..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ فما بال السيف في رقبتك ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 2/10/2020, 09:21

    فما بال السيف في رقبتك
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    6ـ فما بال السيف في رقبتك

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

    أيُّها الإخوة الكرام: أقولُ لمن لم يعرِفْ حقيقةَ الذي أرسلَهُ اللهُ تعالى رحمةً للعالمينَ: إنَّ سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لم يَكُن أحَدٌ من الخلقِ يُقارِبُهُ أو يُدانِيهِ في رحمتِهِ التي شَمِلَت جميعَ الخلقِ من مؤمنٍ وكافرٍ، ومُحِبٍّ ومُبغِضٍ، وصديقٍ وعدوٍّ، ووفيٍّ وخائِنٍ، لِيَكونَ بذلكَ المظهرَ الكامِلَ لِرَحمةِ الله تعالى في خَلقِهِ، ثمَّ لِيَكونَ الأُسوةَ الصَّالِحَةَ والقُدوةَ الصَّادِقَةَ لأُمَّتِهِ من بعدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾. ولن يَتَّبِعَ هذهِ الأُسوةَ الحَسَنَةَ إلا من تحقَّقَ بقولِهِ تعالى: ﴿لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾.

    فيا من آمَنَ بالله تعالى، ورَجَا لِقاءَ الله عزَّ وجلَّ، وأيقَنَ بِيَومِ القِيامَةِ، وأكثَرَ من ذِكرِ الله تعالى، اِجعل قُدوَتَكَ وأُسوَتَكَ سيِّدَنا محمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي جَبَلَهُ اللهُ تعالى على الرَّحمةِ، قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ﴾.

    وإيَّاكَ أن تسلُكَ مَنهَجاَ مع الخلقِ غيرَ المنهَجِ الذي سارَ عليه سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فمن سَلَكَ مَنهَجاً غيرَ مَنهَجِهِ كانَ مُنَفِّراً عن دِينِ الله تعالى، وهوَ الذي سَيَتَحَمَّلُ إثمَ النَّافِرينَ، قال تعالى: ﴿وَلَوْ كُنتَ فَظَّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾.

    فلينظُرْ كلُّ واحِدٍ منَّا في قلبِهِ، هل يَجِدُ فيهِ الرَّحمةَ على خلقِ الله تعالى، أم الشِّدَّةَ والغِلظَةَ عليهِم؟ فالخلقُ كلُّهُم عِيالُ الله، وأحَبُّ العِبادِ إلى الله تعالى أنفَعُهُم لِعِيالِهِ، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الطبراني في الكبير عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ الله، فَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى الله أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ».

    المؤمنُ لا يكرَهُ الذَّاتَ، بل يكرَهُ الكُفرَ والمعصِيَةِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: المؤمنُ لا يكرَهُ الذَّواتِ، بل يكرَهُ الصِّفاتِ المُخالفةَ، من كُفرٍ وعِصيانٍ، قال تعالى: ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾. وقال تعالى حكايةً على لسانِ سيِّدِنا لوط عليه السَّلامُ لقومِهِ: ﴿قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِين﴾.

    كيفَ يكرَهُ العبدُ المؤمنُ الذَّاتَ وهيَ خَلقُ الله تعالى؟ لأنَّ من كَرِهَ الذَّاتَ لا يستطيعُ أن يكونَ داعِياً إلى الله تعالى، ولا يستطيعُ أن يَتَخَلَّقَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ مَعَها، وَوَصِيَّةُ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ واضِحَةٌ بقولِهِ: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

    فالمؤمنُ الحقُّ هوَ من تَحَقَّقَ بالخُلُقِ الحَسَنِ مع خَلقِ الله جميعاً، وإن كانَ يُبغِضُ منهُمُ الأفعالَ المخالِفَةَ، فإذا تابَ العبدُ المخالِفُ ونَزَعَ، فإنَّهُ يكونُ قريباً إلى قلبِ الإنسانِ المؤمنِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: لِنَسمعْ سِيرةَ صاحِبِ الرَّحمةِ المهداةِ، وسِيرةَ أتباعِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، كيفَ كانت عندَهُمُ الشَّفَقَةُ والرَّحمةُ بِخَلقِ الله جميعاً، والحِرصُ على هِدايَتِهِم بأخلاقِهِمُ المَرضِيَّةِ المَجبولَةِ بالرَّحمةِ.

    روى الطبراني برجالِ الصَّحيحِ، عَنْ عُرْوَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: وَلَمَّا رَجَعَ الْمَشْرِكُونَ إِلَى مَكَّةَ مِنْ بَدْرٍ، وَقَدْ قَتَلَ اللهُ تَعَالَى مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، أَقْبَلَ عُمَيْرُ بن وَهْبٍ حَتَّى جَاءَ إِلَى صَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ، فَقَالَ صَفْوَانُ: قَبَّحَ اللهُ الْعَيْشَ بَعْدَ قَتْلَى بَدْرٍ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: أَجَلْ، والله مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدُ، وَلَوْلا دَيْنٌ عَلَيَّ لا أَجِدُ لَهُ قَضَاءً وَعِيَالِي وَرَائِي لا أَجِدُ لَهُمْ شَيْئاً، لَدَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ، فَلَقَتَلْتُهُ إِنْ مُلِئَتْ عَيْنِي مِنْهُ، فَإِنَّ لِي عِنْدَهُ عِلَّةً، أَقُولُ: قَدِمْتُ عَلَى ابْنِي هَذَا الأَسِيرِ، فَفَرِحَ صَفْوَانُ بِقَوْلِهِ، فَقَالَ: عَلَيَّ دَيْنُكَ، وَعِيَالُكَ أُسْوَةُ عِيَالِي فِي النَّفَقَةِ، إِنْ يَسَعْنِي شَيْءٌ وَنَعْجَزْ عَنْهُمْ، فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ وَجَهَّزَهُ بِسَيْفِ صَفْوَانَ فَصُقِلَ وَسُمَّ، وَقَالَ عُمَيْرٌ لِصَفْوَانَ: اكْتُمْنِي لَيَالِيَ، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ بَابَ الْمَسْجِدِ، وَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ، وَأَخَذَ السَّيْفَ لِرَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ، وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَيَشْكُرُونَ نِعْمَةَ الله، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ عُمَيْرَ بن وَهْبٍ مَعَهُ السَّيْفُ فَزِعَ مِنْهُ، فَقَالَ: عِنْدَكُمُ الْكَلْبُ هَذَا عَدُوُّ الله الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ، فَقَامَ عُمَرُ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَذَا عُمَيْرُ بن وَهْبٍ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مَعَهُ السِّلاحُ، فَهُوَ الْفَاجَرُ الْغَادِرُ يَا رَسُولَ الله، لا تَأْمَنْهُ، قَالَ: «أَدْخِلْهُ عَلَيَّ» فَدَخَلَ عُمَرُ وَعُمَيْرٌ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَحْتَرِسُوا مِنْ عُمَيْرٍ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ وَعُمَيْرُ بن وَهْبٍ، فَدَخَلا عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ عُمَرَ سَيْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ:«تَأَخَّرْ عَنْهُ» فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ حَيَّاهُ عُمَيْرٌ: أَنْعِمْ صَبَاحاً، وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ تَحِيَّتِكَ، وَجَعَلَ تَحِيَّتَنَا السَّلامَ، وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ» فَقَالَ عُمَيْرٌ: إِنَّ عَهْدَكَ بِهَا لَحَدِيثٌ، قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ بَدَّلَنَا اللهُ خَيْراً مِنْهَا، فَمَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ؟» قَالَ: قَدِمْتُ فِي أَسِيرِي عِنْدَكُمْ فَقَارِبُونِي فِي أَسِيرِي، فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ وَالأَهْلُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي رَقَبَتِكَ؟» فَقَالَ عُمَيْرٌ: قَبَّحَهَا اللهُ مِنْ سُيُوفٍ، فَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ أَنَا نَسِيتُهُ وَهُوَ فِي رَقَبَتِي حِينَ نَزَلَتْ وَلَعَمْرِي إِنَّ لِي غَيْرَةً، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اُصْدُقْنِي مَا أَقْدَمَكَ؟» قَالَ: مَا قَدِمْتُ إِلا فِي أَسِيرِي، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَمَا شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ فِي الْحِجْرِ» فَفَزِعَ عُمَيْرٌ، وَقَالَ: مَاذَا اشْتَرَطْتُ لَهُ؟ قَالَ: «تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَعُولَ بنيكَ وَيَقْضِيَ دَيْنَكَ، واللهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ» فَقَالَ عُمَيْرٌ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، كُنَّا يَا رَسُولَ الله نُكَذِّبُ بِالْوَحْيِ، وَبِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَفْوَانَ فِي الْحِجْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ، ثُمَّ أَخْبَرَكَ اللهُ بِهِ، فَآمَنْتُ بالله وَرَسُولِهِ وَالْحَمْدُ لله الَّذِي سَاقَنِي هَذَا الْمَقَامَ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللهُ، وَقَالَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَخِنْزِيرٌ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ حِينَ اطَّلَعَ وَلَهُوَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ بنيَّ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اِجْلِسْ نُوَاسِكَ» وَقَالَ: «عَلِّمُوا أَخَاكُمُ الْقُرْآنَ» وَأَطْلَقَ لَهُ أَسِيرَهُ.

    أيُّها الإخوة الكرام: مُؤامَرَةُ اغتِيالٍ، جاءَ يُريدُ قَتلَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ جزاؤهُ بالاتِّفاقِ القَتلُ ـ ولكنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لم يقتُلْهُ ولم يُعَنِّفْهُ، بل فاتَحَهُ بالحقيقةِ، لأنَّ سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لم يَكُن يعشقُ الدِّماءَ، ولم يَكُن يُحِبُّ الثَّأرَ، ولم يَكُن يُحِبُّ الانتِقامَ، بل كانَ يُحِبُّ هِدايةَ الجميعِ، ويُحِبُّ إنقاذَهُم من نارِ جهنَّمَ، لذلكَ جاءَ في روايةٍ قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ، وَأَقْرِئُوهُ الْقُرْآنَ، وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ» رواه الطبراني في الكبير عن مُحَمَّد بن جَعْفَرِ بن الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

    أيُّها الإخوة الكرام: ماذا يَضُرُّ الأمَّةَ من حاكِمِها إلى مَحكومِها لو أنَّها تَخَلَّقَت بأخلاقِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ وماذا يَضُرُّها لو تَناسَتِ الحِقدَ والحَسَدَ والبغضاءَ وعادَت كالجَسَدِ الواحِدِ، إذا اشتكى منهُ عُضوٌ تداعى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى؟ وماذا يَضُرُّها لو أنَّها حَكَّمَت شَرعَ الله تعالى فيها، وتعامَلَت بالفضلِ فيما بينَ بعضِها البعضِ؟ وماذا يَضُرُّها لو أطلقَ الكلُّ أسراهُم، وقالَ الجميعُ للجميعِ: تَفَقَّهوا في الدِّينِ واقرؤوا القرآنَ واتَّبِعُوا هَدْيَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

    هلَّا تَخَلَّقنا بهذا الخُلُقِ؟

    أيُّها الإخوة الكرام: لقد تنوَّعَت وسائِلُ الإيذاءِ لسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ولِصَحبِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، فكانَ صابراً في ساعةِ الضَّعفِ، كما قال لعمَّارِ بنِ ياسرٍ: «صَبراً يا آلَ ياسر، فإنَّ مَوعِدَكُمُ الجنَّةَ» رواه الحاكم عن ابن إسحاق رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

    وعندما تَمَكَّنَ ممَّن أساءَ إليه ما انتقَمَ منهُم، بل لم يَدعُ اللهَ تعالى عليهِم، وكُلُّنا يعلَمُ يومَ الطَّائِفِ حيثُ حُرِّضَ عليهِ السُّفَهاءُ والصِّبيانُ، فَضَربوهُ حتَّى أدمَوا قَدَمَيهِ الشَّريفَتَينِ، وقالوا ما قالوا له، فمنهم من قال: إنْ كُنتَ صَادِقاً فَشُقَّ لنا القَمَرَ فِرقَتَينِ، ومنهم من قال: أَمَا وَجَدَ اللهُ أَحَداً يُرْسِلُهُ غَيْرَك، ومنهم من قال: سيَمْرُطُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَ اللهُ أَرْسَلَكَ.

    فَخَرَجَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وهوَ يبكي ـ بأبي وأمِّي هوَ وكُلِّ ما أملِكُ، قطرةٌ من دَمعِهِ الشَّريفِ أغلى من دُموعِ النَّاسِ جميعاً ـ ودَعا الدُّعاءَ المشهورَ الذي تتأثَّرُ به قُلوبُ السَّامِعينَ إلى قِيامِ السَّاعةِ، فقال: «اللَّهُمَّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبِّي، اللَّهُمَّ إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إلَى عَدُوٍّ مَلَّكْته أَمْرِي، إنْ لَمْ يَكُنْ بِك غَضَبٌ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي، غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَك أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ؛ وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَنْ يَنْزِلَ بِي سَخَطُك، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ غَضَبُك، لَك الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِك» رواه الطبراني عن عبد الله بن جعفر رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

    فجاءَ جِبْرِيلُ فَنَادى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَاهُ مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيه، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً» رواه الإمام البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها.

    بأبي وأمِّي أنتَ يا سيِّدي يا رسولَ الله، لقد طَمِعتَ بإسلامِ من يأتي من أصلابِ هؤلاءِ، لذلكَ ما دَعَوتَ اللهَ تعالى عليهِم، فَجَزاكَ اللهُ عنَّا خيرَ ما جَزَى نبيَّاً عن أمَّتِهِ.

    خاتمةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسن الخاتمة ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: يا من آمنتُم بالله تعالى، ويا من ترجونَ لِقاءَهُ، اِسمَعوا قولَ الله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾.

    اِعلَموا أيُّها الإخوةُ الكِرامُ أنَّ قَتلَ الأبرياءِ ليسَ من العَمَلِ الصَّالِحِ، وأنَّ تَهديمَ البُيوتِ ليسَ من العَمَلِ الصَّالِحِ، وأنَّ سَلبَ الأموالِ ليسَ من العَمَلِ الصَّالِحِ، وأنَّ ترويعَ النَّاسِ ليسَ من العَمَلِ الصَّالِحِ، وأنَّ الحِقدَ والحَسَدَ والبغضاءَ ليسَ من العَمَلِ الصَّالِحِ، وأنَّ العِنادَ والإصرارَ على الإجرامِ وتَهديمِ البلادِ والعِبادِ ليسَ من العَمَلِ الصَّالِحِ، ونَبذَ سِيرةِ سيِّدِنا محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ليسَ من العَمَلِ الصَّالِحِ، فهلَّا اتَّبَعنا سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في أخلاقِهِ؟ فهلَّا تَرَكنا أهواءَنا جميعاً بدونِ استِثناءٍ ـ حُكَّاماً ومَحكومينَ ـ واتَّبعنا هوى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ فهلَّا سَمِعنا قولَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُم حتَّى يكونَ هواهُ تَبَعاً لِما جِئْتُ بِهِ» جاء في الإبانة الكبرى لابن بطة عن عبد الله بن عمرو رَضِيَ اللهُ عَنهُ .

    يا عباد الله، لقد جاءَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالرَّحمةِ، فكانَ رحمةً بأعدائِهِ، فهلَّا نتراحَمُ فيما بينَ بعضِنا البعضِ؟

    اللَّهُمَّ لا تَنزَعِ الرَّحمةَ من قُلوبِنا، ولا تُشقِنا بِقَسوةِ قُلوبِنا. آمين، وسلامٌ على المرسلينَ، والحمدُ لله ربِّ العالمينَ.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 15:19