..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3)

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3) Empty كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج3 (3)

    مُساهمة من طرف Admin 18/10/2020, 20:17


    ثالثاً: فئات لم تصمت:

    هذه فئة عاشت في القرن الأول، ورأت أموراً لا تعجبها، وظنت – باجتهادها – أنها تخالف بعض أمور الشرع الحنيف، فلم تصمت، بل تكلمت، وأمرت بالمعروف، ونهت عن المنكر.

    1- إبراهيم بن ميمون الصائغ:

    أيّد ابن ميمون الصائغ الثورة العباسية في بدايتها، ولكنه شعر أن بها خللاً، فبدأ يتملص منها، فقتله أبو مسلم الخراساني، قال ابن سعد ؒ: «إبْرَاهيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّائغُ كَانَ هُوَ وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَابتٍ الْعَبْديُّ صَديقَيْن لأَبي مُسْلمٍ الدَّاعيَة بخُرَاسَانَ، يَجْلسَان إلَيْه، وَيَسْمَعَان كَلَامَهُ، فَلَمَّا أَظْهَرَ الدَّعْوَةَ بخُرَاسَانَ، وَقَامَ بهَذَا الْأَمْر دَسَّ إلَيْهمَا مَنْ يَسْأَلُهُمَا عَنْ نَفْسه، وَعَن الْفَتْك به، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابتٍ: لَا أَرَى أَنْ يُفْتَكَ به؛ لأَنَّ الْأَيْمَانَ قَيْدُ الْفَتْك، وَقَالَ إبْرَاهيمُ الصَّائغُ: أَرَى أَنْ يُفْتَكَ به، وَيُقْتَلَ، فَوَلَّى أَبُو مُسْلمٍ مُحَمَّدَ بْنَ ثَابتٍ الْعَبْديَّ قَضَاءُ مَرْوَ، وَبَعَثَ إلَى إبْرَاهيمَ الصَّائغ فَقُتلَ، وَقَدْ رُويَ أَنَّ إبْرَاهيمَ الصَّائغَ كَانَ أَتَى أَبَا مُسْلمٍ فَوَعَظَهُ، فَقَالَ لَهُ: انْصَرفْ إلَى مَنْزلكَ، فَقَدْ عَرَفْنَا رَأْيَكَ فَرَجَعَ، ثُمَّ تَحَنَّطَ بَعْدَ ذَلكَ وَتَكَفَّنَ، وَأَتَاهُ وَهُوَ في مَجْمَعٍ منَ النَّاس فَوَعَظَهُ وَكَلَّمَهُ بكَلَامٍ شَديدٍ فَأَمَرَ به فَقُتلَ، وَطُرحَ في بئْرٍ» ([162]).

    ولذلك ذكر ابن كثير إيضاحاً أكبر حول هذا الموضوع فقال: «كَانَ إبْرَاهيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّائغُ منْ أَصْحَابه وَجُلَسَائه في زَمَن الدَّعْوَة، وَكَانَ يَعدُهُ إذا ظهر أن يقيم الحدود، فلما تمكن أبو مسلم ألح عليه إبراهيم بن ميمون في الْقيَام بمَا وَعَدَهُ به حَتَّى أَحْرَجَهُ، فأمر بضرب عنقه، وقال له: لم لا كُنْتَ تُنْكرُ عَلَى نَصْر بْن سَيَّارٍ وَهُوَ يَعْمَلُ أَوَانيَ الْخَمْر منَ الذَّهَب، فَيَبْعَثُهَا إلَى بَني أُمَيَّةَ؟ فَقَالَ لَهُ: إنَّ أُولَئكَ لَمْ يقربوني من أنفسهم، ويعدوني منها ما وعدتني أنت»([163]).

    2- أنس بن مالك رضي الله عنه:

    قال ابن كثير ؒ: «أنس بن مالك بن النَّضْر ... الْأَنْصَاريُّ النَّجَّاريُّ، خَادمُ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم وَصَاحبُهُ، وَأُمُّهُ أُمُّ حَرَامٍ: مُلَيْكَةُ بنْتُ ملْحَانَ بْن خَالد بْن زَيْد بْن حَرَامٍ، زَوْجَةُ أَبي طَلْحَةَ زَيْد بْن سَهْلٍ الْأَنْصَاريّ»([164]).

    وقال الحافظ ابن حجر ؒ: «ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له بستان يحمل الفاكهة في السنة مرّتين، وكان فيه ريحان، ويجيء منه ريح المسك، وكانت إقامته بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ثم شهد الفتوح، ثم قطن البصرة ومات بها...

    قال عليّ بن المدينيّ: كان آخر الصحابة موتاً بالبصرة، وقال البخاريّ: حدثنا موسى، حدثنا إسحاق بن عثمان، سألت موسى بن أنس: كم غزا أنس مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ثماني غزوات...

    وقال معتمر، عن أبيه: سمعت أنس بن مالك يقول: لم يبق أحد صلّى القبلتين غيري، قال جرير بن حازم: قلت لشعيب بن الحبحاب: متى مات أنس؟ قال: سنة تسعين.

    ... الأنصاري الخزرجي خادم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأحد المكثرين من الرواية عنه، صحّ عنه أنه قال: قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، وأن أمه أم سليم أتت به النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم، فقالت له: هذا أنس غلام يخدمك، فقَبلَه.

    مات وله مائة سنة وسنة، قال: وقيل مائة وسبع سنين، ورواه البغويّ، عن عمر بن شبّة، عن محمد بن عبد اللَّه الأنصاريّ كذلك.

    قال الطّبرانيّ: «... عن أنس، قال: قالت أم سليم: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه لأنس فقال: «اللَّهمّ أكثر ماله وولده، وبارك له فيه» .

    وقال جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس: جاءت بي أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا غلام، فقالت: يا رسول اللَّه، أنس ادع اللَّه له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهمّ أكثر ماله وولده وأدخله الجنّة»([165])»([166]).

    وقال الإمام ابن كثير ؒ: «دَخَلَ أَنَسُ بْنُ مَالكٍ عَلَى الْحَجَّاج بْن يُوسُفَ، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يديه قال لَهُ: إيهٍ إيهٍ يَا أُنَيْسُ، يَوْمٌ لَكَ مَعَ عَليٍّ، وَيَوْمٌ لَكَ مَعَ ابْن الزُّبَيْر، وَيَوْمٌ لَكَ مَعَ ابْن الْأَشْعَث، وَاللَّه لَأَسْتَأْصلَنَّكَ كما تستأصل الشاة، وَلَأَدْمَغَنَّكَ كَمَا تُدْمَغُ الصَّمْغَةُ.

    فَقَالَ أَنَسٌ: إيَّايَ يعني الأمير أصلحه الله؟ قال: إياك أعني صك اللَّهُ سَمْعَكَ.

    قَالَ أَنَسٌ: إنَّا للَّه وَإنَّا إلَيْه رَاجعُونَ، وَاللَّه لَوْلَا الصّبْيَةُ الصّغَارُ مَا بَالَيْتُ أَيَّ قتْلَةٍ قُتلْتُ، وَلَا أَيَّ ميتَةٍ متُّ، ثُمَّ خَرَجَ منْ عنْد الْحَجَّاج فَكَتَبَ إلَى عَبْد الْمَلك بْن مَرْوَانَ يُخْبرُهُ بمَا قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ، فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلك كتاب أنس استشاط غضباً، وشفق عَجَبًا، وَتَعَاظَمَ ذَلكَ منَ الْحَجَّاج، وَكَانَ كتَابُ أنس إلى عبد الملك: بسْم اللَّه الرَّحْمَن الرَّحيم إلَى عَبْد الْمَلك بْن مَرْوَانَ أَمير الْمُؤْمنينَ منْ أَنَس بْن مَالكٍ، أَمَّا بَعْدُ: فَإنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ لي هُجراً، وَأَسْمَعَني نُكْرًا، وَلَمْ أَكُنْ لذَلكَ أَهْلًا، فَخُذْ لي عَلَى يَدَيْه، فَإنّي أَمُتُّ بخدْمَتي رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَصُحْبَتي إيَّاهُ، والسَّلام عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّه وَبَرَكَاتُهُ.

    فَبَعَثَ عبد الملك إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر - وَكَانَ مُصَادقًا للْحَجَّاج، فَقَالَ لَهُ: دُونَكَ كتَابَيَّ هذين فخذهما، وَارْكَب الْبَريدَ إلَى الْعرَاق، وَابْدَأْ بأَنَس بْن مَالكٍ صَاحبَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فارفع كتَابي إلَيْه وَأَبْلغْهُ منّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، قَدْ كَتَبْتُ إلَى الْحَجَّاج الْمَلْعُون كتَابًا، إذَا قَرَأَهُ كَانَ أَطْوَعَ لَكَ منْ أَمَتكَ، وَكَانَ كتَابُ عَبْد الْمَلك إلَى أَنَس بْن مَالكٍ: بسْم اللَّه الرَّحْمَن الرَّحيم! منْ عَبْد الْمَلك بْن مَرْوَانَ إلَى أَنَسُ بْنُ مَالكٍ خَادمُ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أَمَا بَعْدُ، فَقَدْ قَرَأْتُ كتَابَكَ، وَفَهمْتُ مَا ذَكَرْتَ منْ شكَايَتكَ الْحَجَّاجَ، وَمَا سَلَّطْتُهُ عَلَيْكَ، وَلَا أَمَرْتُهُ بالْإسَاءَة إلَيْكَ، فَإنْ عَادَ لمثْلهَا اكْتُبْ إلَيَّ بذَلكَ أُنْزلْ به عُقُوبَتي، وَتَحْسُنْ لَكَ مَعُونَتي، وَالسَّلَامُ.

    فَلَمَّا قَرَأَ أنس كتاب أمير المؤمنين، وَأُخْبرَ برسَالَته، قَالَ: جَزَى اللَّهُ أَميرَ الْمُؤْمنينَ عَنّي خَيْرًا، وَعَافَاهُ وَكَفَاهُ، وَكَافَأَهُ بالْجَنَّة، فَهَذَا كَانَ ظَنّي به، وَالرَّجَاءَ منْهُ...

    وإن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعديُّ صَحَابيٌّ مَدَنيٌّ جَليلٌ، تُوُفّيَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَلَهُ منَ الْعُمْر خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وكان ممن ختمه الحجاج في عنقه هُوَ وَأَنَسُ بْنُ مَالكٍ وَجَابرُ بْنُ عَبْد اللَّه في يَده، ليُذلَّهُمْ كَيْلَا يَسْمَعَ النَّاسُ منْ رَأْيهمْ...

    وَقَد اسْتَعْمَلَهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ عَلَى عمَالَة الْبَحْرَيْن وَشَكَرَاهُ في ذَلكَ، وَقَدْ انْتَقَلَ بَعْدَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَسَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَكَانَ لَهُ بهَا أَرْبَعُ دُورٍ، وَقَدْ نَالَهُ أَذًى منْ جهَة الْحَجَّاج، وَذَلكَ في فتْنَة ابْن الْأَشْعَث، تَوَهَّمَ الْحَجَّاجُ منْهُ أنه له مداخلة في الْأَمْر، وَأَنَّهُ أَفْتَى فيه، فَخَتَمَهُ الْحَجَّاجُ في عنقه، هذا عنق الْحَجَّاج، وَقَدْ شَكَاهُ أَنَسٌ كَمَا قَدَّمْنَا إلَى عَبْد الْمَلك، فَكَتَبَ إلَى الْحَجَّاج يُعَنّفُهُ، فَفَزعَ الْحَجَّاجُ منْ ذَلكَ وَصَالَحَ أَنَسًا.

    وَقَدْ وَفَدَ أَنَسٌ عَلَى الْوَليد بْن عَبْد الْمَلك في أَيَّام ولَايَته، قيلَ في سَنَة ثنْتَيْن وَتسْعينَ، وَهُوَ يَبْني جَامعَ دمَشْقَ، قَالَ مَكْحُولٌ: رَأَيْتُ أَنَسًا يَمْشي في مَسْجد دمَشْقَ فَقُمْتُ إلَيْه فَسَأَلْتُهُ عَن الْوُضُوء منَ الْجنَازَة فَقَالَ: لَا وضوء.

    وقال الأوزاعي: حدثني إسْمَاعيلُ بْنُ عَبْد اللَّه بْن أَبي الْمُهَاجر قَالَ: قَدمَ أَنَسٌ عَلَى الْوَليد فَقَالَ لَهُ الْوَليدُ: مَاذَا سَمعْتُ منْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ به السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: سَمعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (أَنْتُمْ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْن).

    ... وَقَالَ الزُّهْريُّ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَس بْن مَالكٍ بدمَشْقَ وَهُوَ يَبْكي فَقُلْتُ: مَا يُبْكيكَ؟ قَالَ: لا أعرف ممَّا كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ إلَّا هَذه الصَّلَاةَ، وَقَدْ صَنَعْتُمْ فيهَا مَا صَنَعْتُمْ.

    وَفي روَايَةٍ: وَهَذه الصَّلَاةُ قَدْ ضُيّعَتْ - يَعْني مَا كَانَ يَفْعَلُهُ خُلَفَاءُ بَني أُمَيَّةَ منْ تَأْخير الصَّلَاة إلَى آخر وَقْتهَا الْمُوَسَّع - ...

    قَالَ [أنس رضي الله عنه]: جَاءَتْ بي أُمّي إلَى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم وَأَنَا غُلَامٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله خويدمك أُنَيْسٌ فَادْعُ اللَّهَ لَهُ.

    فَقَالَ، (اللَّهُمَّ أَكْثرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَدْخلْهُ الْجَنَّةَ).

    قَالَ: فَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَتَيْن، وَأَنَا أَرْجُو الثَّالثَةَ، وَفي روَايَةٍ قَالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّه إنَّ مَالي لَكَثيرٌ حَتَّى نَخْلي وَكَرْمي لَيُثْمرُ في السَّنَة مَرَّتَيْن، وَإنَّ وَلَدي وَوَلَدَ وَلَدي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوٍ الْمائَة، وَفي روَايَةٍ: وإنَّ وَلَدي لصُلْبي مائَةٌ وَستَّةٌ.

    وَلهَذَا الْحَديث طُرُقٌ كَثيرَةٌ، وَأَلْفَاظٌ مُنْتَشرَةٌ جدًّا، وَفي رواية قال أنس: وأخبرتني بنتي آمنة أَنَّهُ دُفنَ لصُلْبي إلَى حين مَقْدَم الْحَجَّاج عشْرُونَ وَمائَةٌ.

    ... وَقَالَ ثَابتٌ لأَنَسٍ: هَلْ مَسَّتْ يَدُكَ كَفّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: فَأَعْطنيهَا أُقَبّلْهَا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُسْلم بْن إبْرَاهيمَ عَن المثنى بن سعيد الذراع، قَالَ: سَمعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالكٍ يَقُولُ: مَا منْ لَيْلَةٍ إلَّا وَأَنَا أَرَى فيهَا حَبيبي رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يبكي.

    ... بَعَثَ أَميرٌ منَ الْأُمَرَاء إلى أنْسَ شيئاً من الفيء، فقال: أخمس؟ قال: لا، فلم يقبله»([167]).

    3- الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو:

    إمام الديار الشامية في الفقه والزهد.

    قال أبو نعيم ؒ: «الْعَلَمُ الْمَنْشُورُ، وَالْحَكَمُ الْمَشْهُورُ الْإمَامُ الْمُبَجَّلُ، وَالْمقْدَامُ الْمُفَضَّلُ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَمْرٍو أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعيُّ رَضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، كَانَ وَاحدَ زَمَانه، وَإمَامَ عَصْره وَأَوَانه، كَانَ ممَّنْ لَا يَخَافُ في الله لَوْمَةَ لَائمٍ، مقْوَالًا بالْحَقّ لَا يَخَافُ سَطْوَةَ الْعَظَائم»([168]).

    وقال الإمام ابن كثير ؒ: «علامة الوقت أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعيُّ فقيه أهل الشام، وإمامهم.

    وقد بقي أهل دمشق وَمَا حَوْلَهَا منَ الْبلَاد عَلَى مَذْهَبه نَحْوًا من مائتين وعشرين سنة.

    وَقَد اسْتَدْعَى بالْأَوْزَاعيّ فَأُوقفُ بَيْنَ يَدَيْه، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَمْرٍو، مَا تَقُولُ في هذا الذي صنعناه؟ قال: فقلت لَهُ: لَا أَدْري، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَني يَحْيَى بْنُ سَعيدٍ الْأَنْصَاريُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن إبراهيم، عن علقمة، عَنْ عُمَرَ بْن الْخَطَّاب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إنَّمَا الْأَعْمَالُ بالنّيَّات) فَذَكَرَ الْحَديثَ.

    قَالَ الأوزاعي: وانتظرت رأسي أن يَسْقُطُ بَيْنَ رجْلَيَّ، ثُمَّ أُخْرجْتُ، وَبَعَثَ إلَيَّ بمائة دينار.

    [وروى القصة مرة أخرى بأوسع، فقال]:

    ولما دخل عبد اللَّه بن علي - عم السفاح الذي أجلى بني أمية عن الشام، وأزال اللَّه سبحانه دولتهم على يده - دمشق فطلب الأوزاعي، فتغيب عنه ثلاثة أيَّام، ثمَّ حضر بين يديه.

    قال الأوزاعي: دَخَلْتُ عَلَيْه، وَهُوَ عَلَى سَريرٍ، وَفي يَده خيزرانة، والمسودة عن يمينه وشماله، ومعهم السيوف مصلتة - والعمد الحديد - فسلمت عليه فَلَمْ يَرُدَّ، وَنَكَتَ بتلْكَ الْخَيْزُرَانَة الَّتي في يَده ثمَّ قَالَ: يَا أَوْزَاعيُّ، مَا تَرَى فيمَا صَنَعْنَا منْ إزَالَة أَيْدي أُولَئكَ الظَّلَمَة عن العباد والبلاد؟ أجهاداً ورباطاً هُوَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْأَميرُ، سَمعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعيدٍ الْأَنْصَاريَّ يَقُولُ: سَمعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إبْرَاهيمَ التَّيْمىَّ يَقُولُ: سَمعْتُ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ يَقُولُ: سَمعْتُ عُمَرَ بْنَ الخطَّاب يَقُولُ: سَمعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إنَّمَا الْأَعْمَالُ بالنّيَّات وَإنَّمَا لكُلّ امْرئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هجْرَتُهُ إلَى اللَّه وَرَسُوله فَهجْرَتُهُ إلَى اللَّه وَرَسُوله، وَمَنْ كَانَتْ هجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْه).

    قَالَ: فَنَكَتَ بالْخَيْزُرَانَة أَشَدَّ مما كانت ينكت، وجعل من حوله يقبضون أيديهم على قبضات سيوفهم، ثُمَّ قَالَ: يَا أَوزَاعيُّ مَا تَقُولُ في دمَاء بَني أُمَيَّةَ؟ فَقُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحلُّ دَمُ امْرئٍ مُسْلمٍ إلَّا بإحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بالنَّفْس، وَالثَّيّبُ الزَّاني، وَالتَّاركُ لدينه الْمُفَارقُ للْجَمَاعَة).

    فَنَكَتَ بها أَشَدَّ منْ ذَلكَـ ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُولُ في أَمْوَالهمْ؟ فَقُلْتُ: إنْ كَانَتْ في أَيْديهمْ حَرَامًا، فَهيَ حَرَامٌ عَلَيْكَ أَيْضًا، وَإنْ كَانَتْ لَهُمْ حَلَالًا، فَلَا تَحلُّ لَكَ إلَّا بطَريقٍ شَرْعيٍّ.

    فَنَكَتَ أَشَدَّ ممَّا كَانَ يَنْكُتُ قَبْلَ ذَلكَ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا نُوَلّيكَ الْقَضَاءَ؟ فَقُلْتُ: إنَّ أَسْلَافَكَ لَمْ يَكُونُوا يَشُقُّونَ عَلَيَّ في ذلك، وإني أحب أن يتم ما ابتدؤوني به منَ الْإحْسَان.

    فَقَالَ: كَأَنَّكَ تُحبُّ الانْصرَافَ؟ فَقُلْتُ: إنَّ وَرَائي حُرَمًا وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى القيام عليهن، وسترهن، وقلوبهن مشغولة بسببي.

    قَالَ: وَانْتَظَرْتُ رَأْسي أَنْ يَسْقُطَ بَيْنَ يَدَيَّ، فأمرني بالانصراف.

    فلما خرجت، إذا برسوله منْ وَرَائي، وَإذَا مَعَهُ مائَتَا دينَارٍ، فَقَال: يقول لك الأمير: استنفق هذه.

    قال: فتصدقت بها، وإنما أخذتها خوفاً»([169]).

    4- أبو بكر بن عياش:

    قال ابن الجزري ؒ: «إمام مجوّد صالح، ولد سنة نيف وثلاثين وستمائة، وقدم دمشق وقرأ بها على الشيخ عبد السلام الزواوي، وجلس إلى جانب محراب الصحابة من الجامع الأموي، فختم عليه خلق كثير، توفي سنة ست عشرة وسبعمائة وشيعه خلق كثير»([170]).

    وقال الإمام المزي ؒ: «أَبُو بكر بْن عياش هذا كوفي مشهور، وهو يروي عَنْ أجلة الناس، وحديثه فيه كثرة، وقد روى عنه من الكبار جماعة، وحديثه مسندة، ومقطوعه يكثر، وهو من مشهوري مشايخ الكوفة، ومن المختصين بالرواية عن جملة مشايخهم، وهو من قراء أهل الكوفة، وعن عاصم أخذ القراءة وعليه قرأ، وهو في رواياته عن كل من روى عنه لا بأس به، وذلك إني لم أجد لَهُ حديثاً منكراً إذا روى عنه ثقة»([171]).

    وقال الحافظ ابن حجر ؒ: «أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الحناط المقرئ مولى واصل الأحدب ... وقال ابن المبارك: ما رأيت أحداً أسرع إلى السنة من أبي بكر بن عياش»([172]).

    وقال الحافظ أبو نعيم ؒ: «الْقَارئُ الْهَشَّاشُ، الْعَابدُ الْبَشَّاشُ أَبُو بَكْر بْنُ عَيَّاشٍ، كَانَ في الْعُدَاد وَاحدًا، وَفي الْعبَادَة شَاهدًا، وَقيلَ: إنَّ التَّصَوُّفَ ارْتقَاءٌ لاقْترَابٍ وَانْتصَابٌ في ارْتقَابٍ»([173]).

    وقال الحافظ ابن كثير ؒ: «وَقَدْ سَأَلَ الرَّشيدُ أَبَا بَكْر بْنَ عَيَّاشٍ: مَنْ خَيْرُ الْخُلَفَاء؟ نَحْنُ أو بَنُو أُمَيَّةَ؟ فَقَالَ: هُمْ كَانُوا أَنْفَعَ للنَّاس، وأنتم أقوم للصلاة، فَأَعْطَاهُ ستَّةَ آلَافٍ... »([174])

    5- جابر بن عبد الله رضي الله عنه:

    قال الحافظ الذهبي ؒ: «جابر بن عبد اللَّه بن عمرو بن حرام السلمي الأنصاري، وهو آخر من مات من أهل العقبة، وعاش أربعاً وتسعين سنة، وكان كثير العلم، من أهل بيعة الرضوان»([175]).

    وقال الحافظ ابن حبان ؒ: «شهد العقبتين مع أبيه، ثم شهد بدراً، ومن المشاهد تسع عشرة غزاة، وقد استغفر له المصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة البعير عمه خمساً وعشرين مرة، كنيته أبو عبد اللَّه، وأبوه من شهداء أحد، مات جابر بالمدينة بعد أن عمي سنة ثمان وسبعين، وكان يخضب بالحمرة، وكان له يوم مات أربع وتسعون سنة»([176]).

    وقال الحافظ ابن حجر ؒ: «وقال علي بن المدينيّ: مات جابر بعد أن عمّر، فأوصى ألا يصلّي عليه الحجاج»([177]).

    6- جارية بن قدامة:

    قال الصفدي ؒ: «كَانَ صَاحب عَليّ بن أبي طَالب في حروبه، روى عَن الْأَحْنَف بن قيس ... وَتُوفّي في حُدُود الْخمسين للْهجْرَة وَله صُحْبَة»([178]).

    وقال الحافظ المزي ؒ: «شريف لحق النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، ثم صحب أمير المؤمنين علياً ... وكان جارية شجاعاً مقداماً فاتكاً، ... كان مع علي بن أبي طالب بعثه إلى البصرة، ... فقال له معاوية: من أنت؟ قال جارية بن قدامة، قال: وكان قليلاً، قال: وما عسيت أن تكون، هل أنت إلا نحلة؟ قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فقد شبهتني بها حامية اللسعة، حلوة البساق، واللَّه ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب، وما أمية إلا تصغير أمة، قال معاوية: لا تفعل، قال: إنك فعلت»([179]).

    قال الحافظ ابن حجر ؒ: «ولجارية هذا قصة مع معاوية يقول فيها: فقال له: سل حاجتك يا أبا قندس، قال: تقرّ الناس في بيوتهم، فلا توفدهم إليك، فإنما يوفدون إليك الأغنياء، ويذرون الفقراء»([180]).

    7- الحارث بن مالك بن قيس ابن البرصاء:

    من أهل الحجاز، أقام بمكة، وقيل: بل نزل الكوفة، له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، ذكره مسلم فى الطبقة الأولى من الصحابة المكيين في كتاب الرواة له، وقال ابن الأثير: وهو من أهل الحجاز، أقام بمكة، وقيل: بل نزل الكوفة([181]).

    قال الحافظ ابن حجر ؒ: «كان ابن البرصاء الليثيّ من جلساء مروان بن الحكم، وكان يسمر معه، فذكروا الفيء عند مروان، فقالوا: الفيء مال اللَّه، وقد وضعه عمر في موضعه، فقال مروان:

    إن الفيء مال أمير المؤمنين معاوية، يقسمه فيمن شاء، فخرج ابن البرصاء فلقي سعد بن أبي وقاص فأخبره.

    قال سعيد: فلقيني سعد، وأنا أريد المسجد، فقال: الحقني، فتبعته حتى دخلنا على مروان، فأغلظ له.... فذكر القصّة.

    قال: فقال مروان: من ترون؟ قال: هذا لهذا الشّيخ؟ قالوا: ابن البرصاء، فأتى به فأمر بتجريده ليضرب، فدخل البواب يستأذنه لحكيم بن حزام، فقال: ردّوا عليه ثيابه، وأخرجوه لا يهج علينا هذا الشّيخ الآخر»([182]).

    8- الحكم بن عمرو بن مجدع الغفاري:

    قال الحافظ ابن كثير ؒ: «صَحَابيٌّ جَليلٌ ... اسْتَنَابَهُ زيَادُ بْنُ أَبيه عَلَى غَزْو جَبَل الأشل، فغنم شيئاً كثيراً، فجاء كتاب زياد إليه على لسان معاوية أن يصطفي من الغنيمة لمعاوية ما فيها من الذهب والفضة لبيت ماله، فرد عليه: إن كتاب اللَّه قبل كتاب أمير المؤمنين، أو لم يسمع لقوله u: (لا طاعة لمخلوق في معصية اللَّه)؟ وقسم في الناس غنائمهم، فَيُقَالُ: إنَّهُ حُبسَ إلَى أَنَّ مَاتَ بمَرْوَ في هَذه السَّنَة، وَقيلَ في سَنَة إحْدَى وَخَمْسينَ رَحمَهُ اللَّهُ»([183]).

    وقال الحافظ ابن حبان ؒ: «انتقل إلى البصرة ثم خرج إلى خراسان غازياً، له قصة طويلة ليس هذا موضعها، إلا أن فلاناً أمر به، فقيد حتى مات سنة خمسين، وقد قيل سنة خمس وأربعين، وقبره بجنب قبر بريدة الأسلمى بالحصين، ودفن بقبره بمرو»([184]).

    وقال ابن سعد ؒ: «فَكَتَبَ إلَيْه زيَادٌ: أَمَّا بَعْدُ، فَإنَّ أَميرَ الْمُؤْمنينَ كَتَبَ إلَيَّ أَنْ أَصْطَفيَ لَهُ الصَّفْرَاءَ وَالْبَيْضَاءَ، فَلَا تَقْسمْ بَيْنَ النَّاس ذَهَبًا وَلَا فضَّةً، فَكَتَبَ إلَيْه: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإنَّكَ كَتَبْتَ إلَيَّ تَذْكُرُ كتَابَ أَمير الْمُؤْمنينَ، وَإنّي وَجَدْتُ كتَابَ اللَّه قَبْلَ كتَاب أَمير الْمُؤْمنينَ، وَإنَّهُ وَاللَّه، لَوْ كَانَت السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ رَتْقًا عَلَى عَبْدٍ، فَاتَّقَى اللَّهَ لَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ منْهُمَا مَخْرَجًا، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ للنَّاس: «اعْدُوا عَلَى فَيْئكُمْ، فَاقْسمُوهُ»([185]).

    وقال الحافظ ابن حجر ؒ: «وروي عن أوس بن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه- أنّ معاوية عتب عليه في شيء، فأرسل عاملاً غيره فقيده، فمات في القيد سنة خمس وأربعين.

    وقال المدائنيّ: مات سنة خمسين، وقال العسكريّ: سنة إحدى وخمسين.

    قلت: والصّحيح أنه لما ورد عليه كتاب زياد بالعتاب دعا على نفسه فمات»([186]).

    9- أم الدرداء:

    صحابية جليلة، زوجة الصحابي الجليل أبي الدرداء ب.

    «خيرة بنت أبي حَدْرَد، أم الدَّرداء الْكُبْرَى الصحابية...توفيت أمّ الدَّرْدَاء الْكُبْرَى في حُدُود الْمائَة»([187]).

    قال ابن حبيب ؒ: «خطبها معاوية، فقالت: «ما كنت لأختار على أبي الدرداء، وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا اجتمعت المرأة وزوجاها في الجنة، كانت لآخرهما»([188]).

    قال الحافظ ابن كثير ؒ: «كَانَ عَبْدُ الْمَلك يَجْلسُ في حَلْقَة أُمّ الدَّرْدَاء في مُؤَخَّر الْمَسْجد بدمَشْقَ، فَقَالَتْ لَهُ: بَلَغَني أَنَّكَ شربت الطلا بعد العبادة والنسك، فقال: أي واللَّه، والدما أَيْضًا قَدْ شَربْتُهَا.

    ثُمَّ جَاءَهُ غُلَامٌ كَانَ قَدْ بَعَثَهُ في حَاجَةٍ، فَقَالَ: مَا حَبَسَكَ لَعَنَكَ اللَّهُ؟ فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاء: لَا تَفْعَلْ يَا أَميرَ الْمُؤْمنينَ، فَإنّي سَمعْتُ أَبَا الدرداء يَقُولُ: سَمعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَعَّانٌ)»([189]).

    10- أبو ذر الغفاري:

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/11/2024, 08:00