..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty25/11/2024, 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty25/11/2024, 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty25/11/2024, 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty25/11/2024, 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty25/11/2024, 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty25/11/2024, 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2)

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2) Empty كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي الفصل (4)الباء من الحروف الظلمانية(2)

    مُساهمة من طرف Admin 16/10/2020, 09:31

    وبقي من الحروف الهاء والواو ، واختص بهما الحق دون الخلق ، كما اختص بالألف ، لأن ما أفاده الألف إشارة إفادته الهاء مع الواو عبارة ، فإنك إذا هجيت ولدك لفظ وهو يقول : هاء واو ثم الياء ، وهو الحرف الأخير العيسوي الذي جعلناه حرفا لعيسى مؤخرا عن جميع الحروف لتأخر وفاته ولسر آخر وهو أنه عبد من دون الله هو وأمه وإن لم يرضيا بذلك ، فتأخر من هذه الحيثية بالفاصل بينه وبين الهاء والواو المشيرين إلى هوية الحق المطلقة بـ “ لا “ التي هي حرف نفي ، وفي ذلك إيماء لتكذيب من ينسبه إلى الهاء والواو من النصارى الذين قال فيهم تعالى :لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. سورة المائدة : الآية 17 وكذا في الآية 72 .

    فلا هو هو ، يعني فلا عيسى هو ، ولا هو عيسى ، ونقط بنقطتين من تحت إشارة إلى ضمير المؤنث التي نشأ عنها وانفرد هذا الحرف بنقطتين نقطة له ونقطة لأمه فتدبر والله أعلم .

    فإن قلت : فما بال الحروف التي بين المرتبتين من كلام المعجم والمهمل ؟

    ومنها ما أعجامه من تحت ؟

    ومنها ما أعجامه من فوق ؟

    ومن المثلث والمثنى ؟ .

    فالجواب : إن كشف هذا السر مما يخرجنا عما نحن بصدده ، وإلا فما ذلك إلا لحكم إلهية ، وأسرار ربانية ، أضربنا عن ذكرها صفحا ، ولكن سأختم لك بنكتة من تتمة ما مر ، وهو أنه لمّا كان النون آخر مرتبة من مراتب من ظهر في مظهر الباء كما تقدم ، فجاءت الهاء بعده كما كانت الألف قبله ، وجاءت الواو خاتمة للمظهر الحقي كما كانت الألف فاتحة ، وهي إذا تأملتها حلتها [ وجدتها ] تقرأ من آخرها كما تقرأ من أولها ، هكذا واو وهاء فهي أولها عين آخرها وآخرها عين أولها ، ووقعت مهملة كما وقعت الألف مهملة ولكن مظهرها أخيرا في عين صورة مظهرها أولا ، والأمر كذلك لأنها قبل تخليه بأوصافها وأسمائها كانت منقطعة في غيبوبة هويتها ، فلما انجلت وظهر سر إطلاقها بطن في عين ما ظهرت فيه .
    فإذا علمت ذلك فقوله في النظم : ولو كنت بي من نقطة الباء خفضة يشير إلى أن النقطة التي تحت الباء فيها إشارة إلى تواضع من حدث منه الأكوان كلها وهو نبينا محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - لربه عز وجل فوجب على كل من اتباعه أن يكون شكله تحت تلك النقطة أي يكون متواضعا لمن تواضع لكبرياء عظمة الحق وإليه أشير بقوله في القرآن :مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً” ، إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ” ،

    وفي هذا أيضا تنبيه أن لا وصول إلا من بابه ولا سير إلا على قدمه ولا قرب إلا من جنابه :وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ” ،

    فلا وصول إلا على قدم الرسول والسلام وجمع بين الخفض والرفع بلاغة والحاصل أن من أراد الرفعة فعليه بالتواضع فإن طور سيناء حض بالتجلي دون غيره من الجبال لتواضعه : “ وجعل من الماء كل شيء حي ،

    "" اقتباس من سورة الأنبياء ( 21 ) : الآية 30 وهي كالتالي :أَ وَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ. ""

    بسقوطه وأنبتت الأرض من كل زوج بهيج ،

    "" اقتباس من سورة الحج: الآية 5 وآخرها كالتالي :وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. ""

    بإنطراحها صار الجوز محروما من الثمرة بتطاوله فإن سلم من النجار فإلى النار وأشار بقوله : “ رفعت إلى ما لم تنله بحيلتي “ إلى أن ما عند الله لا ينال بحلة من الحيل إنما ينال بمحض الجود والكرم مع التقرب إليه بأنواع الخدم فاتضع لمن له الكبرياء والعظمة تكن كبيرا عنده عظيما لديه ، من علم وعمل [ واخلص ] دعي عظيما في ملكوت السماوات والأرض ثم نبه على أن المتواضع إذا رفع رأى من ملاطفات الله تعالى ما لا يعبر عنه فقال :

    لمّا التصقت النّقطة بالباء كان الباء في الكلام مستعملا للإلصاق

    قوله قدس سره : لمّا التصقت النّقطة بالباء كان الباء في الكلام مستعملا للإلصاق ، ولمّا كان نظر النّقطة ممدودا إلى الباء كان الباء في كلام العرب مستعملا للاستعانة .

    وقوله : من كون النقطة أصل ما التصقت به وما التصقت سوى بنفسها ( 1 ) لأنا إذا عبرنا بأن ثم لاصق وملصوق كان ذلك اقتضاء المتعدد والمتعدد منتفي لأن النقطة لا تلتصق بسواها ولا يجوز عليها التصاق بها فلو جاز لكان جوازه بمناسبة تقتضيه ذاته بذاته وذلك غير مسلم .

    قوله : كان الباء في الكلام مستعملا للإلصاق ( 2 ) جواب قوله : لما التصقت النقطة بالباء .

    ( 3 ) والمراد بالكلام هنا لغة العرب واختصاص الباء بالإلصاق في لغة العرب لأن القرآن المنزل على لسان الحبيب المرسل باللغة العربية كما قال تعالى :وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ. سورة إبراهيم : الآية 4 .،

    وقومه - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - عرب ، وهو من أجلهم بيننا وأكرمهم حسبا ونسبا فالعرب هم الباء وبسيدهم نقطتها فالتصاق النقطة بالباء التصاق الشيء بنفسه فإذا لا التصاق وإلا من حيث المجاز
    وقوله ولما كان نظر النقطة ممدودا إلى الباء كان الباقي في كلام العرب مستعملا للاستعانة المراد بنظر النقطة إلى الباء هو تجلي الحق تعالى في كل آن بحيث لا يشغله شأن عن شأن وذلك هو حفظ الحق تعالى بعباده فالخلق مستعينون بالحق في كل آن كما قال تعالى في الفاتحة لما قسمها بينه وبين عبده في قسمه الذي بينه وبين عبده إياك نستعين فالخلق استعانتهم بالحق تعالى لا غير فقوله إياك نعبد يخاطب نفسه يعني هو العابد نفسه بما المظاهر المخلوقات إذ هو الفاعل بهم ومحركهم ومسكنهم فعبادتهم له عبادته لنفسه

    ولأن إيجاده إياهم إنما هو لإعطاء أسمائه وأوصافه حقها فما عبد إلا نفسه بهم ثم قال يخاطب حقه بلسان الخلق وإياك نستعين لأنه المراد بالخلق والحق فيخاطب نفسه إن شاء بلسان الحق ويسمعه بسمع لسان الخلق

    فلما علم أنه العابد نفسه بهم نبهنا على شهود ذلك فينا فقال وإياك نستعين لنبرأ من الحول والقوة والقدرة بصرف جميع ذلك إليه سبحانه وتعالى ولنلحظ ذلك منا وفينا ولا تغفل عنه فترقى من ذلك إلى معرفة واحديته فنحظى بتجلياته ويسعد بها من سبقت له السعادة فافهم .

    فهذا معنى كون الباء في الكلام للاستعانة ، فاستعانة الخلق بالحق أمر لازم بالضرورة ، لعجز الخلق وافتقاره لقوة الحق وغناه الذاتي ،

    فأورد المصنف - قدس سره - هذين المثالين وهما الالتصاق والاستعانة إشعارا لك أيها الواقف أن تعلم ما المراد بكون الباء ورودها في الكلام العربي للإلصاق والاستعانة إلا نبهناك عليه ودللناك عليهما ،

    وليست الباء إلا عبارة عن ذاتك وليس لذاتك قيام في الخارج إلا بنقطة الباء المعبر عنها بالذات الموجدة بتجليها الذاتي ما إذا أوجدته وبتجليها كما مر فيمن تجلت عليه أنه بغير حلول فتعلم حينئذ .

    ولأن الحروف والكلمات الواردة في كلام الله القديم بلسان العربي الكريم لها أسرار ومعاني خلاف ما وضعت له في الظاهر مع إبقاء ذلك الوجه الظاهري لأهله وإلا فمعنى إلصاق الباء معروف تقريره عند النحاة كما تقول مررت بزيد فتكون الباء هنا للإلصاق بمعنى أنك ألصقت مرورك بمحل قريب من زيد مجازا أو حقيقة نحوية وأما ورودها للاستعانة من باب الإشارة فكما علمت آنفا بمعنى أنك تبرأ من الحول والقوة وتنسبها إليه من حيث ما هو له بطريق الأصالة وأن ترى الكون كله مسخرا بين يدي الله تعالى وحوله وقوته سارية في جميع مخلوقاته وأن الخلق صنعة بين يدي صانع يقلبه كيف شاء بما شاء على أي حال شاء فإذا علمت ذلك فهمت معنى قوله تعالى :وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ”. سورة العنكبوت : الآية 43 ، والحشر: الآية 21 .

    وذلك أن الحق جل وعلا رب الأرباب فلكل مربوب حقيقة من ربه وبتلك الحقيقة علمه ذلك المربوب والحقيقة في نفسها واحدة من حيث الحق

    وهي من حيث كمال قوابل المخلوقات مختلفة فمن كان ذا قابلية كمال كان هو المعني بكمال الخطاب في المعنى المراد من الكلام القديم .

    فتلك الأمثال لمن فهمها وبحقه علمها وإلا فمعنى كون الباء للاستعانة من حيث معنى الظاهر كما هو مقرر عند أهل هذه الصناعة وهم النحويون كقولك كتبت بالقلم فالباء في القلم للاستعانة لما أنك تستعين على الكتابة بالقلم فافهم والله ورسوله أعلم .

    ثم قال رضي الله عنه : لما لاح نار السعادة للباء على شجرة نفسه ، سرى في ظلمة سرادق غيب ليله عن أهله ، ليقتبس نار النقطة ، أو يجد هدى في نفسه إلى نفسه نودي من جانب قائم شجرة الألف الذي هو اسم الله: " فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ “أي وصفك وذاتك :إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً. سورة طه : الآية 12

    وأنت محل التشبيه والدنس ، ولا مقام لك في وادي تقديس النقطة إلا بخلع تشبيه ذاتك ودنس صفاتك ، حتى لا يبقى في القدس إلا التقديس ، فأخذ بزمامه بيد التوفيق ، فانبسط تحت نور الألف انبساط الظل ، إذ ظل كل شيء مثله ، وبسط باء كل كتابة بقدر قائم ألفها ، فرأت نفسها ظلا لهذا القائم ، فعلمت أن قيامها به ، إذ لا وجود للظل إلا بالشخص ، فتحقق لها قيامها ، ونفت وهمية وجودها ، لأن الظل بنفسه ليس بشيء موجود تام ، إنما هو حيلولة الشخص بين الجرم المستتر والأرض ، فوجود الظل لنفسه محال ، ولكن لا بد من وجود .

    لما لاح نار السعادة على شجرة نفسه

    قوله رضي الله عنه : لما لاح نار السعادة ( 1 ) الخ اعلم - هداك الله لمرضاته ، ووفقك لسبيل نجاته - أن نار سعادتك الأبدية ، المحرقة لأوصافك العبدية ، ما برز من غيب شجرة الأحدية ، وهو ظلها القائم ، المتفرع منه جميع العوالم ، والمسعد لمن شاء من بني آدم ،

    ذلك النور الأولي ، والسر السرمدي ، الموصوف بالأولية ، والمنعوت بالآخرية ، في كل حضرة قدسية ، أو مكانة أقدسية ، صورة المعاني ، وموجد الأواني ، بالنفس الروحاني ، في المجلى السبحاني ،

    الذي قال فيه مولاك : “ لولاك لما خلقت الأفلاك “ ، أسعد إن عرفت المشار إليه ، فأثبت فهمك إلى ما نهديك به عليه ، فاعلم أنه لما كان للكليم - عليه الصلاة والسلام - مخاطبات الأنس في حضرات القدس ، تجلت ذات الأحدية - وهي في عزتها المحمية - بما هو عين مراد موسى ، لكونه من أسعد السعداء ، وكان مراده في ظاهر أمره نارا لأهله ، فتجلى عليه الحق بما هو مراد له في الظاهر ، ليميل إلى ما طلبه بقصده ، ولينجز للقوم حق وعده ، وذلك لسعادة موسى - على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام - حيث تجلى له الحق في عين مراده ، فلو لم يقع التجلي في النار لكان موسى غير مقبل على ذلك ، لأن مقصوده ما هو أهم من ذلك ، إذ هو حق الوقت ، فجمع الله له طلبه إليه في عين ما هو معول عليه ، وذلك هو اللائح من نار السعادة إليه ، فلم يكن بخارج عن باطن موسى ، لأن الإنسان لا يهتدي إلى شيء بدون ما يكون لذلك الشيء موقع في باطنه ، وهو المحرك له على الطلب ، وليس ذلك الطلب من موسى إلا ما هو عين الله منه ،

    ولهذا قال : لما لاح نار السعادة للباء ( 1 ) وهو تجلي الذات الأحدية على شجرة نفسه ( 2 ) أي ذات موسى ، إذ ذاك وقت أبان ما أراده الله أن يظهره على يد موسى ، فأول ما كان ذلك الأمر من الحق إلقاء في باطن كليمه ، وهو شجرة ذاته ، فما أسرى بموسى في الحقيقة سوى ربه ، وقوله : سرى في ظلمة سرادق غيب ليله ( 3 ) المراد بالسرو انتباه العبد وتيقظه لما أراد به الرب جل وعلا ، ولما كان حق السرو أن يكون ليلا قال : في ظلمة سرادق غيب ليله عن أهله ( 4 ) فالمراد بالظلمة ظلمة الكون وهي شهود الأغيار ، والمراد بالسرادق - التي هي جمع سرادقة - الحجب الظلمانية ، وقوله : غيب ليله ( 5 ) المراد بغيب الليل هو ما بطن في باطن البطون ،

    وهو السر الذاتي الذي هو باطن السر الصفاتي ،

    والمراد بقوله : عن أهله ( 1 ) وهي ما كان يشهده أولا بنظر العادة والآن ، يعني ترقيه كان من مشهد خلقي إلى مشهد حقي ،

    ولذلك قال : ليقتبس نار اليقظة ( 2 ) أي يعرف المعارف الحقانية اللائقة بمقامه ، الموجودة له في حقيقة عالمه ، فسر رجوعه إلى الحقيقة ، بعد أن رعى أغنام الخليقة ، فرعى الأغنام أولا تعليم الحق - تعالى - لعباده الكمل ، ليرعوا ثانيا ما هو المقصود ، في الخلق لله [ خلق الله ] الواحد المعبود ، واقتباسه من نار النقطة هو ما تجلى الله به عليه ، وتجليه عليه بالتوراة ، والتوراة عبارة عن تجليات الأسماء الصفاتية ، وذلك ظهور الحق - سبحانه وتعالى - في المظاهر الحقية ، فإن الحق - تعالى - نصب الأسماء أدلة على صفاته ، وجعل الصفات دليلا على ذاته في مظاهره ، وظهوره في خلقه واسطة الأسماء والصفات ، فكان تجلي الحق على موسى بما عرفت ، وكون الحق - تعالى - تجلى له في النار لكونه مصطفى مقربا ، فلو تجلى له في غير مطلوبه لأعرض موسى عن ذلك ، لاجتماع همته على مظلوب خاص وهو النار ، فتجلى له ربه بما هو عين مراده ، لئلا يعرض عنه ، فلو أعرض موسى عن الحق فيما لو تجلى له الحق في غير مطلوبه ، لغضب الحق عليه وهو مقرب ، فحاش الحق أن يغضب عليه ، فكان التجلي في النار دون غيرها لهذا السبب ، كما قيل :كنار موسى يراها عين حاجته * وهو الإله ولكن ليس يدريه

    أو يجد هدى في نفسه إلى نفسه

    وقوله : أو يجد هدى في نفسه إلى نفسه ( 3 ) يعني أن لائح تلك النار كان لما ذكرنا أولا ، إذ كان ليجد هدى ، وهو المشي على الصراط السوي لمن اهتدى في نفسه ، لأن هداية الإنسان من الله تعالى ، وإيصال تلك الهداية من الله إلى العبد هو إلقاء الحق في قلب عبده ما شاء أن يهديه به ،

    ولهذا قال : إلى نفسه يعني يجد هدى من الله إلى الله ،

    لأن الله لا يهدي إلا إليه ، فلمّا هدى الله موسى إليه ناداه ، ولهذا قال : نودي من جانب قائم شجرة الألف الذي هو اسم الله ( 1 ) يعني إن مناداة الحق - تعالى - لموسى كانت من جانب شجرة الألف .

    والشجرة هنا كناية عن ذات واجب الوجود الذي الاسم الله واقع عليها ، لأنه اسم تحت حيطته جميع الكمالات الحقية والخلقية ، وليس لتلك الشجرة في سماع كلامهما جهة مخصوصة حاشا وكلا ، ومن ثم اشترط في سماع كلام الحق أن يكون لا من جهة ، ولو سمع من جهة لكان معينة دون جهة .

    والمراد بجانب قائم شجرة الألف الذي هو الاسم الله محمد - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - الذي لا يكون الوصول إلى شجرة الألف بدونه .

    وإضافة الشجرة إلى الألف ، وتفسيره لذلك الألف بالاسم الله لما علمت أن الألف يشار به إلى الأحدية ، وليست الأحدية إلا الله تعالى .

    ووجه الشبه بالشجرة لما علمت أن الشجرة أحدية ذانها واحدة ، وهي شامله الأمور [ للأمور ] ، خارجة عن قيد الاحصاء ، لما هي عليه من الأغصان والأوراق والثمار إلى غير ذلك .

    فمثال تلك الأغصان :وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى” .سورة النحل : الآية 60 .

    مثال ما هو مندمج من الأسماء والصفات فضلا عن الأثر والمؤثرات في الذات الأحدية ، إذ الأحدية عبارة عن مرتبة تضمحل فيها الأسماء والصفات .

    ثم ظهور تلك الأغصان وما تنمو في الشجرة مثال ما ظهرت فيه الأحدية بذاتها من غير حلول ، فالكون كله شجرة ، وعلمت أن الشجرة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وأن تلك الأغصان وما ظهر متفرغ من أحدية ذاته ، فاصل شجرته هو الممد لكل من الأغصان المتفرعة من الشجرة ، ولكل نبي شرب من تلك الشجرة ، فكلما جاء أبان نبي من الأنبياء ناداه منادي الحقيقة من جانب شجرة نفسه ، ليعطيه ما هو له من الله بواسطته .

    وأيضا فان التشبيه بالشجرة المضافة إلى الألف المفسر بالاسم الله لائق بذات الإنسان ، لما علمت أنه ورد : “ خلق آدم على صورة الرحمن “ والرحمن هو الله ، ووجه الإنسان كتب على صورة اسم الله ، فالألف إشارة إلى إذنه ، وكذلك مشابهته في يده ، فالخنصر كالألف ، واللام الأولى كالبنصر ، والثانية كالوسطى ، والهاء كالسبابة والإبهام إذا جمع رأس السبابة برأس الإبهام ، وهكذا إذا تأملت وجدت الإنسان جميعه كذلك ، فإذا لا شك أن الإنسان شجرة فيها ما في العالم جميعا بأسره كالرقائق ، والدقائق ، والحقائق ، والقوى ، والأغصان ، والنبات الذي فيه كالشعر ، والحصا كالأسنان ، والخشب كالعظام ، كل ذلك يحويه الإنسان بأحدية ذاته ، وهو متفرق في جميع مجموع العالم ، ولا شك أن كل عالم له نسبة في الإنسان بما بينا فنسبة الإنسان من الإنسان من باب أولى ، وهي ذلك الإمداد الحقي من الشجرة المحمدية ، المعبر عنها بألف الوجود فافهم .

    إخلع نعليك

    وقوله : إخلع نعليك أي وصفك وذاتك ، يعني كانت تلك المناداة بهذا الكلام ، وهو اخلع نعلي وصفك من نقايص خلقك اللازم لوجودك ، وذاتك القائمة بها تلك النقائص .

    ووجه الشبه بصفات الإنسان وذاته بالنعلين لما علمت أن محل النعلين بين الرجل والأرض ، فهما - أي صفته ونفسه - يخلدان به إلى الأرض ، ويبعدانه من حقيقة السنة والفرض .

    فإذا جاء المصلي إلى المسجد ليصلي ، وجب عليه خلع نعليه ، لعدم جواز الدخول بهما ، لما فيهما من نجاسة الأرض ، وتلك النجاسة في الإنسان هي كثائف الأكوان التي من جملتها الأرض والطول والعرض ،

    ولهذا قال : إنك بالوادي المقدس أي المنزه أن يشهد فيه كون ، أو يسمى بلون ، لان الشيء يلتئم مع الشيء بنسبة جامعة بينهما ، ولا نسبة بين التنزيه الإلهي الحقي والتشبيه العبدي الخلقي ،

    ولهذا قال : وأنت محل التشبيه والدنس يعني كيف يمكنك الوصول إليّ ، وتشهد بتنزيهي بدون خلع تشبيهك من ذاتك ، وترك دنس صفاتك ، وهي قبائحك التي لا ينبغي لمثلك أن تحملها إلى محل ليس بمحل دنس ولا تشبيه ، وإنما هو محل منزه عن جميع تشبيهك وصفاتك الدنسة ، فخلعك نعلي ذاتك وصفاتك ثمرته القدرة على الدخول في الحضرة المنزهة ، ولا يمكن ذلك الدخول إلى تلك الحضرة بدون ذلك ،

    حتى لا يبقى في القدس إلا التقديس

    ولهذا قال : حتى لا يبقى في القدس إلا التقديس ( 1 ) يعني إذا أفنيت عنك كل ما عرفت أنه لا بد لك أن تفنيه من كل شيء هالك - البازغ منك ، والدالك - بحيث يبقى القديم لقبول تجلي القديم ، وهو معنى قوله : حتى لا يبقى في القدس إلا التقديس ، وذلك أن العبد إذا أفني عنه كل ما يمكن فنائه ، تجلى الحق على اللطيفة الإلهية ، وهي الوجه الذي في كل شيء في قوله تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ” سورة القصص: الآية 88 .

    فيتجلى الحق إذا على تلك اللطيفة الإلهية ، فيكون ما في القدس إلا التقديس ، يعني ما في الإنسان الذي ذهب عنه ما ذهب إلا الله جل شأنه وتعاظم سلطانه .

    فإذا إن شئت قلت : إن العبد فان ، فصدقت حيث أن الحق إنما تجلى على ما له في العبد وهي اللطيفة الإلهية .

    وإن شئت قلت : أن العبد باق ، فصدقت أيضا باعتبار أن تلك اللطيفة إنما هي عوض الحق عن العبد فيما فني عنه .

    فأخذ بزمامه بيد التوفيق

    وقوله : فأخذ بزمامه بيد التوفيق ، فانبسط تحت نور الألف انبساط الظل ( 1 ) يعني لمّا كان ذلك المطلوب من العبد ، وهو ما تقدم ذكره من كونه أفنى ما سوى الله ، فأخذ الله بزمام ذلك العبد ، يعني قاده إلى الصراط المستقيم المعبر عنه بصراط الله ،

    ولهذا قال : بيد التوفيق فاليد كناية عن إرادته - تعالى - لذلك العبد أن يسلك الصراط المستقيم ، بالتوفيق الذي هو خلق قدرة الطاعة على الطاعة الموصلة من قريب ، وإلا فكل سالك طريق الله إنما سلكها بإرادته تعالى ، إذ لا يكون إلا ما يريده .

    والمراد من انبساط الباء تحت نور الألف قبولها امتثال أمره ، ومن جملة أمره أنه تكون منبسطة ليلقي إليها ما ذا عسى أن يلقي ، فتلقاه بالقبول لأنها حينئذ هو كما قال :

    “ كنت سمعه وبصره “ الحديث .

    وقوله : انبساط الظل إذ كل شيء ( 2 ) مثله يعني أن للظل الظاهر بين جرم الشمس والقائم لا يوجد بدون موجد ، وهو القائم الذي له ذلك الظل المنبسط .

    وقوله : إذ ظل كل مثله ( 3 ) المراد بالمثلية هنا ما يرى من علامات القبول من حيث ظهور النور المحمدي في قوابل الخلق ، فمن تابعه في كل من قوله وفعله وتقريره متابعة كاملة يرضاها ويحبها كان مثله ، وقد قال تعالى :وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا” . سورة الحشر : الآية 7 .

    ولا يلزم من مثلية المتابع - اسم الفاعل - مثلية المتابع ، إذ لو لزم لكان التابع والمتبوع واحدا لا فرق بينهما ، والمثلية هنا إنما تفيد معنى ما أمرنا أن نتخذه

    ونتبعه فيه ، كما قال تعالى :وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُوقد يكون له ما هو وراء ذلك ، وإنما آتاكم الرسول بقدر قوابلكم فافهم .

    وبسط باء كل كتابة بقدر قائم ألفها

    وقوله : وبسط باء كل كتابة بقدر قائم ألفها ( 1 ) يعني إن كلا له نصيب من الفيض المحمدي بقدر اتباعه للرسول - عليه الصلاة والسلام - .

    قوله : فرأت نفسها ظلا لهذا القائم ( 2 ) أي ما ميز كل حقه من الشارع وعمل به .

    وقوله : فعلمت ( 3 ) أي الباء أن قيامها به ( 4 ) أي بالألف ، والباء كل إنسان هنا ، والألف هو الرسول إلى كل إنسان وغيره ، وكون الباء تقع على الإنسان ومميزة أيضا ، لأنها عبارة عن النفس الكلية ، والنفس الكلية هي مظهر الأسماء الفعلية ، والعالم بأجمعه مظهر الأسماء الفعلية ، لكن اختصاصها من حيث الإطلاق بالإنسان [ من ، بين ، من بين ] المخلوقات وهو التكريم الإلهي ، فعلمت الباء حقيقة أن قيامها إنما هو بالألف ، إذ لا وجود للظل إلا بالشخص ، فالشخص هو الألف ، والظل هو الباء ، فحينئذ تحقق لها أي الباء قيامها ، وتحققها هذا من باب العقل ، إذ هو الحاكم الذي لا يحيف [ يخيف ] .

    قوله : ونفت وهمية وجودها ( 5 ) أي من حيث ما أظهر لها العقل الحق وعرفها إن لم تهتد إلى السبيل البين فهي من الخاسرين .

    فلمّا كان لها من السعادة ما كان إطاعته ، ونفت وهمية وجودها لنبيل شهودها في حضرة معبودها .

    لأن الظل في نفسه ليس بشيء موجود تام

    وقوله : لأن الظل في نفسه ليس بشيء موجود تام ( 6 ) يعني أن السعيد إذا أصعدته يد العناية الربانية ، وقربته من الحضرة الرحمانية تحقق أن وجوده ليس بشيء ، وإنما الوجود لله تعالى ، وإنه عدم العدم لا يكون شيئا ،

    ولهذا قال : إنما هو حيلولة الشجرة ( 7 ) يعني أن ذلك الشهود الأولي الذي كان يشهده العبد الخلقي إنما هو بوجود النفس القائمة بجهلها لا بعلمها بربها ،

    ولهذا قال : فوجود الظل لنفسه محال ( 1 ) يعني وجود المربوب بغير رب محال ، ولكن لا بد من وجود يعني يوجد به ، وهو وجود الله المراد في قوله تعالى :وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً” سورة النساء: الآية 64 . . ، وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ. سورة الزخرف: الآية 4

    فلمّا تحقق الباء بهذا القدر من الفناء أخذ الألف إلى نفسه

    ثم قال - رضي الله عنه - : فلمّا تحقق الباء بهذا القدر من الفناء ، أخذ الألف إلى نفسه ، وأبقاه في محله ، واندرج الألف فيه ، ولهذا طولت باء بسم اللّه الرحمن الرحيم ، لتكون دليلا على الألف المندرج فيها ، فهي في المعنى خليفة عن الألف ، وفي الصورة مطولة على هيئة الألف ، فحصل لها من الألف الهيئة والمعنى ، ووقعت في الكلام محل الألف ، ولا يعرف في كلام العرب باء تقوم مقام الألف إلا باء بسم الله ، فانظر هذا الباء كيف أنشد حادي حاله لجمال جماله .

    شعر :

    وغنّى لي منى قلبي * وغينت كما غنّى

    وكنا حيثما كانوا * وكانوا حيثما كنّا

    وقوله : فلما تحقق الباء ( 1 ) الخ .

    اعلم أن تحقق الباء التي هي عبارة عن ذاتك بما لا أن الحقيقة عنها أي مطلوب الحق من عباده وفي سيرهم إليه تعالى وذلك هو المعبر عنه بالفناء وهو على سبع مراتب :

    [المرتبة الأولى ] : فأول مراتب الفناء الذهول ، وهو عبارة عن عدم شعور العبد بنفسه عند الاستغراق في ذكر الحق - تعالى - لأهل الحجاب .

    المرتبة الثانية : الذهاب ، وهو عبارة عن فناء العبد عن أفعاله بسيره وذهابه في الحق ، فتكون أفعاله جميعها أفعال الله تعالى .

    المرتبة الثالثة : السلب وهو عبارة عن فناء صفات الخلق بظهور صفات الحق ، فيكون هو المعني بقوله تعالى : “ كنت سمعه وبصره “ والحديث .

    المرتبة الرابعة : الاصطلام وهو عبارة عن فناء العبد عن ذاته لوجود ذات الحق .

    المرتبة الخامسة : الانعدام وهو عبارة عن فناء العبد عن فنائه فلا يبقى عنده شعور بأنه فان .

    وفي هذه المرتبة يقال فيه واجد .

    المرتبة السادسة : السحق وهو عبارة عن زوال الخنس [ الحس ] من نفس العبد ، فيقبل الأوصاف الإلهية من غير تعمل ولا تعقل ولا استحضار ، بل يقبل صفات الحق كما يقبل صفات نفسه ، لا يبقى عنده بينهما فرق .

    المرتبة السابعة : المحق وهو عبارة من زوال الحضر والحد من جسمانية العبد وروحانية معا فان اليد مثلا ليس في جبلتها الطبيعة أن يكون فيها قوة إبراء الأكمه والأبرص ، والرجل . .
    إلى هنا تنتهي المخطوطة الثمينة في شرح الكهف والرقيم .

      الوقت/التاريخ الآن هو 27/11/2024, 01:54