..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب أخبار وحكايات لأبي الحسن محمد بن الفيض الغساني
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Emptyاليوم في 17:11 من طرف Admin

» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Emptyاليوم في 17:02 من طرف Admin

» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Emptyاليوم في 16:27 من طرف Admin

» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Emptyاليوم في 15:41 من طرف Admin

» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Emptyاليوم في 15:03 من طرف Admin

» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Emptyاليوم في 14:58 من طرف Admin

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3)

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68544
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3) Empty كتاب: فتن ومحن العصر الأول ـ حسن حسن فرحات ـ ج1 (3)

    مُساهمة من طرف Admin 18/10/2020, 21:15

    فهنا نرى مدى اجتماع كبراء قريش في استهداف الدعوة، وقائدها، وكيف حاولوا الاستفادة من عمه أبي طالب الذي كان يحوطه، وينصره، ويخاف عليه منهم.

    وهناك حدث عجيب، ليس له تفسير إلا الحقد، والإحن، كيف أن هؤلاء الكفار بلغ الحقد في قلوبهم إلى أنهم لم يفرقوا بين المؤمن والكافر، فقرروا الحرب على كل مؤمن، أو كل من لا يكره المؤمنين، ولذلك كان اجتماع عجيب لهؤلاء الكفرة الحاقدين في مقاطعة كل مؤمن، ومن لم يكره المؤمنين، فقاطعوا بني هاشم: مؤمنهم، وكافرهم، واستثنوا أبا لهب، وقاطعوا كل بني المطلب؛ لأنهم وقفوا بجانب بني عمهم، وهذه المقاطعة كانت من البغضاء والحقد ما لا تدركه العقول، والنفوس السليمة، فروى ابن سعد قائلاً: «لَمَّا بَلَغَ قُرَيْشًا فِعْلُ النَّجَاشِيِّ لِجَعْفَرٍ، وَأَصْحَابِهِ، وَإِكْرَامِهِ إِيَّاهُمْ، كَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَغَضِبُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَتَبُوا كِتَابًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَلا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلا يُبَايِعُوهُمْ، وَلا يُخَالِطُوهُمْ، وَكَانَ الَّذِي كَتَبَ الصَّحِيفَةَ مَنْصُورُ بْنُ عِكْرِمَةَ الْعَبْدَرِيُّ، فَشُلَّتْ يَدُهُ، وَعَلَّقُوا الصَّحِيفَةَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ الْجُلاسِ بِنْتِ مُخَرِّبَةَ الْحَنْظَلِيَّةِ؛ خَالَةِ أَبِي جَهْلٍ، وَحَصَرُوا بَنِي هَاشِمٍ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ لَيْلَةَ هِلالِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ، مِنْ حين تنبى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَانْحَازَ بَنُو الْمُطَّلِبِ بْن عَبْدِ مَنَافٍ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فِي شِعْبِهِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ، وَخَرَجَ أَبُو لَهَبٍ إِلَى قُرَيْشٍ، فَظَاهَرَهُمْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ.

    وَقَطَعُوا عَنْهُمُ الْمِيرَةَ، وَالْمَادَّةَ، فَكَانُوا لا يَخْرُجُونَ إِلا مِنْ مَوْسِمٍ إِلَى مَوْسِمٍ، حَتَّى بَلَغَهُمُ الْجَهْدُ، وَسُمِعَ أَصْوَاتُ صِبْيَانِهِمْ مِنْ وَرَاءِ الشِّعْبِ، فَمِنْ قُرَيْشٍ مَنْ سَرَّهُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَاءَهُ، وَقَالَ: انْظُرُوا مَا أَصَابَ مَنْصُورَ بْنَ عِكْرِمَةَ، فَأَقَامُوا فِي الشِّعْبِ ثَلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ أَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى أمر صحيفتهم، وأن الأرضة قد أكلت ما كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ، وَظُلْمٍ، وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ U... كَتَبَتْ قُرَيْشٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابًا، وَخَتَمُوا عَلَيْهِ ثَلاثَةَ خَوَاتِيمَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ U عَلَى الصَّحِيفَةِ دَابَّةً، فَأَكَلَتْ كُلَّ شَيْءٍ إِلا اسْمَ اللَّهِ U... أُكِلَ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ، إِلا (بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ)، وفي رواية: أُكِلَ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ مِنْ قَطِيعَةٍ، غَيْرَ (بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ)، ... فَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي طَالِبٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو طَالِبٍ لإِخْوَتِهِ، وَخَرَجُوا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ: إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي، وَلَمُ يَكْذِبْنِي قَطُّ، أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَى صَحِيفَتِكُمُ الأَرَضَةَ، فَلَحَسَتْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ جَوْرٍ، أَوْ ظُلْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَبَقِيَ فِيهَا كُلُّ مَا ذُكِرَ بِهِ اللَّهُ، فَإِنْ كَانَ ابْنُ أَخِي صَادِقًا نزعتم عن سُوءِ رَأْيِكُمْ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمْ فَقَتَلْتُمُوهُ، أَوِ اسْتَحْيَيْتُمُوهُ، قَالُوا: قَدْ أَنْصَفْتَنَا.

    فَأَرْسَلُوا إِلَى الصَّحِيفَةِ، فَفَتَحُوهَا، فَإِذَا هِيَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَقَطَ في أيديهم، ونكسوا على رؤوسهم، فقال أبو طالب: علام نُحْبَسُ، وَنُحْصَرُ وَقَدْ بَانَ الأَمْرُ؟ ثُمَّ دَخَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَالْكَعْبَةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْنَا مِمَّنْ ظَلَمَنَا، وَقَطَعَ أَرْحَامَنَا، وَاسْتَحَلَّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَّا.

    ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى الشِّعْب، وَتَلاوَمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مَا صَنَعُوا بِبَنِي هَاشِمٍ، فِيهِمْ: مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ، وَزَمْعَةُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَأَبُو البختري بْنُ هشامٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَلَبِسُوا السِّلاحَ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، فَأَمَرُوهُمْ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَسَاكِنِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَعَرَفُوا أَنْ لَنْ يُسْلِمُوهُمْ، وَكَانَ خُرُوجُهُمْ مِنَ الشِّعْبِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ»([21]).

    وهكذا نرى هذه الحالة العجيبة التي لا تقيم وزناً لعقل، أو قرابة، أو دين، إنما هو الموت البطيء، فالرواية تقول: إنهم قرروا قتله، فحاصروه، إذن هو القتل جوعاً، وما تزال هذه الحالة ملازمة لأعداء هذا الدين أن ينصبّ حقدهم حتى على منع الطعام، والمأوى، فيطردونهم إلى الشعاب، أو إلى أي مكان لا يمكن العيش فيه، فالمسلمون كما في بعض الروايات أكلوا العشب، والعظام، والجلود، وما وجدوه يمكن أن يؤكل، وأهل الكفر ينتظرون لهم الموت البطيء الذي هو أقسى من الموت نفسه، وهذه الحالات تكررت مع أعداء هذه الأمة مرات في التاريخ، ولا تزال تكرر حتى في التاريخ المعاصر الذي يعتبرونه عصر الحضارة، والإنسانية، والتقدم، ولكن يُستثنى دائماً أصحاب هذا الدين، وأفراد هذه الأمة، من حق الحياة الحرة الكريمة.

    وقد حاول هؤلاء المشركون أن يستفيدوا من كل أمر في حقدهم، وحربهم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته، روى ابن شبة «عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾ [النساء: 51] قَالَ: كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ الْجِبْتَ الشَّيْطَانُ، وَالطَّاغُوتَ الْكَاهِنُ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا﴾ [النساء: 51] قَالَ: ذَاكَ عَدُوّا اللَّهِ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكَانَا مِنْ أَشْرَافِ يَهُودَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، لَقِيَا قُرَيْشًا بِالْمَوْسِمِ، فَقَالَ لَهُمَا الْمُشْرِكُونَ: أَنَحْنُ أَهْدَى أَمْ مُحَمَّدٌ؟ فَإِنَّا أَهْلُ السِّدَانَةِ، وَأَهْلُ السِّقَايَةِ، وَجِيرَانُ الْحَرَمِ؟ قَالَا: بَلْ أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ، إِنَّمَا حَمَلَهُمَا عَلَى ذَلِكَ حَسَدُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا﴾ [النساء: 52]»([22]).

    ومنذ هذه الحادثة نجد أن اليهود بدؤوا يجهزون العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعه، ونرى هنا اتفاقهم مع كفار قريش، حيث أدى حقدهم هذا أن يعتبروا كذباً وزوراً أن دين الوثنية، وهو دين قريش، أفضل من دين التوحيد الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا التلاحم في الحقد والحرب على الإسلام سيبقى إلى الأبد بين اليهودية وملل الكفر، وسنراها متلازمة عبر تاريخ هذه الأمة.

    ولكن اجتماعاتهم هذه، وحربهم على الدعوة وصاحبها وصلت في نهاية الفترة المكية إلى أكثر من هذا الأمر: حيث بدأت بالمخاطبة، والمحاورة، والتعذيب له ولأتباعه، ثم وصلت لتقرير قتله، والتخلص منه، وتمت بأمرين (الحبس، أو القتل)، عندما قرر النبي صلى الله عليه وسلم الهجرة، بعد أن هاجر كثير من أصحابه، وبدأ المشركون يشعرون بخطر هذه الدعوة، وهذه الفئة، وهذا النبي القائد.

    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي قَوْلِهِ U: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ﴾ [الأنفال: 30] قَالَ: تَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصْبَحَ فَأَثْبِتُوهُ بِالْوَثَاقِ - يُرِيدُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ اقْتُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ أَخْرِجُوهُ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ U نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَبَاتَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى لَحِقَ بِالْغَارِ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ يَحْرُسُونَ عَلِيًّا، يَحْسَبُونَهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَوْا عَلِيًّا رَدَّ اللَّهُ مَكْرَهُمْ، فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكَ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْجَبَلَ اخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ فَمَرُّوا بِالْغَارِ، فَرَأَوْا نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ فَبَاتَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ»([23]).

    وهناك رواية أوردها الإمام ابن كثير ♫ فقال: «وَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهَا أَشْرَافُ قُرَيْشٍ: عتبَة، وَشَيْبَة، وَأَبُو سُفْيَان، وَطعيمَة ابْن عَدِيٍّ، وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَحَكِيم بن حزَام، وَأَبُو جهل ابْن هِشَامٍ وَنُبَيْهٌ وَمُنَبِّهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ، وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا يُعَدُّ مِنْ قُرَيْشٍ.

    فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، وَإِنَّنَا وَاللَّهِ مَا نَأْمَنُهُ عَلَى الْوُثُوبِ عَلَيْنَا بِمَنْ قَدِ اتَّبَعَهُ مِنْ غَيْرِنَا، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا.

    قَالَ: فَتَشَاوَرُوا، ثُمَّ قَالَ قَائِل مِنْهُم، قيل إِنَّه أبو البخترى بْنُ هِشَامٍ: احْبِسُوهُ فِي الْحَدِيدِ وَأَغْلِقُوا عَلَيْهِ بَابًا، ثُمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ مَا أَصَابَ أَشْبَاهَهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ، زُهَيْرًا، وَالنَّابِغَةَ، وَمَنْ مَضَى مِنْهُمْ مِنْ هَذَا الْمَوْتِ، حَتَّى يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ....

    فَتَشَاوَرُوا، ثُمَّ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: نُخْرِجُهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فَنَنْفِيهِ مِنْ بِلَادِنَا، فإذا خرج عَنَّا، فو اللَّه مَا نُبَالِي أَيْنَ ذَهَبَ، وَلَا حَيْثُ وَقَعَ، إِذَا غَابَ عَنَّا، وَفَرَغْنَا مِنْهُ، فَأَصْلَحْنَا أَمْرَنَا، وَأُلْفَتَنَا كَمَا كَانَتْ...

    فَقَالَ أَبُو جَهْلِ بن هِشَام: وَاللَّه إِن لي فِيهِ رَأيا مَا أَرَاكُمْ وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ بَعْدُ.

    قَالُوا: وَمَا هُوَ يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نَأْخُذ من كَانَ قَبِيلَةٍ فَتًى شَابًّا جَلِيدًا نَسِيبًا وَسِيطًا فِينَا، ثُمَّ نُعْطِي كُلَّ فَتًى مِنْهُمْ سَيْفًا صَارِمًا، ثُمَّ يَعْمِدُوا إِلَيْهِ فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَقْتُلُوهُ فَنَسْتَرِيحَ مِنْهُ، فَإِنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ جَمِيعِهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ بَنُو عَبْدِ مُنَافٍ عَلَى حَرْبِ قَوْمِهِمْ جَمِيعًا، فَرَضُوا مِنَّا بِالْعَقْلِ، فَعَقَلْنَاهُ لَهُمْ...

    فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ على ذَلِك، وهم مجمعون لَهُ، فَأتى جِبْرَائِيل رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: لَا تَبِتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ عَلَى فِرَاشِكَ الَّذِي كُنْتَ تَبِيتُ عَلَيْهِ.

    قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ عَتَمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ اجْتَمَعُوا عَلَى بَابِهِ يَرْصُدُونَهُ حَتَّى يَنَامُ، فَيَثِبُونَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَانَهُمْ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: نَمْ عَلَى فِرَاشِي، وَتَسَجَّ بِبُرْدِي هَذَا الْحَضْرَمِيِّ الْأَخْضَرِ، فَنَمْ فِيهِ، فَإِنَّهُ لن يخلص إِلَيْك شيء تَكْرَهُهُ مِنْهُمْ.

    وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ فِي بُرْدِهِ ذَلِكَ إِذَا نَامَ.

    وَهَذِهِ الْقِصَّةُ التِي ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ قَدْ رَوَاهَا الْوَاقِدِيُّ بِأَسَانِيدِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ، وَسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ وَغَيْرِهِمْ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ»([24]).

    إذن صدر قرار القتل، فاختيار أربعين فارساً ليس لأنهم يخافون من قوة النبي صلى الله عليه وسلم، أو فروسيته، وإنما ليذهب دمه هدراً بين القبائل، فلا يستطيع أهله المطالبة بالثأر له، كما هي عادة العرب عندما يُقتل لهم قتيل من عشيرة أخرى، فالقتل هو آخر الدواء لأي مشكلة، وبذلك ينتهون من هذا الأمر الذي أرَّقهم منذ ثلاث عشرة سنة، ودون أن تقع الشحناء والبغضاء بين القبائل العربية.

    إذن هذا الأمر بناء على مشاورة، واتفاق بين كبراء المشركين [والغريب عدم وجود أبي سفيان في كل هذه المؤامرات والمؤتمرات]، حيث اجتمعوا، وتشاوروا، واتفقوا، والرواية أثبتّها؛ لأنها شرح للآية، لا لأنها هي النص، فنص الآية واضح، وسماها القرآن مكراً، وهذا المكر فيه خيارات ثلاثة: الحبس، أو القتل، أو النفي، والرواية تذكر الحصار المفروض، وإحاطة الفرسان بالبيت، لفعل أحد هذه الأمور الثلاثة.

    وهكذا لاحقوه حتى غار ثور، يبحثون عنه ليقتلوه، أو يثبتوه، وهذا الذي فعله المشركون هو ما يقوم به أعداء هذا الدين في كل زمان، فالإحن والبغضاء لهذا الدين لا تنتهي إلى يوم القيامة، ويبقى المسلمون يرون سلفهم قدوة لهم في هذه الأمور، كما أن أعداء الأمة يرون سلفهم من كفار قريش هم القدوة لهم، فيفعلون ما فعلوا، ويحاولون التخلص من هذه الأمة بكل الوسائل والأساليب.

    الفترة المدنية:

    بدأت في الفترة المدنية تظهر الإحن متشعبة وكثيرة، فهناك اليهود، وهناك المنافقون، وهناك بقية كفار العرب، زيادة على كفار قريش الذين لم يتركوا محمداً، ولا صحبه ينعمون بالأمن، بل لا بد أن تلاحقهم إحن وبغضاء من مجموع هؤلاء الكفرة، واليهود، والمنافقين.

    ففي صحيح البخاري عندما ذكر الهجرة النبوية، ووصوله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة « فَأَقْبَلَ [النبي صلى الله عليه وسلم] يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ، إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ، وَهُوَ فِي نَخْلٍ لِأَهْلِهِ، يَخْتَرِفُ لَهُمْ، فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِي يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا، فَجَاءَ وَهِيَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ»، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي، قَالَ: «فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلًا»، قَالَ: قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ، وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ، وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ، فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ اليَهُودِ، وَيْلَكُمْ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ، فَأَسْلِمُوا)، قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ، قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ، قَالَ: (فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ؟ قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا، وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا، وَابْنُ أَعْلَمِنَا، قَالَ: (أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟)، قَالُوا: حَاشَا لِلَّهِ، مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: (أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟) قَالُوا: حَاشَا لِلَّهِ، مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: (أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟)، قَالُوا: حَاشَا لِلَّهِ، مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: (يَا ابْنَ سَلاَمٍ، اخْرُجْ عَلَيْهِمْ)، فَخَرَجَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ اليَهُودِ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ، فَقَالُوا: كَذَبْتَ، فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»([25]).

    هنا تميز العدو الأول من خلال حسد اليهود، وعدم اعترافهم بالنبوة، بل بدأت الإحن تتفاقم بين الأمة الجديدة واليهود، مع أن الصحيفة اعترفت بوجود اليهود كمواطنين [بالتعبير العصري الحديث] في هذه الدولة الجديدة، ولكنهم ركبهم الحقد، وغلت نيران الحسد في قلوبهم، فبدؤوا بالكيد والحرب على الأمة الجديدة، والدولة الوليدة.

    كما ظهرت طائفة المنافقين، ولكنها كانت تحارب الإسلام خفية، لا جهرة، فروى مسلم في قصة إيذاء المنافقين للنبي صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ رَكِبَ [النبي صلى الله عليه وسلم] دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: (أَيْ سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّه بْنَ أُبَيٍّ - قَالَ: كَذَا وَكَذَا)، قَالَ: اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ، وَاصْفَحْ، فَوَاللهِ، لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّه الَّذِي أَعْطَاكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ أَنْ يُتَوِّجُوهُ، فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّه ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَهُ، شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم»([26]).

    ولنعلم شدة الإحن التي في قلب ابن أبيٍّ هذا، أورد شرح القاضي عياض لهذا الحديث:

    «قَوْله شَرق بذلك - بِكَسْر الرَّاء-: ضَاقَ صَدره حسداً، كمن غص بِشَيْء، والشرق بالمشرب، والغصص بالمطعوم»([27]).

    «قَوْله: يعصبوه بِالْعِصَابَةِ، قيل: مَعْنَاهُ يسوّدونه، وَكَانُوا يسمّون السَّيِّد معصباً؛ لِأَنَّهُ يُعصب بالتاج، أَو تُعصب بِهِ أُمُور النَّاس، وَقيل: مَعْنَاهُ: يعصبوه بعصابة الرياسة، وتاجها الَّتِي كَانَت تربطها مُلُوك الْعَرَب، وتعمّم بهَا، وعمائم الْعَرَب تيجانها، وَمِنْه الحَدِيث الآخر: (كَانُوا ينظمون لَهُ الخرز ليتوجوه، وينظمون لَهُ الْعِصَابَة)، وَفِي مُسلم: (ويتوجوه)، وَقَوله عاصباً رَأسه، وَقد عصب رَأسه مخففاً، أَي: شده بعصابة»([28]).

    إذن شرق ابن أبيّ من دخول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وزعامته لأهلها، فقد سلبت زعامته، وقيادته، فامتلأ حقداً وحسداً، وبدأ يبحث عن مؤيدين له من أهل المدينة، عربها ويهودها، وهذا ما نراه واضحاً في غزوة أحد؛ حيث استطاع أن يقنع ثلث جيش المسلمين بالعودة إلى المدينة، وترك الذهاب للحرب ضد مشركي مكة.

    «عَنْ عُرْوَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: 152]: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ غَزَا أَبُو سُفْيَانَ وَكُفَّارُ قُرَيْشٍ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي لَبِسْتُ دِرْعًا حَصِينَةً، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ، فَاجْلِسُوا فِي ضَيْعَتِكُمْ، وَقَاتِلُوا مِنْ وَرَائِهَا، وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ قَدْ شُبِّكَتْ بِالْبُنْيَانِ، فَهِيَ كَالْحِصْنِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اخْرُجْ بِنَا إِلَيْهِمْ فَلْنُقَاتِلْهُمْ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ: نعم وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ، إِنَّا وَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِنَا عَدُوُّ قَطُّ فَخَرَجْنَا إِلَيْهِ، فَأَصَابَ فِينَا، وَلَا تَنَيْنَا فِي الْمَدِينَةِ، وَقَاتَلْنَا مِنْ وَرَائِهَا إِلَّا هَزَمْنَا عَدُوّنَا، فَكَلَّمَهُ أُنَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، اخْرُجْ بِنَا إِلَيْهِمْ، فَدَعَا بِلَأْمَتِهِ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ قَالَ: «مَا أَظُنُّ الصَّرْعَى إِلَّا سَتَكْثُرُ مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ، إِنِّي أَرَى فِي النَّوْمِ مَنْحُورَةً» فَأَقُولُ: «بَقَرٌ، وَاللَّهِ بِخَيْرٍ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَاجْلِسْ بِنَا، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يَلْقَى النَّاسَ، فَهَلْ مِنْ رَجُلٍ يَدُلُّنَا الطَّرِيقَ عَلَى الْقَوْمِ مِنْ كَثَبٍ؟» فَانْطَلَقَتْ بِهِ الْأَدِلَّاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّوْطِ مِنَ الْجَبَّانَةِ، انْخَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ الْجَيْشِ، أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ثُلُثِ الْجَيْشِ»([29]).

    وفي مستخرج أبي عوانة توضيح لما حدث «يوم نجم النفاق، وسُمُّوا المنافقين، وهم الذين خذلوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين نهض إلى المشركين بأحد، وكانوا قريباً من ثلث أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فمشوا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حتى إذا بلغوا الجبَّانة، وبرزوا من دور المدينة، انصرفوا إلى أهليهم ورأسهم يومئذ: عبد اللَّه بن أبي، وكان عظيم أهل تلك البُحَيْرة في الجاهلية»([30]).

    ويؤيد هذا ما أخرجه ابن سعد: وانخزل بن أبي من ذلك المكان في كتيبة يتقدمهم، وهو يقول: عصاني، وأطاع الولدان، ومن لا رأي له، وانخزل معه ثلاثمائة([31]).

    وهنا تظهر العداوة والإحن عند ابن أبيّ، وطريقة خذلانه في أصعب الأوقات محنة، وفي وقت أشد ما تكون الحاجة إليه وإلى عسكره.

    وفي غزوة أحد هذه كاد يحصل ما يريد الكافرون والمنافقون، عندما ظهر نداء بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وما يزال إلى الآن بعض أثر لهذه الأفكار، وسنرى أن أصحاب هذه الإحن حاولوا فعل هذا مع النبي صلى الله عليه وسلم مراراً بقتله، وقتلوا عمر، وعثمان، وعلياً y، لأنهم كانوا يظنون أن قتل القائد، أو الرئيس سيؤدي إلى الفشل والضياع.

    وعند العرب في معاركهم كانوا ينخذلون عن الحرب إذا مات القائد، ولذلك نرى هنا في غزوة أحد كيف بدأ الضعف، والتردد يدخل في قلوب بعضهم، فمنهم من هرب، ومنهم من بقي صامداً؛ لأنه يعلم أن الأمر أمر أمة ودعوة، لا أمر شخص، أو قائد، «فروى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، قَالَ: انْتَهَى أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّه فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، قَدْ أَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ؟ فَقَالُوا: قُتِلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ، فَقُومُوا فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَبِهِ سُمِّيَ أَنَسُ بن مالك»([32]).

    ويؤيد هذا الحديث ما روى البخاري «عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ»، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَانْكَشَفَ المُسْلِمُونَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ - يَعْنِي أَصْحَابَهُ - وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ، - يَعْنِي المُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ»، فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: «يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ»، قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ، قَالَ أَنَسٌ: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ، وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ المُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلَّا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ، قَالَ أَنَسٌ: «كُنَّا نُرَى، أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ، وَفِي أَشْبَاهِهِ: ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: 23] إِلَى آخِرِ الآيَةِ»([33]).

    وتظهر الإحن واضحة، عند عامر بن الطفيل الذي ساءه انتصار المسلمين في بدر، واستغل شيئاً من الضعف عندهم أحس به بعد غزوة أحد، ففعل ما فعل.

    ذكر ابن كثير وغيره أن «قَدِمَ أَبُو بَرَاءٍ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ مَلَاعِبُ الْأَسِنَّةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ وَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَبْعُدْ، وَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، لَوْ بَعَثْتَ رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد، فدعوهم إِلَى أَمْرِكَ، رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ، فَقَالَ أَبُو بَرَاءٍ: أَنَا لَهُمْ جَار، فَبعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ الْمُعْنِقَ لِيَمُوتَ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، وَحَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ النجار، وعروة بن أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ، وَنَافِعُ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ فِي رِجَالٍ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِئْرَ مَعُونَةَ، وَهِيَ بَيْنَ أَرْضِ بَنِي عَامِرٍ وَحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَلَمَّا نَزَلُوا بَعَثُوا حَرَامَ بْنَ مِلْحَانَ بِكَتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فَلَمَّا أَتَاهُ لَمْ يَنْظُرْ فِي الْكِتَابِ حَتَّى عَدَا عَلَى الرَّجُلِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ اسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ بَنِي عَامِرٍ، فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوا إِلَى مَا دَعَاهُمْ، وَقَالُوا: لَنْ نُخْفِرَ أَبَا بَرَاءٍ، وَقَدْ عَقَدَ لَهُمْ عَقْدًا وَجِوَارًا، فَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ قَبَائِلَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ- عُصَيَّةَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ وَالْقَارَةَ- فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، فَخَرَجُوا حَتَّى غَشُوا الْقَوْمَ، فَأَحَاطُوا بِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ أَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ، ثُمَّ قَاتَلُوا الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، إِلَّا كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ أَخَا بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ؛ فَإِنَّهُمْ تَرَكُوهُ بِهِ رَمَقٌ، فَارْتُثَّ مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى، فَعَاشَ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَكَانَ فِي سَرْحِ الْقَوْمِ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَلَمْ يُنْبِئْهُمَا بِمُصَابِ الْقَوْمِ إِلَّا الطَّيْرُ تَحُومُ حَوْلَ الْعَسْكَرِ، فَقَالَا: وَاللَّهِ إِنَّ لِهَذِهِ الطَّيْرِ لَشَأْنًا، فَأَقْبَلَا لِيَنْظُرَا، فَإِذَا الْقَوْمُ فِي دِمَائِهِمْ، وَإِذَا الْخَيْلُ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ وَاقِفَةٌ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ: مَاذَا تَرَى؟ فَقَالَ: أَرَى أَنْ نَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُخْبِرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: لَكِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأَرْغَبَ بِنَفْسِي عَنْ مَوْطِنٍ قُتِلَ فِيهِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَا كُنْتُ لِأُخْبِرَ عَنْهُ الرِّجَالَ، فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ، وَأُخِذَ عَمْرٌو أَسِيرًا، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مِنْ مُضَرَ، أُطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَجَزَّ نَاصِيَتَهُ، وَأَعْتَقَهُ عَنْ رَقَبَةٍ كَانَتْ عَلَى أُمِّهِ فِيمَا زَعَمَ، قَالَ: وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْقَرْقَرَةِ مِنْ صَدْرِ قَنَاةَ، أَقْبَلَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، حَتَّى نَزَلَا فِي ظِلٍّ هُوَ فِيهِ، وَكَانَ مَعَ الْعَامِرِيَّيْنِ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجِوَارٌ لَمْ يَعْلَمْهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ، وَقَدْ سَأَلَهُمَا حِينَ نَزَلَا مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ قَالَا: مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَأَمْهَلَهُمَا حَتَّى إِذَا نَامَا عَدَا عَلَيْهِمَا وَقَتَلَهُمَا، وهو يرى أنه قَدْ أَصَابَ بِهِمَا ثَأْرًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ فِيمَا أَصَابُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ بِالْخَبَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَيْنِ لَأَدِيَنَّهُمَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ، قَدْ كُنْتُ لِهَذَا كَارِهًا مُتَخَوِّفًا»([34]).

    وقد حدثت هذه الحادثة كما تقول الروايات عقب غزوة أحد، ومكث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقنت شهراً يدعو عليهم، فقد طلبوا الدعاة ليفقهوهم، ثم نكثوا، وانقضّوا عليهم، وقتلوهم، وهؤلاء الدعاة كانوا من خيار المسلمين، وفقهائهم – كما في الروايات – وهذا العمل لا يقوم به إلا كافر، أو منافق، ولسنا بحاجة إلى إثبات عداوة وإحن هؤلاء على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وعلى الإسلام والمسلمين، أو لإثبات أنهم مسلمون، فدعاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليهم كاف، ولا يحتاج إلى زيادة.

    وتبدأ بعد ذلك إحن جديدة تظهر، وبأسلوب أخزى، وأقذر، فعَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْدِلْ، فَقَالَ: وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: دَعْهُ؛ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ، فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ، فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ، فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي نَعَتَهُ»([35]).

    وفي رواية مسلم: « فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، - قَالَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « فَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِنْ عَصَيْتُهُ، أَيَأْمَنُنِى عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَلاَ تَأْمَنُونِي!؟» قَالَ: ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ».

    وفيها أيضاً: «فَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فِى قَتْلِهِ - يُرَوْنَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ، لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ».

    وفيها: «فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ - قَالَ - فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ «أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً!»، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ: «وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ!»، قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: «لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي»، قَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ»، قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ، فَقَالَ: (إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ - قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ - لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ».

    وهنا تبدأ مرحلة جديدة، قد يكون خطرها أكبر من غيرها، لأن الإحن هنا تأتي ممن اعتنقوا هذا الدين، وقاموا بمتطلباته التعبدية، ومظاهره الشعائرية، ولكن الخلل يأتي من عدم فهمهم، وعدم استيعابهم للمنهج الجديد في بناء الأمة والدولة، وبدأ أولهم يشعر أن فهمه هو الدولة، فجاء ليصحح للنبي أخطاءه، ويعلمه كيف يجب أن يكون الدين الحق، وكأنه هو النبي، وهو الأفهم والأعظم، فخرج عن الطريق، وتظاهر بالنصح، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم ناصحاً: «اعدل»، أو «اتق اللَّه»، «هذا عمل لا يراد به وجه اللَّه» أي أن المشرِّع جار وظلم في حكمه، فحبا أهله وذويه، وآثرهم على باقي المسلمين، أي أن هذا المشرِّع يستغل سلطته، وسلطانه؛ ليستفيد منه أقاربه، وزبانيته، وأعوانه، ويقول هذا مع المشرّع، وأمام الصحابة، مما حدا ببعضهم طلب قتله بتهمة النفاق.

    ولست هنا بصدد مناقشة هذا الموضوع، لنقارن بين الإمام وشخص النبي (المشرع) صلى الله عليه وسلم، فنكون بذلك ازدرينا أنفسنا قبل أن نشير بشيء إلى شخص نبينا صلى الله عليه وسلم، فرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أجلّ، وأكبر، وأعظم من أن يقارن بأي إنسان، حتى ولو كان من صحابته الأدنين، بجعله مجالاً للمقارنة مع من لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.

    وهذا العمل مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خروج ومروق، وانتهاك لحرمة الدين بشخص المشرع صلى الله عليه وسلم.

    ودواء مثل هذه الواقعة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «دعه، فإن له أصحاباً يقرؤون القرآن...»، أو«...لا، لعله أن يكون يصلي»، أو: «إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم».

    - في عهد الخلفاء الراشدين:

    قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بعض العرب يدور في نفوسهم الحسد نحو النجاح الذي نجح به النبي صلى الله عليه وسلم، وظنوا أن الأمر قوة أهل مكة والمدينة، وقبائل الحجاز هي سبب هذا النجاح، فجاءت التفسيرات نحو هذه المشكلة متعددة بين قبائل العرب، ويذكيها عدد من المنافقين، واليهود، ولذلك نجد أن المشكلة تجتاح الجزيرة كلها عدا مدن الحجاز: مكة، والمدينة، والطائف، وبعض القبائل، أو بعض أفراد من القبائل العربية متناثرين على مستوى جزيرة العرب، ولكن الإحن نحو نجاح قريش هي التي سادت بين هؤلاء الذين لم يدخل الإيمان إلى قلوبهم.

    فانقسم هؤلاء إلى:

    أ- قسم رفضوا الإسلام جملة واحدة، وأحسوا أنهم أولى من قريش بالسيطرة على بلاد العرب، وهنا يكون الحسد والإحنة نحو قريش؛ لأنهم لم يدركوا سر هذا الدين الجديد، ولا بناء هذه الأمة، ولذلك بدؤوا يتقدمون بالقوة للتخلص من هذه الأمة الوليدة، فجهزوا الجيوش، وجمعوا القبائل، وأثاروا في نفوس أتباعهم الإحن والحقد على المسلمين، فكان منهم المتنبئون، ومنهم الرافضون للأحكام التي يأخذها القرشيون، بزعمهم، وأقسام دَفَعَتْهم شياطينهم للكسب المادي من هذه الدولة التي أصبح أهلها يمسكون بزمام المال، والتجارة لسعتها، وقوتها.

    وصوّر المؤرخون بداية هذه الظاهرة: «...تَقَدَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تُوُفِّيَ، ارْتَدَتْ أَحْيَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، وَنَجَمَ النِّفَاقُ بِالْمَدِينَةِ، وَانْحَازَ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ بَنُو حَنِيفَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ بِالْيَمَامَةِ، وَالْتَفَّتْ عَلَى طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيِّ بَنُو أَسَدٍ، وطيِّئ، وَبَشَرٌ كَثِيرٌ أَيْضًا، وَادَّعَى النُّبُوَّةَ أَيْضًا كَمَا ادَّعَاهَا مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ، وَعَظُمَ الْخَطْبُ، وَاشْتَدَّتِ الْحَالُ...»([36]).

    والظاهرة الثانية من رفضوا الزكاة؛ لأن وفاة النبي – بزعمهم – وضعت حداً لسيادة قريش، «وَجَعَلَتْ وُفُودُ الْعَرَبِ تَقْدَمُ الْمَدِينَةَ، يُقِرُّونَ بِالصَّلَاةِ، وَيَمْتَنِعُونَ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَمِنْهُمْ مَنِ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا إِلَى الصِّدِّيقِ، وَذَكَرَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة:103]، قَالُوا: فَلَسْنَا نَدْفَعُ زَكَاتَنَا إِلَّا إِلَى مَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَنَا، وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:

    أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّه إذ كان بيننا

    فوا عجبا مَا بَالُ مُلْكِ أَبِي بَكْرِ»([37])

    ويصور هذا المثال القسم الأول، وهو قسم المتنبئين بسبب العصبية القبلية، وحسد قريش على ما نالته من هذه النبوة، «جَاءَ [أعرابي] إِلَى الْيَمَامَةِ فَقَالَ: أَيْنَ مُسَيْلِمَةُ؟ فقال: مَهْ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا، حَتَّى أَرَاهُ، فلما جاء قَالَ: أَنْتَ مُسَيْلِمَةُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَنْ يأتيك؟ قال: رجس، قَالَ: أَفِي نُورٍ أَمْ فِي ظُلْمَةٍ؟ فَقَالَ: فِي ظُلْمَةٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ كَذَّابٌ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا صَادِقٌ، وَلَكِنْ كَذَّابُ رَبِيعَةَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ صَادَقِ مُضَرَ، وَاتَّبَعَهُ هَذَا الْأَعْرَابِيُّ الْجِلْفُ لعنه اللَّه حتى قتل معه يوم عقربا»([38]).

    فهو هنا يعرف أن مسيلمة كذاب، وكل أصحاب مسيلمة يعرفون، ولكن الحسد والحقد على الأمة الوليدة التي قادها قرشيون، جعلتهم لا يقبلونها، ولو أطاعوا، واتبعوا هذا الدين لعلا بهم، فكثير من العرب غير القرشيين كانوا قادة، وزعماء، وأمراء في هذه الدولة، مع أنهم ليسوا بقرشيين، كأمثال المثنى بن حارثة الشيباني، وغيره من القادة، والأمراء، ولكن الإحن التي طحنت بعض النفوس، جعلتها تنقم على هذا الدين، وتنمي في نفوس أفراد قبائلها هذا الضغن؛ ليستطيعوا محاربة هذه الأمة.

    وقد لقي الصحابة في هذه الحروب التي خاضوها ضد هؤلاء الخارجين عنتاً شديداً، وقدموا شهداء كثيرين، وهم من خيرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

    واتفقت الأمة على حرب هؤلاء المرتدين، وإن وقع بين الصحابة جدل حول هذا القتال في بداية الأمر، إلا أنه كان جدلاً قصيراً، وسريعاً، فالظروف متلاحقة، والحوادث متتالية، تسير سير النار في الهشيم، فكان لا بد من الحسم، ولم يكن الجدل حول قتال المرتدين مع المتنبئين، فهؤلاء لم يختلف عليهم الصحابة، وإنما الخلاف حول الذين أقروا بالدين، إلا أنهم رفضوا أداء الزكاة.

    وتروي كتب الحديث أحداث هذا الجدال، ففي صحيح البخاري: «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ».

    «فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ»([39]) .

      الوقت/التاريخ الآن هو 25/11/2024, 19:14