بل لا أنا ولا أنت و . . . . . إلا النقطة الواحدة
وقوله : بل لا أنا ولا أنت ولا هم ولا واحد ولا اثنين ولا ثلاثة ما ثم إلا النقطة الواحدة ( 9 ) يعني بل لا أنا المفهوم ، و لا أنت من حيث حقيقتي ، ولا هم أنا ، ولا الواحد المشار إليه ، ولا الاثنين ، ولا الثلاثة يتوصل بها إلى كنه ذاتي ، بل أنا من وراء ما ظهرت خلف حجب الكائنات ، بل ومن وراء حجب الأسماء والصفات ،
ولهذا قال : لا تعقل لمثلك فيك ولا تفهم ( 10 ) كما قال - تعالى - فيه :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. سورة الشورى : الآية 11 .
وهو الذي خلق على الصورة كما جاء : “ خلق آدم على صورته “ مع قيامك بصفاتك الناقصة .
ولهذا قال : فلو تحولت ( 1 ) أي تبدلت بصفاتك الذميمة صفاته الحميدة من ثوبك ( 2 ) أي وصفك - كما مر - إلى ثوبي ( 3 ) أي وصفي ، فإن الصفة للمتصف كالثوب على اللابس ، ألا ترى تزين العوام بملابسها الفاخرة من قزها وخزها لتعطم نفسها عند نفسها وأبناء جنسها ، كذلك الاتصاف بصفات الحق - تعالى - فإنها تكون ثوبا على المتصف بها ، ومن ثم ورد : “ تخلقوا بأخلاق الله “ .
وأصل أسها العلم من حيث هو ، وأفضله العلم بالله ، وفي ذلك قيل :ومهما تكن عند امرء من خليقة * وإن خالها تخفى على الناس تعلمومن قول السلف : “ إذا أودع الله عبدا سريرة ألبسه رداها “ ، فالحقائق تظهر نفسها لا تستدعي شاهدا لها ، إذ هي الشاهد من حيث ما ظهرت ،
ولهذا قال : لعلمت كل ما أعلم ( 4 ) قدم العلم على السمع والبصر لما علمت من شرفه ، ولأنه لا يجوز في حقه - تعالى - سمع ولا بصر كسمع السامعين وبصر الباصرين ، بل هو بذاته ولذاته يبصر ،
وليس علمه إلا ذاته ، فهو إذا بعلمه يسمع ويبصر ، إذ حقيقة السمع إنما هو علم بالأخبار ، والبصر إنما هو علم بالمرئى ،
ومن ثم قيل في الأسماء النفيسة : أنها أربعة ، ويراد بها الحياة ، والعلم ، والإرادة ، والقدرة ، ويعبر عنها بأئمة الأسماء والصفات ، وبالحي إمام الأئمة ، وتقدم الحي على العلم ضرورة ، لأنه لا توجد ذات عالمة غير حية فافهم ، والله ورسوله أعلم .
فأجابه الباء وقال : قد لاح بارق ما قلت
ثم قال رضي الله عنه : فأجابه الباء وقال : قد لاح بارق ما قلت ، فمن لي بالوقوع في صبح هذا الفجر ، وقد قلت أن البعد والقرب والكم والكيف من ترتيب وجودك ، فكلّ ما شهدت القول بالترتيب وما لا بد منه سلمت وانصرفت بوجهي إلى عالم شهادتي ولزومي الأدب معك ، وكلّ ما جلت في ملكوت معناي وجدتك نفسي ، فإذا طلبت من نفسي ما لك من الحال والفعل في الحروف ، والسريان في كل حرف بكمالك لا أجد شيئا ، فتنكسر زجاجة همتي وأرجع حسيرا .
قوله رضي الله عنه : فأجابه الباء ( 1 ) الخ أي أجاب الباء النقطة عند سفور صبح الهدى وغياب ليل الغي والردى ، حين لمع من سفح الطريق بارق ، وأومض من وادي العقيق بنسم وامق ، ولاحت أنوار السبحات من بطون الأسماء والصفات ، بأنواع الكمالات القرب في العشر البينات ،
وقد خلعت نعلي التدنيس ، في حضرة التقديس ، المنزهة عن الكم والكيف ، وعن رحلة الشتاء والصيف ، واستيقظت من غفلتي ، وأنا لا أرى سوى علتي ، والمواجهة لي في الست الجهات ، الظاهرة لي في كل الذوات ،
ولم أدر أن عين ما أحرف إليه وأرجع عنه ، وأتقدم إليه وأقهقر عنه ، أنه الأمر المطلوب ، والكنز المحجوب ، الذي من أقام جداره ، وعرف شعاره ، بلّغ يتيما حقه ، وخلقه فخاره ، وتبقى زجاجة المهمة في المهمة ، ولم تزعجها ملمة ، ففكّ الرموز ، واعرف الكنوز تحظ ، والله بالفوز .
واعلم أن الباء لمّا تحققت خطاب نقطتها ، واستيقظت من نوم غفلتها ، كما أشار إلى ذلك سيد أهل هذا المقام ، بقوله عليه الصلاة والسلام : “ الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا “ ، وما ذاك إلا الذي لاح إليه من النبأ العظيم ، والمقال الجسيم ،
حيث قالت : فمن لي بالوقوع في صبح هذا الفجر ؟ ،
وهو جمال الذات ، الكاشف عن حجب الظلمات ، في ليل الجهالات ، بإحياء من قد مات ،
ولهذا قال قدس سره : وقد قلت : البعد والقرب والكم والكيف من ترتيب وجودك ( 1 ) يعني أن النقطة لما وعظت الياء ، وعرفتها طريق سعادتها في حضرة المناجاة ، قالت الباء : فمن لي بالوقوع أي بالإلقاء - في صبح هذا الفجر ؟ ( 3 )
وهو التجلي الذاتي بالاسم الجمالي ، وأنت قد نفيت عن حقيقة معرفتك الإدراك بالبعد ، لأنك تقول :وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ” سورة ق : الآية 16 .
وبالقرب حيث قلت وقولك الحق :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ” سورة الصافات: الآية 180 . وبالكم لاستحالة التعدد عليك .
وبالكيف الغير الجائز في حق :الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى. سورة طه : الآية 5
فكلما شهدت القول بالترتيب وما لا بد منه
وجعلت كل ذلك من ترتيب وجودي ، ولهذا قال : فكلما شهدت القول بالترتيب وما لا بد منه ( 4 ) أي وشهدت ما لا بد من شهوده ، وهو ما أراه من البعدية والقربية والكمية والكيفية سلمت وانصرفت بوجهي إلى عالم شهادتي ولزومي الأدب ( 5 ) أي وإلى لزومي الأدب معك من حيث ما تستحقه ، وأنا لا أدرك ما تستحقه ، سلمت وانصرفت لأن : “ العجز عن الإدراك إدراك “ ،
ولأن : “ من سلّم سلم “ كما قال الشيخ أبو بكر العيدروس قدس سره العزيز :
إن في التسليم راحة عاجلة * ومن التفويض فيضان المنا
ومن الأدب معك أن أقيم حيث أقمتني ، وقد أقمتني فيما حيرتني “ رب زدني فيك تحيرا “ .
وكل ما جلت في ملكوت معناي وجدتك نفسي
وقوله : وكل ما جلت في ملكوت معناي وجدتك نفسي ( 1 ) أي كما أني في الانصراف الذي عاقبته التحير أرجع بوجهي - أي بذاتي - إلى عالم شهادتي - وهو عالم الحس فيما أجده من المحسوسات - ، كذلك أيضا كل ما جلت - أي تفكرت - في عالم معناي ، وهو عالم الحكم الذي لا يقبل سوى التفكر في خلق السماوات والأرض كما قال تعالى :فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. . . الآيات
"" هذه الآية مشتركة بين ثلاثة آيات : 164 من البقرة ( 2 ) ، و 190 من آل عمران ( 3 ) ، و 22 من الروم ( 30 ) . "" .
أي علامات دالة على تنزيه موجدها - تعالى - ، وتلك العلامات هي المعاني التي قامت بها أجرام السماوات والأرض ،
ولهذا قال : وجدتك نفسي يعني فيما شهدت من عالمي الحس - وهو الشهادة - والحكم - وهو المعنى - ، لأنك أنت الموجد لكل منهما ، وأنت في كل ما أوجدت من غير حلول ، وأنت واحد بالذات ، وواحديتك هي نفسي ونفس ما أوجدته من جميع الموجودات ، فوجدتك نفسي السارية في جميع عالمي الشهادة والمعنى ، وأنت هذا الذي سرت فيه وجودية نفسي ، ولك من وراء ذلك ما لا يصفه واصف .
فإن قلت : إني أدركتك كما أنت فذاك دعوى .
وإن قلت : إني لم أدركك فهو كذب في النجوى .
فعلمت أن لك ما لي وليس لي ما لك .
فإذا طلبت من نفسي ما لك من الحال والفعل في الحروف
ولهذا قال : فإذا طلبت من نفسي ( 1 ) يعني من حيثي ما لك ( 2 ) أي الذي لك من الحال ( 3 ) وهو تصورك بصورة كل شيء في كل شيء كما تشاء والفعل ( 4 ) أي وما لك من الفعل بقوة أحديتك الغير المنقسمة في الحروف ( 5 ) وهي أعيان الموجودات بمعنى أرواحهم المدبرة لأجسامهم والسريان ( 6 ) أي وليس لي من السريان ما لك في كل حرف ( 7 ) أي ذات بكمالك ، لأنك لا تتجزء ولا تتبعض ، إذ كمالك ذاتي لذاتك ، وما كان ذاتيا لشيء لا يمكن افتراقه عن شيئه لا أجد شيئا ( 8 ) أي مالك من الحال والفعل في الحروف ، والسريان في كل حرف بكمالك فتنكسر زجاجة همتي ( 9 ) أي قلبي همتي المطلوبة في السير ، لأن الهمة إنما تكون لسالك الطريق وهو ما دون المحقق ، فإن المحقق لا همة له بدليل : “ وأعوذ بك منك “ ، فما وجد من يستعيذ به منه سواه .
وتعبيرنا للزجاجة هنا بمعنى القلب كما قال تعالى :كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ” في مشكاة ، فالمشكاة صدره الشريف ، والمصباح سره المنيف ، والزجاجة قلبه العفيف .
"" سورة النور: الآية 35 ، وهي كالتالي :اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. ""
فانكسار زجاجة الهمة المعبر عنها بالروح عين جبرها كما قال تعالى : “ أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي “
ولهذا قال : فأرجع حسيرا ( 1 ) أي حاسرا عن ساق الأمر بمعنى كاشفا عن معلقات الكنوز الكونية التي خلقت لأجلي وخلقت لأجلها ، فتناديني الأكوان بلسان حالها وفصيح مقالتها بقول قائلها :
تملك في الزمان كما تريد * فمولى أنت نحن لك العبيد
وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
فقالت النّقطة : نعم ترجع لأنّك طلبت من نفسك
ثم قال رضي الله عنه : فقالت النّقطة : نعم ترجع لأنّك طلبت من نفسك ، ونفسك عندك غير نفسي ، فلا تجد منها ما لي ، فلو طلبت منها أنا الّذي هو أنت من نفسي الّتي هي نفسك ، دخلت الدّار من بابه ، فصحّ ما طلبت ما للنّقطة إلّا من النّقطة ، بل ولا طلبت إلّا النّقطة ما لها منها ، فجل في هذا المعنى .
قوله : فقال النقطة ( 1 ) أي الحق - جل وعلا - للباء المعبر عنه بالعبد لما سأله : أنه قد لاح لي الأمر ، فمن لي بالوقوع في بحر الألوهية ، المعبر عنه بصبح الفجر إلى آخر ما وقع من اعترافه بين يدي سيده .
فقال السيد له : نعم ( 2 ) أي أن الأمر كما ذكرت لك وذكرت لي الآن ، لأن من طلب الأمر بنفسه وكل إليها ، ونفسه عاجزة عن نيل ما لنا ، ألا ترى نص الخطاب :وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ” سورة الإسراء: الآية 80
وأيضا ادعائك أن نفسك عندك هو حجابك الأعظم ، فما أوتيت إلا من حيث ادعيت ، فالجزاء من جنس العمل ،
فلهذا قال : فلا تجد منها ما بي ( 3 ) يعني أنك لا تجد بنفسك ما تجده بنفسي ولو تبرأت من دعوى الغيرية .
ولهذا قال : فلو طلبت أنا الذي هو أنت ( 1 ) يعني شهدت إنيتك عين إنيتي على الوجه المراد لي ، لأنك من نفسي التي هي نفسك ( 2 ) أي التي احتجبت بها عن نفسي التي هي نفس نفسك دخلت الدار من بابه ( 3 ) كما قال تعالى :وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها” . سورة البقرة : الآية 189
وفي قوله : دخلت الدار من بابه ( 4 ) ما يغني كل واقف على هذا الكتاب أو غيره أنه :
إن لم يجد ما وجدوه ، ولم يدرك ما أدركوه ، فليعلم أنه أتى البيت لا من بابه ، ومن أتى البيت لا من بابه فقد خالف الله ورسوله ، ومن خالف الله ورسوله وقع في الضلالة ، واكتسب الجهالة ، نعوذ بالله من هذه الحالة .
والمراد بقوله : دخلت الدار من بابه وهو ما أتى به البشير النذير ، من مكتب التدوين والتسطير ، عما أنار به الهدى ، وأهار به سبل الردى ، وعند رحلته بعد تبليغ الأمانة أودع ما جاء به وأبانه ، في الثقلين كتاب الله وعترته أهل بيته ، فلن يضل من تمسك بهما ، ولن يخيب من اقتدى بهما ، فهما المحجة البيضاء ، في الأولى والأخرى .
ومن ثم كان : “ أهل القرآن - الذي هو كتاب الله - أهل الله وخاصته “ ، وليس المراد بقوله عليه الصلاة والسلام : “ أهل القرآن أهل الله وخاصته “ سوى أهل بيته ، والبيت لا يكون بيتا إلا بساكنه ، فشرف الدار بربها كما قيل : “ شرف المكان بالمكين “ ، فأهل بيته عليه الصلاة والسلام الذين أقاموا لنا شرائع الدين ، وأبانوا لنا معالم اليقين ، رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين .
فصح فحينئذ ما طلبتها للنقطة إلا من النقطة
وقوله : فصح [ فحينئذ ] ما طلبتها للنقطة إلا من النقطة ( 5 ) يعني فعلم من ذلك أن الباء ما لها إلا ما طلبته من نقطتها جل أو قلّ كما قيل : “ يا موسى سلني حتى ملح
عجينك “ لأنه لا يملك الأشياء سواه - تعالى - جليلها وقليلها ، ولا يطلب أحد إلا ما هو له وما قدر له ، وليس ذلك الطلب من غير الله ، لأنه لو لم يقدر العبد على الطلب لم يطلب ، والدليل على ذلك أنك ما ترى كل طالب بلسان مقاله يؤتى ما طلب ، بل ما يؤتى إلا ما هو له من الله بالله ،
ولذلك قال : بل ولا طلبت ( 1 ) يعني في الحقيقة إلا النقطة ما لها ( 2 ) أي ما للنقطة منها ( 3 ) أي من النقطة .
قد علمت أن الروح المدبرة لجسمك التي لولاها مدبرة له لخرب إنها كما قال تعالى :"وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي". سورة الإسراء : الآية 85 .
وهذا الروح هو الحقيقة المحمدية ، وليست الحقيقة المحمدية إلا ذات الأحدية كما قال عليه الصلاة والسلام : “ أنا من الله “ الحديث ،
وليس الله إلا الذات الواجب بذاته ، فهو المستفيض من الله بالواسطة ، والمفيض على ذرات الوجود بواسطته ،
فهذا معنى : بل ولا طلبت إلا النقطة وهو محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - ما لها أي ما للنقطة المعبر عنها بالحقيقة المحمدية ، الذي لها الوساطة أولا ، والوسيلة ثانيا .
هذا لتعلم أن ليس في الوجود - أوله وآخره - من نال شيئا بغير واسطة ، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب ، فعدم نيل غير الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين بغير واسطته [ واسطة ] من باب الأولى .
وقوله : منها أي من النقطة المعبر عنها بالذات الإلهية ،
ولهذا قال - تعالى - في حقه :وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ” سورة الأنبياء: الآية 107 .
فلهذا قال - قدس سره - :
فجل في هذا المعنى ( 4 ) وهو الرحمة العامة التي رحم الله بها الموجودات إما بإيجادها أو بعد إيجادها فافهم ، والله ورسوله أعلم .
ثم قال - رضي الله عنه - شعرا :
هذي الخيام بدت على أطنابها ..... فانزل بها إن كنت من أحبابها
قف بين هاتيك المعاني أنّها ..... وقفت بها الأزمان في أترابها
ما هند إلّا من أقام على الغضا ..... والبان والأثلات في أجنابها
فانخ مطيّك في الدّيار فإنّها ..... دار مباركة على أصحابها
لله درّ منازل قد شرّفت ..... بالسّاكنين وشرّفوا بترابها
لا تعرف الأغيار في غرفاتها ..... مجهولة سدّت على أبوابها
النازلين بحيّها هم أهلها ..... من بان عنها ليس من أنسابها
هذي الخيام بدت على أطنابها
هذا الخيام ( 1 ) البيت والأبيات بعده إلى تمامها أتينا بها جملة لما فيها من العذوبة الرائعة للأسماع الذائقة ، فإنها للأذهان كالغذاء للصاحي ، وكالنقل للسكران .
ثم نشرح كل بيت على حدته ، لتتم الفائدة ، وتحصل الجدوى والعائدة
فنقول قوله قدس سره :
هذا الخيام بدت على أطنابها * فانزل بها إن كنت من أحبابها
إشارته بهذا إلى الخيام المعبر عنها بما دلت على موجدها وهو الله تعالى ، والخيام هي الكائنات ، إذ الخيمة تظل من فيها إذا ضربت ، وليس ما ترى من الأجسام وأنواع الموجودات على الشيء الذي فيها من غير حلول إلا كالخيمة المضروبة المستظل بها القوم ،
ولذلك قال : على أطنابها جمع طنب وهي حبالها التي تربط بأوتادها ، والمراد هنا من الأطناب ما قامت به الموجودات كما قال تعالى :فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ” سورة النور : الآية 45 .
فإذا فهمت ذلك علمت أن قوله : هذا الخيام بدت على أطنابها يعني أن الموجودات من حيث ظهورها إنما ظهرت دالة على صانعها وخالقها على اختلاف تعيناتها ومحاتدها ، وأنها مظهر لذات [ للذات ] الواجبة ،
ولهذا قال : فانزل بها أي بالذات في حقائق المخلوقات ، يعني يريد منك أن تعرف الحق بالخلق .
"" توجد فوق كل من الحق والخلق حرف م وهي تدل على التقديم والتأخير ، فالصحيح أن تعرف الخلق بالحق . المحقق . ""
وهذا أكمل الرجلين في من عرف الوجود ، كما قيل : “ ما عرف الوجود إلا أحد رجلين : رجل رأى الخلق مظهرا والحق هو الظاهر ، ورجل رأى الحق مظهرا والخلق هو الظاهر “ .
ولهذا قال : إن كنت من أحبابها أي إن كنت ممن همته عالية ، لا يرضى بأن يعرفها بدون أسماء ذاتها لا بأسماء صفاتها ، لأن الذاتي له ما للصفاتي ولا عكس .
ويحتمل قوله : هذا الخيام البيت ، أن المراد بالخيام المعارف الحقانية بدت مطيته على بيت النبوة ، الذي هو محل نزول الملك بالوحي الإلهي ، فأخبر أنها - أي المعارف الحقانية - عالفة على جنابه الشريف ، الذي من جاءه وجد الله عنده كما قال تعالى :
وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ.
وظلمهم لأنفسهم أنزلوهم أسفل سافلين كما قال تعالى : “ إن الإنسان كان ظلوما ".
"" اقتباس من سورة الأحزاب: الآية 72 وهي كالتالي :إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا. ""
أي لنفسه حيث أنزلها منزلة أسفل سافلين “ جهولا “ أي بمقدارها العظيم الذي لها صمدنا [ بها صعدنا ] ،
ولهذا قال : فانزل بها إن كنت من طلابها أي كن محمدي المشهد ، لا ترض بأن ترجع إلى غير ميراثه الخاص به ، لتكون من أهل يثرب الذين قال تعالى فيهم :يا أَهْلَ يَثْرِبَوهم الورثة المحمديون من باب الإشارة ، لا من باب التفسير والعبارةلا مُقامَ لَكُمْأي في غير مقام محمد - صلى الله عليه و آله وسلم –فَارْجِعُوا.
"" اقتباس من سورة الأحزاب: الآية 13 ، وهي كالتالي :وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً. ""
أي عن كل مقام إلى مقامه كما قال تعالى :قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ”.
فإذا فهمت المعنى الأول في البيت ، والمعنى الثاني منه أيضا ، فاجمع بين المعنيين في أن المراد بكل منهما في حق الله - تعالى - وحق رسوله واحد كما قال تعالى :مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ” 5 “ فجعل طاعته عين طاعته .
وقولنا لك : اجمع بين المعنيين ، لئلّا تفهم أنا لمّا حملنا المعنى في الأول في
قوله : وانزل بها إن كنت من أحبابها وانزل بها إن كنت من أحبابها ( 1 ) ، وعرفناك أنه يريد منك أن تكون ذاتي المشهد ، أن الذاتي يكون مقامه مغايرا لمقام الوارث لمحمد - صلى الله عليه و آله وسلم - فيما جاء به خاصة ، وعبرنا بذلك الوارث أنه المراد بالمنادى
في قوله تعالى :يا أَهْلَ يَثْرِبَأن يكون الوارث مغايرا للذاتي المشهد ، بل لا يكون الذاتي ذاتيا إلا إذا كان وارثا ما جاء به عين الوجود - صلى الله عليه - خاصا ،
وذلك هو اليثربي ، وهذا اليثربي هو ذلك الذاتي ، واختص الوارث المحمدي بأن يكون مشهده ذاتيا ، لأن محمدا - صلى الله عليه و آله وسلم - محتده الذات ، وغيره محتده الصفات ، والصفات راجعة إلى الذات في تعينها واستنادها ،
ولذلك كان جميع الأنبياء - عليه وعليهم الصلاة والسلام - راجعين غدا إليه ، مستمدين من شفاعته لديه ، حيث يقول كل واحد منهم : “ لست لها ، لست لها “ ، فهذا معنى قولنا : اجمع بين المعنيين .
ولتعلم بذلك أيضا كل ما ورد عليك من مقام أعلى لا يستحقه سواه .
وفي قولنا : لا يستحقه سواه - أي سوى محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - معنى تنبو عنه أفهام القاصرين ، ومرادنا بذلك أنه كما علمت مظهر الذات كما كان غيره مظهر الصفات ، فكل مقام أعلى هو مستحقه بالأصالة ، ومعنى أنه مستحقه بالأصالة لأنه أكمل الكملاء ، وأفضل الفضلاء على الإطلاق ، فهو مستحق لكل مقام أعلى يفيضه الحق عليه ، أو يفيضه الحق على كل من الأنبياء والمرسلين ، ولا يقاس على قوابل الأنبياء إلا بواسطته
كما قال عليه الصلاة والسلام : “ أنا من الله والمؤمنون مني “ أي أنا من الله بلا واسطة ، والمؤمنون من الله أي بواسطتي والمؤمنون هم الأنبياء - عليه وعليهم الصلاة والسلام - كما قال تعالى :وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ . الآية ، سورة آل عمران: الآية 81
والرسول هنا هو محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - وتنكيره للتعظيم ، فهذا معنى قولنا : هو مستحقه بالأصالة ، يعني هو مستحق أن يفيض على قوابل الأنبياء ما استحقته قوابلهم ، وهذا هو المقام الأعلى والمظهر الأجلى ،
ولذلك قيل فيه : محمد الذي لم يترك للآلاء محلا ، والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .
وقوله : بل لا أنا ولا أنت ولا هم ولا واحد ولا اثنين ولا ثلاثة ما ثم إلا النقطة الواحدة ( 9 ) يعني بل لا أنا المفهوم ، و لا أنت من حيث حقيقتي ، ولا هم أنا ، ولا الواحد المشار إليه ، ولا الاثنين ، ولا الثلاثة يتوصل بها إلى كنه ذاتي ، بل أنا من وراء ما ظهرت خلف حجب الكائنات ، بل ومن وراء حجب الأسماء والصفات ،
ولهذا قال : لا تعقل لمثلك فيك ولا تفهم ( 10 ) كما قال - تعالى - فيه :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. سورة الشورى : الآية 11 .
وهو الذي خلق على الصورة كما جاء : “ خلق آدم على صورته “ مع قيامك بصفاتك الناقصة .
ولهذا قال : فلو تحولت ( 1 ) أي تبدلت بصفاتك الذميمة صفاته الحميدة من ثوبك ( 2 ) أي وصفك - كما مر - إلى ثوبي ( 3 ) أي وصفي ، فإن الصفة للمتصف كالثوب على اللابس ، ألا ترى تزين العوام بملابسها الفاخرة من قزها وخزها لتعطم نفسها عند نفسها وأبناء جنسها ، كذلك الاتصاف بصفات الحق - تعالى - فإنها تكون ثوبا على المتصف بها ، ومن ثم ورد : “ تخلقوا بأخلاق الله “ .
وأصل أسها العلم من حيث هو ، وأفضله العلم بالله ، وفي ذلك قيل :ومهما تكن عند امرء من خليقة * وإن خالها تخفى على الناس تعلمومن قول السلف : “ إذا أودع الله عبدا سريرة ألبسه رداها “ ، فالحقائق تظهر نفسها لا تستدعي شاهدا لها ، إذ هي الشاهد من حيث ما ظهرت ،
ولهذا قال : لعلمت كل ما أعلم ( 4 ) قدم العلم على السمع والبصر لما علمت من شرفه ، ولأنه لا يجوز في حقه - تعالى - سمع ولا بصر كسمع السامعين وبصر الباصرين ، بل هو بذاته ولذاته يبصر ،
وليس علمه إلا ذاته ، فهو إذا بعلمه يسمع ويبصر ، إذ حقيقة السمع إنما هو علم بالأخبار ، والبصر إنما هو علم بالمرئى ،
ومن ثم قيل في الأسماء النفيسة : أنها أربعة ، ويراد بها الحياة ، والعلم ، والإرادة ، والقدرة ، ويعبر عنها بأئمة الأسماء والصفات ، وبالحي إمام الأئمة ، وتقدم الحي على العلم ضرورة ، لأنه لا توجد ذات عالمة غير حية فافهم ، والله ورسوله أعلم .
فأجابه الباء وقال : قد لاح بارق ما قلت
ثم قال رضي الله عنه : فأجابه الباء وقال : قد لاح بارق ما قلت ، فمن لي بالوقوع في صبح هذا الفجر ، وقد قلت أن البعد والقرب والكم والكيف من ترتيب وجودك ، فكلّ ما شهدت القول بالترتيب وما لا بد منه سلمت وانصرفت بوجهي إلى عالم شهادتي ولزومي الأدب معك ، وكلّ ما جلت في ملكوت معناي وجدتك نفسي ، فإذا طلبت من نفسي ما لك من الحال والفعل في الحروف ، والسريان في كل حرف بكمالك لا أجد شيئا ، فتنكسر زجاجة همتي وأرجع حسيرا .
قوله رضي الله عنه : فأجابه الباء ( 1 ) الخ أي أجاب الباء النقطة عند سفور صبح الهدى وغياب ليل الغي والردى ، حين لمع من سفح الطريق بارق ، وأومض من وادي العقيق بنسم وامق ، ولاحت أنوار السبحات من بطون الأسماء والصفات ، بأنواع الكمالات القرب في العشر البينات ،
وقد خلعت نعلي التدنيس ، في حضرة التقديس ، المنزهة عن الكم والكيف ، وعن رحلة الشتاء والصيف ، واستيقظت من غفلتي ، وأنا لا أرى سوى علتي ، والمواجهة لي في الست الجهات ، الظاهرة لي في كل الذوات ،
ولم أدر أن عين ما أحرف إليه وأرجع عنه ، وأتقدم إليه وأقهقر عنه ، أنه الأمر المطلوب ، والكنز المحجوب ، الذي من أقام جداره ، وعرف شعاره ، بلّغ يتيما حقه ، وخلقه فخاره ، وتبقى زجاجة المهمة في المهمة ، ولم تزعجها ملمة ، ففكّ الرموز ، واعرف الكنوز تحظ ، والله بالفوز .
واعلم أن الباء لمّا تحققت خطاب نقطتها ، واستيقظت من نوم غفلتها ، كما أشار إلى ذلك سيد أهل هذا المقام ، بقوله عليه الصلاة والسلام : “ الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا “ ، وما ذاك إلا الذي لاح إليه من النبأ العظيم ، والمقال الجسيم ،
حيث قالت : فمن لي بالوقوع في صبح هذا الفجر ؟ ،
وهو جمال الذات ، الكاشف عن حجب الظلمات ، في ليل الجهالات ، بإحياء من قد مات ،
ولهذا قال قدس سره : وقد قلت : البعد والقرب والكم والكيف من ترتيب وجودك ( 1 ) يعني أن النقطة لما وعظت الياء ، وعرفتها طريق سعادتها في حضرة المناجاة ، قالت الباء : فمن لي بالوقوع أي بالإلقاء - في صبح هذا الفجر ؟ ( 3 )
وهو التجلي الذاتي بالاسم الجمالي ، وأنت قد نفيت عن حقيقة معرفتك الإدراك بالبعد ، لأنك تقول :وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ” سورة ق : الآية 16 .
وبالقرب حيث قلت وقولك الحق :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ” سورة الصافات: الآية 180 . وبالكم لاستحالة التعدد عليك .
وبالكيف الغير الجائز في حق :الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى. سورة طه : الآية 5
فكلما شهدت القول بالترتيب وما لا بد منه
وجعلت كل ذلك من ترتيب وجودي ، ولهذا قال : فكلما شهدت القول بالترتيب وما لا بد منه ( 4 ) أي وشهدت ما لا بد من شهوده ، وهو ما أراه من البعدية والقربية والكمية والكيفية سلمت وانصرفت بوجهي إلى عالم شهادتي ولزومي الأدب ( 5 ) أي وإلى لزومي الأدب معك من حيث ما تستحقه ، وأنا لا أدرك ما تستحقه ، سلمت وانصرفت لأن : “ العجز عن الإدراك إدراك “ ،
ولأن : “ من سلّم سلم “ كما قال الشيخ أبو بكر العيدروس قدس سره العزيز :
إن في التسليم راحة عاجلة * ومن التفويض فيضان المنا
ومن الأدب معك أن أقيم حيث أقمتني ، وقد أقمتني فيما حيرتني “ رب زدني فيك تحيرا “ .
وكل ما جلت في ملكوت معناي وجدتك نفسي
وقوله : وكل ما جلت في ملكوت معناي وجدتك نفسي ( 1 ) أي كما أني في الانصراف الذي عاقبته التحير أرجع بوجهي - أي بذاتي - إلى عالم شهادتي - وهو عالم الحس فيما أجده من المحسوسات - ، كذلك أيضا كل ما جلت - أي تفكرت - في عالم معناي ، وهو عالم الحكم الذي لا يقبل سوى التفكر في خلق السماوات والأرض كما قال تعالى :فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ. . . الآيات
"" هذه الآية مشتركة بين ثلاثة آيات : 164 من البقرة ( 2 ) ، و 190 من آل عمران ( 3 ) ، و 22 من الروم ( 30 ) . "" .
أي علامات دالة على تنزيه موجدها - تعالى - ، وتلك العلامات هي المعاني التي قامت بها أجرام السماوات والأرض ،
ولهذا قال : وجدتك نفسي يعني فيما شهدت من عالمي الحس - وهو الشهادة - والحكم - وهو المعنى - ، لأنك أنت الموجد لكل منهما ، وأنت في كل ما أوجدت من غير حلول ، وأنت واحد بالذات ، وواحديتك هي نفسي ونفس ما أوجدته من جميع الموجودات ، فوجدتك نفسي السارية في جميع عالمي الشهادة والمعنى ، وأنت هذا الذي سرت فيه وجودية نفسي ، ولك من وراء ذلك ما لا يصفه واصف .
فإن قلت : إني أدركتك كما أنت فذاك دعوى .
وإن قلت : إني لم أدركك فهو كذب في النجوى .
فعلمت أن لك ما لي وليس لي ما لك .
فإذا طلبت من نفسي ما لك من الحال والفعل في الحروف
ولهذا قال : فإذا طلبت من نفسي ( 1 ) يعني من حيثي ما لك ( 2 ) أي الذي لك من الحال ( 3 ) وهو تصورك بصورة كل شيء في كل شيء كما تشاء والفعل ( 4 ) أي وما لك من الفعل بقوة أحديتك الغير المنقسمة في الحروف ( 5 ) وهي أعيان الموجودات بمعنى أرواحهم المدبرة لأجسامهم والسريان ( 6 ) أي وليس لي من السريان ما لك في كل حرف ( 7 ) أي ذات بكمالك ، لأنك لا تتجزء ولا تتبعض ، إذ كمالك ذاتي لذاتك ، وما كان ذاتيا لشيء لا يمكن افتراقه عن شيئه لا أجد شيئا ( 8 ) أي مالك من الحال والفعل في الحروف ، والسريان في كل حرف بكمالك فتنكسر زجاجة همتي ( 9 ) أي قلبي همتي المطلوبة في السير ، لأن الهمة إنما تكون لسالك الطريق وهو ما دون المحقق ، فإن المحقق لا همة له بدليل : “ وأعوذ بك منك “ ، فما وجد من يستعيذ به منه سواه .
وتعبيرنا للزجاجة هنا بمعنى القلب كما قال تعالى :كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ” في مشكاة ، فالمشكاة صدره الشريف ، والمصباح سره المنيف ، والزجاجة قلبه العفيف .
"" سورة النور: الآية 35 ، وهي كالتالي :اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. ""
فانكسار زجاجة الهمة المعبر عنها بالروح عين جبرها كما قال تعالى : “ أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي “
ولهذا قال : فأرجع حسيرا ( 1 ) أي حاسرا عن ساق الأمر بمعنى كاشفا عن معلقات الكنوز الكونية التي خلقت لأجلي وخلقت لأجلها ، فتناديني الأكوان بلسان حالها وفصيح مقالتها بقول قائلها :
تملك في الزمان كما تريد * فمولى أنت نحن لك العبيد
وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
فقالت النّقطة : نعم ترجع لأنّك طلبت من نفسك
ثم قال رضي الله عنه : فقالت النّقطة : نعم ترجع لأنّك طلبت من نفسك ، ونفسك عندك غير نفسي ، فلا تجد منها ما لي ، فلو طلبت منها أنا الّذي هو أنت من نفسي الّتي هي نفسك ، دخلت الدّار من بابه ، فصحّ ما طلبت ما للنّقطة إلّا من النّقطة ، بل ولا طلبت إلّا النّقطة ما لها منها ، فجل في هذا المعنى .
قوله : فقال النقطة ( 1 ) أي الحق - جل وعلا - للباء المعبر عنه بالعبد لما سأله : أنه قد لاح لي الأمر ، فمن لي بالوقوع في بحر الألوهية ، المعبر عنه بصبح الفجر إلى آخر ما وقع من اعترافه بين يدي سيده .
فقال السيد له : نعم ( 2 ) أي أن الأمر كما ذكرت لك وذكرت لي الآن ، لأن من طلب الأمر بنفسه وكل إليها ، ونفسه عاجزة عن نيل ما لنا ، ألا ترى نص الخطاب :وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ” سورة الإسراء: الآية 80
وأيضا ادعائك أن نفسك عندك هو حجابك الأعظم ، فما أوتيت إلا من حيث ادعيت ، فالجزاء من جنس العمل ،
فلهذا قال : فلا تجد منها ما بي ( 3 ) يعني أنك لا تجد بنفسك ما تجده بنفسي ولو تبرأت من دعوى الغيرية .
ولهذا قال : فلو طلبت أنا الذي هو أنت ( 1 ) يعني شهدت إنيتك عين إنيتي على الوجه المراد لي ، لأنك من نفسي التي هي نفسك ( 2 ) أي التي احتجبت بها عن نفسي التي هي نفس نفسك دخلت الدار من بابه ( 3 ) كما قال تعالى :وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها” . سورة البقرة : الآية 189
وفي قوله : دخلت الدار من بابه ( 4 ) ما يغني كل واقف على هذا الكتاب أو غيره أنه :
إن لم يجد ما وجدوه ، ولم يدرك ما أدركوه ، فليعلم أنه أتى البيت لا من بابه ، ومن أتى البيت لا من بابه فقد خالف الله ورسوله ، ومن خالف الله ورسوله وقع في الضلالة ، واكتسب الجهالة ، نعوذ بالله من هذه الحالة .
والمراد بقوله : دخلت الدار من بابه وهو ما أتى به البشير النذير ، من مكتب التدوين والتسطير ، عما أنار به الهدى ، وأهار به سبل الردى ، وعند رحلته بعد تبليغ الأمانة أودع ما جاء به وأبانه ، في الثقلين كتاب الله وعترته أهل بيته ، فلن يضل من تمسك بهما ، ولن يخيب من اقتدى بهما ، فهما المحجة البيضاء ، في الأولى والأخرى .
ومن ثم كان : “ أهل القرآن - الذي هو كتاب الله - أهل الله وخاصته “ ، وليس المراد بقوله عليه الصلاة والسلام : “ أهل القرآن أهل الله وخاصته “ سوى أهل بيته ، والبيت لا يكون بيتا إلا بساكنه ، فشرف الدار بربها كما قيل : “ شرف المكان بالمكين “ ، فأهل بيته عليه الصلاة والسلام الذين أقاموا لنا شرائع الدين ، وأبانوا لنا معالم اليقين ، رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين .
فصح فحينئذ ما طلبتها للنقطة إلا من النقطة
وقوله : فصح [ فحينئذ ] ما طلبتها للنقطة إلا من النقطة ( 5 ) يعني فعلم من ذلك أن الباء ما لها إلا ما طلبته من نقطتها جل أو قلّ كما قيل : “ يا موسى سلني حتى ملح
عجينك “ لأنه لا يملك الأشياء سواه - تعالى - جليلها وقليلها ، ولا يطلب أحد إلا ما هو له وما قدر له ، وليس ذلك الطلب من غير الله ، لأنه لو لم يقدر العبد على الطلب لم يطلب ، والدليل على ذلك أنك ما ترى كل طالب بلسان مقاله يؤتى ما طلب ، بل ما يؤتى إلا ما هو له من الله بالله ،
ولذلك قال : بل ولا طلبت ( 1 ) يعني في الحقيقة إلا النقطة ما لها ( 2 ) أي ما للنقطة منها ( 3 ) أي من النقطة .
قد علمت أن الروح المدبرة لجسمك التي لولاها مدبرة له لخرب إنها كما قال تعالى :"وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي". سورة الإسراء : الآية 85 .
وهذا الروح هو الحقيقة المحمدية ، وليست الحقيقة المحمدية إلا ذات الأحدية كما قال عليه الصلاة والسلام : “ أنا من الله “ الحديث ،
وليس الله إلا الذات الواجب بذاته ، فهو المستفيض من الله بالواسطة ، والمفيض على ذرات الوجود بواسطته ،
فهذا معنى : بل ولا طلبت إلا النقطة وهو محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - ما لها أي ما للنقطة المعبر عنها بالحقيقة المحمدية ، الذي لها الوساطة أولا ، والوسيلة ثانيا .
هذا لتعلم أن ليس في الوجود - أوله وآخره - من نال شيئا بغير واسطة ، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب ، فعدم نيل غير الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين بغير واسطته [ واسطة ] من باب الأولى .
وقوله : منها أي من النقطة المعبر عنها بالذات الإلهية ،
ولهذا قال - تعالى - في حقه :وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ” سورة الأنبياء: الآية 107 .
فلهذا قال - قدس سره - :
فجل في هذا المعنى ( 4 ) وهو الرحمة العامة التي رحم الله بها الموجودات إما بإيجادها أو بعد إيجادها فافهم ، والله ورسوله أعلم .
ثم قال - رضي الله عنه - شعرا :
هذي الخيام بدت على أطنابها ..... فانزل بها إن كنت من أحبابها
قف بين هاتيك المعاني أنّها ..... وقفت بها الأزمان في أترابها
ما هند إلّا من أقام على الغضا ..... والبان والأثلات في أجنابها
فانخ مطيّك في الدّيار فإنّها ..... دار مباركة على أصحابها
لله درّ منازل قد شرّفت ..... بالسّاكنين وشرّفوا بترابها
لا تعرف الأغيار في غرفاتها ..... مجهولة سدّت على أبوابها
النازلين بحيّها هم أهلها ..... من بان عنها ليس من أنسابها
هذي الخيام بدت على أطنابها
هذا الخيام ( 1 ) البيت والأبيات بعده إلى تمامها أتينا بها جملة لما فيها من العذوبة الرائعة للأسماع الذائقة ، فإنها للأذهان كالغذاء للصاحي ، وكالنقل للسكران .
ثم نشرح كل بيت على حدته ، لتتم الفائدة ، وتحصل الجدوى والعائدة
فنقول قوله قدس سره :
هذا الخيام بدت على أطنابها * فانزل بها إن كنت من أحبابها
إشارته بهذا إلى الخيام المعبر عنها بما دلت على موجدها وهو الله تعالى ، والخيام هي الكائنات ، إذ الخيمة تظل من فيها إذا ضربت ، وليس ما ترى من الأجسام وأنواع الموجودات على الشيء الذي فيها من غير حلول إلا كالخيمة المضروبة المستظل بها القوم ،
ولذلك قال : على أطنابها جمع طنب وهي حبالها التي تربط بأوتادها ، والمراد هنا من الأطناب ما قامت به الموجودات كما قال تعالى :فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ” سورة النور : الآية 45 .
فإذا فهمت ذلك علمت أن قوله : هذا الخيام بدت على أطنابها يعني أن الموجودات من حيث ظهورها إنما ظهرت دالة على صانعها وخالقها على اختلاف تعيناتها ومحاتدها ، وأنها مظهر لذات [ للذات ] الواجبة ،
ولهذا قال : فانزل بها أي بالذات في حقائق المخلوقات ، يعني يريد منك أن تعرف الحق بالخلق .
"" توجد فوق كل من الحق والخلق حرف م وهي تدل على التقديم والتأخير ، فالصحيح أن تعرف الخلق بالحق . المحقق . ""
وهذا أكمل الرجلين في من عرف الوجود ، كما قيل : “ ما عرف الوجود إلا أحد رجلين : رجل رأى الخلق مظهرا والحق هو الظاهر ، ورجل رأى الحق مظهرا والخلق هو الظاهر “ .
ولهذا قال : إن كنت من أحبابها أي إن كنت ممن همته عالية ، لا يرضى بأن يعرفها بدون أسماء ذاتها لا بأسماء صفاتها ، لأن الذاتي له ما للصفاتي ولا عكس .
ويحتمل قوله : هذا الخيام البيت ، أن المراد بالخيام المعارف الحقانية بدت مطيته على بيت النبوة ، الذي هو محل نزول الملك بالوحي الإلهي ، فأخبر أنها - أي المعارف الحقانية - عالفة على جنابه الشريف ، الذي من جاءه وجد الله عنده كما قال تعالى :
وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ.
وظلمهم لأنفسهم أنزلوهم أسفل سافلين كما قال تعالى : “ إن الإنسان كان ظلوما ".
"" اقتباس من سورة الأحزاب: الآية 72 وهي كالتالي :إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا. ""
أي لنفسه حيث أنزلها منزلة أسفل سافلين “ جهولا “ أي بمقدارها العظيم الذي لها صمدنا [ بها صعدنا ] ،
ولهذا قال : فانزل بها إن كنت من طلابها أي كن محمدي المشهد ، لا ترض بأن ترجع إلى غير ميراثه الخاص به ، لتكون من أهل يثرب الذين قال تعالى فيهم :يا أَهْلَ يَثْرِبَوهم الورثة المحمديون من باب الإشارة ، لا من باب التفسير والعبارةلا مُقامَ لَكُمْأي في غير مقام محمد - صلى الله عليه و آله وسلم –فَارْجِعُوا.
"" اقتباس من سورة الأحزاب: الآية 13 ، وهي كالتالي :وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً. ""
أي عن كل مقام إلى مقامه كما قال تعالى :قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ”.
فإذا فهمت المعنى الأول في البيت ، والمعنى الثاني منه أيضا ، فاجمع بين المعنيين في أن المراد بكل منهما في حق الله - تعالى - وحق رسوله واحد كما قال تعالى :مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ” 5 “ فجعل طاعته عين طاعته .
وقولنا لك : اجمع بين المعنيين ، لئلّا تفهم أنا لمّا حملنا المعنى في الأول في
قوله : وانزل بها إن كنت من أحبابها وانزل بها إن كنت من أحبابها ( 1 ) ، وعرفناك أنه يريد منك أن تكون ذاتي المشهد ، أن الذاتي يكون مقامه مغايرا لمقام الوارث لمحمد - صلى الله عليه و آله وسلم - فيما جاء به خاصة ، وعبرنا بذلك الوارث أنه المراد بالمنادى
في قوله تعالى :يا أَهْلَ يَثْرِبَأن يكون الوارث مغايرا للذاتي المشهد ، بل لا يكون الذاتي ذاتيا إلا إذا كان وارثا ما جاء به عين الوجود - صلى الله عليه - خاصا ،
وذلك هو اليثربي ، وهذا اليثربي هو ذلك الذاتي ، واختص الوارث المحمدي بأن يكون مشهده ذاتيا ، لأن محمدا - صلى الله عليه و آله وسلم - محتده الذات ، وغيره محتده الصفات ، والصفات راجعة إلى الذات في تعينها واستنادها ،
ولذلك كان جميع الأنبياء - عليه وعليهم الصلاة والسلام - راجعين غدا إليه ، مستمدين من شفاعته لديه ، حيث يقول كل واحد منهم : “ لست لها ، لست لها “ ، فهذا معنى قولنا : اجمع بين المعنيين .
ولتعلم بذلك أيضا كل ما ورد عليك من مقام أعلى لا يستحقه سواه .
وفي قولنا : لا يستحقه سواه - أي سوى محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - معنى تنبو عنه أفهام القاصرين ، ومرادنا بذلك أنه كما علمت مظهر الذات كما كان غيره مظهر الصفات ، فكل مقام أعلى هو مستحقه بالأصالة ، ومعنى أنه مستحقه بالأصالة لأنه أكمل الكملاء ، وأفضل الفضلاء على الإطلاق ، فهو مستحق لكل مقام أعلى يفيضه الحق عليه ، أو يفيضه الحق على كل من الأنبياء والمرسلين ، ولا يقاس على قوابل الأنبياء إلا بواسطته
كما قال عليه الصلاة والسلام : “ أنا من الله والمؤمنون مني “ أي أنا من الله بلا واسطة ، والمؤمنون من الله أي بواسطتي والمؤمنون هم الأنبياء - عليه وعليهم الصلاة والسلام - كما قال تعالى :وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ . الآية ، سورة آل عمران: الآية 81
والرسول هنا هو محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - وتنكيره للتعظيم ، فهذا معنى قولنا : هو مستحقه بالأصالة ، يعني هو مستحق أن يفيض على قوابل الأنبياء ما استحقته قوابلهم ، وهذا هو المقام الأعلى والمظهر الأجلى ،
ولذلك قيل فيه : محمد الذي لم يترك للآلاء محلا ، والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin