..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Emptyأمس في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Emptyأمس في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Emptyأمس في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Emptyأمس في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Emptyأمس في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Emptyأمس في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7)

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7) Empty كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (7)

    مُساهمة من طرف Admin 16/10/2020, 10:32

    بسم الله من العارف بمنزلة كن من الله

    ثم قال قدس سره : وقال بعض العارفين بسم الله من العارف بمنزلة كن من الله .

    اعلم أن القائل لهذا الكلام هو الحسين بن منصور الحلاج - قدس سره - .

    قال الإمام الأكبر في الفتوحات :

    " قال الحلاج : - وإن لم يكن من أهل الاحتجاج - بسم الله من العارف بمنزلة كن من الله “ . الفتوحات المكية : ج 4 ص 328 .



    “ وإنما قال : “ وإن لم يكن من أهل الإحتجاج “ ، لأنه كان على بينة من ربه ولم يتلوه شاهد منه ، بخلاف من قال : “ سبحاني ما أعظم شأني “ و “ ما في الجبة إلا الله “ و “ أنا الله “ ، فإنه كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ، ولذلك لم تقطع في هذا القائل سيوف الشريعة ، وقطعت في الحلاج للسبب الذي بيناه .



    والذي أراه من حال الحلاج في قوله : “ أنا الحق “ وقطعت فيه سيوف الشريعة ، ومن حال غيره في قوله : “ أنا الحق “ و “ أنا الله “ و “ سبحاني ما أعظم شأني “ و “ ما في الجبة إلا الله “ ولم تقطع فيه سيوف الشريعة :

    أن قول الحلاج كان في منظر الفناء ، ومن كان فيه لا يكون ناظرا إلى الخلق ، فإن نظر صاحبه إلى الخلق إنما نظر إلى الخلق ببقية فيه ، فلو فنى عن تلك البقية لكان نظره إلى الحق لا غير .

    وإن قول غير الحلاج كان في منظر البقاء ، ومن كان في منظر البقاء نظر إلى الحق بالحق ، ونظر إلى الخلق بالحق ، فهو مع الحق غير محجوب عن الخلق ، وهو مع الخلق غير محجوب عن الحق ، فهو مع الحق ، لأنه ليس فيه بقية لغير الله - تعالى - كما قال القائل :

    مذ عرفت الإله لم أر غيرا ....... وكذا الغير عندنا ممنوع

    مذ تجمعت ما خشيت افتراقا ........ ها أنا اليوم واصل مجموع



    ولذا قال من قال : “ لو كلفت أن أرى غيره ما استطعت ، لأنه لا غير عندي “ .

    ولقد أحسن من قال :

    شغلت بليلي عن سواها فلو أرى ...... جمادا لخاطبت الجماد خطابها

    ولا عجب إني أخاطب غيره ........ جمادا ولكن العجيب جوابها



    وهذا هو الصدق في القول بالحق .

    وأما من كان قوله في الحق لا بالحق فهو المعني بقوله تعالى :إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ” سورة لقمان: الآية 19 .

    ضربه الله مثلا لمن تكلم قبل أبان التكلم ، فإن الأبان إذا جاء كان المتكلم بأي تكلم تكلم مصيبا ، فإن الحق ناصره ، ومن كان الحق ناصره فمن ذا الذي يخذله .



    واعلم أن الحلاج - رضي الله عنه - لمّا قال : “ أنا الحق “ كان متجليا بما قال ، بخلاف غيره وهو الذي قال : “ أنا الله “ و “ ما في الجبة إلا الله “ و “ سبحاني ما أعظم شأني “ كان متصفا .

    والفرق بين التحلّي - بالحاء المهملة - والاتصاف :

    أن التحلّي عبارة عن وجود [ وجدان ] العبد الكامل صفات الرب بكمالها في نفسه له من غير تعمل ولا نسبة اتحادية ، بل كما يجد صفات نفسه لنفسه بنفسه ، وكل هذا يجده بالباطن ، ولا يقدر على إظهار أثره في الظاهر .

    بخلاف المتصف ، فإنه يجد ذلك في الباطن ، ويظهر أثره في الظاهر .

    فالحلاج كان على بينة من ربه ولم يتلوه شاهد منه ، والمتصف على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه فافهم .



    وللناس في شأن الحلاج كلام يطول شرحه وذلك لانبهام الأمر عليهم ، والحاصل من أمره - رضي الله عنه - ما ذكره الإمام الأكبر - قدس سره - أنه صاحب إدلال لا صاحب سكر .

    وله - قدس سره - أبيات حسنة شاهدة له بعلو المقام .

    منها قوله :

    قد تصبرت و هل يصبر ... قلبي عن فؤادي

    مازجت روحك روحي ... في دنو وبعادي

    فأنا أنت كما ....... أنـك أني و مرادي



    ومنها قوله :

    ما نالني عند هجوم البلا ... بؤس ولا مسني الضر

    ما قد لي عضو ولا مفصل ... إلا وفيه لكم ذكر



    ومنها أيضا :

    حبيبي غير منسوب ..... إلى شيء من الحيف

    سقاني ثم حياني ...... كفيل الضيف بالضيف

    فلما دارت الكأسات ....... دعا بالنطع والسيف

    كذا من يشرب الراحات ...... مع التنين في الصيف



    فجعله تنينا ، وحسب العارف بالمقامات من هذا الرجل ما قال .

    روى الإمام الأكبر في كتاب التجليات قال :

    “ رأيت الحلاج في تجلي العلة ، رأيت الحلاج في هذا التجلي .

    فقلت له يا حلاج : هل تصح عندك علية ؟ وأشرتُ .

    فتبسم وقال لي : تريد قول القائل : يا علة العلل ويا قديماً لم تزل ؟ .

    قلت له : نعم .

    قال لي : هذه قولة جاهل !!!

    اعلم أن الله يخلق العلل وليس بعلة .

    كيف يقبل العلة من كان ولا شيء ؟؟ ! . وأوجد لا من شيء وهو الآن كما كان ولا شيء ؟؟ ! جل وتعالى .

    لو كان علة لارتبط ولو ارتبط لم يصح له الكمال تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً .

    قلت له : هكذا أعرفه .

    قال لي : هكذا فينبغي أن يُعرف فاثبت .

    قلت له : لم تركت بيتك يخرب ؟ .

    فتبسم وقال : لما استطالت عليه أيدي الأكوان حين أخليته فأفنيت ثم أفنيت ثم أفنيت وخلّفت هارون في قومي فاستضعفوه لغيبتي فأجمعوا على تخريبه فلما هدّوا من قواعده ما هدّوا رددت إليه بعد الفناء فاشرقت عليه وقد خلت به المثلات فأنفت نفسي أن أُعمر بيتاً تحكمت فيه يد الأكوان فقبضت قبضي عنه فقيل مات الحلاج !!! والحلاج ما مات . ، ولكن البيت خرب والساكن ارتحل .

    فقلت له : عندي ما تكون به مدحوض الحجة .

    فأطرق وقال : " وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ " [يوسف : 76] .

    لا تتعرض . فالحق بيدك وذلك غاية وسعي .

    فتركته وانصرفت .انتهى .



    ومعنى قوله : أن بسم الله من العارف بمنزلة كن من الله ، فكن هي كلمة الحضرة الإلهية ، فبها تتكون الأشياء حسب ما أراد تعالى ، والنائب عن الحق في هذه الدار هو الخليفة ، فأعطى التصرف بها لكونه خليفة عن الله تعالى .

    كما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه و آله وسلم - في غزوة تبوك ، أنهم رأوا شخصا فلم يعرفوه ،

    فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : “ كن أبا ذر فإذا هو أبو ذر “ .

    وهي - أي كلمة الحضرة المعبر عنها بكن - تعطى للورثة المحمديين ، وهم المحققون لا العارفون ،

    فإن العارف يقول : بسم الله ، والمحقق يقول : كن ، لأن بسم الله مرتبة العارف ، وكن مرتبة الله ، والمحقق هو الله ، ليس المراد بهذا الاسم غير المحقق ، ولا غير له تعالى .

    وفي مقام التكوين تتكون له الأشياء أولا في عالم الغيب فتكون في عالم الملكوت .

    ولا يستطيع على تكوينها في الملك حتى يتصف بصفة القدرة والإرادة ، فيتجلى الله عليه بتجل إلهي يكسبه نفوذ الأمر في عالم الأكوان جميعها الغيبية والشهادية ، فحينئذ يقول للشيء :كُنْ فَيَكُونُ” 1 “ غيبا وشهادة .

    والناس في هذا المقام متفاوتون :

    فمنهم من يظهر أثر أمره على الفور .

    ومنهم من يتأخر ظهور أثر أمره لسر يريده تعالى ، والأمر نافذ بقدرة الله تعالى وإرادته .



    أن الكلام على بسم اللّه الرحمن الرحيم من وجوه كثيرة

    ثم قال قدس سره : واعلم أن الكلام على بسم اللّه الرحمن الرحيم ( 1 ) أي على معانيها من وجوه كثيرة ( 2 ) إذ هي أصل افتتاح الوجود . ولأهل كل علم منها شرب - بالكسر - وهو النصيب ، وكل منهم فاز منها في علمه بما هو مقصوده ، إذ العلوم واسعة جدا كالنحو والصرف واللغة .

    والكلام فيه ، أي في الكلام على وجوه بسم اللّه الرحمن الرحيم على مادة الحروف ، أي موادها ومحلها علم الحرف ،

    أي معرفة مواد الحروف من علم الحرف ، فمادة الألف مثلا هي النقطة ليس للألف مادة غيرها ، فهو مركب من النقطة ، ولأجل ذلك إذا تحلل رجع إلى النقطة ، كما أن صورته الذي هو الإنسان إذا تحلل وفني رجع إلى البقاء الذاتي الإلهي ، وسنذكر حقيقة الألف إن شاء الله تعالى عند قوله : “ فنسبة الألف بين الأحرف المهملة نسبة محمد - صلى الله عليه و آله وسلم - “ ، وصيغتها وطبيعتها وهيئتها وتركيبها واختصاصها على بواقي الحروف المقصودة في فاتحة الكتاب وجمعها له واختصاصها من الأحرف الموجودة في الفاتحة على سواها والكلام عليها في منافعها ولسنا بصدد شيء من ذلك ،

    أي الذي ذكر بل كلامنا عليها من وجوه معاني حقائقها فيما يليق بجناب الحق سبحانه وتعالى ، لأن المقصود من وجودك معرفة خالقك تعالى والكلام مندرج بعضه في بعض إذ المقصود من جميع هذه الوجوه معرفة الحق سبحانه وتعالى .

    كما قيل :

    عباراتنا شتى وحسنك واحد * وكل إلى ذاك الجمال يشير فكل قاصد بعلمه معرفة الحق كما قال تعالى :"وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"أي ليعرفون ،

    وليس للخلق سبيل إلى معرفته بدون ما تعرف به إليهم ، وهو كلامه المنزل على حبيبه المرسل .

    وكان مفتاح ذلك الكلام العزيز بسم اللّه الرحمن الرحيم ، فافتتح أهل كل علم علمهم بها ، فصارت أسها - أي أس العلوم - .

    فمن ثمّ كل تكلم على معانيها :

    فمنهم : من تكلم من حيث إعرابها وهم النحويون .

    ومنهم : من تكلم عليها من حيث تصريفها وهم الصرفيون .

    ومنهم : من تكلم عليها من حيث اشتقاقها وهم اللغويون .

    ومنهم : من تكلام عليها من حيث موادها وبسائطها وهم أهل علم الحرف إلى آخر ما ذكره المصنف قدس سره .

    والكلام مندرج بعضه في بعض من جميع تلك الوجوه المذكورة ، لعدم استغناء بعضها عن بعض .

    ولمّا كان ذلك كذلك كان كلام المصنف - رضي الله عنه - في معانيها من حيث ما يتعلق بجناب الحق - تعالى - وهو المسمى بعلم الحقائق ، ويعبر عنه أيضا بعلم الأسرار .

    والتوصل إلى معرفته لمن أراده بأحد وجهين :

    إما بتوجه كلي .

    أو بإيمان صادق فيما أودعته المشايخ كتبهم .

    فالوجه الأول : وهو التوجه الكلي من ذلك الطالب ، ويعبر عنه بالميل الباعث له من الحق الزاجر ،

    وإن شئت قلت : اليقظة بدل الزاجر ، فلا تكون يقظة إلا من غفلة ولا زاجر إلا عن غير مراد وهو الغفلة ، فهذا أول مقامات السلوك من قسم البدايات .

    ولم يزل صاحبه يقطع بسلوكه منازل السائرين منزلا منزلا حتى ينتهي إلى آخر أقسام السلوك - وهو القسم العاشر - ويقال له قسم النهايات ، وآخره مقام التوحيد .

    ولا يتأتي له الوصول إلى هذا المقام ويعرفه حق معرفته إلا بعد تحققه وإتقانه لجميع المقامات قبله .

    فإنه مثلا إذا تحقق بمقام اليقظة ، وأعطاه حقه مما طلب منه - كما هو مقرر تفصيله في محله - ترقى منه إلى مقام التوبة ،

    ثم يشرف من مقام التوبة على المقام الذي قبله ، فإذا رأى فيه خللا وفّاه من ذلك المقام ، فإنه لا يعرف أنه أتقن المقام كما هو إلا بعد خروجه منه إلى غيره ، فيشرف على الأول من الثاني ، وهكذا إلى آخر المقامات .

    وإن ترقى ولم يتقن كل مقام كما هو كان سلوكه مريضا ، فهو أبدا دائم في السلوك ، فصفته صفة المريض الذي يطلب دواء لمرضه ، فإذا وصفه الحكيم على دواء لعلته ، ومنعه عن ارتكاب أشياء ، فيأتي الأشياء المنهي عنها ، فلا ينفعه إذا دواء في علته لسبب عدم حميته فافهم .

    فإن كان ممن أتقن المقامات ، ووفّى كل مقام حقه ، كان هو المعول عليه ، والمقتدى به ، فهو الشيخ الكامل ، المكمل المرشد للطالب .

    فإنه بقطعه لكل منزل من تلك المنازل يعطيه ذلك المنزل - الذي قطعه - حقه من العلم الذي أودع في ذلك المنزل ، فيكون له حجابا عن ضده ، كما كان ضده حجابا له عنه ، فتنزل عليه الحقائق الحقية من تلك المناظر الإلهية ، فيصير عين الوجود وإنسان عين كل إنسان موجود ، فحينئذ هو المعني بقوله تعالى : “ كنت سمعه الخ “ لأنه ثمرة :

    “ ما تقرب إلي المتقربون بمثل أداء ما افترضت عليهم ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصربه ، ولسانه التي ينطق بها ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها “ .

    ولا يحصل ذلك إلا بعناية ربانية ، فإذن ليس العبد إلا أشعة مع الحق :"ما شاءَ رَكَّبَكَ”

    ، فلا السعادة بيد أهلها منها شيء ، ولا الشقاوة بيد أهلها منها شيء :" بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً"." :لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ" .

    وأما الوجه الثاني : وهو المؤمن بإيمان صادق فيما أودعته المشايخ [ في ] كتبهم بالتدبر ، والتفهم ، وتلقي المعنى كما وضعوه - رضي الله عنهم - في مصنفاتهم ، مما وقع لهم بطريق الكشف والعيان ، [ و ] ما أظهرته لفهم طريقتهم التي ساروا فيها إلى الله وأكسبهم ذلك السير ، فتكون حينئذ تأخذ علمك منهم بحسب قوابلهم الشريفة وطبايعهم المنيفة .



    وأجلّ نفعا في ذلك ، وأبعد للشيطان دفعا ما وضعه الإمام الأكبر ، والكبريت الأحمر ، قدامة المحققين ، سر الله في العالمين ، محيي الدين محمد بن علي ، المعروف بابن العربي - قدس سره العزيز - فإن كلامه ترياق القلوب ، وبغية كل محبوب .

    وقد كان شيخ زمانه وعصره وأوانه ، إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي - رضي الله عنه - يأمر مريديه بمطالعة كتب الشيخ محيي الدين بن العربي ، ويحثهم عليها حثا بليغا



    حتى قال المصنف - قدس سره - : “ ولقد رأينا جماعة ممن فتح الله عليهم بمطالعة كتبه ، وظهر عليهم بركاتها ، ونالوا ما لم ينالوه أهل المجاهدات والمكابدات في أربعين سنة وخمسين سنة ، وكان ممن رأينا الشيخ محمد الحكاك ، فإنا لم نعرف له شيئا من المجاهدات ولا من المكابدات ، وإنما له مطالعة في كتب الحقائق ، فرقى بها المرقى العظيم ، وجاز بها الصراط المستقيم ،

    وهو القائل :

    وقد تبنّيت آبائي على ثقة ......... ولا محالة أني وجه كل أب

    وله ديوان ، من وقف عليه علم مقامه - رضي الله عنه - “ .



    ولقد أنار المعالم ، وأتى بالفيض الدائم ، حتى أشجت حكمه في العالم ، حجة الله في بني آدم ، الخريت الماهر ، والبحر الزاخر ، سيدي المصنف - قدس سره العزيز - لا سيما ما أودعه [ في ] إنسانه الكامل ، وكمالاته الإلهية في الصفات المحمدية ، والناموس الأعظم والقاموس الأقدم في معرفة قدر النبي - صلى الله عليه و آله وسلم - ، وحقيقة الحقائق ، وقطب العجائب ، وفلك الغرائب ، والمملكة الربانية المودعة في النشأة الإنسانية ، وإنسان عين الوجود ووجود عين الإنسان الموجود ، وغنية أرباب السماع في كشف القناع عن وجوه الاستماع ، والمناظر الإلهية ، ومراتب الوجود ، والخضم الزاخر والكنز الفاخر في تفسير القرآن العظيم ، إلى غير ذلك من مصنفاته التي تجلّ عن المثال ، وأودع فيها علوما عزيزة لم يضعها واضع علم في كتاب ، ولا سمح الحق لأحد غيره أن يترجم عنها بالخطاب .

    ولقد أشار إلى ذلك بقوله :

    كتبنا وألفنا فهمنا بكل ما ...... يعز عن الإدراك بالعقل والفكر

    فلا نحن أشفينا ببسط علومنا ....... عليلا بسقم الجهل بات على ضر

    ولا نحن أهملنا علوما عزيزة ....... تروح على الإخوان مسبولة الستر

    ولكن أتينا وسع طاقة ناصح ...... على النمط المأذون بالوضع والقدر

    ويفعل خلاق البرية ما يشاء ...... وأرجوه يهدي ناظريها إلى الأمر

    وثم من يحصل له علم الحقائق بالجذبات الإلهية ، وليس لنا مع المجذوب كلام ، فإن اتفق مجاهدة وجذب فذاك المشار إليه بقول سيد أهل هذا المقام عليه الصلاة والسلام : “ اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها فأنت خير من زكاها “ .

    فقوله : “ آت نفسي تقواها “ إشارة إلى المجاهدات والمكابدات ، “

    وزكها فأنت خير من زكاها “ إشارة إلى الجذبات الإلهية فافهم .



    واعلم أن كل سالك طريقا ما إنما هو بالجذب الإلهي ، لأن [ لأنه ] ليس لغير الله أن يستطيع إتيان أمر من الأمور بحوله أو بقوته حاشا وكلا ، سواء كان في ذلك السلوك سعادة السالك أو شقاوته ، فإنما يكون ذلك بجذب إلهي .

    وأما المجذوب المتعارف حاله عند الصوفية - رضي الله عنهم - فهو جذب خاص خال عن الجذب العام ، والله يهديني وإياك سبيل الإلهام .



    ونحن على بابه كلما يتجدد من فيضه على الأنفاس.



    قال قدس سره : ونحن على بابه كلما يتجدد من فيضه على الأنفاس ينزل به روح الأمين على القرطاس .

    فقوله : ونحن على بابه ، أي باب الحق - تعالى - ننتظر الفيض ، والباب هنا كناية عن التعرض المشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام : “ إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها “ .

    وقوله : كلما يتجدد من فيضه على الأنفاس ، أي كلما يتجدد من فيض الحق - سبحانه وتعالى - على أنفاس عباده ، فلكل إنسان في كل يوم وليلة مأة وأربعة وعشرون ألف نفس على عدد الأنبياء - صلوات الله عليهم أجمعين - ،

    ومن ثمّ عبّر الإمام الأكبر - قدس سره - في قوله تعالى :"قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"

    يعني بتضييع حقوق الأنبياء عليكم ، فكل نبي يقتضي حقا من كل آدمي في تلك الأنفاس التي عددها عدد الأنبياء فلكل نبي نفس يقتضي حقا من ذلك الآدمي فافهم .

    وفيض الحق - جل وعلا - كناية عن تجلّيه على قلوب عباده ، وذلك التجلي غير متكرر ، بل للحق تجليات عديدة لا يحصرها الحاصرون في كل نفس ، كل تجل مبائن

    للثاني ، لأن تكرار التجلي لا يكون إلا ممن يخاف نفاد ما عنده ، والحق ليس كذلك ،



    ومن ثمّ عبرت الطائفة - رضي الله عنهم - بقولهم :

    “ إن الله لا يتجلى على عبد بصفة مرتين ولا على عبدين بصفة واحدة “ إلى ما ذكرنا من عدم تكرار التجلي .

    فإن قلت : كيف يستقيم قولهم : “ إن الله لا يتجلى على عبد بصفة مرتين ، ولا على عبدين بصفة واحدة “ وهو متجل بالرحمة ، والرحمة صفة واحدة لموصوف واحد ؟ .

    قلنا : المراد بذلك صور تجليات الرحمة ، فإنها متنوعة ، فالرحمة الواقعة في حق زيد ليست الرحمة الواقعة في حق عمرو ، يعني صور ما وقع في حق زيد غير ما وقع في حق عمرو ، بل صور تجليات الرحمة في حق زيد مختلفة ، كل صورة غير الأخرى ، وهذا مبنى مذهب المحققين - رضي الله عنهم - .

    على أن ليس في الوجود شيء متكرر ، حتى لو قلت ألف مرة : زيد زيد لم يكن لفظ زيد متكررا ، وإنما كمال المثلية أو همت التكرار ، وهذا معنى قوله تعالى :بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ، سورة ق: الآية 15

    فإن الله يوجد العالم ثم يعدمه في آن واحد ، وليس زمان الإيجاد بغير لزمان الإعدام ، بل اجتماع نقيض الضد في آن واحد ، وإنما أتى به لتقديم الرتبة العلية كما قال :

    فهز الرديني ؟ ثم اضطرب ....... فزمان الهز عين زمان المهزوز

    وقد أتى بثم ولا ترتيب ، ولقد أشار إلى هذه المسألة الإمام الأكبر في فصوص الحكم في فص حكمة سليمانية ، فإن أردت ذلك فعليك بما هنالك .

    وقوله : نزل به الروح الأمين على القرطاس ( 1 ) الروح الأمين هو جبرئيل عليه السلام ، والقرطاس هنا كناية عن القلب ، لأن التجلي لا يكون إلا على أفضل ما في

    الإنسان ، وليس شيء أفضل من القلب ، فإنه عرش الله ، وهو القلب الذي وسع الحق في قوله تعالى شأنه : “ ما وسعني أرضى ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن “ .

    والوسع عند المحققين عبارة عن المشاهدة والعلم والخلافة ، والثالث أعلاها ، وذلك هو الإنسان الكامل ، يعني من أعطي وسع الخلافة ، وأعطي ذلك المقام كان من المحدثين ، وهم صنفان :

    صنف يحدثهم الحق من خلف الحديث .

    وصنف بالوحي المعبر عنه بالإلهام .

    وإلى ذلك أشار - تعالى - بقوله :" وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ".

    وأما قوله :أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ ، فهذا وحي تشريع ، وهو إرسال النبي إلى من أرسله الحق ، وقد انسد باب الإرسال بمحمد - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - ، فلهذا قيل : أن المحدثين صنفان .

    فأهل الحديث الذين يحدثهم الحق من وراء حجاب الحديث على طبقات كثيرة .

    والصنف الآخر تحدثهم الأرواح الملكية في قلوبهم ، وأحيانا على آذانهم ، وقد يكتب لهم ، وهم كلهم أهل حديث .

    ومفهوم كلامه - رضي الله عنه - أن [ أنه ] من أهل هذا القسم الذين تحدثهم الأرواح بدلالة قوله : نزل به الروح الآمين وهو جبرئيل - على القرطاس كناية عن قلبه ، كما أن القرطاس محل للكتابة ، كذلك القلب محل قبول الفيض فافهم ، والله ورسوله أعلم .


    مقدمة الكتاب على موقع الشريف المحسي
    .

      الوقت/التاريخ الآن هو 26/11/2024, 19:09