقيتُكُ فيه، أو كَلامٍ قُلتُهُ في وَجهِكَ، أو أنتَ غائِبٌ عنهُ.

    فقالَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اغفِر له كُلَّ عَداوَةٍ عَادَانِيها، وكُلَّ مَسيرٍ سارَ فيه إلى مَوضِعٍ يُريدُ بذلكَ المسيرِ إطفاءَ نُورِكَ، واغفِر له ما نَالَ مِنِّي من عِرضٍ في وجهي، أو أنا غائِبٌ عنهُ».

    فقالَ عِكرِمَةُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: أما واللهِ يا رسولَ الله لا أدَعُ نَفَقَةً كُنتُ أنفَقتُها في صَدٍّ عن سبيلِ الله إلا أنفَقتُ ضِعفَها في سبيلِ الله، ولا قِتالاً كُنتُ أقاتِلُ في صَدٍّ عن سبيلِ الله إلا أبلَيتُ ضِعفَهُ في سبيلِ الله.

    ثمَّ اجتهَدَ في القتالِ حتَّى قُتِلَ شَهيداً. رواه البيهقي وابن عساكر عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَير رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: نحنُ نَعيشُ في أزمَةٍ فَقَدنا فيها رُوحَ دِينِنا وإسلامِنا، فَقَدنا فيها سِيرَةَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَدنا فيها أخلاقَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حتَّى نَفَرَ كثيرٌ من المسلمينَ عن دِينِهِم.

    نحنُ نَعيشُ في أزمَةٍ فَرِحَ بها أعدَاؤُنا، وبَكَت فيها قُلوبُ العارِفينَ باللهِ تعالى على ما وَصَلَ إليه حَالُنا.

    فَهَل بِوُسعِنا أن نَقِفَ تُجاهَ بعضِنا البعضِ بِسَماحَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وبِأَخلاقِهِ السَّامِيَةِ العالِيَةِ التي جَعَلَت النَّاسَ يَدخُلونَ في دِينِ الله تعالى أفواجاً؟

    اللَّهُمَّ وفِّقنا لذلك، ورُدَّنا إليكَ ردَّاً جميلاً.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 27/11/2024, 02:40