..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: تنبيه السالكين إلى غرور المتشيخين للشيخ حسن حلمي الدغستاني
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 20:03 من طرف Admin

» كتاب: مطالع اليقين في مدح الإمام المبين للشيخ عبد الله البيضاوي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 20:02 من طرف Admin

» كتاب: الفتوحات القدسية في شرح قصيدة في حال السلوك عند الصوفية ـ الشيخ أبي بكر التباني
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:42 من طرف Admin

» كتاب: الكلمات التي تتداولها الصوفية للشيخ الأكبر مع تعليق على بعض ألفاظه من تأويل شطح الكمل للشعراني
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:39 من طرف Admin

» كتاب: قاموس العاشقين في أخبار السيد حسين برهان الدين ـ الشيخ عبد المنعم العاني
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:37 من طرف Admin

» كتاب: نُسخة الأكوان في معرفة الإنسان ويليه رسائل أخرى ـ الشّيخ محيي الدين بن عربي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:34 من طرف Admin

» كتاب: كشف الواردات لطالب الكمالات للشيخ عبد الله السيماوي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:31 من طرف Admin

» كتاب: رسالة الساير الحائر الواجد إلى الساتر الواحد الماجد ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:28 من طرف Admin

» كتاب: رسالة إلى الهائم الخائف من لومة اللائم ( مجموع رسائل الشيخ نجم الدين الكبري )
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:26 من طرف Admin

» كتاب: التعرف إلى حقيقة التصوف للشيخين الجليلين أحمد العلاوي عبد الواحد ابن عاشر
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:24 من طرف Admin

» كتاب: مجالس التذكير في تهذيب الروح و تربية الضمير للشيخ عدّة بن تونس
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:21 من طرف Admin

» كتاب غنية المريد في شرح مسائل التوحيد للشيخ عبد الرحمن باش تارزي القسنطيني الجزائري
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:19 من طرف Admin

» كتاب: القوانين للشيخ أبي المواهب جمال الدين الشاذلي ابن زغدان التونسي المصري
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:17 من طرف Admin

» كتاب: مراتب الوجود المتعددة ـ الشيخ عبد الواحد يحيى
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:14 من طرف Admin

» كتاب: جامع الأصول في الأولياء و دليل السالكين إلى الله تعالى ـ للسيد أحمد النّقشبندي الخالدي
كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Emptyأمس في 19:12 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2)

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68443
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2) Empty كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد النيسابوري مقدمة (2)

    مُساهمة من طرف Admin 15/10/2020, 16:37

    ثامنا : بعض النكات في حياته

    من المعروف عن الأدباء عامة والشعراء خاصة في القرون الوسطى

    أنهم كانوا يتنقلون بين قصور الملوك والأمراء مادحين من يدفع أكثر ، جاعلين ألسنتهم أبواق دعاية لهؤلاء الملوك والأمراء فلم تكن هناك صحافة ولا إذاعة فكان الشعراء هم الذين يقومون بمهمة وسائل الإعلام في عصرنا الحديث ، وبالطبع كان الشاعر يفني نفسه في ممدوحيه ، يقول ما لا يعتقد ويمدح من لا يستحق أملا في الهبات والعطايا .

    فهل كان فريد الدين العطار على شاكلة هؤلاء ؟

    لم يؤثر عنه أنه فعل ذلك فقد كان فريد الدين على ثراء في بداية حياته ، فذلك الشخص الذي يأتيه كل يوم خمسمائة مريض فيجري الكشف الطبي عليهم ويبيع الدواء لهم ، لا بد وأن يكون ثريا ، وليس في حاجة لأن يستجدي أي ممدوح .

    كما لم يؤثر عن العطار أنه أهدى كتابا من كتبه إلى أحد أو ختم منظومة من منظوماته بمدح ملك أو أمير ، كما فعل سنائي الشاعر الصوفي ، فقد ختم « سير العباد إلى المعاد » بمدح "أبي المفاخر سيف الدين محمد بن منصور" قاضي سرخس .

    والدليل على أنه لم يمدح أحدا في حياته موجود في كتاب منطق الطير حيث قال ما ترجمته .

    شكرا للّه ، فلم ألجأ إلى قصر ، ولم أكن ذليلا لكل حقير .

    ولم أطعم خبز ظالم مطلقا ، ولم أختم كتابا بذكر أحدهم مطلقا .

    ولكن هل ظل العطار على هذه الحال من الثراء والغنى ؟

    أظن أن حاله تبدلت بعد أن هجر الصيدلية ، وأنه وصل إلى حالة

    قريبة من الفقر ، فكان طعامه الخبز الجاف يبلله بدموع عينيه ؛ حيث قال - وعندما أقيم مائدة من خبز خشن ، فإنني أبلله بدموع عيني .

    كما يبدو من شعره أيضا أنه كان يحب العزلة ولا يثق في الخلق ، حتى أنه شبه نفسه في الديوان بمالك الحزين .

    يقولون لي : ما له قد آثر العزلة ، لا ؟ إنني أصادق اللّه في هذه العزلة .

    ولا صديق لي بين الخلق ، وإن كنت أفعل ذلك فهذا لأنني في الطبع كمالك الحزين .

    * * *

    وشيء آخر ردده الباحثون كثيرا ، وانقسموا في الرأي إزاءه ، هذا الأمر هو لقاء جلال الدين الرومي بالعطار ، فهل التقيا حقيقة ؟

    قال براون: « . . . وسار الوالد - بهاء الدين ولد - حتى اجتاز مدينة نيسابور في سنة 608 هـ - 1212 م وزار هناك الشيخ « فريد الدين العطار » ويقال إن هذا الشيخ أخذ الطفل « جلال الدين » بين ذراعيه وبشره بمستقبل عظيم ثم باركه وأعطاه نسخة من منظومته « إلهي نامه » . . . » .

    ويقول البعض إن هجرة بهاء ولد كانت عام 616 هـ أو 617 هـ ولكن جامي كان قد ذكر أن الكتاب الذي قدمه العطار لمولانا هو « أسرار نامه » لا « إلهي نامه » كما ذكر براون .

    وليس هذا بغريب ، فمن عادة الصوفية أثناء الرحيل الإسراع بلقاء كل رجل مشهور تسنح لهم الفرصة لزيارته - خاصة وإن العطار كان من الرجال المشهورين والشعراء البارزين ، ولا بد وأن بهاء ولد كان على شوق لرؤيته ، فانتهز هذه الفرصة .

    كما أن هذا اللقاء لا غرابة في حدوثه إذا عرفنا أن التواريخ التي ذكرت كلها لحدوث اللقاء سابقة على وفاة العطار .

    هذه بعض النكات التي مرت بها حياته وليست كلها ، وكتب التراجم زاخرة بمثل هذه النكات ، مما يجعلني أكتفي بهذه النبذة البسيطة دون الإفاضة في هذا الأمر أكثر من هذا الحد .

    تاسعا : وفاة العطار

    كما اختلف الباحثون قديما وحديثا حول تحديد سنة ولادته ، فقد اختلفوا في تحديد سنة وفاته حيث تضاربت الأقوال تضاربا عجيبا ، فأول تاريخ حدد لوفاته هو عام 586 هـ وآخر تاريخ هو 727 هـ .

    فجامي قد حدد عام وفاته بعام 627 هـ ، ودولتشاه ذكر ثلاثة تواريخ لوفاته هي 589 هـ ، 619 هـ ، 627 هـ .

    وكتاب ( هفت إقليم ) أرخ لوفاة العطار برباعية حدد فيها عام وفاته بحساب الجمل وهذه ترجمتها :

    الشيخ العطار فريد الزمان مرشد الملوك وسلطان الفقر

    وقد استشهد هذا المرشد في طريق الفقر ، فصار تاريخ وفاته لذلك "راه فقر"

    وبحساب الجمل تكون عبارة « راه فقر » تساوي العدد : 586

    والأستاذ نفيسي يعترض على ذلك قائلا : إن هذه القصيدة كتبت بعد موت العطار بما يزيد على قرنين من الزمان وطريقة حساب الجمل لم تعرف إلا في أواخر القرن الثامن الهجري .

    وصاحب خزينة الأصفياء نقل عن صاحب « مخبر الواصلين » أبياتا يحدد فيها عام وفاة العطار وقد حدده ، بحساب الجمل وذكر لذلك تاريخين .

    جملة : « قبله أهل جنت » وهي تساوي 626

    وجملة : « بلبل جنت وجنان » وهي تساوي 627

    أي أن تاريخ وفاته في رأي صاحب « مخبر الواصلين » يقع بين عامي 626 هـ ، 627 هـ

    ولكن أي تاريخ حدده شاهد قبره ؟

    ذكر شاهد القبر أن وفاته كانت عام 586 هـ ، ولكنه أضاف قائلا ، إن ذلك في عهد هولاكو خان .

    وهذا بلا تفكير خطأ فاحش فهولاكو لم يتقدم صوب العالم الإسلامي إلا عام 651 هـ.

    ويذكر صاحب جوهر الذات أن العطار توفي عام 727 هـ .

    ولا شك أن المؤلف اختلط عليه الأمر ، إذ أنه كان يقصد 627 هـ فأخطأ في كتابتها

    ويتابع هؤلاء المؤلفين أغلب الباحثين في عصرنا الحديث ومنهم الأستاذ سعيد نفيسي والأستاذ ذبيح اللّه صفا والمستشرق الإنجليزي براون وغيرهم من الباحثين .

    ولكن بجانب هؤلاء جماعة أخرى من الباحثين يرون أنه قتل قبل عام 627 هـ بسنوات ، ما بين عامي 618 ، 619 هـ.

    يقول الأستاذ فروزانفر : إن الفتح والقتل العام بنيسابور بدأ يوم السبت الخامس عشر من صفر عام 618 هـ ، وعلى هذا يكون استشهاد السيد الشيخ في النصف الثاني من صفر عام 618 هـ .

    والمستشرق الإيطالي بيزي يرى أن وفاة العطار تمت بين عامي 607 ، 616 هـ .

    ومن ذكر تاريخ وفاة العطار في حدود عام 618 ، 619 هـ يريد أن يربط بين وفاته وبين قصة قتله التي ذكرها دولتشاه ، وإذا عرفنا أن هذه القصة لا تستند إلى واقع وبالتالي فإن هذين التاريخين ، وكذلك أي تاريخ آخر غير عام 627 هـ يجب أن يقابل بالشك.

    وعلى هذا فإنني أتابع القائلين بأن العطار توفي عام 627 هـ وذلك للأدلة الآتية .

    1 - لا شك أن إجماع أغلب المؤرخين على تحديد سنة وفاة العطار بعام 627 هـ يلزمنا بقبول هذه السنة تاريخا لوفاته ، وقد قام الأستاذ نفيسي بعمل إحصاء للتواريخ التي ذكرت على أن العطار توفي في إحداها فظفر عام 627 هـ بأكبر نصيب إذ ذكر تسعا وعشرين مرة .

    2 - سبق أن ذكرت أن ولادة العطار تمت في رأيي - ما بين عامي 545 هـ و 550 هـ وأنه عاش أكثر من السبعين ببضع سنوات وعلى هذا فأقرب التواريخ لوفاته هو عام 627 هـ.

    3 - قال العطار في إحدى منظوماته يتحدث عن نجم الدين كبرى ، وذلك نقلا عن الترجمة التركية لمنطق الطير والتي قام بها الأستاذ جولبنارلي .

    اينجين كفتست نجم الدين مارا * آنكه بوده ، در جهان از أوليا

    - وهذا ما قاله نجم الدين لنا ذلك الذي كان من الأولياء في الدنيا .

    ونلاحظ أن الفعل « بوده » في الزمن الماضي ، مما يؤكد أن العطار قال هذا البيت بعد وفاة نجم الدين كبرى ، ونحن نعرف أن وفاته كانت عام 618 هـ ، وعلى هذا فالعطار كان على قيد الحياة بعد هذا العام .

    4 - يقول الأستاذ نفيسي إن العطار تحدث عن بعض معاصريه كما يتحدث الإنسان عن الأموات وهؤلاء المعاصرون هم :

    سعد الدين الحموي المتوفى عام 605 هـ ، ومجد الدين الخوارزمي المتوفى عام 616 ه ، وعلاء الدين تكش خوارزمشاه المتوفى عام 617 هـ ، وقطب الدين حيدر المتوفى عام 618 هـ.

    5 - لقاء العطار ببهاء ولد وابنه جلال الدين الرومي عام 616 هـ أو 618 هـ وإهداؤه كتاب « أسرار نامه » لجلال الدين يثبت أن العطار كان على قيد الحياة حتى عام 618 هـ.

    6 - يذكر المؤرخون أن خواجة نصير الدين الطوسي التقى العطار بنيسابور - وهذا اللقاء تم بين عامي 612 ، 618 هـ قبل أن يرحل الطوسي من نيسابور ومعنى ذلك أيضا أن العطار كان حيا حتى عام 618 هـ.

    7 - برغم أن كتب التاريخ قد ذكرت أن المغول قد خربوا كل مظاهر الحياة في نيسابور وقتلوا كل حي وأحرقوا كل عود أخضر ، إلا أن هذا - في رأيي - على سبيل المبالغة في وصف فداحة الغزو ، فلا يعقل مهما كانت ضراوة المعركة أن يصيب الموت والقتل كل ساكني نيسابور عام 618 هـ ، ولا بد من نجاة البعض ، ولم لا يكون العطار من بين الناجين ، وبخاصة أنه لم يشارك في حمل السلاح والكفاح كنجم الدين كبرى مثلا ؟

    ولذا فإنني أرى أن العطار استطاع بطريقة أو أخرى أن يهرب من القتل العام سنة 618 هـ وظل على قيد الحياة حتى توفي عام 627 هـ .

    8 - إن التواريخ التي ذكرت بعد عام 627 هـ كلها وجدت في كتب تم تأليفها في زمن متأخر نسبيا عن عصر العطار ، ولذا لا يعتمد عليها في تحديد عام وفاة العطار .

    قصة وفاة العطار :

    يقول جامي : « وحضرة الشيخ استشهد في عام 627 هـ على يد الكفار . . . »

    ولكن دولتشاه يفصل لنا قصة قتله فيقول :

    " لقد أسره أحد جنود المغول وأراد قتله ، فتدخل أحد مريدي الشيخ وطلب أن يدفع مبلغ ألف درهم ليفدي بها روح العطار ، فقبل المغولي ، ولكن العطار لم يوافق على ذلك ، وقال : سيتقدم من يدفع أكثر من هذا المبلغ ، فلا تقبل .

    وقال مغولي آخر مازحا :

    لا تقتل هذا الشيخ ، إنني أدفع ثمنا له صندوقا من التبن ، فأسرع العطار بالموافقة على هذه الصفقة الأخيرة ، وقال : إن ثمني لا يتعدى أكثر من هذا . فزاد ذلك من حنق المغولي فقتله .

    وهذه القصة لا تعدو أن تكون خرافة ، فعام 627 هـ لم تحدث فيه غارة على نيسابور : ويحتمل أن يكون كتاب التراجم - كما قال الأستاذ روحاني - قد كتبوا القصة بعد وفاة العطار بمدة مديدة حيث انسدل ستار النسيان على الحوادث . ولكن كانت لهم نفوس غمرها الإعجاب بروحانية العطار فظنوا أن وليا كالعطار لم يكن ليموت إلا شهيدا في جو من الخوارق والعجائب والكرامات ، ولم يخطر ببالهم أن قيمة الشاعر لا يغض منها شيء لو أنه مات ميتة طبيعية .

    وهناك خرافة أخرى تتصل بقصة مقتله مؤداها : أن العطار بعد أن ضربت عنقه حمل رأسه بين يديه وعدا مدة من الزمن وهو يؤلف كتابه « بيسرنامه » «أي كتاب المقطوع الرأس».

    وهذا الأمر لا يحتاج إلى أي جهد في إثبات بطلانه ، فالعقل لا يمكن الموافقة على هذه الخوارق التي لا تروج إلا لدى السذج من العامة كما أن هذا الكتاب مدسوس على العطار ، فلا يمكن عقد أي صلة بينه وبين العطار .

    وأخيرا لا يسعنا إلا أن نكذب كل هذه الأباطيل التي لا تعدو أن تكون من باب الخرافات التي لا تستند إلى واقع من حياة الشاعر ، وأن نعترف بأن العطار توفي وفاة طبيعية عام 627 هـ.

    قبر العطار :

    يقول الأستاذ نفيسي نقلا عن « إمام زاده محمد مرزوق » : أما مقبرة فريد الدين العطار رحمه اللّه عليه فهي تقع غرب نيسابور وهي بقعة مسدسة تقريبا ترتفع عن الأرض مقدار ثمانية أذرع وقد كتب على أعلى المدخل جهة الجنوب « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » يا زكي الطاهرين ، من كل آفة يقدسه ، العاصي عبد العلي .

    وقد كتبت على النصب الحجري في أعلى القبر هذه العبارة « اللهم صلى على النبي الوصي والبتول والسبطين .

    وزين العباد والباقر والصادق والكاظم والرضا والتقي والنقي والعسكري والمهدي صلوات اللّه عليهم".

    وهذا القبر تم بناؤه في عام 891 هـ أيام الأمير الغازي حسين بايقرا وهو أحد أفراد الأسرة التيمورية ، وكان شيعيا متعصبا لذا اهتم بكتابة أسماء الأئمة الاثني عشرية على قبر العطار حتى يوحي للجميع بأن العطار كان شيعيا .

    ولكن هل هذا القبر هو أول قبر بني للعطار ؟

    بطبيعة الحال ، لم يكن أول قبر ، فقد بني له قبر عادي يوم وفاته ، ثم شيد القاضي يحيى بن صاعد عمارة بجواره امتثالا لأمر ابنه المتوفى وقد كان من محيي العطار ، ثم خربت هذه العمارة فأعاد الأمير نظام الحق والدين عليشير بناء عمارة أخرى لتكون مزارا للشيخ يزوره الناس للتبرك به .

    وما يهمني من كل ذلك هو النص الذي كتب على شاهد القبر ، وقد اطلعت على صورتين لهذا النص ، الأولى أوردها جارسان دي تأسي في مقدمة ترجمته لمنطق الطير عام 1862 م ،

    والثانية أوردها الأستاذ نفيسي في كتابة « جستجو . . . » الذي ألفه عام 1321 هـ . ش ونص جارسان يبلغ عشرين بيتا أما نفيسي فيزيد عليه ثلاثة أبيات ، وهذه ترجمة لذلك النص.

    01 - هذه جنات عدن في الدنيا ، عطر العطار مهجة من دنا

    02 - إنه قبر ذي المكانة العالية ، من كان تراب طريقه كحل الفلك الأزرق.

    03 - والعطار هو شيخ العالم الفريد ، وكل الأولياء له مريدون .

    04 - وما أعجبه من عطار ، فقد تعطرت الدنيا على رحبها بشذى أنفاسه .

    05 - وفي دكانه حيث تعيش الملائكة، كان الفلك زجاجة مليئة بأقراص الليمون.

    06 - وحتى يوم القيامة سيظل لتراب نيسابور شرف عظيم بفضل صاحب هذا المقام العالي .

    07 - وقد أحال تراب نيسابور ذهبا ، فمولده بزروند ومقره بكدكان .

    08 - وقد عمر اثنين وثمانين عاما في سابور ، واستقر به الحال اثنين وثلاثين عاما في شادياخ

    09 - وفي عام ستة وثمانين وخمسمائة هلك بالسيف ذلك الشبيه بالشمس الوهاجة

    10 - هلك في عهد هولاكوخان ، واستشهدت روحه الطاهرة

    11- والعارفون باللّه حق المعرفة ، تخلوا عن أرواحهم فداء له

    12 - روح اللّه تعالى روحه ، ربّ أكثر من بره وفتوحه .

    13 - وقد تمت هذه اللوحة لذلك العالي المنزلة في زمان دولة سيد الدنيا

    14 - حضرة السلطان أبي الغازي حسين ، ظل الحق وظهير وملاذ الخافقين

    15 - والقضاء والقدر جعلاه من الصولة ، حتى أنه يقدم لعدوه من العسل سما

    16 - وما أن سمع أنو شيروان بعدله ، حتى أصاب السرور روحه

    17 - وبفضل عدل ذلك الملك الشجاع استطاع الماعز أن يمشط لحيته بمخلب الأسد

    18 - خلد اللّه تعالى ملكه ، وفي بحار العدل أجرى فلكه

    19 - وكم أدرك التوفيق ذلك الأمير الكبير ، كما أصبح ملاذا وملجأ للأمير والفقير

    20 - والأمير الجواد عليشير ، كم كان الفلك بعوضة صغيرة أمام همته

    21 - وهو صاحب خيرات بلا كبر ولا رياء ، وهو مظهر الأنفاس المقدسة الطاهرة

    22- وقد أبعد النفس عن الطمع والشهوة ، فهو كالحكماء فخره بفقره

    23 - وهو يعيش في فلك أقوال العطار على الدوام حتى أدركت روحه مجال التحقيق

    لا شك أن تأليف القصيدة بعد موت العطار بسنوات طوال تقدر بأربع وستين ومائتي سنة ، أوقع ناظمها في أخطاء أشرت إلى بعضها في ثنايا البحث وأجملها سريعا هنا : -

    1 - تابع من قبله في تحديد عمر العطار بمائة وأربع عشرة سنة وهذا خطأ

    2 - ذكر نيسابور على أنها « سابور » وهذا خطأ أيضا

    3 - ذكر أن مولده في « زروند » ولعله يقصد « زورابذ » وهي ناحية بنيسابور .

    4 - وكد كان هي كدكن التي نسب دولتشاه العطار إليها وهي قرية من قرى خراسان .

    5 - حدد عام وفاته بعام 586 ه ثم أردف قائلا : إن ذلك في عهد هولاكو ، وهذا لا يحتاج إلى جهد لإثبات بطلانه ، فلم يتقدم هولاكو إلى العالم الإسلامي إلا عام 651 هـ.

    وبهذا ينتهي الحديث عن العطار من الناحية التاريخية ، بعد أن تحدثت عن رحلة حياته من المولد إلى الوفاة ، وما اتسمت به هذه الرحلة من أحداث ونكات وذلك في إيجاز شديد .



    الفصل الثاني منظومة منطق الطير

    تمهيد : مؤلفات العطار

    يرتبط اسم فريد الدين العطار بالعديد من الكتب ، حتى أوصلها البعض إلى مائة وأربعة عشر كتابا ، أي بعدد سور القرآن الكريم .

    ولا شك أن هذا العدد مبالغ فيه ، إذ لم يذكر جامي من مؤلفاته إلا أسرار نامه فقط ، وذكر دولتشاه أربعة عشر كتابا ، وذكر القزويني واحدا وعشرين كتابا ،

    أما جولبنارلي التركي وريتر الألماني فقد أوصلا مؤلفات فريد الدين العطار إلى ثلاثين كتابا ، وأخيرا قام الأستاذ سعيد نفيسي بعمل إحصاء لجميع أسماء الكتب التي قيلت إنها من تأليف العطار ، فوصل العدد إلى ستة وستين كتابا ومع هذا فإن الكتب الصحيحة النسب إلى فريد الدين العطار ، والتي وصلت إلى أيدينا تسعة كتب فقط ، هي :

    1 - تذكرة الأولياء

    2 – أسرار نامه

    3 – إلهي نامه

    4 – پند نامه

    5 – خسرو نامه

    6 - الديوان

    7 – مختار نامه

    8 – مصيبت ‌نامه

    9 - منطق الطير

    وجميع هذه الكتب شعرية ، عدا كتاب ( تذكرة الأولياء ) الذي تناول فيه بالشرح والدراسة أحوال عدد كبير من مشايخ التصوف ، ويقع في جزئين كبيرين وقد أشرف على طبعه وتصحيحه العلامة محمد بن عبد الوهاب القزويني .



    كما أن هذه الكتب قد نشرت وترجم بعضها إلى لغات عدة ، أما عن الترجمة إلى اللغة العربية ، فلم يترجم منها إلا كتاب ( يند نامه ) أي كتاب النصيحة.

    وبالتالي تكون الترجمة العربية التي يتضمنها هذا الكتاب هي الترجمة الثانية لأحد أعمال العطار ، وكم آمل أن تلقى بقية كتب العطار ومنظوماته عناية دارسي اللغة الفارسية في العالم العربي فيقبلون على دراستها ونقلها إلى اللغة العربية .

    نقد وتحليل منظومة منطق الطير

    أولا : التعريف بالمنظومة : -

    لا شك أن منظومة منطق الطير من أعظم ما نظم في الأدب الفارسي عامة وفي الأدب الصوفي خاصة ، فالقالب القصصي الممتع الذي ركبت فيه بجانب المعاني الروحية التي شملتها أعطتها هذه الأهمية بين كتب التصوف ولا يكاد يذكر اسم فريد الدين حتى يذكر بجانبه اسم « منطق الطير »

    فقد أصبح فريد الدين علما على « منطق الطير » وأصبح « منطق الطير » علما على فريد الدين العطار .

    ويشاركني في هذا الرأي كل الذين كتبوا عن العطار دون استثناء .

    فبراون المستشرق الإنجليزي يقول : « إن منطق الطير من أهم مثنويات الصوفية وأوسعها شهرة . . . » .

    ويقول بارتلس المستشرق الروسي : « من أحسن ما فاضت به قريحة العطار المنظومة المعروفة باسم « منطق الطير » .

    ومنظومة منطق الطير تعرف أحيانا باسم « مقامات الطيور » ، وإنني أعتقد أن العطار أخذ اسم المنظومة من القرآن الكريم ؛ إذ يقول اللّه تعالى : "وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين" .

    وجميع الطيور التي تحدث عنها العطار طيور حقيقة ، لها وجود في عالمنا الأرضي ، أما إله الطير والذي رمز له باسم « سيمرغ » فطائر وهمي لا وجود له في الكون مطلقا والعطار يقص لنا قصته في أول منطق الطير ويخبرنا بأنه ينتسب إلى بلاد الصين .

    - وابتداء أمر السيمرغ ، ويا للعجب ، أنها مرت بديار الصين في منتصف الليل مزدانة الإهاب .

    ولكن هل العطار مبدع هذا الاسم ، أم آخذه عن غيره ؟

    يقول بيزي : اسم هذا الطائر الخرافي هو « سيناميرغا » في الأفستا ، و « سين مورغ » أو « مورو » في البهلوية ، ولكن معناه يدل على شيء يختلف تماما عما استعمله العطار .

    أما المستشرق الإيطالي « أنطونيو » فيقول :

    « إن هذا الاسم - أي سيمرغ - من أصل فارسي خالص وقد ذكر في الأفستا ، وفي البهلوية مرتبطا بشجرة الحياة التي تنمو في ماء بحر « فاركاش » ، وأن نصا بهلويا هو « مينوك خرد » الفصل 62 ، جاء فيه أن عش هذا الطائر على شجرة طيبة وهي تعطي بذورا كثيرة ، وأغصانها تنثر بذورا تحيل الأرض خصبة إذا ما وقعت عليها » .

    ويفهم من أقوال هذين المستشرقين أن طائر السيمرغ طائر ذو مكانة عند الإيرانيين قبل الإسلام ، وأنه يعيش حيث الخير والنماء والرائحة الزكية ، وقد أعاد العطار إليه الحياة بعد أن نسيه الإيرانيون مدة طويلة من الزمن ، ولكنه حرف في نطقه بعض الشيء ، حتى يتمكن من إتمام الجناس بين لفظتي « سيمرغ » « وسي مرغ » وحتى يتمكن من الوصول إلى فكرته عن « وجدة الشهود » في آخر المنظومة .

    ولكن كيف أنطق العطار الطيور ؟

    لا شك أن العطار أفاد في هذا الصدد من قصة سيدنا سليمان عليه السلام وحديثه مع الطير ، والقرآن الكريم تكثر به الآيات التي تفيد أن للطير لغتهم الخاصة :

    « حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ » .



    كما أنطق اللّه سبحانه وتعالى الهدهد ، فقد قال الهدهد موجها حديثه إلى سليمان عليه السلام : « فَقالَ : أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ ، وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ » .

    إلى غير هذه الآيات التي أنطقت الطير ، وبذلك وجد العطار في القرآن الكريم مادة صالحة لمنظومته منطق الطير ، كما أن العطار أفاد كذلك من الكتب السابقة التي أنطقت الطير ككتاب « كليلة ودمنة » وغيره من الكتب .

    والعطار أنطق الطير بدلا من الإنسان ، وجعلها تسعى جاهدة حتى

    تدرك الاتصال باللّه ، وهذا ليس بغريب ، فاللّه يذكر أن الطير تسبح اللّه كما يسبحه الإنسان :

    "ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ » .

    ولكن كيف تمكن العطار من توليد الفكرة الصوفية من خصائص بلبل أو بومة مثلا ؟

    يجيب المستشرق الألماني ريتّر على هذا بقوله :

    إن الوسيلة إلى ذلك هي الوسيلة الفنية أو الصناعة التي نعتبرها عصا السحر في الشعر الفارسي والمفتاح الذي فتح به ما استغلق من معانيه ، فعند الكائنات التي لا تنطقها الطبيعة ترتبط هذه الوسيلة الفنية بأخرى ألا وهي لغة الحال « زبان حال » فإذا بدأ الكلام جماد أو كائن ليست له لغة الإنسان ليتحدث عن نفسه أو يقول شيئا ، فلن يقول إلا تأويلا شعريا خياليا لخصائصه .

    وإن العطار مبرز في هذا الفن لا يشق له غبار ، وإن قدرته على استخدام هذه الطريقة تثير الدهشة في نفس القارئ .

    أي أن ريتر يعتقد أن العطار يسقط شعوره ومعتقداته على هذه الطيور على أن يخص كل طائر بما يوافقه من طباع وخصائص .

    وهذه طريقة تعليمية ناجحة أفضل بكثير من الطريقة النظرية التي يلقى فيها الشاعر أو الكاتب بكل آرائه وأفكاره في صورة كلمات جافة لا تنبض بالحياة ، ولكن عرض هذه الأفكار في صورة حوار مسرحي تجذب

    انتباه القارئ وتساعده على تتبع خيوط هذه المسرحية ومعرفة دور كل ممثل أو طائر يظهر على خشبة المسرح ، والحكمة من ظهوره والموعظة التي يمكن أن يخرج بها من وراء دور كل طائر .

    " الفن الشعري "

    منظومة منطق الطير تندرج تحت فن المثنوي ، ويقصد به التزام القافية بين شطري البيت الواحد دون التزامها في آخر الأبيات كلها ، وهذا الضرب فارسي النشأة لم تعرفه الأشعار العربية ، وإن كان بعض الشعراء الذين كانوا من أصل فارسي قد استخدموه في نظم الأشعار العربية المتأخرة التي عرفت باسم « المزدوج » منذ نهاية القرن العاشر الميلادي ( الرابع الهجري ) .

    أما عن الوزن الشعري للمنظومة فهو الرمل :

    فاعلاتن فاعلاتن فاعلن * فاعلاتن فاعلاتن فاعلن

    على أن المقياس الأخير فاعلن أحيانا يأتي في آخر الأبيات على صورتين أخريين هما : فاعلات ، فاعلاتن .

    كما أنه المقياس « فاعلاتن » الذي يأتي في حشو الأبيات قد يصبح « فعلاتن » وكلا المقياسين جميل تستريح له الاذان وتستمع بموسيقاه « 2 »

    وعلى هذا نرى أن هذا البحر رخو يساعد الشاعر على حرية التعبير فهو ليس بحرا جامدا يلزم شاعره بصورة واحدة ، وهذا ما دفع بيزي إلى أن يقول:

    « ونحن نلحظ أن البحر الذي اختاره للنظم قد أعانه على الإجادة فهو بحر رخو عذب له جرس محزون جميل ، وهو يختلف اختلافا كبيرا عن ذلك البحر العنيف الذي اختاره الفردوسي للشاهنامه » .

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/9/2024, 03:30